خاطرة "كشكارية"
دون سند علمي أو فقهي. مواطن العالَم د. محمد كشكار
يشترك الإسلاميون و
الماركسيون و القوميون في التأكيد على أفضلية و أسبقية العدالة الاجتماعية على
الديمقراطية و الحرية الفردية، و يبدو لي أنهم لو عكسوا لأصابوا. مع العلم أن الله
سبحانه و تعالى ختم الرسالات السماوية بالرسالة المحمدية، و حرّر الإنسان من سيطرة
و وصاية أخيه الإنسان، و لم يستثن حتى الرسول محمد صلى الله عليه و سلم ("إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ
يَهْدِي مَن يشاء"، "فذكّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ"). و مع
الإشارة أن ماركس بشّر بانقراض تسلّط الدولة و ديكتاتورية طبقة على طبقة تزامنا مع
نهاية الصراع الطبقي وبداية صنع الإنسان لتاريخه بنفسه.
أهملت الأنظمة الإسلامية (طالبان
أفغانستان و ولاية الفقيه في إيران و الإخوان في السودان و غيرهم) و الماركسية (الاتحاد
السوفياتي سابقا و الصين و كوبا و غيرهم) و القومية (أنظمة هتلر و موسولوني و
فرانكو و عبد الناصر و صدام و الأسد و غيرهم) الديمقراطية و الحرية الفردية في
سبيل ضمان العدالة الاجتماعية ففشلوا في تحقيق
الهدفين.
في الخمسينات، تزامنت بداية
نهضة الهند مع نهضة مصر. اختارت الأولى الديمقراطية نظاما و الحرية الفردية عقيدة،
أما الثانية فقد فضلت تحقيق العدالة الاجتماعية و أرجأت الحرية الفردية و
الديمقراطية. أرست الهند الديمقراطية و الحرية الفردية و حققت نسبيا نهضة علمية و
تكنولوجية، أما مصر فقد أسست ديكتاتورية عسكرية و بقيت متخلفة علميا و تكنولوجيا
لكنها حققت العدالة في الفقر و الجهل.
انهارت كل الأنظمة الإسلامية و
الماركسية و القومية التي لم تعتمد الديمقراطية نظاما و حرية الضمير عقيدة و في
المقابل صمدت و نهضت و تطورت كل الأنظمة الديمقراطية رغم اختلاف دينها و قوميتها
(أوروبا المسيحية و آسيا الإسلامية و إسرائيل اليهودية).
مُنيت كل الأنظمة غير
الديمقراطية بهزائم نكراء (هزيمة النازية و الفاشية في نهاية الحرب العالمية
الثانية، و هزيمة عبد الناصر في 1967، و انهيار الاتحاد السوفياتي، و هروب طالبان خوفا
من الأمريكان، و تقسيم فلسطين بين حماس و فتح، و تجزئة السودان بين المسيحيين و
الإخوان، و إدخال العراق و الصومال و سوريا في حروب أهلية طاحنة). في المقابل
انتصرت الدول الديمقراطية على الدول غير الديمقراطية مع أنها في أكثر الأحيان ليست
على حق، كدولة أمريكا التي أصبحت الشرطي الظالم لكل العالَم، و كدولة إسرائيل العنصرية
التي استوطنت أرض فلسطين و هجّرت قسرا العرب الفلسطينيين من السكان الأصليين.
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 29 سبتمبر 2013.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire