mercredi 31 mai 2023

العنفُ في القرآن ؟ جاكلين الشابي، ترجمة مواطن العالَم

 

 

L`Universel dépasse de loin le Culturel, mais ne le nie pas.

جاكلين الشابي، فرنسية، أستاذة مبرّزة في اللغة العربية، أنتروبولوڤ ودكتورة مختصة في التصوّف وفي تاريخ العالَم الإسلامي في القرون الوسطى.

قالت على اليوتوب بتاريخ 25 أكتوبر 2016 في مقابلة على قناة "ميديابارت"، عنوانها "قراءة القرآن بوجه آخر" (Lire le Coran autrement): "العنفُ في القرآن، هو عنفٌ في الخطابِ (Le discours) فقط وليس عنفًا في الفعل (L`action). وعكس ما يعتقد الكثيرون، فما ارتفاعُ منسوبِ العنفِ في الخطابِ القرآني إلا من أجل تجنبِ العنفِ في الفعل. أما العنف في الفعل الداعشي فلا صلة له  بالعنفِ في الخطاب القرآني بل له صلة وثيقة جدا بِالعنف الفعلي العالمي المعاصر، والدواعش ليسوا أحفادَ محمد كما يدّعون بل هم أبناء عصرهم".

 

إمضائي

"إن إنكار الثقافة الغربية لا يستطيع أن يشكل في حد ذاته ثقافة. والرقص المسعور حول الذات المفقودة لن يجعلها تنبعث من رمادها" الفيلسوف المغربي عبد الله العروي

"لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف الرمزي أو اللفظي أو المادي" (مواطن العالَم)

وَ"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

 

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الخميس 17 أوت 2017.

Haut du formulaire

 

 

lundi 29 mai 2023

من أين أتت مصطلحات "يسار / يمين" ؟ تأليف يوسف الشادلي ونقل مواطن العالم

 

 

الحادثة التاريخية التي أخرجت إلى العالم ثنائية اليسار واليمين. والحديث هنا عن اجتماع الجمعية التأسيسية الفرنسية في سبتمبر 1789 حيث جلس إلى يسار رئيس الجلسة النواب المناهضون للملَكية وعلى يمينه جلس مساندوها. (...) ومنذ تلك الحادثة أصبح مصطلح اليسار في معناه العام يوظف للدلالة على الرغبة في التغيير ورفض ما هو قائم، فيما استُعمِل مصطلح اليمين إجمالا ليعني التمسك بالوضع القائم. (...) بل أضحى اليسار رديفا للماركسية حصرا.

 

المصدر: "مانيفستو" اليسار التونسي، مؤلف جماعي، تنسيق: ياسين النابلي، المفكرة القانونية تونس أفريل 2023، 182 صفحة (يوزع مجانا في مكتبة "Le Gai savoir").

 

تاريخ أول نشر على صفحتي الفيسبوكية: حمام الشط في 29 ماي 2023.

dimanche 28 mai 2023

هل جيناتنا هي التي تحدّد مسبّقا صفاتنا الجسمية ؟ ترجمة مواطن العالم

 

 

المصدر:

Henri Atlan, La fin du « tout génétique » ? Vers de nouveaux paradigmes en biologie, éditions INRA, Paris 1998, 91 pages.

 

نص هنري أتلان:

في مقال بعنوان "السبب و النتيجة في علم الأحياء" 1961، يميّز "أرنست ماير" بين مقاربتين مهمتين تصفان أنواع الأسئلة المطروحة في البيولوجيا:

1.     المقاربة الأولى  تتمثل في "البيولوجيا الوظيفية" (La biologie fonctionnelle) التي تحاول أن تفهم آليات الوظائف البيولوجية كالتنفس والهضم والطرح داخل الخلية، أصغر وحدة تركيبية ووظيفية في كل جسم حي. في هذا الإطار، تُطرح أسئلة من نوع "كيف ؟" (Comment). والطريقة المعتمدة هي طريقة "فيزيائية-كيميائية" تسعى جاهدة لإعادة الظواهر الملاحظة إلى آلياتها الفيزيولوجية الدقيقة. يستشهد ماير بكلود برنار الذي يصر على إضافة مفهوم "خطة التنظيم" للاختزالية "الفيزيائية-كيميائية" لكي نفهم "علم الوظائف الحيوية". من الواضح أن فكرة كلود برنار تفوح منها رائحة "مذهب الإحيائية" (Le vitalisme) لكن ماير بيّن كيف أن "البيولوجيا الجزيئية"، بفضل اكتشاف "الشفرة الجينية" (Le code génétique)، قد أعادت صياغة هذه الفكرة وخلّصتها من سياقها الإحيائي. تنطوي فكرة " خطة التنظيم" على "غائية" (Le finalisme  على حافة شكل من أشكال "قصدية" الحياة (L’intentionnalité  ) أو "قصدية" الحي (للحياة وللحي هدف بيولوجي محدّد سلفا)، وهذا مما لا يقبله الفكر العلمي المادي. غير أن الملاحظة المباشرة، خاصة ملاحظة "تطوّر الجنين" في رحم أمه، من نطفة إلى جنين كامل الأعضاء والوظائف، توحي بقوة وجود مثل هذه الغائية سلفا في جينات هذا الأخير. يؤكد ماير أن هذا المشكل قد حلّ بفضل الاكتشافات المؤسِّسة للبيولوجيا الجزيئية والتي تتجسم في اكتشاف تركيب الحمض النووي وخاصة الشفرة الجينية. مكّنتنا هذه الاكتشافات من التعامل مع آليات تركيب وصنع البروتينات على أنها آليات "نقل معلومات"  وَوَصْفٍ لجزيئات ضخمة (الحمض النووي والبروتينات) بأنها جزيئات حاملة لمعلومات وراثية. لقد سمح لنا في الواقع اكتشاف الشفرة الجينية (مفتاح التطابق بين تركيب الحمض النووي وتركيب البروتينات) من التعرض بكفاءة لفكرة المعلومات الوراثية في البيولوجيا. انطلاقا مما سبق وبسرعة رهيبة ينتقل ماير من الشفرة الجينية إلى فكرة "البرنامج الوراثي". بالنسبة له وبوضوح، لقد كُتِبَ البرنامج الوراثي سلفا في جينات الحمض النووي وهذا البرنامج يوفّر لنا  تفسيرا آليا ماديا وليس إحيائيا للتطور الموجّه للكائنات الحية. يتراءى لنا أن ليس لهذا التطور غاية.. لا.. له غاية، لكن بصفة آلية. حول هذا الموضوع، اخترع ماير عبارات، سوف تعرف شهرة كبيرة، خاصة عبارة "القصدية الآلية" (L’intentionnalité mécanique  ). تتوفر في هذا النموذج كل مظاهر القصدية لكنها تبقى فقط مظاهر لأن تنفيذ البرنامج الوراثي في الخلية يقع آليا ويشتغل مثل برنامج الحاسوب، يعني دون قصد أو بِـقصدٍ آلي بواسطة آلة الخلية لتركيب وصنع البروتينات. قِسْ على ذلك تطوّر أو عمل الكائنات الحية الذي نستطيع فهمه وتفسيره بالتنفيذ الآلي البسيط للبرنامج الوراثي دون اللجوء لقصد أو نية مسبقة روحانية أو فكرية. يحاول ماير تجاوز الغائية الروحانية التي تحدد هدفا مسبقا للحياة بفكرة أن الهدف موجود ماديا وآليا في الحمض النووي لكن غير مقصود روحانيا أو ما ورائيا.

2.     المقاربة الثانية تتمثل، حسب ماير، في "البيولوجيا التطوّرية" (La biologie évolutionniste)، التي لا تبحث في كيفية عمل أجسام الكائنات الحية بل تسأل لماذا هم هكذا ويشتغلون كما هم يشتغلون ؟ لا يجب أن نحمّل هذا السؤال صيغة غائية مثل: من أجل ماذا هم هكذا ؟ بل نترجمه إلى السؤالين التاليين: كيف حصل هذا ؟ كيف تمت الأشياء بهذه الصفة ؟    يتعلق الأمر إذن بالجانب التاريخي للبيولوجيا ويستحضر ماير أكيدا النظرية الداروينية الجديدة الكلاسيكية القائلة بـ"التحول النوعي" (Mutation ) و"الانتقاء الطبيعي". التطور البيولجي هو الذي ينتج كائنات حية غائية في ظاهرها لكن هي ليست كذلك حقا لأنها تشتغل بواسطة برنامج وراثي مسبق.

وهذا ملخص لأسس "براديـﭬم" قائم الذات هو براديـﭬم "الكل وراثي" (Le tout génétique ou le déterminisme génétique) وهو يُدَرَّسُ على نطاق واسع وقد حُظِيَ بتطوّر كبير وما زال إلى اليوم يتعزّز بصفة مذهلة. مع ذلك نلاحظ منذ أمد قصير نوعا من الإضعاف التدريجي لهذا البراديـﭬم. كيف نفسّر هذا التناقض ؟

بغض النظر عن ضعفه المفاهيمي، الذي سوف نرجع إليه في مقال آخر، لقد أثبت استغلال هذا الإطار من التفكير (براديـﭬم) خصوبة علمية عالية وسمح بتطوّر خارق للعادة للنتائج التجريبية الحيوية. بلغ هذا الاستغلال قمته مع مشروع اكتشاف جينات الحمض النووي البشري (سنة 2000، انخفض تقديرها العلمي داخل كل خلية بشرية من 100 ألف جينة إلى 25 ألف فقط). استغِل هذا الاكتشاف من قِبل بعض المؤمنين بالحتمية البيولوجية أو الوراثيين وقالوا لنا: ما دام كل شيء مكتوب في البرنامج الوراثي فيكفي أن نحل شفرته ورموزه حتى نفهم كل طبيعة الكائن الحي مهما كان، بكتيريا أو إنسان أو أي كائن حي آخر. من هنا أتت الفكرة الداعية لقراءة تسلسل المعلومات المبرمجة في الجينات حتى نكتشف- مثل قائمة معلومات في برنامج حاسوب- منطق طبيعة تنظيم الجسم البشري.

الاستغلال المفرط لهذا البراديـﭬم هو الذي كشف ضعفه بنفسه وبدأت تتزعزع بجدية فكرة "الكل وراثي"، هذه الفكرة التي تقول أن كل أو جل تطوّر وعمل الأجسام الحية مقرر مسبقا ومكتوب في جينات البرنامج الوراثي في الحمض النووي لكل كائن حي. بدأت هذه الفكرة تُعَوَّضُ تدريجيا بنموذج أكثر تعقيدا. يرتكز هذا النموذج الجديد على جملة من الأفكار كالتفاعلات والتأثيرات المتبادلة بين الوراثي، الذي لا ننكر دوره المركزي، وبين ما "ما بعد الوراثي" (L’Épigenèse ) الذي بدأنا نتلمّس أهميته. هل يبشر هذا الانزلاق الفكري بولادة براديـﭬم جديد ؟

 

الجديد:

في مارس 1997، نشرت مجلة "طبيعة  بيوتكنولوجيا" مقالا ممضَى من قِبل أستاذ البيولوجيا الخلوية والجزيئية بجامعة بركلاي، ريشار سترومان. في هذا المقال الذي أثار قليلا من الضجة، كيفما يشير إلى ذلك العنوان "الثورة الكونيانية القادمة في البيولوجيا" (The coming Kuhnian revolution in biology)، يحلل سترومان، وكما ورد أيضا في العنوان الفرعي للمقال "ما بعد الوراثي ونظرية التعقيد" (La complexité) ويقول: يتكون هذا البراديـﭬم المنبثق والجديد، من مفهومَيْ "ما بعد الوراثي" و"التعقيد" ويضيف إليهما مكون ثالث أو مفهوم ثالث، هو "التنظيم الذاتي" (L’auto-organisation).

لقد انبثقت البيولوجيا الجزيئية (La biologie moléculaire) من شلاّلٍ رائعٍ من الاكتشافات وأوجدت خلال بضع سنين حلولا لسلسلة من المشاكل الكبرى تخص الحمض النووي الحامل المادي للجينات وتركيب البروتينات بجميع مراحله الوسيطة. لكنها وقعت في خطأ نظري وإبستومولوجي يتمثل في اعتقادها تفسير كل الوظائف الخلوية اعتمادا على هذا الجزء الأساسي من المعلومات الجديدة وقد جرّنا هذا التوسع الفاحش إلى تمشّيات مغلوطة أفضت بدورها إلى  سيطرة براديـﭬم "الكل وراثي". رغم أن البراديـﭬم الجديد الذي يسمَّى "ما بعد الوراثي" عرف كيف يصلح البراديـﭬم السابق "الكل وراثي" ويكمله بإضافة تمثلات أكثر تعقيدا، تمثلات تدخل في حسابها آليات "ما بعد الوراثي" في عمل وتطور الكائنات الحية، لكن من المؤسف أن براديـﭬم " الكل وراثي" سبق وأرسي عديد المعتقدات غير العلمية في المجتمعات العلمية: نستحضر من بينها على سبيل الذكر لا الحصر، المعتقد المركزي المتمثل في التفسير الخطي البسيط لمراحل صنع البروتينات من جينة إلى أنزيم إلى وظيفة أو صفة خلقية. نعلم منذ وقت طويل أن هذا التسلسل المبسّط، المكتشف لدى الكائنات غير مكتملة النواة كالبكتيريا، لا يصلح لتفسير نفس الظاهرة عند الكائنات مكتملة النواة كالإنسان، حيث تشارك عدة جينات أو مورّثات في التعبير عن صفة واحدة من الصفات الخلقية أو قد تساهم جينة واحدة في التعبير عن عدة صفات وراثية كتحديد الفصيلة الدموية مثلا. ونعلم أيضا أن هذا التسلسل الخطي ذو الاتجاه الواحد، من الحمض النووي (ADN) داخل النواة إلى نسخته على شكل حمض نووي ريبي (ARN) داخل السيتوبلازم وصولا إلى ترجمة هذا الأخير إلى بروتينات مسؤولة عن الوظائف البيولوجية، تسلسلٌ لم يعد قادرا وحده على تفسير تركيب وصُنْعِ البروتينات داخل الخلية الواحدة مهما كان اختصاصها عصبية أو عضلية أو دموية أو جلدية أو قلبية أو شحمية أو رئوية أو كبدية أو عظمية أو غيرها. نواجه هذا النموذج الناقص بنموذج أفضل يتكون من علاقات رجعية ذات اتجاهين وليس اتجاه واحد: الجينات تتدخل في صنع البروتينات، والبروتينات بدورها تأثر على عمل الجينات، وتنبثق الوظيفة البيولوجية ليس من بروتين واحد و إنما من التفاعل الذي يتم بين عدة بروتينات، كل هذه الشبكات من العلاقات المعقدة التي أحْدِثَتْ في السيتوبلازم قد ترجع وتؤثر أيضا في عمل الحمض النووي داخل النواة. بصفة عامة، نلاحظ بُرَوزَ براديـﭬم واعد يجدّد الاعتناء بـ"الجزيئات الناقلة للمعلومات" (مثل جينات الحمض النووي أو جينات الحمض النووي الريبي أو جينات العضيّة الخلوية المتخصصة في التنفس الخلوي وإنتاج الطاقة -Les mitochondries- أو جينات السيتوبلازم والبروتينات)، ولا يختزلها في جينات الحمض النووي فقط، مما ينقل مركز الاهتمام والثقل من براديـﭬم "الكل وراثيّ" -حيث يُخْتَزَلُ كل شيء في المصدر الأصلي أي الحمض النووي- إلى براديـﭬم "ما بعد الوراثي"، حيث التحليل أصبح أكثر تعقيدا مما يُجبرنا على إقامة حلقات من العلاقات الرجعية (تنطلق من "أ" نحو "ب" ثم ترجع نحو "أ") في كل مرحلة من مراحل صُنْعِ البروتينات بين الحمض النووي والبروتينات وبين البروتينات والوظائف البيولوجية.

 

إمضائي:

لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه. عبد الله العروي

يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد.

لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.

 

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 17 أوت 2010.

قال هنري أتلان في اليوتوب. ترجمة مواطن العالَم، دون إضافةٍ أو تعليقٍ

 

 

هو طبيب وفيلسوف مختص في سبينوزا، منظِّر في علوم البيولوجيا، عضو سابق بلَجنة علم الأخلاق الفرنسية، عالِم باحث، وأستاذ البيوفيزياء بالجامعة.

1.     مسألةُ الخلطِ بين ظاهرتَينِ (La confusion entre deux phénomènes):

-         لا يجب الخلط بين الظاهرتَينِ، ظاهرةُ السببيةِ (Une causalité) وظاهرةُ الارتباط المتلازم (Une corrélation) عند التحدثِ عن مفهوم الذهني (Le mental) ومفهومِ المادي (Le biologique) في المخ البشري.

-         الذهني والمادي في المخ البشري شيءٌ واحدٌ بتعبيرتين مختلفتين، والشيءُ الواحدُ لا يمكن أن يكون في نفس الوقت سببًا ونتيجةً لنفسه.

-         الاستحضارُ الواعي لصورةٍ ذهنيةٍ لشخصٍ ما (Une décision volontaire) ليس نتيجةً لقرارٍ واعٍ (Une décision consciente). التصوير الطبي بيّن أن القرار الواعي يأتي بعد الاستحضارِ الواعي للصورةِ أو يصاحبها وليس قبلها، وبيّن أيضًا أن ترتيبها في اللاواعي (Une initiation inconsciente) هو الذي يسبقها. القرارُ الواعي إذن ليس سببًا للاستحضارِ الواعي، والاستحضارُ الواعي بدوره ليس نتيجةً لقرارٍ واعٍ، لأن الاثنين في الواقعِ هما شيءٌ واحدٌ بتعبيرتين مختلفتين، واحدةٍ ماديةٍ والأخرى ذهنيةٍ.

 

2.     وهمُ حرية الاختيار (L`illusion du libre arbitre):

في الحقيقةِ، نحن لا نملكُ حريةَ اختيارنا بين اتجاهين، لأنه لا يمكن اختيارُ شيءٍ من عدمٍ، فكل اتجاهٍ نختارُه، نحن في الواقع مُجبَرون ولسنا مخيّرين في اختيارِه، فحتى ولو تراءى لنا أن اختيارَنا حرٌّ، فهو في الواقعِ اختيارٌ مقيدٌ بأسبابٍ فيزيائيةٍ-كيميائيةٍ حتميةٍ متعدّدةٍ، منها الفيلوجيني والأونتولوجي والبسيكولوجي والأنتروبولوجي والسوسيولوجي والوراثي وحتي الجيني أيضًا.

 

3.     لا وجودَ لمفهوم الغائيةٍ (La non-existence des causes finales):

-         لا وجودَ لغائيةٍ حتميةٍ مسبقةٍ (Un déterminisme finalisé)، كأن نقول مثلاً أن العينَ خُلِقتْ لترى أو نقول "الوظيفة تخلق العضوَ" (La fonction crée l`organe).

-         لكن توجدُ حتميةٌ غير غائيةٍ (Un déterminisme non finalisé) مقيدةٌ بعواملَ فيزيائيةٍ-كيميائيةٍ خاصةٍ بكل جسمٍ.

-         الجوابُ بالغيبياتِ في هذه الحالةِ هو الجهلُ بالجوابِ أو العجزُ عن البحثِ عنه.

 

4.     الذكاءُ الاصطناعيُّ (L`intelligence artificielle):

-         الحاسوب أو الروبو أو الآلة يكتسب استقلالية نسبية عن المبرمِج فتصبح الآلةُ قادرةً على الإتيانِ بأفعالٍ أو ردودِ أفعالٍ غير مبرمجةٍ من قِبل المصمِّمِ. الآلةُ لا تعي أفعالَها أو على الأقل لا تعيها مثلما يعي الإنسان أفعالَه، لأنها لا تملك مخا مثل مخنا، مخّها مكوّنٌ من السيلسيوم ومخّنا من الكربون، مع الإشارة الهامة أن خلايانا المخية (Nos neurones) وميكرو-بروسَسُّوراتها (Ses microprocesseurs) تشتغلان بنفس الكيفية: +\- أو 0\1 أو تبعث ذبذبات كهرو-كيميائية\لا تبعث ذبذبات كهرو-كيميائية (Potentiel d`action \Potentiel de repos).

-         الحاسوب جسمٌ صلب ويكره الماء والحرارة. المخ رخو جسمٌ  ويسبح في الماء ولا يشتغل إلا في حرارة 37 درجة.

 

إمضاء مواطن العالَم

و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

 

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الجمعة 17 ماي 2019.

 

samedi 27 mai 2023

ثلاث أفكار لـ"جيل كيبال" حول علاقة بشار بالدواعش وعلاقة السعودية وقَطر بالإخوان ؟ ترجمة بتصرف مواطن العالَم د. محمد كشكار

 

 

المصدر:

Gilles Kepel, né le 30 juin 1955 à Paris, est un politologue français,  spécialiste de l'islam et du monde arabe contemporain, lors d`une conférence au Maroc.

 

1.     علاقة بشار بالدواعش

حاول بشار استدراج دواعش العراق للدخول إلى سوريا. تركهم يبيعون البترول، لا بل شجعهم واشترى منهم ولم يضرب قواعدهم في سوريا بالبراميل المتفجرة. لماذا ؟ لأنه كان يستفيد بصفة غير مباشرة من الفظاعات التي نفذوها أمام الكاميرا ضد الصحفيين الغربيين. كيف ؟ تلهية الرأي العام الغربي عن جرائمه هو ضد شعبه.

قرأتُ النص أعلاه كعادتي قبل نشره على صديقٍ في مقهى فعلق قائلاً: تحليلٌ مُجانِبٌ للحقيقة، لأن الغربَ بتحيزه الأعمى ضد بشار ينسِب لهذا الأخير جميع جرائم معارضيه.

 

2.     علاقة السعودية بالإخوان

صنّفت السعودية أخيرًا حركة الإخوان المسلمين العالمية في خانة الحركات الإرهابية مثل القاعدة وداعش. لماذا ؟ خوفًا من انتشارِ فكر الإخوان وتنظيمهم داخل المملكة لأنه لو انتشر فسيصبح المهدد الداخلي الأقوى لعرش العائلة المالكة سلميًّا أو عسكريًّا. عدوٌّ أقربُ وأشرسُ من شيعة السعودية والعراق وسوريا واليمن وإيران مجتمعين.

 

3.     علاقة قَطر بالإخوان

دولة قَطر، دولةٌ غنية جدا وصغيرة جدا، لكنها تفتقد للشرعية التاريخية والجغرافية والديمغرافية. والإخوان يفتقدون للمال والغطاء الغربي السياسي والإعلامي. "وافق شن طبقة". قناة "الجزيرة" القَطرية جعلت من الإخوان أبطال الربيع العربي ومنحتهم وسام الثورية، لا بل جعلت النضالية حكرا عليهم دون غيرهم من المناضلين اللائكيين الليبراليين واليساريين والقوميين. فتحت لهم قنوات اتصال مع لوبيات القرار في أوروبا والولايات المتحدة وساعدتهم ماليا ولوجستيًّا على إعادة هيكلة أحزابهم وتهيئتها للفوز في الانتخابات الديمقراطية. أما الإخوان فقد رفعوا من شأن دويلة قَطر وجعلوا منها ندا منافسًا  للسعودية في نشر الوهابية الرجعية والظلامية وجعلوا من أميرِ قَطر خليفةً للمسلمين أجمعين وجعلوا من قناة "الجزيرة" ناطقًا رسميًّا باسم ثوار الربيع العربي بل بالغوا وقالوا إن الثورات العربية خرجت من تحت عباءة القرضاوي.

يبدو لي شخصيًّا (كشكار) أنه لولا دفاع الإخوان على قَطر، لتَعرت هذه الأخيرة الصغيرة تمامًا أمام الرأي العام العربي وظهرت على حقيقتها دولةً تابعةً وعميلةً وصديقةً للعدو الصهيوني، دولةٌ لا زالت تعامل العمال الأجانب معاملة العبيد، دولةٌ متخلفة تعيش دون مؤسسات ولا أحزاب ولا نقابات ولا انتخابات شفافة ولا حتى شكلية. فهي إذن عارٌ على الإخوان المؤمنين بالديمقراطية. كان الإخوان لها بمثابة العمود الفِقري الذي يسندها وكانت لهم بمثابة البطن الرخوِ الذي يؤلمهم وعند السؤال يخجلهم.

 

إمضائي

"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

 

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الخميس 9 فيفري 2017.

Haut du formulaire

 

 

حضرتُ اليوم باسم "جمعية حماية واحات جمنة" اجتماعًا تمهيديًّا من أجل تأسيس "تنسيقية وطنية لصغار الفلاحين والصيادين" (س13 إلى س15). مواطن العالَم

 

 

المكان: مكتب المحامي حاتم العويني (أخو المناضل اليساري شكري العويني مساند جمنة، شُهِرَ ولد زهرة هرّوم)، 34 نهج علي درغوث، الطابق الخامس، تونس العاصمة.

الحضور: حوالي 25 (منهم 2 نساء) من مدنين والمهدية والـﭬصرين وسليانة وزغوان. لا أعرف منهم إلا المناضل اليساري غسان بن خليفة، مساند جمنة الأول.

رئيسة الجلسة: تركية الشايبي رئيسة "جمعية المليون ريفية والبِدون أرض" وعضوة في الحركة العالمية للفلاحين.

 

ملخّص التدخلات:

متدخل 1 (نائب في البرلمان الحالي، بلال المشري، أولاد جاب الله، المهدية):

-         يدعو إلى تكوين جمعية تدافع على مصالح صغار الفلاحين لأن "اتحاد الفلاحين" لا يدافع إلا على مصالح كبار الفلاحين.

متدخل 2 (تركية الشايبي):

-         صغار الفلاحين محرومون من القروض ومجلة الاستثمار الرسمية تحمي مصالح كبار الفلاحين فقط.

متدخل 3 (أنا):

-         قدّمتُ نبذة تاريخية حول نشأة "جمعية حماية واحات جمنة" وبيّنتُ فيها بماذا تتميز وتمتاز على المنوال الكلاسيكي  لـ"الاقتصاد التضامني" (هيأة مسيرة متطوعة، عمال لا يتقاسمون الأرباح، كل الأرباح تذهب للمصلحة العامة).

متدخل 1 للمرة الثانية (نائب في البرلمان الحالي):

-         ردّ على ملاحظتي وقال أن تجربة جمنة لا تتميز عن الشركات الأهلية ولا تمتاز عنها في شيء وذكر قيس سعيد كصديق لجمنة (Moi : et pourtant elle est unique).

متدخل 3 للمرة الثانية (أنا):

-         ما دام قيس سعيد صديق لجمنة وأنا أؤكد ذلك من قَبل أن يتسلم السلطة فلماذا لم يجدْ لنا مخرجًا قانونيا ملائمًا عندما تسلمها مثلما أوجد "ميترّان" في 1981 حلا لقضية "لارزاك" بفرنسا حال فوزه في الانتخابات الرئاسية (قضية تشبه قضيتنا).

متدخل 4:

-         من مهمات التنسيقية المنتظرة إيجاد بديل  لـ"اتحاد الفلاحين" لشراء العلف. يجب أن نعوّل على أنفسنا بالشرعية والمشروعية والحشد الشعبي.

-         توجه إليّ وقال: أخاطب طاهر الطاهري. قالت له تركية: أنت تخاطب في سي محمد. قلت لها: عنده حق فأنا ممثل طاهر الطاهري ولستُ طاهر الطاهري وما أبعده عني، هو أيقونة النضال اليساري بجمنة.

 

متدخل 5 (غسان بن خليفة):

-         أوصيكم بعدم التفريط في هذه اللحظة، إنها لحظة التأسيس ونحن موجودون لإسنادكم.

-         70% من فلاحين تونس هم فلاحون صغار وينتجون 70% من جملة الإنتاج الفلاحي التونسي لكن ليس لهم مَن يمثلهم ويدافع عن حقوقهم و"اتحاد الفلاحين" لا يمثلهم ولا يدافع عن حقوقهم.

-         ثمّنَ تجربة الجمعية البرازيلية "فلاحون دون أرض" وقال أنها غيرت الدستور وأوصلت الزعيم اليساري "لُولا" للحكم للمرة الثانية بعدما كان في السجن.

-         لا معنى للنضال دون تَنَظّم.

-         نقدَ بيروقراطية نظام التعاضديات حيث يُعيَّن رئيسها من قِبل السلطة المركزية.

-         ضرورة صياغة أرضية مشتركة للتنسيقية المنتظرة تَرجعون إليها عند الاختلاف.

-         أكّد على استقلالية القرار عن السلطة المركزية القائمة والقادمة.

متدخل 6:

-         نساندها في العدل ونعارضها في الظلم.

متدخل 7:

-         إدارات الوزارات الحالية بما فيها وزارة العدل تعرقل تكوين الشركات الأهلية التي يشجعها الرئيس.

-         ضرورة مقاضاة وزارة أملاك الدولة.

-         يجب العمل على الجانب التشريعي لإصدار قوانين تخدم صغار الفلاحين.

-         قانون "الاقتصاد التضامني" أفرِغ من محتواه التضامني في البرلمان السابق.

-         الاحتجاجات لم تأتِ بنتائج ملموسة.

متدخل 1 للمرة الثالثة (نائب في البرلمان الحالي):

-         التقاضي يأتي بعد التشريع عن طريق نواب مساندين.

-         يجب نشر فكرة هذه التنسيقية وذلك بالتنقل بين الجهات.

متدخل 4 للمرة الثانية:

-         يجب توجيه الضغط على النواب محليا وليس في باردو.

متدخل 8 (الفحص، زغوان):

-         علينا المطالبة بقانون أساسي لـتنسيقيتنا المنتظرة بعيدًا عن قانون الشركات الأهلية.

متدخل 9 (الفحص، زغوان):

-         بعد التأسيس يجب مطالبة النواب بسن قوانين تمكن صغار الفلاحين من الأراضي الدولية بعيدًا عن قانون الشركات الأهلية.

متدخل 1 للمرة الرابعة (نائب في البرلمان الحالي):

-         التنسيقية المنتظرة هي التي تصيغ قوانينها وما على النواب إلا البلاغ.

متدخل 2 للمرة الثانية (تركية الشايبي):

-         أنا مع سعيّد ويوم يحيد أعارضه.

-         هو الوحيد المنحاز للمفقرين لذلك نال ثقتهم.

-         هو الوحيد الحامل لهموم شعبه وإجراءات الحكومة لا تلزمنا.

-         أنا مع أي كان ينتصر للشعب، خوانجي، يساري، لا يهم وتجربة جمنة كما وصّفها كشكارأعطت دليلاً على وجاهة رأيي هذا.

متدخل 10 (غنّوش، ﭬابس):

-         ماناش خارجين، بالقوة بالدبابات، ماناش خارجين.

متدخل  11 (مناضل سياسي مساند):

-         ما هو الشكل القانوني الذي سنختاره لـتنسيقيتنا المنتظرة ؟ جمعية، نقابة، هيأة، منظمة ؟

-         قد تفاجَؤون برفض مطلب تأسيس جمعيتكم وقد يدعونكم للانضمام إلى "اتحاد الفلاحين" لتشابه النشاط.

متدخل 2 للمرة الثالثة (تركية الشايبي):

-         سبق لي وإن رُفِضَ مطلبي الأول لتكوين جمعيتي "جمعية المليون ريفية والبِدون أرض" وقبلوه في المحاولة الثانية بعد نضال ومعاناة لذلك أنبّهكم للصعوبات والعراقيل التي قد تعترضكم في الطريق.

متدخل 12 (فنانة مساندة لجمعية تركية):

-         تحدثتْ عن تجربتها في جمعية الفنانين.

متدخل 13 (وسام):

-         حذّر من تدخل المثقفين في مثل هذه الأنشطة.

متدخل 3 للمرة الثالثة (أنا):

-         ثمّنتُ دورَ المثقفين المناضلين وذكّرت بمساندة المثقفين اليساريين وقلّة من النهضاويين الذين سافروا إلى جمنة (500كلم) في حافلتَين اثنتَين لمساندة "البتة" في 2016 وعلى رأسهم غسان بن خليفة وأيوب عمارة وشكري العيوني ورضا بركاتي وغيرهم كثير من المساندين (بعد دفاعي قال لي وسام أنه يقصد المثقفين الانتهازيين المرتزقة مثل كرونيكورات التلفزة فوافقته).

 

خَتْمُ الاجتماع:

-         اتفقوا على موعد اجتماع تمهيدي ثانٍ يوم السبت 10 جوان 2023 بنفس المكان وعيّنوا أربعة أشخاص لتحضير الإطار القانوني للتنسيقية المنتظرة في ظرف نصف شهر.

-         طلبتُ إذنًا للتوضيح وقلت للحضور: لا تعوّلوا عليّ كثيرًا فأنا لا أقيم في جمنة ولست ناطقًا باسم صغار فلاحيها ولستُ ناشطًا سياسيًّا في المجتمع المدني ولا أملك نَفَسًا نضاليًّا مقاوِمًا كالذي يملكه غسان بن خليفة أو طاهر الطاهري والسلام، أساعد بما أقدرعليه في السبعين وهو قليل جدًّا جدًّا.

 

ملاحظة عابرة:
زرتُ اليوم مكتبة "Le gai savoir" لأتفقد كتبي التي لا يطلبها أحدٌ فأهداني صاحب المكتبة كتابًا عنوانه "مانيفستو اليسار التونسي" مؤلف جماعي، ثم عرّجتُ على مكتبة "الكتاب" لنفس الغرض واشتريت منها كتابًا لتعويض كتابٍ أخذته من المكتبة العمومية بحمام الشط وأضعته سهوًا.


إمضائي المحيّنُ: وإذا كانت كلماتي لا تقنعك الآن فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ. دعوةٌ وديةٌ للتَّرَيُّثِ.

 

تاريخ أول نشر على صفحتي الفيسبوكية: حمام الشط في 27 ماي 2023.