قبل الاستعمار الفرنسي، وكبقية
الأقليات في المنطقة، المارونية والدرزية والشيعة، ارتبط بقاء العلويين على قيد الحياة بانعزالهم في أعالي الجبال، ولم ينقذهم
من بؤسهم ويميّزهم عن الطوائف الأخرى إلا حكم الفرنسيين (مواطن العالَم: كما فعل
مع طائفة "القبائل" في الجزائر) وذلك عن طريق انتدابهم بكثافة في صفوف
جيش الشام، كانوا يمثلون ثلث جنوده سنة 1945. جَنّدهم الاستعمار لقمع انتفاضة
بورجوازية المدن (خاصة السنّة) ضد الاحتلال. وجد العلويون فرصتهم للانتقام ممن
ظلمهم خلال قرون طِوال.
وعلى هذا الأساس العسكري الطائفي،
اخترق حافظ الأسد الجيشَ السوري بعد الاستقلال، سيطر على صنف الضباط ونجح في
الاستحواذ على السلطة برمتها سنة 1970 بعد انقلابات متتالية، ثم أحكم الغلق عليها وأرسى
ديكتاتورية العائلة لمدة 40 عامًا.
لا يكوّن العلويون إلا عُشر
سكان سوريا أما السنّة فثلاثة أرباع نتيجة تزايد نسبة الولادات عندهم ونتيجة هجرة
الأقليات. لم يكن الأسد يُظهِر انحيازَه لطائفته مختبئًا وراء شعارَيْ العلمانية
والقومية العربية البَعثية البرّاقيْن (خاصة أن عقيدته العلوية تسمح بل تنصح في
بعض الوضعيات بالتقية). أمر ببناء الجوامع وصلّى فيها مرفوقًا بعلماء الدين. تقيةٌ
ميكيافيليةٌ ورثها عنه وكثّفها ابنه
بشار.
لكن التديّن الشعبي العلوي
بقي متشبّثًا بعبادة الزعيم، عبادةٌ وُصِمت حديثًا بالتثليث العائلي
"حافظ-باسل-بشار"، خاصة بعد موت الثاني سنة 1994 في سن 33 عام إثر حادث
وهو يقود سيارته المرسيدس.
Référence bibliographique: Gilles Kepel, “Passion
arabe, Journal, 2011-2013”, Ed. Gallimard, 2013
إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ"
جبران
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الخميس 12 جويلية 2018.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire