samedi 31 octobre 2015

ليس الغرب في مادّيته وإباحيّته وجها مناقضا لسلوكيات المسلمين عبر التاريخ بقدر ما هو وجههم الخفي الذي يحاولون طمسه أو نفيه. نقل مع إضافة بين قوسين مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا التعليم

ليس الغرب في مادّيته وإباحيّته وجها مناقضا لسلوكيات المسلمين عبر التاريخ بقدر ما هو وجههم الخفي الذي يحاولون طمسه أو نفيه. نقل مع إضافة بين قوسين مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا التعليم

المصدر
كتاب "نقد النص"، علي حرب، المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية، 1995، الدار البيضاء، 285 صفحة. استعرته من المكتبة العمومية بحمام الشط.

نص علي حرب صفحة 53 و54:
من هنا يبدو الخِداع في كلام حسن حنفي على "دهريّة الغرب وإباحيته ودنيويته". فنحن دهريون كالغرب وربما أكثر منه (الدهريّة هو اعتقاد فكري ظهر في فترة ما قبل الإسلام أو الجاهلية، ويُشتقّ المصطلح من الدهر لاعتبارها الزمان أو الدهر السبب الأول للوجود وأنّه غير مخلوق ولا نهائي، وتعتبر الدهريّة أن المادّة لا فناء لها، ويعدّ هذا الاعتقاد قريبًا من اعتقاد اللادينيّة والإلحاد والمادّيّة. وذكر في القرآن عنهم:  "وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ". ويكيبيديا). ذلك أننا نتنافس على الحطام ونعيش الحياة بقضّها وقضيضها. يُعرف ذلك من علاقتنا بالمال ومن ممارستنا للجنس والسلطة. فبالنسبة إلى هذه الأخيرة نحن أبعد ما يكون على التعالي. فشهوتنا إلى السلطة ومحافظتنا عليها بأي ثمن وولاءاتنا العصبية جعلتنا نقتتل ماضيا وتجعلنا نقتتل حاضرا أيما اقتتال، ولو اقتضى الأمر الاستنجاد بالغير على الأنا. أليس هذا ما حصل منذ الملك الضليل (امرؤ القيس) حتى حرب الخليج (بين العراق وإيران)، ومنذ حادثة السقيفة حتى آخر نسخة من حروبنا الأهلية، مرورا بالطبع بالحرب الأهلية "النموذجية" بين الأميرين أبي عبد الله بن محمد وعمه وسميه في آن قبل خروج العرب من الأندلس؟ بالنسبة للمال كان الرشيد في عصره يقول للغَيْمَة: اذهبي حيث شئت فإن خراجك عائد إليّ، أي كان أشبه ما يكون برئيس الولايات المتحدة اليوم، زعيما لأكبر إمبراطورية مالية. أما الجنس فحدّث ولا حرج. فقد أباحت لنا الشريعة أن نستمتع بهن بعد أن ندفع لهن أجورهن، وأن نقتني منهن ما ملكت الأعيان، ولو كن بالعشرات بل المئات، وكان بإمكان الواحد أن يذهب إلى سوق الرقيق الأبيض لكي يبتاع جارية كما يبتاع أي شيء من الأشياء. هكذا كانت لنا فيما مضى خلافة أقمناها هي عبارة عن إمبراطورية للمال من جهة وإمبراطورية للجواري والإماء من جهة أخرى. ولا ضير في ذلك. ولكن لا نقولن أن الغرب مادي إباحي في حين أننا محافظون وروحانيون. فنحن سخّرنا المجال القدسي في خدمة دهريتنا ودنيويتنا. وهذا هو شأن المجال الدنيوي، لا يكف عن إنتاج أبعاده الرمزية وأشكاله القدسية. إذن ليس الغرب مغايَرَتنا المطلقة بقدر ما هو وجهنا الخفي الذي نحاول طمسه أو نفيه.

إمضائي المحيّن:
قال علي حرب: "الحقيقة أن الفلسفة لا تعدو كونها تجربة إنسانية فريدة، تحقيقا لحلم شخصي"
"الإنسان لا يقع خارج التاريخ بل داخله. ولا يتعالى عليه بل ينخرط فيه. من هنا قلما تصح النبوءات والتكهنات"
قال جان بول سارتر: "يجب أن لا نشعر بالخجل عندما نطلب القمر".
قال أنشتاين: "لا تُحَلّ المشاكل باستعمال نفس أنماط التفكير التي أنتجتها".
قال جبران خليل جبران: "وعظتني نفسي فعلمتني أن لا أطرب لمديح ولا أجزع لمذمّة".
قال مواطن العالَم د. محمد كشكار: "يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد"، "لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى"، "على كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي"، "عندما تنقد إيديولوجية في حضور صديقك تُطلعه على جزء من فكرك. فإن كانت غير إيديولوجيته شجعك وشكرك. وإن كانت إيديولوجيته تجاهلك واحتقرك"، "ألا ليتني كنت ذاتا لا تنشر، ولا تكتب، فألَمُ التغريد خارج السرب أمرّ من ألَمِ الصمت"، "نفسي مثقلة بالأحلام فهل بين القُرّاء مَن يشاركني حلما ويخفّف عني حملي؟"، "لا يوجد دينٌ محصَّنٌ من الضلال الفردي ولا دينٌ ينفرد بالتقوى".

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، السبت 31 أكتوبر 2015.




vendredi 30 octobre 2015

هل يحق لنا، نحن العرب المسلمون، أن نُحمِّل أفلاطون وماركس تَبِعَةَ سيطرة الغرب علينا؟ نقل مع إضافة بين قوسين مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا التعليم

هل يحق لنا، نحن العرب المسلمون، أن نُحمِّل أفلاطون وماركس تَبِعَةَ سيطرة الغرب علينا؟ نقل مع إضافة بين قوسين مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا التعليم

المصدر
كتاب "نقد النص"، علي حرب، المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية، 1995، الدار البيضاء، 285 صفحة. استعرته من المكتبة العمومية بحمام الشط.

نص علي حرب صفحة 42، 43 و44:
أقول إن المستغرب العربي (ما يقابل المستشرق الغربي) يحمّل الفلسفة (الغربية) وأهلها تَبِعَةَ سيطرة الغرب علينا، أعني تَبِعَةَ ضعفنا وعجزنا وتخلفنا. مساكين هؤلاء الفلاسفة الذين نحمّلهم هذه المسؤولية عن كل ما أصابنا، مع أنهم لم يفلحوا يومًا في ترجمة أفكارهم في أنظمة سياسية، ولم تصدَّق لهم نبوءة فيما تنبؤوا به، من أفلاطون الذي حاول إصلاحا فاعتقِل وبِيع في أسواق النخاسة، إلى كنط الذي تنبأ في محاولة له بأن البشرية تسير بخُطًى حثيثة نحو السلام، فإذا النتيجة بعد قرنين أننا نشهد أعنف الصراعات وأفظع الحروب، نشهد محاولات تصفية الشعوب الضعيفة وإبادتها (وعلى سبيل الذكر لا الحصر، أذكّر -لعل الذكرى تنفع المتناسين- بإبادة السود من قِبَلِ الإقطاعيين البيض من جميع الجنسيات والأديان، إبادة هنود أمريكا الشمالية والجنوبية من قِبَلِ الغزاة الأوروبيين، إبادة اليهود وغير اليهود من قبل هتلر، تشريد المسلمين الفلسطينيين من قِبَلِ الصهاينة، قتل مليون ونصف شهيد جزائري من قِبَلِ الغزاة الفرنسيين، إبادة مسلمي البوسنة في سيربرينسكا من قِبَلِ الجيش الصربي، إبادة الأرمن من قِبَلِ العثمانيين، نفي وسجن وتشريد وتجويع 20 مليون مواطن سفياتي من قِبَلِ نظام ستالين الشيوعي و50 مليون مواطن صيني من قِبَلِ نظام ماو الشيوعي و1،7 مليون مواطن كمبودي من قِبَلِ نظام الخمير الحمر الشيوعي و5 مليون عراقي من قبل نظام أمريكا الشمالية الرأسمالي و4 مليون سوري و2 مليون ليبي من قِبَلِ الأنظمة الرأسمالية الأمريكية والأوروبية والعربية بما فيها نظام بشار الأسد، قتل اليمنيين من قِبَلِ السعودية ولا ننسى الجرائم ضد  الإنسانية التي اقترفها باسم الدين المسيحيون والمسلمون والبوذيون واليهود، أستثني فقط البهائيين -10 مليون في العالم- الذين لم يقترفوا باسم دينهم أي ذنب في حق معتنقي الديانات الأخرى). ناهيك بماركس الذي وعدَ بتحرير الناس وإقامة فردوس اشتراكي على الأرض، فإذا النتيجة أيضا وكما نعلم على عكس ما توقّع بالتمام، ولا ضرورة لتقديم الشواهد إذ الوقائع تصدم في هذا الخصوص. (...) المَنْزَعُ السلطوي الاستبدادي أو الفاشي لا يوجد خارجنا فقط، بل يوجد أيضا في داخلنا. إنه هَوَى يسكننا ويتسلط على عقولنا وتصرفاتنا. ولهذا فإن الحرب ضد مشاريع السيطرة والهيمنة لها وجهان: وجه إلى الخارج ووجه إلى الداخل (حسب رأيي، هما وجهان لا ينفصلان بل يتفاعلان ويتكاملان لذلك لا نستطيع أن نقدّم واحدا منهما على الآخر: deux facteurs en interaction permanente).

 (...) فوكو ودولوز ودريدا. فإن أعمال هؤلاء تنطوي على أهم وأخطر نقد وُجّه للفكر الفلسفي (الغربي) بعد نيتشه، لأنه نقدٌ يكشف الغطاء عما تمارسه الذات الغربية المتعالية من أشكال التمركز والاصطفاء والنفي، نفي الآخر (L`eurocentrisme).
(...) وإذا كانت المهمة هي أن نتحرر من سيطرة الغرب ووصايته الفكرية، فمهمة المفكر أن يفكر بالتحرر من كل وصاية ومن أي جهة أتت، وسواء أكانت وصاية الفلسفة (الغربية) وأهلها أم وصاية الشريعة وأئمتها.

(...) كما يمارسه أهل الفكر عندنا، أمثال الجابري وأركون وأدونيس وصفدي وسواهم (وأمثال علي حرب وعبد الله العروي وصادق جلال العظم وعبد المجيد الشرفي وألفة يوسف وآمال ڤرامي ومحمد الحداد والطاهر الحداد وهشام جعيط وهاشم صالح ومحمد الطالبي وجمال البنا وعياض بن عاشور وحسن حنفي ومحمد الشرفي ورضا خالد وعلي شريعتي ومحمد الشريف الفرجاني وجورج الطرابيشي وطيب التزيني وفراس السواح ومالك شبل ويوسف الصديق وعبد الوهاب المؤدب وعبد الوهاب المسيري وعبد الوهاب بوحديبة وأبو يعرب المرزوقي وشحرور وغيرهم من النقاد).

إمضائي المحيّن:
قال جان بول سارتر: "يجب أن لا نشعر بالخجل عندما نطلب القمر".
قال أنشتاين: "لا تُحَلّ المشاكل باستعمال نفس أنماط التفكير التي أنتجتها".
قال جبران خليل جبران: "وعظتني نفسي فعلمتني أن لا أطرب لمديح ولا أجزع لمذمّة".
قال مواطن العالَم د. محمد كشكار: "يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد"، "لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى"، "على كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي"، "عندما تنقد إيديولوجية في حضور صديقك تُطلعه على جزء من فكرك. فإن كانت غير إيديولوجيته شجعك وشكرك. وإن كانت إيديولوجيته تجاهلك واحتقرك"، "ألا ليتني كنت ذاتا لا تنشر، ولا تكتب، فألَمُ التغريد خارج السرب أمرّ من ألَمِ الصمت"، "نفسي مثقلة بالأحلام فهل بين القُرّاء مَن يشاركني حلما ويخفّف عني حملي؟"، "لا يوجد دينٌ محصَّنٌ من الضلال الفردي ولا دينٌ ينفرد بالتقوى".

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الجمعة 30 أكتوبر 2015.



mardi 27 octobre 2015

اتق شرّ مَن أعليتَ شأنا لا يستحقه: شرّ البلية الأصدقاء وألطف الناس هم الأحباب! مواطن العالَم د. محمد كشكار

اتق شرّ مَن أعليتَ شأنا لا يستحقه: شرّ البلية الأصدقاء وألطف الناس هم الأحباب! مواطن العالَم د. محمد كشكار

مَن هم الأصدقاء؟ هم الناس الذين اكتسبتَ معرفتهم قبل الأربعين.
الزملاء ليسوا أصدقاء  لأن معرفتهم  فرضتها المهنة.
الجيران ليسوا أصدقاء  لأن معرفتهم  فرضتها الجيرة.
الأقارب ليسوا أصدقاء  لأن معرفتهم  فرضتها الوراثة.
الصديق بالنسبة لي هو الذي تجاوزتْ مدة صداقته الربع قرن دون انقطاع، هو الذي يعرف أسرارك وأدق دقائق حياتك الخاصة، هو الذي يبادلك العلاقات العائلية، هو الذي أسقط بينك وبينه -ويا ليته لم يفعل- جدار البروتوكولات والمجاملات، هو الذي عرفتَ في شبابك. هو الذي تستجدي احترامه ولا يجود به. هو الذي تعامله معاملة الند للند رغم الفوارق الموضوعية لكنه يعاملك معاملة الضد للضد.

مَن هم الأحباب؟ هم الناس الذين اكتسبت معرفتهم قبل أو بعد الأربعين.
قد يكونوا زملاء أو جيران أو أقارب أو جلساء مقهى دائمين أو معارف فيسبوكية تحولت إلى معارف حقيقية.
الحبيب هو الذي لم يهدم بينك وبينه جدار البروتوكولات والمجاملات، جدار ضروري لحفظ المقامات واحترام الذوات. هو الذي قد تكون عرفته في طفولتك أو في دراستك أو في تقاعدك. ليست لك معه علاقات عائلية والحمد لله. هو الذي يحترمك ويصرّ دوما على تجسير العلاقة المتبادلة بينكما بطيب الكلام. هو الذي لا يتجاسر عليك، وهو الذي يعرف حدوده الموضوعية ولا يتجاوزها. هو الذي يثمّن مجهوداتك ويعترف بمواهبك ولا يبخل عليك بالشكر والثناء إن كنت جديرا بهما. أحَبُّ الأحباب إليّ: صديقٌ فقدتُ صداقته إلى الأبد واسترجعته حبيبا إن شاء الله إلى الأبد، ما ألطف وده وكم يسعدني لقاؤه. أعزّ حبيب عندي: من فرط حبي له أتربّج به  وأناديه "البْلِيدْ"، عملتُ معه عاما واحدا بغار الدماء ودامت علاقتنا أربعون عاما وبحول الله لن تندثر. أقرب حبيب لي: يبدو لي أنني رفعت من شأنه عندما أدخلته جنة الأحباب وجنّبته الحشر في جهنم الأصدقاء، احترامٌ عسكريٌّ متبادَل بين جنرالين، طيلة نصف قرن لم يتجرأ عليّ يوما ولو مزحا، اقترنتْ مسيرته الدراسية بمسيرتي ولم أكن أفضل منه، سرّ ديمومة علاقتنا يكمن في الجدار العازل الرابط بيننا، جدارُ تقديرٍ من أسمنت مسلّح،  جدارٌ أثبت قدرته على الصمود، جدارٌ كذّب المقولة الشائعة "دوامُ الحال من المُحال". لطيفٌ خدومٌ، بشوشٌ ظريفٌ نادرٌ، حرتُ في تصنيفه بين الصديق والحبيب! مقبولٌ كريمٌ، حصانٌ جامحٌ لم أنجح للأسف في ترويضه رغم المحاولات المتكررة وأخشى فقدانه إلى الأبد لكن الكرامة تأتي قبل الصداقة ولو خُيّرت بين الاثنتين لاخترتُ الأولى دون ندمٍ ولا ترددٍ! جليسٌ أنيسٌ، رفيقٌ ليس ككل الرفاق، تنافرٌ في الطباع تجانسٌ  في الأفكار، ينساب النقاش الفكري معه دون حكم مسبق أو تصنيف إقصائي، الوحيد الفريد بين الأصدقاء الذين تحولوا تدريجيا وبسلاسة -رغم العوائق- إلى أحباب، نجحنا مع بعضنا في تجاوز أفكار الشباب الثورية-الوهمية وتخلصنا من عقدة الانتماء الماركسي وتوصّلنا إلى هدم التابوهات بكل أنواعها، تحلو معه وفيه "الڤرضة". تعريف مصطلح "الڤرضة" بالاتفاق بيننا: هي النميمة المسلّية السائغة العذبة الدمثة الفنية الأدبية الرقيقة، البعيدة عن العنف والكره والخبث والحسد والوشاية. أما باقي الأحباب فكلامهم على قلبي كالعسل، إن خاطبوني فـباحترام وخجل، أحباب يشبهون النسمة في طراوتها، وإن حادثتهم يُشعِرُونك بأنك عبقريُّ زمانه، يمرّون فلا يتركون وراءهم إلا مسكا وعنبرا، أنا متأكد أن لي مساحة معتبرة في أنسجة قشرتهم المخية (cortex cérébral ou substance grise).

خلاصة القول:
لم يبق لي اليومَ أصدقاء والحمد لله الذي لا يُحمدُ على مكرُمة سواه.
جل أصدقائي رَقّيتُهم إلى أحباب، والباقي في الطريق والطريقُ مع العُمرِ يضيقْ.
أنصح الشباب بالتوقي باكرا من شرّ الصداقة قبل وقوعه، شرّ لا يظهَر أثره إلا في بداية الشيخوخة، عدوٌّ في ثوب صديق، مرضٌ كـداءِ السكري، خبيثٌ غدّار والعياذ بالله، يلازمك في شبابك كظلك، تَخَالُه ماءً وهو سرابٌ، تخاله عكازا احتياطيا متينا، تحتاجه في الكِبر لكي تتكئ عليه، فتكتشف مؤخرا أنه أشبه بعكاز سليمان، أكلته دودة الأرض في غفلة منك.
يتساوى في الضرر سمّ الصديق وسم العقرب لأننا لم نحضِّر لكليهما أجساما مضادة لذلك أنصح الشباب بالتلقيح ضد الاثنين.
آه لو ذقتم مثلي علقم التجاهل من أيادي الأصدقاء لَكفرتم بالصداقة مثلي ولعنتم كل الأصدقاء.
ما أجمل الأحباب قلوبهم رُمّان، وما أقسى الأصدقاء قلوبهم صَوّان! أتمنى أن ينقلب كل الأصدقاء إلى أحباب ويتحول كل الصوان إلى رمان!

لا تَسقِني  بِذِلَّةٍ صداقة الأصحاب ... بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ مودةِ الأحباب.

إمضائي المحيّن:
قال جان بول سارتر: "يجب أن لا نشعر بالخجل عندما نطلب القمر".
قال أنشتاين: "لا تُحَلّ المشاكل باستعمال نفس أنماط التفكير التي أنتجتها".
قال جبران خليل جبران: "وعظتني نفسي فعلمتني أن لا أطرب لمديح ولا أجزع لمذمّة".
قال مواطن العالَم د. محمد كشكار: "يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد"، "لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى"، "على كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي"، "عندما تنقد إيديولوجية في حضور صديقك تُطلعه على جزء من فكرك. فإن كانت غير إيديولوجيته شجعك وشكرك. وإن كانت إيديولوجيته تجاهلك واحتقرك"، "ألا ليتني كنت ذاتا لا تنشر، ولا تكتب، فألَمُ التغريد خارج السرب أمرّ من ألَمِ الصمت"، "نفسي مثقلة بالأحلام فهل بين القُرّاء مَن يشاركني حلما ويخفّف عني حملي؟"، "لا يوجد دينٌ محصَّنٌ من الضلال الفردي ولا دينٌ ينفرد بالتقوى".

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأربعاء 28 أكتوبر 2015.



lundi 26 octobre 2015

فكرة معارِضة تماما للسائد في الساحة الثقافية التونسية الحالية: وددتُ لو رُشِّحَ راشد الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة لنيل جائزة نوبل للسلام ونالها كاملة! فكرة مواطن تونسي يساري غير ماركسي لا يعترف بيساريته بعض اليسار الماركسي، مواطن العالَم د. محمد كشكار

فكرة معارِضة تماما للسائد في الساحة الثقافية التونسية الحالية: وددتُ لو رُشِّحَ راشد الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة لنيل جائزة نوبل للسلام ونالها كاملة! فكرة مواطن تونسي يساري غير ماركسي لا يعترف بيساريته بعض اليسار الماركسي، مواطن العالَم د. محمد كشكار

مقدمة توضيحية أو مظلة واقية من الصواعق الماركسية المحتملة في التعاليق (Préambule Paratonnerre) والتي أتنبأ أنها لن تمطر لا تفهما واحتراما لما أكتب بل تجاهلا عدوانيا مجانيا:
منطلقي فكري استراتيجي بحت ولا ولن أقحم نفسي في الحسابات السياسية الظرفية أو الإيديولوجية الضيقة ولم ولن أسعى يوما لنيل حظوة عند شق أو آخر. لستُ سلفيا ولا نهضاويا ولا ماركسيا ولن أكون وسأبقى اشتراكيا-ديمقراطيا ولن أخون فاصبروا عليّ بعض قرائي السلفيين وبعض رفاقي الماركسيين أرجوكم ولو إلى حين قد تتجلى فيه بعض الحقيقة السياسية. أعارض الثلاثة في تنظيراتهم الوهمية وتطبيقاتهم الفاشلة في مصر والسودان وأفغانستان وداعش وكمبوديا وكوريا والاتحاد السفياتي سابقا. لا أستمد مثلي الأعلى في الحكم من ماو أو ستالين ولا من العُمَرَيْنِ (رضي الله عنهما)، أستمده -بعد الأقلمة والتكييف- من الأنظمة الاشتراكية-الديمقراطية الحاكمة حاليا في الدول الأسكندنافية (حاكم غير مسلم عادل خير من حاكم مسلم ظالم).

لماذا أودّ منحَ جائزة نوبل للسلام كاملة إلى راشد الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة على مرونته السياسية التي قد تكون جنبت تونس صراعا إسلاميا-يساريا-تجمعيا لن تُحمدَ عواقبه المنتظرة ولن تُمحَى آثاره السلبية المحتملة على المجتمع التونسي بسهولة؟
لا أقول أنه أحق بها من الآخرين، مرشحون أو غير مرشحين، مثل الرُّباعِي الراعي للحوار الوطني أو المرزوقي أو السبسي لكنني أقول -وبكل حزم فكري وبكل ما أوتيتُ من استقلالية سياسية نسبية- أنه أحق بها من السيسي لسبب بسيط يتمثل في أن حزب حركة النهضة وصل للحكم عن طريق الصندوق بكل ما يحوم حول الصندوق من تشكيك هيكلي منطقي أما السيسي فقد وصل عن طريق انقلاب عسكري رغم كل ما ألصِقَ بالانقلاب من ماكياج ثورة 30 جوان. لماذا أصرّ إذن على التمسك بوجهة نظري الشخصية والمحدودة جدا؟ أقول رأيي هذا رغم علمي أنه مناقض تماما للفكر السائد لدى عائلتي اليسارية التي أعتز بانتمائي لها وأعتبر نفسي وفيا لمبدأ العدالة-الاجتماعية، العمود الفقري للفكر اليساري عموما بماركسييه وديموقراطييه-الاشتراكييين. وتجنبا للسب والشتم والتجاهل والتحقير، المجال الوحيد الذي يبدع فيه -دون منازع- بعض رفاقي الماركسيين التونسيين المنتمين، المحترمين الأعزاء رغما عن نقدي لهم، أسبقهم وأقول أنني أعي جيدا حجمي الفكري ككاتب مفكر حر نكرة ومهمش، قراؤه ومتابعوه الفيسبوكيون لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة.

وددت لو نالها ولو نالها لكان هذا التتويج بداية مصالحة بين الغرب الحاكم والإسلام المحكوم ولكان بداية اعتراف من الغرب أن الحلول المفروضة من حضارة غازية منتصرة على حضارة محتلة مهزومة لن تجدي نفعا ولن يُقادَ المسلمون إلى جنة الغرب بالسلاسل.

لو نالها لكانت بداية اندماج فعلي طوعي للحركات الإسلامية المدنية غير المسلحة في نادي الديمقراطية العالمي بغض النظر عن سلبياته وهي كثيرة والاستفادة من إيجابياته وهي أكثر.

لو نالها لكانت بمثابة محرّك مسرّع لتَونَسة حزب حركة النهضة ولكانت دافعا قويا مغريا لتشجيع الحركات الإسلامية المدنية غير العنيفة على التخلص من تعصبها الديني وعقدة-وهم تفوقها الحضاري وعنصريتها إزاء "الكفار" (غير المسلمين) وانغلاقها الإيديولوجي ونصوصيتها القامعة لكل تحيين فقهي أو اجتهاد بشري وأرتدوكسيتها المدرسانية المتكلسة (Scolastique) ورجعية بعض مواقفها مثل موقفها من ولاية المرأة أو موقفها من الفن أو موقفها من حكم الإعدام والعقوبات البدنية، إلخ.

لو نالها لَما كسبتُ أنا و فكري الاشتراكي-الديمقراطي شيئا وربما خسرنا الاثنان ظرفيا لكن كل الكسب سيكون -لو تحقق ما عددته أعلاه- للأجيال القادمة دون تمييز، إسلامية كانت أو قومية أو يسارية أو عَلمانية أو ليبرالية، وآمل أن تطوِّر الحركات الإسلامية عموما والعربية خصوصا شعارها ألإقصائي الحالي "الإسلام هو الحل" وتتبنى الشعار المستقبلي المقترح التالي: "الإسلام والديمقراطية والاشتراكية والعلمانية واليسارية والقومية والليبرالية، متفرقة هي جزء من الحل ومجتمعة متفاعلة متكاملة هي الحل".

إمضائي المحيّن:
قال جان بول سارتر: "يجب أن لا نشعر بالخجل عندما نطلب القمر".
قال أنشتاين: "لا تُحَلّ المشاكل باستعمال نفس أنماط التفكير التي أنتجتها".
قال جبران خليل جبران: "وعظتني نفسي فعلمتني أن لا أطرب لمديح ولا أجزع لمذمّة".
قال مواطن العالَم د. محمد كشكار: "يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد"، "لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى"، "على كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي"، "عندما تنقد إيديولوجية في حضور صديقك تُطلعه على جزء من فكرك. فإن كانت غير إيديولوجيته شجعك وشكرك. وإن كانت إيديولوجيته تجاهلك واحتقرك"، "ألا ليتني كنت ذاتا لا تنشر، ولا تكتب، فألَمُ التغريد خارج السرب أمرّ من ألَمِ الصمت"، "نفسي مثقلة بالأحلام فهل بين القُرّاء مَن يشاركني حلما ويخفّف عني حملي؟"، "لا يوجد دينٌ محصَّنٌ من الضلال الفردي ولا دينٌ ينفرد بالتقوى".

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الاثنين 26 أكتوبر 2015.
Haut du formulaire


dimanche 25 octobre 2015

مِن حق المواطن التونسي الملحد أن لا يتحمل أخاه المسلم لكن ليس من حق المسلم أن يعامله بالمثل. مواطن العالَم د. محمد كشكار

مِن حق المواطن التونسي الملحد أن لا يتحمل أخاه المسلم لكن ليس من حق المسلم أن يعامله بالمثل. مواطن العالَم د. محمد كشكار

مِن حق المواطن التونسي الملحد أن لا يتحمل أخاه المسلم بل ويكرهه ويقصيه ويستأصله إن قدر على ذلك فهو يرى من خلال نظارتيه العقلانيتين الماديتين -والعين لا ترى إلا ما تريد أن ترى- يرى في الإسلام أفيونا للشعوب وفي القرآن دستورا للفاشية الدينية وفي كل المسلمين مشاريع إرهابيين.

أما المواطن التونسي المسلم فليس من حقه شرعا أن يقصي أو يكفّر أو يستأصل أحدا حتى ولو أمرته الأمّارة بالسوء. قدرُه أن يحب كل الخليقة لا لشيء سوى أنها خليقة الله، خلقها العالي متنوعةً مختلفةً وفي بعض الحالات متناقضةً، خلقها لحكمة لا يعلمها إلا هو. حقيقة نسلم بها حتى ولو لم ندرك كنهها. فهل للمسلم اعتراض على حكمته سبحانه وتعالى؟ لم يترك الله  للمسلم اختيارا بين حب الآخر أو كرهه. كلفه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رسالة للعالمين أجمعين. فهل نستطيع أن ننصح بالمعروف مَن نَكره؟ أنا من جانبي لا أستطيع! وأنتم؟


الملحد المتعصب (ليبرالي أو شيوعي) والمتدين المتعصب (مسلم أو يهودي أو مسيحي، إلخ) لا يمكن أن يكونا عَلمانيين لأن العلمانية ليست كفرا أو إلحادًا بل هي إيمان خالص وصادق بحرية المعتقد وبالمساواة بين الأديان أمام القانون، والدول التي تسمي نفسها إسلامية أو يهودية أو شيوعية هي دول غير عَلمانية.

إمضائي المحيّن:
قال جان بول سارتر: "يجب أن لا نشعر بالخجل عندما نطلب القمر".
قال أنشتاين: "لا تُحَلّ المشاكل باستعمال نفس أنماط التفكير التي أنتجتها".
قال جبران خليل جبران: "وعظتني نفسي فعلمتني أن لا أطرب لمديح ولا أجزع لمذمّة".
قال مواطن العالَم د. محمد كشكار: "يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد"، "لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى"، "على كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي"، "عندما تنقد إيديولوجية في حضور صديقك تُطلعه على جزء من فكرك. فإن كانت غير إيديولوجيته شجعك وشكرك. وإن كانت إيديولوجيته تجاهلك واحتقرك"، "ألا ليتني كنت ذاتا لا تنشر، ولا تكتب، فألَمُ التغريد خارج السرب أمرّ من ألَمِ الصمت"، "نفسي مثقلة بالأحلام فهل بين القُرّاء مَن يشاركني حلما ويخفّف عني حملي؟"، "لا يوجد دينٌ محصَّنٌ من الضلال الفردي ولا دينٌ ينفرد بالتقوى".

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 25 أكتوبر 2015.



نزعتان إنسانيتان متناقضتان؟ جزء 3. ترجمة دون تعليق، مواطن العالَم د. محمد كشكار

نزعتان إنسانيتان متناقضتان؟ جزء 3. ترجمة دون تعليق، مواطن العالَم د. محمد كشكار


نص المقال:
ظهرت النزعة الإنسانية (L`humanisme) في الحضارة الغربية في وجهين متناقضين. كتبنا عن الوجه الأول القبيح في الجزء الأول، وعن الوجه الجميل في الجزء 2 وفي هذا الجزء، الثالث، سنكتب عن النزعة الإنسانية المجدِّدة و"الضرورات الإنسانية-الأخلاقية".
لسنا في حاجة إلى نزعة إنسانية جديدة بل نحن نحتاج إلى نزعة إنسانية مجدِّدة منتعشة. يبدو أن مفاهيم المنطق والديمقراطية والتقدم العلمي والتقني والاقتصادي والأخلاقي، هي مفاهيم لا يمكن التفريق بينها. وُلِد هذا الاعتقاد-الوهم في الغرب ثم انتشر وساد في العالم أجمع رغم التكذيب الفظيع المجسم في الأنظمة الشمولية (موسولوني، هتلر، ستالين، ماو، إلخ) والحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن XX .

في سنة 1960، كان العالم الرأسمالي يعِد بمستقبل متناسق منسجم والعالم الشيوعي بمستقبل مشرقٍ زاهٍ. "كذب المنجمون ولو صدقوا"، سقط الحُلمان في الماء قبل نهاية القرن XX وعوضهما الشك والقلق الوجودي لذلك يجب أن يكون الاعتقاد في التقدم موجه نحو مستقبل الامكانات وليس نحو مستقبل الوعود (et la foi en le progrès doit être non plus dans un futur de promesses, mais dans un futur de possibilités).

وفي هذا الاتجاه تطرح النزعة الإنسانية المجدِّدة على نفسها مواصلة أنسنة الحيوان (Hominisation) في أنسنة الإنسان (humanisation) وذلك بفرض "الضرورات الإنسانية-الأخلاقية" لكي نصنع الإنسان، الإنسان العالمي أو مواطن العالَم.

أصبحت الإنسانية اليوم مهددة بأخطار قاتلة مثل تفشي صنع الأسلحة النووية (إسرائيل وإيران والهند وباكستان) وعولمة الحروب الأهلية (سوريا واليمن وليبيا) وانتشار التعصب الديني أوالمذهبي (يهود ومسلمين أو سنّة وشيعة) والتدهور السريع للبيئة وأزمات اقتصاد المضاربة المالية غير المراقب. قال الفيلسوف الألماني كارل جاسبار (Karl Jaspers)  بُعَيْدَ الحرب العالمية الثانية: "لو أرادت الإنسانية أن تواصل الحياة فعليها أن تتغير".

على النزعة الإنسانية المجدِّدة أن تنهل من مصادر علوم الإنسان والأخلاق (sources anthropologiques de l`éthique). هذه المصادر، المتوفرة في كل مجتمع بشري، تتمثل في التضامن والمسؤولية. التضامن مع المجتمع يولّد المسؤولية والمسؤولية بدورها تتطلب التضامن. لقد بدأ اليوم تجفيف جزئي لمنابع هذه المصادر في حضارتنا الغربية وذلك تحت ضربات الفردانية وسيطرة الربح والبيروقراطية المعمّمة والمعولمة.  


على النزعة الإنسانية المجدِّدة أن تعيد الحياة لمبدأي التضامن والمسؤولية من أجل مواصلة أنسنة الحيوان (Hominisation) في أنسنة الإنسان (humanisation)، أي من أجل كل تقدم بشري.

على النزعة الإنسانية المجدِّدة أن تأخذ على عاتقها وبوعي الطموحَ الأكبرَ الذي يشق كل تاريخ البشرية خصوصا أن المجتمعات تحاول قمع الأفراد والأفراد يحاولون تفكيك المجتمعات: تطوير شخصية الفرد داخل المجتمع دون تفكيك المجتمع، أي  تفتح زهرة "الأنا" داخل ازدهار شجرة "نحن".


يُتبع في الجزء 4..

المصدر:
Le Monde diplomatique (Supplément), n°739-62è année, octobre 2015, pages I, II et III. Article : «Les deux humanismes»  par Edgar Morin, Sociologue et philosophe français

إمضائي المحيّن:
قال أنشتاين: "لا تُحَلّ المشاكل باستعمال نفس أنماط التفكير التي أنتجتها".
قال جبران خليل جبران: "وعظتني نفسي فعلمتني أن لا أطرب لمديح ولا أجزع لمذمّة".
قال مواطن العالَم د. محمد كشكار: "يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد"، "لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى"، "على كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي"، "عندما تنقد إيديولوجية في حضور صديقك تُطلعه على جزء من فكرك. فإن كانت غير إيديولوجيته شجعك وشكرك. وإن كانت إيديولوجيته تجاهلك واحتقرك"، "ألا ليتني كنت ذاتا لا تنشر، ولا تكتب، فألَمُ التغريد خارج السرب أمرّ من ألَمِ الصمت"، "نفسي مثقلة بالأحلام فهل بين القُرّاء مَن يشاركني حلما ويخفّف عني حملي؟"، "لا يوجد دينٌ محصَّنٌ من الضلال الفردي ولا دينٌ ينفرد بالتقوى".


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 25 أكتوبر 2015.





samedi 24 octobre 2015

نزعتان إنسانيتان متناقضتان؟ جزء 2. ترجمة دون تعليق، مواطن العالَم د. محمد كشكار

نزعتان إنسانيتان متناقضتان؟ جزء 2. ترجمة دون تعليق، مواطن العالَم د. محمد كشكار


نص المقال:
ظهرت النزعة الإنسانية (L`humanisme) في الحضارة الغربية في وجهين متناقضين. كتبنا عن الوجه الأول القبيح في الجزء الأول، وجه يتمثل في تأليه شبه كامل للإنسان. أما الوجه الثاني الجميل فقد لخصه مونتانيو (Montaigne) في جملتين: "في كل إنسان أتعرّف على ابن بلد"، "نطلق دائما صفة همج على الشعوب التي تنتمي إلى حضارات أخرى".  لقد مارس مونتانيو نزعته الإنسانية بالفعل حين اعترف بالانتماء التام غير المنقوص للإنسانية لِـسكان أمريكا الأصليين وانتقد مستعمريهم البيض الأوروبيين المتوحشين. وأغناه وأضاف له مونتسكيو (Montesquieu) عنصرا أخلاقيا يتجسد في المبدأ القائل: "لو خيّروني بين وطني والإنسانية، لاخترتُ دون تردد الإنسانية". وأخيرا أصبح هذا الوجه الجميل من الإنسانية مبدأ نضاليا عند فلاسفة الأنوار، فلاسفة القرن XVIII، وعبّر عن نفسه في البيان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن لسنة 1989. تعترف هذه النزعة النبيلة بمبدأ كمال الإنسانية لكل كائن ينتمي إلى فصيلة الإنسان و تعترف أيضا أن داخل كل فرد توجَد هوية مشتركة رغم الاختلافات بين البشر في العرق والدين والحضارة. تتضمن هذه النزعة المبدأ المطروح من قِبل الفيلسوف الألماني إمانويال كانط (Emmanuel Kant): "نطبق على الآخر ما نشتهيه لأنفسنا" (يقابله حسب اجتهادي حديث للرسول محمد (صلعم) يقول فيه: "لن يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه")، وتتضمن أيضا المبدأ المطروح من قِبل الفيلسوف الألماني فريدريك هيڤل (Friedrich Hegel): "كل كائن بشري يحتاج إلى إقرار من الآخر بكامل إنسانيته"، ويطلب الاحترام لما نسميه "كرامة" كل بشر، يعني لا نعامله معاملة غير لائقة بكرامته كإنسان.

هذه النزعة الإنسانية الجميلة سوف تُطعّم بالنسغ المغذِي للأخوّة والحب، فضيلة إنجيلية مُعَلمنة (Une sève de fraternité et d`amour, vertu évangélique laicisée)، ورغم أن جوهر هذه النزعة يشمل الناس جميعا فأنها احتُكِرت من قِبل الإنسان الأبيض البالغ الغربي (Eurocentrisme)  وطُرِد من جنتها وحُرِم من ثمارها كل الشعوب المعتبَرَة بدائية ومتخلفة وطفولية والتي يراها المستعمِر الغربي شعوبا  لم ترتق بعدُ إلى مستوى كرامة الإنسان-العاقل (L`Homo sapiens) ولذلك عامَل مواطنيها الأصليين كأشياء واستعبدهم إلى حدود تحررهم من استبداده واستعماره.


يُتبع في الجزء 3..

المصدر:
Le Monde diplomatique (Supplément), n°739-62è année, octobre 2015, pages II et III. Article : «Les deux humanismes»  par Edgar Morin, Sociologue et philosophe français

إمضائي المحيّن:
قال أنشتاين: "لا تُحَلّ المشاكل باستعمال نفس أنماط التفكير التي أنتجتها".
قال جبران خليل جبران: "وعظتني نفسي فعلمتني أن لا أطرب لمديح ولا أجزع لمذمّة".
قال مواطن العالَم د. محمد كشكار: "يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد"، "لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى"، "على كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي"، "عندما تنقد إيديولوجية في حضور صديقك تُطلعه على جزء من فكرك. فإن كانت غير إيديولوجيته شجعك وشكرك. وإن كانت إيديولوجيته تجاهلك واحتقرك"، "ألا ليتني كنت ذاتا لا تنشر، ولا تكتب، فألَمُ التغريد خارج السرب أمرّ من ألَمِ الصمت"، "نفسي مثقلة بالأحلام فهل بين القُرّاء مَن يشاركني حلما ويخفّف عني حملي؟"، "لا يوجد دينٌ محصَّنٌ من الضلال الفردي ولا دينٌ ينفرد بالتقوى".


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، السبت 24 أكتوبر 2015.