vendredi 20 septembre 2013

هارون الرشيد يسكن البيت الأبيض في واشنطن و جلاده مسرور يسكن في الدوحة و الرياض! مواطن العالم د. محمد كشكار

هارون الرشيد يسكن البيت الأبيض في واشنطن و جلاده مسرور يسكن في الدوحة و الرياض! مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 3 ماي 2012.

منذ عشر سنوات تقريبا و التوأمان، قناتي الجزيرة و العربية، تتناولان بالنقد الواضح و الصريح و اللاذع الأوضاع السياسية في الدول العربية - باستثناء السعودية و قطر - و يعيبون على الأنظمة العربية الدكتاتورية العميلة الأخرى عدم احترام حقوق الإنسان و عدم تطبيق الديمقراطية و كأن السعودية هي السويد و قطر هي النورفاج.

و الغريب أنني لم أر قناة عربية واحدة من قنوات هذه الدول المستهدفة ترد الصاع صاعين أو حتى صاعا واحدا، رغم أن قطر و السعودية يحتلان المرتبة الأولى عالميا في التخلف و الرجعية و الفساد و الرشوة و المحسوبية و انعدام تطبيق الديمقراطية و انعدام احترام حقوق الإنسان و منها خاصة حقوق المرأة، و لا يوجد في السعودية مجتمع مدني و لا قضاء مستقل و لا قضاة مستقلين و لا حرية صحافة و لا حرية إبداع و لا حرية معتقد و لا نقابات و لا مسرح و لا سينما و لا رقص و لا نحت و لا تصوير و لا تعبير جسماني و لا غناء نسوي و لا إنتاج فكري علمي أو أدبي أو فني أو فلسفي عميق. العمالة و الخيانة في دم حكامهم، و من تناقضانهم التطبيع سرا مع العدو الصهيوني و مناصرة القضية الفلسطينية علنا.

هل يُعقل و هل يمكن لفاقد الشيء أن يعطيه في هذه الحالة، هل من العقل أن نصدق أن قطر و السعودية تشجعان و تؤججان الثورات العربية و تساندان الشعوب العربية المقهورة ضد الدكتاتورية و الاستبداد و الطغيان؟ لو كانت صادقة في سعيها، لماذا لم تطبق الديمقراطية في بلدانها؟ و لماذا لم تعتق شعوبها و تطلق سراحها و تعطيها حريتها؟ أم سوّقوا لنا و صدّروا ربيعا عربيا مغشوشا و سقونا ترياقا ظاهره عافي و شافي و باطنه سام و قاتل! و لو لم يكن ذلك كذلك، لماذا لم يشربوا منه هم أولا؟  ترياق، تسقيه لنا السعودية و قطر بسرعة جنونية، ثورة تونسية في شهر و ثورة مصرية في نصف شهر و خراب مالطة في ليبيا و يمن تعيس زادوه تعاسة و مستقبل أظلم يعدونه لسوريا "أصدقاء الشعب السوري"، كل هذا الجهد الجهيد و الاستماتة في الخيانة و العمالة، يقوم به أحط نظامين وسيطين عميلين في العالم خدمة لمصالح العم سام، سيدهم الأكبر و الشيطان الأعظم و مؤسس الإرهاب و خالقه و راعيه في العالم.

ما السرُّ إذن وراء صمت الضحايا أو "الولايا" (النساء اللواتي لا حول و لاقوة لهن) على الاعتداءات المسلطة عليهن من قبل الجزيرة و العربية بالرغم من أنها اعتداءات صارخة و مبرمجة و مبيتة و متكررة يوميا  على مدى عشر سنوات؟

في عصر الأنترنات، تجنّس الخليفة العباسي هارون الرشيد و أصبح "أمريكيا - صهيونيا" و غيّر مكان إقامته من بغداد إلى واشنطن، أما جلاده المنفذ المطيع، مسرور العربي - بارك الله لنا فيه و يرحم الله والديه و أبقاه الله لنا ذخرا للوطن -  فقد تمسك و تشبث رياءً بهويته العربية الإسلامية و استقر بالدوحة و الرياض، تصله أوامر سيده الرشيد الأمريكي عبر الأقمار الصناعية الغربية و العربية و ما عليه إلا الطاعة العمياء و التنفيذ دون تردد أو نقاش، و إلا لحقه ما يلحق ضحايا أمريكا من مصير مظلم، فالدكتاتور الرشيد الأمريكي لا يهمه مسرور العربي كشخص بل يعنيه كآلة حادة يذبح بها مَن لا يحسن خدمته أو  يفكر في الخروج عن إمبراطوريته الممتدة من القطب الجنوبي إلى القطب الشمالي ببحرها و شمسها و نفطها و هوائها و أرضها و جوها و عبادها و بهائمها و بعوالمها الثاني و الثالث و الرابع.

عندما يتنطع والي إفريقيا، يبعث له الرشيد واليه في  الحجاز يؤديه و ينهب ثروات إفريقيا و يسبي نساءه و يثوّر عليه شعبه و ينصّب على إفريقيا واليا مواليا من أهلها و يترك فيها فوضى هدامة غير خلاقة كالتي عندنا الآن في تونس و مصر و ليبيا و اليمن و سوريا. عندما يقتل الرشيد والي خراسان فهل يحتج والي مصر أو ينبس ببنت شفه؟ لكن ألا يتعظ والي الحجاز و هو يرى سيده الرشيد لا يفرق بين ولاته إلا بمدى خدمتهم و طاعتهم له؟ ألا يفكر والي الحجاز في يوم تدور عليه الدوائر و يسلط عليه الرشيد واليه في الشام؟ و منذ متى كان الأحمق يفكر؟

ما بال بني وطني، عُمي صُم بُكم لا يفقهون و لا يبصرون و لا يسمعون و لا ينطقون و إن نطقوا لا يفكرون (مع احترامي للمعوقين العضويين العرب المتفوقين على العرب "الأسوياء" أجمعين)؟ ما بالهم على الظلم ساكتون و على الظالم يدافعون؟ لماذا من سباتهم لا يستفيقون و عن تيههم و ضياعهم لا يرجعون و في الخديعة الأمريكية الخليجية غير المحكمة يقعون و لوعود الكذابين يصدقون؟ ما بالهم يجهلون ما اكتشفه الآخرون منذ قرون؟

للأمانة العلمية، لقد اقتبست فكرة الفقرة الموالية و قالبها اللغوي من كتاب علي حرب "خطاب الهوية سيرة فكرية" و حشوته كلماتا و مفاهيما و أفكارا من واقعنا العربي بعد "الثورة شِبه المؤامرة"،  و عنوان الفقرة "مصارحة الجمهور العربي بعيوبه"، أرجو أن لا ينسى النقاد أنني مسلم عربي يساري ديمقراطي عَلماني مؤمن و واحد من هذا الجمهور، فرجاء، على كل مقال سيء نرد بمقال جيد دون عنف لفظي و لا مزايدة ثورية فجة و مقرفة و بالية:

مصارحة الجمهور العربي بعيوبه:
يبدو لي أن الجمهور العربي لا يدرك الأمور بالعقل و البرهان بل يدركها بالغيب و البيان. جمهور مستلب الإرادة لا قدرة له على تحليل الوقائع و التنبؤ بالنتائج بل يقف عند الظاهر و لا يتعداه إلى الباطن. جمهور يتفقه في قشور الدين و لا ينفذ لمقاصد الدين. جمهور لا يتفقه في المسائل المعقدة و لا يرى الإشكاليات الحقيقية و لا يتدبر الحلول و الأفعال، بل يغوص و يضيع في المشاكل الجوفاء و يقلد آراء أشباه العلماء و يطيع أقوال الرؤساء و ينفّذ أوامرهم دون تمحيص أو تدبير. انظر إليه كيف يؤلّه طغاته و يجل زعماءه و يخلع عليهم ألقاب الآلهة، فيمجدهم و يعظمهم و ينزههم عن الضد و الند و الشريك، و يعتقد بعصمتهم عن الخطأ و يتماهى معهم و يتعصب لهم و يغضب لغضبهم. بل تراه أحيانا يغضب لزعمائه الأموات (ستالين، لينين، ماو، عبد الناصر، صدام، بورقيبة، صالح بن يوسف، آية الله الخميني، الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب)  أكثر من تعصبه لزعمائه الأحياء (راشد الغنوشي، باجي قائد السبسي، حمة الهمامي، حسن نصر الله)، تعصب قد يغضب لله الواحد المتعالي.  انظر كيف يرى أن التجديف على اسم الله و النبي لا يثير غضبه كما تثيره الإساءة إلى رؤسائه و زعمائه عندما يتعرضون للشتم و السب و الثلب و اللعن.

يبدو لي أخيرا أن ليس للجمهور العربي عقلا و لا رأيا. فلا تنفع معه الحجة و لا يقنعه الدليل مهما تنوع و تكرر. بل الأقرب له هو التسليم و التقليد و الانقياد. و قد وجدت أن هذه الصفة لا تختص بجمهور عربي دون آخر، و إنما تشترك فيها الجماهير العربية عامة و في كل عصر و حال. و تبين لي خطل الآراء التي تتحدث عن وعي الجماهير و طيبة الجماهير و عبقرية الجماهير و كرم الجماهير و عظمة الجماهير و ثورية الجماهير و صراع الطبقات و تحرر العمال و الفلاحين. إذ الجمهور العربي هو هو على الدوام منذ الجاهلية، قوة غفل و مادة للانقياد، جمهور عنصري شوفيني متعصب متزمت قبَلي رجعي متخلف، مسلم لكنه لا يؤمن و لا يعمل بالعلم و لا بالدين كما أمر الإسلام و نبيه. يتحدث عن الأخلاق السمحة و يطبق الأخلاق المنحطة. يتغنى بغض الطرف و يفرّط في الشرف. يتباهى بتوحيده لله و يُظهر وثنيته بتقديسه للأولياء الصالحين. يكره الآخرين و يحتقر نفسه. هو جمع لا يعي و لا يملك و لن يملك في القريب العاجل زمام أمره. فأكثر الجماهير و العامة لا تعقل و لا تفقه، لذلك سرعان ما تبدل مواقفها و تنقلب على أوضاعها، فتنتقل من النقيض إلى النقيض. و ما زال الغافلون منا يأملون بحل ديمقراطي و انتخابات "نزيهة و شفافة"، هل هذا جمهور يُوثَق في اختياره؟ و يُعتمد على إجماعه؟ و يُؤتمن على تقرير مصيره و مصيرنا نحن الفئة القليلة من المثقفين المستقلين و المهمشين و المنبوذين و المشيطَنين و المكفَّرين و غير المنتمين كالقطيع لأي حزب و غير المنقادين فكريا وراء أي إيديولوجيا؟

الإمضاء
على كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري، و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.
أكتب للمتعة الفكرية و للمتعة الفكرية فقط، لا أكثر و لا أقل، و لكن يسرّني جدا أن تحصل متعة القراءة أيضا لدى قرّائي الكرام و السلام.




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire