samedi 24 octobre 2015

نزعتان إنسانيتان متناقضتان؟ جزء 2. ترجمة دون تعليق، مواطن العالَم د. محمد كشكار

نزعتان إنسانيتان متناقضتان؟ جزء 2. ترجمة دون تعليق، مواطن العالَم د. محمد كشكار


نص المقال:
ظهرت النزعة الإنسانية (L`humanisme) في الحضارة الغربية في وجهين متناقضين. كتبنا عن الوجه الأول القبيح في الجزء الأول، وجه يتمثل في تأليه شبه كامل للإنسان. أما الوجه الثاني الجميل فقد لخصه مونتانيو (Montaigne) في جملتين: "في كل إنسان أتعرّف على ابن بلد"، "نطلق دائما صفة همج على الشعوب التي تنتمي إلى حضارات أخرى".  لقد مارس مونتانيو نزعته الإنسانية بالفعل حين اعترف بالانتماء التام غير المنقوص للإنسانية لِـسكان أمريكا الأصليين وانتقد مستعمريهم البيض الأوروبيين المتوحشين. وأغناه وأضاف له مونتسكيو (Montesquieu) عنصرا أخلاقيا يتجسد في المبدأ القائل: "لو خيّروني بين وطني والإنسانية، لاخترتُ دون تردد الإنسانية". وأخيرا أصبح هذا الوجه الجميل من الإنسانية مبدأ نضاليا عند فلاسفة الأنوار، فلاسفة القرن XVIII، وعبّر عن نفسه في البيان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن لسنة 1989. تعترف هذه النزعة النبيلة بمبدأ كمال الإنسانية لكل كائن ينتمي إلى فصيلة الإنسان و تعترف أيضا أن داخل كل فرد توجَد هوية مشتركة رغم الاختلافات بين البشر في العرق والدين والحضارة. تتضمن هذه النزعة المبدأ المطروح من قِبل الفيلسوف الألماني إمانويال كانط (Emmanuel Kant): "نطبق على الآخر ما نشتهيه لأنفسنا" (يقابله حسب اجتهادي حديث للرسول محمد (صلعم) يقول فيه: "لن يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه")، وتتضمن أيضا المبدأ المطروح من قِبل الفيلسوف الألماني فريدريك هيڤل (Friedrich Hegel): "كل كائن بشري يحتاج إلى إقرار من الآخر بكامل إنسانيته"، ويطلب الاحترام لما نسميه "كرامة" كل بشر، يعني لا نعامله معاملة غير لائقة بكرامته كإنسان.

هذه النزعة الإنسانية الجميلة سوف تُطعّم بالنسغ المغذِي للأخوّة والحب، فضيلة إنجيلية مُعَلمنة (Une sève de fraternité et d`amour, vertu évangélique laicisée)، ورغم أن جوهر هذه النزعة يشمل الناس جميعا فأنها احتُكِرت من قِبل الإنسان الأبيض البالغ الغربي (Eurocentrisme)  وطُرِد من جنتها وحُرِم من ثمارها كل الشعوب المعتبَرَة بدائية ومتخلفة وطفولية والتي يراها المستعمِر الغربي شعوبا  لم ترتق بعدُ إلى مستوى كرامة الإنسان-العاقل (L`Homo sapiens) ولذلك عامَل مواطنيها الأصليين كأشياء واستعبدهم إلى حدود تحررهم من استبداده واستعماره.


يُتبع في الجزء 3..

المصدر:
Le Monde diplomatique (Supplément), n°739-62è année, octobre 2015, pages II et III. Article : «Les deux humanismes»  par Edgar Morin, Sociologue et philosophe français

إمضائي المحيّن:
قال أنشتاين: "لا تُحَلّ المشاكل باستعمال نفس أنماط التفكير التي أنتجتها".
قال جبران خليل جبران: "وعظتني نفسي فعلمتني أن لا أطرب لمديح ولا أجزع لمذمّة".
قال مواطن العالَم د. محمد كشكار: "يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد"، "لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى"، "على كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي"، "عندما تنقد إيديولوجية في حضور صديقك تُطلعه على جزء من فكرك. فإن كانت غير إيديولوجيته شجعك وشكرك. وإن كانت إيديولوجيته تجاهلك واحتقرك"، "ألا ليتني كنت ذاتا لا تنشر، ولا تكتب، فألَمُ التغريد خارج السرب أمرّ من ألَمِ الصمت"، "نفسي مثقلة بالأحلام فهل بين القُرّاء مَن يشاركني حلما ويخفّف عني حملي؟"، "لا يوجد دينٌ محصَّنٌ من الضلال الفردي ولا دينٌ ينفرد بالتقوى".


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، السبت 24 أكتوبر 2015.




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire