هرطقات "كشكارية"
من وحي "الربيع العربي"! مواطن العالم د. محمد كشكار
تاريخ أول نشر على النت: حمام
الشط في 7 مارس 2012.
قالوا للأعمى: ما تشتهي؟
قال: قفة من العيون.
قالوا لإسرائيل: ماذا تشتهي؟
قالت: نشكرك يا رب إسرائيل العظيم بعد ما أنعمت على أمتك
اليهودية بشتاء عربي، انتشرت فيه الحروب الأهلية في الجزائر و العراق و أفغانستان
و الباكستان و اليمن و الصومال و السودان و لبنان، و حصدت من العرب و المسلمين
الملايين من الشهداء، نسألك اللهم أن تتم نعمتك علينا و تبشرنا بربيع عربي تكمل
فيه مهمتك يا رب إسرائيل، حيث نتمتع بمشاهدة مئات الآلاف من أعدائنا العرب قتلى و
جرحى و يتامى على شاشات فضائياتهم الجزيرة و العربية، و نرى مدنهم مدمّرة و مصانعهم
محروقة و جامعاتهم معطلة و طرقهم مقطوعة و نموّهم واقف في الصفر و غازهم مصدّر
إلينا بأبخس الأثمان، دون أن نطلق كرطوشة واحدة و دون أن نفقد جنديا يهوديا واحدا
و دون أن نصرف شيكلا واحدا. آمين يا رب الصهاينة و الإسرائيليين و الأمريكيين و
الأوروبيين المتصهينين الجدد.
قالوا للمسلمين: ماذا تشتهون؟
قالوا و بصوت واحد: اللهم، يا رب
المسلمين، زلزل الأرض تحت أقدام الصهاينة المجرمين.اللهم أهلك الطغمة اليهودية والأمريكية المتجبرة الباغية, ولا تبق لهم في
أرضنا من باقية, اللهم أهلك زرعهم و أحرق محصولهم
و رمّل نساءهم ويتم أبناءهم و شرّد أحفادهم و زنّي بناتهم و نساءهم و أعق
رجالهم من الحركة. اللهم اجعل من أمامهم سدا و من خلفهم سدا وغشهم فهم عميٌ لا يبصرون. آمين يا رب العالمين.
تُرى لماذا استجاب رب إسرائيل
لأبنائه الصهاينة و حقق رغبتهم العنصرية الانتقامية و لم يستجب رب المسلمين لأبنائه
من العرب و المسلمين؟
استجاب الأول بسبب تفوق اليهود
في إسرائيل و في العالَم في العلم و العمل، و لم يستجب الثاني، الرحمان الرحيم، مالك
يوم الدين، لأنه هو القائل: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
كان لإسرائيل ما طلبت - و
الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه - بفضل الربيع العربي، لا بل زادها ربها
فوق ما أرادت و أغدق عليها نِعَمَه و جعل من أمام حكام العرب
"الثوريين" الإسلاميين الجدد، سدا و من خلفهم سدا وغشهم فهُم عميٌ لا يبصرون، و هُم مع أعداء الأمس
و الشيطان الأكبر متحالفون، و للحكام القطريين المُطبّعين تابعين، و للحكام السعوديين
الرجعيين موالين، و من السلفيين الجهاديين خائفين، و للحداثة و الفن و الإبداع و
اليسار معادين، و ضد الشعب السوري متآمرين، و على حرق المصاحف من قبل الأمريكان في
أفغانستان صامتين، و لحرية الإعلام قامعين، و للأسعار مشعلين.
نسأل الله حسن العاقبة
و نرجو لحكامنا سلامة البصر و البصيرة حتى يفرّقوا بين العدو و الصديق، فالمرء لا
يُلدغ من الجحر مرتين، فإن لدغنا مرة فتبا له و إن لدغنا مرتين فتبا لنا و ألف تبة
و أمريكا لدغتنا ألف لدغة. فهلاّ أفقنا يا معشر العرب و المسلمين؟ نسأل حكامنا
الالتفات إلى مشاكل شعبنا عوض خدمة الأجندات الأمريكية و القطرية و السعودية و
السلام.
إمضائي المختصر
لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في
أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسان المجتمع، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه من أجل بناء أفراده الذاتي لتصورات علمية مكان تصوراتهم
غير العلمية و على كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري و على
كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي أو الرمزي.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire