lundi 30 novembre 2015

الإصلاح التربوي: بأي واقع بيروقراطي ثقيل ستطبِّق وزارةُ التربية "الحوكمة الرشيدة" داخلها؟ مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

الإصلاح التربوي: بأي واقع بيروقراطي ثقيل ستطبِّق وزارةُ التربية "الحوكمة الرشيدة" داخلها؟ مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

تعريف المفهوم:
مفهوم "الحوكمة الرشيدة" (La bonne gouvernance) هو مفهوم أنڤلو-ساكسوني حديث من أصل إغريقي ولا يمت لحكم الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم- بِأي صِلَة.
Selon la Banque Mondiale, la bonne gouvernance est la manière par laquelle le pouvoir est exercé dans la gestion des ressources économiques et sociales d'un pays au service du développement

الواقع البيروقراطي الثقيل:
 -  تَضُمُّ الإدارات المركزية لوزارة التربية الموجودة بالعاصمة قرابة 1600 موظف عمومي مرسم منهم حوالَي 50 مفقدا بيداغوجيًّا عامًّا لا شغل لهم سوى قبض مرتباتهم العالية نهاية كل شهر مع الإشارة أن وزارة التربية السويدية فيها وزير وكاتبة واحدة فقط على مساحة 300 م2
- تَضُمُّ المندوبيات الجهوية لوزارة التربية الموجودة بالولايات الـ24 على قرابة 2400 موظف عمومي مرسم بمعدل 100 لكل مندوبية. 
 -  تُشغِّلُ الوزارة في كل الجمهورية ما يقارب 624 مفقدا بيداغوجيًّا في التعليم الإعدادي والثانوي بمعدل 2 لكل مادة من مجموع 13 مادة تدريس في 24 مندوبية جهوية. لن تتعطل الدروس دقيقة واحدة ولن يتضرر تلميذٌ واحدٌ لو غابوا كلهم في يوم واحد مع العلم أن أنجح نظام تعليم في العالم، النظام الفنلندي خالٍ تماما من المفقدين البيداغوجيين ولذلك -حسب رأيي- فاز وتفوّقَ. أضف إليهم نفس العدد أو أكثر في التعليم الابتدائي.
   -  تُشغِّلُ الوزارة في كل الجمهورية ما يقارب 240 مرشدًا للتوجيه (يعادل رتبة ومرتب مفقد) بمعدل 10 لكل مندوبية جهوية، جل عملهم يقوم به مئات الأساتذة المكلفون بالتوجيه.

الحصيلة: 50 مفقدا بيداغوجيًّا عامًّا + 624 × 2 مفقدا بيداغوجيًّا + 240 مرشدًا للتوجيه = 1538 مرتب عالٍ مقابل شغل موسمي.

لو طبقنا في تونس نموذج تفقد "المراقبة عن بعد و الدعم و العلاج عن قرب" الذي يُطبَّق في الشيلي وبعض مقاطعات سويسرا: تختار وزارتُنا 1538 مدرسة تونسية تعاني من صعوبات بيداغوجية. تعيّن الوزارة في كل مدرسة ضعيفة مفقدا بيداغوجيًّا واحدا. يسكن فيها ويرافق المدرّسين طيلة السنة ويشرّكهم في تحمّل المسؤولية التربوية ويحثهم على الاجتهاد لإيجاد حلول لمشاكلهم تكون من صنعهم. وفي نهاية السنة الدراسية تجمعهم الوزارة وتجنّدهم للإشراف على اجتياز الامتحانات الوطنية وعلى التوجيه الجامعي بعد الباكلوريا. وهكذا تكون "الحوكمة الرشيدة" أو لا تكون.

مصدر الأرقام: مفقد إداري-مالي عام بوزارة التربية لا يرغب في ذكر اسمه.

إمضائي
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الاثنين 30 نوفمبر 2015.


اللغة والدين، تعايُشٌ أم تَنافُسٌ؟ ترجمة مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

اللغة والدين، تعايُشٌ أم تَنافُسٌ؟ ترجمة مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

المصدر:
Les identités meurtrières, Amin Maalouf, Ed Grasset & Fasquelle, Paris, 1998, 211 pages
نص أمين معلوف، مقتطفات مبَعثرة من ص 170 إلى 185 :
-         اللغة تحدّد الثقافة والهوية لكل فردٍ.
-         اللغة هي المنافس الأساسي للدين.
-         لا يكفي الدين وحده  لتجميع مجتمعات تتكلم لغاتًا مختلفةً مثل المسلمين الأتراك والكُرد والعرب.
-         لا تكفي اللغة وحدها لتجميع مجتمعات لها أديان مختلفة مثل الأرتدوكسيين الصِّرب و الكثوليكيين الكروات والبوسنيين المسلمين.
-         كثيرا من الدول التي تأسست حول لغة مشتركة جَزَّءَتها حروب دينية مثل يوغزلافيا سابقًا ولبنان مستقبلاً.
-         نسجَ التاريخ رِباطًا متينًا عبر قرون بين اللغة والدين مثل العربية والإسلام (اللغة نشرت الإسلامَ والإسلامُ حَمى العربية من الاندثار) واللاتينية والمسيحية (اللاتينية بقيت والآرامية لغة المسيح انقرضت) والألمانية واللوثرية وبفضل العِبرِية الحديثة أسس الصهاينة دولة من عدم.
-         قد يعيش الفرد دون دين لكن يستحيل أن يعيش دون لغة.
-         قد يكون الدين عامل إقصاء للمختلف عقيدة أما اللغة فهي دومًا عامل تجميع بين المختلفين في العقيدة.
-          يستطيع الفرد أن يتكلم عدة لغات لكنه لا يستطيع أن يكون في نفس الوقت يهوديًّا ومسلما وحتى لو نجح أحدهم في الجمع بين ديانتين فسيلفظه اليهود والمسلمون في آن.
-          ستبقى اللغة حاملا أساسيا للهوية، وسيبقى التنوع اللغوي حاملا أساسيا للتنوع الثقافي.
-         لا شيء أخطر من قطع حبل السرّة الذي يربط الفرد بلغته الأصلية والدليل أن حرمان الجزائريين من التعبير بالعربية يفسر دموية حرب التحرير الجزائرية أكثر من الاستهتار بدينهم مع الإشارة التاريخية إلى أن فرنسا لم تحاول بجدية تنصيرَهم.
-         يبدو لي أن حرية اللغة أهم من حرية المعتقد : أجد حرجا في مساندة الثانية لِما قد تنشره بعض المعتقدات الرجعية من تكفير وعدوانية وكره واستنقاص من قيمة المرأة في المجتمع، وفي المقابل لا أشعر بأي حرجٍ في مساندة حق كل فرد في التعبير بلغته الأصلية.
-         صحيح أن كل اللغات لم تولد متساوية لكن سأقول في شأنها ما أقول في الأفراد أي حق كل لغة في احترام كيانها وكرامتها.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الاثنين 30 نوفمبر 2015.


dimanche 29 novembre 2015

شهادة صعبة في زمنٍ صَعْبٍ، والله لم يطلبها مني أحد ولا أنتظر من ورائها شيئًا من أحد! مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

شهادة صعبة في زمنٍ صَعْبٍ، والله لم يطلبها مني أحد ولا أنتظر من ورائها شيئًا من أحد! مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

كلمةٌ من تأليفي الشخصي أوحَت بها إلىَّ قراءتي الأولى للرائع أمين معلوف (Les identités meurtrières).
نبذة عن أمين معلوف: كاتب عربي باللغة الفرنسية (
Prix Goncourt 1993 pour « Le Rocher de Tanios »)، مزدوج الجنسية، من عائلة وتنشِئة مسيحية-عربية، لبناني-فرنسي، متعدد الهويات، لا ينكر انتماءه إلى أي واحدة منها وفي الوقت نفسه لا يضخّم من شأن واحدة على حساب الأخرى.

لستُ نهضاويًّا ولن أكون و لستُ ماركسيًّا ولن أكون ولِـيَساريتي وعَلمانيتي بقدرة الله لن أخون. لم أعرف في محيطي الضيّقِ المحدودِ جدا -قبل وبعد الثورة- إلا "خوانجية" هاربين ليسوا إرهابيين. عرفتُ عن قُرْبٍ القليلَ القليلَ منهم (حوالي عشرين وأستحضر أسماءَهم فردًا فردًا)، عرفتُهم من بطش "بن علي" هاربين أو منفيّين أو مشرّدين أو متخفّين أو زملاء من التدريس مطرودين أو طلبة من التعليم محرومين أو في سجونه ومراكزه مُهانين أو مَسجونين أو مُعذَّبين.

أما الإخوان المصريين فقد سمعتُ عنهم في رابعة مُبادين ومن بطش "السيسي" فارّين وعند الجيران لاجئين وفي بلادهم مُلاحَقين. سأكتفي بما قاله فيهم خصمهم الفكري المرحوم جمال البنَّا (شقيق مؤسسهم ومرشدهم الأول حسن البنَّ) عندما عايَرهم بِسِلْمِيَّتِهم بل بجبنهم أمام أنظمة عبد الناصر والسادات ومبارك.

لستُ غِرًّا وأعي جيدا أن بعضهم في تونس ومصر نفّذ أعمالَ عنفٍ مُدانةٍ، كانت بمثابة الشجرة التي أخفت الغابة عن عيون مَن يرى إلا ما يريدُ أن يرى مثل كنوز الماركسية التي كادت أن تخفيها جرائم "بول بوت" الشيوعي، هذا الحاكم المجرم الذي أباد خُمُسَ شعبه الكمبودي (قرابة المليون) وسجن 20 ألف كثيرٌ منهم أطفالًا وفقّر وشرّد وجوّع الباقي. "داعش" تظهر هاوِية ورحيمة مقارنة بجرائم نظامه الماوي "الخمير الحمر" (1975-1979) المُسنَدِ من قِبلِ الحزب الشيوعي الفيتنامي والصين الشعبية.

صحيح أن للإخوان المسلمين عموما قرابة فكرية وعقائدية مع المنظمات الإرهابية الإسلامية (القاعدة والنصرة وداعش وغيرها) لكن -على حد تحليل أمين معلوف الذي شبَّه "الخمينيّ بـ"ماو" وليس بأبي بكر أو عمر- تُوجَد لهم قرابة تنظيمية وإجرائية أكثر مع عصرهم الحاضر وليس عصر سَلَفِهم "الصالح" أي مع المنظمات الإرهابية الشيوعية في السبعينات (الألوية الحمراء في إيطاليا والفِعل المباشر في فرنسا وبادر ماينهوف في ألمانيا والجيش الأحمر في اليابان وغيرها).

أنتظر من الاثنين ثلاثة أشياء لم ينجِزوها بعدُ: النقد الذاتي العلني وإدانة كل المنظمات الإرهابية السابقة والحالية إسلاميةً كانت أو شيوعيةً والتبنّي بصدقٍ وإخلاصٍ مبدأ حرية الضمير والمعتقد. لا أنتظر تفهُّمًا من بعض أصدقائي اليساريين الذين عوّدوني على الإساءة المجانية لشخصي دون نقاش أفكاري، لقد قاربتُ خط اليأس منهم. وجدتُ في موقفي هذا مساندةً فكريةً من حيث لا أنتظرها، وجدتُها قوية من كاتب فرنسي-لبناني مسيحي الأصل ومن مثقفين عرب يساريين من أمثال عبد الله العروي وهاشم صالح وجيلبار النقاش ومحمد الشريف الفرجاني وجمال البنَّا وغيرهم.

إمضائي المحيّن:
قال الشاعر الشيوعي التركي العظيم ناظم حكمت: "أنا الذي أحمل في رسغي الطوق الحديدي، وكأنه سوار من ذهب، وأتطلع إلى حبل المشنقة، دون أن يهتز جفنه، هل يهتز لتهديدك نعلي؟".
قال علي حرب: "الحقيقة أن الفلسفة لا تعدو كونها تجربة إنسانية فريدة، تحقيقا لحلم شخصي"
"الإنسان لا يقع خارج التاريخ بل داخله. ولا يتعالى عليه بل ينخرط فيه. من هنا قلما تصح النبوءات والتكهنات".
قال جان بول سارتر: "يجب أن لا نشعر بالخجل عندما نطلب القمر".
قال أنشتاين: "لا تُحَلّ المشاكل باستعمال نفس أنماط التفكير التي أنتجتها".
قال جبران خليل جبران: "وعظتني نفسي فعلمتني أن لا أطرب لمديح ولا أجزع لمذمّة".
قال مواطن العالَم د. محمد كشكار: "يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد"، "لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى"، "على كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي"، "عندما تنقد إيديولوجية في حضور صديقك تُطلعه على جزء من فكرك. فإن كانت غير إيديولوجيته شجعك وشكرك. وإن كانت إيديولوجيته تجاهلك واحتقرك"، "ألا ليتني كنت ذاتا لا تنشر، ولا تكتب، فألَمُ التغريد خارج السرب أمرّ من ألَمِ الصمت"، "نفسي مثقلة بالأحلام فهل بين القُرّاء مَن يشاركني حلما ويخفّف عني حملي؟"، "لا يوجد دينٌ محصَّنٌ من الضلال الفردي ولا دينٌ ينفرد بالتقوى"، "أنا الذي أحمل في رأسي نقدٌ دائمٌ للسائد القائم، وكأنه مرضٌ مزمِنٌ، وأتطلع إلى مواجهة الحجة بالحجة، دون أن يتهافت عقلي فهل تعتقد أن يهتز لعُنفك اللفظي، يا أرتدوكسي، نَقديي؟". "أشعر أن هناك اختلافات كافية بيني وبين القرّاء لذلك أجد من الضرورة المحافظة على شعرة معاوية التي تفصل بيني وبينهم من أجل إمكانية مواصلة مناقشتها بطرق مثمرة".
أؤكد ما قلت صادقا مع نفسي وليس عن تواضع مبطّن بالغرور، ولا عن مَسكنة يُراد بها استجداء العطف، إنما لأنني أعي جيدا أن اختصاصي العلمي يبقى بطبيعته ناقصا محدودا واختزاليا. 
معنى كلمة "كشكار":
"كشكار دائم ولا علامة مقطوعة" (مَثل متداوَل في مصر منذ سبعة قرون). تفسيره: الكشكار هو الدقيق الخشن الذي يقدر على شرائه الفقراء، والعلامة هي الدقيق المكرَّر الذي لا يقدر على شرائه الفقراء. يشرِّفني أن تكون مقالاتي الفيسبوكية غذاءً فكريّا في متناول الفقراء.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 29 نوفمبر 2015.
Haut du formulaire


samedi 28 novembre 2015

"الريحُ يسيِّرها ربُّها أما السفينةُ فيوجهها رُبّانُها" محمد كشكار، قولة مستوحاة من أمين معلوف

"الريحُ يسيِّرها ربُّها أما السفينةُ فيوجهها رُبّانُها" محمد كشكار، قولة مستوحاة من أمين معلوف

يبدو أن الأبناء يشبهون عصرهم أكثر مما يشبهون أجدادهم. ترجمة مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

يبدو أن الأبناء يشبهون عصرهم أكثر مما يشبهون أجدادهم. ترجمة مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

المصدر:
Les identités meurtrières, Amin Maalouf, Ed Grasset & Fasquelle, Paris, 1998, 211 pages

نص أمين معلوف:
صفحة 135-136: يبدو أن الأبناء يشبهون عصرهم أكثر مما يشبهون أجدادهم. لا أبالغ عندما أقول أنني أجد أشياء كثيرة مشتركة بيني وبين أي مواطن مارّ بالصدفة في شوارع باريس، القاهرة، لندن، روما أو داكار أكثر مما أجده بيني وبين جَدُّ جَدِّي. ليس فقط في تشابه المظهر الخارجي واللِّباس والمِشية، ليس فقط في نمط الحياة ونوعية العمل وهندسة السكن والأشياء المستعملة في المعيش اليومي، لكننا نتشابه أيضا في التصورات الأخلاقية وطُرُقِ التفكير والاعتقاد. مهما كُنّا، مسيحيين أو مسلمين أو يهود أو بوذيين أو هندوسيين أو بَهائيين، فإن نظرتُنا لهذا العالَم المادي أو العالَم الآخر لا تمت بصلة لِما كان يراه أجدادنا منذ 500 عام.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، السبت 28 نوفمبر 2015.






vendredi 27 novembre 2015

أبلغُ نقدٍ قرأته في الإيديولوجية القومية. ترجمة مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

أبلغُ نقدٍ قرأته في الإيديولوجية القومية. ترجمة مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

المصدر:
Les identités meurtrières, Amin Maalouf, Ed Grasset & Fasquelle, Paris, 1998, 211 pages

نص أمين معلوف:
صفحة 110: "أليس أول فضيلة عند الإيديولوجية القومية هي البحث عن مذنِبٍ لكل مشكلة عوض البحث عن حل".

إضافة محمد كشكار: نكبة فلسطين سنة 1948: خيانة تركيا وبريطانيا، "نكسة" جمال عبد الناصر سنة 1967 أمام الجيش الإسرائيلي: خيانة رئيس أركان جيشه عبد الحكيم عامر، نصف هزيمة مصر في حرب أكتوبر 1973 أمام الجيش الإسرائيلي: خيانة أنور السادات، هزيمة صدام حسين سنة 2003: تحالف الدول العربية ضده مع الدول الغربية، فشل ثورات الربيع العربي: مؤامرة غربية ضد العروبة والإسلام، إلخ.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، السبت 27 نوفمبر 2015.







يبدو لي أنه من الأسلَمِ أن لا يطلبَ اليساري التونسي العَلماني (لا أستثني نفسي) من أخيه الإسلامي التونسي أن يتخلى عن ثوابتِه الدينية والثقافية والمِثلُ بالمِثلِ! ترجمة بشيء من التوسّع، مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

يبدو لي أنه من الأسلَمِ أن لا يطلبَ اليساري التونسي العَلماني (لا أستثني نفسي) من أخيه الإسلامي التونسي أن يتخلى عن ثوابتِه الدينية والثقافية والمِثلُ بالمِثلِ! ترجمة بشيء من التوسّع، مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

المصدر:
Les identités meurtrières, Amin Maalouf, Ed Grasset & Fasquelle, Paris, 1998, 211 pages
نبذة عن أمين معلوف:
كاتب باللغة الفرنسية (Prix Goncourt 1993 pour « Le Rocher de Tanios »)، مزدوج الجنسية، من عائلة وتنشِئة مسيحية-عربية، لبناني-فرنسي، متعدد الهويات، لا ينكر انتماءه إلى أي واحدة منها وفي الوقت نفسه لا يضخّم من شأن واحدة على حساب الأخرى.

ترجمة نص أمين معلوف بشيء من التوسّع:
صفحة 100-101: أنا أستغرِبُ كيف يطلبُ منه أن يعترف بأن صناعته العربية-الإسلامية التقليدية قد وَلّت وبلِيت، وأن كل ما ينتجه اليوم لا يساوي شيئًا مقارنة بما ينتجه الغربُ، وأن تعلّقه بوصفاتٍ طِبِّيةٍ عربيةٍ أصبح يُصَنّف في باب الشعوذةِ، وأن انتصارات جيوشه العربية-الإسلامية لا تعدو أن تكون مجرّدِ ذِكرَى مُبهمَة (دخول مصر والعراق وإسبانيا وفلسطين-مرّتين وغيرها كثيرين) تركها أبطالُه العسكريين المقدَّسين (حمزة وعلي وخالد والجرّاح وأسامة وصلاح الدين وعمر المختار وغيرهم كثيرون)، وأن شعراءه الكبار (عنترة وامرؤ القيس وأبو تمام وحسّان والمتنبئ وشوقي وأبو القاسم الشابي وغيرهم كثيرون) وعلماءه (الخوارزمي وابن سينا والجزار وابن هيثم وابن جبر وابن النفيس وابن خلدون وغيرهم كثيرين) وشخصياته المرموقة (أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعائشة وفاطمة والحسين وغيرهم كثيرون) وجوّالِيه (ابن بطوطة وغيره)، كلّهم لا يُساوون نكلة في عيون العالَم غير الإسلامي، وأن دينه (الإسلام) متهم بالتكلّس والدغمائية والرجعية والظلامية والتزمّت والتعصّب والتطرّف والهمجية والاستبداد والدموية (حَشرُ القاعدة وداعش والنصرة وطالبان وGIA وغيرها من المنظمات الإرهابية زورًا وبُهتانًا في الإسلام والوقع أننا لم نسمع لها في تاريخنا العربي-الإسلامي شبيها أو ذكرى، على العكس قد نجد لها في التنظيمات الشيوعية والنازية والفاشستية والقومية بنات عمومة، كالقمصان الزرق أو السود وبادِرْ مايِنْهُوفْ الألمانية والألوية الحمراء الإيطالية والفِعْلُ المباشر الفرنسية وبعض فِرَقِ الجيش الأحمر التروتسكي أو الستاليني أو الماوي أو البول بوتي أو الياباني وسَرايا الدفاع لرفعت الأسد وكتائب حزب الكتائب اللبناني وجيش فرانكو أو بينوشيه وCIA   الأمريكية و KGB  السفياتية والمنظمات الإرهابية الصهيونية ومنظمة كوكسلان الأمريكية وغيرها كثير وجل الأحزاب الإسلامية العلنية هي أحزابٌ غير ديمقراطية في داخلها لأنها أقِيمت على النمط الحزبي الستاليني)، وأن لغته العربية لم يعُد يهتم بدراستها إلا حفنة من المختصين، وإذا أراد العربي أن يعيش ويعمل ويتواصل مع باقي الإنسانية فعليه أن يتكلم بلسانهم وفي المقابل كمْ من الغربيين يرَون حاجة اليوم أو منفعة في تعلم اللغة العربية أو التركية.

في كل خطوة يجد المواطن العربي المسلم نفسه معرّضا للإهانة والشعورِ باليأس والخيبة. فكيف لا تكون شخصيته مجروحة؟ وكيف لا يشعر بأن هويته مهدّدة؟ وكيف لا ينتابه شعورٌ بأنه يعيش في عالَم على ملك الآخرين، عالَم يخضع لنواميس مملاة من الآخرين، عالَم يحسّ فيه العربي-المسلم بأنه يتيمٌ، أجنبيٌّ، دخيلٌ أو  مَنبوذٌ؟ وكيف يمكن أن نتجنب أن ينتابَ البعض من العرب المسلمين شعورٌ بأنهم خسِروا كل شيء وأنهم باتوا كشمشون الجبّار يتمنون سقوط النظام، أي نظام، ويردِّدون قولته الشهيرة: "يا رب، علَيَّ وعلى أعدائي؟".

خلاصة القول: قبلَ أن نَحرِم المواطن العربي-المسلم من عُكّازَتَيه القديمَتَيْن الضرورِيَّتَيْن للحياة، يجب أن نحثه ونساعده على أن يصنَعِ بيديْه عُكّازتَيْنٍ جديدَتيْنٍ يكونانِ أفضلَ له من القديمَتيْنِ! وفي المقابل أطلب من المواطن الإسلامي التونسي أن يعامِل أخيه المواطن اليساري العَلماني بمثل ما يرغب أن يعامله هذا الأخير، ويجب أن لا ننسى أنّ لليساريين ثوابتهم المكتسبة وأخلاقهم الكونية ولهم ثقافة عالية ورموزٍ وجب على الإسلامي احترامها، لم أقل عدم نقدِهم. ولْيُؤمِن ويطَبِّق كلاهما مبدأ حرية الضمير والمعتقد المضمون في الدستور التونسي الجديد.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الجمعة 27 نوفمبر 2015.






mercredi 25 novembre 2015

يجب أن لا نخجل من أنفسنَا، لنا ضلع في هذا الإرهاب كما لغيرنَا ولنا كما لغيرنَا أيضا باع وذراع في المشاركة الفعّالة في بناء الحضارة الإنسانية! مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

يجب أن لا نخجل من أنفسنَا، لنا ضلع في هذا الإرهاب كما لغيرنَا ولنا كما لغيرنَا أيضا باع وذراع في المشاركة الفعّالة في بناء الحضارة الإنسانية! مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

ملاحظة:
الفكرة الأصلية للمقال مستوحاة من كتاب:Les identités meurtrières, Amin Maalouf, Ed Grasset & Fasquelle, Paris, 1998, 211 pages

نص محمد كشكار:
كتب أمين معلوف ص 94: "أنا أعتبِرُ الحضارة الغربية المعاصِرة المسيطِرة حدثًا لا سابقةَ له في التاريخ. مرّت في التاريخ فترات تجلى فيها تقدّمِ بعض الحضارات على غيرها جميعًا (الفرعونية المصرية، ما بين النهرين في العراق، الصينية، اليونانية، الرمانية، البيزنطية أو العربية-الإسلامية). لكن ما تفجّرَ في أوروبا منذ القرن الثالث عشر ميلادي هو شيء مغاير تمامًا. أنا أتمثله كعملية إخصاب: عديد الحيوانات المنوية تتجه نحو البويضة، واحدٌ منها فقط نجح في اختراق غشائها وأبعِدَ باقي المرشحين. من الآن فصاعدا أصبح للحضارة الغربية المسيطِرة أبٌ واحدٌ، لا أبًا قبله ولا أبًا بعده، وله وحده سيشبه الابن. لماذا هو وليس غيرَه؟ هل هو أفضل من جيرانه أو منافسيه؟ هل كان الأسلم فيهم أو الأكثر وعْدًا مستقبلا؟  ليس بالضرورة، ليس بصورة قاطعة. عديد العوامل تدخلت في انبثاق الحضارة الغربية، منها ما هو مرتبط بأداء وكفاءة المواطن الغربي، ومنها ما هو خاضع للظروف الموضوعية، ومنها ما هو رهين الصدفة..." انتهت الاستعارة وتوقف الاستشهاد.

رغم أن الحظ لم يحالِفنا ولم نلقِّح بويضَة الحضارة المتفوقة لكننا لم نكتف بدور المتفرج: في تأسيس العمران شاركنا وفي تطوير الطب والفلك والجبر والألڤوريتم والبصريات كذلك فعلنا وفي التعايش بين الأديان سبقْنا. كنا لهذه البويضة بمثابة الرحم الحنون ولم نتنكر للمولود إلا بقدر عقوقه لنا. في القرنين الماضيين، غذّينا الغربَ بعَرَقِنا ولم يبخل عليه ملايين عمالنا المهاجرين بجهدهم في مزارعه ومصانعه، دخلوا دواميسَ مناجمه واستخرجوا فحمها  وبأيديهم عبّدوا طرقاته السيّارة وشيدوا قناطره وأعلوا ناطحات سحابه. واليوم مئات الآلاف منّا يدرّسون في معاهده وجامعاته ويعملون بحّاثة في مخابره، وبفضل ابتكاراتهم نالَ الغربُ أعلى الجوائز العالمية العلمية والأدبية (أحمد زويل وفاروق الباز ومحمد أوسط العياري وأمين معلوف والطاهر بن جلون ومحمد أركون وغيرهم كثيرون).

لماذا نُصِرُّ على رفضِ مولودٍ (الحضارة الغربية)، شاركْنا، نحن المُبدِعون باللغة العربية عبر التاريخ، في تنشِئته وتربيته وأفدنا واستفدنا ولا زلنا نستفيدُ من ذكائه! كمواطن عربي-مسلم، أنا أناضل لمرافقة نفسي ورفاقي في العِرق والثقافة من أجل مساعدة أنفسنا على تخطي أزمة الهوية التي نمرُّ بها في هذا الزمن الرديء. نساعد أنفسنا على تجاوز حزننا على فقدان جزء هام من هويتنا وحضارتنا العربية-الإسلامية دون الإحساسِ بمرارة عقدة الذنب أو حلاوة وهم التفوق ودون شعورٍ بالإهانة ودون تنكّرٍ لتاريخنا المجيد جزئيًّا ونسبيًّا ككل التواريخ.

حضارتهم شاركنا في صنعها وإرهابنا ليسوا أبعدَ منّا إليه. صحيح أنهم تفوقوا علينا علميًّا وتكنولوجيًّا والغريب أنهم كذلك فعلوا في مجال الإرهاب، فلا ينتظروا منّا إذن تبنّي انفرادي للقيط مزدوج الهوية، سليل صلبنا وصلبهم في آن. نحن اكتوينا بنارين، نارُ إرهابهم الجوّي ونار إرهابنا الأرضي. ما أبعد إرهابهم على إرهابنا! ما أكثر قتلانا من الإرهابَيْن مقارنة بعدد قتلاهم! نُدينهم ونُدين أنفسنا وسنقاوم إرهابهم وإرهابنا وسننتصر بحول السماء وسنبقى شامخين أحياء كالنسر فوق القمة الشمّاء. أتمنى أن نتخلى عن عاداتِنا الجاهلية، نزرعُ البذرة ونُنكِر نسبَ المولود في الحالتيْن!

سؤال إنكاري:

لماذا لا تصنَعُ الدولُ الأسكندنافية -مثَلي الأفضل حاليًّا- إرهابًا، ولا تصدِّرُ إرهابًا، ولا تستورِدُ إرهابًا، ولا تغذِّي إرهابًا، ولا تأوي إرهابًا، ولا تسلّطُ إرهابًا على أحد، لا في الداخل ولا في الخارج، ولم يُسلَّط عليها إرهابٌ إلا نادِرًا؟

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأربعاء 25 نوفمبر 2015.





mardi 24 novembre 2015

يبدو لي أنه من التبسيط والتسطيح أن نحشر الإسلام في تفسير كل ما يحدث في البلدان الإسلامية! ترجمة مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

يبدو لي أنه من التبسيط والتسطيح أن نحشر الإسلام في تفسير كل ما يحدث في البلدان الإسلامية! ترجمة مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

المصدر:
Les identités meurtrières, Amin Maalouf, Ed Grasset & Fasquelle, Paris, 1998, 211 pages
نبذة عن أمين معلوف:
كاتب باللغة الفرنسية (Prix Goncourt 1993 pour « Le Rocher de Tanios »)، مزدوج الجنسية، من عائلة وتنشِئة مسيحية-عربية، لبناني-فرنسي، متعدد الهويات، لا ينكر انتماءه إلى أي واحدة منها وفي الوقت نفسه لا يضخّم من شأن واحدة على حساب الأخرى.

نص أمين معلوف:
صفحة 90: ما أقف ضده اليوم، هو هذه العادة الركيكة التي سلكها -في الشمال كما في الجنوب- الملاحظون عن بُعد  والأتباع المتحمسون والتي تتمثل في تصنيف كل حدثٍ يقع، في بلد إسلامي، تحت يافطة الإسلام. والواقع يُقِرّ بوجود عواملَ أخرى متداخلة في اللعبة وهي أصلَح بكثير لتفسير ما يحدث.
تستطيع أن تقرأ عشرة مجلدات حول تاريخ الإسلام منذ انبعاثه، لكنك قد لا تفهم شيئًا مما يقع في جزائر القرن العشرين. اقرأ فقط ثلاثين صفحة حول الاحتلال الفرنسي وحرب التحرير الجزائرية وسـتفهم أفضل بكثير. (...) عادة ما نضخِّم من دور الأديان في التأثير على الشعوب وفي المقابل نقلِّل من دور الشعوب وتاريخها في التأثير على الأديان. أنا أعي أن التأثيرَ متبادلٌ، المجتمع يصنع دينه والدين بدوره يصنع المجتمع. لكنني ألاحظ أن نوعًا من التفكير بدأ يقودنا على التركيز على جانب واحد فقط من الجوانب المتعددة لهذه الجدلية، مما قد يتسبب في ضبابية في الآفاق والرُّؤَى.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الثلاثاء 24 نوفمبر 2015.





lundi 23 novembre 2015

حفرَ الغربُ هُوَّةً بين مستقبل العربِ وحاضرهم وحفر العربُ بأيديهم هُوَّةً أخرى بين حاضرهم وماضيهم المجيد جزئيًّا ونسبيًّا، فأصبحوا أمة بين هُوَّتَيْن أو هاوِتَيْن! ترجمة مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

حفرَ الغربُ هُوَّةً بين مستقبل العربِ وحاضرهم وحفر العربُ بأيديهم هُوَّةً أخرى بين حاضرهم وماضيهم المجيد جزئيًّا ونسبيًّا، فأصبحوا أمة بين هُوَّتَيْن أو هاوِتَيْن! ترجمة مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

المصدر:
Les identités meurtrières, Amin Maalouf, Ed Grasset & Fasquelle, Paris, 1998, 211 pages
نبذة عن أمين معلوف:
كاتب باللغة الفرنسية (Prix Goncourt 1993 pour « Le Rocher de Tanios »)، مزدوج الجنسية، من عائلة وتنشِئة مسيحية-عربية، لبناني-فرنسي، متعدد الهويات، لا ينكر انتماءه إلى أي واحدة منها وفي الوقت نفسه لا يضخّم من شأن واحدة على حساب الأخرى.

نصوص مختارة من أمين معلوف:
صفحة 76: "الشيء الذي أناضل اليوم ضده وسأناضل دومًا ضده، هو هذه الفكرة الثنائية الخاطئة القائلة بوجود من جهة، دينٌ -مسيحي- يهدف إلى نشر التقدم والحرية والتسامح والديمقراطية، ومن الجهة الأخرى دينٌ -إسلامي- مهيأ من البداية للاستبداد والظلامية".
"أعرِّف المؤمن كالآتي: هو مَن يؤمن بـبعض القيم -التي ألخصها في واحدة:  كرامة الكائن البشري. أما الباقي فلا يعدو أن يكون إلا أساطير وآمال".
"لا تخلو ديانة من التعصب والتشدد والتطرف، لكن إذا قمنا بجردِ ما أنجزته الديانتان المتنافستان عبر التاريخ، لَلَاحظنا أن الإسلامَ لا يخجل من ماضيه.  لو كان أجدادي مسلمين في بلدٍ محتل من قِبل الجيوش المسيحية عوض أن يكونوا مسيحيين في بلدٍ محتل من قِبل الجيوش الإسلامية، لا أعتقد أنهم كانوا قادرين على مواصلة العيش والمحافظة على مسيحيتهم في مدنهم وقراهم طيلة 14 قرن. ماذا حصل في المقابل لمسلمي إسبانيا وسيسيليا؟ انقرضوا عن بكرة أبيهم، مقتولين أو مُكرَهين على الهجرة أو مُمَسَّحِين بالقوة. منذ فجره، يزخَر التاريخ الإسلامي بقدرة عجيبة على التعايش مع الآخر. في أواخر القرن XIX، كانت إستنبول، عاصمة أكبر قوة إسلامية في ذلك العصر، تعدّ في سكّانها أغلبية غير مسلمة، أساسيا يونانيين وأرمينيين ويهود. لـنتخيل في نفس العصر أن نصف سكان باريس أو لندن أو فيانّا أو برلين يتكون من مسلمين ويهود؟ لا يزال بعض المواطنين الأوروبيين إلى اليوم يمتعضون من سماع الآذان في مدنهم".
"يجب أن نقارن ما يصلح للمقارنة. أسسَ الإسلام "اتفاقية تسامح" (un “protocole de tolérance”) في عهدٍ كانت فيه المجتمعات المسيحية لا تتحمل الآخر".
"بعد ما كان العالَم الإسلامي وعلى مدى قرون، رافعًا راية التسامح، أصبح اليوم في مؤخرة الأمم" (كشكار: "أضحى العالَم الإسلامي اليوم يُنعتُ بالتشدد والتطرف والتعصب والرجعية والظلامية ومعاداة المرأة والفن وحقوق الإنسان".)
"بالنسبة لي، بيّنَ التاريخ بوضوح أن الإسلامَ يحمل في داخلِه استعدادات وإمكانيات كبيرة للتعايش والتفاعل الخصب مع الثقافات الأخرى، لكن التاريخ الحديث بيّن أيضا أن رِدّة قد تحدث وقد تبقى هذه الإمكانيات الكامنة فيه كامنة على طول. ... لو طبقنا التاريخ المقارَن على العالَم المسيحي والعالَم الإسلامي، سنكتشف من جهة، دين متعصب، حامل لنزعة الاستبداد، لكنه تغيّر شيئا فشيئا إلى دين تفتح على الآخر، ومن الجهة الأخرى، دين حاملٌ لرسالة تفتّح، لكنه شيئا فشيئا انحرف إلى سلوكيات متطرفة واستبدادية".

صفحة 85: "المجتمع الغربي صَنَعَ الكنيسة والدين اللذان كان هو في حاجة لهما". ... كل المجتمع شارَك، بمؤمنيه وملحديه" (كشكار: " يبدو لي، حسب اجتهادي، أن هذه الجملة الأخيرة لأمين معلوف، يقابلها في قرآننا : "إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم").

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الاثنين 23 نوفمبر 2015.




أحداثٌ وَقعت لِي أثناء ممارستي لمهنة التدريس؟ مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

أحداثٌ وَقعت لِي أثناء ممارستي لمهنة التدريس؟ مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

أحداثٌ وَقعت لِي ولبعض زملائي أثناء ممارستنا لمهنة التدريس، ندمتُ على بعضها وأعتزُّ بـبعضها واستغربتُ ما حدث لزملائي:
1.     في معهد بومهل عام 1990، التحق بقسمي سابعة أساسي تلميذٌ متأخرٌ بعد شهرين. سألته لماذا؟ قال: رُفِتتُ من معهدي السابق. قلتُ: ما السبب؟ قال: ضربتني أستاذتي الجميلة بكفها على خدّي فقلت لها "كفٌّ من يديك كالعسل". ضحكتُ في قلبي ورحّبتُ به في حصتي.

2.     في معهد برج السدرية في التسعينيات، أخطأتُ في حق  تلميذ و"ضربتُه" بكف صغير على خده وما أقبحه فعل وخاصة أن الضربَ على الوجه، بطاقة تعريف الشخصية، هو من أسوأ أنواع الإذلال لأنه قد يعطِّل شغف التلميذ بالعلم وقد يحطم شخصيته والأسوأ من كل ما سبق أنه يصيب التلميذ بجرحٍ نفسي لا يندمل بمرور الزمن، ومَن منّا نسي صفعةً على وجهه تعرّض لها في حياته حتى وإن جاءت من أمه أو من أبيه.  يا تلامذتي السابقون، تعدّدَت أخطائي، وعزائي الوحيد أنني أعرف أن عفوكم يا ملائكة كعفو الله أعظمُ. والله خجِلتُ من التلميذ ومن نفسي ساعتها ولا زلتُ إلى اليوم وبعد التقاعد أخجلُ من الاثنين معًا، ولن يزول خجلي حتى أحاسَبَ وأعاقَبَ على ما اقترفت يدِي اليُمنَى. وبعدها تكررت أخطائي رغم قلتها مقارنة ببعض زملائي ممن هم أكثر تعنيفًا لتلامذتهم. ومن سوء حكمتي وتدبيري، كنتُ أظن وقتها أنني أؤدبه رغم أنني أعرف أن العقاب البدني ممنوع في القانون التربوي منعًا باتًّا. وهل يؤدبُ الطفل بالعنف؟ لا أظن! توجدُ ألف طريقة تربوية لتأديبه من غير استعمال العنف، لكن غابت بصيرتي حينها في لحظة غضب وأجرمتُ في حقه والغريب أنني كجُل الأساتذة  أخبِّئ عجزي التربوي بالقول أن نيتِي حسنة. لا أعرف كيف اتصل المُعتدى عليه بأمه فورا وأعلمها بخطيئتي الكبرى. بعد رُبع ساعة تقريبا قرعتْ أمه بابَ القاعة فوجدتها في وجهي تلومني. قدّمت لها اعتذاري دون تردد. قالت: غَلَبْتَنِي وانصرفت. نادرًا جدا ما كنتُ أمارس الضرب رغم أنني كنتُ واعيًا تمام الوعي ومقتنعًا نظريا بعدم جدوى العقاب البدني وكنت أقول لزملائي ناصحًا: تسقط جميع حقوقكم الأدبية إن بادرتم بالاعتداء على أي تلميذ لفظيا أو ماديا وكنتُ ألوم كل زميل يظلم تلميذا ويكتب فيه تقريرا ويحيله على مجلس التأديب. فمَن أولى بالتأديب في مثل هذه الحالة؟ التلميذ أم الأستاذ؟ الأستاذ طبعًا!

3.     في معهد برج السدرية في التسعينيات، في الحصة الأولى أي حصة التعارف، قام تلميذ وفاجأني قائلا: أنا أكره مادة العلوم وأستاذ العلوم. لا أعرف كيف نزلتْ عليّ سكينة لم أعهدها فيّ من قبلُ وقلتُ له هادئا: إن شاء الله معي أنا سوف تحب مادة العلوم وأستاذ العلوم. وكان الأمر كما وعدتُ. كبُرَ الشبل وأصبح مهندسًا "أدْ الدنيا" وحيث لاقاني حيّاني.

4.     في معهد غار الدماء في السبعينات، جاءني تلميذ محتجًّا على تدنِّي أعداده وقال لي بالحرف الواحد: "موسِيو اهْرَدْتني في النُّوتْ". مسكتُ نفسي وقلت في نفسي "كل بلاد ورطالها" لأن كلمة " اهْرَدْتني"، كلمة عيب كبير في موطني جمنة.

5.     في معهد غار الدماء في السبعينات، وفدتْ علينا زميلة علوم جديدة وأخذت قسم الثالثة ثانوي أ (التاسعة أساسي اليوم)، وهو قسمي السابق في السنة ثانية ثانوي أ. دخلتُ مع الزميلة في أول حصة لها مع هذا القسم ظنا مني أن تلامذتي يحبونني ويصعب عليهم فراقي وظنا مني أيضا أنني أقدم خدمة هامة لزميلتي. قدمتُ زميلتي الجديدة إلى قسمي السابق وعند مغادرتي القاعة فرحًا بما صنعتُ وقبل أن أغلق الباب خارجا، سمعت تلميذا من تلامذتي السابقين يودعني بكل حب قائلاً: "ارْتحْنَا من رَبَّكْ". حينها عرفتُ أن التلاميذ قد يظهرون لك  مودة ويبطنون العكس. لم أنسَ ذلك الدرس القاسي من تلميذي القاسي في بداية مهنتي، تعلمتُ من تلميذي الكثير ولو أنه كَسَرَ كبريائي إلى الأبد "وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم".

6.     في معهد من المعاهد بالجمهورية التونسية، جاء مفقد علوم ليتفقد الأستاذ "أ" فلم يجده، فتفقد صديقي الراوي الأستاذ "ب". غادر المفقد المعهد وبعد أسبوع بعث تقرير التفقد باسم الأستاذ "أ" وأسند له 14 على 20. احتج صديقي الأستاذ "ب" لدى المفقد ولدى الإدارة الجهوية ولا حياة لمن تنادي وبقي تقرير التفقد وعدد التفقد باسم الأستاذ "أ" (الذي لم يزره المفقد حينها) إلى يومنا هذا. ونحن نردد ونقول "لا يضيع حق وراءه طالبٌ" ولو حصل كل مطالبٍ في بلادنا على حقه لأصبحنا نرويج إفريقيا.

7.     في معهد من المعاهد بالجمهورية التونسية، أستاذة علوم متدينة أسرّت إلى زميلها وهو صديقي الراوي وقالت: "لن أدرّس تلامذتي وسائل الوقاية من الإصابة بالسيدا". قال لها مستغربًا: لماذا؟ ردت: "لأن الإصابة بالسيدا هي عقابٌ يسلطه الله على عباده الزناة والشواذ". تعليقي: جمعتْ الأستاذة بين الجهل بالعلم والجهل بالدين: تجهل العلمَ لأن فيروس السيدا قد يصيب إمامًا متعبدًا عند حقنه صدفة وخطأ بإبرة ملوثة، وقد يولدُ الطفل الملائكة مصابًا من أم مصابة، وقد حدث في فرنسا وتونس في الثمانينات أن أصِيب عشرات الأطفال الأبرياء بالسيدا أثناء نقل دم لعلاجهم من مرض الناعورية (hémophilie). وتجهل الدينَ أيضًا لأن القرآن يحثُّ على طلب العلم، واللهُ يعاقب العالِمَ الذي يحجب علما قد تكون فيه منفعة للناس. وأي ناس في حالتنا هذه؟ أطفالٌ في عمر الزهور، حرامٌ وألف حرامٍ يا زميلة يا ناقصة علمٍ ودين (لو كان المخطئُ رجلا لقلتُ له نفس الشيء: يا ناقص علمٍ ودين)، حرام عليك أن تحرمي تلامذتك من الاطلاع على وسائل الوقاية من الإصابة بالسيدا وما ذنبهم يا تُرى؟ ألا يكفيهم إصابتهم بنقصِ عِلمِكِ ونقصِ دِينِكِ!


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 22 نوفمبر 2015.