jeudi 30 juin 2022

من سوء حظنا ! مواطن العالَم

 من سوء حظنا 1، مدرستنا تنفّر ولا تبشّر. ديمقراطيتنا تعطّل ولا تقدّم. الحرية عندنا تُستعمل في غير محلها. إيماننا هش. علمانيتنا كافرة.

من سوء حظنا 2، ديننا الإسلام وأخلاقنا جاهلية. جل مدرسينا وأطبائنا تجار وليسوا رسلا. مستشفياتنا مسكّن وليس علاجًا. جل حرفيينا غشاشين.
من سوء حظنا 3، اليهودي يعتز بدينه قولا وفعلا، والمسلم يعتز بإسلامه قولا ويرذّله فعلا. "قتلتنا الردة أن الواحد منا يحمل في الداخل ضده".
من سوء حظنا 4، مسخَنا الغرب حتى هجرْنا قِيمنا السمحة وجمّدنا ضميرنا وتخلينا عن رسالتنا الحضارية فغلبنا الطمع وأصبح الجشع وحده معدننا.
من حسن حظنا، قرآننا ما زال فينا وذاكرتنا حية ولغتنا فصيحة ومجمِّعة وجل ثرواتنا ما زالت في باطن أرضنا وكفاءاتنا العلمية تضاهِي كفاءات الغرب.

من حق أبنائنا علينا أن نضحي من أجلهم كما ضحى من أجلنا آباؤنا وأمهاتنا ! (الجزء الثالث)

 

3. الحجة الثالثة: قصة واقعية حدثت في عائلة جار زميل مدير عام في وزارة التربية وصديق
أعرف عن قرب عائلة متوسطة اجتماعيا، مناضلة ومحترمة يسودها الود والحب والاحترام والوئام متكونة من أربعة أفراد، أب مدير عام في وزارة التربية والتعليم، أم أستاذة أولى بالتعليم الثانوي، ابنة جامعية تحتاج إلى مصاريف كبيرة وشاب طالب بألمانيا. خصص الأب كامل مرتبه لحاجيات ابنه المرسّم على نفقته بالجامعات الألمانية واكتفي هو وباقي العائلة بمرتب الأم. أليست هذه قمة في نكران الذات لثلاثة أفراد في عائلة متماسكة جدا ومثالا يُحتذي في التضحية من أجل مستقبل ابنهم ؟ أطلب من دولة ما بعد الثورة أن تكون حنونة وتضحي من أجل أبنائها الفقراء اقتداءً بالحنان المثالي لهذه العائلة وحرصها على ضمان مستقبل ابنها ؟

mercredi 29 juin 2022

عشرة سلوكات بسيطة يستطيع الأستاذ أن يطبقها لتحسين التعليم في انتظار مشروع الإصلاح الشامل ؟ مواطن العالَم

 

 

1.     يأتي للمعهد في الوقت بالدقيقة ويخرج من المعهد في الوقت بالدقيقة.

2.     في راحة العاشرة وراحة الرابعة، يخرج من القاعة إلا خمسة (9h 55 ou 15h 55) ويرجع إلى القاعة بعد خمسة (10h 05 ou 16h 05).

3.     يُحضّر درسَه تحضيرًا جيدًا قبل دخول القسم، وإن توفرت له الفرصة عن طريق الأنترنات يُحضّر تلامذته أيضًا باستعمال مقاربة القسم المعكوس  (La classe inversée: les cours à la maison et les devoirs en classe)، وعند ذلك فقط يحق له أن ينعت امتهان التدريس بالمهنة الشاقة.

4.     عند أول الحصة يفتح قاعته بالمفتاح، وعند انتهاء الحصة يخرج بعد تلامذته ويغلق قاعته بالمفتاح 

(Clef passe-partout)، 

وبهذا الصنيع البسيط يساهم في نظافة القاعات ويحفظ التجهيزات المخبرية من الإتلاف ويخفف العبء على عمال النظافة.

5.     يحمل أدواته المهنية اليومية في محفظته  ولا يبعث تلميذًا يجلبها من الإدارة (طباشير، طلاسة، أقلام جافة، منديل يمسح به كرسيَّه ومكتبَه).

6.     لو أخطأ في حق تلميذه باستعمال العنف المادي أو اللفظي ضده، ولا قدّر الله ردّ التلميذُ الفعلَ بفعلٍ مماثلٍ ومن نفسِ الجنسِ، يَسقط حقُّ الأستاذِ المعتدِي في تتبعِ التلميذِ المعتدَى عليه إداريًّا أو قضائيًّا والبادئ أظلَمُ، ولا يحق له أن يضاعِفَ العقابَ ويكتب فيه تقريرًا، بل يعتذر منه ومن والديه.

7.     يُعطي الفرصة لتلامذته للقيام بتجارب في القسم. يَشغِّلهم ليضمن انتباههم ويقلص من تشويشهم. لا يحتكر التعبير الشفوي في القسمِ، وإن تكلم في حصص المواد العلمية في الثانوي (علوم، رياضيات، فيزياء، تقنية، إعلامية، اقتصاد)، يتكلم بالفرنسية، اللغة الرسمية في البرنامج إلى أن يأتي ما يخالف ذلك.

8.     لا يوبِّخ التلميذ المخطئ لأن خطأ التلميذ هو محرِّك القسم، يستفيد منه المخطئ نفسُه وأقرانُه والأستاذُ أيضًا.

9.     يشرح لتلامذته مقياس إصلاح الامتحان 

(Barème de correction

قبل الامتحان، ويناقش معهم العدد بعد الامتحان بكل شفافيةٍ وأريَحيةٍ.

10.                        أستاذ الدروس الخصوصية خارج المعهد، يجب عليه أن لا يخرج على القانون المنظِّم لهذه الدروس: 12 تلميذًا لا أكثر، على شرط أن يكونوا من خارج أقسامه المباشرة، مقسّمين على ثلاث مجموعات منفصلة في فضاء حسب المواصفات العلمية ودون شططٍ في المقابل.

 

ملاحظة: طبّقتُها كلها في معهد برج السدرية وارتكبتُ عدة هفوات عند التطبيق (أستاذ علوم، لم أقم بدروس خصوصية خارج المعهد طوال حياتي المهنية).

 

إمضائي: "إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

 

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الثلاثاء 17 أفريل 2018.

 

من حق أبنائنا علينا أن نضحي من أجلهم كما ضحى من أجلنا آباؤنا وأمهاتنا ! (الجزء الثاني)

 

2. الحجة الثانية: قصة واقعية حدثت في عائلة جار زميل أستاذ تعليم ثانوي وصديق:
أعرف عن قرب زميلا وصديقا وأبا لبنت جميلة وولدين وسيمين، مناضل اجتماعي صامت محترم ومتوسط الحال وزوجته لا تشتغل إلا في المنزل. حصل على قرضٍ من البنك وعِوَضَ أن يبني مسكنا يُكمل فيه سنين عمره المتبقية وهو "مُكهِّبْ" (مُشرِف) على الستين، خصّص الأب كامل القرض لحاجيات ابنه المرسّم على نفقته بالجامعات الفرنسية وبقي يسدّد بالتقسيط المتعب والمضني نفقات "الربا" البنكي على مدى سنوات متحملا ضنك العيش من أجل أن يتعلم ابنه البكر في أرقى الجامعات الغربية. أليست هذه قمة في نكران الذات ومثالا يُحتذي به في التضحية من أجل مستقبل الأبناء ؟ أطلب من دولة ما بعد الثورة أن تكون حنونة وتضحي من أجل أبنائها الفقراء اقتداءً بحنان هذا الأب المثالي وتحرص على ضمان مستقبل جميع أبنائها كما حرص بطلُ قصّتنا على ضمان مستقبل ابنه ؟ نجح الابن وأنهى دراسته الجامعية وتخرّج مهندسا في الاتصالات واشتغل بفرنسا وفي العطلة المدرسية الماضية استضاف كامل عائلته في جولة سياحية بفرنسا وأدخل السرور والبهجة والرضاء إلى قلبَيْ والديه وعوّضهما أحسن وأفضل تعويض على تعب السنين وجازاهما على صبرهما أجمل جزاء.

mardi 28 juin 2022

من نكد الدنيا أن المستعمر الفرنسي يعرف حدود أراضي العروش في تونس والجزائر أكثر من دولتَيْ الاستقلال ! مواطن العالَم، أصيل جمنة ولادةً وتربيةً

 

 

مدينة المرّارة مدينة جزائرية جنوبية صغيرة (مثل دوز أو بني خداش التونسيتين)، تابعة لولاية وادي سوف، تقع قرب مدينة جامعة أين درّستُ العلوم سبع سنوات متتالية (1981-1988).

تنازع أهلها يومًا حول تقسيم الأراضي بين العروش والقبائل ولم يكن لدى البلدية ولا الولاية ولا الحكومة أي مثال هندسي ينظم عملية التقسيم.

 

فكّر مجلسها البلدي المحلي آنذاك في حل النزاع، ودون المرور بالتسلسل الإداري الجزائري, راسل مباشرة الدولة الفرنسية, المستعمر القديم, طالبا مثالا هندسيا يحدد ملكية كل قبيلة وحدودها. أمدّته السلط الفرنسية مشكورة بخريطة مفصلة لكل الأراضي ببلدية المرّارة.

 

بعد فترة قصيرة، أصدر الوالي الجزائري قرارًا بحل هذا المجلس البلدي بالمرارة عقابا له على الاستنجاد بالأجنبي لحل نزاعٍ وطني.

 

إمضائي

« Un ciel aussi chargé ne s’éclaire pas sans une tempête » Shakespeare in Maalouf

انتشر الغيم في كل ركن من بلادي والعاصفة تأخرت ! مواطن العالم

"إذا فهمتَ كل شيء، فهذا يعني أنهم لم يشرحوا لك جيّدًا !" أمين معلوف

 

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 14 ديسمبر 2020.



 

من حق أبنائنا علينا أن نضحي من أجلهم كما ضحى من أجلنا آباؤنا وأمهاتنا ! (الجزء الأول)

 

 

 

من حق أبنائنا علينا أن نضحي من أجلهم كما ضحى من أجلنا آباؤنا وأمهاتنا، ونوفر لهم نظاما تعليميا راقيا يوازي أو يفوق النظام التعليمي الراقي والمجاني في الدول الأسكندنافية !

 

سأبدأ اليوم بالجملة التالية التي كنتُ دوما أنهي بها مقالاتي: "لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى". اليوم -وعلى غير عادتي-سأحاول بكل ما أوتيتُ من حجج علمية ومنطقية وعاطفية ووطنية وأخلاقية ودينية أن  أحاول فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل وأدعوكم بكل مسؤولية إلى تبني وجهة نظري التالية التي تخدم عاجلا وآجلا تربية تلامذتنا وتضمن لهم وللأجيال القادمة مستقبلا أفضل مما ينتظرهم.

1.            الحجة الأولى: حجة منطقية وعاطفية وأخلاقية ودينية 

1.1.          قصة واقعية شخصية

سنة 1967، وصلني الخبر وأنا في السنة الثالثة إعدادي بـﭬابس: مات أبي، أبي كان غنيا في كهولته وفقيرا في شيخوخته، أبي علي بن صالح بن علي كشكار وما أدراك ! لم أبكه وقتها وكتمتُ دمعي مدة، وعند رجوعي إلى جمنة في عطلة الربيع انهمر المُخزّنُ أنهارا في حضن أمي الحنون. فارقنا الأب الأكثر قسوة على الناس وعلى أمنا وعليَّ وعلى أخواتي ما عدا أخي الأصغر المدلل. مات الأنيق الذي كان لا يصلي إلا يوم الجمعة في الجامع الكبير والوحيد، غفر الله له من ذنبه ما تقدم وما تأخر وأسكنه الرحمان فراديس جنانه. لا أعرف حتى اليوم مصدر غياب الحنين لديّ إليه، قد تكون قسوته الظاهرة، ولا أعرف أيضا مصدر ثروته الهائلة نسبيا في كهولته بالمقارنة مع الحالة المتواضعة لباقي سكان القرية في ذلك الزمن القاسي اجتماعيا، وسوف أخصه يوما بمقال يروي قصصه البطولية وكرمه الحاتمي. ورّثنا جينيا وتربويا إحساسا جامحا بعزة النفس وكرم الخلق. لم نرث من ماله إلا النزر القليل فأصبحنا نعيش في داخلنا تناقضا بين فضيلة الكرم "الساكنة في جيناتنا" وقلة ذات اليد السائدة في حياتنا ! ترك لنا منزلا نسبيا متواضعا لكنه محترم بالمقارنة مع باقي المنازل في القرية الجنوبية الفقيرة، مسقط رأسي جمنة العزيزة، وترك لنا أيضا بعض النخيل، نوع دڤلة النور وحمارا وبعض الماعز، نضع شيئا من حليبه في الشاي الأحمر الصباحي.

 

كانت أمي الكهلة تشتغل ليلا نهارا في المنزل في حياكة الحولي (البرنس الليبي) وكانت تكسب من عملها الشاق ثلاثة دنانير في الشهر (للمقارنة، لقد كان الطالب في الجامعة والمعلم في الابتدائي في ذلك الوقت يتقاضي تقريبا كل واحد منهما مرتبا أو منحة شهرية بثلاثين دينارا تونسيا).

 

كنا ثلاثة أبناء تلامذة، يدرس أكبرنا في الثانوي بتونس وأنا في الثانوي بـﭬابس والأصغر في الابتدائي بجمنة. كنت الوحيد بين إخوتي الذي يتمتع بالسكن والأكل المجاني في مبيت تابع إلى وزارة التربية البورﭬيبية طيلة سبع سنوات مقسمة بين 3 تعليم إعدادي بـﭬابس و2 ثانوي بصفاقس و2 ثانوي بتونس.

 

لم تتبرم أمي يوما واحدا من وضعنا المادي المتردي ولم تفكر ولم تُشر ولو مجرد إشارة إلى إمكانية الضغط على الابن الأكبر حتى ينقطع عن مواصلة دراسته ويلتفت لإعالتنا. كانت توفر لي في أول كل سنة دراسية طلبات المبيت الرسمية من ألبسة داخلية وجوارب بالعدد الكافي ومناشف وفرشاة ومعجون أسنان "سينيال" وميدعة أو بلوزة رمادية ومحفظة وملابس رياضية مع حذاء رياضي ضروري بالعربية "تروسو" كامل (كان ثمن الحذاء الرياضي يساوي 600 مليم في الستينات ويُسمى "سبيدري" غزالة. لقد سترنا ربي وقتها قبل أن يرتفع اليوم شأن هذا الحذاء ويرتفع ثمنه ويصبح اسمه "كنفارس"). كانت أمي الصبورة تسعى، تارة لللتداين من الجيران، وتارة أخرى لبيع شيء من الأثاث المنزلي القديم الموروث عن والدي الفارس المشهدي (بندقية حرب، مسدس حقيقي، سَيفان كبيران في غمديهما، آلات حرث وحصاد تقليدية، أواني طبخ نحاسية، بعض الحلي الذهبي الخالص وغيره من الأثاث القديم)، أو بيع قطعة أرض من "سانيتنا" (واحتنا الصغيرة المشجرة نخلا  وخوخا وتفاحا وزيتونا ورمانا) . وإذا ضاقت بها السبل وأعوزتها الحيل، تشد الرحال إلى ﭬبلي وتقصد حلاّل المشاكل، حاتم الطائي بشحمه ولحمه، قريبنا الفاضل، سيدي "المبروك بالريش"، أبو التلامذة الفقراء والمعوزين. ووفاءً مني لهذا الرجل الكريم الطيب رغم تواضع دخله الشهري كموظف بشركة نقل بـﭬبلي، أعدكم أنني سأخص هذا العظيم بمقال أعدد فيه مناقبه وكرمه وبشاشته عند العطاء وتستره الكامل عند إتيان الحسنة وعدم ذكر المستفيد منها حتى لزوجته وأبنائه.

 

ماتت أمي في أوائل التسعينيات ولم نكافئها المكافأة التي تليق بها (كتمكينها من الحج مثلا) على الكثير من مزاياها وتضحياتها لكنني حاولتُ بكل جهدي أن أحفظ لها كرامتها في حياتها منذ أن تسلمتُ أول منحة جامعية ترشيحية في أكتوبر  1974 (105 دينار تونسي، منحة ثلاثة اشهر مجمّعة وكانت منحتنا الشهرية تقارب في ذلك الوقت مرتب معلم أو موظف في بنك، يعني لو حينّاها اليوم، 2011، تصبح المنحة الجامعية تساوي ألف دينار شهريا تقريبا). أعدتُ بناء منزلنا بجمنة وأدخلت للمنزل الماء والضوء واشتريت لها تلفزة بالألوان وموقد غاز عصري، أثثتُ لها البيت المتواضع أين أنهت عمرها المحفوف بالحب والعشق والاحترام من قِبل جيرانها وأندادها ونديداتها وصديقاتها وأبنائها وبناتها وأحفادها  الذين أنهكوها حبا وجريا ولهوا في المنزل وفي أزقة الحي. من أجل سوادِ عينيها وبهاء طلعتها لم ولن أعشق أحدا سواها، كنتُ أقتَطِع بكل حب حوالة بريدية بعشرة دنانير من منحتي الجامعية المرتفعة نسبيا. حوالة أمي كانت تساوي أو تفوق الحوالة التي تصل لجارتها من زوجها بفرنسا، ورغم فقرها كانت عند رجوعي للبلاد أثناء العطل المدرسية، تفاجئني ببطانية (غطاء صوفي)، صنعتها لي خصيصا بيديها الذهبيتين، غزلتها  من بقايا الصوف التي تستعمله في نسج الحولي (البرنس الليبي).

 

أكملنا الثلاثة تعليمنا بدرجات متفاوتة، أستاذ في التعليم الثانوي، معلم في التعليم الابتدائي ووكيل أول في الجيش "الوطني" التونسي. ضحّت أمي الأرملة الفقيرة بنفسها وعزفت عن الزواج حفاظا على شعورنا وزهدت في الدنيا حتى توفر لنا ثمن التنقل للدراسة من جمنة إلى ﭬابس وتونس وتضمن لنا ثمن اللباس المدرسي المتواضع.

 

وأخيرا أتساءل: هل الدولة التونسية  بثرواتها الطبيعية، أقل حكمة من أمي وأعجز منها على التضحية في سبيل أن توفر لأبنائها نظاما تعليميا راقيا يوازي أو يفوق النظام التعليمي في الدول الأسكندنافية ؟

 

ملاحظة

كانت أمي في ذلك الوقت في مستوى متدني من الفقر، حرمت نفسها من اللقمة الطيبة لتوفر تذكرة نقل وأقلاما لأبنائها ولم يمنعها فقرها من التضحية بكل شيء لتوفير تعليم جيد لأبنائها. هذا النوع والمستوى العظيم من التضحية ونكران الذات الذي توفر في والدتي متوفر أيضا في جل والدات وآباء كل التلامذة التونسيين الفقراء في الستينات، أطالب أن يتوفر مثله أو أحسن منه  الآن في الدولة التونسية الفقيرة نسبيا وأطالب هذه الدولة الوطنية التي ستنبثق من انتخابات 23 أكتوبر  2011 أن تضحي من أجل أبنائها وتضمن لهم تعليما راقيا كنظام التعليم في الدول الأسكندنافية رغم أنني أعلم جيدا و لست غافلا  عن الفرق الهائل بيننا و بين الحالة المادية للدول الأسكندنافية التي لا يمكن مقارنتها بالظروف المادية لبلدنا تونس خاصة في الظرف الراهن بعد الثورة (2016، خيبت هذه الحكومة آمالي وسفهت أحلامي وكذلك فعلت التي تلتها والتي أتت بعدها وفقدتُ الأمل في التي سوف تليها).

 

 

lundi 27 juin 2022

مفاهيم إسلامية ، لا أفهم لماذا إذا نطقتَها بالعربية، جُل "الحداثيين" التونسيين يشمئزون، ماركسيون وليبراليون، وإذا نطقتَ مرادفاتها بالفرنسية ينشرحون ؟ مواطن العالَم البستاني، متعدّد الهُويات

 


 Des concepts islamiques

مقدمة: تجنّبًا لمناكفات أصحاب العقول الإقصائية الإستئصالية المتحجرة والمنغلقة لدى الجهتين، "حداثيين" وإسلاميين: أنا أناقش الفكرة لا تطبيقاتها في التاريخ (تطبيقات سادت ثم بادت ولن تجدها مثلما كانت إلا في مخيلة الإسلاميين السلفيين الأرتدوكسيين). لا أناقش تطبيقاتها في الحاضر والمستقبل لأنها ببساطة لم تُطبَّقْ بعدُ. أناقش الفكرة من وجهة نظر مواطن فرد تونسي مسلم يساري علماني وليس من وجهة نظر فقهية إسلامية أو إيديولوجية لأنني لستُ ماركسيًّا ولا إسلاميًّا ولا قوميًّا ولا ليبراليًّا، فوجهوا سهامكم أيها المناكفون حيث تصيب أهدافَها. أناقشها بعفوية مَن تَرَبَّ في حضن أمٍّ لم ترضعّه إلا الحب وفطمته عن الكُرهِ لكن وللأسف تَعَلَّمتُ الكُرهَ مكرهًا عن الآخرين ثم ندمتُ ورجعتُ إلى أصلي صاغِرًا (c’est ce qu’on appelle l’indigénisation). أنا وعيتُ حديثًا أنني لست مثل الآخرين، أنا عدوٌّ شرسٌ للحداثة وما بعد الحداثة، خاصة في ثوبها الرأسمالي المركزي-الأوروبي الحالي العنصري الإرهابي (l’eurocentrisme).

ملاحظة: أرجو من القارئ أن ينتبه إلى نقطة الضعف التي تتميز بها عادةً الكتابة الفيسبوكية، جداريات (statuts réduits) ومقالات قصيرة. نقطة ضعفها تتمثل في اختزال رحابة الفكرة وتعقيداتها (la complexité de l’idée) إلى حدّ تشويهها في بعض الأحيان.

 

بعض المفاهيم الإسلامية التي خطرت ببالي:

1.     مفهوم الخلافة

Aujourd’hui c’est l’union qui fait la force, exp: l’union européenne ou l’union américaine:

نُطقُ المفهوم بالعربية (الخلافة) لا يوحي في أذهان "الحداثيين" إلا بـحزب التحرير وداعش، أما بالفرنسية (l’union) فهو مطلبٌ ملِحٌّ وأملُ العربِ والمسلمين أجمعين.

لا ألوم المنبَتِّين (جل اليساريين والليبراليين) لكنني أتعجب خاصة من القوميين الذين ينادون بوحدة عربية ويرفضون الوحدة العربية-الإسلامية، والمفارقة أن عربيتهم عِرقية عنصرية أما عربية الحضارة العربية-الإسلامية فهي عربية لغوية، عربية حضاريًّا وإنسانيًّا أرحب بكثير.

2.     مفهوم الأحباس أو الوقف

C’est ce qu’on appelle aujourd’hui les fondations:

بالعربية (الأحباس) يرونه مصيبة وبالفرنسية (les fondations) يرونه روعة.

3.     مفهوم الزكاة

C’est ce qu’on appelle aujourd’hui l'impôt de solidarité sur la fortune:

بالعربية (الزكاة) يرونه رجعية وبالفرنسية (l'impôt de solidarité sur la fortune) يرونه عدلاً وتضامنًا بين الأغنياء والفقراء.

4.     مفهوم الشورى

C’est ce qu’on appelle aujourd’hui la démocratie:

نُطقُه بالعربية (الشورى) لا يوحي في أذهان "الحداثيين" إلا بحزب النهضة والنهضاويين أما  نُطقُه بالفرنسية (la démocratie) فهو عسلٌ مستورَدٌ.

5.     مفهوم جهاد النفس

Maîtriser ses désirs, surtout ceux qui ne sont pas naturels et indispensables comme la plupart de nos désirs d’aujourd’hui, les désirs façonnés par notre société de consommation d’aujourd’hui, la société postmoderne liquide de Zygmunt Bauman:

جهادْ.. أعدْها عليَّ  ثانيةً..

Je veux dire comme l’a bien dit le philosophe athée, Michel Onfray : « philosopher, c’est philosopher sur ses désirs »..

Ah bon, si c’est Onfray qui l’a dit, pas de problème, on est totalement d’accord

أضيفُ لك مصدرًا غربيًّا آخر مما تحب: عالِم الأنتروبولوجيا ليفي ستروس

(Claude Lévi-Strauss, 1908-2009) قال: "وُلِدت الحضارة يوم تعلم الإنسان كَبْحَ رغباته الجنسية الحيوانية وصرف نظره نهائيًّا عن نِكاح المحارم (l’inceste)".

وأنا أقول: كلما كَبَحَ الإنسانُ شهواته المضرّة بأخيه الإنسان كلما ابتعد درجة عن أصله الحيواني وكلما صعد درجة في سلّم الإنسانية كلما اقترب أكثر من السعادة الروحانية.

 

ملاحظة: أعي جيدًا أن لكل مفهومٍ تاريخٌ، لكنني، وفي نفس الوقت، أعي أيضًا أن المفهومَ كالكائن الحي، ينمو، يتطوّر وتتغير ملامحه من زمنٍ إلى زمنٍ.

أنهِي بسؤال: لماذا أنا أرى حُسنًا فيما يراه رفاقي قُبحًا ؟ ربما لأنني اكتشفتُ بهاءَ بعض المفاهيم الإسلامية بلغة أجنبية (certains concepts islamiques). قرأتُ للأجنبيَّ الذي لا يكره الإسلام ولا المسلمين وفي نفس الوقت لا يتعصّب للإسلام ولا للمسلمين ومثله أصبحتُ أحب هويتي ولا أكره هوية مَن علمني.

 

إمضائي (مواطن العالَم البستاني، متعدّد الهُويات، l’homme semi-perméable، أصيل جمنة ولادةً وتربيةً، يساري غير ماركسي حر ومستقل، غاندي الهوى ومؤمن بمبدأ "الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي" - Adepte de l’orthodoxie spirituelle à l’échelle individuelle):

"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)

À un mauvais discours, on répond par un bon discours et non par la violence. Le Monde diplomatique



تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 6 ديسمبر 2019.