سلسلة نقد النظام الداخلي
للاتحاد العام التونسي للشغل. جزء 4:
لماذا يحتكر أعضاء
المكتب التنفيذي الوطني و الكتّاب العامين للاتحادات الجهوية فقط
الحق في إمضاء برقية الإضراب؟ مواطن العالم د. محمد كشكار
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 6 نوفمبر 2010.
الوضع الحالي:
يتمتع أعضاء المكتب التنفيذي الوطني و الكتّاب العامين للاتحادات الجهوية، وحدهم فقط،
بحق الإمضاء في برقية الإضراب. برقية ترسلها
الهيئة الإدارية القطاعية في نهاية أشغالها لكي تعلم الوزارة المعنية بمطالب
القطاع، عشرة أيام قبل تنفيذ الإضراب، حتى يصبح الإضراب الشرعي قانونيا.
نأخذ مثالا حيّا:
يفوق عدد المنخرطين في نقابة الثانوي أربعون ألفا. لا يتعدّى عدد المنخرطين
التابعين للاتحاد الجهوي بقبلي الخمسة آلاف. يحقّ للكاتب العام للاتحاد الجهوي
بقبلي الإمضاء في برقية الإضراب و لا يتمتع الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم
الثانوي بنفس الحق رغم الفارق في عدد المنخرطين.
الخوَر الذي لا بعده خوَر:
تجتمع الهيئة الإدارية للتعليم الثانوي و تقرّر إضرابا. يبقى قرار الإضراب معلّقا
و غير شرعي ما لم يُمضه المشرف على هيئتها الإدارية و هو بالضرورة عضو من المكتب
التنفيذي الوطني.
هل يُعقل أن يُصادَر قرار القاعدة الأستاذية البالغة
التعداد ثلاثة و ستون ألفا و تبقى إرادتهم مكبّلة و معطلة تنتظر موافقة و إمضاء
عضو من المكتب التنفيذي الوطني؟
لو لم يُمض المشرف "الباشا العضو الموقّر المبجّل"،
يصبح الإضراب غير شرعي و الغريب أن صوت عضو بيروقراطي واحد يُلْغَى بجرّة قلم ثلاثة
و أربعون ألف صوت أستاذ منخرط في الاتحاد العام التونسي للشغل. و الله هذا ظلم و
قهر و استخفاف بالمقام العالي للقاعدة النقابية المحترمة و هياكلها المنتخبة حتى
لو كان هذا العضو المشرف "حشاد" بشحمه و لحمه و نضاليته و تاريخه و
تضحياته و استشهاده و "حبه للشعب" كما قال.
السؤال: على أي أساس
موضوعي أسنَدَ لهم النظام الداخلي للاتحاد
هذا الحق دون غيرهم من المسؤولين النقابيين مثل الكتّاب العامين للنقابات العامة و
الكتّاب العامين للنقابات الجهوية و الكتّاب العامين للنقابات الأساسية؟
في انتظار تعديلاتكم و
تنقيحاتكم و تصحيحاتكم، أقترح عليكم البديل التالي:
أطالب بتعميم حق الإمضاء في برقية
الإضراب لكل المسؤولين النقابيين الآتية صفاتهم: أولا الكاتب العام للنقابة
الأساسية و ثانيا الكاتب العام للنقابة الجهوية و ثالثا الكاتب العام للنقابة
العامة.
الإضرابات التي أتحدث عنها، إضرابات
مفصولة و مستقلة في القرار و المكان و الزمان. مثلا: في إضراب محلي لأسباب محلية، يكفي
إمضاء الكاتب العام للنقابة الأساسية فقط و في إضراب جهوي لأسباب جهوية يكفي إمضاء
الكاتب العام للنقابة الجهوية فقط أما في إضراب وطني لأسباب وطنية فيكفي إمضاء الكاتب
العام للنقابة العامة فقط.
ما أطرحه ليس بدعة و إنما
تقنين لوضع قائم: منذ عقود
تخوض النقابات الأساسية إضرابات فجائية و غير فجائية دفاعا عن مصالح قاعدتها
الخصوصية المتعلقة بكرامة العامل و ظروف عمله في مؤسسته. يعاقِبُ "العَرْفْ"
المُؤجّر النقابيين بالخصم و الطرد التعسفي فنكتشف فجأة أن ضمان الاتحاد و غطاءه
الشرعي و القانوني، قد ترفعه أقل نسمة سلطوية. نحن القواعد النقابية، لا نتسوّل الشرعية
من أحد بل نخلقها و نفرضها. تمثل النقابات الأساسية مفاصل العمود الفقري للاتحاد. لو
تكلّست هذه المفاصل من قلّة الحركة لأُصيب جسم الاتحاد بالشلل و أصبح طريح الفراش.
لو تحرّكت كل نقابة أساسية بشرعية تامة و استقلالية تامة عن البيروقراطية لتحسّن
أداؤُها و دبّت العافية في جسم الاتحاد و شُفي من مرضه العُضال المتمثل في
المركزية البيروقراطية المُفرطة (على شاكلة الأحزاب الشيوعية اللينينية).
أمضي
مقالاتي كالعادة بجملتين مفيدتين: "أنا أكتب - لا لإقناعكم بالبراهين أو الوقائع
- بل بكل تواضع لأعرض عليكم وجهة نظر أخرى"....."على كل مقال سيّئ نردّ
بمقال جيّد لا بالعنف اللفظي أو المادي أو الرمزي.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire