vendredi 28 avril 2023

نشرتُ تدوينة ضد المتفقدين، تدوينة تبدو غير منطقية فردّ عليّ بعض المدافعين عنهم بتدوينة تبدو منطقية لكن رُبَّ عذرٍ قد يكون أقبحَ من ذنبٍ. مواطن العالَم

 

 

التدوينة المعنية: "المتفقدون هم مصمّمو السياسة التربوية الحالية المتأزمة والمشرفون على تطبيقها. فكيف نكلّفهم بإيجاد حلول لأزمة هم أول من تسبّب فيها ؟".

ردُّ المدافعين عن المتفقدين: "هم منفذون مأمورون للسياسة التربوية الحالية المتأزمة وليسوا مصمّمين لها".

ردُّ مواطن العالَم على ردّ المدافعين عن المتفقدين:

أولا، عادة ما يكون المنفذ أقل شأنًا من المصمّم. يبدو لي أنني قد رفعتُ من شأنهم عندما نعتّهم بالمصممين لكن يبدو أنهم مصرّين على التقليل من شأنهم عندما يقولون بأنفسهم على أنفسهم أنهم منفذون وليسوا مصممين لذلك قلتُ في العنوان "رُبَّ عذرٍ قد يكون أقبحَ من ذنبٍ".

ثانيًا،

Empr. au gr. « le pédagogue est l’esclave chargé de conduire les enfants à l'école ». (Google)

قياسًا على تعريفهم لأنفسهم كـ"منفذين للسياسة التربوية الحالية المتأزمة وليسوا مصمّمين لها" وقياسًا على الأصل اللغوي الإغريقي لكلمة "بيداغوجي" (étymologie)، أغيّر فحوى تدوينتي السابقة وأقول عن المتفقد البيداغوجي التونسي ما يلي:

المتفقد البيداغوجي التونسي هو عبارة عن عبد (esclave)، عبد على ملك وزارة التربية مكلّف من جنابها بإقناع المدرّس بجدوى سياستها التربوية الحالية المتأزمة ويا لخيبة الدور المناط بعهدته. يوجد في السلك استثناءات من المتفقدين المقاومين لهذه السياسة وخاصة لدى الديداكتيين منهم لكن الاستثناء للأسف يؤكد القاعدة ولا ينفيها. لو كنتُ مكانه لَـقدّمتُ استقالتي فورًا وقد فعلتُها مرتين، ثلاثة أيام فقط إثر تعييني مدير إعدادية، مرة قبل الثورة ومرة بعد الثورة.

 

إمضائي المحيّنُ: وإذا كانت كلماتي لا تقنعك الآن فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ. دعوةٌ وديةٌ إلى التَّرَيُّثِ.

 

تاريخ أول نشر على صفحتي الفيسبوكية: حمام الشط في 28 أفريل 2023.

 

 

 

mercredi 26 avril 2023

Seul, tous les matins au café Chihi, avec Amin Maalouf. Citoyen du Monde

 

 

Je me suis bien régalé de ces neuf merveilles d`Amin Maalouf, l`auteur romancier, le magicien sans amulettes, le Georges Zaydan de la francophonie, le prix Goncourt, le libanais exilé à Paris depuis quatre décennies, le parisien qui a mérité son adoption, le fauteuil 29 à l`académie française, occupé avant lui par le grand anthropologue Claude Levy Strauss, le « trait d`union » entre deux civilisations, la sienne d`origine, l`héritée, l`arabo-islamique et l`adoptive, l`acquise, la conquise, la gréco-latine. Un trait d`union qui m`a servi à moi de vrai pont.

Ses prétendues prises de positions politiques pro-israéliennes (personnellement, je n`en ai pas eu connaissance,  je n`ai entendu que les échos) ne tachent en rien son talent de conteur de belles histoires fortes, tendres, douces, alléchantes, prodigieuses, instructives, constructives, philosophiques, spirituelles et semi-véridiques. 

 

1.     Les identités meurtrières

2.     Les croisades vues par les arabes

3.     Samarcande

4.     Les échelles du levant

5.     Les désorientés

6.     Le périple de Baldassare

7.     Le Rocher de Tanios

8.     Léon l`Africain

9.     Le naufrage des civilisations

 

Ma signature

Pour le critique, « il ne s’agit pas de convaincre par des arguments ou des faits, mais, plus modestement, d’inviter à essayer autre chose » Michel Fabre & Christian Orange, 1997

À un mauvais discours, on répond par un bon discours et non par la violence. Le Monde Diplomatique

 

Date de la première publication sur le Net : Hammam-Chatt, le 1 mars 2018.

 

 

 

الإصلاح التربوي المنتظَر. مواطن العالَم

 


لن يغيّر شيئًا في منظومتنا التعليمية المتأزّمة ما لم يغيّر المدرّسون أوّلاً من أنفسهم ويسترجعون فلسفة الرسالة التربوية ويتخلون عن اقتناع عن تَقمّص دور البروليتاري الذي يقايض قوة عمله مقابل زيادة في الشهرية، زيادة تافهة لن تخرجهم من فقر ولن تطعمهم من جوع ولن تؤمّنهم من خوف.

mardi 25 avril 2023

القُبلةُ في الفضاء العربي العام ؟ تأليف أمين معلوف، ترجمة مواطن العالَم

 


 (Les Échelles du Levant)

سنة 1944، كُنّا في بيروت أمام مدخل الفيلاّ، تحت أنظار المارّة، لم نجرؤ حتى على تبادل قُبلة الوداع، لسنا في فرنسا... (...) في بهو النزل، نظرتْ يمنة، يسرة، لا أحد يرقبنا، فعلتْها، وضعتْ قبلةً على شفتَيّ، قبلةٌ على عجلٍ كقبلةِ العصافير. (...) لم آتِ فِعلاً يجرح أو يخدِش صرامة الحياء العربي. (...) وُجِدنا ثانية في نفس المكان ولم يكن هذه المرة أيضًا في الأفق أحدٌ يرقبنا، لا مانع، سبقتُها وقبلتُها كالعصافير كما فعلتْ. تشابكتْ أصابعُنا، صعدنا درج النزل ونظراتنا لا تفترق (...) في غرفتها، أيادينا النَّدِية تحابّتْ وآزرتْ الواحدة الأخرى وجفوننا سجدتْ فرحًا وخجلاً.

 

 

lundi 24 avril 2023

حِكمةٌ لبنانيةٌ رواها أمين معلوف. ترجمة وإعادة صياغة مواطن العالَم

 

لو كان لك صديقٌ تعتبره أقلَّ منكَ في كل شيئٍ، الصدقُ والكرمُ والأمانةُ و..، فاعلَم أنه سيفوتك دومًا بمِيزةٍ يتعذر عليك تجاوُزها أو حتى تَدارُكها: هو له صديقٌ أحسنُ منه خُلُقًا وأنتَ لك صديقٌ أقلُّ منكَ خُلُقًا.

dimanche 23 avril 2023

ما لِقومي وماذا دهاهم ؟ ترجمة مواطن العالَم

 

 

نص المؤلف:

"إنما الأمم كالمعادن، لا يتلألأ منها إلا السطحُ" أنتوان ريفارول، 1753-1801

 

الغريب أن الشعوبَ العربية أضحت شعوباً كارهةً لنفسها مما دفعها دفعاً إلى الحنين لزمن الاحتلال الغربي. نادراً ما تجد في تاريخ البشرية شعوباً مثل العرب، كرههم لأنفسهم أوصلهم إلى التطرف! فعوض أن يرفعوا من شأن ماضيهم الحضاري المشرّف ويفتخروا بمساهماتهم الهامة في بناء الحضارة الإنسانية، مساهماتهم في الرياضيات والفلك والهندسة المعمارية والموسيقى وفن الخط والطب والفلسفة، وعوض أن يُذكّروا معاصريهم بأمجاد قرطبة وغرناطة وفاس والأسكندرية وسِيرتة وبغداد ودمشق وحلب، عوض كل هذا نرى أحفادَ عظماء بنائين الأمس غير قادرين على إثبات أحقيتهم في إرثٍ هُمُ أصحابه الشرعيون، وكأنهم يتعمّدون إحراجَ عشاق حضارتهم ويمنحون مجاناً حُجَجًاً لذامّيها.

قديما، كل من كان يكره العرب كان يُنعت بالعنصري المعادي للأجانب والمشتاق لزمن الاستعمار، أما اليوم فكُره العرب أصبح عند غير العرب كُرهًا شرعيا وغير مخالف للضمائر. باسم الحداثة أصبح العرب يوصَمون بمعاداة المرأة، وباسم العلمانية أصبح العرب يُنعتون بأعداء حرية الضمير والتعبير.

أشَد ما كان يضايقني في شبابي هو تفشي ظاهرة فقدان الثقة لدي بني قومي (p. 18: l’auteur a écrit: ma nation arabe) وانعدام القدرة لديهم على تولي مستقبلهم بأيديهم. يبدو أن هذه الظاهرة السلبية ليست حكرا على العرب أو المسلمين بل هي ظاهرة نجدها عند كل الشعوب التي خضعت للاحتلال طويلا أو رضخت لأوامر تأتي من سلطة تقع وراء البحار (العثمانيون والغرب). شعوبٌ مستلبة السيادة والإرادة. شعوبٌ تابعة للدول العظمى (أمريكا، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الباب العالي). شعوبٌ تنتظر قرارا قد يأتي أو لا يأتي من هيئة خارجية عُليا. شعوبٌ لا تثق في قراراتها السيادية خوفا من أن تُحتقر أو لا تُؤخذ في الاعتبار أو تُرفض تماما ودون مبرر معقول. تبعيةٌ نتجت عن شعور بالنقص جراء تاريخ طويل مليء بالهزائم والنكسات والإحباطات المتعاقبة واليأس الموروث والمكتسب في آن: ما الفائدة من المقاومة، من الاحتجاحات، من الغضب، من المطالبة بالحقوق ما دمنا نعرف مسبقا أن كل هذا سينتهي بحمّام دم ؟ ومَن يدّعي عكس هذا فهو ساذجٌ أو جاهلٌ.

مهما كان مضحكا ومزعجا، فإن ظاهرة فقدان الثقة في النفس تبدو مع ذلك خفيفة بالمقارنة مع ما بدأ ينطلق منذ عقد أو عقدين وينتشر في العالم العربي والإسلامي وفي أماكن تواجد العرب والمسلمين بالخارج، ألا وهي ظاهرة كُره النفس وكُره الآخر. ظاهرةٌ مقرونةٌ بتبجيل الموت وتمجيد العمليات الانتحارية. ليس من السهل ترتيب الكلمات لتفسير مثل هذا الانحرافُ المَسْخُ: "إلى الجنة ذاهبينْ، شهداء بالملايينْ" (شعار رُفع في سوريا، فيديو نُشِر في أفريل 2011). شعارٌ رُدِّد في عدة بلدان مجاورة. كنتُ أنظر إلى هؤلاء الرجال بإعجاب مخلوط بِرعبٍ. لقد أثبتوا شجاعة كبيرة في مواجهة الطلق الناري بأيدي فارغة وصدور عارية. لكن كلماتهم هذه كشفت عن نفوسٍ مكسورةٍ، وعرّت كل مأساة العالم.

عندما ييأس فردٌ معزولٌ ويفقد الأمل في الحياة، نُحمِّل المسؤولية لعائلته في بعث الأمل فيه من جديد. لكن عندما تيأس شعوبٌ بأكملها وتستسلم لشعور الرغبة في تدمير الآخر وتدمير نفسها في آن، هنا نُحمِّل المسؤولية لأنفسنا كلنا، للشعوب الأخرى المعاصرة، لشركائنا في الإنسانية، نُحمِّلهم جميعًا مسؤولية إيجاد علاج ودواء. إن لم يكن من باب التضامن مع الآخر، يكون على الأقل من باب إرادة الحياة، لأن اليأس، في زمننا هذا، بدأ ينتشر ويَنفُذ إلى ما وراء البحار، من مسامّ الجدران، ويَعبُر خطوط الحدود الجغرافية والذهنية، وليس من السهل صدّه أو الحد من انتشاره.

Référence: Le naufrage des civilisations, Amin Maalouf, Grasset, 332 p, 22 €, pp. 85-92.

samedi 22 avril 2023

يجب أن لا نخجل من أنفسنَا، لنا ضلع في هذا الإرهاب كما لغيرنَا ولنا كما لغيرنَا أيضا باع وذراع في المشاركة الفعّالة في بناء الحضارة الإنسانية !

 


ملاحظة:

الفكرة الأصلية للمقال مستوحاة من كتاب:

Les identités meurtrières, Amin Maalouf, Ed Grasset & Fasquelle, Paris, 1998, 211 pages.

 

نص مواطن العالَم:

كتب أمين معلوف ص 94: "أنا أعتبِرُ الحضارة الغربية المعاصِرة المسيطِرة حدثًا لا سابقةَ له في التاريخ. مرّت في التاريخ فترات تجلى فيها تقدّمِ بعض الحضارات على غيرها جميعًا (الفرعونية المصرية، ما بين النهرين في العراق، الصينية، اليونانية، الرمانية، البيزنطية أو العربية-الإسلامية). لكن ما تفجّرَ في أوروبا منذ القرن الثالث عشر ميلادي هو شيء مغاير تمامًا. أنا أتمثله كعملية إخصاب: عديد الحيوانات المنوية تتجه نحو البويضة، واحدٌ منها فقط نجح في اختراق غشائها وأبعِدَ باقي المرشحين. من الآن فصاعدا أصبح للحضارة الغربية المسيطِرة أبٌ واحدٌ، لا أبًا قبله ولا أبًا بعده، وهو الوحيد يشبه الابن. لماذا هو وليس غيرَه ؟ هل هو أفضل من جيرانه أو منافسيه ؟ هل كان الأسلم فيهم أو الأكثر وعْدًا مستقبلا ؟  ليس بالضرورة، ليس بصورة قاطعة. عديد العوامل تدخلت في انبثاق الحضارة الغربية، منها ما هو مرتبط بأداء وكفاءة المواطن الغربي، ومنها ما هو خاضع للظروف الموضوعية، ومنها ما هو رهين الصدفة...". انتهت الاستعارة وتوقف الاستشهاد.

رغم أن الحظ لم يحالِفنا ولم نلقِّح بويضَة الحضارة المتفوقة لكننا لم نكتف بدور المتفرج: لقد شاركنا في تأسيس العمران وفي تطوير الطب والفلك والجبر والألڤوريتم والبصريات كذلك فعلنا، وفي التعايش بين الأديان سبقْنا غيرنا. كنا لهذه البويضة بمثابة الرحم الحنون ولم نتنكر للمولود إلا بقدر عقوقه لنا. في القرنين الماضيين، غذّينا الغربَ بعَرَقِنا ولم يبخل عليه الملايين من عمالنا المهاجرين بجهدهم في مزارعه ومصانعه، دخلوا دواميسَ مناجمه واستخرجوا فحمها  وبأيديهم عبّدوا طرقاته السيّارة وشيدوا قناطره وأعلوا ناطحات سحابه. واليوم مئات الآلاف منّا يدرّسون في معاهده وجامعاته ويعملون بحّاثة في مخابره، وبفضل ابتكاراتهم نالَ الغربُ أعلى الجوائز العالمية العلمية والأدبية (أحمد زويل وفاروق الباز ومحمد أوسط العياري وأمين معلوف والطاهر بن جلون ومحمد أركون وغيرهم كثيرون).

لماذا نُصِرُّ على رفضِ مولودٍ (الحضارة الغربية)، شاركْنا، نحن المُبدِعون باللغة العربية عبر التاريخ، في تنشِئته وتربيته وأفدنا واستفدنا ولا زلنا نستفيدُ من ذكائه ! كمواطن عربي-مسلم، أنا أناضل لمرافقة نفسي ورفاقي في العِرق والثقافة من أجل مساعدة أنفسنا على تخطي أزمة الهوية التي نمرُّ بها في هذا الزمن الرديء. نساعد أنفسنا على تجاوز حزننا على فقدان جزء هام من هويتنا وحضارتنا العربية-الإسلامية دون الإحساسِ بمرارة عقدة الذنب أو حلاوة وهم التفوق ودون شعورٍ بالإهانة ودون تنكّرٍ لتاريخنا المجيد جزئيًّا ونسبيًّا ككل التواريخ.

حضارتهم شاركنا في صنعها وإرهابنا ليسوا أبعدَ منّا إليه. صحيح أنهم تفوقوا علينا علميًّا وتكنولوجيًّا والغريب أنهم كذلك فعلوا في مجال الإرهاب، فلا ينتظروا منّا إذن تبنّي انفرادي للقيط مزدوج النسب والهوية، سليل صُلبِنا وسليل صُلبِهم في آن. نحن اكتوينا بنارَين، نارُ إرهابهم الجوّي ونار إرهابنا الأرضي. ما أبعد إرهابهم على إرهابنا ! ما أكثر قتلانا من الإرهابَيْن، الإسلامي والغربي، مقارنة بعدد قتلاهم ! نُدينهم ونُدين أنفسنا وسنقاوم إرهابهم وإرهابنا وسننتصر بحول السماء وسنبقى شامخين أحياء كالنسر فوق القمة الشمّاء. أتمنى أن نتخلى عن عاداتِنا المتخلّفة. نحن زرعنا البذرة فلماذا نُنكِر نسبَ المولودَين إلينا في الحالتيْن (الإرهاب والعلم) !

 سؤال إنكاري:

لماذا لا تصنَعُ الدولُ الأسكندنافية -مثَلي الأفضل حاليًّا- إرهابًا، ولا تصدِّرُ إرهابًا، ولا تستورِدُ إرهابًا، ولا تغذِّي إرهابًا، ولا تأوي إرهابًا، ولا تسلّطُ إرهابًا على أحد، لا في الداخل ولا في الخارج، ولم يُسلَّط عليها إرهابٌ إلا نادِرًا ؟

 

 

 

 

 

ظاهرة انتشار الإرهاب الإسلامي

 

ظاهرة انتشار الإرهاب الإسلامي (منظمات "داعش" و"النصرة" بسوريا و"أنصار الشريعة" بتونس وغيرها) كانت نتيجة خيبة أمل حلت بالعرب بعد ثوراتهم الفاشلة سنة 2011 ولا علاقة لها بالدين الإسلامي مثلما كانت ظاهرة انتشار الإرهاب اليساري بدورها أيضًا نتيجة خيبة أمل حلت باليسار الأوروبي بعد فشل ثورات "ماي 68" (منظمات "الفعل المباشر" بفرنسا و"الألوية الحمراء" بإيطاليا و"بادر ماينهوف" بألمانيا الغربية وغيرها).

والدليل أن جل المجاهدين الشبان لم يكن لديهم معرفة جيدة بالقرآن والسنّة.

ملاحظة: رأي منقول من محاضرة على اليوتوب لأكاديمي أوروبي غير مسلم لم أتمكن من سماع اسمه.

vendredi 21 avril 2023

اليوم فقط فهمتُ حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم "مَن دخلَ بيتَ أبي سفيان فهو آمِنٌ" و"اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطُّلَقَاءُ"، وحكمة ميركل مع المليون لاجئ ! مواطن العالَم

 

 

يبدو لي أن ميركل، الرئيسة السابقة للحكومة الألمانية، قرأتْ التاريخ جيداً، أما الرسول فقد يكون وحيًاً أو اجتهادًاً، الله أعلَم !

ماذا يقول التاريخ ؟


نص أمين معلوف: أسوق إليكم خمسة أمثلة من التاريخ الحديث والمعاصر:

1. فرنسا: في سنة 1685، قرّر لويس الرابع عشر، ملك فرنسا، تهجير الأقلية البروتستانتية الفرنسية (Les huguenots). هؤلاء المهجَّرون من فرنسا ساهموا وبصفة كبيرة في نهضة العواصم الأوروبية الثلاث التي احتضنتهم، أمستردام ولندن وبرلين الذي أصبحت بفضلهم مدينةً منافسة لباريس (La grande rivale de Paris). في المقابل، ساهم هذا التهجير المكثف في إفقار فرنسا ثقافيًّا.

2. اسبانيا: في سنة 1492، سنة سقوط غرناطة، هُجِّر اليهود والمسلمون قسريّاً من قِبل كاثوليك اسبانيا المنتصرين، فنتج عن هذه الهجرة أن اسبانيا فقدت نخبتها وعجزت عن الاستفادة من فتحِها لأمريكا، ولم تتجاوز تخلفها مقارنة بالأمم الأوروبية إلا بعد 500 عام.

3. في أمريكا: ليس صدفةً أن تختص أمريكا، أقوى دولة في العالم، في استقبال أفواجٍ متعاقبةٍ من المُهجَّرين المغضوبِ عليهم في بلدانهم الأصلية مثل المتشددين البريطانيين، اليهود الألمان، الناجين من الثورات الروسية والصينية والكوبية والإيرانية والبروتستانت الفرنسيين.

4. في جنوب إفريقيا: نجح مانديلا في تحويل العسكر والشرطة، أدوات القمع لدى نظام البِيض العنصري، إلى مساندين لـ"أمة-قوس قزح" (Nation arc-en-ciel).

5. في مصر: مباشرة بعد ثورة 52، اتخذ عبد الناصر حُزمةً من الإجراءات القمعية: مصادرة، سَجْن، نَزْع ملكية، تأميم، إلخ. بهدف سَلْبِ الأقليات الأجنبية أملاكهم، لا لذنبٍ اقترفوه بل لكونهم أقليات احتفظت بهُويتها وثقافتها وتعايشت مع السكان الأصليين في وئام وسلام، ولكون بعضهم يحمل جنسية دول العدوان الثلاثي في 56 بعد قرار تأميم قناة السويس (فرنسا، بريطانيا، إسرائيل). وبهذه الإجراءات التعسفية أصدر عبد الناصر حكماً بالإعدام على مصر الليبرالية والعالمية (L`Égypte cosmopolite et libérale). تسبب عبد الناصر في هجرة مكثفة لكل الأقليات "المتمصِّرة" على ضفاف النيل، البعض منها مستقر منذ عدة أجيال والبعض الآخر منذ عدة قرون. الأقليات، هُمُ اللبنانيون، السوريون، اليهود، الأرمن، اليونانيون، الإيطاليون، الفرنسيون، الأنڤليز، الأتراك، إلخ. هذه الأقليات كانت تفضل حكم الباشوات على حكم العسكر، وكانت تنظر بعين الرضا إلى تواجد الجنود البريطانيين في مصر، وترى فيهم ضمانة للاستقرار عكس ما يراه السكان الأصليون من الأقباط والعرب. أقليات عوقِبت على مواقفها اللاوطنية. هل تستحق العقاب بتلك الكيفية أو لا تستحق ؟ تلك هي المسألة.


كلمة طيبة في أفراد الأقليات: هُمُ المُلَقِّحونْ كعاملات النحل، يحومون، يُدَوِّمون، يجمعون رحيقَ الزهور، مما قد يظهرهم في صورة انتهازيين أو طفيليين. لذلك لا نقتنعُ بإيجابيةِ دورِهم إلا بعد غيابهم أو فقدانهم. نستطيع أن نقارنهم بالشريان الذي يربط العالم المتخلف بالعالم المتقدم، لو قطعناه قطعَنا.

 

خاتمة المؤلّف محمد كشكار: هل فهمتم لماذا اليوم فقط فهمتُ حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم "مَن دخلَ بيتَ أبي سفيان فهو آمِنٌ" و"اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطُّلَقَاءُ"، وحكمة ميركل المتمثلة في منحها اللجوء السياسي لمليون لاجئ (سوريين وعراقيين وأكراد وأفغان: نُخَبُ بلدانهم الأصلية، فنانون، أطباء، ممرّضون، مهندسون، تقنيون، مدرّسون، إلخ) ؟


غمزة موجهة لأولي الألباب من بني وطني: المضحك-المبكي أننا ما زلنا في تونس القرن 21 نتغنى ونتباهى بكوننا مجتمعٌ متجانسٌ (Une société homogène)، أي مجتمعٌ عربيٌّ مسلمٌ سنّيٌّ مالكيٌّ أشعريٌّ جُنيدي... ماذا فعلنا بتجانسِنا وماذا فعل أجدادُنا بِعدم تجانسِهم ؟ تقدّموا عن عصرهم وتخلفنا نحن عن عصرنا ! وهذا أكبر دليل على جهلنا بتاريخ حضارتنا العربية-الإسلامية قبل جهلنا بتاريخ الحضارات الأخرى: عدمُ تجانسِ مواطني دولة الخلافة العباسية كان سببًا من أسباب ازدهار عصرها الذهبي (القرن الثالث والرابع هجري)، وعدمُ تجانسِ مواطني الدولة الأموية في الأندلس كان سببًا من أسباب نهضتها الثقافية (القرن 12 ميلادي). يبدو لي أن عدمَ تجانسِ المواطنين كان العاملَ الأساسيَّ الذي ساهم في ازدهار الحضارة العربية-الإسلامية في تلك العهود (خليط من الأعراق واللغات والثقافات: عرب، فرس، أتراك، سود أفارقة، هنود، أكراد، أوربيون، إلخ. وخليط من الديانات: مسلمون، مسيحيون، يهود، إلخ. تقريباً مثل أمريكا اليوم وفرنسا بصفة أقل).


إمضاء مواطن العالَم: و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

 

الناس تحملُ في أسمائها رايات دياناتِها، كما أجبِرَ اليهود على حَملِ النجمةِ الصفراءِ في أوروبا أيام النازية ! تأليف أمين معلوف، ترجمة مواطن العالَم

 

Citoyen du Monde, « Naître, c`est venir au Monde, pas dans tel ou tel pays, pas dans telle ou telle maison » Amin Maalouf, Les Désorientés.

نص أمين معلوف، دون إضافةٍ أو تعليقٍ:

كنا في لبنان نحلُمُ بِبَلدٍ حيث المواطنون لا يُعرَّفون أولاً بِهوياتهم الدينية. كنا نريدُ رَجَّ العقليات وخلخلة التقاليد.

لماذا المسيحيون يحملون وبصفة منهجية أسماءً مسيحيةً (ميشيل، جورج، إلخ)، والمسلمون أسماءً إسلامية (محمود، عبد الرحمان، إلخ.)، واليهود أسماءً يهودية (مُووِيز، سولومون، إلخ)؟

كل واحدٍ منّا يحملُ اسمًا يُعلِنُ عن دينِه، وكأنه يتباهى على خلقِ الله بانتمائه العقائدي.

لماذا لا نختارُ مكانها أسماءً محايدة مثل نعيم، سليم، أمين، سامي، رمزي، إلخ.

 

 

jeudi 20 avril 2023

الصداقة ؟ مواطن العالَم والديداكتيك، أصيل جمنة ولادة وتربية، يساري غير ماركسي

 

 

Citoyen du Monde, « Naître, c`est venir au Monde, pas dans tel ou tel pays, pas dans telle ou telle maison » Amin Maalouf, Les Désorientés

 

النص التالي مُستَوحَى من  من هذا الكتاب:

يُغِيظُنِي صديقٌ يطلبُ مني دومًا أن لا أحاكِم أصدقائي ولا أقيّمهم (Juger & évaluer). ولِمَ لا ؟ أكيد، لم أتوقف يومًا عن تقييمهم بموضوعية ومحاكمتهم بقسوة. لا يخلو كائنٌ عاقلٌ من مَلَكَةِ النظر إلى الأشياء وإبداء الرأي فيها. لكن الحُكمَ الذي أصدِره لا يهم إلا شخصي وأنا حر فيه، وهو لا يؤذِي الأصدقاء إلا لو اعتبروا أن فقدانَ صداقتي خسارةٌ.

أمنحُ احترامي لِمن أشاء وأسحبُه مِمّن أشاء، وقبل القطيعةِ النهائية مع صديقٍ ظلمني، أقيسُ ودي (doser)، أكظِمُ غيظي ولا أغفَلُه، أمحِّص حُجَجِي تمحيصًا وأنظر في كتابه، سيئاته نحوِي وحسناته، فإن قلّت موازينُه، أعلّقُ صداقتي في انتظار اعتذارٍ قد يُبلسِمُ جرحِي ويشفينِي، أو أتقوقعُ، أنزوي ثم رويدًا رويدًا  وبِخطوةٍ السلحفاةِ أبتعدُ.  أتراجعُ، أقتربُ، أحنُّ، أشكُّ، أتردّدُ، أضعُفُ، أضطرب، وفي غالب الأحيان على فقدان صديقٍ حميمٍ أبكِي، أذرِفُ دموعًا حارّةً وتفلِتُ من صدري زفراتٍ حَرَّى. أُرْجِي قراري وأُبْدِي تسامُحًا أو هكذا يبدو لي. بالِغُ الحساسيةِ أنا، هكذا خُلِقتُ وما خُيِّرتُ وما اخترتُ، حَسّاسًا وُلِدتُ و حَسّاسًا سوف أموتُ. لم أتجرّأ في حياتي على أحدٍ وإن حدث وأخطأتُ، أسارِعُ بالتودّدِ والاعتذارِ. لا أطالِبُكم بأكثرِ مما أبادلكم. لا أعطِي دروسًا لأحدٍ ولا أقبلُ وعظًا وإرشادًا أو مقايضة في إحساسي من أحدٍ، ولا يُثيرُ الفراقُ فيَّ إلا أسفًا وندمًا وحوارًا داخليًّا، جُرْحٌ لا يندملُ وحوارٌ لا ينتهي.

 

إمضائي

"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو

"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

 

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الخميس 12 أكتوبر 2017.

 

mercredi 19 avril 2023

Religion comparée : Islam et Protestantisme ! Amin Maalouf

 

 

« Luther ne recommande-t-il pas d`enlever des lieux de culte toutes les statues, estimant qu`elles sont objets d`idolâtrie ? « Les anges n`entrent pas dans une maison où se trouve un chien ou une représentation figurée », a dit le Messager de Dieu dans un hadith certifié. Luther n`affirme-t-il pas que la chrétienté n`est rien d`autre que la communauté des croyants, et ne doit pas être réduite à une hiérarchie d`Église ? N`assure-t-il pas que l`Écriture sainte est le seul fondement de la Foi ? Ne tourne-t-il pas en dérision le célibat des prêtres ? N`enseigne-t-il pas qu`aucun homme ne peut échapper à ce que son Créateur lui a prédestiné ? Le Prophète n`a pas dit autre chose aux musulmans. »

Référence: Amin Maalouf, Léon l`Africain, Ed. 34 J-C Lattès, 2012, p. 288

 


 

 

 

 

 

 

 

Quelle tolérance qui contraste avec le paysage actuel en terre d`islam ! Amin Maalouf

 

 

Le Coran incite à la tolérance entre les différentes religions de Dieu: « Dites : Nous croyons en Dieu et à ce qui a été envoyé du Ciel à nous, à Abraham et Ismaël, à Isaac, à Jacob, aux douze tribus, aux Livres qui ont été donnés à Moise et à Jésus, aux livres accordés aux prophètes par le Seigneur ; nous nous mettons point de différence entre eux, et nous sommes musulmans, résignés à la volonté de Dieu »

 

Référence: Amin Maalouf, Léon l`Africain, Ed. 34 J-C Lattès, 2012, p. 275

mardi 18 avril 2023

أمة بين هُوَّتَيْن أو هاوِتَيْن ! مواطن ترجمة مواطن العالَم والديداكتيك، أصيل جمنة ولادة وتربية، يساري غير ماركسي

 

 

حفرَ الغربُ هُوَّةً بين مستقبل العربِ وحاضرهم وحفر العربُ بأيديهم هُوَّةً أخرى بين حاضرهم وماضيهم المجيد جزئيًّا ونسبيًّا، فأصبحوا أمة بين هُوَّتَيْن أو هاوِتَيْن !

 

المصدر:

Les identités meurtrières, Amin Maalouf, Ed Grasset & Fasquelle, Paris, 1998, 211 pages.

نبذة عن أمين معلوف:

أمين معلوف، كاتب باللغة الفرنسية (Prix Goncourt 1993 pour « Le Rocher de Tanios »)، مزدوج الجنسية، من عائلة وتنشِئة مسيحية-عربية، لبناني-فرنسي، متعدد الهويات، لا ينكر انتماءه إلى أي واحدة منها وفي الوقت نفسه لا يضخّم من شأن واحدة على حساب الأخرى.

نصوص مختارة من أمين معلوف:

صفحة 76: "الشيء الذي أناضل اليوم ضده وسأناضل دومًا ضده، هو هذه الفكرة الثنائية الخاطئة القائلة بوجود من جهة، دينٌ -مسيحي- يهدف إلى نشر التقدم والحرية والتسامح والديمقراطية، ومن الجهة الأخرى دينٌ -إسلامي- مهيؤٌ من البداية للاستبداد والظلامية".

"أعرِّف المؤمن كالآتي: هو مَن يؤمن بـبعض القيم -التي ألخصها في واحدة:  كرامة الكائن البشري. أما الباقي فلا يعدو أن يكون إلا أساطير وآمال".

"لا تخلو ديانة من التعصب والتشدد والتطرف، لكن إذا قمنا بجردِ ما أنجزته الديانتان المتنافستان عبر التاريخ، لَلَاحظنا أن الإسلامَ لا يخجل من ماضيه.  لو كان أجدادي مسلمين في بلدٍ محتل من قِبل الجيوش المسيحية عوض أن يكونوا مسيحيين في بلدٍ محتل من قِبل الجيوش الإسلامية، لا أعتقد أنهم كانوا قادرين على مواصلة العيش والمحافظة على إسلامهم مثلما حافظنا نحن على مسيحيتنا طيلة 14 قرنًا. ماذا حصل في المقابل لمسلمي إسبانيا وسيسيليا ؟ انقرضوا عن بكرة أبيهم، مقتولين أو مُكرَهين على الهجرة أو مُمَسَّحِين بالقوة. منذ فجره، يزخَر التاريخ الإسلامي بقدرة عجيبة على التعايش مع الآخر. في أواخر القرن XIX، كانت إسطنبول، عاصمة أكبر قوة إسلامية في ذلك العصر، تعدّ في سكّانها أغلبية غير مسلمة، أساسيا يونانيين وأرمينيين ويهود. لـنتخيل في نفس العصر أن نصف سكان باريس أو لندن أو فيانّا أو برلين يتكون من مسلمين ويهود ؟ لا يزال بعض المواطنين الأوروبيين إلى اليوم يمتعضون من سماع الآذان في مدنهم".

"يجب أن نقارن ما يصلح للمقارنة. أسسَ الإسلام "اتفاقية تسامح" (un “protocole de tolérance”) في عهدٍ كانت فيه المجتمعات المسيحية لا تتحمل الآخر".

"بعد ما كان العالَم الإسلامي وعلى مدى قرون، رافعًا راية التسامح، أصبح اليوم في مؤخرة الأمم" (المؤلّف محمد كشكار: "أضحَى العالَم الإسلامي اليوم يُنعتُ بالتشدد والتطرف والتعصب والرجعية والظلامية ومعاداة المرأة والفن وحقوق الإنسان".)

"بالنسبة لي، بيّنَ التاريخ بوضوح أن الإسلامَ يحمل في داخلِه استعدادات وإمكانيات كبيرة للتعايش والتفاعل الخصب مع الثقافات الأخرى، لكن التاريخ الحديث بيّن أيضا أن رِدّة قد تحدث وقد تبقى هذه الإمكانيات الكامنة فيه كامنة على طول. (...) لو طبقنا التاريخ المقارَن على العالَم المسيحي والعالَم الإسلامي، سنكتشف من جهة، دين متعصب، حامل لنزعة الاستبداد، لكنه تغيّر شيئا فشيئا إلى دين تفتح على الآخر، ومن الجهة الأخرى، دين حاملٌ لرسالة تفتّح، لكنه شيئا فشيئا انحرف إلى سلوكيات متطرفة واستبدادية".

صفحة 85: "المجتمع الغربي صَنَعَ الكنيسة والدين اللذان كان هو في حاجة لهما". ... كل المجتمع شارَك، بمؤمنيه وملحديه" (المؤلّف محمد كشكار: "يبدو لي، حسب اجتهادي، أن هذه الجملة الأخيرة لأمين معلوف، يقابلها جملة قالتها جاكلين الشابي، عالمة أنتروبولوجيا: "الدين يخلق المجتمع والمجتمع يخلق دينَه").

 

 

 

 

lundi 17 avril 2023

في النصف الثاني من السبعينات، كنتُ أظن أن جميع مُنْتَسِبِي الحركات الإسلامية يتحلّون بمثلِ هذا السلوك الإسلامي المثالي ! مواطن العالَم

 

 

نص أمين معلوف: "المكان: مدينة فاس المغربية. الزمان: أواخر القرن الخامس عشر ميلادي، سنوات قليلة بعد سقوط غرناطة الأندلس (1492 ميلادي). كان يعيش في فاس "جماعة الحمّالين"، مجتمع صغير منظم يتكون من 300 رجل مع عائلاتهم، كلهم بسطاء، كلهم فقراء، جلهم أمّيين، ولكن رغم ذلك نجحوا في تكوين منظمة اجتماعية (Corporation-"نقابة"). كانت "نقابتهم" هي الأكثر احترامًا والأكثر تضامنًا والأحْكَم تنظيمًا. كل سنة كانوا ينتخبون رئيسَا يدير نشاطهم بدقة متناهية. وفي أوّل كل أسبوعٍ، الرئيس هو مَن يعيّنُ مَن مِن رجالِه سيشتغلُ، ومَن منهم سيرتاحُ حسب حالة نشاط السوق وتوافد القوافل وتَوفُّر المرافقين لها. ما يكسبُه الحمّالُ خلال يومِ عملٍ، لا يحملُه إلى منزلِه بل يضعه كله في صندوقٍ مشتركٍ، وفي آخرِ الأسبوعِ يُوزَّعُ المالُ المجمَّعُ بالتساوي بين مَن اشتغلوا في ذلك الأسبوع، باستثناء حصةٍ صغيرةٍ تُنفَقُ بكرمٍ في الأعمالِ الاجتماعيةِ المتعددةِ، مثلا: عند موتِ عاملٍ، تتكفلُ المجموعةُ بالمصاريفِ الكاملةِ لعائلتِه ويساعدونَ زوجتَه على البحثِ عن زوجٍ جديدٍ ويرعَوْن أطفالَه الصغارَ حتى يبلغوا أشدَّهم ويتعلموا مهنةً شريفةً. ابنُ أحدِهم هو ابنُ الجميعِ. أموالُ الصندوقِ تُنفَقُ أيضًا في الأفراحِ: كلهم يساهمونَ في توفيرِ مبلغٍ محترمٍ للزوجينِ، يمكِّنهما من بناءِ عُشِّ الزوجيةِ بأريَحيةٍ.  يراقبونَ كل ما يُعرضُ في السوق، يضمنونَ سلامتَه، ويَشهِرون محاسنَه في السوقِ بالصوتِ، طبعاً بِمقابل. كل المستهلكين وكل التجار يثقونَ في شهادتِهم ونزاهتِهم.

لا يتجرأ على أحدهم أحدٌ لأنه يعرف مسبقًا، إذا أصرّ وتمادَى، أنه سيواجه 300 رجلٍ وليس رجلاً واحدًا معزولاً. شعارُهم حديثٌ للرسول (صلى الله عليه وسلّم): "انصرْ أخاكَ ظالمًا ومظلومًا": نادرًا ما يتسبب أحدهم في شجارٍ، ولو حصلَ فسيجدُ دائمًا بين إخوته عاقلاً يرده عن غِيِّهِ.

هكذا كانوا، متواضعين جدًّا، لكنهم فخورون جدًّا بمهنتهم, محتاجون جدًّا، لكنهم كرماء جدًّا، بعيدون جدًّا عن سرايا السلاطين، لكنهم حاذقون جدّاً في حُكمِ أنفسهم بأنفسهم.".

تعليق المؤلّف محمد كشكار: مرّ نصفُ قرنٍ على تأسيس "الاتجاه الإسلامي" في تونس (حاليّاً "النهضة") وكَبُرْتُ أنا في السن فاكتشفتُ أن إسلاميينا التونسيين لا يختلفون كثيراً عن باقي التونسيين، هُم أبناءُ مجتمعِهم وبيئتِهم ونشأتهم، وليسوا أبناءَ إيديولوجيتِهم الإسلامية، فيهم الصالحُ وفيهم الطالحُ،  كإخوانِهم السلفيين واليساريين والقوميين والليبراليين، كلنا في الأنانيةِ والخبثِ والطمعِ والجشعِ والكسلِ سواسية، كلنا تونسيون "كِيفْ كِيفْ"، والحمد لله الذي لا يُحمَدُ على مكروهٍ سواهُ !

 

Référence: Amin Maalouf, Léon l`Africain, Ed. 34 J-C Lattès, 2012, p.p. 111-112.