jeudi 7 avril 2022

تذكير ببعض المقترحات لعلاج بعض النقائص التي أصابت المنظومة التربوية التونسية ؟ مواطن العالَم والديداكتيك

 

 

نقيصة عدد 1: تعليمنا يحث على الأنانية والسباق والتنافس وتصنيف التلامذة إلى ذكي، متوسط وضعيف، مما قد ينجرّ عنه نفور وإحباط وهروب وفشل ثم انقطاع (مائة ألف منقطع سنويًّا لأسباب متعددة). للأسف، مدرستنا تساهم في تكاثر الفاشلين مقابل حفنة من الناجحين.

مقترح عدد 1: نطمح إلى إرساءِ تعليمٍ يحث على التضامن والتكافل والتعاون وينبذ الأنانية والسباق والتنافس ويتخلى نهائيًّا عن التصنيف الغبي لتلامذتنا الأذكياء وكلهم تقريبًا أذكياء لو وجدوا أمامهم مربين أذكياء. كل تلميذ ذكي في مجاله وحسب محيطه واستعداداته وميولاته. المربي الذكي هو المربي الذي يكتشف الذكاء المحتمل والوشيك لدى تلامذته (ZPD : Zone Proximale du Développement mental)، ولا يكتفي بما هو ظاهر وجلي (QI: Quotient Intellectuel). تعليمٌ يطمح لمساعدة الأغلبية لبلوغ الوسط (Aristote: La vertu est le juste milieu entre deux vices). الذكاء لا يُصنّف (Albert Jacquard). الذكاء يُصنع ويُنمَّى ويُطوّر  في تفاعلِ مستمر بين الموروث والمكتسب (Épigenèse et plasticité cérébrales).

 

نقيصة عدد 2: تعليمنا يرعى نوعًا واحدًا من الذكاء (الذكاء المنطقي بشقيه الرياضي واللغوي والمرتبط بالمادة الشخمة فقط - Le logos: parole, discours, raison, relation) ويهمل الأنواع الأخرى مثل الذكاء المرتبط بباقي أعضاء الجسم مثل الحِرف والفنون. لستُ عدميًّا ولا سوداويًّا حتى أقول أن مدرستنا لم تنتج شيئًا: لكنها أنتجت القليل: تركيز منظومتنا التربوية على الذكاء المنطقي مكّن تلامذتنا المهاجرين من منافسة زملائهم الغربيين بل جعلهم يتفوّقون عليهم في عقر دارهم، أحييهم بالمناسبة ولي فيهم أبناء كثيرون.

مقترح عدد 2: نطمح إلى إرساءِ تعليمٍ يعطي مجالا لصقل الاستعدادات المنبثقة من ميولات التلميذ نفسه ولا يقمعها (الفنون بكل أنواعها، الرياضة، التعبير الجسماني بكل فروعه، الأعمال اليدوية، إلخ.).

 

نقيصة عدد 3: مدرستنا لم تعد مصعدًا اجتماعيًّا، مصعدًا يرتقي بواسطته المواطن من مستوى اجتماعي إلى مستوى أفضل بل أصبحت تؤبد الطبقية: أبناء الأغنياء والمتوسطين (محامون، أطباء، أساتذة جامعيون وبعض مقاولي الدروس الخصوصية من مدرسي الثانوي والابتدائي) يُمَكَّنون من مواصلة تعليمهم في أفضل المدارس والجامعات الخاصة في الداخل والخارج، وعند تخرجهم يرِثون مناصب آبائهم ويبقى ابن الفقير خارج الدائرة بسبب فقره لا بسبب تقاعسه.

مقترح عدد 3: يجب إحياءُ قيم المدرسة العمومية الجمهورية المتمثلة أساسًا في تكافؤ الفرص دون تمييز طبقي والتي تمكّن كل تلميذ دون تمييز اجتماعي من النجاح عن جدارة دون ترقيات آلية (Méritocratie de l`école publique républicaine).

 

نقيصة عدد 4: نظامنا التقييمي الحالي (الامتحانات) نظامٌ صادمٌ ومحبِطٌ للتلميذ ومُشِلٌّ لذكائه المحتمل (Ses capacités intellectuelles potentielles). جل مدرسينا (ابتدائي، ثانوي وعالٍ) لم يتلقوا أي تكوين أكاديميّ في علم التقييم قبل مباشرة التدريس ما عدى بعض التربصات التي لا تُغني ولا تسمن.

مقترح عدد 4: يجب التقليل من التقييم الجزائي والإشهادي (أعداد وترتيب وترقيات) والإكثار من التقييم التكويني المشجع والمفجّر للطاقات الكامنة لدى التلميذ المصَنّف حاليًّا متوسطا أو ضعيفا والتي عجز نظام التقييم الحالي عن الغوص في بحورها واستخراج دُرَرِها.

 

نقيصة عدد 5: هرمُ منظومتنا التربوية هرمٌ مقلوبٌ على رأسه: تُخصص الدولة ميزانية أكبر للثانوي فالإعدادي ثم يأتي الابتدائي في آخر اهتماماتها اللوجستية، وتنتدب لتدريس تلاميذ الثانوي مدرسين ذوي كفاءات وشهائد أعلى من مدرّسي الابتدائي ولو عكستْ لأصابتْ.

مقترح عدد 5: يجب إعادة الهرم إلى وضعه الطبيعي: أكرر وأعيد، لو عكستْ الدولة لأصابتْ أي لو خصصت ميزانية أكبر للابتدائي ثم الإعدادي ثم الثانوي، ولو انتدبت مدرسين ذوي كفاءات وشهائد أعلى للتدريس في الابتدائي لتحسّنت أوتوماتيكيًّا وحتميًّا نتائج الإعدادي والثانوي والعالي أيضًا.

 

نقيصة عدد 6: مدرستنا تفتقد لوسائل الترغيب: الجمال غائبٌ، بابها حديد يعلوه الصدأ، جدرانها غير مطلية، حديقتها مفقودة أو مهملة، طاولاتها وكراسيها مضرّة بصحة الظهر، وِحدتُها الصحية غير صحية، مدرسة خالية من النوادي الثقافية أو عامرة بالمزيفة منها (على الورق فقط)، مدرسة لا أكل ولا شرب صحيين فيها، لا بشاشة، لا استقبال طيب ولا حتى ابتسامة أو كلمة طيبة صَدَقَة.

مقترح عدد 6: يجب إعادة الاعتبار لقيمة الجمال (Le beau) في المدرسة بتحسين الموجود بالحوكمة الرشيدة (La bonne gouvernance) وبأقل التكاليف المادية عن طريق تحسيس التلامذة والأولياء، مثلا: خلال فترتَيْ الراحة في العاشرة والرابعة،  نستدعي مهرّجًا محترفًا ونوزع في فترات الراحة لمجة شكلاطة وخبز، حركتان بسيطتان  كفيلتان بإدخال الفرحة والبهجة في قلوب صغارنا وبطونهم.

 

نقيصة عدد 7: مدرستنا انتشرت فيها وتفشّت ظاهرة الغِش في الامتحانات في كل المواد وفي كل المستويات. العلاج الحالي هو علاج بافلوفي تأديبي بإسناد صفر أو بالرفت خمسة عشر يومًا.

مقترح عدد 7: يجب اعتماد حلول علمية لهذه الظاهرة: التنقيص من عدد التلامذة في القاعة يوم الامتحان وذلك بتقسيم القسم إلى مجموعتين مثلما نفعل في الباكلوريا. يجب إجراء تمرين مسبق للتلامذة في كل المستويات عن طريق امتحانات تكوينية بيضاء دون عقوبة أو جزاء كالباكلوريا البيضاء. يجب تشجيع التلامذة على العمل الجماعي. يجب تكليفهم ببحوث ميدانية فعلية غير افتراضية داخل فرق اختيارية ومجازاتهم بأعداد تحفيزية تُحتسب في المعدل، إلخ.

 

نقيصة عدد 8: وزارتنا للتربية أغلقت جل مدارس ترشيح المعلمين والأساتذة وأصبحت تنتدب مدرسين لم يدرسوا بتاتًا علوم التربية (البيداغوجيا، الديداكتيك، علم النفس التربوي، تقنيات التواصل-Les TICE).

مقترح عدد 8: يجب إعادة فتح جميع مدارس ترشيح المعلمين والأساتذة وفتح أخرى جديدة.

 

نقيصة عدد 9: برامجنا التعليمية برامجَ مكثفة تُثقل كاهل التلميذ ولا تستجيب لاهتماماته ولا تواكب عصر الصورة والأنترنات.

مقترح عدد 9: يجب التخفيف من المحتوى المعرفي في البرامج. يجب تدريس تقنيات معالجة الصورة (Le traitement d`images) والأخذ في الاعتبار الجانب السلوكي الأخلاقي القيمي - La morale  est un comportement, non une connaissance  (يجب تدريب التلامذة على أهمية التطوع ونكران الذات في سبيل خدمة الغير).

 

نقيصة عدد 10: تعليمنا يعاني من معضلة الدروس الخصوصية خارج المدرسة. وُلِدت مشكلة، تفاقمت، فأصبحت  معضلة (المشكلة لها حل، أما المعضلة فلا حل لها في الأفق).

مقترح عدد 10: لو عالجنا الأمراض التسعة المشخصة أعلاه لانقرضت الدروس الخصوصية ولاح الفجر بعد ليلٍ بَهيم.

 

نقيصة عدد 11: تدهور مستوى تلامذتنا في اللغات، العربية والفرنسية والأنـﭬليزية.

مقترح عدد 11: أقترحُ تدريس الترجمة كمادة مستقلة من قِبل أساتذة مختصين في الترجمة وليس تدريسها من قِبل أساتذة العربية كما هو معمول به اليوم.

 

نقيصة عدد 12: عدم إلمام التلامذة بأبدجيات الوقاية من الأمراض التي يتعرّضون لها.

مقترح عدد 12: تدريس الطب الوقائي كمادة مستقلة من قِبل أطباء مختصين في الطب الوقائي وليس تدريسها من قِبل أساتذة علوم الحياة والأرض كما هو معمول به اليوم.

 

نقيصة عدد 13: نلاحظ بعض النفور من المدرسة لدى صغارنا.

مقترح عدد 13: أطالبُ بتأنيث كامل إطار التدريس في الإبتدائي لأن الرجلَ غير مهيئ جينيًّا لتربية الأطفال. الانتقاء الطبيعي (داروين) هيّأ المرأة لإرضاع الأطفال ورعايتهم وتربيتهم، أما الرجل فقد هيأه لمهام أخرى أخشنَ.

Ma source d’inspiration  pour la proposition 13: Génétique du péché originel. Le poids du passé sur l`avenir de la vie. Christian de Duve (Prix Nobel de médecine 1974, biologiste-moraliste), Editions Poches Odile Jacob, Paris, 2017, 240 pages.

 

خاتمة: كل إصلاحٍ تربويٍّ لا يستفيد منه التلامذة الذين تعترضهم صعوبات تعلميّة، لا يُعدُّ إصلاحًا بل يُعتبَرُ قبرًا لطموحات أولاد الفقراء وهم الأغلبية الساحقة في مجتمعنا التونسي !

 

إمضائي:

"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو

"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)

"النقدُ هدّامٌ أو لا يكونْ" محمد كشكار

"لا أقصدُ فرضَ رأيِي عليكم بالأمثلةِ والبراهينَ بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى، وعلى كل مقالٍ سيءٍ نردُّ بِمقالٍ جيّدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ" محمد كشكار

 

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 2 ماي 2018.

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire