دردشة
مقاهي: هل زاد استلاب الإنسان لأخيه الإنسان (َAliénation de l’homme par
l’homme) أو نقص مع حكم الماركسيين
الجدد و حكم الإسلاميين الجدد؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار
دردشة
في مقهى، يوم السبت 31 أوت 2013 على الساعة العاشرة صباحا، بمقهى "الويفي"
بحمام الشط الغربية، بيني و بين صديقي الجديد و جليسي اليومي أستاذ الفلسفة القدير
المتقاعد حبيب بن حميدة.
مَن
هم الماركسيون الجدد؟
هم
الحكام الديكتاتوريون و المناضلون الأورتدوكسيون اللينينيون و الستالينيون و
الماويون في الدول الشيوعية السابقة و الحالية، كالاتحاد السوفياتي و دول أوروبا
الشرقية و الصين و كوريا الشمالية و كمبوديا و كوبا و فيتنام و ألبانيا. أما الأفراد
الشيوعيون و الديمقراطيون الاشتراكيون الحاليون المسالمون المنتمون العاديون الذين
قاموا بالنقد الذاتي لهذه الأنظمة و زعمائها الديكتاتوريين باسم البروليتاريا، و
اعتنقوا الديمقراطية و العَلمانية (نظام الاتحاد السوفياتي تحت لينين و ستالين و
غيرهم من الزعماء التابعين، لم يكن نظاما ديمقراطيا لعدم إيمانه بالتعددية الحزبية
و لا بالتداول على السلطة و لم يكن نظاما عَلمانيا
لأنه اتخذ من الإلحاد عقيدة و لم يؤمن بحرية المعتقد)، فأنزههم عن كل تشويه
للماركسية عن قصد و أعتقد أن نيتهم في الإصلاح سليمة ما داموا لم يشرعوا بعدُ في
استعمال الديكتاتورية وسيلة لتحقيق غاياتهم الشيوعية الإنسانية النبيلة.
مَن
هم الإسلاميون الجدد؟
هم
الحكام المستبدون و الدعاة الإسلاميون المتشددون السلفيون - عِلميون و جهاديون - و
الوهابيون و الإخوانيون و التحريريون في الدول الإسلامية السابقة و الحالية، كنظام
طالبان و السعودية و قطر و السودان. أما الأفراد الإسلاميون الحاليون المسالمون المنتمون
العاديون الذين قاموا بالنقد الذاتي لهذه الأنظمة و زعمائها المستبدين باسم
الإسلام، و اعتنقوا الديمقراطية و
العَلمانية (تركيا المسلمة اعتمدت الديمقراطية و العَلمانية نظاما سياسيا رغم أن
الحزب الحاكم فيها إسلامي إخواني)، فأنزههم عن كل تشويه للإسلام عن قصد و أعتقد أن
نيتهم في الإصلاح سليمة ما داموا لم يشرعوا بعدُ في استعمال الاستبداد الديني
وسيلة لتحقيق غاياتهم الدينية الإنسانية النبيلة.
1.
الإسلاميون الجدد و استلاب
الإنسان لأخيه الإنسان؟ مقاربة فلسفية غير عميقة (دردشة
مقاهي) و ليست دينية فقهية (نحن الاثنان لسنا مختصين أو دارسين أكاديميين للتراث
الإسلامي).
بدأنا
بالإسلاميين الجدد أو ما يُسمى بالصحوة الإسلامية، فقال جليسي: خلافا لِما قد
يفهمه غير الدارسين لفكر الحركات الإسلامية السلفية المعاصرة، فهي حركات حداثية
مجددة للدين الإسلامي. أتت بفهم و توظيف جديدين للتراث الإسلامي، فالسلفيون في
الواقع ليسوا سلفيين بل حداثيين.
لقد
كرّم الله الإنسان عندما ساواه بأخيه الإنسان و منحه حرية لم يكن يحلم بها إنسان
عصره، و حرّم عليه الاستقواء على أخيه الإنسان باستعمال المال أو الجاه أو النسب
أو القبيلة، و لو بُعث محمد - صلى الله و سلم - من جديد لأنكر على الإسلاميين
الجدد أفعالهم، و لم يعترف مثلي بصدق سلفيتهم، لكن أظن أنه - من كرم و نبل أخلاقه
- لن ينكر عليهم إسلامهم.
يعج
القرآن الكريم بآيات تحرّض الإنسان على تحمل المسؤولية في الحياة الدنيا دون
انتظار نبي منقذ آخر، و في التراث الإسلامي أكد المعتزلة في العصر العباسي على العدل الاجتماعي و أسسوا التيار العقلي الذي يقول
أن العقل هو المسئول عن أفعال الإنسان، فسبقوا سارتر في تحميل المسؤولية كاملة
للإنسان بعشرة قرون أو أكثر قليلا.
لقد ألغي الله في قرآنه الكريم كل أنواع الاستلابات:
-
ألغي الاستلاب السياسي: أمر بعدم عبادة الشخصية و نهى عن استعباد و
استغلال الإنسان لأخيه الإنسان. أمر بالعدل و نهى عن الظلم. عدل لا يعرف حكمته إلا
هو سبحانه و تعالى.
-
ألغي الاستلاب المادي: يحب
الله من عباده الفقراء و الضعفاء و يتوعد الجبابرة و كانِزي الذهب و الفضة.
-
ألغي الاستلاب الديني بإلغاء رجال الدين و الكنيسة
في الإسلام: أرجأ الحساب ليوم الحساب لحكمة لا يعلمها إلا هو عز و جل، و ربط عبده
بعلاقة عمودية مباشرة مجردة و سرية مع خالقه، علاقة لا دخل لأي إنسان آخر فيها، حتى و لو
كان سيد الخلق نفسه صلى الله عليه و سلم، و حساب خال من المحسوبية المادية أو الاجتماعية
أو العرقية أو المذهبية أو اللونية أو الجنسية.
جاء التتار - الإسلاميون
المتشددون الجدد - و ألغوا كل المكرمات الربانية على الإنسان:
-
شجعوا على الاستلاب
السياسي: نصّبوا أنفسهم حكاما و دعاة باسمه و دعوا الناس لطاعتهم و لو في معصية
الله.
-
أرسوا استلابا ماديا
شرعيا: اعتمدوا الرأسمالية المتوحشة نظاما اقتصاديا و تغافلوا عن المكتسبات
المادية للنظام الاشتراكي.
-
أسسوا استلابا دينيا غريبا
عن إسلام السلف الصالح: صنع الشيعة لأنفسهم كنيسة سمّوها "ولاية الفقيه"،
و صنع السنة لأنفسهم رجال دين سموهم "علماء و دعاة المسلمين". تدخلوا بين
الخالق و المخلوق، و كفّروا إخوانهم
المسلمين، و قدّموا يوم الحساب دون حساب، و أفتوا بالقتل في سوريا و العراق، و عامَلوا
الناس ظلما حسب المستوى العلمي و المادي و الاجتماعي لهؤلاء الأخيرين المحكومين و حاسبوهم
دون محاكمة أو رقيب حسب نسبهم و مذهبهم و لونهم و جنسهم.
2. الماركسيون
الجدد و استلاب الإنسان لأخيه الإنسان؟
جليسي
يغني و أنا أرد عليه : خلافا لِما قد يفهمه غير الدارسين لفكر ماركس و لينين و
ستالين و ماو، فهؤلاء الثلاثة اللاحقون، يبدو لي أنهم شوهوا الماركسية عندما
حاولوا تطبيقها بالعنف و القهر و الظلم و الاستبداد. أتوا بفهم و توظيف جديدين
للنظرية الماركسية، فالحكام و المناضلون اللينينيون و الستالينيون و الماويون، في
الواقع ليسوا ماركسيين بل معادون للماركسية و مبادئها و مثلها العليا التي تفوق في
بعض الأحيان المثل الدينية السامية مثل "قدّم حسب جهدك و خذ حسب حاجتك"،
و هذه قمة في نكران الذات و التضحية من أجل سعادة الآخرين، و لو رجع ماركس من
منفاه الأبدي لأنكر عليهم أفعالهم و لم يعترف مثلي بماركسيتهم.
Selon Marx : Source Internet: CNRTL
1. l'aliénation fondamentale réside dans les rapports
de production : la division du travail et l'appropriation individuelle des
moyens collectifs de production provoquent une situation infra-humaine où l'homme
est exploité par l'homme
2. Le produit de l'activité humaine est séparé de
son producteur et accaparé par une minorité : la substance humaine est absorbée
par les choses produites, au lieu de revenir à l'homme
3. Des formes abstraites, l'argent, la marchandise,
le capital s'érigent en idoles, deviennent étrangères à l'homme et l'écrasent
de leur puissance absorbante
4. L'aliénation politique est la projection de l'aliénation économique dans l'organisation de la société
civile : l'État est l'instrument dont se sert la classe capitaliste pour
assurer politiquement sa domination et son oppression sur la classe asservie
5. L'aliénation religieuse est le reflet imaginaire dans les
cerveaux humains des forces extérieures (d'abord de la nature, puis de la
société) qui écrasent les hommes. C'est parce que l'existence sociale de
l'homme est une existence malade que la conscience humaine élabore des rêves
compensatoires qui anesthésient ses souffrances : la religion est ainsi l'opium
du peuple. Birou1966
سأحاول أن آتي على التعريف الماركسي نقطة نقطة و
أستعين به لأقيس مدى تمسك الماركسيين الجدد (الأنظمة و الأحزاب اللينينية و
الستالينية و الماوية الماضية و الحالية) بمبادئ الماركسية في ما يخص موضوع استلاب
الإنسان لأخيه الإنسان:
1. لا زالت علاقات الإنتاج هي هي (مستغِل و مستغَل)
و لا يزال تقسيم العمل على حاله مثل ما هو معمول به في الدول الرأسمالية (مؤجر و
أجير) و لا يزال مالك وسائل الإنتاج الجماعية واحدا و ليس جماعة. كل ما في الأمر
أن مسميات جديدة ماركسية مزيفة عوضت مسميات رأسمالية واقعية قديمة، فأصبح المستغِل
و المؤجر و الواحد هو النظام الماركسي الجديد، و بقي العامل مستغَلا و أجيرا و غير
مالك لوسائل الإنتاج كالعادة، و زاد استلابه من قبل أخيه الإنسان، و نزلت إنسانيته
إلى أسفل السافلين في السلم الاجتماعي، و سُلِبت كل حرياته (حرية التعبير و حرية
الاعتقاد و حرية التفكير و حرية الاختيار و حرية النشر و حتى حرية التنقل داخل
بلده و خارجها)، و مما زاد استلاب العامل استلابا أن يُبرر كل هذا الظلم باسم
ديكتاتورية البروليتاريا و هي في الواقع ديكتاتورية الحزب الشيوعي الحاكم الأوحد و
الظالم الأكبر و المستغِل الأبشع.
2. لا زال منتوج العامل مفصولا عن العامل المنتج، و
لا يزال هذا المنتوج محتكرا من قبل قلة من كوادر الحزب االشيوعي، توظفه حيث ما
تشاء دون استشارة العامل، و ذلك ناتج عن انعدام
العمل النقابي المستقل في الدول الشيوعية، و تعويضه بشُعَبِ مهنية، تسمي نفسها
نقابات حمراء، تعدّ على العامل حركاته و أنفاسه و تنقلاته، عوض أن تطالب بحقوقه
المسلوبة من دولة "ديكتاتورية البروليتاريا". و لا يزال الربح و القيمة
المضافة للسلعة الخام من قبل العامل تُسرق من العامل، و لا يزال مجهوده يرجع
بالفائدة على غيره، غيره التي تغير اسمه فقط من رأسمالي فرد إلى رأسمالية الدولة
الشيوعية.
3. لا تزال نفس الأصنام (النقود، السلع، رأس المال،
وسائل الإنتاج) تقف في وجه العامل و تدهسه و تسحله سحلا، بل ازدادت قوة و بطشا بالعامل
عندما تجمعت في يد مالك واحد أو ديكتاتور واحد أو حزب واحد، و عوض أن يعوّل العامل
في العمل على الآلة، و يتحرر من العمل، و يحقق ذاته، و يصنع مصيره بنفسه، و يتفرغ
للجمال و الفن، أصبح هو نفسه آلة و غرق في
الأعمال الشاقة، و لم يحقق ذاته كإنسان، و سُلب منه تقرير مصيره، و وُضع صنع
مستقبله تحت تصرف "أياد قذرة" غير أمينة، هي أيادي الكوادر العليا و
الوسطى و الدنيا للحزب الشيوعي الحاكم الأوحد الديكتاتور المعصوم من الخطأ.
4. نظّر ماركس حالما باضمحلال الدولة، محتكرة
السلطة و العنف من أجل بسط سيطرتها و ممارسة قمعها للطبقة العاملة، فخيّب ظنه
الماركسيون الجدد، و بنوا دولا أبشع و أكثر قمعا من الدول الرأسمالية، دول تفننت
في قتل الملايين من شعوبها دون ذنب يُذكر إلا المطالبة بالحرية و صنع تاريخهم و
مصيرهم بأنفسهم، حلم بشرهم به ماركس.
5. تغير الاسم و
بقي المعنى، حاربوا شكليا الدين التقليدي و أرسوا مكانه دينا جديدا اسمه اللينينية
أو الستالينية أو الماوية، و أنكروا شكليا وجود الرب التقليدي، و خلقوا مكانه ربا
جديدا اسمه "الشيوعية"، فبقي الإنسان المريض و المستلب مريضا و مستلبا،
لكن من قبل دين جديد و رب جديد، و بقي الوعي البشري يبني قصورا من الأحلام التعويضية
التي تخدر آلامه فأصبحت الشيوعية هي أفيون الشعوب.
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد، الفاتح من سبتمبر 2013
(أنا لست قذافيا و لا قوميا و لا ماركسيا و لا إسلاميا و لا رأسماليا ليبراليا و لن أكون، أنا اشتراكي ديمقراطي الفكر و
لا أنتمي لأي حزب سياسي).
تعديل مهم: أنهيت مقالي أعلاه بالجملة التالية: الخطأ: "فأصبحت الشيوعية هي أفيون الشعوب". التعديل:"فأصبحت الشيوعية هي أفيون المثقفين العرب و ليست أفيون الشعوب العربية الإسلامية، لأن الشيوعية نظرية فلسفية معقدة (بالمعنى الإيجابي للكلمة)، لذلك فهي ليست في متناول العمال الذين خُلِقت من أجلهم، و لذلك أيضا، يبدو لي أن جل أعضاء الأحزاب الشيوعية العربية، هم من المثقفين البورجوازيين الصغار، و لا ينتمون إلى الطبقة البروليتارية بالمعنى الماركسي الحرفي لمفهوم البروليتاريا".
RépondreSupprimer