vendredi 12 mai 2023

صيحة فزع تربوية أرسلها من الصين الشعبية أستاذ مغربي استقال من التعليم في المغرب الشقيق. نقل مواطن العالَم

 

 (in Guangzhou, China. Tareq Aihi)

بعد تسع سنوات خدمة في المدرسة العمومية بالمغرب، جاء الوقت لأضع حدا لهاته التجربة. اليوم، لم أعد موظفا عموميا. تخلصت وأخيرا من كاهل أثقل على كتفاي طوال هذه المدة، تخلصت من الأقسام البالية والمكتظة بالمراهقين، ومن تدريس مقرر جاف تبول عليه التاريخ، ومن تمثيليات "المفتشين" وعجرفة بعض الإداريين.  لن أفكر بعد اليوم في جدول حصص كئيب ولا في أقسام مسندة. لن يغض مضجعي استكمال حصص ولا تدبير فائض، لن أضطر للعمل في الخاص لأغطي مصاريف الشهر، اليوم ولأول مرة منذ زمن، لن يشغل بالي حراسة تمثيلية الامتحانين الوطني والجهوي، ولن أقحم نفسي في صراع خاسر مع محاولات الغش لتلميذ يراك عدوا ويهددك خارج أسوار المؤسسة في غياب تام لأي شكل من أشكال الحماية.  لن أسأل بعد اليوم عن الرتبة الهزيلة ولن أضطر للمشاركة في إضراب عقيم يقتطع من أجري الأعقم.  لن أحضر بعد اليوم "لقاء تربويا" لـ"مفتش" منفصل عن واقع الأقسام بالمغرب. لن أضطر لسماع ترهاته وداخلي صوت يعلو Shut the f*ck up mother fuc*er . لن أنتظر بعد اليوم "ترقية" مضحكة بثمانين أو تسعين درهم كل عامين أو أحيانا ثلاثة ! لن أشارك في مهزلة "الامتحان المهني" ولن أتنقل من جماعة لأخرى لأصحح المئات من أوراق الامتحانات مقابل "ربعة و ربعين ريال" للورقة.  لن أرضخ لوظيفة تستعبدني وتجبرني على العمل حتى سن الخامسة والستين مقابل دريهمات سأنفقها على مخلفات القسم والمراهقين. ولن أستمر في وظيفة يرتفع فيها راتبي اليوم، بعد تسع سنوات من العمل، بـخمس مئة درهم عن راتبي الأول.  لن أشارك في مهزلة اسمها "التعليم" وأنا مدرك أن القائمين على هذه البلاد لا رغبة لهم في إصلاحه، بل ويساهمون في تجهيل ممنهج لأجيال أبناء بلدي.  أحببت تلاميذي بكل صدق وقدمت أكثر مما هو مطلوب مني رغم غياب الحافز، ابتكرت أسلوبا مغايرا لتعليم الوليدات وصادقتهم كأخ أكبر. شاركت في مسابقات تعليمية وغنائية، أحييت حفلات ومسابقات، اقتنيت هدايا للمتفوقين وحاولت جاهدا أن أغير ولو قليلا من عتمة الظلام الدامس الذي ألقت ظلاله على شمعتي التي انطفأت سنة تلو الأخرى.  اليوم أستقيل من عملي وأهاجر نحو بلد يحترم شهادتي وقدراتي.  اليوم أودّع عائلتي وأحبابي بقلب حزين ودمعة في العين. وداع اضطراري آملا في مستقبل أفضل لي ولكل من أحب.  أشكر كل من ترك أثرا جميلا من تلاميذ وزملاء وإداريين، وأعتذر إن أسأت لأحد دون قصد. نلتقي مجددا ❤️ أحييكم من جمهورية الصين الشعبية 🇨🇳.

 

ملاحظة الناقل محمد كشكار: النظام التربوي المغربي والنظام التربوي التونسي نظامان متشابهان والهمّ واحدٌ والربّ واحدٌ.

 

إمضاء الناقل: "وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" (جبران خليل جبران)

 

تاريخ أول نشر على صفحة الناقل: حمام الشط في 12 ماي 2023.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire