قد يُخفي التوحيد شركا و الإلحاد
إيمانا! نقل دون تعليق مواطن العالم د. محمد كشكار
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 8 ماي
2012.
كتاب "خطاب الهوية. سيرة
فكرية" لعلي حرب، الطبعة الأولى 1996، دار الكنوز الأدبية، بيروت لبنان، 176
صفحة.
نص علي حرب:
صفحة 97:
و لا تزال هذه المدنية
(الغربية) على ما تتكشف عنه اليوم من انهيار و فساد، تُبهر الإنسان بمعالمها و
منجزاتها، بمبتكراتها و أساليبها. و الحق أن هذه المدنية و إن عنت عند قيامها
"انسحاب الآلهة" من على مسرح الوعي و الفكر، فإنها كانت تنفيه من وجه
لتبقي عليه من وجه آخر. فقد توارى الله عند أولئك القوم في أحديته و ملكوته ليبقى
حاضرا في عالم الشهادة، أي في أسمائه و صفاته و في نسبه و تجلياته. و هو تجلى
عندهم في نزوع الإنسان إلى النظام و الترتيب إذ الله هو ناموس الكون، و في نظافة
المدينة و جمالها إذ الله هو الجمال. و تجلى في تفتح العقل و ازدهار العلم، إذ
العلم صفة من صفاته. و تجلى في البحث عن الحق، و الله هو الحق. و بالإجمال، إنه
تجلى في وقوف الإنسان عند حده و معرفته أن حده حيث يكون غيره. و الله حد بين
الإنسان و غيره، بل بينه و بين نفسه. و هذه الوجوه و التجليات قد جسدتها المدنية
الغربية في مبتداها و ذروتها مقدارا من التجسيد. و هكذا كان الإيمان يتوارى خلف
الجحود و الإنكار.
صفحة 100:
ففي الحالة الأولى أي حال
أمته، كان التوحد الوجه الآخر للشرك و الجحود و التفرقة. و في الحالة الثانية، أي
حالة الغرب، كان الجحود الوجه الآخر للتقى و الوحدة. و عند ذلك تبين له خطل الرأي
الذي لا يرى من الإنسان إلا وجها واحدا بعينه أو هيئة مخصوصة بالذات.
و ها هو يعاني مع أبناء بلده
(لبنان) و ملته (الشيعة) و سائر الملل و المذاهب (سنّة و دروز و مسيحيين و
أرمينيين) التي تحيا على أرض وطنه، يعاني من آثار الوثنية التي مثلت و تمثل الوجه
الخفي للإيمان و التوحيد. إنه يرى شركا و جحودا فيما وراء التوحيد، و يرى جاهلية
جهلاء فيما وراء الشريعة السمحاء: تنابذا و فرقة و اقتتالا و أزلاما و أنصابا و
آلهة تمشي على الأرض. فالناس في بلده لا يكفون عن اتخاذ أهوائهم و أموالهم و
رؤسائهم آلهة من دون الله. و كأن الإنسان مفطور على الصنمية، مطبوع على الوثنية،
يحطم وثنا لكي يصنع آخر، و يخلع نصبا لكي يقيم آخر.
الإمضاء
على كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري، و
على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.
أكتب و أنقل و أنشر للمتعة الفكرية و
للمتعة الفكرية فقط، لا أكثر و لا أقل، و لكن يسرّني جدا أن تحصل متعة القراءة
أيضا لدى قرّائي الكرام و السلام.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire