dimanche 31 mars 2019

هل فقد المثقفون العرب مصداقيتهم فيما يدّعون من مواقف ؟ نقل وتعليق مواطن العالَم



كتاب "ثورات القوة الناعمة في العالم العربي. من المنظومة إلى الشبكة."، علي حرب، الدار العربية للعلوم و النشر، الطبعة الثانية 2012، 240 صفحة (استعرته من منتدى مقابسات للفكر والتواصل).

نص علي حرب:
صفحة 48: و لكن الكثيرين من المثقفين لا مصداقية لهم في ما يدعون أو يعلنون من المواقف. فهم ضد الاستبداد في مكان، ولكنهم يقفون معه أو يسكتون عليه في مكان آخر. فهم ضد المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزّة، ولكنهم يصفقون للمجازر التي ترتكبها "القاعدة" في العراق بحق عراقيين. وهم مع الحرية والديمقراطية في تونس والقاهرة، ولكنهم ضدها في لبنان، إذ هم مع محاولة تعريبه وأسلمته، على الطريقة التي تؤدي إلى فقدان ميزته، كبلد شكّل وما يزال يشكّل منبرا لحرية الكلمة ومساحة لممارسة الحريات الديمقراطية التي استفاد منها كل الهاربين من جور حكوماتهم أو من فقر بلدانهم.

إضافة مواطن العالَم:
في حرب الخليج الأولى والثانية، وقف العديد من المثقفين اليساريين التونسيين مع نظام صدام العراقي الاستبدادي بدعوى الوقوف ضد أمريكا ووقفوا قبله مع الاحتلال السوري للبنان بدعوى معاداة إسرائيل ومجدوا ولا زالوا يمجدون نظام ستالين الديكتاتوري بدعوى مناهضة الإمبريالية. أنا، كتونسي يساري غير ماركسي، أقف وبحزم سلمي فكري ضد الأنظمة الديكتاتورية الثلاثة، صدام والأسد وستالين، وفي الوقت نفسه أقف ضد أمريكا وإسرائيل والإمبريالية ولا أرى نفسي متناقضا، بل على العكس أرى نفسي أكثر منهم انسجاما وتطابقا مع مبدأ مناهضة الاستعمار والديكتاتورية أيّا كان مأتاهما، عربيا كان أو غربيا، فنتيجتهما الكارثية واحدة على الشعوب العربية.

نص علي حرب:
         وهُمُ إلى ذلك قد فقدوا المصداقية والمشروعية والفاعلية منذ زمن طويل، سواء من حيث نماذجهم في فهم العالم أو من حيث برامجهم لتغيير الواقع. فالعالم، تغير ويتغير، بعكس تصوراتهم وخططهم. والأهم أنه يتغير على يد قوى جديدة، كانت مستبعدة أو مهمشة، وربما محتقرة، من جانب المثقفين الذين يدعون احتكار الوعي والعلم والمعرفة بأحوال العالم، فإذا بهذه القوى تبدو حية، ناشطة، فعالة أكثر مما يحسب دعاة التقدم والتغيير.

تعليق مواطن العالَم:
         أخص بالنقد هنا، رفاقي اليساريين الماركسيين التونسيين: ماركس قال أن فلاسفة عصره غرقوا في فهم العالم لكنهم لم يحاولوا تغييره والمطلوب فهمه وتغييره في آن. أما رفاقي المعاصرون فلم يقتدوا بمعلمهم وحاولوا تغيير الواقع التونسي دون فهمه فلذلك لم يحالفهم الحظ، لا في الفهم ولا في التغيير. للأمانة، حاولوا فهم الواقع التونسي لكن باستعمال آليات قديمة متكلسة وبتوظيف مبادئ ماركسية عامة منقرضة أو في طريق الانقراض مثل: الحتمية المادية والحتمية التاريخية وصراع الطبقات وديكتاتورية البروليتاريا واللينينية والستالينية والماوية وكذبة الاشتراكية "العلمية". يبدو لي أنهم لم يحسوا بتغيّر العالم من حولهم، فصراع الطبقات لم يعد المحرك الأساسي للتاريخ، والعلم أصبح يؤمن بالتفاعل والانبثاق غير المعروف مسبقا، مما يقودنا بالضرورة لللاحتمية المادية واللاحتمية التاريخية، والبروليتاريا لم تعد طبقة تحتكر الفقر ولم تعد طبقة متجانسة والفقراء أصبحوا طبقات جديدة متعددة متنوعة متكونة من العمال بالساعد أو بالفكر ومن المهمشين والمعطلين عن العمل والفقراء المثقفين والمدونين والفيسبوكيين وأصحاب الشهائد العليا العاطلين عن العمل. لم تعد طبقة البروليتاريا ولم تَكُ يوما طبقة ثورية، فالحزب الشيوعي الطلائعي هو الوحيد الذي  اعترف انتهازيًّا بثوريتها وهو أوّل مَن سلبها حقها في التعبير واستعار اسمها ليتحكم في مصيرها بعنوان ديكتاتورية البروليتاريا والبروليتاريا كانت أوّل ضحاياه في الدول الشيوعية السابقة مثل الاتحاد السوفياتي ودول أوروبا الشرقية وألبانيا وكمبوديا وكوريا الشمالية والصين الماوية. لقد أثبتت الطبقات الجديدة غير البروليتارية ثوريتها عن جدارة في الربيع العربي وغابت الطبقة البروليتارية حسب التعريف الماركسي وغاب ممثلوها كأحزاب طلائعية عن شوارع وساحات الربيع العربي ولم نر من طلائعيتهم إلا ركوبهم على الثورة بعد بروزها مثلهم مثل الأحزاب الإسلامية.

نص علي حرب:
         هذه هي حال العاطلين عن العمل الذين كانوا يفعلون بصورة سلبية أو عقيمة، فإذا بهم يسهمون الآن في تفجير الانتفاضة في غير مكان من العالم العربي. وهذه هي خاصة حال الأجيال الجديدة من الشباب والمدونين والعاملين على الشبكات. ومن المفارقات أن فلاسفة العرب ومفكريهم ما زالوا يثيرون أسئلة النهضة ومشكلات الحداثة، فيما الفاعلون العرب الجدد قد تجاوزوا الحداثة إلى ما بعدها، بانخراطهم في الحداثة الفائقة والسيّالة للعصر الرقمي والواقع الافتراضي. وها هم يتصدرون الواجهة ويصنعون الحدث الذي سارع المثقفون إلى تلقفه والتعيش عليه، لأن مجتمع المثقفين ليس ملكوتا للفضيلة ولا هو مملكة للحرية والعدالة، بل هو الأسوأ داخل المجتمع الكبير، كما تشهد علاقات المثقفين بعضهم ببعض. وذلك يعني أن المثقفين لم يعودوا عقول المجتمعات النيّرة. ولم يكونوا أصلا ضمائرها الحية.
لنعترف بفشلنا وإفلاسنا، وبأن جيلنا قد أورث الأجيال الجديدة كل هذا التردي والتراجع. ومؤدى الاعتراف أننا الوجه الآخر للأنظمة التي ندينها وننتشي لانهيارها، بنخبويتنا وتهويماتنا النرجسية. فالحاكم والمثقف متألّه وعاشق لذاته، نابذ لغيره. الأول ينفرد بالسلطة ويستبد بها بقدر ما يظلم من اختاروه لرعاية مصالحهم. والثاني يحتكر الحقيقة ويعتقد بأنه فريد عصره ومجاله، بقدر ما يحتقر من يدّعي أنه يدافع عن حقوقهم.

تعليق مواطن العالَم:
         أحمد الله أنني لم أجد نفسي في تعريف علي حرب للمثقف العربي الكلاسيكي ولم أكُ  يوما وجها لنظام بورقيبة  أو نظام بن علي ولم أنتمِ إلى أي حزب ولم تصادر تفكيري أي إيديولوجيا بل على العكس أجد نفسي بكل تواضع من ضمن الفاعلين التونسيين الجدد لأنني انخرطت منذ 2008 في العصر الفيسبوكي والواقع الافتراضي بنشر مقالات نقدية حول التعليم والوضع الاجتماعي بصفة عامة وشاركت على قدر العمر المتقدم والصحة الضعيفة في مظاهرات ثورة 14 جانفي 2011 قبل وبعد هروب بن علي.

البصمة الفكرية الكشكارية
بكل شفافية، أعتبر نفسي ذاتا حرة مستقلّة مفكرة  وبالأساس ناقِدة، أمارس قناعاتي الفكرية بصورة مركبة، مرنة، منفتحة، متسامحة، عابرة لحواجز الحضارات والدين والعرق والجنس والجنسية والوطنية والقومية و الحدود الجغرافية والأحزاب والأيديولوجيات. وعلى كل مقال سيء، نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.

Mes deux principales devises dans la vie, du moins pour le moment
-         Mohamed Kochkar : faire avec les conceptions non scientifiques (ou représentations) pour aller contre ces mêmes conceptions et en même temps auto-socio-construire à leurs places des conceptions scientifiques
-         J. P. Sartre : Les idéologies sont liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites

إمضاء جديد، مواطن العالَم
مواطن العالَم (أعتذر لكل المواطنين في العالَم غير الغربي على ما فعله و يفعله بهم حتى الآن، إخوانهم في الإنسانية، المواطنون في العالَم الغربي)، مسلم (أعتذر لكل المواطنين غير المسلمين على ما فعله بهم أجدادي المسلمون)، عربي (أعتذر لكل المواطنين غير العرب على ما فعله بهم أجدادي العرب) تونسي (أعتذر لكل المواطنين التونسيين على ما فعله بهم نظام بورقيبة ونظام بن علِي طيلة سنوات الجمر الخمسة وخمسين)، "أبيض- أسود" البشرة (أعتذر لكل المواطنين السود في  العالَم  علىِ ما فعله بهم أجدادي البيض)، يساري غير ماركسي (أعتذر لكل المواطنين غير اليساريين واليساريين غير الماركسيين في  العالَم  علىِ ما فعله بهم رفاقهم الماركسيون اللينينيون الستالينيون الماويون)، غير منتمٍ لأي حزب أو أي أيديولوجيا ( أعتذر لكل المواطنين غير المنتمين حزبيا أو أيديولوجيا في العالَم عن كل خطأ ارتكبته في حقهم الحكومة والمعارضة والمتعاطفين معهما).

تاريخ أول إعادة نشر على النت: حمام الشط في 12 سبتمبر 2012.



Haut du formulaire

samedi 30 mars 2019

قائمة غير شاملة في نهايات تصورات معينة حول بعض المفاهيم، فرضها التاريخ ! مواطن العالم



1.     مفهوم الواقع: ولادة الواقع الافتراضي الذي أصبح اليومَ فاعلا في الواقع المادي.
2.     مفهوم المقاومة المسلحة: غاندي، مانديلا، ثم خالد مشعل، الناطق الرسمي باسم حركة حماس في الخارج: "الثورة التونسية والثورة المصرية في الربيع العربي، تجربتان عربيتان في المقاومة الشعبية غير المسلحة، المقاومة السلمية بواسطة الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات، تجربتان يمكن الاستفادة منهما".
3.     مفهوم المعرفة: نظرية التعقيد، إدڤار موران وهنري أتلان.
4.     مفهوم العقل الواعي: مفهوم العقل اللاواعي لـفرويد.
5.     مفهوم الرب في المسيحية: مات الرب لـنيتشه.
6.     مفهوم التاريخ: نهاية التاريخ لـفوكوياما.
7.     مفهوم الدولة القطرية الوطنية: ولادة الاتحاد الأوروبي.
8.     مفهوم الإنسان: ميشيل فوكو.
9.     مفهوم الشيوعية: سقوط جدار برلين سنة 1991.
10.                       مفهوم الثورة: الثورة التونسية.
11.                       مفهوم الحداثة: ما بعد الحداثة لـيورغن هابرماس ومدرسة فرانكفورت وميشيل فوكو وجيل دولوز وجان بودريار وجاك درّيدا وعلي حرب (قرأتُ لهم جميعًا ولم أفهم من نصوصهم الفلسفية الصعبة شيئًا يُذكر لكنني سمعتُ عنهم من صديقي فيلسوف حمام الشط ففهمتُ النزرَ القليلَ).
12.                       مفهوم النقل في التراث الإسلامي: توظيف العقل لـمحمد أركون وهشام جعيط ومحمد الشريف فرجاني ومحمد عابد الجابري وعبد الله العروي وحسين مروة وعبد المجيد الشرفي ومحمد حداد وآمال ڤرامي والطاهر حداد وأبو يعرب المرزوقي ومحمد الطالبي وبرهان غليون وهاشم صالح ورضوان زيادة والطيب التزيني وصادق جلال العظم وجمال البنّا وطه حسين وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ومصطفى أمين.
13.                       مفهوم المدرسة السلوكية في التعليم:  المدرسة البنائية لـبياجي وفيڤوتسكي وولادة علم "تعلّميّة المواد" سنة 1970 بفرنسا ومثلث "المتلقّي-المدرّس-المعرفة" لـبيار كليمان، أستاذي ومدير أطروحتي سنة 2007.
14.                       مفهوم العَلمانية: إن مفهوم الديمقراطية هو البديل الأصح لمفهوم العَلمانية لأنه يحقق العَلمانية وفي نفس الوقت يتجاوزها إيجابيا. الديمقراطية تتضمن مساواة الأفراد أمام السلطة والقانون بصرف النظر عن اختلاف مذاهبهم واعتقاداتهم. فبينما تستدعي الديمقراطية حتما الموقف العَلماني أي مساواة جميع الأفراد بصرف النظر عن اعتقاداتهم، فإن العَلمانية لا تعني بالضرورة الديمقراطية، بل من الممكن للعَلمانية أن تكون رديفةً للديكتاتورية، مثلما حصل في نظام ستالين وماو وعبد الناصر وصدّام وغيرهم من الديكتاتوريين العَلمانيين.
15.                       مفهوم النشر: لقد تجاوزنا زمن النشر بواسطة المطبعة الورقية نحو البث الالكتروني الذي يجري بسرعة الضوء عبر الفيسبوك والتويتر والسكايب وغيرها من وسائل الاتصال الرقمية الحديثة، لذلك أقلعتُ أنا عن تأليف الكتب بعد أربعة إصدارات واكتفيتُ بالكتابة في الفيسبوك .
16.                       مفهوم المثقف: لقد ولّى زمنُ المثقف الذي يفكر ويكتب للآخرين لـجان بول سارتر وعلي حرب.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 6 جانفي 2012


vendredi 29 mars 2019

الأحزابُ اليسارية ترى في المجتمع التونسي ما تريد هي أن ترى، لا ما يريد الواقعُ أن يرى؟ فكرة الماركسي فيلسوف حمام الشط، تأثيث مواطن العالَم




الأحزابُ اليسارية تُحلل المجتمع التونسي باستعمال مفاهيم ماركسية (Des concepts marxistes)، مِثل: بورجوازية، بروليتاريا، الصراع الطبقي، إلخ. مفاهيم لا تنطبق على المجتمع التونسي.
في الماركسية تُعرَّفُ الطبقة بالوعي الطبقي (La conscience de classe). في تونس يوجد عمال ورجال أعمال لكنهم غير واعين بانتمائهم الطبقي بالمفهوم الماركسي، والدليل: جل العمال ينخرطون في أحزاب يمينية  ويصوتون لها (النداء والنهضة)، وأكثر المنتمين للأحزاب اليسارية هُمُ بورجوازيون صغار بالمعنى الماركسي للمفهوم (موظفون، أساتذة، معلمون، محامون، أطباء، فنانون، إعلاميون، صحفيون، ونادرًا ما نجد فيهم عمالاً أو فلاحين).

بورجوازية صغيرة مثقفة وواعية بانتمائها الإيديولوجي لكنها تتجاهل ماذا قال ماركس نفسه فيها هي بالذات: طبقة انتهازية متذبذبة، غير صادقة في انتمائها الحزبي للطبقة العاملة، وغير موثوق  في إخلاصها وولائها لهذه الأخيرة. طبقة تقلد نمط عيش البورجوازية (موضة، تحرر من التقاليد، فرنكوفونية، عشق الفنون بجميع أنواعها، الدين بالنسبة إليها مسألة شخصية أو أفيون شعوب أو بِنية فوقية، إلخ.). وما دام الوعي الطبقي مفقود فالصراع الطبقي بالمعنى الماركسي الواعي للمفهوم مفقود أيضًا، ولا وجود له في تونس إلا في الكتب وفي عقول بعض الماركسيين.

إمضاء مواطن العالَم (يساري غير ماركسي)
"أنا عند الإسلاميين شيوعي وعند الشيوعيين إسلامي! لأن المفكر الحر يستحيل تصنيفه.." المفكر الإيراني الإسلامي الحر علي شريعتي، صديق الفيلسوف الفرنسي اليساري الملحد جان بول سارتر الذي قال: "لو أجبرتُ يومًا على اختيارِ دينٍ، لاخترتُ دينَ صديقي علي شريعتي".
أنا اليومَ لا أرى خلاصًا للبشريةِ، لا أراهُ في الأنظمةِ القوميةِ ولا اليساريةِ ولا الليبراليةِ ولا الإسلاميةِ، أراهُ فقط في الاستقامةِ الأخلاقيةِ على المستوى الفردِيِّ وكُنْ سياسيًّا كما شِئتَ (La spiritualité à l`échelle individuelle).
"النقدُ هدّامٌ أو لا يكونْ" محمد كشكار
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو
 و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
لا أقصدُ فرضَ رأيِي عليكم بالأمثلةِ والبراهينَ بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى، وعلى كل مقالٍ سيءٍ نردُّ بِمقالٍ جيّدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ.
يا أولِي الألباب، حارِبوا (Votre AND, héréditaire, sauvage, agressif et égoïste) بواسطة: L`épigenèse cérébrale, acquise, éducatrice, altruiste et civilisatrice (Sujet de ma thèse de doctorat en didactique de la biologie, UCBL1, 2007

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، السبت 30 مارس 2019.

jeudi 28 mars 2019

كيف أفهم ديني ؟ مواطن العالم



آخر دين توحيدي في تاريخ البشرية. دين يشمل البشرية بأسرها وليس حكرًا على المسلمين وحدهم. دين غير إقصائي وغير عنصري وغير متعصب. دين أتى برسالة للعالمين. دين أممي عالمي غير قومي وغير وطني وغير طائفي وغير فئوي. أفهمه كدين للمحبة والتقى والورع والتسامح والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة البشرية. دين يحس بآلام الإنسان أيًّا كان دينه أو مذهبه أو طائفته أو عرقه أو جنسه أو جنسيته. دين لا يفرّق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى. دين يعترف بكل الأديان ويكرّمها ويبجّلها، ويحترم كل الرسل وكل الأنبياء الذين سبقوا نبينا.

أفهم الدين كعلاقة 100  %حميمة عمودية مباشرة مع الله و100 %حميمة أفقية مباشرة مع مخلوقات الله. وللأسف الشديد، لقد حصره أكثرية المسلمين في الشعائر والطقوس الخارجية التي - على أهميتها – لا يمارسها المسلم إلا بشكل ميكانيكي أو آلي مُفرغ من كل معنى روحي أو تأثير أخلاقي على الشخص المسلم نفسه قبل غيره. قد يمارس بعض المسلمين جميع الطقوس بخشوع مشهدي وبكل مواظبة وانتظام، ثم يسرقون أو يغشّون في تجارتهم وأعمالهم أو يحقدون على جيرانهم لأنهم ليسوا من دينهم أو مذهبهم..

الإسلام 5% شعائر و95% معاملات (الشعائر والمعاملات، كلها تدخل فلسفيًّا في باب العبادات). الدول الأكثر تطبيقًا لمبادئ الإسلام حسب دراسة بريطانية: إيرلندا 1، الدانمارك 2، السويد 3، ماليزيا 33، أول دولة عربية في الترتيب الكويت 48، السعودية 91، مصر  128 (مصدري للأسف ضعيف جدًّا: مذيع مصري في قناة مصرية، سمعته حديثًا في مارس 2019).

ما نَفْعُ التديّن هذا في مثل هذه الحالة؟ لقد فهموا الدين الإسلامي كطاعة سلبية وخضوع لعلماء الدين ودعاته، وقد استولى هؤلاء الأخيرين على العقيدة الإسلامية واستخدموها ووظفوها واستغلوها أسوأ استغلال لإشباع جشعهم وتحقيق مآربهم ومآرب ملوكهم وأمرائهم ورؤسائهم، بل حرّفوا المقاصد النبيلة للدين الإسلامي عن مسارها الصحيح، وقسّموا الناس إلى شيعة وسنّة وسلفية وإباضية، إلى حنفية وشافعية ومالكية وحنبلية، إلى إسلاميين وعَلمانيين، إلى أصوليين وحداثيين، إلى مذاهب إسلامية متناقضة متناحرة متباغضة متقاتلة، واستغلوا خشوع وميل عامة المسلمين للتقى والإحسان لكي يأخذوا منهم الصدقات والزكاة ويراكموا الأموال ويبنوا القصور.. وهكذا شاع الشقاق والنفاق والحسد والغيرة والأحقاد في المجتمعات العربية والإسلامية، ولم يبق من الدين الإسلامي إلا المظاهر الخارجية الفارغة، والأحكام المسبقة المتوارثة التي تحوّل البشر إلى وحوش عن طريق الطائفية والمذهبية والتعصب والجهل والتزمت، وذلك لأنها تَحرم المسلمين الأميين والمتعلمين غير المثقفين من استخدام عقولهم بشكل حر وتخنق فيهم شعلة العقل البشري.

هذا العقل الذي ينبغي أن ننطلق منه لكي نؤسس مجتمعا آخر أكثر حرية وأكثر إنسانية. إن القرآن يعلمنا أفضل القيم الأساسية الضرورية لسلوكنا اليومي في الحياة. إنه يعلمنا أن الله موجود، أيّاً كان تصورنا له، ويعلمنا أن الله يسهر على مصير البشر، كل البشر دون تمييز، ويشملهم بعنايته ويأمرهم أن يحبوا بعضهم بعضا. ألم يقل الرسول الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"؟ هل يوجد في العالَم  تسامح أكبر من هذا؟ فكيف حوّل بعض علماء الدين ودعاته رسالة محمد السمحة هذه إلى تعصب ودعوة للعنف وإكراه في الدين وملاحقة لكل عالِم أو مفكر أو مبدع أو فنان أو فيلسوف لمجرد أنه عَلماني؟ كيف حوّلوا الشيء إلى نقيضه وحرّفوا الدين عن مبادئه الأصلية السامية؟ في الواقع إن الدين بالنسبة لي هو المحبة والتسامح والحرية المطلقة والكرامة البشرية والعدالة الاجتماعية والمعاملة الحسنة والسلوك المستقيم أولا وأخيرا. أما كل ما عدا ذلك فطقوس وشعائر تختلف من هذا المذهب إلى ذاك ولا تؤثر في الجوهر الطاهر الخالص. في نظري هناك إذن جوهر للدين، وهناك قشور وقوالب خارجية، والمهم هو الجوهر لا القشور. المهم هو الرسالة الروحية التي علمنا إياها الرسول والتي تدعو أساسا إلى التقى والعمل الصالح.

إمضائي المختصر
لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسان المجتمع، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه من أجل بناء أفراده الذاتي لتصورات علمية مكان تصوراتهم غير العلمية وعلى كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.

ملاحظة هامة
النص الأصلي كتبه هاشم صالح في كتابه "مدخل إلى التنوير الأوروبي"، صفحة 187، تأليف: هاشم صالح، دار الطليعة للطباعة والنشر ورابطة العقلانيين العرب، الطبعة الثانية 2007، بيروت - لبنان، 264 صفحة. شرح فيه أسباب النهضة الأوروبية في أواخر العصور الوسطى. يتحدث هذا النص وفي هذه الصفحة والصفحات التي تليها بالتحديد عن الدين المسيحي في القرن 17م.  استعرت منه القالب اللغوي للنص وطوّعته وحشوته أفكارا معاصرة ولكأن الكاتب إذ يصور حالة المسيحية في ذلك العصر يتحدث عن حالة الإسلام والمسلمين اليوم! يبدو لي أنني قد قمت بذلك بشفافية دون سرقة أدبية فجة أو سخيفة ودون تعسّف أوتحريف أو تجنّ على النص الأصلي ودون إسقاط مرحلة على مرحلة أو حضارة على حضارة أو دين على دين أو نقد على نقد.


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 17 مارس 2012.



mercredi 27 mars 2019

أمريكا ومنذ 1940 وهي تتدخل في انتخابات دول كبرى، تؤثر في الناخبين قبل الصندوق، فكيف تستغربون من إمكانية تدخلها في تونس أو الجزائر قبل انتخابات أواخر 2019 ؟ لوموند ديبلوماتيك، ترجمة وتأثيث مواطن العالَم




تدخلتْ في انتخابات إيطاليا عام 1940، ألمانيا 1950. أطاحت برؤساء منتخبين في إيران وڤواتميلا سنة 1950، واليوم تحاول قلب ماديرو الرئيس الشرعي لدولة فنزويلا.

سأكتفي بعرض ما فعلته في روسيا أثناء إعداد الرئيس المباشر يلتسين  للفوز بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية جويلية 1996:
-         عند تقديم ترشحه في فيفري 1996، كانت حظوظ يلتسين في الفوز ضئيلة جدًّا: حزبه "بيتنا روسيا" لم يحصل إلا على 10% من أصوات الناخبين في الانتخابات التشريعية الأخيرة (ديسمبر 1995) في حين أن الحزب الشيوعي لِـ"زيوڤانوف" (منافسه القوي في رئاسية جويلية 1996) حصل على ربع مقاعد البرلمان (La Douma). سبر الآراء السابق للانتخابات لم يمنحْه إلا 3% فقط من نوايا التصويت لصالحه.
-         وضْعُه هذا في فيفري 1996، البائس سياسيًّا، لم يمنعْه في جويلية من نفس العام من الفوز على منافسه الشيوعي في الدورة الثانية بنسبة 54%.

السؤال: ماذا وكيف حصل هذا التغيير غير الطبيعي لِـ"يلتسين" في ظرف 6 أشهر فقط، أي بين تاريخ ترشحه وتاريخ فوزه؟

الجواب في عدة نقاط:
-         حل بموسكو وفدٌ أمريكيٌّ متكونٌ من ثلاثة رجال محترفين، مختصين في التأثير على الناخبين قبل الصندوق. ثلاثتهم قَدِموا بناءً على دعوةٍ وُجهت لهم من قِبل عضوٍ في بطانة يلتسين لكي يتولوا تعليمَ الروس فنون وآليات التأثير على الناخبين قبل الصندوق. آلياتٌ جهنميةٌ حديثةٌ جرّبوها ونجحوا في تنصيب الجمهوري "بيتر ويلسون" حاكمًا على ولاية كاليفورنيا سنة 1991. جاؤوا لروسيا يبيعون سلعةً مثلهم مثل وكيل شركة صنع سيارات.
-         بدؤوا بإجراء سلسلة من "الزرڤونيات" (سبر آراء مزيف وموجه) لتلميع صورة يلتسين الوسخة جدًّا وفي نفس الوقت توسيخ صورة منافسه الشعبية جدًّا.
-         ولتنفيذ مخططهم رجعوا لأرشيف الحقبة الستالينية وانتقوا منه صورًا تفي بالغرض. صورٌ ترعب الناخبين وتذكّرهم بأخطاء ستالين الفظيعة فعلاً: صفوفٌ لا تنتهي من المواطنين أمام المغازات الفارغة في انتظار الفوز بعلبة سجائر أو قطعة صابون أخضر. شيوعيون يهدمون بالفؤوس كنائسَ أورتودكسية. صورٌ مرفوقةٌ بشعارات مكتوبة مثل: صوّت أو ستخسر"، "الله يسترنا"، "اشترِ غذاءَك لآخر مرة".
-         هذه الحملة المغرضة ساهمت في تشويه سمعة زيوڤانوف، المرشح الشيوعي الأوفر حظًّا في الفوز على يلتسين.
-         كلينتون، رئيس أمريكا في تلك الفترة، فتح هاتفه المباشر لِـيلتسين وزار موسكو في 20 أفريل 1996 وصرّح: "نتمنى على الشعب الروسي أن يصوّت للمستقبل" أي ليلتسين.
-         ألان جوبّي، الوزير الأول الفرنسي في تلك الفترة، زار موسكو في 14 فيفري 1996 وأشاد بالمشروع الإصلاحي لـيلتسين.
-         هلموت كول، المستشار الألماني في تلك الفترة، زار موسكو مرتين في ظرف 5 أشهر وصرّح: "من البديهي أننا سنتعرض لصعوبات معه (يقصد زيوڤانوف) أكثر من يلتسين. يلتسين صديق أصيل لألمانيا ومتعاون موثوق منه (إشارة إلى انسحاب القوات الروسية من ألمانيا الشرقية)".
-         وبقدرة قادر، تهاطلت على روسيا يلتسين القروض من الدوائر المالية العالمية: صندوق النقد الدولي قرر قرضًا بثلاثة مليار دولار، هاتفَ يلتسين صديقه وزميله كلينتون راجيًا تدخله فارتفع القرض بعصا سحرية إلى 10 مليار دولار. نادي باريس، 40 مليار دولار. البنك العالمي، 200 مليون دولار.

خاتمة من تأليف مواطن العالَم:
المالُ الفاسدُ لَطَّخَ الصندوقَ الشفافَ بلطخةٍ شفّافةٍ لا يراها إلا مَن يُريدُ أن يراها مِن أصحابُ النظر الثاقب، لطخةٍ لن تمّحي ما دامت الرأسمالية الجشعة تحكم كل بلدان العالَم. لا أملَ لي إلا في أجيال المستقبل،  أجيال العالَم أجمع!  
هلاّ عرفتم لماذا لا أنتخبُ ولن أنتخبَ؟ قلتُ عرفتم ولم أقلْ اقتنعتم، أنا ناقلٌ معرفة ولستُ داعيةً ولا واعظًا ولا مرشدًا. لم أنتخبْ في عهد بورڤيبة ولا في عهد بن علي. بعد الثورة، شاركتُ في انتخابات المجلس التأسيسي وانتخبتُ قائمة "الجمل" مجاملةً لصديقي العزيز وزميلي النفطي حولة. الله يرحم بورڤيبة عندما حرّم علينا الانتخابات ونصّبَ نفسَه رئيسًا مدى الحياة!
الاتحاد الأوروبي، كيانٌ منتخبٌ ديمقراطيًّا تتحكم في سياسته المالية مؤسستان ماليتان غير منتخبتين وهما صندوق النقد الدولي (FMI) والبنك المركزي الأوروبي (BCE). هذا الحاكم القوي الفعلي الثنائي-الرأس والخفي وغير الديمقراطي ركّعَ حكومة اليونان اليسارية الشعبية المنتخبة والمُزكّاة باستفتاء شعبي وسخر منها وقال لممثلها السابق في المفاوضات، وزير المالية الأسبق المستقيل أو المُقال: "سلّملي على الانتخابات الديمقراطية والاستفتاءات الشعبية، لقد ولَّى زمن هذه الأوهام وانقضى بلا رجعة".
قال ميتران رئيس فرنسا السابق: "انتُخِبت من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية في فرنسا فخيرتني ألمانيا بينها وبين بناء اتحاد أوروبي ليبرالي فاخترتُ ما فرضته عليّ ألمانيا".
في فرنسا التسعينيات على ما أتذكّر، عُرِضت "اتفاقية ماستريتش للاتحاد الأوروبي" على التصويت في استفتاء، رفضتها الأغلبية، أعادوا صياغتها، قدّموا جملة وأخّروا أخرى، حذفوا نقطة وأضافوا مكانَها فاصلا، ثم أعادوا طرحَها ثانية للتصويت دون وجه حق، فازت بالأغلبية، و"خرّافتنا هابا هابا وكل عام اتْجينا صابة" وتحيا الديمقراطية التي ابتدعتها الطبقة البورجوازية المهيمِنة، مُدَجِّنة الفقراء من أجل خدمة الأغنياء، و"عـالصندوقْ انغنِّي.. نارِي عـالصندوق.. طْلَعْ فالْصُو!".
Conclusion générale: Disons-le-leur tout de suite: Les élections tunisiennes d`octobre 2019 ne changeront rien surtout pour le peuple, pour les voleurs du peuple.. peut-être   

المصدر:
Le Monde diplomatique, mars 2019, extraits de l`article : Quand Washington manipulait la présidentielle russe.  Par Hélène Richard, p. 14-15

إمضاء مواطن العالَم (لوموند ديبلوماتيك، ترجمة وتأثيث مواطن العالَم)
"أنا عند الإسلاميين شيوعي وعند الشيوعيين إسلامي! لأن المفكر الحر يستحيل تصنيفه.." المفكر الإيراني الإسلامي الحر علي شريعتي، صديق الفيلسوف الفرنسي اليساري الملحد جان بول سارتر الذي قال: "لو أجبرتُ يومًا على اختيارِ دينٍ، لاخترتُ دينَ صديقي علي شريعتي".
أنا اليومَ لا أرى خلاصًا للبشريةِ، لا أراهُ في الأنظمةِ القوميةِ ولا اليساريةِ ولا الليبراليةِ ولا الإسلاميةِ، أراهُ فقط في الاستقامةِ الأخلاقيةِ على المستوى الفردِيِّ وكُنْ سياسيًّا كما شِئتَ (La spiritualité à l`échelle individuelle).
"النقدُ هدّامٌ أو لا يكونْ" محمد كشكار
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو
 و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
لا أقصدُ فرضَ رأيِي عليكم بالأمثلةِ والبراهينَ بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى، وعلى كل مقالٍ سيءٍ نردُّ بِمقالٍ جيّدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ.
يا أولِي الألباب، حارِبوا 
(Votre AND, héréditaire, sauvage, agressif et égoïste)
بواسطة:
L`épigenèse cérébrale, acquise, éducatrice, altruiste et civilisatrice (Sujet de ma thèse de doctorat en didactique de la biologie, UCBL1, 2007

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الخميس 28 مارس 2019.