dimanche 30 avril 2017

وعيُ نخبتِنا مسلوبٌ من قِبل العَلمانيين، يساريين وليبراليين، ووعيُ جماهيرنا مسلوبٌ من قِبل المحافظين، إسلاميين وتقليديين. مواطن العالَم، فكرةٌ لم أقرأها في كتابٍ

 جُل عَلمانيينا قُدّوا على المنوال الفرنسي المناهِض جهلا للهُوية العربية - الإسلامية. أرى شقًّا منهم ورثةَ لِفكرِ الثورة الفرنسية المعادي لسلطة الكنيسة في أواخر القرن 18 م وبورڤيبة أفضل مثال. أما الشق الثاني فأراهم ورثة لِفكرِ ماركس ولينين وستالين وماو وحمة الهمامي أفضل مثال.
جُل محافظينا إسلاميين قُدّوا على المنوال الإسلامي المصري المعادي للاشتراكية في ثوبها القومي وفي ثوبها اليساري المعارض. أرى شقًّا منهم ورثةَ لِفكرِ الإخوان المسلمين المصريين والغنوشي أفضل مثال. أما الشق الثاني فأراهم ورثة لِفكرِ ابن تيمية وسيد قطب وعبد الوهاب السلفي وأبو عياض أفضل مثال.
 يبدو لي أن العَلمانيين والمحافظين، كلاهما لا يقرأ للآخر وكلاهما مُنبتّ وجُل أفكارهما وتصوراتهما مستوردة من الغربِ أو من الشرقِ. كلاهما يدّعي تغيير المجتمع التونسي قبل أن يفهمه، وكلاهما يُنصِّب نفسه منقذًا. كلاهما يدّعي احتكار الحقيقة وامتلاك بديلٍ جاهزٍ. كلاهما يُقصِي الآخر ولا يعترف به كآخر فهُما الاثنان إذن لا يؤمنان بجوهر الديمقراطية أي الاعتراف بحق الآخر في اعتناق عقيدة مغايرة دينية كانت أو سياسية.

لن نحرّر وعيَ نخبتنا ووعيَ جماهيرنا إلا بتحرير شعبنا (نخبة وجماهير) من الاستلاب والتبعية الثقافية، غربية كانت أو شرقية، وتحصينه ضد الفكر الأحادي علمانيًّا كان أو إسلاميًّا، وتخليصه من وهم "الإسلام هو الحل" أو وهم "الحداثة هي الحل". الإسلام جزء من الحل وليس كل الحل والحداثة كذلك أيضًا. يبدو لي أنه على العَلماني - إذا أراد أن يفعل في مجتمعه، كل مجتمعه - أن يتماهى مع هُوية مجتمعه وينطق بلسانه (المجتمع) ويتكلم بمنطقه ويطلع على دينه وتاريخه وتراثه وثقافته، وعلى المحافظ - إذا أراد أيضًا أن يفعل في مجتمعه، كل مجتمعه - أن يتماهى مع العالَم وينطق بلسانه (العالم) ويتكلم بمنطقه ويطلع على ديانات الإنسانية وتاريخها وتراثها وثقافاتها ولا يكتفي بثقافته الدينية الإسلامية.

خلاصة القول: لِتونس الجميلة جناحانِ جميلانِ، الإسلام والفلسفة العقلانية، فمالها إذن لا تُقلِعُ وتُجنِّحُ وتطيرُ؟ جناحان متنافِران غير متصالحان، واحد غير متصالحٍ مع مجتمعه وهُويته والثاني غير متصالح مع العالَم والفكر الإنساني. جناحٌ يرفض جناحًا. جناحٌ يُعطِّل جناحًا. جناحٌ يُقصِي جناحًا. لو أردنا لتونس أن تنهض وللطائر أن يطير، يبدو لي أنه من الواجب علينا إعادة تأهيل الجناحَين وذلك بِتخليص الاثنينِ من الأدرانِ والشوائبِ التي علِقت بهما، تخليصُ النخبة العَلمانية التونسية من نَزعة الكُفر بتراثِ جماهيرها العربي الإسلامي، وفي نفس الوقت تخليصُ الجماهير التونسية المحافظة من نزعة تكفير نخبتها العلمانية.

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)
"عَلَى كل خطابٍ سيئٍ نردّ بِخطابٍ جيدٍ، لا بِالعنفِ اللفظِي" (مواطن العالَم)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الاثنين 1 ماي 2017.
Haut du formulaire


الحرية والعدالة الاجتماعية قِيمتانِ نبيلتانِ، لكن للأسف لم يتحققا معًا بالتوازي في أي مجتمع وتحت أي إيديولوجيا أو دين عبر التاريخ القديم والحديث. جملة قالها في المقهى فيلسوف حمام الشط حبيب بن حميدة وأعيدها أنا دون أن أعي عُمقها الفلسفي جيدً! مواطن العالَم

 لِنبدأ بإعطاء أمثلة من الواقع ولو أن منهجيتي غير فلسفية وقد سبق أن نبّهتُ قرّائي أنني لستُ فيلسوفًا وإنما أنا مُحبٌّ للفلاسفة المحبّين للحكمة:
-         من المفارقات أن الإيديولوجيا الشيوعية والديانة الإسلامية يشتركان في إعلاء مبدأ العدل وفي نفس الوقت يهملان مبدأ الحرية أو يؤجلان على الأقل تطبيقه أو يعتبرانه تناقضًا ثانويًّا. يبدو لي أن بعض الأنظمة الإسلامية القديمة وبعض الأنظمة الشيوعية الحديثة حققت نسبيًّا نوعًا من العدالة الاجتماعية في المجتمعات التي حكمتها، وأفضل مثال على ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه وستالين "أب الشعوب".
-         أما الأنظمة الليبرالية الرأسمالية فقد حققت نوعًا من الحرية الفردية في شكلها البورجوازي المحدود وفي نفس الوقت فشلت في تحقيق العدالة الاجتماعية وأفضل مثال على ذلك دوامُ البؤسِ في الهندِ بمئاتِ الملايينِ وانتشارُ الفقرِ في الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ بعشراتِ الملايين. وحتى الثراء النسبي الملاحَظ لدى الطبقات الوسطى في أوروبا قد يكون ناتجًا ومرتكِزًا في أقلّه إذا لم نقل في أغلبه على نهبِ ثروات العالَمِ الثالثِ منذ أواخر القرن 19 م، عصرِ الاستعمار المباشر، إلى يومنا هذا  عصر الاستعمار غير المباشر.

سألته: وما قولك في الأنظمة الأسكندنافية الحالية الديمقراطية الاشتراكية، ألم تحقق لشعوبها الحرية والعدالة الاجتماعية في آن؟ قال: لنُنسّب الأشياء، صحيح لقد حققت درجة من العدالة الاجتماعية عن طريق ما يُسَمَّى توزيع الثروة التي راكمتها من الاستغلال الرأسمالي الفاحش في بلدانها ومستعمراتها السابقة. ثم استرسل ينقش: يتوهم المواطن التونسي أن ثورة 17 - 14 ستحقق له عدالةً اجتماعيةً. يكفي هذه الثورة شرفًا أنها حققت الحرية الفردية للمواطن العادي والمتحزب، فأصبح الخوانجي التونسي لا يرتعد في فراشه فزعًا عند سماع محرك سيارة تدخل فجرًا النهج الذي يقطنه، وأصبح اليساري المنتمي يُعلن عن اسم حزبه  في المقهى دون خوفٍ من آذانٍ أو عيونٍ لا تنام. لكن وفي نفس الوقت أفقدت الحريةُ الليبراليةُ الفرديةُ المواطنَ التونسي توازنَه النفسي بعد ما حرمتة من عكاكيزه التقليدية التي يتكئ عليها والمتمثلة في الدولة الراعية البقرة الحلوب (état providentiel) والعائلة الممتدة الضامنة اجتماعيًّا والقبيلة الحامية أمنيًّا. وجد نفسه المسكينُ عاريًا يواجه مصيره بنفسه وهو المتعود على الكسل الفكري والتواكل الاجتماعي، فأصيبَ بهستيريا المطلبية التي لم ولن تُلَبَّى مهما صاحَ وأضربَ وقطع الطرقات وبِغيرِ قواه الذاتية اعتصم.

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)
"عَلَى كل خطابٍ سيئٍ نردّ بِخطابٍ جيدٍ، لا بِالعنفِ اللفظِي" (مواطن العالَم)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 30 أفريل 2017.
Haut du formulaire



samedi 29 avril 2017

مُعطيات حقيقية تاريخية وعلمية حول المسيحية: جزء 3. تأليف جوزي رودريڤاز دوس سانتوس. ترجمة دون أدنَى إضافة مواطن العالَم

 8. حول حقيقة عُذرية "مريم العذراء": "العذراء" ليست عذراء. ( ص 105)
- إنجيل مارك يتجاهل مسألة ولادة المسيح. إنجيل جان يقول في محور 1، آية 45 ما يلي: "[...] المسيح هو ابن جوزاف من الناصرة"، أي يعلن بصراحة أن جوزاف هو أب عيسى، تأكيدٌ يناقض ما ورد في إنجيل ماتيو وإنجيل لوك. أما بول - السابق للأناجيل الأربعة - فيقول في رسالته إلى أهل غلاطية (Les Galates) ما يلي في محور 4، آية 4: "الله بعث ابنه، وُلِد من امرأةٍ". بول الذي يكتب في عصرٍ أقرب للأحداث، ينسى أن يدقق أن هذه المرأة كانت عذراء. يبدو لي أنه من الصعب أن نقبل أن هذا التفصيل قد بدا له غير مهم حتى لا يسجله. عذراء تُنجب ولدًا دون نكاحٍ: حَدَثٌ غير عادي؟ ولو حدث هذا لِمريم فلا شك أن بول سيذكره ولن ينساه ولن يهمله. وإذا لم يذكره بول فهذا يعني أن لا أحدًا كلّمه عن هكذا حدثٍ. ولماذا؟ ممكن لأن هذه الفكرة لا وجود لها في ذلك العصر. لم تُخلق إلا مؤخرًا. ( ص 113)
 - إنجيل لوك يقول في محور 2، آية 33 ما يلي: "أب وأم الولد كانا يتعجبان مما كان يُقال عنه". أب الولد (عيسى)؟ لمواجهة هذه المشكلة قام عديد النسّاخين بتحريف النص على النحو التالي: " جوزيف وأم الولد كانا يتعجبان مما كان يُقال عنه" (أي جوزيف ليس أب الولد وإنما تحيّر عن عيسى بن مريم كما يتحير الجار على ابن جاره أو صديق الأم على ولد صديقته ) (ص 119)

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)
"عَلَى كل خطابٍ سيئٍ نردّ بِخطابٍ جيدٍ، لا بِالعنفِ اللفظِي" (مواطن العالَم)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، السبت 29 أفريل 2017.

Source bibliographique: L`ultime secret du  Christ, José  Rodrigues Dos Santos (Journaliste, reporter de guerre, présentateur vedette du journal de 20 h au Portugal), Traduit du portugais par Carlos Batista, HC Éditions, Paris 2013, 567 pages

Haut du formulaire





vendredi 28 avril 2017

مُعطيات حقيقية تاريخية وعلمية حول المسيحية: جزء 2. تأليف جوزي رودريڤاز دوس سانتوس. ترجمة دون أدنَى إضافة مواطن العالَم

 5. في الخمسة آلاف نسخة من الأناجيل التي وصلتنا، رَصَدْنَا أربع مائة ألف خطأ (Erreur)! (ص 86)
6. قصة البعث (Résurrection) هي تحريفٌ آخر! (ص 90)
7. حول مبدأ "التثليث" (في المسيحية، الألوهية مقسمة بالتساوي بين الله وعيسى ابن الله والروح القدُس - ليست مريم): 
- عملية تعميد المسيح (Baptême) من قِبل جان بابتيست: مسألة محرجة لأن المعمِّد من المفروض أن يكون روحيًّا أعلى درجة من المعمَّد. كيف يستقيم الوضع وعيسى في المسيحية هو ابن الله؟ أضف إلى ذلك أن التعميد يصلح لتطهير الشخص من ذنوبه، فلو عُمِّد عيسى فهذا يعني إذن أنه كان مذنِبًا هو أيضًا. كيف يمكن أن نقبل أن يكون عيسى مخطِئًا وهو ابن الله الذي لا يخطئ؟ (ص 88)
- في إنجيل ماتيو، محور 24، آية 36، يقول المسيح: "لكن هذا اليوم وهذه الساعة، لا أحد يعرفهما، لا ملائكة السماء، لا الابن، لا أحد إلا الأب، والأب وحده". كيف يُعتبر المسيح في المسيحية إلاهًا وهو لا يعلم مسبقًا توقيت القيامة حسب الآية 36؟ (ص 97)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الجمعة 28 أفريل 2017.

Source bibliographique: L`ultime secret du  Christ, José  Rodrigues Dos Santos (Journaliste, reporter de guerre, présentateur vedette du journal de 20 h au Portugal), Traduit du portugais par Carlos Batista, HC Éditions, Paris 2013, 567 pages

Haut du formulaire




jeudi 27 avril 2017

مُعطيات حقيقية تاريخية وعلمية حول المسيحية: جزء 1. تأليف جوزي رودريڤاز دوس سانتوس. ترجمة دون أدنَى إضافة مواطن العالَم

1.     "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر" حكاية جميلة جدا لكنها لم تحدث أبدًا!  (ص 60)
2.     لا يوجد نص روماني واحد في القرن الأول ميلادي حول المسيح!  (ص 66)
3.     القديس بُولْ بعث ثلاث رسائل: الأولى إلى طائفة أهل تسالونيكي (Les Thessaloniciens) عام 49 م أي أقل من عشرين عامًا بعد موت المسيح، الثانية إلى طائفة أهل روما والثالثة إلى طائفة أهل كورنتا (Les Corinthiens). رسائل عادية في عصرها، أصبحت فيما بعد تُعدّ من الكتاب المقدس.  (ص 68)
4.     حقيقة تاريخ الأناجيل: بعد صلب المسيح، هرب أصحابه (Les apôtres) وتخبؤوا خوفًا من نفس المصير. بعدها جاءت حكاية البَعث (La résurrection) وفي انتظار عودة المسيح شرعوا في رواية حكايات شفوية حول حياته. ولِتخليد ذكراه تحولت الحكايات الشفوية إلى عشرات النُسخٍ المكتوبةٍ المرتّبةٍ والمتناقضة، سُمّيت فيما بعدُ الأناجيل، بقي منها إلى اليوم أربعة أناجيل فى بداية العهد الجديد - Le Nouveau Testament (إنجيل متى، إنجيل مرقس، إنجيل لوقا، إنجيل يوحنا).  (ص 70)


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الخميس 27 أفريل 2017.



 Source bibliographique: L`ultime secret du  Christ, José  Rodrigues Dos Santos (Journaliste, reporter de guerre, présentateur vedette du journal de 20 h au Portugal), Traduit du portugais par Carlos Batista, HC Éditions, Paris 2013, 567 pages
Haut du formulaire



غايات السياسيين الأخلاقية النبيلة، عادة ما تُخفِي وسائل غير أخلاقية وغير نبيلة وكلهم "أمّهم هاوية" شيوعيين كانوا أو إسلاميين؟ دردشة مقاهي: فكرة فيلسوف حمام الشط الماركسي حبيب بن حميدة، صياغة وتأثيث مواطن العالَم اليساري غير الماركسي وبِحضور جليس قارّ نهضاوي صديق حميم

Attention, tous les deux nous guideraient vers l'abîme

بكل جِد كلانا يدعو إلى التشكيك الفلسفي في نوايا السياسيين، وخاصة مُدَّعِي الغايات الأخلاقية النبيلة منهم، فعادة ما تكون وسائلهم غير أخلاقية وغير نبيلة. يبدو لي أن كل قائد سياسي - شيوعي أو إسلامي - يدّعي قيادة الجماهير إلى الجنة السماوية أو الأرضية هو كاذب لأن لا وجود لِجنة أرضية والسماوية علمها عند الله.

سبق لنا وأن جرّبنا السياسيين الشيوعيين، ستالين وبول بوت وغيرهم، أما الإسلاميون فيبدو -  والعلم بالغيبِ عند الله - أنهم على نهج الشيوعيين سائرون وعلى منوالهم ناسجون وفي الغايات النبيلة والوسائل غير النبيلة مشتركون وفي اللبّ متشابهون ولا تغرّنّكم أنهم في الكسوة مختلفون - حمراء كانت أو خضراء - (« L`habit ne fait pas le moine»). يبدو لي أن في مستنقع المثالية المتطرفة جميعهم يسبحون وللحقيقة محتكِرون، إنهم لَواهمون ولنا لَظالمون والاثنان على تونس دخلاء وفيها الاثنان منبتّين يُعتبرون. غرق الشيوعيون وحتمًا سيلحق بهم الإسلاميون لو لم يغيروا ما بِهم وإلى ربهم يرجعون، فالدين يدعو إلى التواضع وعدم التكبّر على خلق الله وأولَى بهم أن يطبقوا هذه المبادئ على أنفسهم قبل دعوة الغير إلى تطبيقها.

-         وَعَدَنا ستالين بِتحرير عمال العالم وفلاّحيه، غاية جِدُّ نبيلة، ومن أجل تحقيقها قتل ونفَى وقمع وشرّد ملايين العمال والفلاحين.
-         وَعَدَ بول بوت شعبَه بمستقبل زاهر، غاية جِدُّ نبيلة، ومن أجل تحقيقها قتل رُبع شعبه، مليون ضحية على أربعة ملايين ساكن.
-         وَعَدَ حسن الترابي السودانيين بِتحقيق العدل الإسلامي، لم يُحقق منه إلا قطع أيادي السرّاق الجياع، مُنكرٌ شديدٌ تجنبه بِحكمة عمر بن الخطاب عندما عطّل حد السرقة عام الرَّمَادَةِ ان اشتد الجوع جدا وهلك الناس، وللرَّمادَةِ في السودانِ أعوامُ.
-         وَعَدَ أردوڤان الأتراكَ بالحرية والعدالة، غاية جِدُّ نبيلة، ومن أجل تحقيقها فَصَلَ 167 ألف موظف من عملهم ودمّر بالطائرات بعض مُدُنِ شعبه الكُردِي وشرّد سكّانها.

خلاصة القول: الوسيلة أهم من الغاية لأنها بِبساطة تُعلن عن النوايا وتُبشّر بالغاية قبل حصولها، و"الجواب بيّن من عنوانه" كما تقول الحكمة الشعبية، والغاية لا تُبرّر الوسيلة كما أكد الفيلسوف العظيم كانط (La fin ne justifie pas les moyens. Kant).

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأربعاء 26 أفريل 2017.
Haut du formulaire





mardi 25 avril 2017

مقامة همذانية في فن النميمهْ (الڤرضة) دون حقدٍ أو ضغينهْ! مواطن العالَم

هل سمعتم في حياتكم بِنمّامٍ نِيّهْ يَشِي بِنفسه للضحيّهْ؟
الرابعةُ صباحًا، الليلُ الصحراوي صامِتٌ وقارِصْ، والطريق فارغٌ وبائسْ. أنا ويونسْ، انطلقنا في العربة من جمنة إلى تونسْ. كنتُ للمرة الألف مقلِعًا عن الدخّانْ، فَلانَ جسمي الوَسْنانْ. شارفنا على مدينة الحامهْ، بدأ مرافقي في "تمجيدِ مناقِبِ" الغائبِ الهامّهْ. توكلنا على الحفيظْ، وشرعنا في التقريضْ. استيقظتُ ونَشِطُّ، وفجأة أمرتُه بالتوقف، شربتُ قهوتين مُرَّتينْ، ومِن المالبورو اشتريتُ عُلبتَينْ، ثم واصلنا في "التمجيد"، لا ذمًّا ولا عارًا نُبالِي بعد ما لَذَّ لنا التقطيعُ والترييشْ وخلا لنا الجو للنبشِ والتبربيشْ. سللنا الرماحْ وأثخنّا الفريسة الغائبة بالجراحْ. مرافقي بالسرعة مشهورْ، ولايحترم قوانينَ المرورْ. يومها لم يتجاوز الستينْ، لا بل نزل راضيًا مرضيًّا للأربعينْ. توقفنا في استراحة سيدي الظريف، ومِن شِدّةِ ما نقولْ، خِفنا أن ببلغ مَسامِع  صديقنا عنه ما نقولْ، فسكتنا عن الكلامِ المباحْ، ليس ندمًا بل خوفًا على السر مِن أن تنقله لفريستنا الأرواحُ والأرياحْ.

في الغدِ، التقيتُ صديقي المأكولْ، وأبلغته عنوانَ ما كنا حوله نقولْ، دون أن أشِي بِما كان في خاطِرِي يجولْ. فاجأني مبتسمًا، وبِسخرية الأدباء نطق: آهٍ لو تدري ما كنتُ في غيابك وحولك وفيك أروِي وأقولْ، لَمِتَّ كمدًا بعد أن يصيبك ممّا سمعتَ الذهولْ! وضحكنا ضحك طفلين معاً .. وعدوْنا فسبقنا ظلنا.. بِفرادتِنا فرِحان، وعلى جنونِنا راضِيانْ، ومن الجِدّ في غير موضعه دومًا ساخِران.
صديقي هذا، أحَبُّ الأصدقاء إليَّ وأقربهم مني فكريًّا وجغرافيًّا. صداقتنا صمدت نصفَ قرنٍ ولا تزال وبحول الله لن تنتهي إلا بِموتِ أحدِنا، وسوف يقبلُ الحيُّ العزاءَ في الميّتِ، وممّا لا شك ولا ريبَ فيه، أنه في غيابه لن يرحمه ولكن حتمًا لن يُؤذيه، وفي مأدبة جنازته سـ"يَڤرُضُه" وبطريقته سيَرثيه. بيننا عقد غريبٌ، شاذٌّ وفريدٌ، يصرّح ويقول أن "النميمةَ أدبٌ ما لم ينقلها ويُخرِجها من سياقها الفني واشٍ حاسدٌ مُغرِضٌ حاقِدٌ". نميمةٌ فكريهْ، لا تصل إلى العظمِ ولا تمسّ العرضَ ولا الأصلَ ولا الذُّرِّيهْ.
أنَرضَى الاثنان بِما بيننا ولا يَرْضَى الواعِظُ السخيفُ، الحَكَمُ المتطفِّلُ الظريفُ؟ ما دَخلُهُ؟

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الثلاثاء 25 أفريل 2017.
Haut du formulaire



dimanche 23 avril 2017

زردةِ سِيدِي حامِدْ. مواطن العالَم د. محمد كشكار، أصيل جمنة ولادةً وتربيةً


قمتُ أخيرًا بِزيارةٍ خاطفةٍ إلى "زردةِ سِيدِي حامِدْ" أكلتُ وشبعتُ في خيالي!
نحن في بداية الستينيات، عمري ثمانٍ أو عشرُ سنواتْ، بين المغرب والعِشاء، انتقل أسعدُ الأخبارِ للأطفالِ في حمادة الحوامد، زردةٌ في سيدي حامد، كسكسي ولْحَمْ. أعلمتُ أمي وأخذتُ معي "غُنْجَايْتِي" وقصدتُ ربي رِفقة محمد الصالح وبلڤاسم والساسي. انطلقنا قبل مغيبِ الشمس حافِيِّ الأقدام رغم البرد. بعد نصف ساعة من الضحك وصلنا. بأجمل الأصوات في أذني، افتتح علي بن عبد الله الحضرة وبِنوره غمر حسن بالخليل الأبصارَ وبِمدحِه للرسول أطربني وهز شيئًا في داخلي رغم صغر سنّي ودونًا عن أندادي. كنتُ أراه أبهى خلق الله كلهِمِ. في عرش الحوامد نشأتُ وفيه ترعرعتُ ولم أعرف أنني شِتوي إلا عندما كبُرتُ ووعيتُ.
أحكي لنفسي بِنفسي كل ليلة حكايا لا تُنصتُ لها إلا نفسي. أهرب من صحراء المدينة إلى دفء أهلي أصُبُّ فيهم ما أمكن من وحدتي وحزني. أجلس على العِرڤْ وأتمدد على ظهري فتهرع ذكريات صِبا جمنة إلى حضني ويرتخي على بياض عيني جفني ولا أملك إلا أن أحكي، للهواء أحكي، لغير السامعين أحكي.. يَعبُرُ الأترابُ من أمامي لا يلوون على شيء، أسمع الساسي يحدثني "تَعالَى تْعَشّى". التحلُّقُ حول الڤصعة ألَذُّ ممّا في الڤصعة. ينتصبُ باباي علي بالعريبي بالڤفة يفرّڤ علينا في الظلامِ ما كُتِبَ لنا ممّا عَلِقَ بالعِظامِ.
لا بدّ أن تعرف جمنة أنني ما هربتُ، وعنها ما ابتعدتُ، ومنها إلى اليوم ما تحررتُ.. أمي يامنة، عمتي رڤية، لَلْتِي الزينة، لَلْتِي امنِي، عمي نصر، الشرشارة، أحمد بالريش، النمنام، الساسي بِنحمد، العين الڤديمة، عرڤ كُشّادة، العيساوية، بْشيّرْ، ڤيّار، الهيسة، الخضّوري، عبد الله بوسِتة والصادڤ عميرة وجمل عاشورة، لِفطايْري ومختار الحافي، قهوة دروك وعلي بالجيلاني وعمر الڤدع وحبك مُرّ مثل الكينة، طابع فيل وكلتوسة بن جبير، غارالسوف الطرّوفي، حارة فول، غُنجاية حَسِي.. الخُوطة والمَشّاية والدرڤيلة والكرّوسة والسريبت وكار التوريست وباك سعد وسرقة العنب مِالسواني والدغباجي وبن سديرة وڤافلة تسيرْ..
أحكي، أحكي، يدور الكلام، تدور رحى الأحلام.. تنفرين يا جمنة من حوض ذكريات صبايَ شبه عارية، جميلة يانعة، لا تكشفين سر بهائك إلا لأولادك.
غدرتَ بي يا زمن وعاقبتني بالنفي، عدلتَ وأستحق.. لي طلبٌ واحد: اعفُ عني بعد مماتي بعد ما حرمتني منها نصف قرنٍ في حياتي..

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 23 أفريل 2017.

للأمانة الأدبية، نص مستوحى من رواية "توجان" لِـآمنة الرميلي الوسلاتي، دار آفاق، الطبعة الأولى، تونس 2016 (رواية لا توجد من بين أحداثها أي زردة). Ha

للأمانة الأدبية، نص مستوحى من رواية "توجان" لِـآمنة الرميلي الوسلاتي، دار آفاق، الطبعة الأولى، تونس 2016 (رواية لا توجد من بين أحداثها أي زردة). Haut du formulaire

samedi 22 avril 2017

ملاحظات على الطايِرْ من ساهرٍ حائرْ، حاول الإقلاع عن التدخين. لم يُفلِح في الإقلاع فكيف سيُفلِح في الطيران؟ مواطن العالَم، يساري غير ماركسي، مفكر مستقل حزبيًّا

قبل الثورة عارض اليساريون التونسيون بورڤيبة وبن علِي ودفعوا ضريبة غالية.
قبل الثورة عارض الإسلاميون التونسيون بورڤيبة وبن علي ودفعوا ضريبة أغلَى.
بعد الثورة وصل الإسلاميون إلى الحكم ولم يُوفَّقوا في تحقيق أي مطلبٍ من مطالب الثورة لأسباب تخصهم ولأخرى خارجة عن نطاقهم، لكنهم وحدهم في نظري يتحملون المسؤولية السياسية والأخلاقية في فشل حكم الترويكا. استقالوا مكرَهين، ورغم ذلك سجلوا سَبْقٌا ديمقراطيًّا يُحسب لهم لا ضدهم.
بعد الثورة بقي اليساريون في المعارضة لكن مسؤوليتهم الكبرى وخطأهم الأكبر يكمنان في تحالفهم مع أعداء الثورة (أكبر فُسّاد تجمّع النداء) من أجل إسقاط الإسلاميين. وبِتحالف المصالح غير المعلن وغير المتفق عليه بينهم وبين قيادات النهضة قطعوا الطريق على المرزوقي وأوصلوا للسلطة مَن هو أسوأ منه ثوريًّا ألف مرة (قد يكون أفضل منه بِمِقياسٍ ليس بِمقياسي، مقياس العولمة والبراڤماتية والتوازنات الإقليمية).
أتعجب من بعض النهضاويين الذين يلومون على بعض اليساريين المعارضين فسحهم المجال أمام رجوع رموز التجمعيين في اعتصام باردو، وفي نفس الوقت ينسون أو يتناسون أن اليساريين بالأيادي دفعوا والإسلامين بالأحضان استقبلوا. فعلى مَن مِنهما أشدَّ أعتبُ، وعلى مَن منهما أكثرَ ألومُ؟
بِصدقٍ وإنسانيةٍ أتفهّمُ خوف قيادات النهضة من رجوع ويلاتِ الماضي ومفاجآت المستقبل لكنني لا أعذرهم وأحمّلهم مسؤولية ما نحن فيه اليوم من وضعٍ أقل ما يُقال فيه أنه بائسٌ وتعيسٌ.
أنهي بِلومٍ شديدٍ ومزدوجٍ موجهٍ للإخوة الأعداء، تمنيتُ مِن كل قلبي لو كانا أصدقاء (القيادات اليسارية والقيادات النهضاوية): لقد قمتما الإثنان بِمراجعاتٍ إيديولوجية مهمةٍ لكنها مراجعات لم تُسجّل في أدبياتكما ولم تغيّر من تحالفاتكما الداخلية والخارجية، ويبدو لي كملاحظ خارجي مستقل أن قواعدكما النظيفة والشريفة غير راضية على آدائكما الاثنين، ولولا تشابه تنظيمات أحزابكما الستالينية لتركاكما فريستين للتجمع الراجع ينهشكما، الأضعف ثم الضعيف.
أنا مستعد أن أهبَ نفسي جسرًا للتوفيق بين كل مَن يؤمن بالعدالة الاجتماعية على الطريقة الأسكندنافية مِن رفاقي اليساريين وأصدقائي النهضاويين. لا أكره قياداتكما وأحب فعلاً قواعد النهضة لكنني أحب عائلتي الفكرية أكثر.

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 23 أفريل 2017.
Haut du formulaire




mardi 18 avril 2017

جمنة نفذت قبل أن تقول، واليوم تريد تقنين ما نفذت. مواطن العالَم د. محمد كشكار، أصيل جمنة ولادةً وتربيةً

 قالت جمنة، وضّحت، لخّصت، أوجزت،  فَصُحَت وحَسُن بيانها فبلّغت رسالتها للجميع أفضل تبليغٍ. قالت عن لسان أحد أعضاء "جمعية حماية واحات جمنة" الملقبِ بالحكيم، أستاذ اللغة العربية، صديقي علية عبد السلام:
1.     واحة جمنة أي هنشير ستيل لم يُجزَّءْ ولن يُجزَّءَ وسيبقى هنشيرًا مُجمَّعًا موحّدًا.
2.     ملكية الهنشير لكل الجمنين، جيل اليوم وجيل المستقبل، نساء ورجال، كبير وصغير و"اللِّيِحْبِي عَلْحصِير".
3.     الانتفاع من أرباح الهنشير لفائدة كل الجمنين، جيل اليوم وجيل المستقبل، نساء ورجال، كبير وصغير و"اللِّيِحْبِي عَلْحصِير".
4.     تسيير الهنشير من قِبل جميع الجمنين عن طريق جمعية منتخبة تطوعية غير رِبحية.

قالها بمناسبة اليوم الدراسي الذي أقِيم في دار الشباب يوم الأحد 16 أفريل 2017 صباحًا متوجها بكلمتة إلى مجموعةٍ من الخبراء تعدّ حوالي 15 مشاركًا، من بينهم طالبٌ يُعِدّ ماجستير حول قضية جمنة وأخرى تُحضّر رسالة دكتورا حول جمنة أيضًا.

معلومة: يوم 4 جانفي 2010، نشرتُ في الفيسبوك مقالاً، عنوانه "جمنة الستينات تعطي درسًا في الطب النفسي الحديث: "الساسي بِنِحْمِدْ". أقتبِس منه الفقرة التالية: "لنفرض جدلا أن أحد علمائنا قام ببحث حول "الساسي بن احمد" والبيئة الاجتماعية-الصحية التي عاش فيها لأنتج نظرية جديدة في العلاج النفسي وأرسى لِعِلمٍ يُدَرَّسُ في أرقى الجامعات الأمريكية ولَهاجر علماؤهم وزاروا "جمنة" وأقاموا فيها المؤتمرات العلمية"، وأعدتُ نشرُه سنة 2016 في كتابي "جمنة وفخ العولمة" صفحة 27.
سنة 2017، أصبحتْ جمنة والحمد لله فِعلاً منارةً للعلم ومزارًا للعلماء وموضوعًا لأطروحات الطلبة.

ملاحظة: بِطبيعة الحال، لستُ نبيًّا ولا قارِئًا للكف، ولكنني واثقٌ في طيبة الجمنين وصدقهم، في إصرارهم وكدّهم وجهدهم.

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الثلاثاء 18 أفريل 2017.Haut du formulaire


jeudi 13 avril 2017

أبحثُ عن "لُو بُو" في معيشِنا اليومي كمسلمين فلا أجده! مواطن العالَم

 قالت الفلسفة الهيڤلية (Hegel) أن الحياةَ مبنيةٌ على المنطقِ والأخلاقِ والجمالِ (La logique, l`éthique et l`esthétique). المنطقُ هو العِلمُ - أبوه اللغة (Le logos) وأمه الفلسفة العقلانية (حب الحكمة أو الطموحُ والجنوحُ والتقرّبُ منها وإليها) - والأخلاقُ هي الدينُ والمُورالُ، والجمالُ هو الفن. ولِلعلمِ واليسارِ موارالَيْهِما، مورالانِ مستقِلانِ عن الدينِ ولكنهما غير مُناقِضيْنِ له، عكس ما يعتقد الكثيرون من الجهتَيْنِ.
أنا الآن وتَوًّا أبحثُ عن "لُو بُو" (Le Beau) ...
أبحثُ عنه في منازلنا، لا أجده، لا موسيقى راقية تُشنف آذاننا ولا لوحاتٍ فنيةٍ تُزيّن جدراننا وترقَى بأذواقنا ولا هندسة معمارية تُريح أنظارنا ولا أطباق منمّقة تُشبِع أعيننا قبل بطوننا ولا استبرقَ في فروشاتنا ولا حدائق غنّاء تسرّ الناظرين المارّين قرب ديارنا.
أبحثُ عنه في مُدننا، لا أجده، بناءٌ فوضويٌّ وفضلات في كل ركن وسلع معروضة على الأرصفة ووسط الطرقات دون لمسة جمال ولو قليلاً قليلا.
أبحثُ عنه في قلوبنا، لا أجده، كُرهٌ وحِقدٌ متبادلٌ بين الفرقاء، بين اليمين واليسار، بين الحداثيين والمحافظين، بين مناطق الظل والمناطق  الأقل ظلاًّ.
أبحثُ عنه في لِباسنا، لا أجده، في مظهرنا لا أجده، في طرقاتنا لا أجده، في مؤسساتنا لا أجده، لا أجده في مدارسنا، في معاهدنا، في جامعاتنا، في جوامعنا، في مقابرنا، إلخ.

أجده  والبحثُ يُضنيني، أجده في تاريخنا الأول والوسيط: في تعايشنا مع غير المسلمين، في حدائق الأندلس وقصر الحمراء، في مُتنبِّينا وشعرنا ومجوننا وخمرياتنا وموسيقانا وأغانينا وفي تصوّفِنا أيضًا، في قصص حبنا العذرية، في فن الخط عندنا، في لغتنا، في مجازها وإعجازها، في نحوها وصرفها، في بلاغتها ومعانيها...
أجده في إيماننا بالتجريد والتوحيد. في العلاقة العمودية والمباشرة بين الخالق والمخلوق، لا وساطة فيها ولو لِنبي. ألمْ يقلِ الغزالي أبو حامد أن "الإيمانَ نورٌ قذفه الله في القلبِ"؟ أليس النورَ هو روحُ الجمالِ؟
 أجده في كتابِنا المقدّسِ. ألا يُقالُ عن القرآن أنه "يدخل القلوب قبل العقول"؟ أليست القلوب هي مسكن الجمال؟ جمال الخط، جمال التلاوة والتجويد والموسيقى، جمال الصورة والمجاز، جمال القصص والعِبر والمواعظ والحِكم، جمال الرحمة والتراحم، جمال التواضع والتعارف والتحابب والتوادد، جمال الجسم والطيبِ والجنس الحلال.  آهٍ لو كان المسلمون في جماله يتفكرون، وفي بحر سحره يتأنون ولا يتسرعون، ومن روعة الشكل لا يملّون، ولِلـ"لُو بُو" في ظاهره قبل مضمونه يسجدون وله يُصلّون ويصومون.

أجده، وبسرعة في تَدمُرَ أفقده، وتحت مَعاوِلِ المسلمين المتطرفين أرثيه وأندبه.
أجده وبسرعة في وجوه  بعض المسلمين أفقده، وفي لِحيِّهم الشعثاء يموت وأدفنه.
أجده وبسرعة تحت نِقابِ بعض المسلمات أفقده، وفي قلوبهن أحس به يرفرف ويجنّح ومن حِدّةِ الاستلاب لا يطير. أدعو الله من قلوبهنّ يحرره.
أجده وبسرعة في لباس بعض السلفين أفقده، لباسٌ لا أفغاني ولا ياباني، و الـ"لُو بُو" يأبى أن يتستر به أو يستره.

حتمًا يا وَلَدِي ستجده، في الحَجَرِ تجده، في الشجرِ تجده، في المرأة تجده، في الغنِيّ، في الفقيرِ، في الجبالِ، في الصحراء، في العتمةِ في النورِ تجده.  ثق دائمًا في الله، في الإنسان حتما يا ولدي ستجده، وإن أسعفكَ الحظُّ ووَجدته فاربط قدرك به يا وَلَدِي ولا تفارقه أبدًا ومِن بين يديك لا تُفرّط فيه ثانية ولا بِكنوز الدنيا تبيعه أو تبدّله!
في الإسلام ابحث عنه، وفي الفلسفة الإغريقية تجده، في البوذية تجده، في الصين، في الهند، في بلاد الواق واق، لا يهم، المهم أن تتصالح معه وفي بلادك ودينك وعصرك ترغّبه ولِأولادك وبناتك تورّثه ولِزُوارك وضيوفك تهديه وتقدمه وتاجٌ على رأسك يكلله!
الـ"لُو بُو" هو معجزة نبيّكَ وإكليلُ رسالته، ومعجزة رسولنا هي أبهى وأجملِ معجزاتِ مَن أتى قبله من الرُّسُلِ كلِّهِمِ.

سألتُ بكّار عن "لُو بُو"؟ قال: "أدرّسه في باريس مع القرآن والحديث".

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الخميس 13 أفريل 2017.
Haut du formulaire