lundi 16 décembre 2013

حضرت اليوم منبرا حرا مفتوحا بعنوان: "الثورة كما يراها الشباب". مواطن العالَم د. محمد كشكار

حضرت اليوم منبرا حرا مفتوحا بعنوان: "الثورة كما يراها الشباب". مواطن العالَم د. محمد كشكار

المكان: دار الثقافة المغاربية ابن خلدون.
الزمان: يوم السبت 14 ديسمبر 2013 على الساعة الثانية مساء.
الحضور: حوالي ثلاثين نفر، شباب وكهول و شيخ واحد، رجال و نساء سافرات و محجبات. ترأس الجلسة عبدكم الفقير بعد دعوة هاتفية من زميلي و صديقي، الكاتب العام للمنتدى، أستاذ الفلسفة القدير، الهادي بن خليفة. جلس بجانبي على المنصة: الهادي بن خليفة، و صديقي و زميلي الكاتب العام السابق للنقابة الأساسية للتعليم الثانوي بالزهراء أستاذ الرياضيات القدير سامي زواري، ، و عضوة بمنتدى مقابسات، و تلميذة باكلوريا قامت بتوزيع الكلمة على المتدخلين.

1.     برنامج المنبر:
منتدى مقابسات للفكر و التواصل. ضمن محور الثورة و ثقافة الثورة المستدامة، ينظم المنتدى منبرا حرا مفتوحا بعنوان: "الثورة كما يراها الشباب". و ذلك لمناقشة المسائل التالية:
-         تقييم مراحل الثورة و ما آلت إليه.
-         أثر المطلبية على آفاق الثورة. (مسألة لم تأخذ حقها من النقاش من قبل الحضور).
-         استدامة الروح الثورية، كيف تكون؟ (مسألة لم يتطرق لها أحد من الحضور).

2.     التدخلات: اعذروني أيها المتدخلون في المنبر فقد أخلط في نسبة تدخل إلى متدخل  و ليس على المتقاعد حرج، و اعذروني أيضا إن لاحظتم في هذا التقرير شبه الصحفي تقصيرا في نقل تدخلات المتدخلين الآخرين و تركيزا على نقل تدخلاتي الشخصية، و هذا والله ناتج عن انشغالي برئاسة الجلسة مما منعني من تسجيل كل التدخلات كعادتي في جل تقاريري شبه الصحفية للملتقيات و الاجتماعات و الندوات السياسية و الفكرية التي حضرتها قبل و بعد الثورة، وليس ناتجا عن تعصب لأفكاري:

-         افتتح المؤتمر باقتضاب شديد، الأستاذ الهادي بن خليفة مقدما برنامج المنبر ثم أحال الكلمة إليَّ بعد أن قدمني قائلا: لن أقول لكم على اختصاص الدكتور محمد كشكار و سأترك لكم اكتشافه بأنفسكم، هل هو مختص في البيولوجيا أو في الاقتصاد أو في الفلسفة؟

-         قلت: لأول مرة أعتلي المنصة، لا لأحاضر بل لأسمع منكم و أستفيد. لكنني لم أقدر على مسك نفسي من الوقوع في خطأ احتكار الكلمة و لم أوفّق في لجم حماسي المفرط لأفكاري، حماس يتناقض مع التفكير العلمي الموضوعي الرصين و يبدو لي أنني احتكرت جل التعليقات على ما جاد به المتدخلون.

-         أول متدخلة تكلمت بفرنسية سليمة، تلميذة باكلوريا، أنيقة في لباسها و متحررة جدا في أفكارها و لا ترى فيما حدث في تونس في 14 جانفي 2011 ثورة و تحلم بمواصلة دراستها في الخارج بعد الباكلوريا و تلوم على المحاورين في النقاشات العامة طلبهم للبديل من كل مَن انتقد الوضع الراهن و قالت: من أين سآتي بالبديل؟

-         أخذت الكلمة و علقت كالآتي: أوافقها تماما على رفضها لأسلوب التخويف و التخجيل و التعجيز الذي ينتهجه جل المحاورين في النقاش عندما يطلبون من الناقد تقديم بديل لما ينقد. البديل ليس ملكا لأحد و ليس جاهزا حتى يقدمه فرد حتى و لو أراد. البديل يبنى بالحوار و ينبثق من رأيي و رأيك، و لا توجد إيديولوجية أو دين قادر على الإتيان ببديل جاهز إلا الديكتاتورية.

-         خرج شاب متحمس و أكد اختلافه مع المتدخلة الأولى و قال: لو خرج كل مواطن تونسي من بلده للدراسة في الخارج فلمن نبني جامعات تونسية؟ و طالب التونسيين وخاصة الشباب منهم بتحمل مسؤوليتهم و بناء وطنهم عوض الحل الأناني و السهل الذي يتمثل في الهجرة للدراسة أو للعمل. و التحق به جنب المنصة متدخل ثالث يعارضه في الرأي و دار حوار ثانوي بينهما.

-         متدخلة رابعة استنكرت على السياسيين صراعهم على الكراسي.

-         قلت: لماذا تستغربين و الأحزاب بطبيعتها تسعى إلى السلطة و إلا لما سميت أحزابا، و هذا ليس عيبا في حد ذاته بل العيب كل العيب في الوسيلة التي يصلون بها إلى السلطة، الديمقراطية أو الانقلاب.

-         متدخل خامس كرر رأيا مستهلكا: ألوم على المثقفين الاكتفاء بالنقد و التنظير و الجلوس على الربوة.  

-         لم أتمالك نفسي على الرد مباشرة مدافعا بحماس علمي و عاطفي في آن عن النقد و التنظير و الجلوس على الربوة و قلت: النقد مؤسسة قائمة بذاتها و ليست في حاجة للمشاركة في الفعل حتى تؤدي دورها، و أقوى حجة على وجاهة ما أقول و أدعي هو الدور الذي يؤديه علماء الإبستمولوجيا (نقد المعرفة) في تطور العلم دون المشاركة في إجراء التجارب في المخبر مباشرة، و قد قال الفيسلسوف الفرنسي العالِم ثالثي، جان زيغلر: "المثقف لا يجيد فعل شيء على الإطلاق، اللهم، إلا الإنتاج الرمزي، وإنتاج الأفكار و الكلمات. غبر أن هذه الأفكار تحتاج لما يجسدها لكي تصبح موجودة، لكي تصبح قادرة على تغيير الواقع، أي أنها تحتاج لحركات اجتماعية". أما عن ضرورة التنظير في العلوم فحدث و لا حرج فلا وجود لفعل جيد دون نظرية جيدة، و أذكر بالخير منظّري الثورة الفرنسية و مصممي الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، فلاسفة الأنوار، جلهم عاش في بحبوحة في البلاطات الملكية و الإقطاعية وكانوا في عصرهم يصفون الشعب الكريم بالعامة والغوغاء. بقيت التهمة الجاهزة "الجلوس على الربوة" التي يلوكها عادة اليساريون المنتمون و كأنهم هم ثوريون يحملون السلاح ضد النظام، فقد عانيت كثيرا من هذه التهمة الجاهزة المتكلسة التي يوجهها الناشطون السياسيون المنتمون كلما وجهت نقدا لاذعا لسياسة أحزابهم أو انتقدت تصرفا من تصرفات قياداتهم و مرجعياتهم الحية و الميتة، و "الجالس على الربوة" لعلمكم - إن كنتم لا تعلمون - يرى أحسن من الواقف على السفح، و الجلوس على الربوة عند الناقد ليس أمرا هينا و ليس ركونا إلى الحل السهل و إنما هو جهد و تعب ومثابرة على البحث و أنا شخصيا لم أبدأ الكتابة والنقد في الفيسبوك إلا بعد بلوغي الستين من العمر و بعد 37 سنة تدريس متواصل دون انقطاع منهم 8 سنوات تعاون في الجزائر، و بعد أن قضيت 13 عام في التعليم العالي منهم 7 في البحث العلمي متنقلا بين الجامعات الفرنسية و الجامعات التونسية، و 30 عام نشاط نقابي و فكري معارض في عهد بورقيبة وعهد بن علي و مطالعة مئات الكتب في جل الاختصاصات.

-         متدخل سادس قال: إنها مؤامرة حيكت من الخارج، و كلما حاولنا النهوض إلا و منعنا العدو.

-         قلت: يبدو لي أن نظرية المؤامرة بالمعنى الكلاسيكي للكلمة قد سقطت و بادت و تلاشت من القاموس السياسي، لأننا لم نعد نستطيع أن نميز ميكانيكيا بين العوامل الداخلية و العوامل الخارجية لكثرة تشابك متغيراتها و تنوعها. و الدليل ما حصل في الجزائر و ما يحصل اليوم في الصومال و العراق و سوريا حيث المسلم العربي يقتل أخاه المسلم العربي و أخاه المسيحي العربي و لا زلنا نبرر فشلنا وخيبتنا بالقول إنها مؤامرة مبيتة من الخارج و كأن الداخل سليم مائة بالمائة.

-         متدخلة سابعة استنجدت بما حدث أثناء و بعد قيام الثورة الفرنسية من قتل وتشريد و تأخر في تحقيق أهداف الثورة، حتى تخفف من النقد الموجه للثورة التونسية.

-         قلت: و هل قدَرُنا أن نمر بما مرت به الثورة الفرنسية من دم و محن و خاصة أن ثورتنا فريدة من نوعها في التاريخ، و لنا في العصر الحديث أمثلة على أمم نهضت في عشريتين مثل كوريا الجنوبية بعدما استثمرت كل طاقاتها في التعليم والتكوين.

-         متدخل ثامن اشتكى من عدم تحقيق العدالة الاجتماعية بعد الثورة و قال أن الثورة لم تأت بأي نتيجة تذكر.

-         قلت: أتت بأعظم ما يشتهيه الإنسان المعاصر ألا وهي الحرية، الحرية التي افتقدناها تحت تسلط الأنظمة الشيوعية و الأنظمة الإسلامية. أريد أن ألفت نظركم إلى صعوبة الاختيار  بين نموذجين من النمو و سأطرح عليكم أمثلة مقارنة للتفكير فيها بين مَن اختار البدء بتحقيق الديمقراطية السياسية و الحرية، كالزعيم نهرو في الهند و الزعيم مانديلا في جنوب إفريقيا، و مَن اختار الشروع في تحقيق العدالة الاجتماعية و الإصلاح الزراعي مثل عبد الناصر في مصر و موجابي في زنبابوي (روديسيا الجنوبية سابقا). أين مصر الآن من الهند و أين زنبابوي من جنوب إفريقيا في الديمقراطية و التقدم العلمي و الاكتفاء الذاتي و الحريات الفردية؟   طبعا انتصر نسبيا نهرو و مانديلا و فشل نسبيا عبد الناصر و موجابي. أريد أن ألفت نظركم أيضا إلى صعوبة الاختيار  بين نموذجين من الديمقراطية و سأطرح عليكم أمثلة مقارنة للتفكير فيها بين الديمقراطية التمثيلية لمونتسكيو و هوبس (انتخاب برلمان تمثيلي) و الديمقراطية المباشرة لروسو (حملة "ديقاج"، ارحل و الإعتصامات و إضرابات الجوع و القصبة 1 و 2 و مظاهرة 14 جانفي 2011 أمام وزارة الداخلية بشارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة) و نحن اليوم و بعد مرور ثلاث سنوات على الثورة ما زلنا نراوح بين النموذجين و لم نحسم أمرنا رغم وجود مجلس تأسيسي منتخب.

-         و قلت: لم أر أسفه من المواطن التونسي في تبديد قواه بعد الثورة و الأمثلة متعددة و على سبيل الذكر لا الحصر: تعطيل استغلال الفسفاط بغض النظر عن المسؤول عن تعطله، 5 في المائة فقط من موظفينا يقومون بواجبهم على أحسن ما يرام رغم أن الدولة تصرف ثلث ميزانيتها لدفع أجور الكسالى عديمي الضمير، تخريج 80 ألف جامعي مجاز سنويا و الرمي بهم في العطالة لمدة سنوات و انقطاع 100 ألف تلميذ مبكرا عن التعليم و رجوع جلهم إلى الأمية الكاملة رغم أن الدولة تصرف أكبر ميزانية في التعليم.

-         أنهيت تدخلاتي بطرح موضوع لم يتطرق إليه أي متدخل و هو موضوع المنظمات العالمية الأجنبية الناشطة في الحقل الثقافي و السياسي التونسي و حاولت أن أطرح الإشكالية دون تقديم الإجابة. منظمات و جمعيات يمولها الاتحاد الأوروبي و الخليج، هل تخدم لوجه الله؟ لا طبعا! إذن ما هو هدفها البعيد من صرف ملايين الدنانير على الملتقيات و الندوات و الورشات التدريبية؟ و الغريب أن جل المحاضرين في هذه الندوات في تونس هم مثقفون تونسيون يحاضرون في غير اختصاصهم. و قد صادف و أن عَرض عليّ صديق القيام بمحاضرة حول المواطنة بأجر يساوي ألف دينار للمحاضرة الواحدة، و رغم احتياجي للمال لضعف الأجر، رفضت قائلا أنني لا و لن أحاضر إلا في اختصاصي الضيق جدا و هو علوم التربية فرع تعلمية البيولوجيا.

إمضاء م. ع. د. م. ك:
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.

تاريخ أول نشر على النت: الأحد 15 ديسمبر 2013.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire