samedi 30 avril 2022

سبعة اقتراحات قد تردّ الاعتبار لمدرستنا العمومية

 

1.    أدعو إلى تصالح النخبة التونسبة المغرّبة مع الهُوية الأمازيغية-العربية-الإسلامية والاعتزاز بحضارة أهلهم الأصلية 

(transformer l’élite occidentalisée en élite indigénisée

 وما نهضت الدول الآسيوية إلا بالتصالح مع ثقافتها المحلية (ماليزيا، أندونيسيا، سنغفورة، إلخ.)

2.    أدعو إلى إنشاء "مَلفّ متابعة النمو الذهني للتلميذ" خلال مسيرته الدراسية (Cursus scolaire)، مَلفٌّ مفقودٌ اليوم في جميع مؤسساتنا التربوية الإعدادية والثانوية، لكنه مقترحٌ في مشروع الإصلاح التربوي.

3.    أدعو إلى إعادة الاعتبار للتجارب العلمية أو المحاكاة بواسطة الحاسوب التي يقومُ بها التلامذة وليس المدرّس داخل القسم 

(Les travaux Pratiques en classe, la simulation ou l`EXAO : l’EXpérimentation Assistée par Ordinateur).

4.    أدعو إلى إعادة الاعتبار للتعليم المهني مثلما تفعل ألمانيا حيث يُوَجَّه 70% من مجموع التلامذة إلى المعاهد المهنية بعد مرحلة التعليم الأساسي التي تدوم 10 سنوات.

5.    أدعو إلى إعادة الاعتبار للعلاقة الودّية بين المدرّس وتلميذه: يصعب على أي تلميذٍ أن يتعلم من مدرّس لا يحبه ولا يحترمه، لذلك يجب أن نُحْيِي القِيَمَ التاليةَ:

-         إرساء علاقة واضحة، مباشرة ودون أقنعة بين المدرّس وتلميذه.

-         يجب احترام الذات المستقلة للتلميذ من قِبل المدرّس.

-         يجب تَجنُّب تسليط  الأحكام المسبقة على التلميذ.

-         يجب السماح له بالتعبير على وجهة نظره في أي موضوع يُطرح داخل قاعة الدرس حتى ولو كانت وجهة نظره خاطئة فالخطأ هو محرّكُ القسمِ.

« L’enfant est une personne entière en devenir et non un adulte en miniature »

-         يجب على المدرّس أن يتموضع أحيانًا مكان التلميذ حتى يتمكن من معرفة حاجاته وتحديد قدراته.

-         لكن في الوقت نفسه يجب أن لا ننسى أن الطفل يحتاج إلى سلطة البالغ الراشد، وأي تقصير في دور هذا البالغ يُعتبَر إهمالٌ للطفل. حزمٌ دون صلابةٍ.

« L’absence d’autorité chez les enfants est une forme de maltraitance » Philippe Perrenoud

-         حديث: "عَلِّمُوا الأطفالَ وهم يلعبون".

-         فوكو: "يجب جعل المعرفة لطيفة، سارّة وممتعة. لا أفهم لماذا تصرّ مجتمعاتنا على جعلها حزينة، متعبة ومُقرِفة".

-         روسّو: "رغّبوا الطفل في التعلّم وسترون أن كل الطرق ناجعة ومجدية".

« Apprenez à l’élève le désir d’apprendre et toute méthode sera bonne » J-J Rousseau

-         فيزيولوجيا المخ: تَوْلِيدُ المتعةِ لدى التلميذِ في القسمِ تحثّ مخَّه على إفرازِ هرموناتٍ قد تُحفّزهُ على تقبّلِ التدريبِ والتعلمِ بصفةٍ أنجعَ وأسرعَ.

6.    أدعو إلى إعادة الاعتبار لتنمية مَلكة الحفظ لدى الصغار:  تحفيظ القرآن للأطفال في الكُتّاب دون تفسير أو الشعر الفصيح دون شرح هو بمثابة حمام لغوي، يستوعب فيه الطفلُ التراكيبَ الجميلةَ والنطقَ السليمَ في مرحلة الاستيعاب ولو دون فهم (بين 3 و6 سنوات)، زادٌ لغويٌّ ثمينٌ قد يُعِينُه على الفهمِ في مرحلة الاستيعابِ والفهمِ في آن (بعد 6 سنوات).

7.    أدعو إلى احترام القِيمة الاعتبارية للمدرّس داخل المدرسة وخارجها، وذلك من أجل مصلحة التلميذ قبل مصلحة المدرّس.

 


vendredi 29 avril 2022

هل الأخلاقُ هي معرفةً نَدرسُها في القسم أم هي فِعلٌ نمارسُه في المجتمع ؟

 

نحن نُدرّسُ في مدارسنا التربية المدنية والتربية الإسلامية ساعتين كل أسبوع (معرفة-Connaissance) ونُدرّسُ في جوامعنا التربية القرآنية تلاوةً وخطابًا يوم الجمعة، خطبةٌ نكررها 52 مرة في العام ( وعظ وإرشاد-Morale moralisante ). فهل نحن -العربُ المسلمون- مدنيون ومهذبون في سلوكنا اليومي في الشارع والمقهى والعمل أم نحن كالحمار يحمل أسفارًا ؟

كيف يعلّمون الأخلاقَ في التعليم الثانوي في كندا، الدولة العَلمانية متعددة الأعراق والقوميات والأديان ؟

يُطالَبُ التلميذ الكندي في الثانوي (ثلاث سنوات) بإنجاز أربعين ساعة عمل تطوعي ودون إنجازها لن يحصل على شهادة الباكلوريا مهما ارتفعَ معدّلُه. أسوقُ لكم مثالاً روته لي ابنتي عبير المقيمةُ في كندا: يتطوع التلامذة الكنديون (من مختلف الأديان) لخدمة المسلمين الكنديين خلال عشاءٍ جماعيٍّ ينظمه المسلمون احتفالاً بقدومِ العيدِ الصغيرِ أو العيدِ الكبيرِ: فعلٌ أخلاقيٌّ ناجعٌ (Une action) وليس درسًا نظريًّا عقيمًا (Une connaissance). لو طبّقنا في تونس ما تفعله كندا لَجنينا طاقةً قادرةً على تَحريكِ الكُثبانِ وزعزعةِ الجبالِ !

 

"فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ" (قرآن) والمقصود هنا بالعمل –حسب اعتقادي- هو فعلُ الخير (Action morale) وليس الشغل في مهنة (Travail) ونحن والحمد لله الذي لا يُحمدُ على مكروهٍ سواه لم نفلِحْ اليوم في العمل من النوع الأول ولا الثاني. أخلاقُنا في الكتب عاليةٌ جدًّا جدًّا (أمانةٌ، صدقٌ، ضميرٌ مهنيٌّ، تكافلٌ، تسامحٌ، إلخ.)، أما في الواقع فهي هابطةٌ جدًّا جدًّا (خيانةٌ، كذبٌ، تكاسلٌ مهنيٌّ، أنانيةٌ، تعصّبٌ، إلخ.)، والمعارفُ لا تغيِّرُ القِيمَ كما قالت الديداكتيك اختصاصي

(Les connaissances ne changent pas les valeurs, sujet de ma thèse de doctorat, UCBLyon1, 2007)

قالها الفاروق منذ 14 قرنًا ولم نتفكرها: "انصحوا الناس بصمت". قالوا: "كيف يا عمر ؟". قال: "بأخلاقكم (أي بسلوككم)".

لو عمِلنا بهذه النصيحة فقط لَقطعنا نهائيًّا مع الوعظِ السكولاستيكِي لـتُجار الدين واستغنينا عن إرشادِهم العقيمِ.


Conclusion: Interaction entre la théorie et la pratique.

 


ثلاثة إجراءات ضد السائد قد تساهم في إصلاح المنظومة التربوية التونسية

 

 

مقدمة ديونتولوجية:

أقدّم اعتذاري مسبقَا للسادة المتفقدين والقيمين وتلامذة النموذجي إذا تراءى لهم أن فكرتي أسفله قد تمسّ من كرامتهم دون قصدٍ مني والله: أنا أحترم الأشخاص ولي في الأسلاك الثلاثة أصدقاء محترمين حميمين أعزاء (متفقدين وقيمين وخرّيجي نموذجي)، لكنني أخالفهم في الأفكار، فرجاء ردّوا بالمثل، وبما أن ناقدَكم أستاذٌ، تستطيعوا أن تقولوا مثلاً: "نطالب بإلغاء سلك الأساتذة المباشرين وتعويضهم بأساتذة افتراضيين". لَمْ ولن أتعرّض لأشخاصكم، أرجوكم في المقابل أن لا تتعرّضوا لشخصي المتواضع وشكري أقدّمه مسبقًا لكم على تفهّمِكم المأمولِ.

 

ملاحظة مهمه:

مناقشة المسائل الفكرية لا علاقة لها بحب أو كره الأشخاص، فمثلا: فنلندا، أفضل نظام تربوي في العالَم، لا يوجد فيها سلك التفقد البيداغوجي. فهل هذا يعني أنهم يكرهون المتفقدين ؟ أمريكا، لا يوجد فيها سلك القيمين (في فترات الراحة -Récréations، يُكلَّف بعض الأساتذة بتأطير التلامذة كما يفعل المعلمون اليوم في كل مدارسنا الابتدائية). فهل هذا يعني أنهم يكرهون القيمين ؟

 

1.    أطالب بإلغاء تدريجي لمؤسسة التفقد البيداغوجي:

أطالب بالكَفُّ عن انتداب متفقدين جُدُدٍ وتَرْكِ المنتدَبين يكملون مهامهم بسلام. أطالب بإغلاق المركز الوطني لتكوين المكوّنين في التربية (CENAFFE Carthage) بسبب هشاشة التكوين الذي يُقدّم فيه (عام واحد فقط غير كافٍ) وأطالب بفتح كلية تربية مكانه. كلية يمر منها إجباريًّا المعلم وأستاذ الثانوي وأستاذ الجامعة والمدير والناظر والقيم العام. لا يدخلها إلا الحاصل على إجازة فما فوق.

لا أعمّم فقد يكون في سلك السادة المتفقدين أناس أكفّاء وهم قلة قليلة. لا يوجد تفقد في جميع جامعات العالَم، فهل المعلم وأستاذ الثانوي أقل يقظةً وضميرًا من أستاذ الجامعة حتى نراقبه دوريًّا ؟

 

2.    أطالب بإلغاء تدريجي لمؤسسة القيمين في الإعداديات والمعاهد:

أطالب بالكَفُّ عن انتداب قيمين جدد وتَرْكِ المنتدَبين يكملون مهامهم بسلام. يَسَمّونهم رسميًّا مأطرين بيداغوجيين ! لا أدري أين تكوّنوا في علوم التربية وهل هم فعلاً يأطرون التلامذة بيداغوجيًّا ؟

 

3.    أطالب بإلغاء تدريجي للإعداديات والمعاهد النموذجية:

Le philosophe et généticien Albert Jacquard a dit : « on ne peut pas catégoriser l’intelligence ».

يبدو لي أنه قد يكون من الأفضل أن لا نفصل بين التلامذة المجتهدين (لم أقُلْ الأذكَى) عن زملائهم غير المجتهدين (لم أقُلْ الأقل ذكاءً)، لأن التلامذة يتعلمون من بعضهم البعض و"القرينُ للقرين ألقنُ". الدولة أنشأتْ هذه المؤسسات طمعًا في تخريج نخبة جيدة تنفع البلاد: أولا، الطفل ليس حصانَ سباقٍ نَحقِنه بالمنشطات (Dopage)، أضِفْ إلى ذلك أن النتيجة المُثلَى المرجوة من تكوينهم ليست أوتوماتيكية ولا مضمونة كما تزعم المدرسة السلوكية (Je dis non au béhaviorisme pur et dur). ثانيًا، لاحِظْ أن أكثر خرّيجي هذه المؤسسات يهاجرون طمعًا في المال فأصبحنا وكأننا نكوّن نُخَبًا لغيرنا ودون مقابلٍ.

 

 

 

jeudi 28 avril 2022

تذكير ببعض المقترحات لعلاج بعض النقائص التي أصابت المنظومة التربوية التونسية ؟

 

نقيصة عدد 1: تعليمنا يحث على الأنانية والسباق والتنافس وتصنيف التلامذة إلى ذكي، متوسط وضعيف، مما قد ينجرّ عنه نفور وإحباط وهروب وفشل ثم انقطاع (مائة ألف منقطع سنويًّا لأسباب متعددة). للأسف، مدرستنا تساهم في تكاثر الفاشلين مقابل حفنة من الناجحين.

مقترح عدد 1: نطمح إلى إرساءِ تعليمٍ يحث على التضامن والتكافل والتعاون وينبذ الأنانية والسباق والتنافس ويتخلى نهائيًّا عن التصنيف الغبي لتلامذتنا وكلهم تقريبًا أذكياء لو وجدوا أمامهم مربين أذكياء. كل تلميذ ذكي في مجاله وحسب محيطه واستعداداته وميولاته. المربي الذكي هو المربي الذي يكتشف الذكاء المحتمل والوشيك لدى تلامذته (ZPD : Zone Proximale du Développement mental)، ولا يكتفي بما هو ظاهر وجلي (QI: Quotient Intellectuel). تعليمٌ يطمح لمساعدة الأغلبية لبلوغ الوسط 

(Aristote: La vertu est le juste milieu entre deux vices).

 الذكاء لا يُصنّف (Albert Jacquard). الذكاء يُصنع ويُنمَّى ويُطوّر  في تفاعلِ مستمر بين الموروث والمكتسب (Épigenèse et plasticité cérébrales).


نقيصة عدد 2: تعليمنا يرعى نوعًا واحدًا من الذكاء (الذكاء المنطقي بشقيه الرياضي واللغوي والمرتبط بالمادة الشخمة فقط - Le logos: parole, discours, raison, relation) ويهمل الأنواع الأخرى مثل الذكاء المرتبط بباقي أعضاء الجسم مثل الحِرف والفنون. لستُ عدميًّا ولا سوداويًّا حتى أقول أن مدرستنا لم تنتج شيئًا لكنها أنتجت القليل: تركيز منظومتنا التربوية على الذكاء المنطقي مكّن تلامذتنا المهاجرين من منافسة زملائهم الغربيين بل جعلهم يتفوّقون عليهم في عقر دارهم، أحييهم بالمناسبة ولي فيهم أبناء كثيرون.

مقترح عدد 2: نطمح إلى إرساءِ تعليمٍ يعطي مجالا لصقل الاستعدادات المنبثقة من ميولات التلميذ نفسه ولا يقمعها (الفنون بكل أنواعها، الرياضة، التعبير الجسماني بكل فروعه، الأعمال اليدوية، إلخ.).

 

نقيصة عدد 3: مدرستنا لم تعد مصعدًا اجتماعيًّا، مصعدًا يرتقي بواسطته المواطن من مستوى اجتماعي إلى مستوى أفضل بل أصبحت تؤبد الطبقية: أبناء الأغنياء والمتوسطين (محامون، أطباء، أساتذة جامعيون وبعض مقاولي الدروس الخصوصية من مدرسي الثانوي والابتدائي) يُمَكَّنون من مواصلة تعليمهم في أفضل المدارس والجامعات الخاصة في الداخل والخارج، وعند تخرجهم يرِثون مناصب آبائهم ويبقى ابن الفقير خارج الدائرة بسبب فقره لا بسبب تقاعسه.

مقترح عدد 3: يجب إحياءُ قيم المدرسة العمومية الجمهورية المتمثلة أساسًا في تكافئ الفرص دون تمييز طبقي والتي تمكّن كل تلميذ دون تمييز اجتماعي من النجاح عن جدارة دون ترقيات آلية (Méritocratie de l`école publique républicaine).

 

نقيصة عدد 4: نظامنا التقييمي الحالي (الامتحانات) نظامٌ صادمٌ ومحبِطٌ للتلميذ ومُشِلٌّ لذكائه المحتمل (Ses capacités intellectuelles potentielles). جل مدرسينا (ابتدائي، ثانوي وعالٍ) لم يتلقوا أي تكوين أكاديميّ في علم التقييم قبل مباشرة التدريس ما عدى بعض التربصات التي لا تُغني ولا تسمن.

مقترح عدد 4: يجب التقليل من التقييم الجزائي والإشهادي (أعداد وترتيب وترقيات) والإكثار من التقييم التكويني المشجع والمفجّر للطاقات الكامنة لدى التلميذ المصَنّف حاليًّا متوسطا أو ضعيفا والتي عجز نظام التقييم الحالي عن الغوص في بحورها واستخراج دُرَرِها.

 

نقيصة عدد 5: هرمُ منظومتنا التربوية هرمٌ مقلوبٌ على رأسه: تُخصص الدولة ميزانية أكبر للثانوي فالإعدادي ثم يأتي الابتدائي في آخر اهتماماتها اللوجستية، وتنتدب لتدريس تلاميذ الثانوي مدرسين ذوي كفاءات وشهائد أعلى من مدرّسي الابتدائي ولو عكستْ لأصابتْ.

مقترح عدد 5: يجب إعادة الهرم إلى وضعه الطبيعي: أكرر وأعيد، لو عكستْ الدولة لأصابتْ أي لو خصصت ميزانية أكبر للابتدائي ثم الإعدادي ثم الثانوي، ولو انتدبت مدرسين ذوي كفاءات وشهائد أعلى للتدريس في الابتدائي لتحسّنت أوتوماتيكيًّا وحتميًّا نتائج الإعدادي والثانوي والعالي أيضًا.

 

نقيصة عدد 6: مدرستنا تفتقد لوسائل الترغيب: الجمال غائبٌ، بابها حديد يعلوه الصدأ، جدرانها غير مطلية، حديقتها مفقودة أو مهملة، طاولاتها وكراسيها مضرّة بصحة الظهر، وِحدتُها الصحية غير صحية، مدرسة خالية من النوادي الثقافية أو عامرة بالمزيفة منها (على الورق فقط)، مدرسة لا أكل ولا شرب صحّيين فيها، لا بشاشة، لا استقبال طيب ولا حتى ابتسامة أو كلمة طيبة صَدَقَة.

مقترح عدد 6: يجب إعادة الاعتبار لقيمة الجمال (Le beau) في المدرسة بتحسين الموجود بالحوكمة الرشيدة (La bonne gouvernance) وبأقل التكاليف المادية عن طريق تحسيس التلامذة والأولياء، مثلا: خلال فترتَيْ الراحة في العاشرة والرابعة،  نستدعي مهرّجًا محترفًا ونوزع في فترات الراحة لمجة شكلاطة وخبز، حركتان بسيطتان  كفيلتان بإدخال الفرحة والبهجة في قلوب صغارنا وبطونهم.

 

نقيصة عدد 7: مدرستنا انتشرت فيها ظاهرة الغِش وتفشّت في الامتحانات في كل المواد وفي كل المستويات. العلاج الحالي هو علاج بافلوفي تأديبي يتمثل في إسناد صفر أو الرفت خمسة عشر يومًا.

مقترح عدد 7: يجب اعتماد حلول علمية لهذه الظاهرة: التنقيص من عدد التلامذة في القاعة يوم الامتحان وذلك بتقسيم القسم إلى مجموعتين مثلما نفعل في الباكلوريا. يجب إجراء تمرين مسبق للتلامذة في كل المستويات عن طريق امتحانات تكوينية بيضاء دون عقوبة أو جزاء كالباكلوريا البيضاء. يجب تشجيع التلامذة على العمل الجماعي. يجب تكليفهم ببحوث ميدانية فعلية غير افتراضية داخل فرق اختيارية ومجازاتهم بأعداد تحفيزية تُحتسب في المعدل، إلخ.

 

نقيصة عدد 8: وزارتنا للتربية أغلقت جل مدارس ترشيح المعلمين والأساتذة وأصبحت تنتدب مدرسين لم يدرسوا بتاتًا علوم التربية (البيداغوجيا، الديداكتيك، علم النفس التربوي، تقنيات التواصل-Les TICE).

مقترح عدد 8: يجب إعادة فتح جميع مدارس ترشيح المعلمين والأساتذة وفتح أخرى جديدة.

 

نقيصة عدد 9: برامجنا التعليمية برامجَ مكثفة تُثقل كاهل التلميذ ولا تستجيب لاهتماماته ولا تواكب عصر الصورة والأنترنات.

مقترح عدد 9: يجب التخفيف من المحتوى المعرفي في البرامج. يجب تدريس تقنيات معالجة الصورة (Le traitement d`images) والأخذ في الاعتبار الجانب السلوكي الأخلاقي القيمي - La morale  est un comportement, non une connaissance  (يجب تدريب التلامذة على أهمية التطوع ونكران الذات في سبيل خدمة الغير).

 

نقيصة عدد 10: تعليمنا يعاني من معضلة الدروس الخصوصية خارج المدرسة. وُلِدت مشكلة، تفاقمت، فأصبحت  معضلة (المشكلة لها حل، أما المعضلة فلا حل لها في الأفق).

مقترح عدد 10: لو عالجنا الأمراض التسعة المشخصة أعلاه لانقرضت الدروس الخصوصية ولاح الفجر بعد ليلٍ بَهيم.

 

نقيصة عدد 11: تدهور مستوى تلامذتنا في اللغات، العربية والفرنسية والأنـﭬليزية.

مقترح عدد 11: أقترحُ تدريس الترجمة كمادة مستقلة من قِبل أساتذة مختصين في الترجمة وليس تدريسها من قِبل أساتذة العربية كما هو معمول به اليوم.

نقيصة عدد 12: عدم إلمام التلامذة بأبدجيات الوقاية من الأمراض التي يتعرّضون لها.

مقترح عدد 12: تدريس الطب الوقائي كمادة مستقلة من قِبل أطباء مختصين في الطب الوقائي وليس تدريسها من قِبل أساتذة علوم الحياة والأرض كما هو معمول به اليوم.

 

نقيصة عدد 13: نلاحظ بعض النفور من المدرسة لدى صغارنا.

مقترح عدد 13: أطالبُ بتأنيث كامل إطار التدريس في الإبتدائي لأن الرجلَ غير مهيئ جينيًّا لتربية الأطفال. الانتقاء الطبيعي (داروين) هيّأ المرأة لإرضاع الأطفال ورعايتهم وتربيتهم، أما الرجل فقد هيأه لمهام أخرى أخشنَ.

Ma source d’inspiration  pour la proposition 13: Génétique du péché originel. Le poids du passé sur l`avenir de la vie. Christian de Duve (Prix Nobel de médecine 1974, biologiste-moraliste), Editions Poches Odile Jacob, Paris, 2017, 240 pages.

 

خاتمة: كل إصلاحٍ تربويٍّ لا يستفيد منه التلامذة الذين تعترضهم صعوبات تعلميّة، لا يُعدُّ إصلاحًا بل يُعتبَرُ قبرًا لطموحات أولاد الفقراء وهم الأغلبية الساحقة في مجتمعنا التونسي !


فكرة حول تعليم الستينات والسبعينات من القرن العشرين

 

 

عندما طالبتُ بتطبيق النموذج التعليمي الفنلندي الحالي (النموذج المجاني الأفضل والأنجع في العالم) في تونس 2011 بعد ثورة 14 جانفي 2011، رد عليّ أصدقائي وقرائي المثقفون منهم والمتعلمون ووصفوني بالمثالية الأفلاطونية واتهموني بالاستشهاد بالنماذج التربوية الخارجية وإهمال الخصوصية التونسية واستيراد البرامج المسقطة وغيرها من التهم الجاهزة مثل "هذا على الحساب قبل أن أقرأ الكتاب". أرجوكم، اقرؤوا تجربتي الذاتية إلى الآخر وتمعّنوا في حججي قبل أن تحكموا لي أو عليّ.

 

وُلِدت في 16 نوفمبر 1952 بجمنة من أب تونسي وأم تونسية وأتممت أغلب دراستي بتونس وقليلا منها بفرنسا ولم أعش ولم أدرس يوما واحدا بفنلندا نموذج المقارنة.

1.    الابتدائي من سنة 1958 إلى 1965

درَست سبع سنوات ابتدائي (رسبت بالسنة الرابعة) بالمدرسة الابتدائية بجمنة التي بناها الاستعمار الفرنسي سنة 1952 تقريبا ولا زالت مربعات أرضية قاعاتها سليمة إلى اليوم (نحن في عام 2022) في حين انهارت جدران قاعات بُنيت بـ"كفاءات" تونسية بعدها بـ50 سنة. كانت المدرسة آنذاك أجمل ألف مرة من منازلنا، مَنَحَتنا مجانا أقلاما وكتبا وكراريس. في سن السادسة، وفرت لنا كل صباح كأسا من الحليب المجفف الممزوج بالماء الساخن وعند الغداء وجبة تتمثل في صحن مقرونة جارية، وجبة غير متوازنة لكنها لذيذة وقديما قالوا أن «الجوع أمهر الطباخين". كانت المدرسة قريبة من ديارنا ولم نكن في حاجة إلى وسيلة نقل. عوض المحفظة، كنا نستعمل كيسا من القماش الأبيض لنحفظ داخله أدواتنا القليلة، كيس ورثناه عن عمنا سام  الأمريكاني، كيس كان مملوءًا قمحا، كُتِب عليه باللون الأزرق "ليس للبيع ولا للمبادلة" ويحمل صورة عَلم أمريكا.

2.    الإعدادي بـﭬابس من 1965 إلى 1968 والثانوي بصفاقس وتونس من 1968 إلى 1972

في أول غربة وسفرة لي خارج جمنة في آخر سبتمبر 1965، أعطتني أمي دينارا تونسيا واحدا، لتغطية نفقات الثلاثية الأولى، وأوصتني أن أقتصد في المصروف ولا أبذّر ! ركبتُ إلى مدينة ﭬابس في الحافلة العمومية بـ600 مليم. وصلتُ بسلام ودخلت المبيت المجاني وبقيت أصرفُ كنزَ أمي المتبقي بحكمة كما أوصتني، كنا نحن "البيّاتَة" (التلامذة المقيمين بالمبيت) لا نخرج من المبيت إلا يوم الأحد وكان مصروفي يتمثل في دورو (5 مليمات) مرة الأسبوع كل يوم أحد لشراء قطعة "غْرَيْبَة" (نوع من الحلويات التقليدية) أو كأس "لاڤمي" (النسغ المحضّر المستخرج طبيعيا من النخلة) أو 20 مليما ثمن قطعة "هريسة" (نوع من الحلويات التقليدية). لم أكن قادرا ماديا على قطع تذكرة سينما بـ40 مليما (البث التلفزي بدأ سنة 1965 ولم تكن لنا تلفزة في المبيت).

وفي نهاية الثلاثية وقبل تاريخ العودة إلى مسقط رأسي جمنة الحبيبة ، كانت أمي ترسل لي 600 مليم ثمن تذكرة الرجوع في الحافلة العمومية أو أركب "لوّاج" (سيارة أجرة خاصة) وهي تدفع الثمن المطلوب إلى السائق الجمني عند الوصول.

كنتُ تلميذا مقيما مجّانا بمبيت إعدادية "سيدي مرزوﭬ" بـﭬابس المدينة ثم بمبيت المعهد الفلاحي ببوغرارة بصفاقس ومبيت مدرسة ترشيح الأساتذة المساعدين بتونس.

كنا في المبيت نأكل مجانا أربع وجبات صحية متوازنة وبيولوجية في اليوم، ثلاث ساخنة وواحدة باردة

فطور الصباح: قهوة حليب مع خبز ومعجون أو زبدة أو حلوى شامية.

الغداء أو العشاء: سَلَطَة خضراء طازجة، طبق رئيسي باللحم مثل الكسكسي أو اللوبيا (كانت من أحب الوجبات الدسمة إلى قلوبنا جميعا) أو الجلبانة أو المقرونة أو الملوخية أو الأرز الأبيض أو مرقة الڤناوية أو مرقة البطاطا أو غيرها من الأطعمة. البعض منها لم نكن نعرفه في بيوتنا الريفية كالملوخية والأرز الأبيض ومرقة الڤناوية. كنا نعرف  فقط الكسكسي والمقرونة الجارية ومرقة البطاطا. أما خاتمة الطعام فعلى كل الألوان: برتقال أو موز أو خوخ أو برقوق أو تين أو دلاع أو بطيخ أو هندي أو رمان أو حلوى شامية أو 4 تمرات دڤلة (كنا نحن النفزاويون نضحك ونسخر من هذه "الفاكهة" الأخيرة لسببين اثنين لا ثالث لهما وهما: أولا نضحك من اعتبار الدڤلة في مصاف الفاكهة يُختم بها الطعام وثانيا نسخر من الكمية التي لا تتناسب مع إقبالنا  النفزاوي النهم على الدڤلة فنحن متعودون على التهام كيلو دڤلة أو اثنين في المرة الواحدة).

لمجة السادسة مساء: قطعة شكلاطة بُنّية لذيذة جدا مع قطعة خبز.

حادثة غذائية طريفة رقم 1

قد تبدو لكم الحادثة التالية ولأول وهلة وكأنها مركبة أو مبرمجة للهزل لكنها والله واقعية وذات دلالة خاصة بالنسبة لأهل الذكر والاختصاصيين في دراسة حاسة تذوق الأطعمة المتنوعة عند البشر وعلاقتها بحاسة الشم وبالمكتسبات الأنتروبولوجية الحضارية والثقافية أكثر من علاقتها بالوراثة والجينات: في مبيتات ڤابس وصفاقس وتونس، ثانوي وجامعي، لم أكن أقبل على الملوخية ولا مرقة الڤناوية ولا الأرز ولا الحوت ولا الموز، لا لشيء  إلا لأنني لم أكن أعرف هذه الأنواع من الأطعمة والأغذية ولم تصادفني في حياتي قبل سن الثالثة عشرة. من حسن حظي، بدأت آكل كل هذه الروائع الغذائية بعد الزواج وأنا في سن الثلاثين لأن زوجتي من مواليد العاصمة وتعرف طريقة طبخ هذه الأكلات بصفة جيدة.

حادثة غذائية طريفة رقم 2 

في عطلة من عطل عيد الأضحى المبارك، عاد جل التلامذة المقيمين بالمعهد الفلاحي ببوغرارة بصفاقس إلى مدنهم وقراهم إلا قلة من المعوزين وكنت واحدا منهم. لكي لا يشعرنا بالفقر والغربة، أقام المدير مأدبة غداء على شرفنا وأمر طباخ المبيت بالحضور يوم العيد صباحا ليذبح لنا بالمناسبة نعجة. كان المدير حاضرا معنا، شَوَينا اللحم وأكلنا وضحكنا وعيّدنا على بعضنا وكأننا بين أهالينا وأقاربنا.

كنا نتمتع برعاية صحية كاملة مجانية وقائية وعلاجية.

كانت إدارة المبيت تتكفل بتنظيف ملابسنا الداخلية والخارجية وأغطيتنا مجانا وكانت كلها مرقمة حتى يسهُل إعادة توزيعها علينا.

كنا نستمتع بحمام تركي أسبوعي مجاني خارج المبيت وكان النقل من بوغرارة كلم 35 إلى صفاقس مجانيا أيضا.

كل قاعات الدرس نهارا تصبح قاعات مراجعة ليلا، يشرف عليها تلامذة قيمون متطوعون يختارونهم من نجباء الأقسام النهائية، يساعدوننا على أداء واجبنا المدرسي عند الحاجة.

يوجد بكل مؤسسة تربوية قاعة رياضة مغطاة ومجهزة بمعدات رياضية عصرية.

كان جل أساتذتنا الكرام أجانب (فرنسيين، بلجيكيين، كنديين، أمريكيين) ما عدى أساتذة العربية والتقنية والتصوير الفني والتربية الوطنية المزدوجة (المدنية والإسلامية حاليا).

كنا نقوم برحلات دراسية مجانا تحت إشراف أساتذتنا الأجانب.

كان الانضباط  الحديدي يسود النظام الداخلي في كل المؤسسات التربوية.

3. التعليم العالي من 1972 إلى 1974

كنا نقيم مجانا أو بمقابل رمزي في مبيتات جامعية محترمة، غرفة لكل طالبين اثنين في مبيت حي الزهور بتونس العاصمة.

كنا ندفع 100 مليم لا أكثر، ثمن وجبة غذائية صحية متوازنة في الغداء والعشاء.

كانت إدارة المبيت الجامعي بحي الزهور تتكفل بتنظيف ملابسنا الداخلية والخارجية وأغطيتنا مجانا.

كانت الحافلة الخاصة تنقلنا مجانا، ذهابا وإيابا،  من المبيت الجامعي بحي الزهور إلى مدرسة الترشيح العليا للتعليم التقني بباب عليوة (ENSET).

كنا نتمتع بمنحة جامعية قدرها 35 دينارا تونسيا (كان مرتب معلم الابتدائي أو مرتب موظف بنكي في ذلك الزمن الرومنطيقي الجميل في الذاكرة لا يفوق 45 دينارا تونسيا). كنت أرسل من منحتي حوالة شهرية بـ10 دنانير تونسية مصروف أمي بجمنة (حيث لا وجود وقتها لفاتورة ماء أو ضو ولا وجود لتلفزة في البيت ولا وجود لمشروبات غازية أو ياغورت أو حليب أو مرطبات في الحانوت ولا وجود للحم أو دجاج ولا وجود لجزار من أصله لو لم تخني ذاكرتي المتعبَة). كان  لي زميل طالب صفاقسي مشترك في الصندوق الوطني للسكن (ancien CNEL transformé banque de l`habitat) بمبلغ خمسة دنانير تونسية في الشهر وقد تسلّم منزلا محترما بصفاقس عند التخرج سنة 1974 وكان صديقي الآخر يتعلم السياقة بمقابل أما الأكثرية الغالبة من الشباب الجامعي فكانت تدخل الملاعب وقاعات المسرح والسينما أو تشتري كتبا ومجلات مثيرة أو تحتسي قهوة أو جعة أو تتسكع في بعض أنهج الأولياء الصالحين وأزقتهم الحادة وتسجد تقديسا لأيقوناتهم العارية الباردة الجميلة في أعينهم، عيون مراهقين حيارى عطاشى مساكين، عيون لا ترى إلا ما تريد أن ترى في صحراء المدينة.

خلاصة القول

هل تونس الستينيات أفقر من تونس 2011 ؟

نعم كانت أفقر ماديا لكنها كانت في المقابل أغنى ألف مرة في القيم الإنسانية والدينية وأقوى في الإرادة السياسية وأكثر استقلالية في اتخاذ القرار الداخلي وأقل ارتباطا بالبنك العالمي والدول الرأسمالية المانحة والشركات متعددة الجنسيات وأكبر إيمانا بالله وحبا في الوطن وأصدق في القول وأخلص في العمل.

كانت تونس الستينات تراهن على التعليم وتعتبره أساس التقدم والرقي ولو لم تتدخل القوى الأجنبية الإمبريالية في شؤوننا لوصلنا إلى نفس ما وصلت إليه كوريا الجنوبية من ديمقراطية ورفاهية بحسن تدبير مسؤوليها ووطنية مواطنيها وعبقرية مفكريها وأدبائها ومسرحيّيها وسينمائييها وأساتذتها ومعلميها.

ملاحظة أخيرة

قبل نشرها، من عادتي أن أطرح مواضيع مقالاتي للنقاش في الجلسات الثقافية بمقهى النت بحمام الشط الغربية صباحا وبمقهى البلميرا بحمام الشط الشرقية مساءً.

قال لي أستاذ فلسفة سابقا، كاتب عام نقابة أساسية سابقا ومدير معهد حاليا، نقابي نُصب مديرا بالوفاق من قِبل زملائه:

"الستينات من القرن الماضي مرحلة، و2011 مرحلة أخرى، لقد ساد في الستينات وفي كل العالم تقريبا نمط تنموي وطني أما اليوم فيسود العكس، يسود تونس نمط اقتصادي تابع مائة بالمائة للدوائر الإمبريالية. زد على ذلك، نظام التعليم ليس نظاما معزولا عن بقية الأنظمة الإدارية في الدولة، يوجد نظام التعليم داخل نظام سياسي تنموي أشمل فلا تستطيع إذن -حتى ولو أردت- أن تصلح قطعة واحدة فاسدة في  سيارة كل قِطَعِها بالية ولن تستطيع أن تطلب من هذه السيارة "الخربانة" أن تنطلق بسرعة وتأخذك إلى موطنك العزيز جمنة وحتى وإن حدثت المعجزة وسارت السيارة دون بنزين فلن تجد جمنتك، جمنة الستينات كما تركتها.

رددتُ عليه بلطف وقلت له:

"لقد حدثتْ مثل هذه المعجزات في أواخر القرن الماضي، في كوريا الجنوبية وتركيا وإيران وماليزيا، صمّمت هذه البلدان الأربعة على النهوض والإقلاع الاقتصادي واللحاق بركب الدول المتقدمة فبدأت أولا بتطوير نظام التعليم معتمدة على إرادة سياسية وطنية صلبة ويبدو لي أنها وُفِّقت في مسعاها، على الأقل نسبيا وبالمقارنة مع الدول العربية التي ما زال معظمها يتخبط في التخلف والفوضى.

قال متدخل آخر متوجها بالخطاب إليّ مباشرة:

"تمتعتَ أنتَ بالمجانية لأنك فقير".

أجبته:

وهل طلبتُ، أنا شخصيا،  الحق  والعدل لغير المعوزين من الفقراء والموظفين أمثالي وأمثالك ؟ أما الأغنياء فهم قادرون على الاستغناء على النظام التعليمي التونسي المتخلف ويستطيعون تدريس أبنائهم في أفضل النظم التعليمية الجامعية في ألمانيا أو فرنسا أو أمريكا.

وقلتُ له أيضا:

"يكمن العدل يا سيدي الكريم في توزيع الثروات الوطنية على طبقات المواطنين وأنا أؤمن بالمبدأ الإنساني السامي والنبيل القائل بالحكمة الماركسية العادلة التالية: "من كل حسب جهده ولكل حسب حاجته". وأتمنى أن يكون هذا "الكل" إنسانيًّا يأتم معنى الكلمة للإنسانية التي أتصورها في مخيلتي وأتمنى حدوثها في المستقبل القريب ولو بطفرة جينية نوعية ونادرة كالطفرة الجينية التي وقعت في الحمض النووي لأسلافنا ونقلتنا من "شبه إنسان"  إلى "إنسان".

mardi 26 avril 2022

عشرة اجتهادات قد ترفع من جودة تعليمنا، يستطيع الأستاذ أن يطبقها في قسمه دون إذنٍ من أحد

 

 

1.    يستطيع الأستاذ أن يعامل التلميذ بلطف ويمرر له متعة التعلم فالمتعة (le désir d`apprendre) واللطف (L’affect) قد يجعلان التلميذ يفهم أحسن ويُقبِل على التعلّم أكثر (résultat prouvé biologiquement sans entrer dans les détails).

En 1792, Jean-Jacques Rousseau écrivait dans l`Émile : « Donnez à l`enfant le désir d`apprendre et toute méthode sera bonne ». 

2.    يستطيع الأستاذ أن يخلق بين التلميذ وأقرانه حوارًا أو صراعًا معرفيًّا (CIC : Conflit Inter-Cognitif)، ويخلق داخل كل تلميذ صراعًا معرفيًّا ذاتيًّا بين تصوراته غير العلمية التي جاء بها إلى القسم والتصورات العلمية التي اكتسبها في القسم (CIC : Conflit Intra-Cognitif).

3.    أيها الأساتذة استعيدوا سلطتكم على تلامذتكم ولا تبكوا على الأطلال أو تجعلوا من الضحية -الطفل- جلادًا. قديما كان الأستاذ يستمد هيبته من هيبة النظام، لذلك كان للفاشلِ كما للناجح سلطةٌ. اليوم لم يعد لغير عِلمِكم سلطةٌ !

« L’absence d’autorité chez les enfants est une forme de maltraitance » Le grand pédagogue Philippe Perrenoud

4.    يستطيع الأستاذ أن ينفخ في صورة تلامذته ويحسّسهم بالثقة بالنفس ويشجعهم ولا يحبطهم أو يهينهم حتى ولو أخطؤوا، فخطأ التلميذ هو محرّك القسم (L’erreur de l’élève est le moteur de la classe). يستطيع أيضًا أن يشجعهم وذلك عن طريق النشر في صفحته الفيسبوكية لأفضل إنتاجات تلامذته في الامتحانات أو إنتاجاتهم الحرة التي يرى أنها تستحق النشر.

« Le prof augmente ses élèves » Le grand philosophe Michel Serres

5.    يستطيع الأستاذ أن يدرّب تلامذته على اجتياز الفروض وأن يمدّهم بمقياس الإصلاح (Le barème de correction) مع ورقة الامتحان وأن يسمح لهم بمناقشة أعدادهم بعد الامتحان في كنف الاحترام المتبادَل.

6.    يستطيع الأستاذ أن يستدعي ضيفًا في قسمه بعد إعلام المدير، من داخل المعهد أو خارجه، حتى يشدّ اهتمامَ تلامذته إلى موضوع ما، مثلاَ: يستدعي عامل نظافة يحدّث التلامذة عن الصعوبات التي تصادفه أثناء أداء عمله حتى يحسسهم بقيمة المحافظة على بيئة نظيفة، أو فلاح بيولوجي، أو طبيب، أو زميله في اختصاص مغاير يهم موضوع درسه، إلخ.

7.    في حصة ساعتين متتاليتين، يستطيع الأستاذ أن يخصص خمس دقائق للتشويش الحر حتى يفرغ التلامذة شحنتهم المقموعة ساعة كاملة.

8.    في كل حصة يستطيع الأستاذ أن يخصص دقيقة صمت حتى يدرّب تلامذته على آداب الإنصات.

9.    في أول كل ثلاثي، يستطيع الأستاذ أن يذكّر بالعقد البيداغوجي الضمني الذي يربطه بتلامذته: ماذا يريد منهم بالضبط ؟ كيف سيتصرّف معهم لو خرجوا عن المعقول ؟ يفعل هذا من باب الوقاية، والوقاية خيرٌ من العلاج، ومن باب من أنذر فقد أعذر، ومن باب التربية أفضل من العقاب، ومن باب الحب الذي يكنّه لهم، ومن باب خوفه على مستقبلهم وكأنهم أولادُه من صُلبه.

10.                       يستطيع الأستاذ أن يَعِدَ تلامذته ويوفي بوعده بتعويض كل حصّة قد يغيبها لأسباب مرضية أو نقابية.


Un nota bene adressé aux récalcitrants et récalcitrantes :

« Les rêves d'aujourd'hui sont les vérités de demain ».