قال تعالى: "وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى
تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ". مواطن العالم محمد كشكار
تاريخ أول
نشر على النت: حمام الشط في 15 نوفمبر
2011.
ما أكثر من يثني هذه الأيام على رشاد سياسة حزب
حركة النهضة التونسية و يقول لهم: وصلتم سن الرشد، تتعاملون مع الوقائع لا مع
الأوهام كاليساريين التونسيين الماركسيين، أنتم في الحقيقة نصوصيون حداثيون ،
اعتصموا بالله و بالغرب، في الإسلام سر نجاحكم و في الغرب ضمان مستقبلكم. كلام يطربهم و يعيد
إليهم وهم تكرار تجربة الخلافة الراشدة، أيام كان المسلمون معتصمين بالله فاتحين للغرب،
أيام كانوا حاملي رسالة و بناة حضارة حرة و عادلة، صاعدة و واعدة.
وسائل التحكّم في الدول النامية من قبل الدول
المتقدمة متنوعة، بعضها واضح فج و بعضها خفي ذكي. انتهى عهد الامبريالية و بدأ عهد
العولمة و الإدماج. طبعا قوى الاستعمار تبني على شيء قوي و موجود و لو واصلت توظيف
و استغلال نظام ديكتاتوري كنظام بن علي لانفضح أمرها في الحين.
توجد
تناقضات موضوعية بين الدول الفقيرة و الدول الغنية، إلا أن الحيلة تتمثل في صبغ
هذه التناقضات بصبغة ديمقراطية ليبرالية رأسمالية بكيفية تستحكم معها تلك
التناقضات في أفئدة الناس حتى تعود قابلة للحل شكليا و غير قابلة للحل واقعيا.
يبدو
أن الرأسمالية الأليفة و المتوحشة وجدت في تونس محيطا ملائما و مناخا مشجعا على الاستغلال
فطمحت إلى تشييد "قاعدة" في بلادنا يمكن أن تكون بداية نمو متكامل مطرد
و نَحْتِ نموذج ديمقراطي ليبرالي عربي إسلامي قابل للتصدير في المشرق و الغرب العربيين الإسلاميين.
تبدو
تونس دولة مصنعة إذا ما قورنت بليبيا أو موريتانيا اليوم و لكن إذا قورنت بتركيا
أو إيران أو ماليزيا، أصبحت صناعتها شبه منعدمة. تعرف تونس اليوم أحياء قزديرية و
أخرى مبنية من طوب و تبن.
الوعي
بالواقع هو آخر سلاح يملكه الإنسان العاقل فلا يجوز أن نسمح لغيرنا أن يجرّدنا منه
بحيلة لا تنطلي إلا على الصبيان.
يحق
لنا أن نصفق لمشاريع الشراكة مع الاتحاد الأوروبي غير أن التصفيق لا يجب أن يصم
آذاننا عن الحقيقة المقررة و هي أن لا تحرير بدون بحث علمي تونسي و صناعة
تونسية. لا تطرّف و لا حذلقة في هذا القول الذي لا يعدو أن يكون عبارة موجزة
عن قانون نلمسه في كل بلد متقدم نزوره و نستخلصه من كل كتاب علمي ندرسه. لا يجادل
فيه أو يتعامى عنه إلا حالم واهم.
قال تعالى: "وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى
تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ".
و لم تعد ملة اليهود و النصارى اليوم، ملة دينية،
بل أصبحت ملة اقتصادية ليبرالية رأسمالية متوحشة!
ملاحظة
اقتبست القالب التركيبي لهذا المقال من نص لعبد
العروي في كتابه "أوراق" صفحة 158- 159.
إمضاء م. ع. د. م. ك.
"الذهن غير المتقلّب غير حرّ".
لا أحد مُجبر
على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن
يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه. عبد الله العروي.
يطلب الداعية
السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج
العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض
رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و
على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي أو الرمزي.
"الكاتب منعزل
إذا لم يكن له قارئ ناقد".
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire