إنها لَمسؤولية تئن لحملها الجبال لو
صدّقتُ ما يقوله عنها ممثلو الوزارة: مسؤولية المشاركة في اللجان الفنية القيادية
لإعداد برنامج مفصل يهدف إلى إصلاح المنظومة التربوية.
شاركت البارحة بمعهد اللغات في
البحيرة 2 في أول جلسة للجنة البرامج والتقييم.
أسوق لكم أول ملاحظة أوحت لي بعدم جدية
الوزارة في مشروعها الإصلاحي: جمّعوا ثلاث لجان في قاعة صغيرة (une salle de classe). فهل يُعقل أن يشتغل في فضاء ضيق قرابة العشرين فردا موزعين على
ثلاثة فِرَقٍ، كل فريق يخطط لمستقبل مجتمع بأكمله ؟
في اللجنة التي انضممت إليها، تعطلت
لغة الحوار منذ البداية بين ممثل الاتحاد وممثل الوزارة. عبر الأول عن شكوكه وهو
محق في ما طرحه وقال: "أطلب من ممثل الوزارة أن يوضح لنا موقفه كتابيا مما
بلغنا من أخبار تنسف الحوار من أساسه. سمعنا أن الوزارة كلفت لجنة خارج إطار
الحوار بإعداد كتابين مدرسيين للسنتين الأولى والثانية ابتدائي، حصل هذا دون
استشارتنا ونحن طرف في الحوار الثلاثي (الوزارة والاتحاد والمعهد العربي لحقوق
الإنسان)، أي بمعنى آخر شرعت الوزارة في عملية الإصلاح بمفردها". وأصرّ
المتحدث وهو مصيبٌ على مساءلة عادل حداد ممثل الوزير في الملتقى. استثدعِي عادل فحضر
بعد ساعة تقريبا، انتقلنا إلى قاعة فارغة. قال عادل مبررا ومدافعا عن الوزارة
فرسّخ الشك في ذهني عوض إزالته: "1. الحوار بطيء والأموال التي تُرصد للإصلاح
قد تنفق أو ترجع للخزينة. 2. قدّرنا الكلفة الجملية للإصلاح التربوي بأربعة آلاف
مليون دينار وبوّبنا بدقة مجالات صرفها. حققنا تقدما نسبيا فرُصِد لنا حتى الآن
ألفين وخمس مائة مليون دينار وما زلنا نبحث على تجميع التمويل المتبقي. 3. الاتحاد
الأوروبي المانح لن ينتظر قرارات الحوار ونحن الآن بصدد التفاوض معه على قرض أو
منحة قدرها تسعون ألف دينار ولن نحصل عليها لو لم نقدم كشفا مفصلا عن سبل صرفها.
4. أما إعداد الكتابين فهي لا تعدو أن تكون إلا تجربة ولكم أنتم (الحوار) الكلمة
الفصل في إعداد البرامج والكتب المدرسية" 5. لكن... لكن أعدكم أننا لن نخالف
مخرجات الحوار التي اتفقنا عليها (صحيح أنك لن تخرج عن الخطوط الكبرى لكن الاختلاف
يكمن في التفاصيل يا سيدي وأنتم -حسب قولك هذا- قد سبق لكم وأن انتهيتم من إعداد
التفاصيل للحصول على موافقة المانحين أجانب وتونسيين)". أبلعها أو لا أبلعها ؟
آخذها أو لا آخذها ؟ مضلتي... أسمع أقوالك يا سيد عادل... أصدّقك... أرى أفعال
الوزارة... أحتار في تحديد موقف نهائي منها ؟
قال ممثل الوزارة داخل لجنتنا شارحا
المهام المنوطة بعهدتنا مستقبلا: "1. أنتم لجنة قيادة وتسيير (أعترف أنني
شخصيا لا أرغب، لا في قيادة ولا في تسيير، ولست مؤهلا ولا قادرا على القيام
بكليهما أو أحدهما، ولا أتحمل إلا مسؤولية أخطائي وأرفض أن أنجح بفضل السطو على
مجهودات غيري). 2. أنتم الذين ستختارون وتزكون كفاءات متطوعة لمساعدتكم على القيام
بأعمالكم (أنا لا أضمن إلا نفسي و"شُوفْ" ؟). 3. ربما تتطلب مهامكم
المنتظرة الاجتماع اليومي في البحيرة 2 (أنا تطوعت بجهدي ولست مستعدا للتطوع بقوتِ
عيالي ولا أقدر على دفع نفقات التنقل اليومي إلى مكان لا يصله النقل العمومي،
والتاكسي من شارع بورڤيبة بستة دنانير ذهابًا). 3. عندما تحتاجون إلى دراسات أو
استطلاعات أو بيانات، اطلبوها من المتطوعين الذين ستعيّنوهم (أنا متطوع فكيف أتجرأ
وأطلب من غيري أن يتطوع ؟ ولماذا يتطوع ؟ لإعداد دراسة ! وأنتم الوزارة تدفعون آلاف
الدنانير أجرة للاختصاصيين الذين تكلفونهم عادة بإعداد أي شغل مهما كان مهمّا أو
سخيفا)". هذه المهام يا سيدي لم تقدر عليها وزارتكم المجهزة بجيش من
البيروقراطيين الذين يقبضون ولا ينتجون، فكيف أقدر عليها أنا غير المؤهل، لا
للقيادة ولا للتسيير؟ ولو كنتم جادين وليس على ذقني تضحكون وأنا في سن الرابعة
والستين، فعليكم باختيار لجنة متكونة من مختصين في البرمجة والتقييم وعلى القيادة
والتسيير مدربين ولعملهم هذا متفرغين وادفعوا لهم مقابلا محترما، أما أنا فدوري
يتمثل في معارضة القياديين ونقد المسيرين ولست في عطاياكم من الطامعين !
ملاحظة: ترددت في نشر ما دار في الجلسة المضيقة لكنني تذكرت أنني
لا أمثل نفسي في الحوار ومن حق النقابيين والناس أجمعين أن يطلعوا على كل صغيرة
وكبيرة والحوار الذي دار بيننا لا يجب أن يُحجَبَ على أحد.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire