(de 8h à 9h)
(Les mosquées pilotes)
(Les mosquées pilotes)
حَضَرَ النقاش السيد محمد بن علي مكلف
بمكتب العلاقة بالمجتمع المدني بوزارة الشؤون الدينية (صديقي الفيسبوكي، أصيل
مدينة نويّل ومنسّق اللقاء. بارك الله فيه وفي نويّل أصل عائلة كشكار)، والسيد كمال عزوز
رئيس مصلحة الاطارات الدينية.
استقبلني الوزير القاضي السابق أحمد عظوم واقفًا ببابِ مكتبِه. جلسنا. أهدى إليّ
ثمانية كتب يبدو من عناوينها أنها هامة في مجالها، المجال الديني طبعًا. قدّم لي
قهوة ولم أدخّن في حضرته.
بدأتُ أنا الحديثَ،
جِدٌّ في قالِبِ مَزحٍ لم يخرج عن آداب الاحترام اللائق بشخصه وصِفتَيه، القديمة
والحالية، قلتُ له: حَرَمْتَنِي اليوم من "ڤِعْدَةِ الشيحي"!
قال: ومَن هو الشيحي؟
أجابه صديقي وقارئي
المواظب: مقهى الشيحي بحمام الشط، محراب مواطن العالَم.
أضفتُ: أكتبُ فيها تغريدتي اليومية لكن
اليوم كتبتها في قطار حمام الأنف.
قال: يكون لنا شرف السبق في الاطلاع عليها.
هي التالية: إذا كان ولا بد من الوقوف ضد التطرف الفكري، فلنبدأ بمقاومة التطرف العلمي الغربي
(فيزياء الأسلحة وكيمياء المبيدات والتلوث البيئي، إلخ) إنه أشد فتكًا مليون مرة من
التطرف الإسلامي.
قال: احسنتَ وأصبتَ.
استرسلتُ في
الحديثِ والحديثُ ذو تفرّعات. أخذتُ من الساعة حصةَ الأسدِ. ألم يطلُبني ليسمعني:
تحدثتُ عن: مفاهيم التعقيد (La complexité) والتفاعل (L`interaction) والانبثاق
(L`émergence)
ونقد المعرفة العلمية (L`épistémologie) والمدرسة السلوكية (Le béhaviorisme) والمدرسة البنائية (Le constructivisme) وجمنة ("بازْ")
والعلم والديداكتيك ويساريتي ومحاضراتي ومقالاتي ووقعِها الإيجابي على الأئمة
والسلفيين، وخاصة عن محاضرتي القادمة في المعهد النموذجي بالمنستير بدعوة من السيد
لطفي البكّوش متفقد التفكير الإسلامي وإمام الجمعة وعنوانها "هل ندرّس معارفَ
أو قِيمًاّ؟" أقصد القيم العلمية لا الإسلامية السمحة ولا تَناقُضَ عندي
بينهما. أسررتُ له بأنني أعتبر ساعتَيْ المطالعة في مقهى الشيحي صباحًا هي أسعدُ
أوقاتي، أي من الساعة السادسة صباحًا إلى الثامنة، الثامنة ساعة بداية تقاطُرِ الجلساء والأصدقاء وكان كلُّه آذانًا صاغيةً. أسعدني جدًّا جدّا أن يسمعني وزيرٌ قاضٍ
مثقفٌ كريمٌ خلوقٌ بشوشٌ! ثم انتقلنا إلى موضوع اللقاء وهو ما حواه مقالي الأخير وهذا
رابطُه الرقمي في خانة التعاليق تحت، لمَن لم يطّلع عليه ويرغب في الاطلاع عليه.
قال: أتصوّر تطبيقَ
اقتراحِك كالتالي: مصلّي عالِم يتكلم في الدرس الذي يسبق خطبة الجمعة عن تكوين
الجنين ويربطه بالإعجاز العلمي في القرآن.
أجبتُه دون المرورِ
بعناءِ التفكيرِ العميقِ لأنه سبق لي وأن تعرضتُ في قسمي سابقًا لمثل هذا التمشّي الذي
قد يجرّ المتلقّي إلى سوء الفهم أو الخطأ في الفهم، أعني به الربط السطحي بين
الاكتشافات العلمية الدقيقة والحديثة وبين ما جاء في القرآن الكريم من إشارات عامة:
لو أراد الله لفصّلها بالتدقيقِ على شكل معادلات رياضية وفيزيائية وكيميائية ثابتة
غير متحولة تحوّل العلم البشري وهو على كل شيءٍ قديرٌ. لم يُفصّلها سبحانه وذلك لحكمةٍ
نجهلها وعلينا تدبّرها لا الركوب عليها لتبرير فشلنا في الوصول إلي الاكتشافات قبل
الغرب. ومَن هم علماء الغرب؟ أليسوا من عباد الله؟ ألا يوجدُ فيهم مسلمون؟ القرآن
كتابُ إيمان يَحُثُّ على العلم، وليس كتابَ علمٍ لتعزيز الإيمان، فالإيمان يقينٌ
من أوله إلى آخره، إيمانٌ أسمَى وأرقَى وأصدقَ من العلم مليون مرة، أما العلم فهو
شكّ في أوله وشكٌّ في آخره، العلمُ قاصرٌ ومبنيٌّ على التجربة والخطأ والصواب
وحقائقُه غير ثابتة فلا تألهوه يا أولي الألباب ولا تقدسوه ولا تعظّموه ولا تضعوه
في مرتبة كلام الله، إنه كلام البشرْ ينفع أحيانًا وفي أكثر الأحيان يضرْ. أنا أرى
أنه من الأنسب والأسلم أن ينحصر دورُ أستاذ الدرس (الذي يسبق خطبة الجمعة) في
الشؤون الدنيوية ويترك الربطَ مع الدين من عدمه لخطيب الجمعة، كلّ واحدٍ في
اختصاصه لا يتجاوزه تجنبًا للوقوع في الخطأ ولو على حسن نية. أضِفْ إلى ذلك أن ربط
العلم بالدين أو بالسياسة قد ينسف الفكرة من أساسها ويعطي حجة لمعارضي الفكرة، تِعِلّةٌ
نحن في غِنًى عنها. أرجو أن نبدأ بتطبيقِ الفكرة في بعض الجوامع التي سأطلِقُ
عليها اسمَ "الجوامع النموذجية"
(Les mosquées pilotes)، مع الإشارة أن تسمية بعض معاهدنا بـ"المعاهد
النموذجية" (Les lycées pilotes) تسميةٌ لا تستحقها هذه المعاهد لأنها ليست نموذجية إلا
في الاسم وهي معاهد تدرِّس نفس البرنامج بنفس أساتذة المعاهد غير النموذجية. أما "الجوامع النموذجية" التي
أقترحها فستكون نموذجية بالفعل، ونترك حرية مبادرة الالتحاق للأئمة الآخرين، أعلمك
سيدي الوزير أن بعضهم اتصل بي عبر البريد الفيسبوكي الخاص وعبّروا عن ترحيبهم
بالفكرة وقالوا أنهم قاموا بنسخ مقالي لأجل تدارس إمكانية تطبيقه بجدية في جوامعهم.
قال: حسنًا، سوف أدعوك لتقديم محاضرة
للأئمة.
قلتُ: بكل سرورٍ على شرط أن أحاضر في
اختصاصي أي في علوم التربية ولن أتدخل في اختصاص الأئمة، لا بصفة مباشرة ولا بالإيحاء،
لأنهم، الأئمة الأجلاّء، أعلَمُ مني باختصاصهم ولو فعلتها لَكان مَثَلي كمَثَلِ
جاهلٍ يُعلم علماءَ: أنا جاهلٌ بعلوم
الدين، والأئمة مختصّون في الدين.
خاتمة: قال، قالا، قلتُ، المقالُ لا
يتسع لنقلِ كل ما قِيلَ. شكرًا لصديقي المنسّق وللوزير عَلَى حفاوة الاستقبال
والصبر على طريقة كشكار في النقاش، وكأنه في ساحة الوَغَى، طبعٌ خَشِنٌ أعتذرُ
عليه في كل مناسبة، والسلام ولعل الحلم يتحوّل إلى حقيقة، وما أحلام اليوم إلا
حقائق الغد، غبر أن فكرتي تحتاج لمَن يُجسِّدُها، الوزير أحمد
عظوم، لكي تصبح موجودة، لكي تصبح قادرة على تغيير الواقع، أي أنها تحتاج لرجلٍ أمينٍ صادقٍ مثلِه وأملي فيه وفي الله كبيرٌ.
إمضاء مواطن العالَم
أنا اليومَ لا أرى خلاصًا للبشريةِ في الأنظمةِ القوميةِ ولا اليساريةِ ولا
الليبراليةِ ولا الإسلاميةِ، أراهُ فقط في الاستقامةِ الأخلاقيةِ على المستوى
الفردِيِّ وكُنْ كما شِئتَ (La
spiritualité à l`échelle individuelle).
"النقدُ
هدّامٌ أو لا يكونْ" محمد كشكار
"المثقّفُ هو هدّامُ
القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك
فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
لا أقصدُ فرضَ رأيِي عليكم بالأمثلةِ
والبراهينَ بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى، وعلى كل مقالٍ سيءٍ نردُّ بِمقالٍ
جيّدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ.
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 6 مارس
2019.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire