samedi 21 septembre 2013

جواز عتريس من فؤادة باطل، رغم شرعيته! تأليف و توظيف مواطن العالَم د. محمد كشكار

"جواز عتريس من فؤادة باطل، رغم شرعيته"! تأليف و توظيف مواطن العالَم د. محمد كشكار


تاريخ أول نشر أو إعادة نشر على مدونتي و على صفحتيَّ الفيسبوكيتين: حمام الشط في 14 فيفري 2013.

ملاحظة منهجية:
لقد استعرت عنوان المقال أعلاه وقصته من فيلم الراحل حسين كمال عن رواية "شيء من الخوف" للروائي المصري العظيم ثروت أباظة، و قد أصبح هذا الفيلم من كلاسيكيات السينما المصرية الرائعة، بطولة الفنانة الرقيقة شادية والفنان القدير محمود مرسى.

بمناسبة عيد الحب العالََمي، أهدي هذا المقال إلى العشيقين غير المتزوجين، الثوار و تونس، بعد شهر العسل، من 17 ديسمبر 2010 إلى 14 جانفي 2011، قضاه العاشقان بين شوارع و ساحات سيدي بوزيد و تالة و القصرين و بوزيان و بنڤردان و دوز و صفاقس و بنزرت و الكاف و ساحة محمد علي و شارع بورڤيبة و شارع محمد الخامس و القصبة في تونس العاصمة.

مِن عادات العرب القديمة أن لا يزوجوا ابنتهم (تونس فؤادة) إلى عشيقها (الشعب الثائر)، خاصة إذا ما تظاهر هذا العاشق بحب عشيقته و تغزّل بها علنا في الشوارع و الساحات. و عروستنا (تونس) مطلّقة مرتين، الطلقة الأولى مفروضة عليها رغم عدم نفورها الكبير من الحاكم الأول (بورقيبة)، أما الطلقة الثانية فقد قرر مصيرها أبوها (الشعب) و طلقها من الحاكم الثاني (بن علي) إنشاءً (ثورة شعبية)، حفاظا على شرف ابنته و شرف العائلة من القيل و القال الذي دار و انتشر حول نزوات العريس الثاني (بن علي) و خاصة عندما بدأ يعنف زوجته هي و أبنائها البالغين و القصّر و بدأ يخونها علنا أمام القاصي و الداني.

خَطَبَهَا الثالث و هو الحاكم الثالث (حزب حركة النهضة)، فرضيت به حياء و خجلا من أجل عيون أغلبية عامة القرية (فاز بها بعد انتخابات ديمقراطية حرة نزيهة و شفافة و ذلك باعتراف أحزاب المعارضة التونسية و كل المنظمات الحقوقية العالمية و التونسية) و تزوجها و حضر زواجهما قرابة الأربع ملايين مواطن تونسي شاركوا في الانتخابات و أمضى على صداقهما كشهود مليون و نصف ناخب متعاطف مع حزب حركة النهضة. تعجل أبوها (الشعب) و زوّجها إلى الخطيب الثالث (حزب حركة النهضة) و هي لم تكمل بعدُ شهور العدة، و ربما تكون حاملا من الحاكم الثاني رغم ثبوت عقم هذا الأخير قبل و بعد الزواج. استبشر أهل القرية خيرا و هم يجهلون أن البنت (تونس فؤادة) مكرهة " يا بهية يا فؤادة مغصوبة مصلوبة بالقهر منقاده بالذل مطلوبة "، و فرحوا و زغردوا و رقصوا كما لم يرقصوا منذ زواجها الأول طمعا في هدايا أعيان القرية المجاورة (الثالوث المدنّس: أمريكا و السعودية و قطر). قدّم الخطيب الثالث (حزب حركة النهضة)  للعروسة تونس مهرا غاليا، لم يقدر على تقديمه منافسوه من العاشقين الثوريين المهمّشين. غضب أبناء عمومة الزوج الثاني (بن علي)،  و استشاطوا غضبا معتقدين أنهم أولى من الثالث بأرملة ابن عمهم، فقام كبير أهل العريس الثالث (الأستاذ راشد الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة) و ألّف بين قلوبهم و  منح أعيانهم أعطية و ضمهم إلى حاشيته و بفضله و نوره و بركاته أصبحوا ثوريين بعد ما كانوا أزلاما و فلولا و مندسّين و من نعَم الله على هؤلاء الأخيرين، أن وجد شيخنا فيهم "عقلاء" فعيّنهم في مجلس الحكماء.

من العادات التقليدية للعائلات التونسية الكريمة أن يدعو العريس جميع سكان القرية الصغيرة إلى الغداء و العشاء لمدة سبعة أيام متتالية (المدعوون المحتملون هم المواطنون التونسيون بجميع أطيافهم، إسلاميون مستقلّون و يساريون و عَلمانيون و حداثيون و قوميون و ليبراليون و نقابيون قاعديون و حقوقيون و فنانون و مبدعون و صحافيون و مثقفون مهمّشون و شعراء و منتجي العلم و الفكر و الأدب، نساءً و رجالا، شيبا و شبابا، عمّالا و عاطلين، جنوبيين و شماليين، أغنياء و فقراء، تجارا و فلاحين)، سبعة أيام يكون فيها الضيوف أسيادا و أهل العريس خدما (نهضاويو السلطة) و "سيد القوم خادمهم" ، يستقبلون ضيوفهم ببشاشة و حب و ود و احترام حتى لو كانوا مختلفين معهم قبل العرس و يقدمون لهم - دون تمييز و عن رضاء تام - ما لذ و طاب من الطعام و لا يأكلون إلا بعد أن يشبع كل أهل القرية خاصة بعد جوع هؤلاء الأخيرين الذي دام منذ حرب الجلاء سنة 1962. غفل أهل العريس عن استجلاب طباخ ماهر فتولت مهمة الطبخ قريبات العريس اللواتي أتين من المهجر و اللواتي نسين أصول الطبخ التقليدي التونسي،  فكانت وليمة العرس مالحة و كالحة، ، كل مَن ذاقها من أهل القرية، لفضها و فضّل جوعه القديم عليها، رغم أن الجوع أمهر الطباخين كما قال الأولون.

خرج جل أهل القرية ناقمين على سوء تنظيم أهل العريس لعرسهم، و ذلك لعدم قيامهم بواجب الكرم و الضيافة على أحسن ما يُرام، لا لانعدام الكفاءات في صفوفهم بل "شوية من الحنة و شوية من رطابة اليدين" كما يقول المثل الشعبي التونسي و من سوء حظ أهل العريس أنهم وقعوا تحت مطرقة الثالوث المدنس و سندان معارضة حزبية إيديولوجية تعشق السلطة مثلها مثل "حزب حركة النهضة" و لا تعشق "تونس - فؤادة" مثلها مثل "النهضة" أيضا. لحق بالغاضبين عن العرس عند خروجهم، نفرٌ من "رابطة حماية أهل العريس أو الحاكم لثالث" متسلحين بعصي غليظة و قذفوا المعارضة-الخوارجَ بالحجارة و اتهموهم بإفساد عرس "عتريس و فؤادة" العلني الأول، و بصلف و كبرياء تفاخروا أمام الملأ بنضالهم ضد الزوج الثاني (بن علي) الذي دام زواجه بتونس ثلاثة عقود، ثلاثون عاما، ذاق فيها أهل العريس الثالث أو الحاكم الثالث (حزب حركة النهضة) الأمرّين من تقتيل و سجن و تعذيب و تشريد و سرية، و توجهوا إلى منافسيهم في حب "تونس فؤادة" و قالوا: أقدّمتم مهرا مثل الذي قدمناه قربانا للعروسة يا بني علمان، نحن قدمنا مائة شهيد و ثلاثين ألف سجين و عشرات الآلاف من المنفيين قسرا و اضطرارا، هل تشردت و تشتتت عائلاتكم و اغتُصِبت بناتكم و جاع أبناؤكم و أُهِينت كرامة زوجاتكم، حاملات القفة أسبوعيا، و حُرمتم ظلما من حضور  جنازات أمهاتكم و آبائكم و طُردتم من جامعاتكم، و هل هجم المدجج بالسلاح و الكلاب، البوليس الغاشم بالعشرات، على دياركم و شبهة على ديار أقاربكم من تحت الأرض و من شقوق الجدران و من فوق السطوح و الأسوار، ظنا منه أنه سيقبض على ابنكم الشاب الخوانجي المنتمي البرئ الهارب ذعرا من التعذيب، و أقضَّ البوليس المتطفل دون إذن من وكيل الجمهورية مضاجعكم و أيقظ أبناءكم الرضع و التلاميذ مفزوعين في أنصاف ليالي شتاء بارد و قارص؟

أما عاشق "تونس - فؤادة" الجديد فهو "شكري بلعيد"، الشهيد المحرّم عليه تقليديا العشق العلني لذلك قُتل ما إن أعلن على الفضائيات عشقه للعروسة تونس ، أصبح الشهيد بلعيد رمز قبيلة بني علمان خصم قبيلة الإخوان،  و قد عارض بشدة و شراسة زيجة "فؤادة و عتريس" (تونس  و الإخوان) قبل و بعد حدوثها، أضرب و اعتصم و تجمّع  و صاح في القرية غاضبا مزمجرا و قال في نهاية الفيلم مرددا وراء أهالي الدهاشنة:
جواز عتريس من فؤاده باطل
يا بهية يا فؤادة مغصوبة مصلوبة
بالقهر منقاده بالذل مطلوبة
صوت الدفوف غطى على دمعة مغلوبة
قرب خلاص عالبنية يرفع لها الطرحة
حوشوا الصبية يا ناس مسروقة منهوبة
شرف الصبايا انداس وحقوقها مسلوبة
يمامة راح تندبح والدم راح ينساح
دم العباد للركب صبحت بلاد أشباح
ياللى شفت وسكت فالحق بتماطل
جواز عتريس من فؤاده باطل
قلب البلد معصور من الحرقة
خفافيش ظلام  و ديابة سرقوا البلد سرقة
ودى زفة كدابة 30 سنة غرقة
ملعون أبو التوريث
عتريس ورث عتريس شنق البلد شنقة
الناس بقوا أرانب فجحورها مرعوبة
و فؤادة يا خوانا بالطاغية منكوبة
حافضل أنادى وأنادى ولآخر المشوار
هاصرخ و أعارض وأعادى
ولا أرضى ذل وعار
و لا عوم على عومهم
فينك يا شيخ بَراهيم
تمشى فجنازة الصبى
تشعل مشاعل نبى وتنور التعتيم
معادش شيء فاضل لا زعيم ولا مناضل
بس الجوازة هتفضل جوازة بالباطل
باطل
باطل

عتريس سلطان القرية و المتحكم في أهلها و الذي يريد أن يبسط عليهم سطوته وجبروته و هو عاجز "حتى على فرض الاستبداد دون استشارة الأسياد" و عاجز عن الانفراد بالحكم و الاستقلال بالرأي عن أسياده المتجسمين في الثالوث المدنس "أمريكا و قطر و السعودية"، فتواجهه زوجته الشرعية الفتاة "تونس فؤادة" وتتحداه. حاول قبل الزواج استمالتها لترويضها و تدجينها و قهرها فرفضته و لفضته. أجبرها أبوها (الشعب) على الزواج من عتريس غصبا عن طريق لعبة صندوق الانتخابات الديمقراطية النزيهة و الحرة و الشفافة.

أنا أحمّل "حزب حركة النهضة" كحزب حاكم، المسؤولية الأخلاقية و القانونية و السياسية الكاملة و التامة في جريمة قتل منافسه في حب و عشق "تونس  فؤادة" و خصمه الفكري و الإيديولوجي و السياسي و الاجتماعي، الشهيد "شكري بلعيد"، حتى و لو لم يقم "حزب حركة النهضة" هو بنفسه بتنفيذ الجريمة أو قد يكون قام بتدبيرها و تنفيذها أحد منافسيه من الداخل (السلفيون الجهاديون المعتدون على إخوانهم في الدين و الوطن) أو الخارج (بن علي و أتباعه). بعد استشهاد شكري بلعيد، ذاع سر عشقه و هيامه و نُشر شعره الغزلي بـ"تونس فؤادة"، فثارت القرية الصغيرة - نصرة لشاعرها العاشق - بقيادة أبو الشاعر "الشعب الواعي"  و صمّمت على أن الزيجة باطلة و تقدم أهلها لتحرير الفتاة من منزل "المغتصب الشرعي". ثم يُغلق الستار و تنتهي المسرحية الهزلية بمشهدين، مشهد درامي حقيقي (جنازة شكري بلعيد)، و مشهد احتفالي افتراضي يطلّق خلاله عتريس فؤادة، و يتنحى الحاكم "حزب حركة النهضة" عن السلطة المطلقة رضوخا لإرادة الشعب و يعترف بفشله قبل أن يخلعه الشعب - كما خلع الذين من قبله - أو يثور ضده كل أهل القرية الذي جعل لكل منهم ثأر لديه بمن فيهم من سبق و انتخبه و ندم. و يتعظ بما فعله الجنرال ديقول رئيس فرنسا بعد إجراء استفتاء شعبي - جاءت نتيجته ضده - فلم يكمل دورته الشرعية تنازلا و رضوخا لإرادة الشعب التي لا تعلوها إرادة المجلس التأسيسي و هي إرادة شعبية أعلى من الشرعية الدستورية، لأن الشعب هو الذي يمنح شرعية حكمه لمن يشاء و ينزعها ممن يشاء و متى شاء، و الاعتراف بالفشل فضيلة.

الإمضاء
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي أو بالحيلة، لأن الحيلة تُعتبر عنفا غير مباشر و مقنّعا.
الكتابة بالنسبة لي، هي مَلْءُ فراغ، لا أكثر و لا أقل، و هواية أمارسها و أستمتع بها، متعة ذهنية لا يمكن أن تتخيلوها.






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire