dimanche 30 juin 2013

هل تعدد الزوجات هو الحل الأمثل لمشكلة عوانس تونس 2011؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

هل تعدد الزوجات هو الحل الأمثل لمشكلة عوانس تونس 2011؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 17 سبتمبر 2011.

أوحى إليّ بهذا المقال غير العلمي خبر خفيف و طريف، سمعته اليوم، 17 سبتمبر 2011، في قناة "العربية" على الساعة 13 و 25 دق: "يوجد 9 ملايين فتاة عانس في مصر"، مصر التي يُسمح فيها شرعا و قانونا بتعدد الزوجات. صُنفت النتائج باعتبار أن العوانس هن اللواتي بلغن من العمر أكثر من 30 عاما دون أن يتزوجن، لأن احتمال الزواج بعد هذه السن يصبح ضعيفا.
و قرأت الأخبار التالية، اليوم في الأنترنات مع الإشارة أن الأنترنات ليست مرجعا علميا موثوقا به فعلى المشككين المحقين، التمحيص و التثبت من الأرقام المعروضة عليهم:
-         لفتت دراسة إلى أن مصر التي يوجد بها نحو 35 مليون امرأة من أصل عدد السكان البالغ 75 مليون نسمة، زادت بها أعداد الفتيات غير المتزوجات نتيجة ارتفاع البطالة بين الرجال، وتزايد الأعباء المادية لتوفير وتجهيز مسكن الزواج، فضلاً عن ارتفاع نسبة التعليم الجامعي بين الفتيات.
-         سيرتفع عدد "العانسات" السعوديات من مليون و نصف عانس ‏‏حاليا،  2010، إلى أن يصل لأربعة ملايين خلال الخمس السنوات المقبلة. كما كشفت نتائج مسح 2007 أن "نسبة النوعي" للسكان والذي يعني نسبة الذكور للإناث والتي تستخدم كمقياس للتوازن بين الجنسين، ويقصد بها عدد الذكور لكل 100 أنثى
  (Le sexe ratio désigne le taux comparé de mâle et femelle au sein d'une espèce à reproduction sexuée.)
قد بلغت 102 ذكر لكل 100 أنثى، وتدل هذه النسبة على أن تركيبة المجتمع السعودي طبيعية حيث يقترب فيها عدد الذكور من عدد الإناث. في حين بلغت "نسبة النوع" لغير السعوديين  المقيمين في السعودية 223 ذكرا لكل 100 أنثى وتعتبر نسبة مرتفعة جدا وغير طبيعية، وتعزى أسباب اختلال هذه النسبة إلى زيادة الطلب على العمالة الوافدة من الذكور بدرجة كبيرة مقارنة بمثيلتها في الإناث من ناحية، ومن ناحية أخرى إلى أن غالبية الذكور من الوافدين يقيمون بمفردهم دون أسرهم.
-         وفقا لدراسة نُشرت في الإمارات فإن عدد العوانس قد وصل إلى 68% ممن في سن الزواج؛ أي أن في كل بيت إماراتي فتاة عانس، وكشفت دراسة حديثة أن 35% من الفتيات في كل من الكويت وقطر والبحرين بلغن مرحلة العنوسة، وانخفضت هذه النسبة في كل من اليمن وليبيا لتصل إلى 30%، بينما بلغت 20% في كل من السودان والصومال، و 10% في سلطنة عُمان والمغرب، وكانت أعلى نسبة قد تحققت في العراق إذ وصلت إلى85%.
-         نسبة الفتيات بالوطن العربي اللاتي تقدمت بهن سن الزواج في ارتفاع مطرد مقارنة بالعشر سنوات الماضية، مع الإشارة إلى الزيادة الكبيرة في عدد العوانس ببعض الدول العربية كالسعودية والكويت واليمن وليبيا والتي وصلت النسبة بها إلى 30%، وفق ما جاء في الدراسة.
-         يوجد بالأردن 87.000 عانس في 2007 من بين 6 ملايين نسمة.
-         تفيد الإحصائيات في الجزائر أن عدد العوانس يصل إلى ما يعادل عدد الشعب الليبي الشقيق (  51 %من الجزائريات في سن الزواج) أي ما يقارب ستة ملايين نسمة.
-       كشف تقرير إحصائي تم توزيعه مؤخرا على أعضاء مجلس النواب التونسي ومجلس المستشارين خلال مناقشة ميزانية الدولة لسنة 2008 أن معدل العنوسة بين التونسيات أرتفع ارتفاعا كبيرا، مؤكدا أن عزوبة الإناث في عمر الإخصاب الأقصى (25 - 34) تشمل نصف الإناث وهذا يؤدى حتما إلى نتائج سلبية جدا على الخصوبة.
-         رغم محاولة البحث غير المعمق في الأنترنات عبر القوقل لم أجد أعداد العوانس في فرنسا و ألمانيا و الولايات المتحدة. أعزي هذا النقص في إحصاء العوانس إلى إباحة الارتباط الحر في هذه الدول مما لا يساعد على إحصائهن بصفة دقيقة.

يبدو لي أن هذا الإحصاء المتعدد المقدم أعلاه يمثل ردا علميا - قد يكون غير مقنع للمحافظين السلفيين النصوصيين - لكل من يَعِدُ عوانس تونس 2011 بحل مشكلتهن مُلوّحا بإمكانية التراجع عن تطبيق القانون المكتوب في مجلة الأحوال الشخصية التونسية و الذي ينص على المنع القانوني البات المسلّط على كل تونسي بحرمانه من حقه الشرعي في التزوج بأكثر من واحدة في فترة زمنية واحدة.
يبدو لي أن قانون بورقيبة المانع لتعدد الزوجات، جاء ليقنن وضعا اجتماعيا سائدا في الخمسينات (يبدو أن التونسي غير مزواج بطبيعته، و ذلك لعدة أسباب أعرف البعض منها و أجهل الكثير منها و أتمنى أن تقع يديّ  على دراسة علمية تشفي غليلي و تستجيب لحيرتي العلمية الخالية من الخلفيات الأيديولوجية المسبقة  في هذا الموضوع) و لم يكن فوقيا على حد علمي أو مستوردا من الغرب بل كان قانونا نابعا و مستمدا من الشريعة الإسلامية السمحة التي تكمن قوتها في قابليتها للتجديد و التجدد و التطور و التأويل و الاجتهاد على يد علماء مسلمين جهابذة لا يخلو - و الحمد لله - زمن و لا مصر من أمثالهم.
أقرّ أنني لست مختصا في فقه الدين الإسلامي و لكنني سمعت و قرأت أن الزواج بأكثر من واحدة في نفس الوقت هو سلوك اجتماعي مباح بصريح الآية القرآنية الكريمة أحادية الدلالة لكنني سمعت و قرأت أيضا أن هذا السلوك الاجتماعي المحترم ليس واجبا شرعيا يُثاب من يطبقه و يُعاقب من يهمله و أنه يحق لأهل الذكر من علماء الدين المسلمين من مستشاري الحكام - إن ارتأوا ذلك، مقدّمين درء المفسدة على جلب المصلحة لما فيه خير الأمة الإسلامية -  أن يجتهدوا و يمنعوه قانونيا دون أن يحرّموه شرعيا و هذا ما فعله جزئيا، في الخمسينات من القرن الماضي، العلماء المسلمون التونسيون، مستشارو بورقيبة عندما أشاروا عليه بصدق و أصابوا بتقنين الوضع الشائع و السائد في تونس الخمسينات من القرن العشرين المتمثل في عدم الجمع بين زوجتين اثنتين أو ثلاثة أو أربعة في نفس الوقت و الاكتفاء بواحدة دون مخالفة الشريعة الإسلامية السمحة  في مقاصدها السامية و النبيلة من أجل حفظ كرامة المرأة التونسية، أمّنا و أختنا و بنتنا و عمتنا و خالتنا و جارتنا و شريكتنا في الحياة و المواطنة.
عبر التاريخ المعاصر لمسقط رأسي، قرية جمنة الحبيبة، الملقبة بدار العلوم، الواقعة بالجنوب الغربي التونسي، و ذلك قبل و بعد قانون بورقيبة الذي ينصّ في مجلة الأحوال الشخصية على منع تعدد الزوجات، لم يوجد، على حد علمي، في قريتنا، التي تعد في الخمسينات تقريبا 4 آلاف ساكن، إلا ثلاثة رجال فقط قد جمعوا كل واحد منهم زوجتين في نفس الوقت و أظن أنهم قد توفوا هم و زوجاتهم المصونات منذ أمد قريب، رحمهم الله و أسكنهم الرحمان فراديس جنانه. قانون بورقيبة إذن ليس بدعة بل جاء ليقنن وضعا اجتماعيا سائدا و معيشا بغض النظر عن الجدل القائم حول توافقه أو تعارضه مع أحكام الشريعة الإسلامية المتساهلة في العدل و الحرية و الحق.
لماذا لا نقلد محمدا، رسول الله صلى الله عليه و سلم، و نصرخ صرخته الحنونة المشهورة في حديثه المشهور (للأمانة لا أعرف إن كان هذا الحديث ضعيفا أو صحيحا لكن أنا أعتقد جازما أن كل ما يُنسب للرسول من أحاديث جميلة هي أحاديث صحيحة و الشيء من مأتاه لا يُستغرب ، أصدقها و أعمل على هديها و أطبقها قدر المستطاع) الموجه إلى علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ، عندما فكر هذا الأخير رضي الله عنه مجرد تفكير في الزواج بثانية أثناء زواجه بفاطمة الزهراء رضي الله عنها و عن ذريتها الحسن و الحسين، ابنة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه و سلم، قائلا: "إلا فاطمة يا علي". كلنا أحباب الرسول، و كل بناتنا فاطمة، و معزّة فاطمة عند الرسول، و هو المشهود له بالحنان الأبوي و العدل الرباني، لا تزيد عن معزة بناتنا عند آبائهن، مع حفظ المقام العالي لابنة الرسول صلى الله عليه و سلم. لذلك يجب أن يصرخ إذن كل أب مسلم مؤمن حنون مقتديا بالرسول الكريم، صلوات الله عليه و سلامه، أشرف و أكبر و أعظم و أنبل قدوة في حضارتنا العربية الإسلامية و يقول: "إلا ابنتي يا صهري فلان".

ملاحظة عابرة أضيفها للمقال، اليوم 30 جوان 2013،  و أمضي، و من فضلكم لا تحمّلوها أكثر مما يتحمل المقام و المقال و القائل و الناقل الأمين المستقل المعارض للسلطة السياسية سابقا و حاضرا و مستقبلا: في اجتماع عام علني لحزب حركة النهضة ببلدية حمام الشط، سمعت زميلتي السابقة، أستاذة الفلسفة و نائبة في المجلس التأسيسي عن النهضة، تقول أن تعدد الزوجات يُعتبر إهانة للمرأة.

إمضاء م. ع. د. م. ك
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.




samedi 29 juin 2013

فكرة قرأتها في كتاب "كونوا يا سادة شيوعيين أو رجعيين و لكن اختاروا أو اسكتوا". نقل مواطن العالم د. محمد كشكار

فكرة قرأتها في كتاب "كونوا يا سادة شيوعيين أو رجعيين و لكن اختاروا أو اسكتوا". نقل مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النات: حمام الشط في 13 نوفمبر 2011.

كتاب عبد الله العروي "أوراق، سيرة إدريس الذهنية"، المركز الثقافي العربي، الطبعة الثالثة 1998، 255 صفحة.

تنبيه:
أفكار الكاتب لا تلزم إلا الكاتب نفسه و لا تلزم الوسيط الناقل و الناشر الفيسبوكي.

صفحة 111:
كتب إدريس (بطل القص) مخاطبا كاتبا مغربيا مستقلا، أيام الاحتلال الفرنسي للمغرب.
هذا التناثر، أو التشتت، هو القاسم المشترك لدى جميع الذين يرفضون الانضباط تحت راية سياسية معينة. تسأل أحدهم عن سبب انعزاله و رفضه لأي عمل حزبي فيشرحها لك. إذا أخذت كل سبب على حدة وجدته معقولا مقبولا، لكن إذا نظرت إلى المجموع بدا لك التناقض لأن الارتياب في أهداف الأحزاب ليس هو الدافع الرئيسي إلى الانعزال، بل إرادة الانعزال هي التي تكون الدافع إلى البحث عن مبررات و بالتالي تختلف المبررات باختلاف الظروف و المخاطب فلا غرابة أن تتعدد و تتناقض في النهاية.
إن النقاش مع هؤلاء السادة يطول دون فائدة. يقفزون من مستوى إلى آخر، من ميدان إلى آخر. فلا سبيل إلى تحديد لبّ أي مسألة. ينفد معهم الصبر و يود المرء لو يصرخ في وجوههم: كونوا يا سادة شيوعيين أو رجعيين و لكن اختاروا أو اسكتوا. و لكنهم لا يختارون أبدا و لا يسكتون. يعارضون كل مقترح، ينقدون كل إجراء، يفنّدون كل تصريح. على شاكلة التروتسكيين لا يكفون عن المعارضة و الرفض. تعليق محمد كشكار: هذا النقد الموجه إلى فئة من المثقفين المغاربة  أيام النضال ضد الاحتلال الفرنسي، يبدو لي أنه يصحّ أيضا - في تونس ما بع ثورة 14 جانفي 2011 - على كل من أراد أن يفعل في المجتمع و لم يشارك في الانتخابات و لم يكوّن حزبا أو ينضم إلى حزب، مثل التروتسكيين و الوطنيين الديمقراطيين و الناشطين السياسيين الشيوعيين المستقلّين.

صفحة 114:
         ينقد الكاتب عبد الله العروي موقف إدريس المذكور أعلاه.
         يبدو أن إدريس كان يطالب آنذاك من كل مثقف أن يختار، أن يلتزم بموقف سياسي محدد و أن يبقى وفيا باستمرار لذلك الالتزام مهما تغيرت الظروف و الأحوال. ينتصر للانضباط بصفة عامة مهما كانت الحركة التي ينتمي إليها المرء. هذا مع أنه هو قد انتقد الحزب قبل، و بعد، أن ينضم إليه. و عند إبعاد الملك محمد الخامس عبّر عن أفكار لا تختلف عن ملاحظات الكاتب المغربي (المستقل).
-         كما لو أراد أن يفرض انضباط الشيوعيين على الطلبة الوطنيين.
-         بالفعل كانت مسألة الانضباط تشغل بال المغاربة و الفرنسيين، الوطنيين و الشيوعيين. في المغرب انهار النظام الاستعماري و لم يستقر بعد النظام الوطني الجديد، في الشرق توالت الانتفاضات العسكرية في ظل حرب إسرائيلية عربية مرتقبة، في الكتلة الشرقية ثار العمال في برلين ثم في هنقاريا و تسربت من الاتحاد السوفياتي أخبار حول تقرير خروتشيف عن جرائم ستالين، مما دفع الكثيرين، الذين كانوا ينفونها بشدة عندما كانت تفضحها الصحف اليمينية، إلى مغادرة الحزب الشيوعي لما اقتنعوا بصحتها..فعلا كثر الكلام عن الانضباط في تلك الفترة..و مع ذلك أتعجب أن يكون إدريس قد انتصر له بهذا الحماس.
-         قلت أنه كان لا يحكم على صحة الفكرة بقدر ما كان يحكم على صدق قائلها..
-         هذا هو التفسير الصحيح بدون شك. لم يدافع عن الانضباط تحت لواء حزب معين بل كان يطالب بالصدق في الفكر مهما كان. ينتقد هو نفسه الدين كممارسة سياسية، لكن عندما يقرأ نفس النقد بقلم الكاتب المغربي (المستقل) يتضايق منه لأنه لا يطمئن لحسن نية قائله كما يطمئن إلى حسن نيته هو.. يهاجم بهذه الحدة الخلاعة الفكرية لأنه لم ينفك يشمئز من تلك الجماعة التي نبذت الاستقلال عندما ظن أنه استبعد في مستقبل محجوب ثم، عندما رأته يتحقق بعد سنين فقط من المحنة و الانتظار، هرعت إلى الدار البيضاء لتستقر في مقاعد الأجانب و تجمع أموالا طائلة باسم التقدمية و محاربة الأحزاب ذات القيادات البرجوازية الصغيرة.
-         هؤلاء انتهازيون لا فوضويون.
-         كلمة فوضوي في غير محلها بدون شك. المهم أن التيار الذي نقده إدريس بشدة لم يختف مع الاستقلال بل عاد إلى الظهور و بقوة في فترة لاحقة.
-         متجاوزا أبناء الطبقة البرجوازية.
-         صحيح.  و لكن القيادة بقيت في معظمها من نفس الأصل. و من دلائل الاستمرار التاريخي أن التيار اللاحق رد الاعتبار للكاتب المذكور و لم يعد أحد يتذكر المقال الذي أغضب إدريس.
-         السياسة هم يومي.
-         تعني أن لكل يوم همومه؟
ملاحظة للتوضيح و رفع اللبس:
الاثنين 14 نوفمبر 2011، الساعة الثانية بعد الزوال، قابلت منذ دقائق في المقهى، زميلا و قارئا من قرائي الأصدقاء الحقيقيين و الافتراضيين، قال لي: عنوان مقالك المنقول "كونوا يا سادة شيوعيين أو رجعيين و لكن اختاروا أو اسكتوا"، فهمته على النحو التالي: "كونوا يا سادة شيوعيين أو إسلاميين و لكن اختاروا أو اسكتوا". ترجم كلمة رجعي إلى إسلامي مع أنه ليس معاديا للإسلاميين. رفعا لكل التباس، أقول أن نص عبد الله العروي يحكي على المغرب الأقصى أيام الاحتلال الفرنسي و بالتحديد سنة 1953 حيث لا توجد أحزاب إسلامية بالمعنى الحديث مثل حزب النهضة في تونس ما بعد ثورة  14 جانفي 2011. يبدو لي أن الكاتب يقصد بكلمة الرجعيين، الوطنيون غير الشيوعيين و لا يقصد بها الإسلاميين.
إمضاء م. ك 

"الذهن غير المتقلّب غير حرّ".
لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه. عبد الله العروي.
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.
"الكاتب منعزل إذا لم يكن له قارئ ناقد".






vendredi 28 juin 2013

وجهة نظر في تعريف السياسي التونسي المستقل؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

وجهة نظر في تعريف السياسي التونسي المستقل؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 24 جويلية 2011.

-         لا يخضع لأي تأثير سياسي خارجي و لا ينفذ أي أجندة خارجية حتى لو كانت نابعة من البيان العالمي لحقوق الإنسان.
-         يبقى أبد الدهر مستقلا، لا ينتمي و لن ينتمي إلى أي حزب أو أي جمعية سياسية.
-         لا يشارك في الانتخابات ضمن قائمات بل يشارك منفردا إن رغب في ذلك.
-         لا يسعى من وراء مشاركته في انتخابات المجلس التأسيسي كسب أصوات بغرض تأسيس حزب بعد انتهاء الانتخابات.
-         لا يهدف من وراء نقده للمسؤولين السياسيين في الدولة إلى احتلال مناصبهم بل يتمسك بدوره كناقد مستقل مثله مثل العالِم الإبستومولوجي الذي ينقد العالِم البيولوجي و لا يطمح البتة في أخذ مكانه.
-         لا يحمل و لا يدعو إلى تبني برنامج متكلس كامل متكامل و إلا لأصبح أسيرا لهذا البرنامج و تخلى عن استقلاليته.
-         لا يسعى إلى تقلّد أي منصب سياسي في الدولة و إلا لأصبح خادما مطيعا تابعا غير مستقل للنظام القائم، قدره كقدر المثقف المستقل يعش أبد الدهر على هامش المجتمع فقيرا قنوعا شريفا.
-         يتمسك بصفة السياسي المستقل الهاوي الذي لا يتقاضى أجرا على نشر و تقديم و عرض أفكاره السياسية و إن حدث و خالف مبدأه و احترف السياسة و قبض أجرا فسيصبح مرتزقا مأجورا ذليلا لتيار سياسي معين.
-         لا يؤمن إيمانا كليا و دوغمائيا بأي إيديولوجية و إلا لأصبح أسيرا داخل إطار تفكير ضيق.
-         يقدر على تبني الجيد و نقد السيئ في كل الإيديولوجيات.
-         يقدر على كتابة و رفع شعارات سياسية في المظاهرات السلمية دون أن يتلقى إيعازا أو أوامر من أحد.
-         قد يحضر اجتماعا حزبيا جماهيريا و يشكره و يحضر آخر في الغد لنفس الحزب و ينقده.
-         يؤمن بحرية المعتقد و يصدمه من يصدم المواطنين التونسيين المتدينين بإعلان إلحاده أمام الملأ.
-         يساند كل الجمعيات المدنية التونسية في حقها في التعبير عن رأيها و ممارسة نشاطها بكل حرية دون قيد أو شرط مسبق  و يدين من يستقوي منها بالخارج على أبناء بلده مهما كان اتجاههم الفكري.
-         يحترم الرموز الدينية و الرموز الفكرية الوطنية منها و العالمية لكن لا يعبدهم و لا يحترم الرموز السياسية مهما أنجزت، إمبراطورا كان أو رئيسا أو ملكا أو وزيرا أو مديرا و خاصة العسكريين منهم.
-         يدافع عن العَلمانيين و اللائكيين إن شُوّهوا يوما من قبل الإسلاميين و لا يقبل أن يُقال عن الإسلاميين ظلاميين.
-         يحمل همّ الأقليات في المجتمع التونسي من فنانين و مبدعين و يساريين و مسيحيين و يهود و شيعة و بهائيين و أمازيغ و غيرهم.
-         ينقد و يفتش عن الخلل في كل شيء و لا يقدم بديلا جاهزا لأي شيء لأنه يؤمن إيمانا راسخا أن البديل يُصنع من قبل أهل الذكر المعنيين بالأمر و لا يُهدى من قبل النشطاء السياسيين مهما علا شأنهم أو زاد تعصبهم لانتمائهم، يساريين كانوا أو إسلاميين أو ليبراليين أو قوميين.
-         متجذّر في هُويته العربية الإسلامية و مستقل عن المتعصبين من مريديها، منفتح على الثقافات العالمية و يتعامل مع الغير - مهما كان هذا الغير- دون إقصاء أو انفراد أو تكبر أو عنصرية.
-         يتمتع بصداقات لدى جميع ممثلي التيارات السياسية، يختلف مع جلّهم، يعتز بأغلبهم، يجامل أكثرهم، لا ينافق أحدهم و لا يحقد على المتطرّفين فكريا منهم.
-         لا يقدر أي حزب على استقطابه و يخطئ من يحاول.
-         يتعجب من أكثرية المنتمين المتحزبين الذين تخلوا عن التفكير و التخطيط لمستقبلهم و تركوا هذه المهمة المصيرية لقياديين انتهازيين في حزبهم و اكتفوا هم بنشر أفكار أقلية حزبهم المسيطرة و تطبيق أوامرها المتكلّسة العمياء و الانقياد لجبروتها دون تردد أو نقاش بدعوى الانضباط الحزبي أو التوضيب البافلوفي.
-         من باب اللياقة و الأدب، قد يتواضع الفرد السياسي المستقل، لكن يبدو لي أن فكرة "الاستقلالية السياسية" لا تتنازل، بل تتعالى على المواقف الانتهازية للأحزاب و من عليائها تنظر للحزبين بعين الشفقة.
-         ينشر حوله جوا متسامحا آمنا غير خانق للغير  و يرعى في محيطه تربة ديمقراطية خصبة تسمح بنمو تيارات سياسية مخالفة حتى و لو كانت داخل بيته و في صلب عائلته.
-         ينبذ العنف الرمزي و اللفظي و المادي نبذا تاما مهما كان مأتاه.

خلاصة القول
أنهي مقالي و اجتهادي بجملة مقتبسة و محوّرة للفيلسوف المغربي عبد الله العروي: "لا أحد يُجبر المفكر المستقل على التماهي مع مجتمعه لكن إذا ما قرر - كسياسي مستقل - أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن  ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه".

إمضائي
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد رغم أن الشكر يفرحني كأي بشر رقيق و حسّاس.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف الرمزي أو اللفظي أو المادي.




موقف ضد السائد من بعض القرارات السياسية في الدول الديمقراطية: قرار التأميم و قرار الحد الأدنى للأجور. نقل دون تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار

موقف ضد السائد من بعض القرارات السياسية في الدول الديمقراطية: قرار التأميم و قرار الحد الأدنى للأجور. نقل دون تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار

المصدر: كتاب "المثقفون و الديمقراطية"، تعريب الدكتور خليل أحمد خليل، المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع، الطبعة الثانية 1977، 152 صفحة.

صفحة 25:
و تكمن السمة الثالثة الخاصة بالقرارات السياسية في تمييز القرارات التي يمكن للمستفيدين منها أن يتعرفوا إلى بعضهم بسهولة، بينما يصعب أن يتعارف و يتماهى أولئك المتضررون منها. و الحد الأدنى  للأجور SMIG هو نموذج لهذا النوع من القرارات. إنه يشجع الأفراد غير المختصين الذين تتاح لهم فرصة للعمل. و كل أولئك الذين لا يتيسر لهم عملا لأن إنتاجيتهم دون الأجر الأدنى الذي ينبغي للمستخدم أن يدفعه، لا يستطيعون التقريب بين وضعهم كعاطلين عن العمل و بين تشريعات الأجور.

صفحة 26:
لنلاحظ هنا مع G. Gallais Hamono  أن الدولة بين 1970 و 1975 تلقت على شكل ضرائب 1132 مليونا من بيجو و هي شركة خاصة، و 3 ملايين من رينو، شركة مؤممة.


تاريخ أول إعادة نشر على مدونتي و صفحاتي الفيسبوكية الثلاث: حمام الشط في 28 جوان 2013.

jeudi 27 juin 2013

هل المرأة العربية المسلمة، ناقصة عقل و دين؟ فكرة مخالفة للسائد. مواطن العالَم د. محمد كشكار

هل المرأة العربية المسلمة، ناقصة عقل و دين؟ فكرة مخالفة للسائد. مواطن العالَم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 11 جانفي 2013.

أنا لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف الرمزي أو اللفظي أو المادي": جملة أمضي بها دوما و عن وعي تام، مقالاتي الفيسبوكية.

سؤال غريب أو إشكالية أغرب؟ و تزيد غرابة السؤال عندما يُطرح من قبل شخص يؤمن إيمانا إنسانيا و علميا بالمساواة التامة و الكاملة بين المرأة و الرجل في الحقوق و في القانون و أمام القانون أيضا حتى و لو اختلفت بينهما الواجبات و الواجبات مختلفة بطبيعتها حتى بين الرجال أنفسهم.

يبدو لي - و الله و أهل الذكر من علمائه في الدين و الدنيا أعلم مني بذلك - أن المرأة العربية المسلمة و في وضعها الحالي المتردي و المتوارث عبر الأجيال هي كائن ناقص عقل و دين! نقص مكتسب من الظروف الاجتماعية التي عاشتها و لا زالت تعيشها المرأة و ليس نقصا حتميا قدريا إلاهيا أو نقصا متأصلا فيها جينيا و بيولوجيا.

أنا درست و عرفت و اقتنعت أن الذكاء البشري، بغض النظر عن متغيّر الجنس، هو ذكاء موروث عن والدينا جينيا مائة بالمائة و في نفس الوقت مُكتسب اجتماعيا مائة بالمائة أيضا، و هذا هو موضوع أطروحتي لنيل شهادة الدكتورا في علوم التربية. و اختلاف حجم و وزن المخ بين المرأة و الرجل ليس ناتجا عن الاختلاف الجنسي بل لأن وزن المخ موازي لوزن الجسم رجلا كان أو امرأة. و اختلاف وزن المخ بين الرجل و المرأة أو بين الرجل العملاق و الرجل القزم لا يؤدي بالضرورة إلى تفوق الأول عن الثاني في الذكاء و الإدراك و إلا كان حوت العنبر العظيم أذكى المخلوقات لأن هذا الأخير يتمتع بمخ يزن عشرة كيلوغرامات و في المقابل لا يزن المخ البشري تقريبا إلا كيلوغراما واحدا و ثلاث مائة غرام بما فيه مخ العالِم العبقري الألماني الأمريكي إينشتاين. اختلاف وزن المخ بين المرأة و الرجل لا يفسد للمساواة في الذكاء و الحقوق قضية! و كما قال محمد خاتم الأنبياء صلى عليه و سلم و رددها من بعده بعشرة قرون الفيلسوف الفرنسي ديكارت، أن العقل هو الشيء الثمين الموزع بالعدل بين الناس. نرث بيولوجيا و جينيا مخا بشريا متطورا مقارنة مع باقي الحيوانات، لكن هذا المخ الموروث لا يبقى على حاله جامدا بل يتأثر بيولوجيا و فيزيولوجيا بتجاربنا اليومية و محيطنا الاجتماعي. تترك هذه التجارب المكتسبة بصماتها البيولوجية على الوصلات العصبية (و عددها يصل تقريبا إلى مليون مليار وصلة عصبية تتركب و تتفكك حسب المعيش اليومي بين مائة مليار خلية عصبية في المخ البشري). بأريحية علمية، نستطيع أن نستنتج من هذه المُسَلّمَة العلمية أن مخ المرأة  بصفة عامة لا يمر بنفس التجارب اليومية (المرأة: العمل داخل البيت و تقييد السفر و الحد من الحرية و انعدام المساواة مع الرجل في الحقوق و في القانون و أمام القانون و نقص التعليم و التثقيف) التي يمر بها مخ الرجل (الرجل: العمل خارج البيت و السفر و الحرية و المساواة و توفر التعليم و التثقيف) لذلك يختلف الأول النسوي عن الثاني الذكوري في تركيبته الخلوية المجهرية  و ليس في تركيبته الشكلية العامة و الظاهرة. لكن و من حسن حظ المرأة عموما و المرأة العربية خصوصا أن البصمات البيولوجية المكتسبة على مستوى الوصلات العصبية في المخ البشري ليست وراثية، فعند كل ولادة بشرية جديدة، ذكرية أو أنثوية،  يعيد المخ البشري التجربة من جديد متأثرا بالجديد من المكتسبات الحضارية التي يستفيد منها الرجال  أكثر من النساء. لذلك نستطيع أن نجزم أنه لو افترضنا جدلا أن فردا من العصر الفرعوني (سبعة آلاف سنة قبل ميلاد المسيح) خرج من قبره و عاش معنا اليوم لاكتسب نفس درجة الذكاء البشري في القرن الواحد و العشرين. لكننا في الوقت نفسه لا ننكر حسب نظرية التطور لداروين  أن المخ البشري تطور عبر العصور الجيولوجية حيث تكون الوحدة الزمنية المعتمدة هي مليون سنة و ليست ألف أو مائة سنة.

أرجع إلى موضوعي الأصلي و أطرح السؤال من جديد: هل المرأة العربية المسلمة، ناقصة عقل و دين؟  نعم ناقصة عقل و دين لكن ليست وحدها فالرجال الذين عاشوا نفس ظروف المرأة الاجتماعية هم أيضا ناقصو عقل و دين، إذن نستطيع أن نستنتج من هذه المقاربة الشمولية المعقدة نسبيا أن أسباب النقص في العقل و الدين ليست جنسية بحتة و ليست بيولوجية جينية وراثية و إنما هي ناتجة عن أسباب مكتسبة غير وراثية و غير جينية و غير حتمية و تزول بزوال العنصرية الجنسية و الحيف و الظلم الاجتماعي المسلّطين منذ آلاف السنين من قبل الرجل على المرأة أو من البورجوازي على البروليتاري أو من المثقف على الأمي أو من الحاكم على المحكوم.

لذلك سأحاول أن أجتهد شخصيا في تأويل حديث رسول الله "النساء ناقصات عقل و دين".  و أستمد عذري منه هو نفسه علا شأنه في قوله "من اجتهد و أصاب فله أجران و من اجتهد و لم يصب فله أجر واحد" و أنا قنوع و يكفيني الأجر الواحد إن لم أوفق في نيل الثاني  و ليعلم أعداء الخطأ: أولا أن العلم مبني على الخطأ و الصواب و أن الطفل يتعلم المشي من العثرات الكثيرة المؤلمة و المتتالية و أن الخطأ هو محرك القسم في التعليم و أن أكبر العلماء غير المعاصرين الغربيين و المسلمين ارتكبوا أخطاء لا يرتكبها اليوم تلميذ في الابتدائي و ليعلموا ثانيا  أن الباحث العلمي، الذي يتبع منهجية و لا يصل إلى نتيجة إيجابية، له مزية على العلم لأنه جنّب زملاءه تضييع الوقت في اتباع نفس المنهجية و ليعلموا ثالثا - تجنبا للمزايدة بالتعصب للدين الإسلامي - أنني مواطن تونسي مسلم و القرآن قرآني و السنة سنتي و لا أظن أن الله الغفور الرحيم يعاقب مسلما مجتهدا صادق النية، و ثقتي في رسولنا كبيرة بأنه لن يسحب شفاعته عني يوم القيامة لمجرد أنني أخطأت في تفسير آية أو أسأت دون قصد مني في فهم حديث من أحاديثه الشريفة المقدسة. و ألاحظ أولا و أسجل لكن بكل احتراز علمي و على حد معرفتي المتواضعة بالقرآن: أن هذا الوصف للمرأة بالتحديد لم ينزل في القرآن  مع أنني أعي جيدا أن ما أعرفه من علوم دينية لا يكفي للمجازفة بالاجتهاد في تأويل القرآن أو الحديث، و عذري الشرعي الوحيد هو الصدق في القول و الإخلاص في العمل: قرأت القرآن و قرأت بعض التفاسير و استمعت لتلاوة القرآن و حفظت جزءا منه في صغري و قرأت الكثير من أدبيات الإخوان المسلمين المصريين  و استمعت أيضا إلى عديد المحاضرات الدينية و منها على سبيل الذكر لا الحصر، محاضرات الشيخ محمد الغزالي في التلفزة الجزائرية كل يوم الإثنين مساء من 1980 إلى 1988، مدة إعارتي  في الجزائر كأستاذ ثانوي متعاون.

ألاحظ أيضا أن الرسول أصاب - و هو كبشر منحه الله العصمة من الخطأ، فقط في تبليغ الوحي لا غير - و وصف واقعا وصفا دقيقا و للأسف الشديد لا يزال هذا الوصف واقعيا إلى اليوم، لكن الرسول لم يقل أن هذا الواقع النسوي المتخلف هو حتمي و أبدي. لذلك يبدو لي أنه من واجب علماء الدنيا الاجتهاد لتجاوز النقص العقلي المكتسب في المرأة بتعليمها و تطوير عقلها و من واجب علماء الدين الاجتهاد لتجاوز النقص الديني المكتسب أيضا من قبل المرأة و ذلك بهدايتها إلى استكمال دينها و الدعاء لها بالصلاح. و لو كان الرسول يرى أن هذا النقص متأصل في المرأة، لَما دعانا إلى استكمال نصف ديننا من عائشة زوجته. و قياسا على التدرج القرآني الكريم الذي  لم يحرّم العبودية مرة واحدة بل شجع على تحرير العبيد، يبدو لي أن الرسول في حديثه المذكور أعلاه لا يؤسس لتأبيد وضع المرأة المتردي بل يصفه فقط و يحدوني الأمل في أنه لا يعارض في الوقت نفسه طموح المرأة المسلمة إلى المساواة التامة و الكاملة في العقل و الدين مع الرجل و مع المرأة الغربية المتعلمة.

أرجو من أصدقائي اليساريين و قرائي الكرام أن لا يصنفوني بسرعة و تسرّع ضمن أعداء المرأة أو ضمن خصومها أو حتى الكارهين لها. أنا أحب و أعشق و أحترم و أجلّ و أقدر المرأة عموما و لن أنسى فضل أمي الذي تجسم في حنانها و في تربيتي و رعايتي بعد وفاة أبي و أنا طفل في سن الخامسة عشر. و أعترف بوجود نساء في حياتي، هنّ أكمل مني عقلا، و أخص بعضهن بالذكر و التبجيل و الاحترام مثل  الأستاذات اللواتي تتلمذت على أيديهن في الجامعة و الثانوي، تونسيات و فرنسيات، و الزميلات التونسيات اللواتي عاشرتهن أخيرا في النادي الثقافي النقابي، نادي جدل بالاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس، مثل الشاعرة العظيمة فاطمة بن فضيلة و الدكتورة في الشريعة و أصول الدين حياة اليعقوبي.

أسس حزب العمال التونسي منظمة نسوية في داخله. أتساءل هنا: لو لم تكن وضعية المرأة التونسية الحالية متردية و ناقصة، لَما خصها هذا الحزب اليساري بمنظمة ترعى شؤونها و تسهر على تدارك النقص المكتسب في عقلها مقارنة مع الرجل و يا ليته فعل نفس الشيء و من أجل نفس الهدف للرجل التونسي اليساري، باستثناء اليساريات المتعلمات المثقفات بطبيعة الحال، و هؤلاء الأخيرات قد يشاركن في تثقيف زميلاتهن في الحزب و يثبتن لهن أن نقص العقل النسوي ليس حتمية و لا قدرا بل هو شيء مكتسب يسهل إزالته لو تحققت المساواة الكاملة و التامة بين الرجل و المرأة في الحقوق و في القانون و أمام القانون أيضا، مع الإقرار بالاختلاف البيولوجي و المحافظة على الاختلاف في الواجبات مع الإشارة الهامة أن الاختلاف البيولوجي الموروث موجود أيضا بين الرجل و الرجل و بين المرأة و المرأة و يجب أن لا يؤدي هذا الاختلاف البيولوجي بالضرورة إلى عدم المساواة في الحقوق أو عدم المساواة في اكتساب الذكاء و استكمال العقل و الدين و من وجهة نظر غير مختص في علوم الاجتماع و لا في علوم الدين، يبدو لي أن المساواة التامة بين المرأة و الرجل لا تتنافى، لا مع العلم و لا مع الدين الإسلامي.

ملاحظة عابرة، أوردها و أمضي دون تعليق و المسكوت عنه أبلغ: ألاحظ تواجدا مكثفا للعنصر النسائي في قيادات حزب حركة النهضة ذو المرجعية الإسلامية (عشرات العضوات في المجلس التأسيسي) و في المقابل ألاحظ نقصا واضحا و فادحا في عدد النساء في قيادات الأحزاب اليسارية الكبرى الثلاثة ذات المرجعية الماركسية اللينينية الستالينية (حزب العمال و حزب وطد الموحد و الحزب الاشتراكي الثوري (وطد سابقا)،  مع العلم أن النهضة لم تؤسس لقيادياتها منظمة نسوية خاصة بهن داخل الحزب.