lundi 30 septembre 2013

سلسلة نقد النظام الداخلي للاتحاد العام التونسي للشغل. جزء 5: لماذا لا يُعدّل و يُطوّر الفصل العاشر و يُعمّم على النقابة العامة و الجهوية و الأساسية؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

سلسلة نقد النظام الداخلي للاتحاد العام التونسي للشغل. جزء 5: لماذا لا يُعدّل و يُطوّر الفصل العاشر  و يُعمّم على النقابة العامة و الجهوية و الأساسية؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 6 نوفمبر 2010.

الوضع الحالي
الفصل العاشر
يتركب المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل من ثلاثة عشر عضوا.
يتم انتخابهم من قبل المؤتمر العام بالاقتراع السري لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. و ينتخب المكتب التنفيذي بإشراف رئيس المؤتمر من بين أعضائه أمينا عاما و أمناء عامين مساعدين حسب المهام و المشمولات المضبوطة بهذا الفصل.
يتم توفير الخلوة وجوبا
للقيام بعملية الاقتراع من قبل المؤتمرين.

السؤال
لماذا خُصّصَ الفصل العاشر لانتخابات المكتب التنفيذي الوطني دون غيره من الهياكل النقابية الأخرى؟
لماذا يُنتخب الأمين العام مرة واحدة و لماذا يبقى أمينا عامّا لمدة خمس سنوات دون تداول على السلطة خلال فترة تفويض انتخابي واحدة مع باقي أعضاء المكتب التنفيذي المنتخبين؟

البديل المقترح و القابل للتعديل و الإثراء: تنقيح و تطوير و تعميم و تفعيل الفصل العاشر:
أطالب بتعميم و تفعيل الفصل العاشر حتى يشمل الاتحادات الجهوية و المحلية و النقابات العامة و الجهوية و الأساسية و الجامعات و اللجان.

أطالب بالتداول على الكتابة العامة سنويا بالانتخاب السرّي. كل عام كاتب عام جديد من بين أعضاء الهيكل النقابي المنتخب، مثلا: في نقابتنا العامة للتعليم الثانوي، لا يبقى سامي الطاهري - الكاتب العام الحالي الذي أكنّ له كل الاحترام و التقدير - كاتبا عاما لمدة أربع سنوات متتالية بل تنتخب النقابة العامة من بين أعضائها كاتبا عاما لمدة سنة غير قابلة للتجديد.

أطالب بتطبيق الفصل العاشر المنقّح على كل مسؤول سياسي في الدولة التونسية، في النقابة و  الإدارة و الحكومة و البلديات و الحزب الحاكم و الجمعيات الثقافية و الرياضية و الإمامة في الجوامع و أحزاب المعارضة العلنية منها و السرية و المنظمات الحكومية و غير الحكومية، مثلا: ينتخب أساتذة كل مؤسسة تربوية بالاقتراع السري  من بين زملائهم مديرا لمدة سنة غير قابلة للتجديد، ينتخب المكتب التنفيذي الوطني أو الجهوي أو المحلي بالاقتراع السري من بين أعضائه كاتبا عاما لمدة سنة غير قابلة للتجديد، ينتخب المجلس البلدي بالاقتراع السري من بين أعضائه رئيسا للبلدية لمدة سنة غير قابلة للتجديد، ينتخب البرلمان بالاقتراع السري من بين أعضائه رئيسا للبرلمان لمدة سنة غير قابلة للتجديد، تنتخب الأحزاب الفائزة في الانتخابات البرلمانية من بين أعضائها رئيسا  للجمهورية  لمدة سنة غير قابلة للتجديد كما يقع في سويسرا و بهذه الطريقة الديمقراطية نكون قد طبّقنا فعليا مبدأ التداول على السلطة على كل مسؤول سياسي سواء كان في حزب أو نقابة أو إدارة أو جامع أو جمعية أو منظمة أو نادي رياضي. يمثل مبدأ التداول على السلطة إجراءََ وقائيا ناجعا ضدّ البيروقراطية و المحسوبية و الرشوة و التمديد و التوريث.


أمضي مقالي كالعادة بجملتين مفيدتين: "أنا أكتب - لا لإقناعكم بالبراهين أو الوقائع - بل بكل تواضع لأعرض عليكم وجهة نظر أخرى"....."على كل مقال سيّئ نردّ بمقال جيّد لا بالعنف المادي أو اللفظي للقيام بعملية الاقتراع من قبل المؤتمرينللقيام بعملية الاقتراع من قبل المؤتمرين للقيام بعملية الاقتراع من قبل المؤتمرين أو الرمزي.

dimanche 29 septembre 2013

خاطرة "كشكارية" دون سند علمي أو فقهي. مواطن العالَم د. محمد كشكار

خاطرة "كشكارية" دون سند علمي أو فقهي. مواطن العالَم د. محمد كشكار

يشترك الإسلاميون و الماركسيون و القوميون في التأكيد على أفضلية و أسبقية العدالة الاجتماعية على الديمقراطية و الحرية الفردية، و يبدو لي أنهم لو عكسوا لأصابوا. مع العلم أن الله سبحانه و تعالى ختم الرسالات السماوية بالرسالة المحمدية، و حرّر الإنسان من سيطرة و وصاية أخيه الإنسان، و لم يستثن حتى الرسول محمد صلى الله عليه و سلم ("إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يشاء"، "فذكّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ"). و مع الإشارة أن ماركس بشّر بانقراض تسلّط الدولة و ديكتاتورية طبقة على طبقة تزامنا مع نهاية الصراع الطبقي وبداية صنع الإنسان لتاريخه بنفسه.  

أهملت الأنظمة الإسلامية (طالبان أفغانستان و ولاية الفقيه في إيران و الإخوان في السودان و غيرهم) و الماركسية (الاتحاد السوفياتي سابقا و الصين و كوبا و غيرهم) و القومية (أنظمة هتلر و موسولوني و فرانكو و عبد الناصر و صدام و الأسد و غيرهم) الديمقراطية و الحرية الفردية في سبيل ضمان العدالة الاجتماعية ففشلوا في  تحقيق الهدفين.

في الخمسينات، تزامنت بداية نهضة الهند مع نهضة مصر. اختارت الأولى الديمقراطية نظاما و الحرية الفردية عقيدة، أما الثانية فقد فضلت تحقيق العدالة الاجتماعية و أرجأت الحرية الفردية و الديمقراطية. أرست الهند الديمقراطية و الحرية الفردية و حققت نسبيا نهضة علمية و تكنولوجية، أما مصر فقد أسست ديكتاتورية عسكرية و بقيت متخلفة علميا و تكنولوجيا لكنها حققت العدالة في الفقر و الجهل.

انهارت كل الأنظمة الإسلامية و الماركسية و القومية التي لم تعتمد الديمقراطية نظاما و حرية الضمير عقيدة و في المقابل صمدت و نهضت و تطورت كل الأنظمة الديمقراطية رغم اختلاف دينها و قوميتها (أوروبا المسيحية و آسيا الإسلامية و إسرائيل اليهودية).

مُنيت كل الأنظمة غير الديمقراطية بهزائم نكراء (هزيمة النازية و الفاشية في نهاية الحرب العالمية الثانية، و هزيمة عبد الناصر في 1967، و انهيار الاتحاد السوفياتي، و هروب طالبان خوفا من الأمريكان، و تقسيم فلسطين بين حماس و فتح، و تجزئة السودان بين المسيحيين و الإخوان، و إدخال العراق و الصومال و سوريا في حروب أهلية طاحنة). في المقابل انتصرت الدول الديمقراطية على الدول غير الديمقراطية مع أنها في أكثر الأحيان ليست على حق، كدولة أمريكا التي أصبحت الشرطي الظالم لكل العالَم، و كدولة إسرائيل العنصرية التي استوطنت أرض فلسطين و هجّرت قسرا العرب الفلسطينيين من السكان الأصليين.


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 29 سبتمبر 2013.

سلسلة نقد النظام الداخلي للاتحاد العام التونسي للشغل. جزء 4: لماذا يحتكر أعضاء المكتب التنفيذي الوطني و الكتّاب العامين للاتحادات الجهوية فقط الحق في إمضاء برقية الإضراب؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

سلسلة نقد النظام الداخلي للاتحاد العام التونسي للشغل. جزء  4:  لماذا يحتكر أعضاء المكتب التنفيذي الوطني و الكتّاب العامين للاتحادات الجهوية فقط الحق في إمضاء برقية الإضراب؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 6 نوفمبر 2010.

الوضع الحالي: يتمتع أعضاء المكتب التنفيذي الوطني و الكتّاب العامين للاتحادات الجهوية، وحدهم فقط، بحق الإمضاء في برقية الإضراب.  برقية ترسلها الهيئة الإدارية القطاعية في نهاية أشغالها لكي تعلم الوزارة المعنية بمطالب القطاع، عشرة أيام قبل تنفيذ الإضراب، حتى يصبح الإضراب الشرعي قانونيا.

نأخذ مثالا حيّا: يفوق عدد المنخرطين في نقابة الثانوي أربعون ألفا. لا يتعدّى عدد المنخرطين التابعين للاتحاد الجهوي بقبلي الخمسة آلاف. يحقّ للكاتب العام للاتحاد الجهوي بقبلي الإمضاء في برقية الإضراب و لا يتمتع الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الثانوي بنفس الحق رغم الفارق في عدد المنخرطين.

الخوَر الذي لا بعده خوَر: تجتمع الهيئة الإدارية للتعليم الثانوي و تقرّر إضرابا. يبقى قرار الإضراب معلّقا و غير شرعي ما لم يُمضه المشرف على هيئتها الإدارية و هو بالضرورة عضو من المكتب التنفيذي الوطني.

هل يُعقل أن يُصادَر قرار القاعدة الأستاذية البالغة التعداد ثلاثة و ستون ألفا و تبقى إرادتهم مكبّلة و معطلة تنتظر موافقة و إمضاء عضو من المكتب التنفيذي الوطني؟

لو لم يُمض المشرف "الباشا العضو الموقّر المبجّل"، يصبح الإضراب غير شرعي و الغريب أن صوت عضو بيروقراطي واحد يُلْغَى بجرّة قلم ثلاثة و أربعون ألف صوت أستاذ منخرط في الاتحاد العام التونسي للشغل. و الله هذا ظلم و قهر و استخفاف بالمقام العالي للقاعدة النقابية المحترمة و هياكلها المنتخبة حتى لو كان هذا العضو المشرف "حشاد" بشحمه و لحمه و نضاليته و تاريخه و تضحياته و استشهاده و "حبه للشعب" كما قال.

السؤال: على أي أساس موضوعي أسنَدَ لهم  النظام الداخلي للاتحاد هذا الحق دون غيرهم من المسؤولين النقابيين مثل الكتّاب العامين للنقابات العامة و الكتّاب العامين للنقابات الجهوية و الكتّاب العامين للنقابات الأساسية؟

في انتظار تعديلاتكم و تنقيحاتكم و تصحيحاتكم، أقترح عليكم البديل التالي:
أطالب بتعميم حق الإمضاء في برقية الإضراب لكل المسؤولين النقابيين الآتية صفاتهم: أولا الكاتب العام للنقابة الأساسية و ثانيا الكاتب العام للنقابة الجهوية و ثالثا الكاتب العام للنقابة العامة.

الإضرابات التي أتحدث عنها، إضرابات مفصولة و مستقلة في القرار و المكان و الزمان. مثلا: في إضراب محلي لأسباب محلية، يكفي إمضاء الكاتب العام للنقابة الأساسية فقط و في إضراب جهوي لأسباب جهوية يكفي إمضاء الكاتب العام للنقابة الجهوية فقط أما في إضراب وطني لأسباب وطنية فيكفي إمضاء الكاتب العام للنقابة العامة فقط.

ما أطرحه ليس بدعة و إنما تقنين لوضع قائم: منذ عقود تخوض النقابات الأساسية إضرابات فجائية و غير فجائية دفاعا عن مصالح قاعدتها الخصوصية المتعلقة بكرامة العامل و ظروف عمله في مؤسسته. يعاقِبُ "العَرْفْ" المُؤجّر النقابيين بالخصم و الطرد التعسفي فنكتشف فجأة أن ضمان الاتحاد و غطاءه الشرعي و القانوني، قد ترفعه أقل نسمة سلطوية. نحن القواعد النقابية، لا نتسوّل الشرعية من أحد بل نخلقها و نفرضها. تمثل النقابات الأساسية مفاصل العمود الفقري للاتحاد. لو تكلّست هذه المفاصل من قلّة الحركة لأُصيب جسم الاتحاد بالشلل و أصبح طريح الفراش. لو تحرّكت كل نقابة أساسية بشرعية تامة و استقلالية تامة عن البيروقراطية لتحسّن أداؤُها و دبّت العافية في جسم الاتحاد و شُفي من مرضه العُضال المتمثل في المركزية البيروقراطية المُفرطة (على شاكلة الأحزاب الشيوعية اللينينية).

أمضي مقالاتي كالعادة بجملتين مفيدتين: "أنا أكتب - لا لإقناعكم بالبراهين أو الوقائع - بل بكل تواضع لأعرض عليكم وجهة نظر أخرى"....."على كل مقال سيّئ نردّ بمقال جيّد لا بالعنف اللفظي أو المادي أو الرمزي.


samedi 28 septembre 2013

سلسلة نقد النظام الداخلي للاتحاد العام التونسي للشغل. جزء 3: لماذا أطالب بإلغاء التفرّغ النقابي في كل هياكل الاتحاد؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

سلسلة نقد النظام الداخلي للاتحاد العام التونسي للشغل. جزء 3:  لماذا أطالب بإلغاء التفرّغ النقابي في كل هياكل الاتحاد؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 6 نوفمبر 2010.

إلغاء التفرّغ النقابي في كل هياكل الاتحاد، في منتصف الثمانينيات، كان يراه البعض هجمة من السلطة على الاتحاد و أراه أنا " رُبّ ضارّة نافعة".

الوضع الحالي: يتمتع عديد النقابيين على المستوى الوطني و الجهوي و المحلي بتفرغ نقابي كامل.
أعطي مثالا للتوضيح: أستاذ محترف في النشاط النقابي و في أغلب الحالات منتمي إلى بعض الأحزاب المعارضة غير المعترف بها من قبل السلطة، يباشر عمله في المعهد، فاز في انتخابات النقابة العامة للتعليم الثانوي، يقدم مطلبا للاتحاد طالبا التفرّغ، عند موافقة الاتحاد و وزارة التربية، يتخلى الأستاذ تماما عن التدريس و الذهاب إلى المعهد و يباشر الأستاذ السابق عمله الجديد في دار الاتحاد. يبقى يتقاضى مرتبا شهريا كالعادة من وزارة التربية كامل مدة تفرّغه النقابي.

السؤال: لماذا تواصل وزارة التربية دفع أجر محترف نقابي "يناضل" ضد مصالحها؟
هل جُنّت وزارة التربية حتى تدفع أجر شخص محترف، متفرّغ للعمل ضدّ مصالحها ليلا نهارا، صباحا مساء و يوم الأحد، متنقلا من بنزرت إلى بنقردان؟

ربّ معترض يقول: الأموال العامة هي أموال الشعب و الوزارة تدفع أجر النقابي المدافع عن حقوق دافعي الضرائب و هي صاغرة و لا مزية تنسب لها. لا تنسوا أننا في تونس و لسنا في سويسرا.
كلام جميل في حق الوزارة لكن غير صحيح و لا يصدّقه أي نقابي و خاصة المنتمي لحزب معارض.

أقترح البديل التالي، الذي ينتظر تعديلاتكم و تنقيحاتكم و تصحيحاتكم
أطالب بإلغاء التفرّغ النقابي تماما، سوى كان على حساب الوزارة أو على حساب الاتحاد نفسه و على النقابيين المتطوّعين مواصلة عملهم في مهنهم حتى لا يبتعدوا عن مشاغل ناخبيهم و ينسوا قاعدتهم.
يتفرّغون، لماذا؟ يتفرغون لـ"التكنبين" و التحالفات المشبوهة و ربط علاقات بيروقراطية مع الهياكل النقابية العليا و المسؤولين المتنفذين في الوزارة لتأبيد سلطتهم  النقابية البيروقراطية و قضاء مصالحهم و مصالح أقاربهم و أصدقائهم و اكتساب مهارات خطابية تضخّم من مكتسبات المفاوضات حتى تمرّرها.

التفرغ هو بمثابة حاضنة صناعية، كحاضنة بيض الدجاج، تتوفّر داخلها الشروط المثالية لتفريخ بيروقراطية جديدة ترث القديمة و تواصل مشوارها الانبطاحي. من هذه الشروط: الدفء في المكتب المكيّف و جنون العظمة و الكلمة الأخيرة و الفاصلة في كل الاجتماعات النقابية و حل المشاكل المستعصية على العامة بالتلفون و حضور المناسبات دون مناسبات في النزل الراقية.
التفرّغ يعلّم الاحتراف و الاحتراف يولّد بيروقراطية و البيروقراطية لا تورّث إلا بيروقراطية أسوأ منها.


أمضي مقالي كالعادة بجملتين مفيدتين: "أنا أكتب - لا لإقناعكم بالبراهين أو الوقائع - بل بكل تواضع لأعرض عليكم وجهة نظر أخرى"....."على كل مقال سيّئ نردّ بمقال جيّد لا بالعنف اللفظي.

vendredi 27 septembre 2013

سلسلة نقد النظام الداخلي للاتحاد العام التونسي للشغل. جزء 2: لماذا لا يدفع كل المنخرطين في الاتحاد العام التونسي للشغل مساهمتهم المالية مباشرة إلى النقابة الأساسية في القطاع العام و الخاص؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

سلسلة نقد النظام الداخلي للاتحاد العام التونسي للشغل. جزء 2: لماذا لا يدفع كل المنخرطين في الاتحاد العام التونسي للشغل  مساهمتهم المالية مباشرة إلى النقابة الأساسية في القطاع العام و الخاص؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 5 أفريل 2011.

تعميم الاقتطاع المباشر، يراه البعض هجمة من السلطة على الاتحاد في منتصف الثمانينيات و أراه أنا "رُبّ ضارّة نافعة".

النظام الحالي: ينتسب جل منخرطي الاتحاد إلى الوظيفة العمومية. في القطاع العام، تقوم الوزارة المعنية بخصم مساهمة الانخراط مباشرة من المرتّب بعد تقديم المنخرط مطلبا في الغرض عن طريق النقابة الأساسية. لو أراد المنخرط أن ينسلخ، عليه أن يقدم مطلبا للإدارة الجهوية و هي بدورها تحيله إلى النقابه العامة المعنية للنظر فيه بالموافقة أو بالرفض.

يبدو لي أنه من الأفضل أن يدفع المنخرطون في النقابة مساهمتهم المالية مباشرة إلى النقابة الأساسية في القطاع العام و الخاص بعد تعمير التزام الانخراط.  و لو أراد المنخرط أن ينسلخ، ينقطع بحرية عن الدفع بداية من العام الموالي  بعد تعمير استمارة للإعلام في الغرض دون انتظار الموافقة من أي جهة، إدارية أو نقابية.

تجمع النقابة الأساسية اقتطاعات منخرطيها، تحتفظ بنسبة من المال متفق عليها بالتشاور مع قاعدتها  وقمتها و تسلّم الباقي إلى النقابة الجهوية، و هذه الأخيرة تفعل بالمثل و تسلّم الباقي إلى المكتب التنفيذي القطاعي الذي سيحل محل النقابة العامة في النظام الداخلي البديل، فتعم الفائدة على الجميع و تُطبّق الديمقراطية انطلاقا من القاعدة وصولا إلى القمة و ليس العكس كما يحدث الآن في الاتحاد العام التونسي للشغل ذو النظام الديمقراطي القاعدي شكليا و البيروقراطي المركزي فعليا.

تستطيع النقابة الأساسية أن تتصرف بحكمة في مالها: تخصص نسبة قليلة لطباعة اللوائح و البيانات النقابية و نسبة ثانية أكبر تخصصها لدفع تنقلات أعضائها الكثيرة محليا و جهويا و وطنيا و نسبة ثالثة لتعويض المضربين و لو جزئيا و نسبة رابعة لمساندة المظلومين و المطرودين و غيرهم من النقابيين المهمّشين.

يقاس الولاء النقابي بالاقتطاع المباشر فتتجدد الروح النضالية للقاعدة العمالية بالفكر و الساعد و يبرهن النظام الداخلي البديل على ضمان الديمقراطية و الحرية لكل منخرط أو منسلخ على السواء. لو زاد إشعاع النقابة الأساسية، فسوف يرتفع عدد منخرطيها. لو بهت أداؤها، ينفضّ من حولها المناضلون الصادقون. لو انطفأ نورها و خان ربانها، تُعزل على الفور بقرار قاعدي أغلبي غير قابل للتعقيب بعد مؤتمر محلي تقرره قاعدة النقابة الأساسية دون الرجوع إلى الهياكل الجهوية أو الوطنية. لو ارتأت القاعدة حاجة إلى نقابة أساسية أخرى ، تعيد إنتاجها من جديد و لو لم ترتئي ذلك، ترجع إلى العهد المجيد، عهد ما قبل النقابات، عهد يصبح فيه كال عامل عادي نقابيا قاعديا عند الشدائد، فتتبعثر جهود الأعراف و يحير دليلهم فلا يجدون ذمما نقابية للبيع و لا هياكل نقابية محترفة لديها قابلية مسبقة للرشوة و الخيانة. في عهد انقراض النقابات المرجو و المنتظر، سوف يركّز العمال على الزيادة في الشهرية و تحسين ظروف العمل دون المرور بواسطة هيكل هش يُسمى النقابة، أساسية كانت أو جهوية أو عامة.

في النظام الداخلي البديل، يصبح للنقابة الأساسية نصيب الأسد من الميزانية، فيرتفع شأنها و تهابها السلط المحلية. و يصبح الاتحاد المحلي أكثر سلطة و إشعاعا و نشاطا من الاتحاد الجهوي، فتقام في فنائه  الاجتماعات القاعدية و الندوات الفكرية و الأمسيات الفنية للترويح عن العمال الذين لا يستطيعون التنقل إلى الاتحادات الجهوية أو ساحة محمد علي البعيدة نسبيا على جل النقابيين غير القاطنين بتونس العاصمة.


أمضي مقالي كالعادة بجملتين مفيدتين: "أنا أكتب - لا لإقناعكم بالبراهين أو الوقائع - بل بكل تواضع لأعرض عليكم وجهة نظر أخرى"....."على كل مقال سيّئ نردّ بمقال جيّد لا بالعنف اللفظي أو المادي أو الرمزي.

jeudi 26 septembre 2013

سلسلة نقد النظام الداخلي للاتحاد العام التونسي للشغل. جزء 1: تغيير اسم الاتحاد. مواطن العالم د. محمد كشكار

سلسلة نقد النظام الداخلي للاتحاد العام التونسي للشغل. جزء 1:  تغيير اسم الاتحاد. مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط 16 أكتوبر 2010.

حمام الشط 16 أكتوبر 2010، أفتتح على بركة الله سلسلة نقد النظام الداخلي للاتحاد العام التونسي للشغل. أعدكم أن لا أثقل عليكم بأكثر من صفحة في كل نقد، تايمز نيو رومان، بوليس 14، تباعد الأسطر 1.

أبدأ بتقديم قضية لدى القاعدة النقابية تتمثل في تغيير اسم المنظمة من "الاتحاد العام التونسي للشغل" إلى "اتحاد نقابات عمال تونس". و حتى نكون أمميّين في تطلعاتنا و لا نتهم بالعصبية الدينية أو الوطنية الضيقة أو العنصرية ضد العمال الأجانب و لا نحرم من الانتماء إلي  "اتحاد نقابات عمال تونس" العمال غير التونسيين مثل العمال الفرنسيين و الألمان و الصينيين و الخليجيين و المصريين الوافدين إلى تونس المستقبل، تونس سنة 3000، بحثا عن العمل و الحرية و الكرامة و حقوق الإنسان.

يشمل هذا التغيير الشكلي في ظاهره و العميق في مضمونه الاسم كرمز و عنوان.

يتشكل الاتحاد الحالي من عدة نقابات مهنية تنضوي كلها تحت لواء المكتب التنفيذي الوطني.

أريده اتحادا لنقابات حرة و مستقلة فعليا. تجمع  كل نقابة ميزانيتها من الاقتطاع المباشر لمنخرطيها و تنتخب بالاقتراع العام مكتبا تنفيذيا قطاعيا أو نقابة عامة فينحصر أوتوماتيكيا دور المكتب التنفيذي الوطني في التنسيق بين هذه النقابات و يصبح دور كاتبه العام عبد السلام أو غيره منسقا بين النقابات العامة المستقلة.

أريد نقابة تعليم موحدة (أساسي و ثانوي و عالي) حرة مستقلة تقرر ما تشاء و تنفذ ما تشاء و تضرب متى تشاء دون الاستشارة أو الرجوع لأحد سوى قاعدتها، و مثلها نقابة صحة، و نقابة بريد، و نقابة عمال المقاهي، و نقابة عمال شركات المناولة، و نقابة معينات المنازل، و نقابة عمالية لصانعات الزرابي القيروانية، و صانعي الفخار القبلي، و صيادي السمك البني، و العاملين و العاملات في الصيدليات، و في عيادات الأطباء، و في مكاتب المحامين، و المترجمين، و نقابة للمعذبين و المعذبات في الأرض إذا أمكن.

يتفاوض المكتب التنفيذي لكل نقابة (يعوض النقابة العامة و الجامعة كمؤسستين حاليتين) مباشرة مع الوزارات أو الأعراف في كل شؤون المنخرطين من الزيادة في الشهرية إلى ظروف العمل، إلى القانون الأساسي، إلى سن التقاعد، إلى التأمين على المرض، إلى الارتقاء المهني، إلى الانتداب، إلى التكوين الجامعي، ألخ.

أطالب كل نقابة بمساندة أخواتها في الداخل و الخارج ماديا و معنويا عند الإضرابات و الاعتصامات و التجمعات و لا تقتصر اللوائح السياسية على لائحة الصراع العربي الصهيوني  بل تتجاوزه لتشمل الصراع الأممي.

تنظم كل نقابة مؤتمرها السنوي بإشراف كاتبها العام فقط و تستضيف من تشاء من الداخل أو الخارج.

تجتمع النقابات المختلفة مرة أو مرتين في السنة للتنسيق فيما بينها أو لضبط خطة نضالية مشتركة ضد التمديد في سن التقاعد مثلا، أو لضبط ترتيبات الإضراب العام، أو لمساندة نقابة عمال المناجم في الشيلي مثلا.

ملاحظة: أنا لا أملك بديلا جاهزا للنظام الداخلي الحالي بل أعوّل على  مشاركات القراء لذلك أنا أنتظر الكثير من النقابيين العارفين أن يصحّحوا و يعدّلوا و يثروا ما أكتب حتى يكتمل البديل النقابي الديمقراطي القاعدي و أعدكم إن جنيت مادة غزيرة و جدية أن أعيد صياغة ما كتبت على ضوء ردودكم و تعاليقكم.


أمضي مقالي كالعادة بجملتين مفيدتين: "أنا أكتب - لا لإقناعكم بالبراهين أو الوقائع - بل بكل تواضع لأعرض عليكم وجهة نظر أخرى"....."على كل مقال سيّئ نردّ بمقال جيّد لا بالعنف اللفظي".

mercredi 25 septembre 2013

و ذكّر، لعل الذكرى تنفع الشيوعيين الماركسيين اللينينيين الستالينيين الماويين! مواطن العالَم د. محمد كشكار

و ذكّر، لعل الذكرى تنفع الشيوعيين الماركسيين اللينينيين الستالينيين  الماويين! مواطن العالَم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 14 نوفمبر 2012

الخبر
بمناسبة انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني ببكين عاصمة الصين الشعبية الشيوعية، و ذلك بحضور 2200 نائب على مليار نسمة غير شيوعية، و بواسطة فَرمان ماوي، قررت قيادة الحزب الشيوعي منع تحليق الحمام الزاجل فوق مكان الاجتماع خوفا من نقل هذا الأخير لرسائل معادية للماوية، عقيدة قيادة الحزب.

التعليق
يبدو أن المؤتمرين ينتوون تجريم الحمام الزاجل في الدستور الصيني الشيوعي. لقد جرّموا الحمام الزاجل و اتهموه بشتى النعوت: حمام فلول، حمام أزلام، حمام تجمعي، حمام يتآمر على أمن الدولة الشيوعية الماركسية اللينينية الستالينية الماوية، حمام طابور خامس، حمام مضاد للثورة البروليتارية، حمام معارض و مناهض لديكتاتورية البروليتاريا، حمام لا يعترف بماو إلهً للصينيين غير الشيوعيين، حمام رأسمالي، حمام ليبرالي، حمام إمبريالي، حمام ديمقراطي، حمام بورجوازي، حمام مثقف، حمام الحرية، حمام رجعي، حمام أصولي، حمام إخواني، حمام سلفي، حمام متدين، حمام بوذي، حمام كنفشيوسي، حمام قروسطي، حمام إسلامي، حمام مسيحي، حمام صهيوني، حمام يساري غير ماركسي، حمام كشكاري.

تذكير
و ذكّر، لعل الذكرى تنفع الشيوعيين! تذكير صادر عن يساري كافر بالشيوعية الماركسية و خاصة بنسخها غير المطابقة للأصل مثل اللينينية و الستالينية و الماوية و الكاسترية و الڤيفارية و الخوجية، لكن متمسك - أكثر من الماركسيين أنفسهم - ببعض المبادئ اليسارية السامية التي طورتها بعد ماركس الماركسية الجديدة و المتجددة، غير الماركسية الأرتدوكسية الدغمائية المتكلسة، مبادئ إنسانية نبيلة مثل العدالة الاجتماعية و معاداة الاستعمار (مع الإشارة المهمة أن ماركس بارك استعمار الجزائر من قبل فرنسا و زميله أنجلز ثمّن الاستعمار الأمريكي لتكساس المكسيكية) و مناهضة الرأسمالية المتوحشة و مركزية الإنسان في الكون و أهمية النقد الذاتي العلني و المساواة بين المرأة و الرجل


بصفتي هذه، أذكر رفاقي الصينيين الشيوعيين و أحذرهم من عدو يتربص بهم لكنهم لم يروه رغم قوة نظرهم الشيوعي الثاقب، عدو خفي مستتر خطير، عدو يتجسم و يتجسد في جراثيم الحرية المعادية للشيوعية و التي بدأت تغزو أمخاخهم و أجسامهم و  تحلق فوق رؤوسهم  داخل قصر المؤتمرات و خارجه. و بناءً على هذه المعلومة العلمية القيّمة، فعليهم إذن تجريم جراثيم الحرية في الدستور الشيوعي الصيني و منع جولانها  خلال انعقاد مؤتمرهم القادم بعد عشر سنوات إن شاء ماو، و وفّق ماو أعمالكم و سدّد  خطاكم، و ماو وليُّ التوفيق و من كان ماو ناصره فالحرية حتما ستهزمه.


الإمضاء
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.




mardi 24 septembre 2013

هل اليسار السياسي التونسي، هو صفر فاصل أم هو عنصر فاعل في المعارضة الديمقراطية التونسية؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

هل اليسار السياسي التونسي، هو صفر فاصل أم هو عنصر فاعل في المعارضة الديمقراطية التونسية؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على مدونتي و صفحاتي الفيسبوكية: حمام الشط في 11  فيفري 2013.

رغم أنني أحتفظ و أتمسك بموقفي المبدئي و بيساريتي غير الماركسية المناهضة لبعض أفعال و أقوال النشطاء السياسيين اليساريين، فإنني أرى، و رغم وهمي و نقدي و أنفي أرى أنهم  فاعلون في المجتمع التونسي و أرى أنهم ديمقراطيون و أرى أنهم تونسيون صادقون مخلصون و ذلك رغم حقد الحاقدين و كيد الكائدين و إقصاء الإقصائيين و تكفير التكفيريين. مع الإشارة أنني لم أتنكر يوما و لم أنكر أبدا انتمائي إلى العائلة اليسارية الموسّعة، أنتكس يوما و أيئس أياما، لكنني لم أفقد الأمل تماما ليس في حكم اليسار في تونس بل في تصالحه و تماهيه مع مجتمعه و تخليه عن أوهام  أفضلية الإيديولوجيا الماركسية على مَن خالفها أو مَن عاداها من إيديولوجيات ليبرالية أو إسلامية، و أوافق الفيلسوف اللبناني اليساري علي حرب فيما قاله و ذهب إليه في نقد الإيديولوجيات: " مِن هنا، فإنه ما تحسنه الثورات الإيديولوجية، العاملة تحت يافطة مقدسة، هو أن تأكل أبناءها و تصفي أعداءها. و هكذا فهي في كلا الحالين تجرّ الناس إلى الموت. فمَن كان معها و قدس شعاراتها و ضحّى من أجلها راح ضحيتها، و مَن عارضها أو وقف ضدها عملت على نبذه أو استئصاله و تصفيته (كتاب الثورات الناعمة 2012)"، و أذكّر دوما و لن أملّ و لن  أكلّ، بأحسن ما قيل في هذا الموضوع، و هو قول سارتر: "الإيديولوجيات، هي حرية عند تكوّنها و تشكُّلِها و ظلم و جور و اضطهاد و طغيان عند اكتمالها و تطبيقها بالقوة و العنف".

يوم الجمعة 8 فيفري 2013، و أثناء جنازة شكري بلعيد بالذات، أحسست بفخر و اعتزاز بانتمائي الفكري، لا الحزبي، إلى تيار، اسمه اليسار. قد أكون واقعا تحت صدمة اغتيال شكري بلعيد أو متأثرا و منبهرا بما رأيت في جنازته العظيمة أو قُلْ أكبر جنازة في تاريخ تونس القديم و الحديث، و قد أكون واقعا تحت تأثير العاطفة الصادقة، حتى لو كانت وهمية أو خاطئة، و ما أقوم  به الآن، هو في الأول و الآخر تشخيص لطفرة اجتماعية آنية و ليس حكما وقتيا أو نهائيا لصالحها أو ضدها. و أعترف و لا خجل في ذلك، أنّ أغلب كتاباتي هي كتابات انطباعية مزاجية ذاتية جدا "أحبَّ مَن أحبَّ و كرِخَ مَن كرِخَ" على حد زلة لسان الباجي قائد السبسي "الزلاّل". و لا و لن أنأى بنفسي عن الاشتغال على الذات، فعند كل كاتب، محترفا كان أو مبتدئا مثلي ، جانبٌ هامٌّ و مهم من الاشتغال على الذات و هل لي مقدرة مادية على الاشتغال على غير ذاتي، أنا إلِكترون حر مهجور مغمور فقير و لست مؤسسة علمية.

يبدو لي - و أهل مكة أدرى بشعابها - أن النشطاء السياسيين اليساريين:
-         فاعلون، و بقوة و حزم و ثبات في الأحزاب المدنية الديمقراطية التونسية، فاعلون في الجبهة الشعبية و الجمهوري و المسار و العَوَدِ و الاشتراكي و الأحزاب القومية و نداء تونس.
-         فاعلون في المظاهرات و الإعتصامات و الإضرابات و التجمعات و حتى في الجنازات.
-         فاعلون و حاضرون في الصحافة المكتوبة و المسموعة و المرئية، احتكروا جل القنوات "الوطنية"  و "التونسية" و "تونسنا" و "نسمة" و "حنبعل".
-         فاعلون في المجتمع المدني التونسي، المحلي و المهاجر.
-         فاعلون في الحركة النسوية و الحركة الحقوقية و خاصة في الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر قوة في البلاد دون منازع أو منافس.
-         قليلو الفاعلية على حد علمي المحدود جدا - و هذا ما ألومه عليهم صباحا مساء و قبل الصباح و بعد المساء و يوم الأحد - في الحقل الثقافي، خاصة في مجال تنظيم ندوات فكرية و أدبية و علمية مثل الذي يقيمها - بكل فخر - نادينا الثقافي في الاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس، نادي جدل العريق، و يقيم مثلها نادي الطاهر الحداد بالعاصمة تحت إشراف الشاعرة فاطمة بنفضيلة، و فضاء بوعصيدة برادس تحت إشراف الشاعرة هدى الدغاري، و الاثنتان الأخيرتان زميلتان و صديقتان و عضوتان في نادي جدل و الحمد لله.
-         غائبون تماما و مغيّبون قصدا في الحكومة و الرئاسة و المجلس التأسيسي و الولاة و المعتمدين و المديرين العامين، غيبتهم "النهضة" الله يسامحها.
-         اليسار أقلية في كل المجتمعات العربية و لم يدّع يوما أنه يمثل الأغلبية، لكن الديمقراطيون أغلبية بما فيهم اليسار.
-         كلمة ود إلى الإسلاميين في زمن انقطع فيه الود و الاحترام بينهم و بين اليساريين: تفطنوا أن حجتكم التي تقول بأن اليسار أقلية لا تستحق الاهتمام، حجة مردودة عليكم منطقيا، لأن تعريف الديمقراطية يتجسم في احترام الأقلية و ليس في فرض رأي الأغلبية. و لو لم يُقصونا و عاشرونا  لََعاشرونا، و لو كفّرونا لباءت بهم استنادا إلى حديث رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لأَخِيهِ : يَا كَافِرُ ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا"، و  لو اجتثونا لَما أفلحوا، فهل يقدر و يتجرّأ  التونسي على اجتثاث اليساري، أبوه أو أمه أو  أخته أو أخوه أو قريبه أو صديقه؟

الإمضاء
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.
الكتابة بالنسبة لي، هي مَلْءُ فراغ لا أكثر و لا أقل، و هواية أمارسها و أستمتع بها، متعة ذهنية لا يمكن أن يتخيلها إلا مَن جرّبها.


lundi 23 septembre 2013

لَمَاذا انهزم اليسار التونسي في انتخابات 23 أكتوبر 2011؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

لَمَاذا انهزم اليسار التونسي في انتخابات  23  أكتوبر 2011؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 30 أكتوبر 2011.

أبدأ مقالي هذا بجملة رائعة للفيلسوف المغربي عبد الله العروي، اليساري المتأقلم و الناقد بشدّة لهُويته العربية الإسلامية: "لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه".

أستعير القالب التركيبي لقولة عبد الله العروي، و أقول:  "اليساري التونسي ليس مُجبرا على التماهي مع مجتمعه التونسي العربي الإسلامي. لكن إذا ما قرّر اليساري التونسي أن يمارس السياسة، فعليه إذن أن يتكلم بلسان المجتمع التونسي العربي الإسلامي، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه".

اليسار التونسي عارض و ناضل منذ الستينات ضد بورقيبة، في الثمانينات انضمت قلة منه إلى حكومة بن علي و انضمت قلة أخرى إلى حكومة جراد (المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل)، و انخرط السواد الأعظم-  المنتمي منه وغير المنتمي - في العمل النقابي، و داخل هذا الصنف الأخير يتواجد رفاقي محركو الإضرابات و التجمعات و الاعتصامات و الاجتماعات منذ 1976. بقيت قلة قليلة تمارس النضال السري التام.

شارك اليسار مع القوميين و الإسلاميين و الليبراليين - دون تنسيق مسبق - في التحضير للثورة، كل من موقعه سجنا كان أو نقابة، داخل البلد أو خارجه. بدأ القوميون في محاربة النظام البورقيبي قبل و بعد الاستقلال ثم تبادل اليساريون و الإسلاميون نهش جسم النظام البورقيبي و البنعلي حتى سقط رأسه يوم 14 جانفي 2011.

من أشعل فتيل ثورة 14 جانفي  2011 و عجّل بهروب الطاغية ؟ أشعله عمال و أهالي الحوض ألمنجمي سنة 2008 بقيادة محلية نقابية يسارية و مساندة قاعدة نقابية يسارية موسعة على كامل تراب الجمهورية التونسية، مع التذكير بأن البيروقراطية النقابية المتمثلة في المكتب التنفيذي بقفصة بقيادة العباسي و المكتب التنفيذي الوطني يتونس بقيادة جراد، تحالفا و وقفا ضد نضالات أهل الرديف و جمّدا نشاط القائد النقابي المحلي عدنان الحاجي و تخليا عنه فوضعه بن علي في السجن هو و عمروسية بوكت و غيرهم من المناضلين اليساريين الذين لا أعرفهم.

من أجج الثورة و نفخ في نارها من 17 ديسمبر 2010 إلى 14 جانفي 2011؟ أججها أصحاب الشهائد العاطلون عن العمل  و الفقراء المهمشون في كامل الجمهورية و اليسار النقابي القاعدي و القيادي بشقيه القومي و الماركسي في جميع فروع الاتحاد العام  التونسي للشغل بكامل الجمهورية و شاركهم المثقفون و الممثلون و الأطباء و المحامون و الصحافيون و الفيسبوكيون و المُدَوّنون. يبدو لي أن جل الإسلاميين القياديين قد غابوا عن العرس الثوري (من 17 ديسمبر 2010 إلى 14 جانفي 2011)، على الأقل مشهديا.  تعرفت فقط على بعض الأصدقاء القدامى من الإسلاميين في شارع بورقيبة يوم 14 جانفي، و هذا ليس دليلا على عدم مشاركتهم في الثورة، قد يرجع عدم تعرّفي أنا عليهم أو عدم تعرف المتظاهرين غير الإسلاميين على البقية  منهم إلى الصورة النمطية التي أحملها أنا و يحملها عنهم جل الناس و جل اليساريين منذ السبعينات.

أرجح أن تغيّب الإسلاميين في الثورة - لو ثبت علميا - يرجع إلى خمسة احتمالات:
 -  لا نستطيع تفسير تغيبهم بهروبهم من المواجهة فهم مِن بين أشجع من واجه بورقيبة و بن علي.
 -  لا نستطيع تفسير تغيبهم بعدم تحمل المسؤولية فهم من أكثر المناضلين تحملا للنفي و التعذيب و التجويع و السجن الطويل.
-  قد يُفسّر تغيبهم على الساحة الثورية في كل مظاهرات المدن و القرى التونسية بطاعتهم لأوامر عليا لا تَرى في خروجهم ضرورة أو مكسبا سياسيا في ذلك التوقيت الحرج و ذلك يرجع لحسابات حزبية لا يعلمها إلا الله و  زعماء النهضة.
-  قد يُفسّر تغيبهم بما تركه إرهاب نظامَي بورقيبة و بن علي  في نفوسهم المكسورة، إرهاب الحزب الحاكم، التجمع الدستوري الديمقراطي و إرهاب وزارة الداخلية اللذان سُلّطا عليهم على مدى ثلاثة عقود متتالية مما جعلهم لا يصدّقون أن نظام بن علي لم يعد يخيف المواطن التونسي.
 - قد يُفسّر تغيبهم بتواجد عشرات الآلاف منهم في السجون أيام العرس الثوري في الشارع التونسي.

شارك اليسار في الثورة مشاركة فعالة و لم يجن ثمارها السياسية، زرع و روى و لم يحصد. يبدو لي أن اليسار أقام عوائق إبستومولوجية بينه و بين الشعب، عوائق اسمها العَلمانية و اللائكية و الشيوعية و الإلحاد و المساواة التامة بين المرأة و الرجل و حرية الإبداع و التعبير المطلقة.
لو شك عامل أو فلاح تونسي، مجرد شك، في عقيدة السياسي التونسي و هويته فلن يمنحه ثقته و صوته حتى و لو وعده بمضاعفة مرتبه الشهري.

أستغرب من مواقف بعض الأحزاب الشيوعية التونسية التي اعترفت سرا و علنا بأن هُوية الشعب التونسي هي الهوية العربية الإسلامية و لا زالوا يحتفظون و يجاهرون بهويتهم الماركسية اللينينية الستالينية و أطرح بالمناسبة ثلاثة أسئلة استنكارية:
 - هل يمكن التوفيق سياسيا بين الهوية الأممية الماركسية و الهوية العربية الإسلامية؟ لا أعرف من أوجه التوفيق إلا أن الإسلام و الشيوعية يشتركان في فكرة الأممية لأن النظرية الماركسية تتجه إلى كل عمال العالم و الرسالة المحمدية نزلت للعالمين و الناس أجمعين.
- كيف يُنكر اليساري التونسي على الإسلامي التونسي توظيف هذا الأخير لمرجعيته العربية الإسلامية، مرجعية المجتمع التونسي، و يبيح لنفسه استعمال مرجعية سياسية مستوردة؟ مع التأكيد على أن الفكر - خلافا للسياسة - عالمي أو لا يكون.
- كيف يعيب الشيوعي على الإسلامي عدم إيمانه بالديمقراطية؟ هل الأنظمة الشيوعية كانت ديمقراطية؟ أم الاثنان لا يريان عوج رقبتيهما.

أستغرب من الأحزاب و لكن لا أستغرب من مواطن فرد، فنان أو مؤلف أو مخرج، فهو حر، يستطيع أن يكفر أو يلحد، يطير و يجنّح في فضاء الإبداع كما يشاء. هذا حق تكفله له الشريعة الإسلامية قبل القانون التونسي. لكن لو اختار الفرد التونسي ممارسة السياسة فهو مجبر على التماهي مع مجتمعه التونسي العربي الإسلامي،  و عليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه و لا يخاطبه بهوية مقنعة. صدقوني، أنا لم أكتشف بعض الهويات السياسية و الأيديولوجية المستترة لأصدقائي و رفاقي إلا بعد 20 سنة عِشْرَة في النضال النقابي، و لم أعرف جيدا تفرعات اليسار و الإسلام السياسي التنظيمية السرية إلا أخيرا بعد قراءة أطروحة لبشير ميشال العياري، ليون 2، يتحدث فيها بالتفصيل الممل على المعارضة الإسلامية و اليسارية زمن بورقيبة و زمن بن علي و يسمّي المناضلين القياديين بأسمائهم و يورد بعض علاقات المصاهرة بين المنتمين داخل التنظيم و يذكر الأحكام المسلطة عليهم و يشهد بأن عديدا من اليساريين "قلبوا الفيسته" و التحقوا بمراكزهم في نظام بن على مقابل قلة قليلة من الإسلاميين فعلوا مثل هؤلاء الأخيرين.

يقرأ بعض اليساريين كثيرا لماركس و لينين و ماو و ستالين و تروتسكي و سارتر و فرويد و سيمون دي بوفوار و لا يقرؤون لغيرهم. يبدو لي أنهم تقوقعوا داخل سجن "عقلانية و عَلمانية القرن الأوروبي التاسع عشر" التي لا تعترف بالعنصر الديني كعامل مادي مؤثر في البنى التحتية (شروط الإنتاج المتمثلة في المناخ و الثروات الطبيعية + قوى الإنتاج المتمثلة في الأدوات الميكانيكية للإنتاج + علاقات الإنتاج المتمثلة في الطبقات الاجتماعية و الهيمنة و الاغتراب و اليد العاملة) و في البنى الفوقية (المؤسسات السياسية و القوانين و الدين و الفكر و الفلسفة و الأخلاق).

يبدو لي أن الفترة السياسية الحالية تحتاج إلى تيار يساري متطور و متجدد، تيار يقطع مع الأيديولوجيا الماركسية بجميع تفرعاتها اللينينية و الستالينية و الماوية و التروتسكية و الشيقيفارية و الكستراوية، تيار يحتفظ باللب و يلفظ القشرة، يحتفظ بمبدأ العدالة الاجتماعية و يلفظ نهائيا و علنيا ديكتاتورية الحزب الواحد الحاكم باسم البروليتاريا. جل اليساريين يعتزون بأنهم تربوا سياسيا و فكريا في العائلة النقابية اليسارية و كانت نعم التربية. بعضهم لم  ينبتّ عن مجتمعه العربي الإسلامي و نزع عن نفسه "الزبد" الأيديولوجي اليساري الذي ذهب بطبيعته جفاء و تمسك بما يمكث في الأرض و ينفعه و ينفع طبقته المتوسطة - المتكونة من "العمال بالفكر و الساعد" - و يرجع بالخير على المجتمع كله، نساء و رجالا، بجميع طبقاته بما فيها الطبقة البرجوازية و طبقة الفقراء المعدمين و طبقة العاطلين عن العمل بشهائد أو دون شهائد و طبقة المبدعين و الفنانين و الكتاب و المفكرين. احتفظ هذا التيار اليساري المتطور و المتجدد بمكسب واحد من مكاسب النظرية الماركسية، و هو مبدأ العدالة الاجتماعية الذي يمثل  الركيزة الأساسية للنظرية الاشتراكية، و هذا مكسب ليس بالهيّن لو تَفَكّر اليساريون قليلا و تبنوا هذا التعريف الاجتماعي السياسي المبسط لليسارية المتأقلمة مع مجتمعها التونسي العربي الإسلامي و المفرغة حقا و ليس تكتيكا من محتواها المناقض للحضارة التونسية العربية الإسلامية، هوية و مرجعية الأكثرية الساحقة للمجتمع التونسي.
تتنافى العدالة الاجتماعية مع الربح السهل و استغلال عرق "العمال بالفكر و الساعد" و ما تدعو إليه من فكر و ممارسة لا يتناقض تماما مع ما تنادي به جميع الأديان بما فيها الإسلام و ما تطرحه كل الأيديولوجيات بما فيها الماركسية.
مفهوم العدالة الاجتماعية ليس مفهوما لقيطا تكفله نظرية سياسية متى تشاء و  تتنكر له متى تشاء. العدالة الاجتماعية لا تكتفي بالعدل السطحي و المشهدي بل ترسي عدالة فعلية ليست شكلية.

لماذا لا يتأقلم اليسار التونسي مع مجتمعه التونسي العربي الإسلامي؟ كيف؟
رغم أنني لا أؤمن بما يؤمن به اليسار التونسي المنظم من وجوب تقديم البديل عند النقد لكنني سأحاول الاجتهاد في هذا المضمار و أدعو بكل لطف اليساريين التونسيين للنضال على الجبهات التالية و مراجعة برامجهم الحزبية إن ارتأوا ذلك و إن لم يرتؤوا ذلك فـ"أهل مكة أدرى بشعابها":
1.     كبح جماح الربح السهل و السريع:
لا يتأتى ربح رجل الأعمال الرأسمالي من التقوى حتى ندعو له أن يبارك الله في ماله، تاجرا كان أو مصنّعا أو فلاحا! يتأتى ربحه من القيمة الهامة و الضرورية التي يضيفها العامل للمادة الأولية بواسطة العمل و وسائل الإنتاج. نريد تقليص هامش ربح الرأسمالي بالزيادة في أجور العمال بالفكر و الساعد و بفرض ضريبة تصاعدية على رؤوس الأموال و بتخصيص جانب من الربح للبحث العلمي و التكنولوجيا. أذكّر بالمناسبة أن الرأسماليين التونسيين الذين يملكون الأرض و ما عليها يشاركون بنسبة 11 في المائة فقط في مجموع ضرائب الدولة التونسية في حين يدفع الأجراء المعذبون في الأرض صاغرين حصة الأسد من الضرائب.

2.     حماية الاقتصاد الوطني من المنافسة الخارجية:
من واجب الدولة الوطنية أن تحمي اقتصادها الناشئ من المنافسة غير المتكافئة المسلطة عليه من الواردات غير المشروعة و غير الخاضعة للمواصفات العالمية و هذا ما تفعله بالضبط الولايات المتحدة الأمريكية، أقدم و أكبر الدول الرأسمالية.

3.     تشجيع الفلاحة المحلية:
من واجب الدولة الوطنية أن تشجع فلاحيها بشراء منتجاتهم و لا تتركهم لعبة في يد بعض الوسطاء الرأسماليين، يحتكرون السلع الحياتية للمواطن و يرفعون في الأسعار و يسكبون الحليب المغذي في الشارع أمام عدسات الفضائيات دون أي إحساس بالمصلحة العامة.

4.     إدماج العامل الأخلاقي في المعاملات التجارية للشركات الرأسمالية:
و قد فعلته دولة رأسمالية كدولة النورفاج و قننت  تجريم التعامل مع الشركات الأجنبية التي تشغل الأطفال أو تنتج الأسلحة المحرمة دوليا أو تتعامل مع المستوطنين الصهاينة.

5.     تخصيص حصة من ريع الثروات الطبيعية الحالية للأجيال القادمة:
و قد فعلتها دولة رأسمالية كدولة النورفاج و أنشأت "صندوق الأجيال القادمة" يُموّل من عُشر رَيع النفط و الغاز الطبيعي و المناجم.

6.     مجانية التعليم:
و قد ضمنتها دولة رأسمالية كدولة فنلندا. في فنلندا الغنية يوجد أفضل نظام تعليمي في العالم: تعليم مجاني، أدوات مدرسية مجانية، نقل مجاني من البيت إلى المدرسة و من المدرسة إلى البيت، وجبة يومية متوازنة مجانية، منحة جامعية لكل الطلبة مع الإشارة و التذكير بأن كل هذه المكتسبات الفنلندية، سبق و إن  تمتعت بها و أنا جيلي من التلامذة و الطلبة في تونس الفقيرة من 1965 إلى 1974 فترة الثانوي و العالي و تونس الستينات ليست أفقر من تونس 2011 و تلامذة تونس الستينات ليسوا أعز على أبائهم و أمهاتهم من تلامذة تونس 2011. الفرق حسب رأيي يكمن في الظرف العالمي و في نوعية النظام الحاكم في الستينات. أما اليوم فقد أحكمت الامبريالية الأمريكية و الأوروبية و الآسيوية قبضتها الحديدية على مصائر شعوب دول العالم الثالث و عينت و شجعت  طغاتها و سيطرت على سياساتهم الداخلية و الخارجية و أصبحت تقرر مكانهم ثمن الرغيف و سياسة التعليم في بلدانهم المستقلة ظاهريا و المحتلة فعليا.

7.     إدماج تعليم القيم العلمية في تدريس العلوم:
مثل الأديان و الأيديولوجيات، لا يخلو العلم من قيم سامية لذلك يجب حث مدرسي العلوم في الابتدائي و الثانوي و العالي على تدريس القيم العلمية. على مدرسي العلوم أن لا يقتصروا على تدريس المعارف الجافة بدعوى أن العلم موضوعي و محايد. لم يكن العلم يوما محايدا و موضوعيا. العلم ينتجه علماء و العلماء بشر مثلنا يتأثرون بما نتأثر. يجب على مدرسي العلوم أن لا يستقيلوا و يتخلوا عن واجبهم التربوي الأخلاقي و أن لا يتركوا مهمة تربية الأجيال القادمة إلى وسائل الإعلام الكلاسيكية و الحديثة غير المؤهلة لمثل هذه المهمة النبيلة. على سبيل الذكر لا الحصر أورد بعض القيم العلمية السامية التي قد يجر نقيضها إلى العنصرية و الإضرار بالنفس و بالجيل الحالي و القادم: مخ المرأة ليس أقلّ من مخ الرجل و ليس مماثلا له و الذكاء لا يرتبط بوزن أو حجم المخ فالمرأة إذن ليست أقل ذكاء من الرجل. الذكاء و العنف و الإبداع و الإدمان (على التدخين أو المخدرات أو الخمر) و الشذوذ ليسوا بصفات وراثية مائة بالمائة. كل الصفات البشرية السلوكية البيولوجية و النفسية هي صفات وراثية مائة بالمائة و مكتسبة مائة بالمائة في الوقت نفسه و ذلك ناتج عن التفاعل المستمر بين الوراثي و المكتسب داخل كل خلية في الجسم. كل الأمراض البشرية بيولوجية مائة بالمائة و نفسية مائة بالمائة و ذلك ناتج عن التفاعل المستمر بين البيولوجي و النفسي في جسم الإنسان. الوقاية خير من العلاج و يجب التدليل على ذلك في الدرس. الأغذية البيولوجية أفضل للجسم من الأغذية المعروضة حاليا في أسواقنا. الفلاحة البيولوجية أفضل من الفلاحة العصرية لأنها لا تستعمل أسمدة كيميائية مصنعة و لا مبيدات حشرات و لا مبيدات أعشاب بل تستعمل الأسمدة العضوية الطبيعية و تقاوم الحشرات مقاومة بيولوجية (حشرة تأكل حشرة) و تحافظ على التوازن الطبيعي و تحمي التنوع البيولوجي الحيواني و النباتي و تسعى إلى تركيز التنمية المستديمة في صالح الأجيال القادمة. تطوير و مكننة استغلال مصادر الطاقة المتجددة كالشمس و الماء و الريح و لنا منهم الكثير و الحمد لله.

8.     تقليص الدروس النظرية في التعليم و إعادة الاعتبار للتعليم المهني و التطبيقي:
و قد فعلتها دولة رأسمالية كدولة ألمانيا حيث تُوجّه الدولة 70 في المائة من تلامذتها - بعد عشر سنوات تعليم أساسي - إلى التعليم المهني المحترم الذي يفضي إلى التعليم الجامعي إن رغب التلميذ في ذلك.

9.     مجانية الصحة و ضمان جدواها و فاعليتها و تشجيع الوقاية:
في حين يدفع الأجير التونسي نسبة محترمة لصندوق الضمان الصحي فهو لا يجد دواء متوفرا و لا علاجا جيدا في المستشفيات العمومية و لا يقدر ماديا على مجابهة مصاريف العلاج الجيد باهظ الثمن في المتشفيات الخاصة ذات الخمس أو ست نجوم. يجب على الدولة أن توفر طبيبا مختصا في الوقاية في كل مستوصف تونسي و أن ترسل البعض منهم يجوبون الجبال و الصحاري لتوعية الناس بأهمية الوقاية في الحفاظ على الصحة و تجنب بعض الأمراض.

10.           سيطرة الدولة دون الخواص على القطاعات الحياتية الإستراتيجية:
تكونت الثروات الطبيعية (النفط و الغاز الطبيعي و الفسفاط و الحديد و غيرهم) في الأرض عبر ملايين السنين فلا عليسة و لا الرومان و لا الفاتحين المسلمين و لا بورقيبة و لا بن علي و لا تونسي واحد له فضل في وجودها. فهي إذن ملك للجميع. على الدولة أن تشرف بمفردها على قطاع توزيع الماء و الكهرباء و الغاز.

11.            قضية المرأة:
أيها المَدينيون (سكان المدن)، البرجوازيون الكبار و المثقفات و المثقفون البرجوازيون الصغار، ارفعوا أيديكم الناعمة عن قضية المرأة و اعتقوا المرأة التونسية و اتركوها تحل مشاكلها بنفسها! لو كنتم صادقين في الدفاع مثلا عن حقوق المرأة الريفية التونسية لَمَا رفضتم العمل مثلا كأطباء مختصين في مناطق الظل. لم أسمع و لم أر يوما رجلا ريفيا يدافع عن المرأة لا لأنه يجهل حقوقها بل لأنها هي واعية بحقوقها و تفرضها فرضا على الرجل الريفي المعتد برجولته. قد تكون المرأة الريفية التونسية أرجل من الرجل المَديني! أما المرأة المدينية فقد أثبتت تحررها من سيطرة الرجل بخروجها اليومي الإرادي في مظاهرات ثورة 14 جانفي. أبهرت المرأة التونسية العالم بمشاركتها المكثفة في انتخابات المجلس التأسيسي الأخيرة و أعجبتني أنا باستقلاليتها حيث منحت صوتها لمن تريد و ليس لِما يريد زوجها أو ابنها. هي بشر كامل، ليست أقل و ليست مماثلة للرجل، يفوقها و تفوقه في أداء بعض الواجبات، و يمتاز عليها و تمتاز عليه في التمتع ببعض الحقوق حتى حق الإرث في الإسلام. يحترم المواطن التونسي أمه و أخته و جارته و زميلته. المرأة الريفية تعمل جنبا إلى جنب مع الرجل و في بعض المناطق تعمل أكثر منه. ملايين من التونسيين و التونسيات ربتهم نساء أرامل أحسن تربية. نحن نعرف أن الرجل التونسي يميل في السكن مع زوجته حيث تميل و هذا دليل قاطع على قوة شخصية المرأة التونسية. الموظفة التونسية تحصل على مرتب مساو للرجل. عشرات المئات  من أبناء و بنات سجناء اليسار و عشرات الآلاف من أبناء و بنات سجناء النهضة، قامت بشؤونهم على أحسن ما يُرام، نساء مناضلات. المرأة التونسية محررة، المرأة التونسية محررة، بن علي هرب، بن علي هرب.

12.            عمال القطاع الخاص:
على مدى عقدين أو أكثر، سيطر اليسار على جل النقابات في القطاع العمومي و لم ينجح في تأطير عمال القطاع الخاص. لو وجه نشاطه إلى هذه الشريحة الكبرى من العمال و العاملات لحسّن أجورهم و كسب فيهم ثوابا انتخابيا.

13.            المساواة في حرية التعبير:
ينادي اليساريون بحرية التعبير، حرية التعبير لمن؟ لهم كمثقفين أو للعمال و الفلاحين؟ هم تحصلوا على بعضها بنضالهم و البعض الآخر بفضل الفيسبوك أما العمال و الفلاحين فلم  يتحصلوا على شيء حتى بعد الثورة. حرية التعبير كذبة كبرى صنعتها البرجوازية و روجتها رابطات حقوق الإنسان لطمأنة المواطن العادي و إيهامه بأنه تحصل على حق و هو في الواقع عاجز عن تفعيل هذا الحق المزيف: هل يتساوى "مردوخ" مالك و ملك الإعلام البريطاني مع أي مواطن بريطاني في حرية التعبير؟ هل يتساوى "شيخ روحه" مالك  جريدة الصباح التونسية سابقا مع أي مواطن تونسي في حرية التعبير؟ هل يتساوى العربي نصرة باعث القناة مع فقراء الريف في حرية التعبير؟ حرية التعبير هي كلمة حق أُريدَ بها باطل، من يملك وسائل الإعلام هو الوحيد الذي يتمتع بحرية التعبير أما السواد الأعظم من الشعب فلا حرية له و لا تعبير له.


تحت لواء هذه اليسارية التونسية العربية الإسلامية المتطورة و المتجددة، يستطيع أن ينضوي "العمال بالفكر و الساعد" الاشتراكيون و القوميون و الإسلاميون دون تستر أو نفاق أو تقية و دون تناقض مع مرجعيتهم الأصلية الدينية أو الفكرية أو الأيديولوجية.

يبدو لي أن الأنظمة السياسية الأسكندنافية انبثقت من تفاعل مكتسبات النظرية الاشتراكية مع مكتسبات النظرية الرأسمالية. أسست هذه الأنظمة دولا تتوفر فيها نسبيا العدالة الاجتماعية و استطاعت إلى حد كبير أن تتجنب سلبيات الاشتراكية و سلبيات الرأسمالية.

ملاحظة هامة
أنبه قرائي الكرام إلى أن المقال ليس شاملا لجل أو كل طرق التكيّف الممكنة و المحتملة لليسار التونسي إنما هي مجموعة خواطر "كشكارية" انطباعية لا ترتقي إلى مستوى و مواصفات المقال العلمي الأكاديمي و لا تستوفي حتى بعض شروطه الأساسية.

السؤال المنتظر من القراء: لماذا تكتب إذن؟

الجواب غير المنتظر من الكاتب: أنا حر، أكتب لنفسي ما أشاء و في أي موضوع أشاء و الفضل يرجع لـ"الفييسبوك"، هذه المساحة الحرة التي منحتها لنا و متعتنا بها التكنولوجيا الحديثة. أحلم بما أريد و كيفما أريد فلا رقابة لأحد على أفكاري المتواضعة و المخالفة للسائد. أظن أنني لم أجبر أحدا على قراءة ما أكتب لكنني أحمل همّ الكاتب حول أهمية ما يكتب و في الوقت نفسه لا يضيرني إن قرأ ني واحد أو ألف لأنني لست داعية و لا أرغب و لا أستطيع - حتى و إن رغبت في ذلك - أن أقود قطيعا سياسيا أو فكريا. أعمل بكل جهدي للمساهمة في تعجيل قدوم زمن ينقرض فيه المثقف الذي يفكر لغيره حتى يصبح كل الناس يفكرون لأنفسهم في تفاعل مع الآخرين. أنا "رئيس جمهورية نفسي"، لا أحتاج تكتيكا و لا إستراتيجية، أكتب لنفسي أوّلا و أخيرا بهدف تقصير زمن انتظار الموت بالمتعة الفكرية الذاتية كما قصّر أبو نواس انتظار ساعته بالسكر و المجون.

إمضاء م. ع. د. م. ك.
لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه. عبد الله العروي.
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي أو الرمزي.
أيها القارئ المحترم، أنا لست داعية فكري أو سياسي أو ديني بل أنا مواطن عادي مثلك، أعرض عليك وجهة نظري المتواضعة والمختلفة عن السائد، إن تبنيتها أكون سعيدا، وإن نقدتها أكون أسعد لأنك ستثريها بإضافة ما عجزت أنا عن إدراكه، وإن عارضتها فيشرفني أن يصبح لفكرتي معارضون.