mardi 31 mars 2020

آياتان خارج السياق في العدل في الإرث مناصفةً بين الرجل والمرأة؟ مواطن العالَم


 (L`Universel dépasse de loin le Culturel, mais ne le nie pas)

الآية الأولى: التناصف الرياضي (La parité arithmétique) في تقسيم الإرث الجيني (Le patrimoine génétique : L’ADN parental) بين الذكر والأنثى: الأبُ يُورّثُ ذُرِّيَتَه أعز ما يملك من ثروةٍ، ثروةٌ لا تُقدّرُ بكنوزِ الدنيا، يورّثُها بالتناصف الرياضي بين أولاده وبناته. ودون تمييزٍ ودون إرادةٍ ذاتيةٍ يُورّثُ الذكرَ مثل حظ الأنثى. يملك الأبُ ثروةً جينيةً تتمثل في 46 كروموزوم (Vingt trois paires de chromosomes) حاملةً لجميع الصفات الجسمانية، ولكل مولودٍ جديدٍ، ذكرًا كان أو أنثى، يمنح الأبُ بالتساوي نصفَ ما يملك، أي 23 كروموزوم. 
الجينات تحت أقدام الأمهات: وكذلك تفعل الأم مع أولادها، ذكورًا أو إناثًا، بل هي أكرم قليلا من الأب في نقل الإرث الجيني إلى صغارها دون تمييز بين الذكر والأنثى منهم، فهي تورثهم/هنّ منه (L’ADN parental) أكثر قليلا مما يورثه الأب، وهذا القليل هو (L’ADN mitochondrial du cytoplasme des ovocytes) الذي لا يورّث منه الأب شيئًا. يرث الابنُ إذن، ذكرًا كان أو أنثى، تقريبًا نصفَ جيناته من أبيه (Quinze mille gènes contenus dans 23 chromosomes ) والنصف الآخر من أمه.
بربكم هل رأيتم عدلاً أعدلَ من هذا العدلِ في توزيعِ الثروةِ بالتناصفِ بين المرأةِ والرجلِ؟

الآية الثانية: التناصفُ الرياضِي في نسبة الذكورِ والإناثِ (Le sex ratio): عددُ الرجال في العالم يساوي تقريبًا عدد النساء.

خاتمةٌ: عَدَلَ العادِلُ في تقسيم الإرث بالتناصُفِ بين الرجلِ والمرأةِ،  أعني به الإرثِ الجينِي، أهم وأغلى إرث في الدنيا، وما دون ذلك لا يُزكِّي يومَ الحسابِ (المالُ والعقارُ)، ولن أخوضَ في النقاشِ السائدِ حول الإرث المادي (Le patrimoine matériel)، وسخ الدنيا، بالمعنيَيْن الغفاري واليساري، لن أخوضَ فيه لأن  مجالَ الفقه وتفسير القرآن، مجالٌ خارجٌ عن اختصاصِي العلمي (البيولوجيا وفلسفة البيولوجيا).

تَحَدٍّ وِدِّيّ: مَن لا يوافق على هذا التناصف البيولوجي العادل بين الجنسين، يرفع يده؟

إمضائي
"... إن إنكار الثقافة الغربية لا يستطيع أن يشكل في حد ذاته ثقافة. والرقص المسعور حول الذات المفقودة لن يجعلها تنبعث من رمادها" الفيلسوف المغربي عبد الله العروي
"لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف الرمزي أو اللفظي أو المادي" (مواطن العالَم)
"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 15 أوت 2017.
Haut du formulaire


dimanche 29 mars 2020

الواقعُ المَعِيشُ بين صورتِه الحقيقية وصورتِه المثالية في النصوصِ المقدّسةِ دينيًّا أو إيديولوجيًّا! مواطن العالَم



ما الضرَرُ مِن النظرِ في الواقعِ المَعِيشِ فقط من خلال صورتِه المثالية في النصوصِ المقدّسةِ دينيًّا أو إيديولوجيًّا؟
هل يجوزُ إنكار الصورة الحقيقية للواقع المَعِيش وتصديق الصورة التي تنقلها عنه النصوصِ المقدّسةِ دينيًّا أو إيديولوجيًّا؟
-         النص القرآني كرّمَ المرأة. لا أشك في ذلك، خاصة بالمقارنة مع الأديان والحضارات التي سبقته. ولكن هل أغلبيةُ مسلِمِي اليوم يُكرّمون نساءهم؟ أشك في ذلك!
-         النص الماركسي ألّهَ العاملَ اليدوي، صانِعُ الثروةِ. لا أنفِي ذلك. ولكن هل الأنظمة الشيوعية المنقرضة والحالية احترمت إلَهَهَا الذي اصطفته إراديًّا لنفسها؟ قَطعيًّا أنفِي ذلك!
-         النص القرآني يؤكد "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر".ولكن هل نهت الصلاةُ أغلبية مصَلِّي اليوم عن كل الفحشاءِ وكل المنكرِ؟ لستُ متأكدًا من ذلك!
-         الرسول محمد - صلى الله عليه - وسلم يعرّف المسلم كالآتي: "المسلم مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ يَدِهِ ولِسَانِهِ". مَن وجدَ منكم مسلمًا واحدًا بهذه الصفات في الحركات الإسلامية المسلحة، فليدلني عليه وخاصة عند أشقائنا في ليبيا وسوريا والعراق؟ لِنَكُنْ متفائلين: يبدو لي أن أغلبية المسلمين المقِيمِين في الدول الإسلامية والدول العَلمانية هم على مكارم الأخلاق سائرون. والحمد لله أن هؤلاء الثانين يمثلون نسبة حوالي 40%  من الأمة الإسلامية في عالم اليوم.
-         النص الماركسي حرّر الإنسان من الاستلابِ والإيمانِ بالأوهامِ. نصٌّ رائعٌ. ولكن هل الأنظمة الشيوعية المنقرضة والحالية حرّرتِ الإنسان؟ على العكس استحدَثت لاستعبادِه أجهزةً حديثةً كالحزبِ الشيوعي الأوحدِ والزعيمِ الأوحدِ؟
-         النص الماركسي يقول: "مِن كُلٍّ حسب جَهْدِهِ، ولِكُلٍّ حسب حاجَتِهِ". قِمّةٌ في نكران الذات والتضحية الإرادية مِن أجل خدمة المجموعة الوطنية، وهذا ما فعله عمال واحة ستيل بجمنة دون أن يقرؤوا حَرفًا واحدًا من مؤلفات ماركس. لكن في الأنظمة الشيوعية المنقرضة والحالية، نحن رأينا ولا زلنا نرى أن العامل قدّمَ كلَّ جهده ولم يدّخر منه شيئًا، لكنه أخذ أقل من حاجته بكثيرٍ، أما أعضاءُ الحزب الشيوعي الحاكم 
(Nomenklatura en Ex-URSS, en Chine, en Corée du Nord, au Vietnam et à Cuba
فلم يُقدموا للعمالِ شيئًا وأخذوا في المقابل كل شيءٍ. وحال العمال في الدول الرأسمالية ليس أفضلَ بكثيرٍ حيث المستغِلُّ الأوحدَ أيضًا، اسمه طبقة الأغنياء التي تمثل نسبتها 1%  من سكان العالم تتنعم دون وجهِ حقٍّ بما تنتجه طبقة الفقراء  التي تمثل نسبتها 99%  من سكان العالم، باستثناء عمال الدول الأسكندنافية الاشتراكية الديمقراطية حيث قُلِّمَتْ مخالبُ الرأسمالي قليلاً وحيث تُراعَى حقوقُ العمال بصفة أفضل من باقي دول العالم الشيوعي والرأسمالي.
-         الحديث يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". أكاد أجزم أنه لم يبقَ للمسلمِ أخًا واحدًا من غير المسلمين يرغبُ في أخوته أو يتشرّفُ بها في العالم، وذلك مِن شر أفعال قلة من قليلة المسلمين!
-         النص القرآني يقول في صريح الآية أحادية الدلالة: " مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا". واليوم -ويا للهولِ- نحن نرى بأعيننا على الفضائيات كيف يتفنن جلادو الحركات الإسلامية الإرهابية في قتلِ الناسِ جميعًا بضميرٍ مرتاحٍ وكأنهم يذبحون خروفَ العيد.

خاتمة: وإذا بدا للبعضِ منكم بعضُ الاختلافِ الظاهرِ بين حقيقة النص القرآني وحقيقة الواقع المعيش. فما الحل وما العمل؟ المؤمن المسلم سيجيب دون ترددٍ: "وكفى بالله شهيدًا". هو طبعًا على صوابٍ ولا يحق لأحدٍ لومه على امتثاله لأوامر الله دون جدلٍ أو نقاشٍ، وهو حسب رأيي غير الفقهي ليس في حاجة لأي دليلٍ مادي حتى يؤمن أو لا يؤمن، هو مؤمنٌ، بالعلم أو بدونه، مؤمنٌ، سانده العلمُ أو لم يسانده، "الإيمان نورٌ قذفه الله في القلب" كما قال حجة الإسلام الإمام أبو حامد الغزالي، قذفه قبل اكتسابِ الإنسانِ للعلم أو معه أو بعده.

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 4 ديسمبر 2016.



samedi 28 mars 2020

Notre ADN est le virus le plus virulent


Notre ADN est le virus le plus virulent et on le transmet -de génération en génération- à nos enfants. Son antidote est l’éducation.

C'est ma phrase, mais avant de commenter, prière lire Génétique du péché originel. Le poids du passé sur l`avenir de la vie. Christian de Duve (Prix Nobel de médecine 1974, biologiste-moraliste), Editions Poches Odile Jacob, Paris, 2017, 240 pages.

ما الفرق بين التفكير العلمي والتفكير الديني؟ جزء 2 والأخير. مواطن العالَم الجسّار




تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 27 نوفمبير 2008.


التفكير العلمي والتفكير الديني، خطان متوازيان ولو حدث أن تواجدا في شخص واحد فهو ثنائي التفكير، ولا ضرر في ذلك عند عظماء العلماء المتدينين مثل الفيلسوف المسلم الكاتب والطبيب "ابن سينا" (980-1037) والمعلم الثاني بعد أرسطو الفيلسوف المسلم "الفارابي" (872-950) والراهب المسيحي عالِم النباتات والأب المؤسس لعلم الوراثة، القس "مندال" (1822-1884).

أما الضرر الجسيم -حسب رأيي- فيكمن في الخلط بينهما، وهذا وارد في عقول  بعض المتدينين حين يستشهدون بالعلم لتقوية إيمانهم ولو عكسوا لأصابوا، وكأن العلم في أذهانهم أعظم شأنا من الإيمان، أما بعض العلمانيين الملحدين (بفتح العين وليس بكسرها لأن المفهوم مشتق من كلمة العالَم وليس من كلمة العِلم كما يعتقد الكثيرون)، فهم يؤمنون بالإنسان ويثقون في قدرته على صنع مصيره بنفسه، لذلك يتنافسون في محاربة المقدس ويكذّبون بالدين وهذه تجارة خاسرة لو تفكّروا لأن الإيمان إحساس ذاتي لا يخضع للقياس (La mesure) ولا للتجارب العلمية أو العلوم الإنسانية.

خلاصة القول حسب اجتهادي المتواضع: للعلم منهجٌ, مَن مشي فيه واحترم قواعده, حقق المعجزات، وللدين بابٌ من دخل فيه وصدّق معجزاته وجد فيه راحة البال.

هذان النمطان من التفكير يستطيعان التعايش إذا احترم كل واحد منهما الآخر، لأن غاياتهما السامية تتمثل في تحقيق القيم الإنسانية النبيلة على الأرض, من عدالة وتضامن وصدق وإخلاص وسلم ومقاومة للقيم الهدامة السائدة للأسف منذ ظهور الإنسان على الأرض  من ظلم وجشع وكذب وخيانة وحرب.

العلم "عمومي مشترك" والإيمان "ذاتي بحت" رغم أن الدين في ممارسته اجتماعي أو لا يكون, أنت حر في إيمانك تمارسه كيفما يشاء ربك وتشاء أنت في علاقة عمودية، ولن تأتي فيه بجديد مهما علا شأنك. أما العلم فتمارسه كيفما يشاء اتفاق العلماء وتشاء أنت في علاقة أفقية، لذلك تستطيع أن تبدع في مجالك وتثبت صحة فرضياتك فتُجازَى على قدر إبداعاتك أو تُكذِّبُ فرضياتك فيستفيد الآخرون من النتيجة السلبية كما استفادوا من نجاحات غيرك.

الرسالات الدينية موجهة للبشرية جمعاء فهي ليست حكرا على المتدينين، والعالَم الإنساني المادي المحسوس مِلك للعلمانيين ولغيرهم. فمِن المفروض إذن أن يكون العَلماني "متدينا محتملا" بالنسبة للمتدين المعتدل والمتسامح، ويكون المتدين "عَلمانيا محتملا" بالنسبة للعلماني المتفتح والمتفائل.

العلم والدين -لكل محرابه- فرجاءً من مريدي الاثنين أن لا يهدم الواحد منهم محرابَ أخيه في الإنسانية، وإذا رُمتَ المقام في أحدهما أو في كِليهما فالدين رحبٌ، يؤمن به المؤمنون فقط وهم كُثْرُ, والعلم أرحبُ، تؤمن به أغلبية البشر، مؤمنون وغير مؤمنين.
ستيفن جاي ولد قال: "مِن الأفضل أن لا نسجن أنفسنا في خانة الخيارات الخاطئة مثل: أنت مؤمن بنظرية التطور لداروين، إذن أنت ملحد، أو العكس أنت مؤمن  بالله إذا أنت لا تعترف بهذه النظرية. مِن الممكن أن يكون الإنسان مؤمنا بالله ويعترف بنظرية التطور أو ملحدا ولا يعترف بها. يكوّن التفكير الديني والتفكير العلمي عالَمَين مختلفين ومنفصلين ومستقلين، فلا تطابق بينهما ولا تناقض، والمواجهة بينهما معركة خاسرة للاثنين. قد يلتقيان في علم الأخلاقيات (L’éthique)".


إمضائي: أنا أكتب -لا لإقناعكم بالبراهين والوقائع- بل لأعرض عليكم وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال سيّئ نردّ بمقال جيّد لا بالعنف اللفظي أو المادي أو الرمزي.


vendredi 27 mars 2020

ما الفرق بين التفكير العلمي والتفكير الديني؟ جزء 1. مواطن العالَم الجسّار




تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 27 نوفمبير 2008.

في هذا المقال، أنطلق من محاضرة ألقاها أحمد شبشوب, الأستاذ والباحث التونسي القدير في علوم التربية, أثناء المؤتمر الوطني الرابع لتعلّمية العلوم (أو فلسفة تعليم العلوم كما أود أن أسميها - La didactique des disciplines ).
   

نُظِّمَ المؤتمر في كلية العلوم بمدينة صفاقس التونسية سنة 1998 وعنوانه "التربية العلمية للتلاميذ: أيّ عوائق يجب تجاوزها؟" قال شبشوب: "في الواقع نحن ننتمي إلى ثقافة ما زالت شديدة التأثّر بما هو سحريّ و/ أو ما هو وراء الطبيعة مع العلم أن التعليم المكثف للعلوم العصرية مازال حديث العهد في تونس: في سنة 1875 بدأت مدرسة "الصادقية" تنشره لدى النخبة، والمفروض أن الإصلاح التربوي لسنة 1958 قام بتعميمه على كامل التونسيين، لكن علينا أن ننتظر قانون جويلية1991   ليصبح التعليم إجباريا حتى سن السادسة عشرة، ثم قانون التوجيه سنة 2002، ورغم تعليمه الطويل مازال التونسي المتوسط يعتمد في حياته اليومية على طريقة تفكير, في إدراك العالم وتفسيره, تتداخل فيها النتائج المادية والأسباب غير المادية وهذا مخالف للتفكير العلمي".

نبدأ بتعريف التفكير العلمي الذي يعتمد منهجية تتألف من المراحل التالية:
-         الملاحظة: تنبع الملاحظة من نظريات مسبقة عند العالِم وهي لا تحدث صدفة كما يعتقد الكثيرون في أسطورة حادثة التفاحة عند "نيوتن". عين العالِم, عين واعية ومُدرِكة، ليست كعيون غير العلماء والعامة.
-         الإشكاليات: تمثل مداخل البحوث العلمية وتأتي بعد الملاحظات الصادرة من العلماء بعد تفكير وليس صدفة.
-         الفرضيات : تطرح قبل البحث وهي استشراف لنتائجه لكن تبقي رهينة التجارب, تؤكدها أو تنفيها.
-         التجارب: يقوم بها العالِم أو الباحث أو التقني ويتحرى فيها الدقة والأمانة العلمية.
-         النتائج: يجمعها العالِم أو الباحث أو التقني ويتحرى فيها الدقة والأمانة العلمية.
-         تحليل النتائج وتفسيرها: هي أهم مرحلة لأنها الأصعب ولا يقوم بها إلا العالِم أو الباحث الملم بالنظريات العلمية السابقة.
-         الاستنتاجات: هي خلاصات البحوث العلمية الذي ينشرها العالِم أو الباحث في المجلات العلمية المختصة أو يلقيها في المؤتمرات العلمية الجامعية لتوضيح رؤيته الجديدة للآخرين (Le savoir savant).
لا يوجد فصل ميكانيكي بين هذه المراحل لا في الزمن ولا في الترتيب، بينما يوجد بينها تداخل وتفاعل وأخذ ورد وتغيّر في الترتيب.

بعد هذه المقدمة, نحاول مقارنة منهجين سائدين في العالم: التفكير العلمي والتفكير الديني:
- ينبني التفكير العلمي على الأرض فهو أرضي وعلى الإنسان فهو إنساني صرف يحرّكه الشك (الشك طريق إلى مزيد من الشك وليس طريقا إلى اليقين الأبدي)، ويحركه أيضا الخطأ والصواب والتطور والاختلاف في وجهات النظر وهو يحمل تاريخا وفلسفة وإيديولوجيا. يستطيع الإنسان أن يجدد ويضيف فيه بلا حدود ويعيد بناء أسسه متجاوزًا النظريات القاصرة أو غير العلمية.
- أما التفكير الديني فهو آت من "السماء"، فهو سماوي وإلهي وغيبي، وهو صواب لا يحتمل الخطأ، ويقين يقود حتما إلى مزيد من اليقين، وهو ثابت في نصه متحول في تفسيره. يستطيع الفرد أن يجتهد داخل دائرة صدقه دون أن يمس ثوابته.
- يتصف التفكير العلمي بالشفافية والتحدي فهو يعرض نفسه متطوعا للدحض أو النقض على صفحات المجلات المختصة وفي المؤتمرات العلمية لكل مَن استطاع إلى ذلك سبيلا, لا يحمل جنسا ولا جنسية ولا هوية ولا وطنية ولا عصبية ولا لون ولا عرق ولا دين. يراجع نفسه بلا خجل ويتخلى في أكثر الأحيان على الأفكار السابقة التي كان يمجدها في يوم ما إذا أثبتت التجربة خطأها.
- يتعالى التفكير الديني على التفكير العلمي بنسبه غير البشري  (الله مصدره وليس الإنسان)، ويقينه المطلق وعدم التزامه بالزمان والمكان (صالح لكل زمان ومكان). يتعصب له المؤمنون ويكفرون غير المؤمنين، ويقصون المخالفين لهم حتى لو كانوا موحدين مثلهم (الكفر ليس الإلحاد، المسلم كافر بالمسيحية واليهودية ولا يؤمن إلا بالإسلام الدين الوحيد غير المحرّف في نظره، أما المسيحي فهو كافر بالإسلام. الملحد لا يؤمن بكل الأديان السماوية ولا يؤمن بوجود إله أصلا).
- التفكير العلمي متواضع بإنسانيته وماديته ونسبيته وتحديد مكانه وزمانه وشكه المتجدد والمتواصل.
- التفكير العلمي يقبل كل العالَم، ويؤمن بالتفكير الديني بعض العالَم. يعرض الأول نفسه على الدحض والتعديل ويطالب الثاني بالتسليم والتقديس دون جدل.

إمضائي: أنا أكتب -لا لإقناعكم بالبراهين والوقائع- بل لأعرض عليكم وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال سيّئ نردّ بمقال جيّد لا بالعنف اللفظي أو المادي أو الرمزي.






jeudi 26 mars 2020

فتوَى كورونا 2020؟ مواطن العالَم الجسّار



أثبتَ العلمُ أن غسلَ اليديْنِ بالماءِ والصابونِ يُزيلُ الفيروسات ويُجنّبنا العدوَى. فلماذا لا نجدّدُ دينَنا الإسلاميَّ بـ"فتوَى حداثية كورونية" تَفرضُ استعمالَ الصابونِ دومًا في الوضوءِ خمس مرّات في اليومِ الواحدِ؟

إمضائي:
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)
"النقدُ هدّامٌ أو لا يكونْ" محمد كشكار
"لا أقصدُ فرضَ رأيِي عليكم بالأمثلةِ والبراهينَ بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى، وعلى كل مقالٍ سيءٍ نردُّ بِمقالٍ جيّدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ" محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 27 مارس 2020.



mercredi 25 mars 2020

كُفُّوا، أرجوكُم، عن ترديد السؤال التافه والسخيف: "لماذا لم تكتبْ في موضوع الساعة؟". مواطن العالَم الكسّار




أولاً، لستُ كاتبًا مأجورًا ولا وكالةَ أنباءٍ، ولا ناطقًا باسم حزبٍ أو جمعيةٍ، ولا شخصيةً عامةً-ثقافيةً أو سياسيةً، ولا واعظًا، ولا داعيةً، ولا أريدُ التأثيرَ في أحدٍ، ولا أرغبُ في إقناع أحدٍ، ولا أسعَى لإرضاءِ أحدٍ، ولا أنتظرُ جزاءً أو شُكورًا من أحدٍ.
ثانيًا، ليس من عادتي التعليق على الأحداث ساعة حدوثها ولا حتى قراءة مَن يستسهل فعل ذلك، لذلك لا أقرأ من الصحفِ إلا واحدة فقط لا غير، صحيفة شهرية اسمها "لوموند ديبلوماتيك" في نسختها الفرنسية، صحيفة كل كتّابها مختصون في تحليل الأخبار بعد حدوثها بشهور أو سنوات، جلهم محللون أكاديميون وقلة منهم فقط صحفيون حِرفيون.
ثالثًا، تنتظرون مني إدانة البيروقراطية النقابية اليسراوية (gauchiste)، المركزية والجهوية والمحلية والأساسية، فعلٌ لم أنتظر تلميحاتكم التافهة والسخيفة لكي أقوم به، ولعلِّي من السبّاقين في هذا الميدان ومقالاتي الفيسبوكية تشهد لي بالعشرات وذلك منذ 2008، تاريخ ميلاد حرية النشر والتعبير بفضل الفيسبوك. والغريبُ أن المريضَ لم يُشْفَ بعدُ بل استفحلَ فيه المرضُ.

إمضائي:
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)
"النقدُ هدّامٌ أو لا يكونْ" محمد كشكار
"لا أقصدُ فرضَ رأيِي عليكم بالأمثلةِ والبراهينَ بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى، وعلى كل مقالٍ سيءٍ نردُّ بِمقالٍ جيّدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ" محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 26 مارس 2020.