jeudi 16 mai 2024

يجب أن لا نخجل من أنفسنَا، لنا ضلع في هذا الإرهاب كما لغيرنَا ولنا كما لغيرنَا أيضا باع وذراع في المشاركة الفعّالة في بناء الحضارة الإنسانية !

 

 

المصدر:

Les identités meurtrières, Amin Maalouf, Ed Grasset & Fasquelle, Paris, 1998, 211 pages.

كتب أمين معلوف ص 94: "أنا أعتبِرُ الحضارة الغربية المعاصِرة المسيطِرة حدثًا لا سابقةَ له في التاريخ. مرّت في التاريخ فترات تجلى فيها تقدّمِ بعض الحضارات على غيرها جميعًا (الفرعونية المصرية، ما بين النهرين في العراق، الصينية، اليونانية، الرمانية، البيزنطية أو العربية-الإسلامية). لكن ما تفجّرَ في أوروبا منذ القرن الثالث عشر ميلادي هو شيء مغاير تمامًا. أنا أتمثله كعملية إخصاب: عديد الحيوانات المنوية تتجه نحو البويضة، واحدٌ منها فقط نجح في اختراق غشائها وأبعِدَ باقي المرشحين. من الآن فصاعدا أصبح للحضارة الغربية المسيطِرة أبٌ واحدٌ، لا أبًا قبله ولا أبًا بعده، وله وحده سيشبه الابن. لماذا هو وليس غيرَه ؟ هل هو أفضل من جيرانه أو منافسيه ؟ هل كان الأسلم فيهم أو الأكثر وعْدًا مستقبلا ؟  ليس بالضرورة، ليس بصورة قاطعة. عديد العوامل تدخلت في انبثاق الحضارة الغربية، منها ما هو مرتبط بأداء وكفاءة المواطن الغربي، ومنها ما هو خاضع للظروف الموضوعية، ومنها ما هو رهين الصدفة..." انتهت الاستعارة وتوقف الاستشهاد.

نص محمد كشكار:

رغم أن الحظ لم يحالِفنا ولم نلقِّح بويضَة الحضارة المتفوقة لكننا لم نكتف بدور المتفرج: في تأسيس العمران شاركنا وفي تطوير الطب والفلك والجبر والألڤوريتم والبصريات كذلك فعلنا وفي التعايش بين الأديان سبقْنا. كنا لهذه البويضة بمثابة الرحم الحنون ولم نتنكر للمولود إلا بقدر عقوقه لنا. في القرنين الماضيين، غذّينا الغربَ بعَرَقِنا ولم يبخل عليه ملايين من عمالنا المهاجرين بجهدهم في مزارعه ومصانعه، دخلوا دواميسَ مناجمه واستخرجوا فحمها  وبأيديهم عبّدوا طرقاته السيّارة وشيدوا قناطره وأعلوا ناطحات سحابه. واليوم مئات الآلاف منّا يدرّسون في معاهده وجامعاته ويعملون بحّاثة في مخابره، وبفضل ابتكاراتهم نالَ الغربُ أعلى الجوائز العالمية العلمية والأدبية (أحمد زويل وفاروق الباز ومحمد أوسط العياري وأمين معلوف والطاهر بن جلون ومحمد أركون وغيرهم كثيرون).

لماذا نُصِرُّ على رفضِ مولودٍ (الحضارة الغربية)، شاركْنا، نحن المُبدِعون باللغة العربية عبر التاريخ، في تنشِئته وتربيته وأفدنا واستفدنا ولا زلنا نستفيدُ من ذكائه ! كمواطن عربي-مسلم، أنا أناضل لمرافقة نفسي ورفاقي في العِرق والثقافة من أجل مساعدة أنفسنا على تخطي أزمة الهوية التي نمرُّ بها في هذا الزمن الرديء. نساعد أنفسنا على تجاوز حزننا على فقدان جزء هام من هويتنا وحضارتنا العربية-الإسلامية دون الإحساسِ بمرارة عقدة الذنب أو حلاوة وهم التفوق ودون شعورٍ بالإهانة ودون تنكّرٍ لتاريخنا المجيد جزئيًّا ونسبيًّا ككل التواريخ.

حضارتهم شاركنا في صنعها وإرهابنا ليسوا أبعدَ منّا إليه. صحيح أنهم تفوقوا علينا علميًّا وتكنولوجيًّا والغريب أنهم كذلك فعلوا في مجال الإرهاب، فلا ينتظروا منّا إذن تبنّي انفرادي للقيط مزدوج الهوية، سليل صلبنا وصلبهم في آن واحد. نحن اكتوينا بنارين، نارُ إرهابهم الجوّي ونار إرهابنا الأرضي. ما أبعد إرهابهم على إرهابنا ! ما أكثر قتلانا من الإرهابَيْن مقارنة بعدد قتلاهم ! نُدينهم ونُدين أنفسنا وسنقاوم إرهابهم وإرهابنا وسننتصر بحول السماء وسنبقى شامخين أحياء كالنسر فوق القمة الشمّاء. أتمنى أن نتخلى عن عاداتِنا الجاهلية، نزرعُ البذرة ونُنكِر نسبَ المولود في الحالتيْن !

 سؤال إنكاري:

لماذا لا تصنَعُ الدولُ الأسكندنافية -مثَلي الأفضل حاليًّا- إرهابًا، ولا تصدِّرُ إرهابًا، ولا تستورِدُ إرهابًا، ولا تغذِّي إرهابًا، ولا تأوي إرهابًا، ولا تسلّطُ إرهابًا على أحد، لا في الداخل ولا في الخارج، ولم يُسلَّط عليها إرهابٌ إلا نادِرًا ؟

حمام الشط، الأربعاء 25 نوفمبر 2015.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire