mardi 17 septembre 2013

ما الفرق بين العقل الغربي الذي يشتغل و يتعب فينتج و العقل العربي الذي يشتغل أيضا و يتعب أيضا لكنه لا ينتج شيئا؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

ما الفرق بين العقل الغربي الذي يشتغل و يتعب فينتج و العقل العربي الذي يشتغل أيضا و يتعب أيضا لكنه لا ينتج شيئا؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على مدونتي و صفحاتي الفيسبوكية الثلاثة: حمام الشط في 11 أفريل 2013.

قال صديقي و زميلي أستاذ الفلسفة القدير المتقاعد الحبيب بن حميدة في دردشة فكرية في الطاولة الثقافية بحمام الشط الغربية، صباح يوم الاثنين 10 أفريل 2013، فأضفت إليه ما تيسّر و كتبت ما يلي:

1.     العقل الغربي (هو العقل المتكوّن في الغرب بغض النظر عن أصله الجغرافي العربي أو الآسيوي أو الإفريقي أو الأمريكي اللاتيني):
-         العقل الغربي عقل علمي عملي تطبيقي بموروثاته و مكتسباته الحضارية المتراكمة عبر آلاف السنين منذ ظهور الفلاسفة اليونانينيين القدامي الأوائل - 500 سنة قبل ميلاد المسيح - أمثال أفلاطون و أرسطو و سقراط، عقل يشتغل على حل مشاكل مادية واقعية تقنية محدودة ليستنبط لها حلولا تسهّل حياة المواطن العادي، مثلا: يحفر نفقا تحت بحر المانش بين فرنسا و بريطانيا و يمرر فيه قطارا سريعا لتسهيل التبادل البشري و التجاري و السياحي بين البلدين المتقدمين، أو يبعث أقمارا صناعية تستقر في الفضاء الخارجي لتسهل حركة مرور المعلومات و الصور التلفزية و يخفض من فاتورة استهلاك الهواتف القارة حتى أصبحت تقريبا مجانية في بلدانهم.

-         لم ينس هذا العقل العبقري الاستثمار في مجال البحث العلمي بعيد المدى من أجل مستقبل أفضل للبشرية جمعاء دون تمييز ففكر مثلا، في صنع رحم صناعي حتى يريح المرأة من الحمل لتتفرغ أكثر إلى العمل مساوية للرجل، أو في زرع مادة اليخضور النباتية في الجلود البشرية، حتى يصبح البشر ذاتي التغذية مثله مثل النبات الأخضر فيصنع غذاءه بنفسه من ثاني أكسيد كربون المتوفر بكثرة في الهواء، مع العلم أن الإنسان هو أحد منتجي ثاني أكسيد كربون، غاز يمثل المادة الأولية لصنع البروتينات و الدهنيات و السكريات عند النباتات الخضراء. إذا نجحت هذه التجربة، سوف يصبح البشر منتجا أولا للمادة العضوية كالنباتات الخضراء بعد ما كان مستهلكا أولا أو ثانيا أو ثالثا كالحيوانات العاشبة أو اللاحمة أو الكالشة.

2.     العقل العربي (هو العقل المولود و المتكون في العالَم العربي الإسلامي و الموالي و المتعصب الأعمى للعروبة و الإسلام حتى و لو درس في الغرب، أو هو العقل العربي المتكون و القاطن في الغرب لكنه موالي و متعصب إيديولوجيا للإسلام و العالَم العربي):
-         العقل العربي عقل غير علمي و غير عملي و غير تطبيقي بطبيعة تكوينه القاصر في الجامعات العربية، عقل يشتغل خاصة في المقاهي (مثلي أنا و زميلي المتقاعدان من التعليم بعد 37 سنة عمل فعلي بالنسبة لي) و الإعلام و الندوات و المحاضرات و المظاهرات و الاحتجاجات و الإعتصامات و الإضرابات و قطع الطرقات و التحيل على القانون و الرشوة و المحسوبية و البنعمية و العمالة و قلة الخير و خوف ربي علنا و عصيانه سرا. يشتغل هذا العقل ليلا نهارا، صباحا مساءً و يوم الأحد على مواضيع يسهل إيجاد حل جذري و نهائي لها، لكنه مضغها و أكلها و اجترها نقاشا و لكن لم يجد لها حلا حتى الآن، مثل : كتابة الدستورفي عام ، تحريم ختان البنات في الدستور، تحريم زواج القاصرات في الدستور، تجريم  ظاهرة العنف في الدستور، تجريم التطبيع في الدستور، تكدس القمامة في الساحات العامة و الطرقات (فضلات الاستهلاك المنزلي و الصناعي و الفلاحي و التجاري)، تجريم ظاهرة قطع الطرقات - لأسباب فئوية أو جهوية ضيقة - في الدستور، تجريم الإضرابات المتكررة في شركات تشرف على الإفلاس أو الهجرة و تجويع لآلاف من عائلات العمال، تحريم كثرة تغيب الأساتذة و التلامذة في الثانوي و الجامعة، تحريم اتساع الحفر في الطرق العمومية الإسفلتية العامة و الفرعية.

-         العقل العربي طاحونة، نصبُّ داخلها ماءً، تطحنه و تطحنه ثم تطحنه فيخرج ماء كما دخل مع تبذير الطاقة غير المتجددة في غير محلها، فيصحّ علينا مثلنا العربي "أسمع جعجعة ولا أرى طحنا"، نسمع يوميا في التلفزة و الإذاعة مئات المفكرين التونسيين من اليمين و من اليسار، موالاة و معارضة، يتبارون في إبداء الرأي و مقارعة الحجة بالحجة فترتفع معنوياتك و تقول "والله أصبحنا أمة متقدمة"، لكن ما إن تطأ قدماك الشارع حتى يُنبئك الأنف قبل النظرْ أنّ شيئا في الواقع لم يتغيّرْ.

-         أما البحث العلمي و التحضير لمستقبل أفضل فقد أوكلناه لرب العالمين و نعم الوكيل. صحيح أن رب العالمين ربما يحبكم لأنكم أمة محمد لكنه لا يعول عليكم لذلك أوكل مهمة العلم و العمل إلى صنائعه و عباده من العجم الغربيين و الآسيويين الذين لم يفعل بهم ما فعلتم أنتم بهم و لم يقصِهم من مملكته الواسعة الرحبة الرحيمة و شملهم برعايته الربانية و من حسن حظكم، سخّرهم لخدمة إخوانهم من البشر الجاحدين أمثالكم. أركبوكم الطائرة و السيارة و صنعوا لكم الدواء لأمراضكم المستعصية، صنعوا منكم علماء كبار بعقول غربية مكتسبة داخل أمخاخ عربية موروثة كزويل و الباز و محمد أوسط العياري و مئات الآلاف من أمثالهم، و للأسف الشديد شغّلوهم و وظفوهم في مخابرهم هم، لخدمة أغراضهم الإنسانية و غير الإنسانية و حل مشاكلهم هم لا مشاكلكم أنتم.

-         احتضنكم العَلمانيون الغربيون - سلطة وشعبا - وقت الشدة و آووكم في ديارهم و في أفخم نزلهم و أحسنوا ضيافتكم بأكثر كرم من الضيافة العربية و  درّسوكم في أكبر جامعاتهم مجانا و منحوكم اللجوء السياسي تسامحا و أعطوكم مجانا حرية و أمانا و كرامة و عدلا، قيم افتقدتموها بالجملة في بلدانكم الإسلاموية الديكتاتورية فتمردتم عليهم و تبوّلتم على النعمة التي أكلتم منها كما تفعل القطط غير الأليفة و نعتموهم بأبشع النعوت، فصحّ فيكم قول أكبر شاعر عربي لدينا منذ بداية التاريخ، أبو الطيب المتنبي: "إن أنت أكرمت الكريم ملكته ... و إن أنت أكرمت اللئيم تمردا". أعلمكم أيا الناكرون الجميل و الجاحدون النعمة من قيادات النهضة الحالية أن عَلمانيِّ تونس البسطاء لم يتمتعوا مثلكم بمزايا العَلمانية الغربية. فوالله ثم والله، لو كان للعَلمانية الغربية دَينٌ أو جميل لدى العرب المسلمين فهو الدَّين المعلّق في رقابكم و أنتم أكثر الناس المطالبين برده أو تقديره و احترامه على الأقل و لو كنت مكانكم في السلطة لأقمت للعَلمانية الغربية صرحا عظيما أو تمثالا مكان تمثال "المنڤالة" في ساحة 14 جانفي، ساحة الثورة بشارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة.

-         قلتم في إخوانهم من العَلمانيين التونسيين و المصريين (و لا تنسوا أنهم في الوقت نفسه إخوانكم في الهوية و الوطن و الدين و النسب و العرق و اللون و المذهب و الثقافة) ما لم يقله مالك في الخمر: متطرفين، ملحدين، شيوعيين، يساريين، حداثيين، مثليين، كفار، فسّاق، زنادقة، متخنثين، رقّاصين، مائعين، منبتّين، خونة، عملاء، صهاينة، لا دين و لا ملة، طابور خامس. قد يكون في العَلمانيين الغربيين و خاصة في الحكّام منهم  كل هذه الأوصاف أو بعضها لكنهم يبقون و بكل هذه العاهات المتعددة أفضل من حكامنا المخلوعين و الحاليين لأنهم - على الأقل - رحماء بينهم أشدّاء على الأعداء (الأعداء هم فقراء و مهمّشي العالَم الغربي و غير الغربي) و خطؤهم أنهم جعلوا من رعاة السعودية ملوكا و من المنقلب على أبيه أميرا على قطر و جعلوا للعرب قمرا يتجسس على العرب لحماية إسرائيل دون علم مموليه و سلّحوا مجاهديكم الشباب و الشابات المغرّر بعقولهم و أجسادهم و جعلوا منهم أبطالا يبيدون مواطنين و مدنا و قرى سورية و أتلفوها أكثر مما أتلفها الديكتاتور الأسد الأب و الأسد الابن و نصّبوا مرسي و المرزوقي رؤساء عليكم و جعلوا "نهضتكم" نكبة عليكم و بدلوا الحق باطلا فأصبح السبسي و ريكوبا من قواد  ثورتكم و أصبح شكري بلعيد شهيدها و العمال بالفكر و الساعد عبيدها و أصبح المثقف فيكم مهمّشا و أصبح الجاهل فيكم إماما. لقد أبليتم البلاء الحسن تقتيلا و تنكيلا في إخوانكم السوريين العرب المسلمين و نسيتم أو تناسيتم أعداء الأمة و الدين، جيرانهم الصهاينة المحتلين المغتصبين المستوطنين لا بل فعلتم العكس و استقبلتم كبيرهم "ماك كاين" في تونس بالأحضان و أقمتم للجهل المقدس تمثالا "أمريكيا - خليجيا - سلفيا - رجعيا" و عبدتموه يا حكام العارعوض الواحد القهار فأصبحتم من المشركين دون أن تعوا بشرككم.

-         من القيم التي تعلمتها من 8 سنوات بحث علمي قضيتها متنقلا بين تونس و فرنسا، قيمة تجنب التعميم و خاصة في الخطاب  غير العلمي أو الخطاب العاطفي الانطباعي مثل خطابي هذا و أستثني الشرفاء منكم و منا و هم كثر، الشرفاء الذين شاركوا في الثورة و لم يشاركوا في اقتسام الغنائم و شغل الكراسي، هؤلاء هم الذين يخافون ربي بصدق، أما أنتم يا قيادة النهضة و التكتل و المؤتمر فأبعد ما تكونوا عن خشية الله سبحانه و تعالى لأن من يخشى الله يخشى عباده الفقراء - و ليس الأغنياء المترفين الفاسقين المستغِلّين المفسدين في الأرض - مسلمين كانوا أو غير مسلمين، يساريين أو ليبراليين، إسلاميين أو عَلمانيين، سلفيين أو قوميين أو شيوعيين، شرقيين أو غربيين، يهود أو مسيحيين أو بهائيين أو بوذيين أو إحيائيين أو ملحدين أو لاأدريين. أما أنتم يا قيادة ترويكية انتهازية طماعة، فأخشى ما تخشونه هو معبودكم الجديد أو عجلكم الذهبي أو صنمكم القريشي الذي يتجسم في الثنائي المدنس "أمريكا و ملوك و أمراء الخليج" الذين لو نفعوا لنفعوا يلدانهم أولا أو بلدان العراق و الصومال و أفغانستاان و سوريا و المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين و أنتم كمسلمين و عرب لُدِغتم من أمريكا ألف مرة و لم تتعظوا فيبدو لي - و الله أعلم - أنكم لستم إذن من الفرقة الناجية من المؤمنين، فنحن إذن المؤمنون الحقيقيون النزهاء الصادقون و المعتزون بثوريتنا، نحن الفقراء الصادقون المخلصون المهمشون رغم أنوفنا، يساريين كنّا أو نهضاويين أو قوميين أو دستوريين غير متهمين أو سلفيين غير جهاديين و غير عنيفين أو ليبراليين غير رأسماليين متوحشين.

الإمضاء
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي أو بالحيلة، لأن الحيلة تُعتبر عنفا مقنّعا و غير مباشر.
الكتابة بالنسبة لي، هي مَلْءُ فراغ، لا أكثر و لا أقل، و هواية أمارسها و أستمتع بها، متعة ذهنية لا يمكن أن تتخيلوها.
تحية دائمة و متجددة لزملائي المربين: في ألمانيا المعلمون أعلى دخلاً في البلد، وعندما طالب القضاة والأطباء والمهندسون بالمساواة ؛ ردت عليهم ميركل: كيف أساويكم بمن علّموكم؟
قال ويليام بلوم: لو كان الحب أعمى فـالوطنية الشوفينية الضيقة الإقصائية  و المتعصبة فاقدة للحواس الخمس.






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire