mardi 31 décembre 2013

نقد كيفية تطبيق مقولة "الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر" في السعودية. مواطن العالم د. محمد كشكار

نقد كيفية تطبيق مقولة "الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر" في السعودية. مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النات: حمام الشط في 7 جويلية 2012.

قال الشاعر التونسي العظيم منور صمادح:
"شيئان في بلدي قد خيّبا أملي.......الصدق في القول و الإخلاص في العمل".

و أنا بعد قراءاتي، أقول:
كلمتان أو قِيمتان إسلاميتان ساميتان أو مبدآن، قد طُبِّقا في السعودية في غير موضعهما: "الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر". طُبِّقا على الضعفاء من المواطنين في السعودية، و كان أولى بمن يمارسهما أن يُطَبِّقهما على الأمراء و  الأغنياء و المسؤولين المتنفذين المتحكمين في مصائر و رقاب المواطنين السعوديين البسطاء العاديين، لأن الضعيف، حتى و إن ارتكب منكرا عن سهو أو جهل، فهو في غالب الأحيان لا يضر بمنكره هذا إلا نفسه أو عائلته و إن أنجز معروفا، فلا ينتفع من معروفه إلا محيطه الضيق، أما الحاكم فمنكره مصيبة على القريب و البعيد و معروفه قد ينقذ الآلاف أو الملايين من البشر من الفقر و المرض و الجهل. في السعودية يوجد عشرات الآلاف من الأمراء، بعضهم يعبث و يفسق و يفسد في الأرض و يسرق و ينهب أموال الشعب السعودي و يخون البلد و يشوّه العرب و المسلمين، و لا من رقيب و لا من حسيب، و لا من ناه عن المنكر، و لا من آمر بالمعروف! أما شرطة "الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر" التعيسة و السخيفة، فهي طوال اليوم تجري و تهرول في الطرقات العامة و تنهى عن المنكر و كأن كل المواطنين السعوديين و الأجانب الوافدين أو المقيمين متهمون بارتكاب المنكر حتى تثبت براءتهم، شرطة - بأوامر أميرية فاسدة - تلاحق السافرات المسلمات المسالمات العفيفات المحصنات الرقيقات الجميلات الضعيفات أو تنهر مراهقا ارتدى "شورتا" قصيرا اتقاء لموجة حَرّ.

يا ليتهم فعلوا مثل جدهم (الذي لن يتشرف بهم لو بلغته أفعالهم) الفاروق عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه) و طبقوا هذان المبدآن الرائعان على الأمراء قبل الفقراء:
سأل عمر بن الخطاب عمر بن العاص عندما ولاّه مصر: إذا جاءك سارق، ماذا تفعل به؟ فقال عمر بن العاص: أقطع يده. فقال عمر بن الخطاب: و أنا إن جاءني جائع من مصر، قطعت يدك.


lundi 30 décembre 2013

تعليق حول القانون المحتمل "تجريم المسّ بالمقدسات". مواطن العالم د. محمد كشكار

تعليق حول القانون المحتمل "تجريم المسّ بالمقدسات". مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النات: حمام الشط في 4 أوت 2012.

كلمة رجاء بن سلام:
جريمة أخرى ضدّ الفكر الحرّ وضدّ حرّيّة التعبير وحرّيّة المعتقد تريد كتلة النّهضة تمريرها. هذا التّجريم الذي أرادت كتلة النهضة فرضه في الدّستور، تعود الآن لتقترحه في شكل تحوير للمجلّة الجزائية. تقترح خطية مالية بألفي دينار وسنتين سجنا لمن "يمسّ بالمقدّسات"، وتعدّد مظاهر المسّ التي منها "الاستنقاص".
هذا القانون سيمكّن النهضة من وضع نصف المفكّرين الأحرار والمؤرخين والأدباء والفنانين في السّجون، وسيمكّنها من حرق كتب التراث: الأدب والشّعر والتّصوف... 
الهوس لا حدّ له، والتجارب القديمة والمعاصرة تدلّ على ذلك. لن نقبل بأي قانون يتنافى مع قيم حقوق الإنسان، ويرجعنا إلى الخلف، لا إلى عهد بن علي، بل إلى عهود سحيقة كان فيها المفكرون والشعراء يلاحقون بتهمة الزندقة، و لأسباب سياسية.
لنتظاهر ضدّ هذا القانون يوم 5 أوت، ويوم 13 أوت ولتنظّم وقفة احتجاجية يوم عرض هذا القانون الظّلاميّ.

تعليق م. ع. د. م. ك:
يبدو لي أن حل مشكلة حرية التعبير يتمثل في مزيد من حرية التعبير و ليس في الحد منها بأي شكل من الأشكال لكن على شرط "على كل مقال سيء، نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي أو الرمزي و على كل سلوك غير حضاري، نرد بسلوك حضاري لا بالإقصاء أو العقاب أو التهميش". و أفضل رد عندي على القانون المحتمل المتمثل في تجريم المس بالمقدسات هو تعليق الفيلسوف يوسف الصديق بعد أحداث المظاهرات العربية و الإسلامية احتجاجا على مصور هولندي صوّر كاريكاتور للرسول العظيم محمد صلى الله عليه و سلم، استشهد يوسف الصديق بالقرآن الكريم قائلا: "فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض" و أثبت التاريخ فعلا أن الزبد ذهب جفاء و  لم يمكث في الأرض إلا ما ينفعها. و أضيف أنا مجتهدا و أعرف أنني قد لا أصيب، لذلك أكتفي بأجر المجتهد الذي يخطئ و أستعمل حقي الشرعي و العلمي في ارتكاب الخطأ: يبدو لي أن أول و أكبر مَن مسّ بالمقدسات و  تحدى الله سبحانه و تعالى هو الشيطان الرجيم و بالرغم من ذلك أوصل الله لنا في قرآنه الكريم كل معارضات الشيطان و كلامه و أمرنا أن نقرأها في القرآن الكريم بكرة و أصيلا. ألا تتعظون أيها المسلمون و تستفيدون من فائض الحرية المعطى من رب العالمين لأكبر معارضيه، الشيطان الرجيم، لعنة الله عليه. لم يحجب الله حجج أكبر معارضيه و كان في مقدوره حجب الشيطان نفسه من الوجود. لو اقتديتم بالقرآن الكريم يا حضرة بعض المتعاطفين مع حزب حركة النهضة لخصصتم في جريدتكم الحزبية اليومية صفحة أو صفحتين للمعارضة تكتب فيهما ما تشاء و تخط فيهما ما تريد من نقد و انتقاد لسياسة حزبكم. كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:  "رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي". يبدو لي أنه عليكم أن تشكرونا، أنتم معشر بعض النهضاويين، تشكرونا نحن، المفكرون المستقلون  المسالمون السلميون غير المنتمين،  المعارضون الدائمون للسلطة - قديما و حديثا و مستقبلا و مهما كانت مرجعية هذه السلطة ليبرالية دستورية و تجمعية  أو وسطية أو يسارية ماركسية أو إسلامية إخوانية -  يبدو لي أنه عليكم أن  تطلبوا لنا الرحمة في صلواتكم الخمس و التراويح، جزاء لنا على اجتهادنا في إبراز عيوبكم ما ظهر منها و ما خفي، يبدو لي أنه عليكم أن تشجعونا على التفتيش عن عيوبكم صباحا مساء و يوم الأحد لنهديها لكم على طبق من ذهب كل يوم على صفحات الجرائد و فضاءات التلفزة و الإذاعة و بالنسبة لي أنا، محمد كشكار، أنشرها في الفيسبوك و السلام على من اتبع الهدى، هدى العلم و الإيمان مجتمعين مع بعضهما لأنه لا يتأنسن الأول إلا بقيم الثاني و لا يتفعل الثاني إلا بقيم الأول.

أواصل اجتهادي الشخصي المتواضع طامعا في عفو الله سبحانه و تعالى و متظللا برحمته الواسعة، سعة السماوات و الأرض و مستندا إلى الحديث الشريف للرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم "من اجتهد و أصاب فله أجران و من اجتهد و لم يصب فله أجر واحد" و مستلهما من قول عبد المطلب بن هاشم،  جد الرسول عليه الصلاة والسلام، متوجها إلى أبرهة الحبشي سنة الفيل: "أنا أحمي إبلي و إن للكعبة رب يحميها" و مستأنسا بقولة الفيلسوف التونسي الإسلامي النهضاوي غير المنتمي، أبو يعرب المرزوقي "و للشريعة في الواقع وجهان: وجه تربوي و وجه ردعي. فلو طوّرنا الوجه الأول فقد نستغني عن الوجه الثاني لأن عندما يكبر الوازع الذاتي التربوي الأخلاقي تنقص الحاجة للوازع الخارجي الردعي" و أنتهي إلى خلاصة قولي التالية: لو أسسنا و طوّرنا تعليما جيدا مبنيا على القيم العلمية الإنسانية النبيلة و مطعّما بالقيم الإسلامية السمحة و متماهيا مع تقاليد و قيم مجتمعنا التونسي المسلم المتسامحة جدا لاستغنينا عن سن مثل هذه القوانين الردعية "القانون المحتمل لتجريم مسّ المقدسات" و لانقرضت مثل هذه المشاكل بطبيعتها نتيجة مزيد من العلم و التعلّم و الحرية و التسامح و ترك ما لله لله، فهو يمهل و لا يهمل و قد أرجأ - لحكمة لا يعلمها إلا هو - محاسبة عباده العصاة أو الضالين إلى يوم القيامة فلا تتعجلوا أيها المتعجلون و تمهلوا في حكمكم على إخوانكم المسلمين و غير المسلمين فلستم أكثر من الله حفظا و حرصا على مقدساته سبحانه و تعالى.

إمضاء م. ع. د. م. ك
على كل مقال سيء، نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي أو الرمزي و على كل سلوك غير حضاري، نرد بسلوك حضاري لا بالإقصاء أو العقاب أو التهميش.



vendredi 27 décembre 2013

اليوم، السبت 28 ديسمبر 2013، أحتفل وحدي، مفكرا مهمشا كالعادة، بإتمام نشر ألف مقال على النت، منهم 670 مقال من إنتاجي الخاص و 330 مقال نقلا و تعليقا. مواطن العالَم د. محمد كشكار

اليوم، السبت 28 ديسمبر 2013، أحتفل وحدي، مفكرا مهمشا كالعادة، بإتمام نشر ألف مقال على النت، منهم 670 مقال من إنتاجي الخاص و 330 مقال نقلا و تعليقا. مواطن العالَم د. محمد كشكار

في زمن العولمة، هل يمكن أن يكون الإسلام وحده هو الحل أم هو فقط جزء من الحل؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

في زمن العولمة، هل يمكن أن يكون الإسلام وحده هو الحل أم هو فقط جزء من الحل؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

مشهد، شاهدته بأم عيني:
منذ سنة أو سنتين تقريبا، رأيت الداعية الإسلامي المشهور وجدي غنيم، يرتدي بدلة إفرنجية أنيقة متناسقة بربطة عنق كرواتية، تجلس جنبه كاتبته الخاصة غير المحجبة و هو يدلي بتصريحات في مصدح غربي الصنع خلال مؤتمر صحفي تحضره فضائيات عربية و أجنبية وتبثه مباشرة عن طريق أقمار صناعية أمريكية و أوروبية و روسية و صينية و يابانية.

التعليق:
حسب وجهة نظري المحدودة جدا، يبدو لي أنه لا يمكن أن يكون الإسلام وحده هو الحل بل هو جزء من الحل، و الحضارة الغربية بديمقراطيتها و علمها و تكنولوجيتها غير المنفصلين عن فكرها و فلسفتها - شئنا أم أبينا - هي أيضا جزء من الحل. و تجدر الإشارة هنا إلى أن إسلام اليوم (دينا وحضارة و بشر) ليس هو نفسه إسلام السلف الصالح لأنه ببساطة قد خضع لسنّة الحياة المتمثلة في تطور الإسلام نفسه (دينا وحضارة وبشر) خلال 14 قرن و تأقلم و تلاقح مع الحضارات البيزنطية (المسيحية) و الإغريقية (متعددة الآلهة) و الفارسية (الزرادشتية و المجوسية) و الهندية (البوذية و الهندوسية) و غيرها.


تاريخ أول نشر على النت: السبت 28  ديسمبر 2013.

سؤال موجه إلى الأحزاب اليسارية التونسية الثلاثة، لماذا تركت المجال الفكري التثقيفي التونسي مرتعا للمنظمات العالمية غير الحكومية و لم تشارك في تأثيثه؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

سؤال موجه إلى الأحزاب اليسارية التونسية الثلاثة، لماذا تركت المجال الفكري التثقيفي التونسي مرتعا للمنظمات العالمية غير الحكومية و لم تشارك في تأثيثه؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

الخبر مقدس:
سمعت و رأيت و حضرت و في بعض الأحيان قاطعت و نقدت، سمعت في ساقية سيدي يوسف و حضرت في حمام الشط و قاطعت و نقدت في الاتحاد الجهوي للشغل ببنعروس، لاحظت تفشي ظاهرة تغلغل المنظمات العالمية في المجال الحقوقي التثقيفي التونسي مثل منظمة  DROUCE الممولة من الاتحاد الأوروبي، تنظم هذه الجمعيات الأجنبية محاضرات و ورشات حول الميز العنصري بين السود و البيض في تونس و حول البطالة و حول المواطنة، و ينتشر نشاطها خاصة في تونس الأعماق مثل ولايات الكاف و القصرين و سيدي بوزيد.

و التعليق حر:
لست ضد عولمة الثقافة و لم أك يوما متعصبا أعمى للفكر الاشتراكي و أؤمن أن الفكر كونيٌّ أو لا يكون، لكنني أشك في أن "القط يصطاد لله" و أشك بالقياس أن هذه المنظمات تصرف ملايين الدولارات، فقط من أجل نشر الديمقراطية! و الشك طريق إلى اليقين في هذه الحالة (في العلم، الشك طريق إلى مزيد من الشك و ليس طريقا إلى اليقين لأنه ببساطة لا و لن يوجد يقين نهائي و ثابت في العلم).

من باب المنهجية العلمية، لا أستطيع أن أتهم  هذه المنظمات العالمية غير الحكومية بالطابور الخامس و لا أستطيع في نفس الوقت أن أصدّق نواياها حتى و لو كانت نبيلة، فالعبرة بالوسيلة و ليست بالغاية لأن كل الغايات نبيلة و كل الوسائل مشبوهة إلى أن يثبت العكس.

أكرر سؤالي الذي طرحته أمس على النت على الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لعل الجهات المعنية تتكرم بالإجابة عليه: سؤالي اليوم موجه إلى الأحزاب اليسارية التونسية الثلاثة (حزب العمال و حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد و الحزب الوطني الثوري الاشتراكي أو الوطد سابقا)، لماذا تركت المجال الفكري التثقيفي التونسي مرتعا للمنظمات العالمية غير الحكومية و لم تشارك في تأثيثه؟

لن أقبل التعلل بالإمكانيات، فالفضاءات المجانية موجودة و مفتوحة لإقامة الندوات الفكرية (مثل المقرات الجهوية و المحلية لهذه الأحزاب نفسها و المقرات المحلية و الجهوية للاتحاد العام التونسي للشغل و قاعات البلديات)، و العديد من المحاضرين اليساريين المتطوعين - وطنيا و جهويا و محليا - رهن الإشارة، أما الجمهور المستهدف المتعاطف مع اليسار فهو متعطش لمثل هذه الأنشطة المفيدة علميا و اجتماعيا.

ملاحظة:
اليوم صباحا، الخميس 26 ديسمبر 2013، شاركت في نقاش حر في الطاولة الثقافية بمقهى الويفي بحمام الشط الغربية، جمع هذا اللقاء اليومي ثلة من أبرز مثقفي حمام الشط اليساريين، دار الحوار النقدي حول سياسة الجبهة الشعبية و نتائج انضمامها التكتيكي إلى جبهة الإنقاذ (و خصصنا بالذكر حزب نداء تونس) و دور المناضل حمة الهمامي في هذا المنعرج التاريخي. شاركنا و يشاركنا عادة في الحديث عضو بحزب العمال و هو ناشط حزبي بارز على المستوى المحلي و المستوى الوطني (à mon avis, il est le militant plus souple que j’ai connu parmi les militants staliniens de Hammam-Chatt)، فانتهزت الفرصة و قلت له بكل لطف: "هل تستطيع أن تنظم لنا لقاء - نحن الجالسون معك الآن -  مع قواعد حزبكم بحمام الشط في فضاء مقركم بحمام الشط لكي نتواصل معهم ونوصل إليهم نقدنا للسياسة الحالية التي انتهجتها الجبهة الشعبية". لا زلت أنتظر الجواب!

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الجمعة 27   ديسمبر 2013. 


mercredi 25 décembre 2013

سؤال موجه إلى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان: لماذا تركت المجال الحقوقي التثقيفي التونسي مرتعا للمنظمات العالمية الحقوقية و لم تشارك في تأثيثه؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

سؤال موجه إلى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان: لماذا تركت المجال الحقوقي التثقيفي التونسي مرتعا للمنظمات العالمية الحقوقية و لم تشارك في تأثيثه؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

الخبر مقدس:
سمعت و رأيت و حضرت و في بعض الأحيان قاطعت و نقدت، سمعت في ساقية سيدي يوسف و حضرت في حمام الشط و قاطعت و نقدت في الاتحاد الجهوي للشغل ببنعروس، لاحظت تفشي ظاهرة تغلغل المنظمات العالمية في المجال الحقوقي التثقيفي التونسي مثل منظمة  DROUCE الممولة من الاتحاد الأوروبي، تنظم هذه الجمعيات الأجنبية محاضرات و ورشات حول الميز العنصري بين السود و البيض في تونس و حول البطالة و حول المواطنة، و ينتشر نشاطها خاصة في تونس الأعماق مثل ولايات الكاف و القصرين و سيدي بوزيد.

و التعليق حر:
لست ضد عولمة الثقافة و لم أك يوما متعصبا أعمى لهويتي العربية الإسلامية و أؤمن أن الفكر كونيٌّ أو لا يكون، لكنني أشك في أن "القط يصطاد لله" و أشك بالقياس أن هذه المنظمات تصرف ملايين الدولارات، فقط من أجل نشر الديمقراطية! و الشك طريق إلى اليقين في هذه الحالة (في العلم، الشك طريق إلى مزيد من الشك و ليس طريقا إلى اليقين لأنه ببساطة لا و لن يوجد يقين نهائي و ثابت في العلم).

من باب المنهجية العلمية، لا أستطيع أن أتهمها بالطابور الخامس و لا أستطيع في نفس الوقت أن أصدّق نواياها حتى و لو كانت نبيلة، فالعبرة بالوسيلة و ليست بالغاية لأن كل الغايات نبيلة و كل الوسائل مشبوهة إلى أن يثبت العكس.

و أكرر سؤالي الذي طرحته في العنوان لعل الجهات المعنية تتكرم بالإجابة عليه: الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، لماذا تركت المجال الحقوقي التثقيفي التونسي مرتعا للمنظمات العالمية الحقوقية و لم تشارك في تأثيثه؟

لن أقبل التعلل بالإمكانيات، فالفضاءات المجانية موجودة و مفتوحة لإقامة الندوات الفكرية (مثل المقرات الجهوية للرابطة نفسها و المقرات المحلية و الجهوية للاتحاد العام التونسي للشغل و قاعات البلديات)، و العديد من المحاضرين الحقوقيين المتطوعين رهن الإشارة، أما الجمهور المستهدف فهو متعطش لمثل هذه الأنشطة المفيدة علميا و اجتماعيا.

ملاحظة:
لماذا أشك في نوايا و أهداف هذه المنظمات؟ أولا لأن الشك طريق إلى اليقين كما أشرت أعلاه، و ثانيا لأنها وأدت نادي فكري عزيز عليَّ، نادي أسسته مع جمع من مثقفي بنعروس بالاتحاد الجهوي للشغل ببنعروس، اسمه "نادي جدل"، نشط هذا النادي الفريد من نوعه في الاتحاد لمدة سنوات و قدم أفضل المحاضرات في العلم و الأدب و السياسة. وأدته و أخذت مكانه و استوطنت الاتحاد الجهوي للشغل ببنعروس كما استوطن البيض جنوب إفريقيا و تركتني مفكرا متطوعا مهمشا و يتيما فريدا و عاطلا ثقافيا رغم أنفه.


تاريخ أول نشر على النت: الأربعاء 25 ديسمبر 2013.  

فكرة قرأتها في كتاب: هل يجوز الحج لمن استطاع إليه سبيلا ماديا أم روحيا؟ نقل و تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار


فكرة قرأتها في كتاب: هل يجوز الحج لمن استطاع إليه سبيلا ماديا أم روحيا؟ نقل و تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار

أول نشر على النت: حمام الشط في 29 أوت 2012.

كتاب "آفاق النهضة العربية و مستقبل الإنسان في مهب العولمة"، أبو يعرب المرزوقي، الطبعة الثانية 2004، دار الطليعة للطباعة و النشر، بيروت، 216 صفحة.

نص أبو يعرب المرزوقي:
صفحة 131: هامشة 2: و بهذا المعنى فإن كل شباب العالم مسلم إلى سن الرشد (و ذلك هو معنى الحديث الشريف المتعلق بتقدم الفطرة (= الإسلام) على التهويد و التنصير و التمجيس) و الاختيار الصريح لغير الإسلام دينا. و كل من لم تبلغه الرسالة معذور في عدم إسلامه إلى أن نبلّغها إليه، إذ ذلك هو واجبنا، و ذلك هو المعنى الجديد للجهاد.

صفحة 159: هامشة: ... لأن الحج هو القطع مع الانغماس في الدنيا، و من ثم فهو الذي يضفي المعنى على الحياة الإنسانية. و تلك هي دلالة التوجه إلى القبلة التي تصبح توجها فعليا إلى حد التطابق معها. و إذن فليس معنى الشرط "الحج لمن استطاع إليه سبيلا" هو ما أوّله الفقهاء إذ فهموا الاستطاعة المادية. ذلك أن الأمر لو كان متعلقا بالاستطاعة المادية لَحدّد الشرع النصاب كما فعل في الزكاة. أما و هو لم يفعل فإن الاستطاعة قصدها التحول الروحي المتمثل في القطع مع الانغماس في الدنيا، قطعا يؤدي إلى القيام بالفرائض قياما يتضمن معناها الحقيقي أعني كونها تعينات الصلاة أو الفرض الخامس.

تعليق د. م. ك: هل قطع الحاج التونسي مع الانغماس في الدنيا قبل الحج أو حتى بعد الحج؟ إذا كان الجواب بنعم، فما هي دلالة المثل الشعبي: "حج و زمزم و جاء للبلأ متحزّم". و إذا كان الجواب بلا، فما هو دور الحج في حياة الحاج؟

صفحة 159: هامشة: ... و الحصيلة أن الفروض الدينية تنقسم إلى نوعين: إثنان منهما مطلقان غير مشروطين، و ثلاثة مشروطة بالاستطاعة: مادية (الزكاة) و البدنية (الصوم) و الروحية (الحج). و في الحقيقة فإن الشرط الروحي هو شرط الشروط جميعا، لكونه هو الضامن للصدق في حصول الشرطين الآخرين، إذ يمكن لمن ليس له الشرط الروحي ألا يزكي مخفيا توفر النصاب. و يمكن لمن ليس له الشرط الروحي ألا يصوم مدعيا المرض. و بذلك يكون الاثنان غير المشروطين حدّي الثلاثة المشروطة: فالشهادة هي البداية و لا يمكن وحدها أن تضمن توفر الشرط الروحي لكونها قد تقف عند الإسلام دون الإيمان. و الصلاة هي الغاية إذا صدقت، صدقت الشهادة فتمت الفروض الأخرى على أحسن الوجوه لحصول النقلة من ظاهر الإسلام إلى حقيقته أي الإيمان. و ذلك هو جوهر الجهاد الأكبر الذي تحدث عنه الرسول.
أما الجهاد فقد حصره هيجل في معناه الأصغر أي في الموت من أجل العقيدة (العقيدة الإسلامية).
 العقيدة الحلولية... أي أن الله لم يصبح روحا إلا بفضل تأنسه، و الإنسان لا يصبح إنسانا إلا بفضل تألّهه. و ذلك هو جوهر العولمة الهدامة التي نعيشها الآن و التي من جوهر الإسلام التصدي لها لتحرير الإنسانية و الكون من أضرارها و اقتلاعها من أصلها.

تعليق د. م. ك: الكاريكاتور في هذا الأمر أن بعض المجاهدين الإسلاميين المعاصرين لم يفهموا الجهاد الأكبر بهذا المعنى "المرزوقي" و لم يفهموا أيضا الجهاد في معناه الأصغر أي في الموت من أجل العقيدة الإسلامية  و ذهبوا أفواجا أفواجا يجاهدون و يقتلون بالمئات إخوانهم المسلمين السوريين (أنا لا أساند مسلما يقتل مسلما، يعني لا أساند النظام السوري الديكتاتوري و لا أساند المجاهدين المرتزقة المأجورين من قبل قطر و السعودية و تركيا و أمريكا و الاتحاد الأوروبي) و تركوا في جوار سوريا أعداءهم في العقيدة، أعداؤهم المستوطنون الصهاينة الذين ينعمون بالسلام و الاطمئنان في فلسطين و الجولان و مزارع شبعا اللبنانية و يتفرجون علينا نتقاتل و نبلي البلاء الحسن في الحروب الأهلية (الحرب اللبنانية بين المسيحيين و المسلمين، الحرب العراقية بين السنّة و الشيعة، الحرب السودانية بين المسلمين و المسيحيين و بين المسلمين و المسلمين، الحرب الفلسطينية بين حماس و فتح ، الحرب اليمنية بين القاعدة و الجيش، الحرب الأهلية المحتملة في مصر بين الأقباط و المسلمين،  الحرب الأهلية المحتملة في تونس بين السلفيين و النهضة). رحماء على الأعداء أشدّاء على الأشقّاء.

العولمة الهدامة التي يقصدها أبو يعرب هي العولمة الأمريكية - الصهيونية و قد أشار لها صراحة في مواقع أخرى في هذا الكتاب و هو  يؤكد الآن، أن من جوهر الإسلام التصدي لها.
السؤال: هل تصدت لها الحركات الإسلامية التي يساندها هو، الحركات التي استلمت السلطة بعد "الثورات" العربية في تونس و مصر و ليبيا؟




mardi 24 décembre 2013

قال أبو يعرب المرزوقي: "الرسالة الإسلامية مطالَبة بتحديد الأجوبة للإنسانية جميعا و ليس للمسلمين فحسب". تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار

قال أبو يعرب المرزوقي:
"الرسالة الإسلامية مطالَبة بتحديد الأجوبة للإنسانية جميعا و ليس للمسلمين فحسب".

تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار:
ما أنبلها و ما أرحبها رسالة لقوم يفقهون و ما أصغرنا أمة بين الأمم و ما أصعبها مهمة ابتلينا بها و ما أثقلها مسؤولية ألقاها الله على عاتقنا و من أدراك أننا نحن المستخلفون؟ خاصة عندما نري حال المسلمين اليوم. عجزوا عن استنباط حلول لمشاكلهم، لم يجدوا حلا للجوع و الحرب الأهلية في الصومال المسلمة و لم يكتشفوا تلقيحا ناجعا ضد خيانة و عمالة القيادة السعودية - القطرية و لم يصمدوا ضد أصغر شعب معتد في العالَم، و نحن نطالبهم بتعليم أرقى من تعليم فنلندا و بحقوق أعلى من حقوق الميثاق العالمي لحقوق الإنسان و بعدالة اجتماعية أفضل من اشتراكية ماركس و بديمقراطية أحسن من برلمانية بريطانيا و بصناعة أكثر تقدما من صناعة اليابان و بمكتسبات اجتماعية أضمن مما يتمتع بها الفرنسيون و الأسكندنافيون في القرن الواحد و العشرون.

قال  فارس العرب، الصحابي الجليل، عمرو بن معدي كرب:
 لَقَد أَسْمَعَت لَو نادَيْت حَيّا ** وَلَكِن لا حَيَاة لِمَن تُنَادِي
ولو نار نفخت بها أضاءت ** ولكن أنت تنفخ في رماد

تاريخ أول نشر على النات
حمام الشط في 16 أوت 2012.


lundi 23 décembre 2013

فكرة قرأتها في كتاب: ماذا ننتظر من المشروع الأصولي الإسلامي أو الكمّاشة الخانقة؟ حلقة عدد 5 من سلسلة علي حرب. نقل دون تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار

فكرة قرأتها في كتاب: ماذا ننتظر من المشروع الأصولي الإسلامي أو الكمّاشة الخانقة؟ حلقة عدد 5 من سلسلة علي حرب. نقل دون تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار

تاريخ أول إعادة نشر على مدونتي و صفحتي الفيسبوكية: حمام الشط في 8 سبتمبر 2012.

كتاب "ثورات القوة الناعمة في العالم العربي. من المنظومة إلى الشبكة."، علي حرب، الدار العربية للعلوم و النشر، الطبعة الثانية 2012، 240 صفحة.

نص علي حرب:
صفحة 210: الإخفاق و الانتهاك:
أصل إلى بيت القصيد: مشاريع النهوض و الإصلاح و التقدم. هنا أيضا، و خاصة، لا يصلح شعار الإسلاميين للنظر و العمل، أو للفهم و التدبير. هذا ما تشهد به الوقائع الناطقة و ما يقوله المنطق الفاضح.

من جهة الوقائع، من الملاحظ، أنه حيث كان الإسلاميون أو عملوا بكتلهم و جماعاتهم، بأحزابهم و منظماتهم، بمرشدهم و أمرائهم، إنما استجمعوا مساوئ المشاريع السابقة و الآفلة، القومية التحررية، أو اليسارية الاشتراكية، المتعلقة بحركات التحرر الوطني و مذاهب التقدم الاجتماعي.

و الأمثلة ناطقة و فاضحة، سواء في الجزائر و إيران، أو في الصومال و السودان، أو في العراق و لبنان. لم ينجحوا في ما يخص مطالب الحرية و العدالة و المساواة، و لا في مطالب التحديث و النمو و التقدم. بل عادت معهم الأمور إلى الوراء. ففي مجال الحريات تحول الناس من رعايا إلى عبيد و قطعان بشرية، تمارس طقوس العبادة تجاه زعمائها و مرشديها و أمرائها، أو تقدس قضاياها لتقع ضحايا لها أو تُرهب الناس بها، مما جعل الكثيرين من المسلمين المستقلين يترحمون على عهود الاستعمار و المَلَكية.

أما على صعيد المطالب الاجتماعية، فهم لم ينجحوا في صنع نموذج تنموي، بل أعادوا إنتاج التخلف و الفقر و الفساد و هدر الثروات. نعم نجح المسلمون في تركيا أو في ماليزيا في صنع نماذج تنموية، لأنهم لم يعملوا بشعار "الإسلام هو الحل"، و لم يسعوا إلى أسلمة الحياة. لم يحمّلوا الإسلام ما لا طاقة له على حمله، بل تبنّوا منطق الدولة الحديثة، و تصرفوا كساسة همّهم تقدم مجتمعاتهم، بالإفادة من التجارب و النماذج الحديثة.

و المغزى من الشاهد التركي و الماليزي أن كل مجتمع يخترع معادلته و يصنع نموذجه في مشاريع النهوض و الإصلاح و التحديث، باستلهام مختلف التجارب و النماذج و التراثات الحية، للإفادة منها و البناء بها، بما في ذلك بالطبع، التراث الإسلامي. فلا مهرب من تغيير العقليات و التشريعات، بالتوازي مع تحديث الأدوات و المؤسسات، إذ لا يستقيم حكم اليوم بأفكار الماضين و أحكامهم و وسائلهم.

و ما تشهد به الوقائع يؤكده المنطق أيضا، و خاصة، لأن ما يجري على أرض الواقع الملموس، هو ترجمة لما يدور في الأذهان و العقول. فالشعار الإسلامي لا يؤدي إلى تحسين الأحوال بل تزداد معه ترديا، و لا يولّد حلولا للمشكلات، بل تزداد معه تعقيدا و تأزما. ذلك أن الحركات الإسلامية، الأصولية، ليست موجات حضارية، تنويرية، تحررية، مستقبلية، بل هي حركات سلفية، ارتدادية، أُسست بعقل مغلق يعتقد أصحابه بأن الماضين هم أعلم و أجدر و أقدر منّا نحن، المحدثين و المعاصرين، على إصلاح أمورنا، إذ نجد في كتبهم و سيرهم الأجوبة و الحلول لمشكلاتنا و أزماتنا الراهنة.

بل إن هذه الحركات قد أُطلقت لتكون ردّة فعل على العالم الحديث أو انتقام منه. و ليس صدفة أن تسمي إحدى الحركات السلفية الأصولية دولتها، في الصومال، باسم "المحاكم"، لكي تولّد العبث أو الإرهاب و الخراب.

هذه هي الثمرة السيئة للدعوات السلفية و التيارات الأصولية التي تفاجئ و تصدم، بانتهاكها و أعمالها البربرية، المسلم العادي الذي لا ينتمي إلى تيار سلفي أو تنظيم أصولي. بل هي تفاجئ أحيانا بعض العلماء و الدعاة، بقدر ما تشهد على جهلهم بالأسس التي يبنى عليها المشروع السلفي الذي لا يُطبّق إلا على نحو ما تفعل الحركات الأصولية، بصورة متحجرة، عدوانية، إرهابية.

و لا غرابة. فمن المستحيل إدارة بلد بعدة العقيدة الدينية و الشريعة الإسلامية. إذ لكل زمن مشكلاته و أزماته التي تحتاج إلى ابتكار المقاربات و المعالجات، لتجديد المفاهيم و القواعد و الأساليب... من غير ذلك نحسب المشكلة حلا. و بالعكس، بل نحوّل علاقتنا بالدين إلى مشكلة لأهله و للناس جميع، تعصبا و تطرّفا و إرهابا.

بهذا المعنى فالمشروع الأصولي الإسلامي، هو الوجه الآخر للنظام الديكتاتوري القومي. كلاهما يريد من الناس أن يكونوا عبيدا لا أحرارا. هذا شأن الطاغية الذي ينسب إليه  بلده و يتعامل معه بوصفه ملكه الذي يتصرف فيه كما يشاء. و هذا شأن الناطقين باسم الواحد الأحد من الدعاة الذين يريدون من الناس أن يكونوا أدوات تصدع لأوامرهم و تنفّذ فتاواهم من غير جدال أو نقاش. و لذا، كلا المشروعين مآلهما الإخفاق: الأول (المشروع الأصولي الإسلامي) لا يصلح للإقامة في هذا العالم، و الثاني (النظام الديكتاتوري القومي) غير قابل للإصلاح.

صفحة 27
يُضاف إلى ذلك أن صعود الأصوليات الدينية، التي استفادت من إخفاق المشروع القومي و البرنامج الاشتراكي، أدى إلى مزيد من التردّي و التراجع. و لا غرابة. لأن الأصوليات هي موجات ارتدادية تحكمها الذاكرة الموتورة و العقائد الاصطفائية التي يفكر أصحابها بعقلية الثأر و الانتقام مما هو حديث و وافد، و لذا، فما بوسعها أن تفعله هو تقويض نظام أو تخريب عمران. و لكنها لا تقدر على الإصلاح أو تحسين البناء، بقدر ما تعتبر أن المستقبل هو وراءنا لدى الماضين، لا ما نقدر على إنجازه لكي نضيف على ما حققه المحدثون، و لأن أصحابها يفكرون بمنطق الإقصاء و الاستئصال للمختلف و الآخر، فإنها تشتغل بنصب المتاريس و خلق الأعداء، و لا تولّد إلا الحروب الأهلية التي تفتك بغير مجتمع عربي.

الكمّاشة الخانقة
         و الأصوليات هي كالديكتاتوريات تأخذ من الغرب التقنيات و التجهيزات و الأسلحة التي تستثمرها في حروبها، كما تفيد من انتفاخ الأسواق غير المحدود لجمع الثروات الطائلة غير المشروعة، فيما هي ترفض القيم و المفاهيم و النظم التي يمكن استثمارها في أعمال التحديث و الإنماء، أو تجسيدها في احترام الحقوق و إطلاق حريات التفكير و التعبير و التنظيم.

         بذلك جمعت الأصوليات مساوئ المشاريع السابقة، القومية و اليسارية، فأضافت الإرهاب و الفتن المذهبية إلى الفقر و التخلف و الاستبداد. ممّا وضع المجتمعات العربية بين فكّي الكمّاشة الخانقة: استبداد مضاعَف و فساد منظّم، ثراء فاحش و فقر مدقع، جزر أمنية و مافيات مالية، جحيم المخابرات و جهنم الإرهاب.

         هذا الإخفاق المتواصل، تجربة بعد تجربة، و مرحلة بعد أخرى، قد وجد ترجمته في ما وصلت إليه الأوضاع العربية من انسداد الأفق و استهلاك الأفكار و استنفاذ الوسائل و فشل البرامج و سقوط الدعوات، سواء على جبهة الديكتاتوريات أو على جبهة الأصوليات، حيث المعسكران المتناحران متواطئان على ما يشهده العالم العربي من العجز و التخلف و التقهقر و سوء السمعة في الخارج. يستوي في ذلك ديناصورات التراث و عجزة الحداثة. و كما أن الأُوَل يتخيلون مستقبل العرب كماضيهم في صدر الإسلام، فإن الآخرين يتخيلون مستقبل العرب كماضي أوروبا منذ ثلاثة قرون. كلا الفريقين لا يحسن الانخراط في المناقشات العالمية من أجل تطوير المفاهيم و تجديد العناوين، في عالم يتغير بأدواته و مفاهيمه و قيمه و قواه... و مآل ذلك، الهُزال الوجودي و القُصور العقلي و المأزق الحضاري.

البصمة الفكرية الكشكارية
بكل شفافية، أعتبر نفسي ذاتا حرّة مستقلّة مفكرة  و بالأساس مُنتقِدة، أمارس قناعاتي الفكرية بصورة مركبة، مرنة، منفتحة، متسامحة، عابرة لحواجز الحضارات و الدين و العرق و الجنس و الجنسية و الوطنية و القومية و  الحدود الجغرافية أو الأحزاب و الأيديولوجيات.
على كل مقال سيء، نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.

Mes deux principales devises dans la vie, du moins pour le moment :
-         Mohamed Kochkar : faire avec les conceptions non scientifiques (ou représentations) pour aller contre ces mêmes conceptions et en même temps auto-socio-construire à leurs places des conceptions scientifiques
-         J. P. Sartre : Les idéologies sont liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites

إمضاء جديد و محيّن للـ د. محمد كشكار
مواطن العالَم (أعتذر لكل المواطنين في العالَم غير الغربي على فعله و يفعله بهم حتى الآن، إخوانهم في الإنسانية، المواطنون في العالَم الغربي)، مسلم (أعتذر لكل المواطنين غير المسلمين على ما فعله بهم أجدادي المسلمون)، عربي (أعتذر لكل المواطنين غير العرب على ما فعله بهم أجدادي العرب) تونسي (أعتذر لكل المواطنين التونسيين على ما فعله بهم نظام بورقيبة و نظام بن علي طيلة سنوات الجمر الخمسة و خمسين)، "أبيض- أسود" البشرة (أعتذر لكل المواطنين السود في  العالَم  علىِ ما فعله بهم أجدادي البيض)، يساري غير ماركسي (أعتذر لكل المواطنين غير اليساريين و لليساريين غير الماركسيين في  العالَم  علىِ ما فعله بهم رفاقهم الماركسيون اللينينيون الستالينيون الماويون)، و غير منتم لأي حزب أو أي أيديولوجيا ( أعتذر لكل المواطنين غير المنتمين حزبيا أو أيديولوجيا في العالَم عن كل خطأ ارتكبته في حقهم الحكومة و المعارضة و المتعاطفين معهما.






dimanche 22 décembre 2013

فكرة قرأتها في كتاب: هل الإسلام واحد أو متعدّد و هل المسلمون متماثلون أو مختلفون؟ حلقة عدد 4 من سلسلة علي حرب. نقل دون تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار

فكرة قرأتها في كتاب: هل الإسلام واحد أو متعدّد و هل المسلمون متماثلون أو مختلفون؟ حلقة عدد 4 من سلسلة علي حرب. نقل دون تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار

تاريخ أول إعادة نشر على مدونتي و صفحتي الفيسبوكية: حمام الشط في 7 سبتمبر 2012.

كتاب "ثورات القوة الناعمة في العالم العربي. من المنظومة إلى الشبكة."، علي حرب، الدار العربية للعلوم و النشر، الطبعة الثانية 2012، 240 صفحة.

نص علي حرب
صفحة 208: مأزق الهوية الإسلامية:
من حيث العلاقة مع المختلِف في الداخل، لا يحسن الإسلاميون سوى الإخفاق في ترجمة شعارهم. هنا بيت الداء و مكمن العلّة، إذ الهوية الدينية تتحول إلى مشكلة لأصحابها بالدرجة الأولى، كما يتجسم ذلك في الفتن المذهبية الناشبة بين المسلمين و التي هي أشد فتكا من الحروب بينهم و بين الطوائف الأخرى، و كما تشهد حروب النصوص و الأحاديث و خطب الجوامع النارية التي تأجج الذاكرة و تذكي فتيل الفتنة.

و علة ذلك أن الإسلام لم يعد واحدا، بل لم يكن يوما واحدا، منذ وفاة المؤسس. نحن إزاء عالم إسلامي متعدد المذاهب و المدارس، الفقهية و الكلامية، إلى حد التناقض. و لو أخذنا الفرقتين الرئيسيتين، السنّة و الشيعة، نجد أنفسنا أمام شرخ عميق يكاد يتجاوز كونه خلافا بين اجتهادين أو مذهبين، لكي يتحول إلى خلاف بين ديانتين لكل منهما عالمها و رموزها الخاصة التي هي عندها أوْلى من الأمر الجامع (الله القرآن، النبي). و الدليل هو علاقة النفي المتبادل بينهما، تكفيرا أو تبديعا، إذ كل فرقة تقدس رموزها الخاصة و تجحد ما عند سواها. من هنا، من التبسيط الكلام على وجود أمة إسلامية واحدة.

لنعترف بالحقيقة كي نحسن معالجة المشكلة. فالطوائف الإسلامية، و كذلك المسيحية. كانت تعيش في عوالم منعزلة، و إن متجاورة، بعد الصراعات الطويلة و الحروب الأهلية التي أدت إلى الانشقاق و القطيعة. و إذا كانت هذه الطوائف قد فكت عزلتها و خرجت من قوقعتها، المجتمعية و الفكرية، على سبيل التواصل و التبادل، فبفضل الحداثة بفضاءاتها و قيمها و مؤسساتها التي أتاحت لها التعبير عن معتقداتها و ممارسة طقوسها في الفضاء العمومي.

صفحة 212: أعرف أن المسلمين ليسوا كلهم إسلاميين سلفيين أو أصوليين. فالكثيرون منهم يعيشون زمنهم و ينخرطون في العالم الحديث، بالإفادة من منجزاته أو تبنّي قيمه و نظمه في الحرية و الديمقراطية، أو في الاشتراكية و الليبرالية، أو في التعددية و الشفافية، أو في العولمة و التنمية.

بل إن السلفيين و الأصوليين، تأثروا بمنجزات الغرب و استثمروها، و لو لم  يعترفوا بذلك. و اليوم و بعد اندلاع الثورات التي غيرت المشهد و قلبت الموازين، حدث تغير في مواقف الإسلاميين جعلهم يتخلون عن ثوابتهم و يقبلون بالدولة المدنية و العَلمانية. بالطبع مع تأكيدهم، بنوع من الالتفاف و الخداع، بأن ذلك لا يتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي.

و من هنا نشأ صراع داخل الجماعات الإسلامية بين المحافظين و الإصلاحيين، بين التيار السلفي الذي لا ينتج سوى منظمات تكفيرية، و بين التيار الليبرالي المنفتح على حقائق العصر و قيم الحداثة، و يشبه أن يكون الفرق بين الاثنين كالفرق بين حمادي الجبالي الذي تحدث عن "الخلافة السادسة"، و بين راشد الغنوشي الذي بدا ذا منزع حداثي ليبرالي في موقفه، على نحو يقربه من نموذج مهاتير محمد أو رجب أردوقان، في موقفه من بعض القضايا المتعلقة بالحريات، و خاصة في مجال الاقتصاد. فالإسلاميون هم ليبراليون إلى أقصى الحدود في هذا المجال، و هو الذي يجمعهم مع أميركا و العالم الرأسمالي، كما جمعهم من قبل عداؤهم المشترك للمعسكر الاشتراكي.

البصمة الفكرية م. ع. د. م. ك
بكل شفافية، أعتبر نفسي ذاتا حرة مستقلّة مفكرة  و بالأساس مُنتقِدة، أمارس قناعاتي الفكرية بصورة مركبة، مرنة، منفتحة، متسامحة، عابرة لحواجز الحضارات و الدين و العرق و الجنس و الجنسية و الوطنية و القومية و  الحدود الجغرافية أو الأحزاب و الأيديولوجيات.
على كل مقال سيء، نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.

إمضاء جديد و محيّن م. ع. د. م. ك.
مواطن العالَم (أعتذر لكل المواطنين في العالَم غير الغربي على فعله و يفعله بهم حتى الآن، إخوانهم في الإنسانية، المواطنون في العالَم الغربي)، مسلم (أعتذر لكل المواطنين غير المسلمين على ما فعله بهم أجدادي المسلمون)، عربي (أعتذر لكل المواطنين غير العرب على ما فعله بهم أجدادي العرب) تونسي (أعتذر لكل المواطنين التونسيين على ما فعله بهم نظام بورقيبة و نظام بن علي طيلة سنوات الجمر الخمسة و خمسين)، "أبيض- أسود" البشرة (أعتذر لكل المواطنين السود في  العالَم  علىِ ما فعله بهم أجدادي البيض)، يساري غير ماركسي (أعتذر لكل المواطنين غير اليساريين و لليساريين غير الماركسيين في  العالَم  علىِ ما فعله بهم رفاقهم الماركسيون اللينينيون الستالينيون الماويون)، و غير منتم لأي أيديولوجيا ( أعتذر لكل المواطنين غير المنتمين أيديولوجيا في العالَم لأن الإيديولوجيا كما قال سارتر، حرية عند تشكلها و استبداد عند اكتمالها و تطبيقها Les idéologies sont liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites).






vendredi 20 décembre 2013

فكرة قرأتها في كتاب: يُلاحظ بأن الإسلاميين لا يحسنون سوى الجحود و الإنكار أو الالتفاف و الزيف! حلقة عدد 3 من سلسلة علي حرب. نقل و تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار

فكرة قرأتها في كتاب: يُلاحظ بأن الإسلاميين لا يحسنون سوى الجحود و الإنكار أو الالتفاف و الزيف! حلقة عدد 3 من سلسلة علي حرب. نقل و تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار

تاريخ أول إعادة نشر على مدونتي و صفحتي الفيسبوكية: حمام الشط في 6 سبتمبر 2012.

كتاب "ثورات القوة الناعمة في العالم العربي. من المنظومة إلى الشبكة."، علي حرب، الدار العربية للعلوم و النشر، الطبعة الثانية 2012، 240 صفحة.

نص علي حرب:
صفحة 207: من حيث العلاقة مع الحداثة، يُلاحظ بأن الإسلاميين لا يحسنون سوى الجحود و الإنكار، أو الالتفاف و الزيف. فمن المعلوم أن الغرب، منذ أن اجتاح بلداننا و أيقظنا من سباتنا، هو أستاذنا و مرشدنا و نموذجنا.

تعليق رقم  1 م. ع. د. م. ك: ما سأقوله في الفقرة الموالية بعد النقطتين، هو اعتراف بالجميل لا أكثر و لا أقل، و ليس استلابا أو اغترابا عن وعي، و هو توصيف حالة و ليس حكما عن رضاء تام أو تبجحا منكورا، و أرجو أن لا يعتبره القارئ انبتاتا اختياريا أو هروبا من الانتماء العربي الإسلامي أو تنصلا أو نكرانا لتراثنا الغني بإنجازاته في القرون الوسطى الذهبية بالنسبة إلى الحضارة الإسلامية وإنما هو واقع فرضه الاستعمار بحلوه و مره، بغثه و سمينه: بالنسبة لي أنا شخصيا، كل أساتذتي المباشرين في الثانوي و جل أساتذتي بالجامعة فرنسيين (من بينهم أمريكي واحد و كندي واحد في الثانوي، باستثناء أساتذة العربية و التربية الوطنية بطبيعة الحال)، و مدير ماجستيري و أطروحتي، المختص في تعلمية البيولوجيا، فرنسي أيضا و جل دراستي و ثقافتي و مطالعاتي بالفرنسية -  مُكره و مُستمتع أخاكم لا بطل -  لعلماء و مفكّرين و أدباء فرنسيين و غربيين و حتى العرب من الأدباء الذين قرأتهم درسوا في الغرب و كتبوا بالعربية، و أطروحتي كُتبت باللغة الفرنسية تحت إشراف علمي  مزدوج من جامعة تونسية و جامعة فرنسية، و جل سفراتي العلمية إلى فرنسا كانت بفضل منح مجانية فرنسية. انتهى التعليق رقم 1.

نص علي حرب:
نموذجنا في غير حقل و مجال ليس فقط في العلوم و التقنيات، بل أيضا في مجال الرؤى و المفاهيم كما في مجال النظم و المعايير، و كما تشهد عناوين مشاريعنا و برامجنا و أحزابنا و دولنا: النهضة، التقدم، الجمهورية، الحرية، التنمية، الثورة. حتى الهوية بمعناها الإناسي و الثقافي مصدرها الغرب الحديث. فليتواضع الإسلاميون لكي يعترفوا بما أنجزه الغير.

تعليق رقم 2  م. ع. د. م. ك: فليتواضع الإسلاميون لكي يعترفوا بما أنجزه الغرب العَلماني عندما احتضنهم أثناء  هجرتهم الطوعية أو القسرية و منحهم اللجوء السياسي، و يعترفوا أيضا بما وفّره لهم من كرم الضيافة و فرص التعلّم لإنهاء دراستهم بعد ما لفضتهم دولهم المسلمة في الوقت الذي تنكرت لهم فيه باقي دول العالَم العربي و الإسلامي. فليتواضع الإسلاميون لكي يعترفوا بالمساندة المعنوية و الحقوقية التي قدمها لهم رموز اليسار التونسي  مثل راضية النصراوي، نجيب الشابي و جريدته "الموقف" لسان الحزب الديمقراطي التقدمي اليساري و غيرهم من القوى الديمقراطية و التقدمية مثل المشاركين في حركة 18 أكتوبر  2005 و ما قدموه من مواقف مبدئية مساندة للإسلاميين خلال سنوات الجمر النوفمبرية. انتهى التعليق رقم 2.

نص علي حرب:
فها هم فازوا الآن بالانتخابات بالوسيلة الديمقراطية المستفادة من الحداثة الغربية و ليس بالعودة إلى الخلافة الإسلامية بقواعدها و مؤسساتها.

تعليق رقم 3 م. ع. د. م. ك: فازوا في الانتخابات ديمقراطيا و شعبيا لكن بمساندة مادية محتملة من قطر و مباركة معنوية محتملة أيضا من أمريكا و دول الاتحاد الأوروبي. انتخابات شفافة بالمقاييس الغربية النسبية للشفافية. حلول تُعتبر الأمثل و الأصلح من بين الحلول المتاحة حاليا. انتهى التعليق رقم 3.

نص علي حرب:
و حسنا فعلت وثيقة الأزهر، إذ تحررت من عقدة النقص الموروثة منذ زمن الشيخ محمد عبده، و التي تسوق المسلمين، بدافع ردة الفعل، إلى الالتفاف على الحقيقة، و ذلك بأن يُعْزُوا منجزات الغرب في الحرية و العقل و العلم إلى الإسلام و القرآن. فقد اعترفت الوثيقة بأن الديمقراطية هي "بديل معاصر" للشورى الإسلامية، و لم تقل إن الشورى هي معادل للديمقراطية أو بديل منها، أو لم تقل بأننا مارسنا الديمقراطية قبل الغرب الحديث، كما يعلن من أعمت النرجسية أبصارهم. و معنى الاعتراف أنه لا يمكن إدارة بلد، اليوم، بعدّة الشريعة الإسلامية و العقيدة الدينية.

البصمة الفكرية م. ع. د. م. ك
بكل شفافية، أعتبر نفسي ذاتا حرة مستقلّة مفكرة  و بالأساس مُنتقِدة، أمارس قناعاتي الفكرية بصورة مركبة، مرنة، منفتحة، متسامحة، عابرة لحواجز الحضارات و الدين و العرق و الجنس و الجنسية و الوطنية و القومية و  الحدود الجغرافية أو الأحزاب و الأيديولوجيات.
على كل مقال سيء، نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.
إمضاء مواطن العالََم، تونسي مسلم عَلماني، اشتراكي ديمقراطي غير ماركسي و نموذجي الممكن حاليا مجسم في الدول الأسكندنافية كالنورفاج و فنلندا.




فكرة قرأتها في كتاب: هل يتطابق أو يتناقض السلفيون المعاصرون مع السلف الصالح؟ حلقة عدد 2 من سلسلة علي حرب. نقل دون تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار

فكرة قرأتها في كتاب: هل يتطابق أو يتناقض السلفيون المعاصرون مع السلف الصالح؟ حلقة عدد 2 من سلسلة علي حرب. نقل دون تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار

تاريخ أول إعادة نشر على النت: حمام الشط في 5 سبتمبر 2012.

كتاب "ثورات القوة الناعمة في العالم العربي. من المنظومة إلى الشبكة."، علي حرب، الدار العربية للعلوم و النشر، الطبعة الثانية 2012، 240 صفحة.

نص علي حرب
صفحة 204: من حيث العلاقة مع السلف. فالإسلاميون يدّعون بأنه لا صلاح و لا نهوض إلا بالرجوع إلى السلف و التماهي مع الأصل، أكان آية أم حديثا أم سيرة. و لكن هناك فارق كبير بينهم و بين القدامى. نعم هم يشبهونهم من حيث الرمز و الطقس أو الحرف و الشكل. و لكن ما أبعدهم عنهم من حيث القدرة و المبادرة و الحيوية و الفاعلية. إذ الأُوَل كانوا فاتحين، خلاّقين، مؤسسين، عالِمين، ليبراليين، فيما الخَلَف هم الآن مقلّدون، جاهلون، محافظون، مُدّعون، عاجزون.

هذا وجه للاختلاف، و الوجه الأهم هو أن الإسلام نفسه قد خضع، في عصور ازدهاره، لسلسلة من التحولات، تفسيرا و تأويلا، أو تبديلا و نسخا، بحيث لم يبق على ما هو عليه، و لم يثبت على حال، بل كان يتغير و يتبدل من عصر إلى عصر و من مكان إلى آخر.

يشهد على ذلك الفارق بين إسلام الصحابة و إسلام العلماء في القرون اللاحقة، إذ تقف بينهم طفرات و تحولات أو قطائع صنعتها مجريات الوقائع و صروف الزمن، فضلا عن المصادر و الروافد الآتية من الحضارات السابقة، و التي نهل منها الفكر الإسلامي و استثمرها في منظوماته الكلامية و أنساقه الفقهية، من منطق أرسطو إلى الإشراق الفارسي، و من الروحانية المسيحية إلى مقولة الفناء البوذية.

من هنا فالدعوى الأصولية، دعوى المماهاة و التطابق أو الاستعادة و التطبيق، هي دعوى نسيجها الوهم و الخداع، و مآلها انتهاك الأصول و الثوابت باسم الدفاع عنها. طبعا هناك ثوابت، على الأقل على صعيد النص و الحرف و الرمز، و لكن العلاقة مع الثوابت هي دوما ملتبسة و متحركة، مفتوحة، سلبا أو إيجابا، قد تُترجم تخلفا أو تقدما، فقرا أو غنى، دمارا أو بناء...

صفحة 209: و اليوم، إذ يعود الإسلاميون إلى السلف، كلٌّ إلى فقهه و عقائده، لصناعة الحياة و بناء الدول، فإنها ستكون عودة مرعبة تُستعاد فيها الصراعات و الفتن، بسبب الذاكرات المشحونة و الموتورة، على نحو أشرس، عنفا و إرهابا، أو تمزّقا و تفكّكا. و لا غرابة، فهذا هو مآل كل عقل أصولي و منطق اصطفائي: احتكار الحقيقة، و العمل على استئصال المختلِف و المعارِض رمزيا و سياسيا، أو جسديا و ماديا. هذا ما تعطيه الهوية عندما تُمارس كقوقعة، أو محكمة، أو نزعة نرجسية، أو محمية عنصرية. إنها تتحول إلى داء و عُصاب، أو إلى فخ و مأزق.

إمضاء م. ع. د. م. ك.
بكل شفافية، أعتبر نفسي ذاتا حرة مستقلّة مفكرة  و بالأساس مُنتقِدة، أمارس قناعاتي الفكرية بصورة مركبة، مرنة، منفتحة، متسامحة، عابرة لحواجز الحضارات و الدين و العرق و الجنس و الجنسية و الوطنية و القومية و  الحدود الجغرافية أو الأحزاب و الأيديولوجيات.
على كل مقال سيء، نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.