سلسلة نقد النظام الداخلي
للاتحاد العام التونسي للشغل. جزء 3:
لماذا أطالب
بإلغاء التفرّغ النقابي في كل هياكل الاتحاد؟ مواطن العالم د. محمد كشكار
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 6 نوفمبر 2010.
إلغاء التفرّغ النقابي في كل هياكل الاتحاد، في منتصف الثمانينيات، كان يراه البعض هجمة من السلطة
على الاتحاد و أراه أنا " رُبّ ضارّة نافعة".
الوضع الحالي: يتمتع عديد النقابيين على المستوى الوطني و الجهوي و
المحلي بتفرغ نقابي كامل.
أعطي مثالا للتوضيح: أستاذ محترف
في النشاط النقابي و في أغلب الحالات منتمي إلى بعض الأحزاب المعارضة غير المعترف
بها من قبل السلطة، يباشر عمله في المعهد، فاز في انتخابات النقابة العامة للتعليم
الثانوي، يقدم مطلبا للاتحاد طالبا التفرّغ، عند موافقة الاتحاد و وزارة التربية، يتخلى
الأستاذ تماما عن التدريس و الذهاب إلى المعهد و يباشر الأستاذ السابق عمله الجديد
في دار الاتحاد. يبقى يتقاضى مرتبا شهريا كالعادة من وزارة التربية كامل مدة تفرّغه
النقابي.
السؤال: لماذا تواصل وزارة التربية دفع أجر محترف نقابي
"يناضل" ضد مصالحها؟
هل جُنّت وزارة التربية حتى
تدفع أجر شخص محترف، متفرّغ للعمل ضدّ مصالحها ليلا نهارا، صباحا مساء و يوم الأحد،
متنقلا من بنزرت إلى بنقردان؟
ربّ معترض يقول: الأموال
العامة هي أموال الشعب و الوزارة تدفع أجر النقابي المدافع عن حقوق دافعي الضرائب
و هي صاغرة و لا مزية تنسب لها. لا تنسوا أننا في تونس و لسنا في سويسرا.
كلام جميل في حق الوزارة لكن
غير صحيح و لا يصدّقه أي نقابي و خاصة المنتمي لحزب معارض.
أقترح البديل التالي، الذي
ينتظر تعديلاتكم و تنقيحاتكم و تصحيحاتكم
أطالب بإلغاء التفرّغ النقابي
تماما، سوى كان على حساب الوزارة أو على حساب الاتحاد نفسه و على النقابيين المتطوّعين
مواصلة عملهم في مهنهم حتى لا يبتعدوا عن مشاغل ناخبيهم و ينسوا قاعدتهم.
يتفرّغون، لماذا؟ يتفرغون
لـ"التكنبين" و التحالفات المشبوهة و ربط علاقات بيروقراطية مع الهياكل
النقابية العليا و المسؤولين المتنفذين في الوزارة لتأبيد سلطتهم النقابية البيروقراطية و قضاء مصالحهم و مصالح
أقاربهم و أصدقائهم و اكتساب مهارات خطابية تضخّم من مكتسبات المفاوضات حتى
تمرّرها.
التفرغ هو بمثابة حاضنة
صناعية، كحاضنة بيض الدجاج، تتوفّر داخلها الشروط المثالية لتفريخ بيروقراطية
جديدة ترث القديمة و تواصل مشوارها الانبطاحي. من هذه الشروط: الدفء في المكتب
المكيّف و جنون العظمة و الكلمة الأخيرة و الفاصلة في كل الاجتماعات النقابية و حل
المشاكل المستعصية على العامة بالتلفون و حضور المناسبات دون مناسبات في النزل
الراقية.
التفرّغ يعلّم الاحتراف و
الاحتراف يولّد بيروقراطية و البيروقراطية لا تورّث إلا بيروقراطية أسوأ منها.
أمضي مقالي كالعادة
بجملتين مفيدتين: "أنا أكتب - لا لإقناعكم بالبراهين أو الوقائع - بل بكل
تواضع لأعرض عليكم وجهة نظر أخرى"....."على كل مقال سيّئ نردّ بمقال
جيّد لا بالعنف اللفظي.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire