samedi 17 octobre 2015

هل قدّمت التجربة الرأسمالية منوالا تنمويا، يجدُر بنا، نحن العرب المسلمون، أن نقتدي به؟ ترجمة وإعادة صياغة مواطن العالَم د. محمد كشكار

هل قدّمت التجربة الرأسمالية منوالا تنمويا، يجدُر بنا، نحن العرب المسلمون، أن نقتدي به؟ ترجمة وإعادة صياغة مواطن العالَم د. محمد كشكار

المصدر:
Le Monde diplomatique (Supplément), n°739-62è année, octobre 2015, pages I et IV. Extraits sélectionnés de l`article : «Réflexions sur le progrès. Un si long silence»  par Ashis Nandy, Sociologue et politiste indien

هذا ما قدمته لنا التجربة الرأسمالية في وجهها القبيح، أعني التجربة الرأسمالية المطبقة في البلدان المختلفة عرقيا (أوروبا وأمريكا واليابان والعالَم العربي وأفريقيا، إلخ) ودينيا (اليهودية والمسيحية والبوذية والهندوسية والإسلام، إلخ):
-         قدّمت لنا منوالا تنمويا خطيا استهلاكيا متصاعدا لا رجعة فيه، منوالٌ متوحِّشٌ مدمِّرٌ للبيئة ومنذِرٌ بمستقبل غير واعدٍ للأجيال القادمة،  منوالٌ قابِرٌ لأمل مليارات المواطنين الفقراء في تحقيق عدالة اجتماعية، منوالٌ ساحِبٌ لعكازي الدين المُريحَين اللذان يتكئ عليهما المواطن الفقير المقموع المظلوم المضطهد والمهمّش دون أن يعوّضه بعكازين أفضل.

-         قدّمت لنا عبودية القرن 19 واستعمار القرن 20 ، كارثتان اكتوت بنارهما جميع الدول الإفريقية والعربية وفي مقدمتهم الشقيقة الجزائر التي دفعت فاتورة استقلالها غاليا، بلغت مليون ونصف شهيد.

-         قدّمت لنا كوارث بيئية مبيدة وقاتلة لعشرات الآلاف من الفقراء الأبرياء مواطني الدول الرأسمالية أنفسها وعلى سبيل الذكر لا الحصر أذكّر بالحصيلة المفزعة  لبعضها: حادث المُفاعل النووي في الولايات المتحدة الأمريكية في 28 مارس 1979 وحادث مشابه في اليابان في 11 مارس 2011 أودَى بحياة 15 ألف مواطن ياباني فقير نسبيا وبث في البحر والبر والجو إشعاعات نووية سوف يستمرّ ضررها لقرون قادمة وفي اليابان نفسها وتحديدا في مدينة "ميناماتا" أين تسببت النفايات الصناعية لشركة "شيسو" في تسميم الماء بمعدن الزئبق، تسميمٌ دام من سنة 1932 إلى حدود سنة 1968 وانفجار المصنع الكيميائي الأمريكي في مدينة "بوبال" في الهند في 3 ديسمبر 1984الذي حصد قرابة 25 ألف روح هندية بريئة.

-         قدّمت لنا تطهيرا عرقيا للمواطنين البوسنيين المسلمين في يوغسلافيا السابقة بواسطة أيادي فِرقة من الجيش الصربي المسيحي.

-         قدّمت لنا تطهيرا وتصحيرا للثقافات المحلية (الإفريقية والعربية والآسيوية) لصالح عولمة وهيمنة الثقافة المسيحية الأوروبية (L`Eurocentrisme).

-         قدّمت لنا "موضوعية" تضغط علينا لنفصل ميكانيكيا قدراتنا ومَلَكَاتِنا المعرفية عن حياتنا العاطفية ومخزوننا القِيَمِي الذاتي.


-         قدّمت لنا مقياسَ حقوق الإنسان، مقياسٌ منحازٌ،  مقياسٌ يكيل بمكيالين، يصنِّفُ -وهو محق في تصنيفه- نظام بشّار الأسد في قائمة الأنظمة الإرهابية ويا للمفارقة السريالية يصنِّفُ إسرائيل كدولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان.

-         قدّمت لنا صندوقَ النقد الدولي، صندوقٌ يأمر فيُطاع، يأمر حكومات دول العالم الثالث بتجويع مواطنيها الفقراء وإذلالهم وفي الوقت نفسه يُجبر هذه الحكومات التابعة المطيعة على الوفاء الكلبِي للدول الدائنة وعدم التخلف ساعة عن سداد فوائد ديونها.


-         لم تكتف التجربة الرأسمالية في وجهها القبيح بتدنيس حياتنا كبشر بل دنست أيضا مستقبل الأجيال القادمة.

-         في مأساة إعادة التشكيل الإيديولوجي هذه لعب الرب المسيحي دورا ثانويا ولعبت الإلهيات العَلمانية مثل ڤاليلي وديكارت وباكون دورا أساسيا يتمثل في تصور مستقبل مخلوق من عدم بفضل الإبداع البشري فقط ورؤيا بالغت في الوثوق والإعجاب بنفسها فوصلت إلى درجة  من العماء جعلها تظن نفسها فوق الشك ومحصّنة ضد سُم الشك.

-         خفتَ نورُ قرن الأنوار (القرن 18 الفرنسي) الذي انبثقت منه الثورة الفرنسية وتحول إلى عقدة تفوّق لدى الحضارة الأوروبية المسيحية وصلت إلى درجة إنكار دور الحضارات الأخرى في بناء الإنسان المعاصر. وبالنسبة للعديد من الناس، مثّل قرن الأنوار تجربة تحريرية لكن لو بحثنا في فهارس كتب كبار مفكري وفلاسفة الأنوار فلن نجد فيها مفاهيم نبيلة مثل "اللاعنف" و"التضامن" و"العدالة الاجتماعية" بل على العكس سنجد فيها إشادة بالعنف كمحرك للتاريخ وكوسيلة ضرورية لإقامة مشروع مجتمعي مرغوب فيه. لقد شوهت الرأسمالية المشروع التحرري لقرن الأنوار مما جعل أناس كثيرين يختزلون القيم الغربية في شكل من أشكال شرعنة عنف وطمع الدول الغربية الإمبريالية مثل أمريكا والاتحاد الأوروبي وروسيا وبعض الدول الرأسمالية الإسلامية  مثل تركيا وإيران والسعودية.

خلاصة القول: أصبح جل مواطني العالم، وأنا أوّلهم، يشكّون في وظيفة وأخلاقية فكرة "التقدم" في ثوبها الغربي غير الشفاف.


طرح إشكالية أخلاقية: هل نستطيع أن نقول دون خجل: "رأسمالي تقدمي"؟

إمضائي المحيّن:
قال أنشتاين: "لا تُحَلّ المشاكل باستعمال نفس أنماط التفكير التي أنتجتها".
قال جبران خليل جبران: "وعظتني نفسي فعلمتني أن لا أطرب لمديح ولا أجزع لمذمّة".
قال مواطن العالَم د. محمد كشكار: "يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد"، "لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى"، "على كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي"، "عندما تنقد إيديولوجية في حضور صديقك تُطلعه على جزء من فكرك. فإن كانت غير إيديولوجيته شجعك وشكرك. وإن كانت إيديولوجيته تجاهلك واحتقرك"، "ألا ليتني كنت ذاتا لا تنشر، ولا تكتب، فألَمُ التغريد خارج السرب أمرّ من ألَمِ الصمت"، "نفسي مثقلة بالأحلام فهل بين القُرّاء مَن يشاركني حلما ويخفّف عني حملي؟"، "لا يوجد دينٌ محصَّنٌ من الضلال الفردي ولا دينٌ ينفرد بالتقوى".

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، السبت 17 أكتوبر 2015.




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire