هل اليسار السياسي التونسي،
هو صفر فاصل أم هو عنصر فاعل في المعارضة الديمقراطية التونسية؟ مواطن العالَم د.
محمد كشكار
تاريخ أول نشر على مدونتي و صفحاتي الفيسبوكية: حمام الشط في 11 فيفري 2013.
رغم أنني أحتفظ و أتمسك
بموقفي المبدئي و بيساريتي غير الماركسية المناهضة لبعض أفعال و أقوال النشطاء
السياسيين اليساريين، فإنني أرى، و رغم وهمي و نقدي و أنفي أرى أنهم فاعلون في المجتمع التونسي و أرى أنهم
ديمقراطيون و أرى أنهم تونسيون صادقون مخلصون و ذلك رغم حقد الحاقدين و كيد
الكائدين و إقصاء الإقصائيين و تكفير التكفيريين. مع الإشارة أنني لم أتنكر يوما و
لم أنكر أبدا انتمائي إلى العائلة اليسارية الموسّعة، أنتكس يوما و أيئس أياما، لكنني
لم أفقد الأمل تماما ليس في حكم اليسار في تونس بل في تصالحه و تماهيه مع مجتمعه و
تخليه عن أوهام أفضلية الإيديولوجيا
الماركسية على مَن خالفها أو مَن عاداها من إيديولوجيات ليبرالية أو إسلامية، و
أوافق الفيلسوف اللبناني اليساري علي حرب فيما قاله و ذهب إليه في نقد الإيديولوجيات:
" مِن هنا، فإنه ما تحسنه الثورات
الإيديولوجية، العاملة تحت يافطة مقدسة، هو أن تأكل أبناءها و تصفي أعداءها. و
هكذا فهي في كلا الحالين تجرّ الناس إلى الموت. فمَن كان معها و قدس
شعاراتها و ضحّى من أجلها راح ضحيتها، و مَن عارضها أو وقف ضدها عملت على نبذه أو
استئصاله و تصفيته (كتاب الثورات الناعمة 2012)"، و أذكّر دوما و لن أملّ و
لن أكلّ، بأحسن ما قيل في هذا الموضوع، و
هو قول سارتر: "الإيديولوجيات،
هي حرية عند تكوّنها و تشكُّلِها و ظلم و جور و اضطهاد و طغيان عند اكتمالها و
تطبيقها بالقوة و العنف".
يوم الجمعة 8 فيفري 2013، و
أثناء جنازة شكري بلعيد بالذات، أحسست بفخر و اعتزاز بانتمائي الفكري، لا الحزبي، إلى
تيار، اسمه اليسار. قد أكون واقعا تحت صدمة اغتيال شكري بلعيد أو متأثرا و منبهرا
بما رأيت في جنازته العظيمة أو قُلْ أكبر جنازة في تاريخ تونس القديم و الحديث، و قد
أكون واقعا تحت تأثير العاطفة الصادقة، حتى لو كانت وهمية أو خاطئة، و ما
أقوم به الآن، هو في الأول و الآخر تشخيص لطفرة
اجتماعية آنية و ليس حكما وقتيا أو نهائيا لصالحها أو ضدها. و أعترف و لا خجل في
ذلك، أنّ أغلب كتاباتي هي كتابات انطباعية مزاجية ذاتية جدا "أحبَّ مَن أحبَّ
و كرِخَ مَن كرِخَ" على حد زلة لسان الباجي قائد السبسي "الزلاّل".
و لا و لن أنأى بنفسي عن الاشتغال على الذات، فعند كل كاتب، محترفا كان أو مبتدئا
مثلي ، جانبٌ هامٌّ و مهم من الاشتغال على الذات و هل لي مقدرة مادية على الاشتغال
على غير ذاتي، أنا إلِكترون حر مهجور مغمور فقير و لست مؤسسة علمية.
يبدو لي - و أهل مكة أدرى
بشعابها - أن النشطاء السياسيين اليساريين:
-
فاعلون، و بقوة و حزم و ثبات في الأحزاب المدنية
الديمقراطية التونسية، فاعلون في الجبهة الشعبية و الجمهوري و المسار و العَوَدِ و
الاشتراكي و الأحزاب القومية و نداء تونس.
-
فاعلون في المظاهرات و الإعتصامات و الإضرابات و
التجمعات و حتى في الجنازات.
-
فاعلون و حاضرون في الصحافة المكتوبة و المسموعة و
المرئية، احتكروا جل القنوات "الوطنية" و "التونسية" و "تونسنا" و "نسمة"
و "حنبعل".
-
فاعلون في المجتمع المدني التونسي، المحلي و المهاجر.
-
فاعلون في الحركة النسوية و الحركة الحقوقية و خاصة في
الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر قوة في البلاد دون منازع أو منافس.
-
قليلو الفاعلية على حد علمي المحدود جدا - و هذا ما
ألومه عليهم صباحا مساء و قبل الصباح و بعد المساء و يوم الأحد - في الحقل
الثقافي، خاصة في مجال تنظيم ندوات فكرية و أدبية و علمية مثل الذي يقيمها - بكل
فخر - نادينا الثقافي في الاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس، نادي جدل العريق، و يقيم
مثلها نادي الطاهر الحداد بالعاصمة تحت إشراف الشاعرة فاطمة بنفضيلة، و فضاء
بوعصيدة برادس تحت إشراف الشاعرة هدى الدغاري، و الاثنتان الأخيرتان زميلتان و
صديقتان و عضوتان في نادي جدل و الحمد لله.
-
غائبون تماما و مغيّبون قصدا في الحكومة و الرئاسة و
المجلس التأسيسي و الولاة و المعتمدين و المديرين العامين، غيبتهم
"النهضة" الله يسامحها.
-
اليسار أقلية في كل المجتمعات العربية و لم يدّع يوما أنه يمثل الأغلبية،
لكن الديمقراطيون أغلبية بما فيهم اليسار.
-
كلمة ود إلى الإسلاميين في زمن انقطع فيه الود و
الاحترام بينهم و بين اليساريين: تفطنوا أن حجتكم التي تقول بأن اليسار أقلية لا
تستحق الاهتمام، حجة مردودة عليكم منطقيا، لأن تعريف الديمقراطية يتجسم في احترام
الأقلية و ليس في فرض رأي الأغلبية. و لو لم يُقصونا و عاشرونا لََعاشرونا، و لو كفّرونا لباءت بهم استنادا
إلى حديث رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لأَخِيهِ
: يَا كَافِرُ ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا"، و لو اجتثونا لَما أفلحوا، فهل يقدر و يتجرّأ التونسي على اجتثاث اليساري، أبوه أو أمه
أو أخته أو أخوه أو قريبه أو صديقه؟
الإمضاء
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم
بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا
بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.
الكتابة بالنسبة لي، هي مَلْءُ
فراغ لا أكثر و لا أقل، و هواية أمارسها و أستمتع بها، متعة ذهنية لا يمكن أن يتخيلها
إلا مَن جرّبها.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire