عندما تعرّفني -أنا مثلاً- كعربيٍّ فإنك قصدتَ وصفِي وإنصافِي
وتشريفِي. أتشرّف بهذه الهُوية وبارك الله فيك، لكنك ظلمتنِي حين اختزلتَ تعريفي
في انتمائي العِرقِي الجزئي وتغافلتَ عن باقي انتماءاتي الأخرى. عندما تعرّفني
كيساري فإنك قصدت تصنيفي. أنصفتني/ظلمتني حين اختزلتني في انتمائي الجزئي وتغافلت
قصدا عن باقي انتماءاتي الأخرى: مسلم، أمازيغي، عربي، تونسي، قَرَوي، جنوبي، جمني،
يساري غير ماركسي، عَلماني على الطريقة الأنـﭬلوساكسونية المتصالحة مع الدين،
اشتراكي-ديمقراطي على المنوال الأسكندنافي، تحرّري غير ليبرالي، معادٍ للرأسمالية
المتوحّشة، معادٍ للحرب وللمقاومة المسلَّحة مهما كانت عدالة القضية، منادٍ بالسلم
مهما بلغتْ شراسة العدو لكنني لو أجبِرتُ على الاختيار بين العنفِ والجبنِ
فسأختارُ مُكرهًا الأول عن الثاني. عِلمِي، قومي، أممي، ضد عقوبة الإعدام وضد كل
العقوبات البدنية، أعشق العربية الفصحى، فرنكفوني التعليم غصبًا عني في الصغر،
والشيء أصبح شبه اختياريّ في الكبر ويا ليتني كنتُ أنڤلوفوني لكان أثرَى لثقافتي
العامة، فاقد اللغة الأنـﭬليزية عادة ما يكون كالمصاب بفقر الدم الثقافي.
والأخطر مما سبق يا ناعِتِي، أنك نسيتَ الأصلَ، ألا وهو
تعريفي الذاتي المنبثِق عن التفاعل المتواصل طِوال حياتي بين موروثاتي
الجينية وموروثاتي الأنتروبولوجية ومكتسباتي الثقافية، الأولى، أعلمُ وتَعلمُ
بعضًا من مصادرها وبعض ما ظهر منها والله أعلم بما خفي منها. مَن أدراكَ أنني لا
أحملُ جِيناتَ جَدٍّ بعيدٍ، تركي أو إيراني أو ماغولي أو أسباني ؟ هل حلّلتَ
أدِآني (ADN) ؟ أما الثانية، أب وأم وإخوة وأخوات وجيران وجارات وبيئة
وأصدقاء وصديقات ودين ولغة وتاريخ وتقاليد وعادات، إلخ. والثالثة، تعليم، عمل،
سفر، مطالعة، إلخ.
Je
suis ce que je suis, et nul - mis à par Dieu - ne peut savoir vraiment ce que
je suis. Je suis une émergence émanant de l`interaction permanente entre mon
identité biologique (mes gènes codés portant mes caractères physiques), mon
identité anthropologique (mon histoire, ma famille, ma religion, mon
patrimoine, etc.) et mon identité culturelle (mon acquis, mes facultés
intellectuelles, mes comportements, etc.). As-tu analysé mon ADN ?
حصرتني يا سيدي وعن
حسن نية سجنتني
في هُويةٍ
لا تتسع لتعدد هُوياتي المختلفة والمتكاملة لكنني أؤكّد لك أنها متفاعلة وغير
متناقضة فيما بينها. أنا أممي وأمميّتي لا تُناقض وطنيّتي أو جمنيّتي، بل تجمّلها
وتُضفي عليها مسحة إنسانية تلطّفها. أنا فركفوني وفرنكفونيّتي لا تُضعف لغتي الأم
بل بالمجاز والتصورات تُغنيها، وبالأفكار والمعاني تُثريها.
ولا يفوتني وبكل لطف ومحبة أن أذكّرك أن تعريفك لي
كعربي، فيه شيءٌ من التعميمْ، وأنت أدرَى بأن التعميمَ قد يقود إلى التعويمْ، أو
قد يَنِمُّ أيضًا عن عنصريةٍ ضمنيّةٍ وتقزيمْ.
اقتراح:
عِوض التقوقعِ داخل هُويات أو انتماءات موروثة قد تكون قاتلة مثل ما هو جارٍ اليوم
في سوريا ومصر والعراق وليبيا (مثل التعصب العرقي أو القومي أو الديني أو المذهبي
أو الطائفي)، يُستحسن البحثُ الدؤوبُ عن
انتماءات جديدة تُعيدُ لنا إنسانيتنا وعن السفاسِفِ ترفعنا ومن أمراضنا
تُشفينا وتُعافينا، وعن الشيطانِ تُبعِدنا ومن الله تُدنِينا.. والعالَم أرحبُ..
أرحبُ.. أرحبُ.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire