samedi 31 août 2019

أفكارٌ جميلةٌ أعجبتني، بغض النظر عن أصحابها أو ناقليها من المرشحين للرئاسة؟ مواطن العالَم، غاندي الهوى ومؤمن بمبدأ الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي


 La spiritualité à l’échelle individuelle

نقطة نظام: هذه ليست دعاية لبعض المرشحين وليست تمييزًا لمرشحٍ على حساب مرشحٍ آخرَ، والدليل على حياديتي في السياسة السائدة والمعروضة علينا اليومَ، أنني مقاطعٌ للانتخابات منذ الانتخابات التشريعية الأولى في 23 أكتوبر 2011 (منحتُ صوتي مجاملةً وأخذًا بالخاطر لزميلي وصديقي الناصريُّ الصادقُ والمناضل الحقوقي والنقابي، الأستاذ السنباتيك النفطي حولة، المرشح في قائمة "الجمل" ببنعروس)، مع الإشارة الهامة أنني أعتبر المقاطعة موقفًا وليس هروبًا من المسئولية كما يراها خطأ الكثيرون، وحجتى على وجاهة اختياري، حجةٌ تعداديةٌ (Un argument statistique)، حجةٌ تقول أن نسبة المقاطعة في الدول الغربية الديمقراطية بلغت، وعلى مدى عقودٍ من السنوات، بل تجاوزت الـ50%، ويبدو لي أن هؤلاء المئات من الملايين من المقاطعين لا يمكن أن يكونوا كلهم على باطل. لذلك، أرجوكم ناقشوا الأفكار واتركوا قائليها ولا تتعرّضوا لهم، لا بالشكر ولا بالذم، في صفحتي على الأقل، والشكر لكم موصولٌ مسبّقًا.

أفكارٌ سأورِدُها باقتضابٍ شديدٍ (Les noms cités ci-dessous ne sont que des supports didactiques):
1.     ناجي جلول:
-         اعتماد اللغة الأنـﭬليزية لغة ثانية في التعليم العالي مكان الفرنسية.
-         اعتماد باكلوريا موحدة بين الشعب العلمية والشعب الأدبية. فكرةٌ مشابهة، سمعتها من المرحوم الفيلسوف الفرنسي العظيم ميشيل سارّ، قالَ: شَعبُ العلوم الصحيحة والتجريبية وشَعبُ العلوم الإنسانية، شَعبٌ مفصولةٌ عن بعضِها منذ الثانوي. فصلٌ ميكانيكيٌّ أنتجَ في العالَم أجمع "علماء غير مثقفين أي غير مُلِمِّين بغير اختصاصهم" و"مثقفين جهلة بالعلم"، "العلماء" غيّروا العالَم و"الجهلة بالعلم" حَكَمُوا الأولين وحَكَمُوهُ. أقترحُ تدريسَ مواد مجسِّرة بين الفريقَين (Des disciplines-ponts) مثل تدريس الديداكتيك (اختصاصي) أو الإبستمولوجيا (معرفة المعرفة أو نقد المعرفة أو فلسفة العلوم) لفريق العلوم الصحيحة والتجريبية، والإيكولوجيا (علوم حفظ التوازن البيئي ومقاومة التلوّث البيئي) والطب الوقائي لفريق العلوم الإنسانية.
2.     الصافي السعيد (مُفضَّلُ أختُ زوجتيالمَصون المقاطِعة سهام الرحّال، في الانتخابات الرئاسية القادمة، الناخبة المحترمة السيدة عائشة بالرحّال):
تكوين مجلس حكماء استشاري يُعيَّن فيه المرشحون للرئاسة الذين لم يسعفهم الحظ ليكونوا سندًا معنويًّا للمرشّح الفائز.
3.     منصف المرزوﭬـي:
لو فزتُ سأؤسس خلية تفكير استشارية (Think tank) تخطّطُ لمستقبل تونس، خلية تضم مختصين في البذور والماء والبحار والثروات الباطنية والتعليم والتربية والاقتصاد والفلاحة والسياحة، إلخ.
4.     عبد الفتاح مورو:
لو فزتُ سأحَرِّمُ على حزبي (النهضة) وعلى عائلتي التدخّلَ السافرَ أو الضمنِيَّ في شؤون الرئاسة، وسأقفُ على نفس المسافة من كل الأحزاب بيسارها ويمينها، وسأمضِي ودون تردّدٍ أي قانون استوفى الشروط الديمقراطية عن طريق البرلمان (نوّاب الشعب) أو عن طريق الاستفتاء (الشعب صاحب السيادة)، حتى ولو كان قانون المساواة في الإرث بين المرأة والرجل، وأحتفظُ برأيي الشخصي لنفسي، رأيٌ يؤمن بما نزلَ في القرآن الكريم. أخيرًا أقول أن مرجعيتي كرئيس هي الدستور وليس القرآن، أنا حامي الدستور وحافِظُه، وللقرآن ربٌّ يحميه ويحفِظَه.
5.     يوسف الشاهد:
مرشحٌ عمليٌّ لكنه رجلٌ غير مثقّفٍ ولا أفكارَ جميلةً له تعجبني ولم يشدّني خطابُه، بغض النظر عن أهميته أو عدم أهميته.

خاتمة: صدّقتم أم لم تصدّقوا حِيادِيّتي، لا يهمّ.. ولو بلغتني أفكارٌ جميلةٌ أخرى سوف أنشرها في الإبّان، قبل نهاية  الحملة الانتخابية أو بعدها، لا يهمّ.. وتصبحون على خير وربي يُوَفِّقُكُم في اختياراتِكُم ويُنَوِّلِكُم مُرادَكُم. آمينْ يا ربّ العالَمينْ.

إمضائي: لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى وعلى كل مقالٍ سيءٍ نرد بِـمقالٍ جيدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ.
 "وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 31 سبتمبر 2019.



من ألطافِ الله أنني أرى مَدْحًا فيما يراهُ فيَّ مُناوِئِيَّ ذَمًّا! مواطن العالَم، غاندي الهوى ومؤمن بمبدأ الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي


 La spiritualité à l’échelle individuelle

أفسّرُ: يقولون عنّي أنني "فاقدٌ للشخصيةِ المميّزةِ"، أي أن خطابي يحلو لمختلف التوجهات المعتدلة تبنّيه، يساريين كانوا أو قوميين أو إسلاميين، مع التدقيق أن عداوة الليبراليين الرأسماليين والستالينيين والبشّاريين والمتعصبين المنغلقين من الإسلاميين، أراها عداوةً ترفعُ معنوياتي ولا تحبطني. أما عن "فاقدٌ للشخصيةِ المميزةِ"، فمَن قال لكم أن امتلاكَها يُعَدّ فضيلةً؟ شخصيةٌ مميزةٌ.. عن مَن؟ عن أندادي في الإنسانية مهما اختلفوا معي؟ إذا اعتبرتُم التميزَ عن البشرِ فضيلةً، فبئسَ التميّزُ تميّزَكم.. وبِئسَ الفضيلةُ فضيلتَكم! إنه الكِبْرُ بعينه لو كنتم تعلمون وتتفكّرون، أما أنا فعلى العكس، أعرضُ نفسي جسرًا بين المتناقضات، فدوسوا عليّ أنّى شئتم، قويتُ أنا وضعفتم أنتم.

ما هي المتناقضات التي يراها مُناوِئِيَّ متناقضات والتي لا أراها، أنا، متناقضات؟
هي: اليسار/التديّن، العَلمانية/الإسلام، الجبهة/النهضة، الروحانية/المادية، العلم/القرآن، الفرنكوفونية/التعريب، الحداثة/الأصالة، التحرّر/التقاليد، إلخ. متناقضاتٌ، أراها كلها مستقلة ومنهجيًّا منفصلة، لكنني وفي نفس الوقت أرى بينها جسورًا عديدة تربط بينها، وحتى لو غابت بعض الجسور بينها، فبقلمي ولنفسي أولاً سأبنيها، ثم أعرضها للعالقين في الضفتَين، سلكوها أو لم يسلكوها، لستُ نبيًّا جاء للبشرية يَهديها، فللبشرية حِسٌّ سليمٌ (Le bon sens)، عني وعن تطفل أمثالي يُغنيها.

إمضائي: لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى وعلى كل مقالٍ سيءٍ نرد بِـمقالٍ جيدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ.
 "وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 31 أوت 2019.



vendredi 30 août 2019

ماذا فيها حتى أطمع فيها؟ مواطن العالَم، غاندي الهوى ومؤمن بمبدأ الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي


 La spiritualité à l’échelle individuelle

فيها حجرٌ، فيها شجرٌ، فيها بقرٌ، فيها بشرٌ، فيها خيرٌ، فيها شرٌّ وشرُّها أكثرَ بكثيرٍ من خيرِها.
فيها حوتْ يأكل حوتْ وقليل الجهد يموتْ، فيها غربيٌّ مستعدٌّ، ولمجرّد تهديدٍ وهميٍّ، أن يقتل ظلمًا ألف عربي، فيها مسلم يذبح مسلمًا، شيعي يغزو سنّيًّا وسني يفجّر حسينيةً، تونسي يساري يبخّر برائحة كل تونسي إسلامي، وإسلامي يقصي من جنة لا يملكها كل يساري.
فيها في كل ثانية ولادةٌ، يتلوها حلمٌ، أملٌ وسعادةٌ.
فيها تفاعل بين الموروث (innée) والمكتسبات (acquis)، فانبثاقٌ (émergence) غير مكتوب في الجينات. موروثٌ جيني ورثناه عن آبائنا وأجدادنا غصبًا عنّا وغصبًا عنّا أيضًا ورّثناه لأبنائنا، ومكتسبٌ لا نرثه بل للأجيال المتعاقبة بإرادتنا نعلّمه، درسناه وندرّسه، جهدٌ جهيدٌ إلى يوم القيامة سنبقى نمارسه ونكرره.
فيها آدِآن (ADN) يحكم في حركات وسكنات كل إنسان مهما تخلّق (épigenèse) بالفلسفة أو بالأديان، قدرٌ غير مرغوبْ لكنه في جيناتنا بالشفرة مكتوبْ (code génétique).

جَنَى علينا الانتقاء الطبيعي الدارويني ولم نَجْنِ على أحد، أورثنا لوجسيال محكم لكنه متخلّف، لوجسيال خُلِقَ لزمان غير زماننا (ADN : logiciel opérationnel et performant, mais non conforme aux habitudes de notre époque, logiciel vieilli et désuet)، لوجسيال متخلّف يسيّر الإنسان في كل مكان ومنذ غابر الأزمان 
(homo sapiens, il y a environ 300 000 ans
 لوجسيال يوعِز لنا بالتضامن داخل القبيلة وبالعدوانية خارجها، كان لنا مخرجًا من الانقراض زمن ندرة الغذاء وأصبح لنا اليومَ عائقًا زمن تقدّم العلم ووفرة الغذاء.

لم يبقَ لنا مهربٌ من شر البلية إلا بِـرحمة ربانية أو نقلة نوعية إيجابية (mutationنقلة لا تحدث عادةً إلا  نادرًا وصدفة في القشرة المخية البشرية. أمّا أنا، وبطريقةٍ فردية، فقد اهتديتُ إلى حل مشكلتي الذاتية، حل وصلتُ إليه بالتجسير، المسئول والواعي، بين الوسائل العَلمانية والوسائل الروحانية: أحاول قدر المستطاع كبح شهواتي الغريزية التي تضر بالمحيط والبشرية، غرائزي المبرمجة في جيناتي الثلاثين ألف، برمجة ناتجة عن الانتقاء الطبيعي الدارويني، أي أحاول توسيع دائرة التضامن والتسامح حتى تشمل كل العالَم دون تعصّب أو أفضلية أو تمييز، وأجرّب  يوميًّا الجهاد الأكبر أي أجاهد ضد نفسي حتى أخفّض من فجورها وأنمّي في تقواها.

إمضائي: لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى وعلى كل مقالٍ سيءٍ نرد بِـمقالٍ جيدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ.
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 30 أوت 2019.



jeudi 29 août 2019

لِـحِكمةٍ لا يعلمها إلا الله، المخ البشري لا يسجل ذكريات ما قبل عمر الثلاث سنوات! مواطن العالَم، غاندي الهوى ومؤمن بمبدأ الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي



هنالك تفسير بيولوجي لهذه الظاهرة لكن العِبرةَ منها أكبرُ. ثلاث سنوات من الحب والعطف والرعاية والحرص، عطاءٌ متدفّق كسَيْلٍ من علٍ، عطاءٌ أحادي الاتجاه،  عطاءٌ لا ينتظر جزاءً ولا شكورا. عطاءُ الأب والأم لفِلذة كبدَيهما عطاءٌ مكثفٌ خاصة في السنوات الثلاث الأولى. الحكمة تكمن في النسيان، لأن الطفلَ لا يتذكر من سنينه هذه شيئًا. وما الحكمة في ذلك؟ لأنه لو تذكّر كل هذا العطاء لَكبّله بدَينٍ لن يقدر على خلاصه مهما فعل.
اليومَ فقط استوعبتُ تمامًا معنى هذه الآيات الكريمات وارتويتُ من معينها الصافي: قال تعالى: وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)".
أنا عَلماني يساري فرنكفوني، أعترفُ، أقرّ وأقول أن هذه الآيات هي أجمل ما قرأتُ في حياتي شكلاً ومضمونًا، وبكل  اللغات على الإطلاق، وهي أقرب الآيات إلى قلبي، وليغفر لي ربي هذا التمييز بين آياته.
آياتٌ، عندما أتذكرها ينتابني شعورٌ جارفٌ بالندم على كل أفٍّ أو نصف أفٍّ فلتت من لساني في وجه المرحومة أمي يامنة أيام فوران الشباب.

إمضائي: لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى وعلى كل مقالٍ سيءٍ نرد بِـمقالٍ جيدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ.
 "وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 29 أوت 2019.



mercredi 28 août 2019

ما أكبر وهم الاختيار في الانتخابات الرئاسية التونسية القادمة! مواطن العالَم، غاندي الهوى ومؤمن بمبدأ الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي



قد يذهب في ظن الناخب التونسي أنه أمام عدة اختيارات، لكن يبدو لي والله أعلم أن الواقعية السياسية المُرّة تقول: مهما اخترتَ فكلهم بعد الانتخابات "الشاهد"، حتى ولو كان اسمه الزبيدي، مورو، القروي، المرزوقي، عبّو، حمّة، البريكي، المرايحي، إلخ، أي أن الفائزَ سيكون غصبًا عنّا  وغصبًا عنه رئيسًا تونسيًّا تلميذًا نجيبًا لدى الدوائر السياسية والمالية العالمية (الأممية والأوروبية والأمريكية والخليجية).

خاتمة: لو أردتَ أن تعرفَ أكثر حول هذا الموضوع، اقرأ جريدة "لوموند ديلوماتيك": الاتحاد الأوروبي، تتحكم في سياسته المالية أكبر مؤسستين ماليتين غير منتخبتين وهما صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي. هذا الحاكم القوي الفعلي الثنائي-الرأس والخفي وغير الديمقراطي ركّعَ حكومة اليونان اليسارية الشعبية المنتخبة والمُزكّاة باستفتاء شعبي لصالحها وسَخِرَ منها وقال لممثلها السابق في المفاوضات، وزير المالية اليوناني الأسبق المستقيل أو المُقال: "سلّملي على الانتخابات الديمقراطية والاستفتاءات الشعبية، لقد ولَّى زمن هذه الأوهام وانقضى بلا رجعة".

قال ميتران رئيس فرنسا السابق: "انتُخِبت من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية في فرنسا فخيرتني ألمانيا بينها وبين بناء اتحاد أوروبي ليبرالي فاخترتُ ما فرضته عليّ ألمانيا". 

إمضائي: لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى وعلى كل مقالٍ سيءٍ نرد بِـمقالٍ جيدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ.
 "وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 28 أوت 2019.



mardi 27 août 2019

محمد كشكار: أخيرًا وصلتُ إلى مرتبةِ "الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي"؟ فيلسوف حمام الشط: أحلامُ يقظةٍ، أنتَ واهمٌ يا صديقي، لن تصلها مهما فعلتَ، لا أنتَ ولا غيركَ! مواطن العالَم، غاندي الهوى ومؤمن بمبدأ الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي


La spiritualité à l’échelle individuelle

رِفقًا بحالتي، ضربني صديقي بِـمطرقةِ الفلسفة في مقهى البلميرا هذا المساء، ويا لها من ضربةٍ فلسفيةٍ قاسيةٍ لكنها فكريًّا نافعةٌ خلافًا للتصويتِ النافعِ، فجأةً زالَ وجَعُ الرأس الذي خرجتُ به من الدار!
ماذا قال لي؟
قال: خُلِقَ البشرُ ضعيفًا وسيبقى طوال حياته حياته ضعيفًا: C’est ce qu’on appelle en deux mots « La condition humaine (إضافتي: قال تعالى: "وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ". صدق الله العظيم).

بلغتْ كلماته فهمي، ولن أدَعَها إلى فجرٍ آخرَ، بل سأضيفُ لها وأثرِيها بشيئٍ من اختصاصي البيولوجي والإبستمولوجي (نقد المعرفة): يحاول الفردُ الوصولَ إلى مرتبة "الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي"، يحاولُ بشتّى الطرق المتاحة، لا يهمُّ كثيرًا إذا قامَ في محاولته بتوظيفِ الفن أو التربية والثقافة والعلم أو توظيفِ التصوّف الديني (الجهاد الأكبر أي الجهاد ضد النفس الأمّارة بالسوء) أو توظيفِ التصوّف العَلماني 
(Philosopher, c’est philosopher sur ses désirs, exemple : L'épicurisme, est un courant de la philosophie occidentale ayant pour objectif principal l'atteinte du bonheur par la satisfaction des seuls plaisirs « naturels et nécessaires
 أو بتوظيفهم  جميعًا مثلما فعلتُ أنا.

لماذا لا يستطيعُ الفردُ الإفلاتَ من حالته البشرية (La condition humaine
للإجابةِ على هذا السؤالِ الفلسفي، سوف أعتمدُ مقاربَتَين مختلفتَين لكنهما غير متناقضتَين، مقاربة دينية إسلامية ومقاربة علمية بيولوجية جينية:
1.     أبدأ بالمقاربة الأقرب لقلوب أغلب التونسيين، أعني بها المقاربة الدينية الإسلامية: قال تعالى: "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا". صدق الله العظيم. ألْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا أي الفجور والتقوى هما صفتان لصيقتان بالنفس البشرية مهما ارتقت (La condition humaine) ولا أمل لنا في التخلّصِ منهما أو من احديهما مدى الحياة. أَفْلَحَ مَن زكَّاهَا بالفن أو بالتربية والثقافة والعلم أو بالتصوّف. خَابَ مَن دَسَّاهَا بالرأسمالية أو بالشيوعية أو بالتعصّب القومي أو الديني.
2.     أنهِي بالمقاربة الأقرب لعقول المثقفين غير الجهلة، أقصد المقاربة العلمية البيولوجية الجينية: الفُجُورُ وَالتَقْوَى في النفس يقابلهما في جيناتنا التي لا أمل لنا في التخلّصِ منها مدى الحياة، لا، بل نورّثها لأولادنا غصبًا عنّا 
(L’hostilité envers les autres groupes et la solidarité à l’intérieur du groupe, la famille, la tribu, l’ethnie, la nation, le syndicat, la classe, l’idéologie, la langue, etc. résultat de la sélection naturelle darwinienne
 وذلك حسب الفيلسوف والعالِم الحاصل على جائزة نوبل للطب لعام 1974 في كتابه:
Christian de Duve, « Génétique du péché originel. Le poids du passé sur l`avenir », Ed. Odile Jacob, Paris, 2017, 240 pages

إمضائي: لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى وعلى كل مقالٍ سيءٍ نرد بِـمقالٍ جيدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ.
 "وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 27 أوت 2019.