الخبر: بثت قناة الحوار التونسي برنامجَين من هذا النوع قبل النطقِ بالحكمِ،
الأول حول تلامذة المدرسة القرآنية بالرڤاب، والثاني حول معلم بمدرسة ابتدائية بصفاقس.
التعليق:
1.
التشهير يمسّ بسمعة
المتهم ويمسّ في الصميم أيضًا بسمعة أناسٍ أبرياء تمامًا مثل أفراد عائلته
الضيقة وخاصة أبنائه الصغار في السن، عائلته الموسعة وخاصة والدَيه الكبار في
السن، أقاربه، جيرانه، أبناء حيه أو قريته أو مدينته.
2. ما هي حججُ الرافضين
للتشهير بالمتهمين - قبل أو بعد النطق بالحكم وخاصة قبل - على الفضائيات أو شبكات
التواصل الاجتماعي
(fb, twitter, instagram, etc):
-
حجة من القرآن: "ولا تزر وازرة وزر أخرى".
-
حججٌ قانونيةٌ-بسيكولوجية متعددةٌ: ـ بِاسْمِ المعاناة
المشروعة للضحية وباسم آلامها، عادة ما ننسى مبدأ تفريد العقوبة (individualisation)، هذا المكسب الديمقراطي الذي
بفضله نحاكم فِعلاً (Un acte) ونحاكم أيضًا شخصًا، بماضية والظروف
النفسية والاجتماعية التي مرّ بها قبل ارتكابه الجريمة قصد البحث عن أسابٍ للتخفيف
من العقوبة (ses caractéristiques). ـ لا يكفي أن نعاقب المجرم بشدّة حتى نخفف من آلام الضحية،
والمَنْدَبَةُ (Faire le deuil) مكانها المقبرة وليس المحكمة ـ المحكمة خُلِقت
لتُعوّض الثأر الشخصي المتوارَث
(La vendetta) .
ـ الضحية غير مؤهلة وأبعد ما تكون
لإصدار حكمٍ موضوعي وعادلٍ على المتهم لأنها ذاتٌ واقِعةٌ تحت سيطرة عواطفها. ـ من حق
الضحية أن تحتل مكانها الشرعي في المحاكمة لكن شهادات الشهود في التلفزة وخاصة
الممسرحة منها والمشحونة عاطفة قد تشوّش على تركيز هيئة المحلفين
(Les jurés)
وتبعثر تفكيرهم وقد تحوّل الضحية إلى نيابة عمومية. ـ المحاكمة
الجنائية ليست غرفة ملحقة في عيادة طبيب نفسي وليست مكتب انتقام.
3. أمثلة من الواقع تدل على مدى تأثير وسائل الإعلام السلبي
على سير العدالة:
-
في فرنسا: كل حصة بث
برنامج حول جريمة ما في نشرة أخبار (20h)
يؤثر في هيئة المحلفين ويرفع العقوبة بمعدل يوم سجن.
-
عامل فلاحي عمره 40
عامًا (Loïc Sécher)، اتهمته (Émilie) مراهقة 14
عامًا باغتصابها. حّكِم عليه في 2003 بـ16عامٍ سجنًا. سنة 2008، بلغت المراهقة فتراجعت عن أقوالها.
بعد التحريات، أطلِق سراح العامل سنة 2010.
خاتمة: يبدو لي - وأهل الذكر
أعلم - أنه قد يكون من الأصوب الاكتفاء بـالتشهير بالجريمة وتجنب التشهير بالمتهم أو المجرم على
شرط أن يقع التشهير بعد التصريح بالحكم وليس قبله، فـ"المتهم بريء حتى تثبت
إدانته".
قالوا: "اِلْعَنْ المعصية ولا تلعن العاصي"، لأن المعصية مَكروهةٌ ومُدانةٌ
من قِبل الجميع، أما العاصي فبابُ التوبةِ واسعٌ مشرَّعٌ أمامه إلى آخر رمقٍ في
حياته، فلا تغلقوا بابًا فتحه الله رحمةً
بعباده الخطّائين.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ
وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ".
المصدر:
Le Monde diplomatique, mars 2019, extraits de
l`article : Quand le tribunal se fait psychologue. La justice transfigurée
par les victimes. Par Anne-Cécile Robert (Ce texte est extrait de
l`ouvrage La stratégie de l`émotion, Lux, Montréal, 2018.), p. 22
إمضاء مواطن
العالَم
"أنا عند
الإسلاميين شيوعي وعند الشيوعيين إسلامي! لأن المفكر الحر يستحيل تصنيفه.."
المفكر الإيراني الإسلامي الحر علي شريعتي، صديق الفيلسوف الفرنسي اليساري الملحد
جان بول سارتر
أنا اليومَ لا أرى خلاصًا للبشريةِ، لا أراهُ في
الأنظمةِ القوميةِ ولا اليساريةِ ولا الليبراليةِ ولا الإسلاميةِ، أراهُ فقط في
الاستقامةِ الأخلاقيةِ على المستوى الفردِيِّ وكُنْ سياسيًّا كما شِئتَ (La spiritualité à l`échelle
individuelle).
"النقدُ
هدّامٌ أو لا يكونْ" محمد كشكار
"المثقّفُ هو
هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو
و"إذا
كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
لا أقصدُ فرضَ
رأيِي عليكم بالأمثلةِ والبراهينَ بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى، وعلى كل
مقالٍ سيءٍ نردُّ بِمقالٍ جيّدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ.
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الخميس 21 مارس 2019.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire