vendredi 6 décembre 2013

ما من طاعة إلا و وراءها معصية! نقل دون تعليق مواطن العالم د. محمد كشكار

ما من طاعة إلا و وراءها معصية! نقل دون تعليق مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 10 ماي 2012.

كتاب "خطاب الهوية. سيرة فكرية" لعلي حرب، الطبعة الأولى 1996، دار الكنوز الأدبية، بيروت لبنان، 176 صفحة.

نص علي حرب:
صفحة 105:
و تحقق له عندئذ أن ما ينفيه الإنسان من نفسه يبقى فيها و لا يفارقها. و رأى أن في داخل كل واحد يقيم جاحد و ضال و فاجر. و الجحود و الضلالة و الفجور على اتصال وثيق بالإيمان و الهداية و التقى. فهي ليست أضدادها بل وجوهها الباطنة و هيئاتها الخبيثة. ذلك أن الضد من شأنه إذا وجد أن يفسد ضده. و الحال فإن التقى لا قوام له من دون الفجور، فالإنسان إنما يتقي ربه من نفسه، أي مما ينبعث فيها من ميل إلى الكفر و العصيان، و مما تُوسوس به و تُحدّث. و لو انعدم الفجور لما وجد التقى. إذ ما هو الشيء الذي ينبغي للمرء أن يتقي ربه منه، بل نفسه، فيحميها من خطرها، إن لم يكن فجوره، أي انفجار مكبوته و انبساط باطنه. و إذا كان التقى، بما هو هيئة فاضلة للنفس، يبدو و كأنه نقيض الفجور، بما هو نقص و رذيلة، فإن التقى لا يزيل الفجور بل يخفيه و يستره، أو يلجمه و يكبله. فالفجور من الانفجار كما في الوضع اللغوي. و عليه فالتقوى لجام يضبط به الإنسان فجوره و لباس يواري به معصيته. و لهذا، قال الحلاج: ما من طاعة إلا و وراءها معصية... فبالتقى يتقي الإنسان في ظاهره ما في باطنه. فهو تقوى من جهة، أي خوف و خشية، و هو وقاية من جهة ثانية، أي حماية وستر. و عند ذلك أيقن مما كان قد افترضه، أي القول بأن الإنسان ليس إلا هذا التستر على عوراته و عيوبه.

هكذا، اتضح  له أن الإنسان يبدل أقنعة و يتبدل بين أزمنته، فيتقلب بين الظاهر و الباطن و يتأرجح بين الأول و الآخر و يتردد بين المكشوف و المحجوب. و خلص من ذلك إلى القول بأن مَن نتهمهم بالضلالة و الشرك و الفجور هم الوجه الآخر لنا، و أن اختلافنا عن الغير هو في الحقيقة اختلافنا عن أنفسنا، فما نكرهه فيه كامن فينا، و ما يعجبنا من أنفسنا قابع فيه. فهو بعضنا و نحن بعض منه. و هو شطرنا الإنساني. إنه ما كنّاه أو كان يمكن أن نكونه أو ما قد نكونه. و ما وصفناه بوصف إلا كنّا ذلك الوصف.

الإمضاء
كل ما يُقال لك نصف الحقيقة، فابحث عن النصف الآخر بنفسك.
على كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري، و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.
أقرأ و أكتب و أنقل و أنشر للمتعة الفكرية و للمتعة الفكرية فقط، لا أكثر و لا أقل، و لكن يسرّني جدا أن تحصل متعة القراءة أيضا لدى قرّائي الكرام و السلام.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire