mardi 30 septembre 2014

آراء غريبة سمعتها من بعض المنتسبين إلى الإسلام السياسي المعاصر، و كمسلم غير إسلامي، معارض غير مُعادِ، و غيور على تراثي، وددت في تلك اللحظة أن تنشق الأرض و تبتلعني! مواطن العالَم د. محمد كشكار

آراء غريبة سمعتها من بعض المنتسبين إلى الإسلام السياسي المعاصر، و كمسلم غير إسلامي، معارض غير مُعادِ، و غيور على تراثي، وددت في تلك اللحظة أن تنشق الأرض و تبتلعني! مواطن العالَم د. محمد كشكار

ملاحظة منهجية هامة:
لن أذكر الأسماء و المكان و الزمان و القناة لأن غايتي ليست التشهير بالأقوال أو القائلين أو مرجعيتهم الدينية. لن أصدر حكما أخلاقيا على ما بدر منهم. لم أندهش مما سمعته و لن أعمّمه على كافة الإسلاميين و ذلك اقتداءً بالمنهجية العلمية المناهضة للتعميم و عملا بقيمها السامية. و أخيرا، أنا أنأى بنفسي عن ثلب و تجريح الأفراد مهما كان الانتماء الديني أو السياسي لهؤلاء الأفراد  مع احتفاظي بحق النقد المطلق لبعض أفكارهم التي تبدو لي غير علمية.

أخذت كل هذه الاحتياطات المنهجية العلمية احتراما لأصدقائي الإسلاميين الحقيقيين و الافتراضيين و هم كُثرٌ، أصدقائي الذين يحترمونني و لم أتلق منهم حتى الآن أي رد وقح أو فج على مقالاتي العديدة النقدية لأفكار و سلوكيات القلة القليلة من بعض المنتسبين إلى الإسلام السياسي.

1.     قال المذيع نقلا عن أحد أعضاء رابطة "العلماء" المسلمين و عن مفتي السعودية:
"لن أتكلم عن المسلمين المدونين أو "الفيسبوكيين" العاديين المتعصبين و عن ما يكتبونه و ينشرونه من سموم عنصرية و عدوانية ضد غير المسلمين نكاية و شماتة في الأمريكان بمناسبة الكارثة الإنسانية التي حلت بمدينة نيويورك الأمريكية بعد مرور إعصار "صاندي".
سأتكلم خصيصا عن أحد أعضاء رابطة "العلماء" المسلمين، و أخص بالذكر "العالِم" الذي يحث المسلمين على الدُّعاء على الأمريكيين  بأن يهلك الله أكبر عدد منهم في إعصار "صاندي"، إعصار سلطه الله عليهم - حسب زعمه - عقابا لهم على إنتاج فيلم مسيء للرسول، صلى الله عليه و سلّم.
و الأغرب أن مفتي السعودية رد عليه قائلا محتجا: "لا يجوز دعاءك عليهم كلهم بالهلاك لأنه قد يكون فيهم مسلمين".
فأجابه "عالِمنا" "الجليل" قائلا: "المسلمون منهم، ينجيهم الله".
دون تعليق!

2.     في القرن الواحد و العشرين، قال رئيس حزب إسلامي تونسي غير حاكم:
"باب التوبة الوحيد المتوفر للمسلم الشاذ جنسيا هو أن يقرّ بجرمه و يسلّم نفسه للحاكم المسلم فينفذ فيه هذا الأخير حكم الله الذي يتمثل في الإعدام و ذلك برميه على رأسه من أعلى قمة في البلاد". 
و قال أيضا أن أكل لحم الخنزير و شرب "الكوكا" إثر  الأكل مباشرة يسبّب الإصابة بالشذوذ الجنسي الخنثوي لأن هذا الخليط الغذائي يُكثر من الجينات الأنثوية داخل جسم الذكر".
دون تعليق!

3.     قال أحد رموز الإسلام السياسي المصري المعاصر:
"لا يحق للأقباط المصريين أن ينشدوا و يرددوا ترانيمهم الدينية المسيحية خارج كنائسهم لأنهم موجودون في أرض الإسلام".
و قال أيضا، ردا على متدخل نعت الإسلاميين المتظاهرين المحتجين على النائب العام المصري بالملتحين: "أيها الحليق".
دون تعليق!

4.     قال الناطق الرسمي باسم السلفية الجهادية التونسية:
"أسامة بن لادن شامة في جبين الأمة الإسلامية".
دون تعليق!

5.     قال أحد رموز السلفية المصرية الذي بارك أو شارك أو حضر و شاهد تفجير تمثال بوذا من قبل طالبان أفغانستان:
"نحن مكلفون و يجب علينا تحطيم الأهرامات المصرية لأنها أصنام تُعبد من غير الله".
رد عليه مباشرة أحد قادة حزب حركة النهضة التونسي قائلا: "لماذا لم يحطمها عمرو بن العاص في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟".
فرد عليه قائلا: "لأن عمرو بن العاص لم تتوفر لديه إمكانيات التفجير التكنولوجية التي تتوفر لدينا اليوم".
دون تعليق!

الإمضاء
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 12 نوفمبر 2012.


lundi 29 septembre 2014

أمرنا الإسلام، فنفذ المسلمون عكس ما أمر به دينهم! مواطن العالَم د. محمد كشكار

أمرنا الإسلام،  فنفذ المسلمون عكس ما أمر به دينهم! مواطن العالَم د. محمد كشكار

أبدأ بأجمل بدء و هو ذكر القرآن الكريم و أسوق لكم منه تعريفا من التعريفات المتعددة و المختلفة لمفهوم "أمّة": "إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ".

لللأسف الشديد، يبدو لي - حسب التعريف القرآني أعلاه - أن أمتنا، الأمة الإسلامية لا تتجسم وحدتها و لا تتحقق إلا لماما في المساجد و الجوامع و الأعياد و المواسم (مواسم الحج و الإفطار في رمضان و المصافحة في عيد الفطر و نحر الأضحية في عيد الأضحى و صلاة الجنازة و قراءة الفاتحة و ما تيسّر من الأحزاب في الأفراح و الختان و "الفرْق" و "الأربعينية" و "الألفية" (كلمة ألفية لا تعني ألف يوم بعد الوفاة بل تعني عدد السور أو الأحزاب الذي يكررها القارئ الورع أو المأجور تحضيرا لهذه المناسبة الدينية ترحّما على الميتين، عادة دينية حية في مسقط رأسي جمنة).

و في غير هذه الأماكن و غير هذه المناسبات لم نر يوما أمتنا اتفقت على كلمة سواء منذ الفتنة الكبرى بين علي - رضي الله عنه -  و عائشة - أم المؤمنين - بل رأينا وما زلنا نرى العكس فهي قد اتفقت على أن لا تتفق، "اتفق" جلها على التقاتل فيما بينهم ، و الغش، و الكذب، و الزيف، و الفرقة، و الجفاء، و النفاق، و انعدام الضمير المهني، و عدم إتقان العمل، و خيانة الأمانة، والتجارة بالعرض و الأرض و الدين، و التفويت في الأوطان تحت طغيان الأعداء و جبن المسلمين العرب: فوّتوا في القدس الفلسطينية إلى إسرائيل، و لواء الأسكندرون السوري إلى تركيا، وسبتة و مليلة المغربيتبن إلى إسبانيا، و طنب الصغرى وطنب الكبرى الإماراتيتين إلى إيران، و شط العرب و الأهواز العراقيين إلى إيران أيضا، و جنوب السودان إلى دولة جنوب السودان الانفصالية المسيحية الجديدة. ألم نكن في الجاهلية هكذا، قبائل تتصارع فيما بينها؟

فهل تجاوزنا اليوم ظلام الجاهلية و القبلية إلى نور الإسلام و وحدة الأمة الإسلامية بعد رحلة دامت 15عشر قرنا؟ أنا أشك و دليلي هو التالي:
-         أمرنا الإسلام أن لا نُكرِه غير المسلمين على الإيمان بالإسلام (تقول الآية الكريمة: "و قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر")، لكن الإمبراطوريات الإسلامية (الأموية و العباسية و العثمانية) - و ككل الإمبراطوريات في عصرها - توسعت بواسطة السلاح و فتحت بالقوة نصف العالَم غير الإسلامي، و لكنها خرجت بعد قرون مهزومة مدحورة من نصف البلدان التي احتلتها تحت الضربات المسلحة لعدو غير مسلم (مثل ما وقع في إسبانيا و صقلية و بلغاريا و ألبانيا و كوسوفو و البوسنة و الهرسك و الجبل الأسود و غيرها من البلدان الأوروبية التي فتحها بالقوة العثمانيون الأتراك).
و في المقابل، دخل الإسلام إلى إفريقيا السوداء عن طريق الصوفية دون استعمال السيف و انتشر فيها دون عنف و لم يخرج منها حتى اليوم. و دخل أندونيسيا (دولة تضم اليوم أكبر عدد من المسلمين غير العرب مقارنة بالدول الإسلامية المعاصرة الأخرى) عن طريق التجار المسلمين دون سيف و لم يخرج منها حتى اليوم. و دخل حديثا أوروبا الشمالية و أمريكا و كندا و أستراليا دون عنف عن طريق المهاجرين المسلمين الجدد من عمال و مفكرين و تجار وعلماء متجنسين وغير متجنسين.

-         أمرنا الإسلام بالصلاة خمس مرات في اليوم و قال لنا أن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر، و لو كانت صلاتنا كذلك لكُنّا خير أمة أُخرِجت للناس تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر، و لَما كانت حالتنا اليوم كما هي عليه الآن، و لَما عششت المشاكل الاجتماعية في ديارنا (فقر، جهل، إدمان على الكحول و المخدرات، لواط، دعارة، سرقة، اغتصاب، رشوة وغيرها) و لَما سكنت التصورات غير العلمية عقولنا على مدى 14 قرنا.

-         أمرنا الإسلام أن نتآخى في الله، فتقاتلنا فيما بيننا و تقاسمنا لحمنا غنائم بيننا.

-         أمرنا الإسلام أن نكون رحماء بيننا أشداء على الأعداء، ففعلنا عكس ما أمرنا به: تغافلنا على عدونا الصهيوني و هو على مرمى حجر من سوريا، و ذبح المسلم منا أخاه المسلم و شق قلبه و أكله حيا أمام كاميرات فضائيات العالم كله.

-         أمرنا الإسلام أن ندعو إلى سبيل الله بالحكمة و الموعظة الحسنة، لم ندع إلى الله بل دعونا لأنفسنا و لأحزابنا و لمذهبنا و لطائفتنا و لعرقنا و لمصلحتنا الوطنية الشوفينية الضيقة بالكلاشنكوف و الحزام الناسف.

-         أمرنا الإسلام أن نحرر العبيد تدريجيا، فأبقينا عليهم عبيدا على مدى 14 قرنا حتى جاء أبراهام لنكولن و حررهم من بين أيدينا.

-         أمرنا الإسلام أن نحترم و نكرّم و نبجل المرأة، فأصبحنا نُعَرَّف في العالم بهضم حقوق المرأة. 

-         أمرنا الإسلام أن نرد المعروف بأحسن منه، فتنكرنا للعَلمانيين الغربيين الذين استضافونا و أجارونا و أكرمونا في أوقات الشدة و حمونا من ظلم و بطش حكامنا المسلمين و وفّروا لنا منبرا إعلاميا حيث لا منبر لنا في بلداننا الإسلامية.

-         أمرنا الإسلام أن نتصدق بقسط قليل من أموالنا و ثرواتنا و هي و الحمد لله غزيرة جدا، فلو طبقنا أمره حرفيا لما بقي في البلدان الإسلامية فقير مسلم واحد.

-         أمرنا الإسلام بالوالدين إحسانا، فلو طبقنا أمره حرفيا لما فُتِح بيت واحد للعُجّز و فاقدي السند العائلي في البلدان الإسلامية.

-         أمرنا الإسلام أن نلتقي عند الاختلاف على كلمة سواء، فالتقينا على إقصاء بعضنا البعض و تكفير بعضنا البعض و الاعتداء على بعضنا البعض و التنكيل ببعضنا البعض. غابت شمس العدالة منذ اغتيال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عدالة عمرية شملت المسلمين، عرب الجزيرة و العجم الفاتحين، و لم تشمل بنفس القدر مَن لهم حق قرآني فيها و هم أهل الذمة (المسيحيين و اليهود الذين فُرِضت عليهم الجزية تقريبا دون تمييز اجتماعي إيجابي لفقرائهم على أغنيائهم)  و السبايا من النساء و الأطفال الذين فُصِلوا عنوة عن أمهاتهم. و يبدو لي أن المسلمين الفاتحين بالسيف تغافلوا عن العمل بقوله تعالى: "و إن أحدا من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون". فما بالك إذا كان هذا المشرك المستجير بك امرأة أو طفل أعزل؟

-         بقي لنا بصيص واحد من الأمل، و لو أهملناه هذه المرة لانقرضنا و ذهبت ريحنا بلا رجعة و انقرضت معنا حضارتنا مثل ما حدث لحضارات عدة مثل حضارة الهنود الحمر في أمريكا. أمرنا الإسلام - وبإلحاح - بالأخذ بناصية العلم و العمل، و لو طبقنا العلم و العمل بالفعل - و هما عبادتان - مثل ما فعلنا في القرن الثالث و الرابع هجري، لعَدَونَا و سبقنا ظلنا و ظل الأمم المتقدمة التي سبقتنا كما فعلت كوريا الجنوبية اليوم و هي التي كانت تُصنّف في خمسينات القرن الماضي كثالث أفقر دولة في العالَم.

الإمضاء
"لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه"، عبد الله العروي.
"المثقف لا يجيد فعل شيء على الإطلاق، اللهم، إلا الإنتاج الرمزي، وإنتاج الأفكار و الكلمات. غبر أن هذه الأفكار تحتاج لما يجسدها لكي تصبح موجودة، لكي تصبح قادرة على تغيير الواقع، أي أنها تحتاج لحركات اجتماعية"، جان زيغلر.
"يخون المثقف وظيفته، إذا كانت هذه الأخيرة تتقوّم بالرغبة في التأثير على النفوس"، ريجيس دوبريه.
"ما أسهل أن نرتدي عباءة أجدادنا  و ما أصعب أن تكون لنا رؤوسهم"، مطاع الصفدي.

م. ع. د. م. ك.:
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداءً بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد رغم أن الشكر يفرحني كأي بشر، لذلك لا يضيرني إن قرأني واحد أو ألف لكن يبقى الكاتب منعزلا إذا لم يكن له قارئ ناقد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 14 ماي 2013.


"متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟". مواطن العالم د. محمد كشكار

"متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟". مواطن العالم د. محمد كشكار

صيحة أطلقها عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، منذ خمسة عشر قرنا "متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟" و مع ذلك ظل المسلم يستعبد أخاه المسلم أربعة عشر قرنا بعد تاريخ القولة (أُلغِيت العبودية في موريتانيا في القرن الماضي). نداء الفاروق، رحمه الله، لم يشمل جميع البشر في ذلك العصر و ذلك لوجود العبيد في عهده لأن الإسلام لم يحرم العبودية بل اكتفى فقط بالتشجيع على تحرير العبيد. و مَن يطالب بتحرير العبيد جملة و تفصيلا في ذلك الزمان كمَن يطالب بالمستحيل التفكير فيه في ذلك العهد. صيحة عمر، هي صرخة إنسانية تكرِّم الإنسان لا شك في ذلك، لكنها صرخة جاءت قبل أوانها بالنسبة للعبيد (يحق للحر أن يستعبد العبد) و في أوانها بالنسبة للأحرار العرب (لا يحق للحر أن يستعبد الحر و هنا يتنزل سؤال أو احتجاج عمر) و قد سبقه بخمسة قرون الأسياد اليونانيون في مساواة الأحرار بين بعضهم البعض.

و ما وقع في الحضارة الإسلامية من ممارسات عبودية، وقع بنفس الدرجة أو أكثر في الحضارة المسيحية فلا يحق إذن لهذه الأخيرة أن تزايد علينا في مجال حقوق الإنسان: ملايين من الأفارقة هُجِّروا قسرا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، نصفهم مات في البواخر و نصفهم الآخر بَنَا أمريكا و هو مستعبَد.

ثار العبيد عدة مرات و في أماكن مختلفة و أزمنة مختلفة، لكنهم لم ينجحوا في تحرير أنفسهم قبل الأوان و لم ينفعهم أو يعجل بتحريرهم أي دين سماوي أو أرضي. حررهم تقدم البشرية و تطور وسائل الإنتاج و ليس صدفة أن يبدأ تحريرهم في أكثر الدول تقدما، الولايات المتحدة الأمريكية. حررهم العقل البشري و ساهمت مَكْنَنَة وسائل الإنتاج في عتقهم من أغلالهم. أصبحوا عبئا على صاحب الأرض فقال لهم غصبا عنه أو عن طواعية في بعض الحالات: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". خرجوا من سجنهم الضيق إلى السجن الكبير. خرجوا من سجن أحادي اللون إلى سجن ملوّن، فيه الأسود و الأبيض و الأصفر و الأحمر. كانوا يبادلون العمل بالقوت اليومي فأصبحوا يبادلونه بأجر زهيد لا يكفيهم قوت يومهم. كانوا وحدهم في العبودية فأصبح لهم إخوة كثر، عمالا و فلاحين أجراء و عاطلين عن العمل.

خاتمة:
الحرية ليست شيئا قائما في ذاته نبحث عنه لكي نقبض عليه، بل هي شيء نمارسه و نصنعه أو ننتجه! الحرية لا تنزل من السماء و هي  ليست موجودة على الأرض لكي نقترب منها، بل هي نتاج يُنتج و صناعة تُصنع في المعيش اليومي.

إمضاء:
-         كل ما يُقال لك نصف الحقيقة، فابحث عن النصف الآخر بنفسك.
-         على كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري، و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.
-         أقرأ و أكتبُ و أنقل و أنشر للمتعة الفكرية و للمتعة الفكرية فقط، لا أكثر و لا أقل، و لكن يسرّني جدا أن تحصل متعة القراءة أيضا لدى قرّائي الكرام و السلام.

تاريخ أول نشر على النات: حمام الشط في 4 جوان 2012.






dimanche 28 septembre 2014

لماذا فشل السياسيون التونسيون في حكم بلادهم قبل و بعد الثورة، أي منذ الاستقلال؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

لماذا فشل السياسيون التونسيون في حكم بلادهم قبل و بعد الثورة، أي منذ الاستقلال؟ مواطن  العالم د. محمد كشكار

ربما، أكرر، ربما لانعدام تجربتهم في حكم أنفسهم بأنفسهم. منذ ثلاثة آلاف سنة تعاقَبَ على حكمهم الغزاةُ (مستعمرون و مستوطنون و فاتحون و تجار و منتقمون): لبنانيون (قرطاج الفينيقية) و رومان (الإمبراطورية الرومانية) و عرب (عند "الفتح" الإسلامي كانت تونس تقريبا بربرية) و هلاليون (عند الغزو الانتقامي كانت تونس مسلمة تقريبا لا تتكلم العربية) و أتراك (الخلافة العثمانية) و فرنسيون (الاستعمار الفرنسي الحديث).

بعد الاستقلال سنة 1956: حكم الديكتاتور الحداثي بورقيبة 31 سنة و فشل، حكم الديكتاتور المافيوزي بن علِي 23 سنة و فشل، حكم السبسي  الليبرالي سنة و فشل، حكم الثلاثي الإسلامي-القومي-الاشتراكي سنتين و فشل و "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر"!

إمضاء م. ع. د. م. ك.
قال الفيلسوف اليساري المغربي العظيم عبد الله العروي: "لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه". و مجتمعنا التونسي عربي مسلم، شاء اليسار التونسي اللائكي - على المنوال الفرنسي - أم أبَى!
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد الهدام المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 28  سبتمبر 2014.



samedi 27 septembre 2014

لماذا يلجأ المسلم المعاصر دوما إلى التباهي بعدد قليل من قدماء العلماء المسلمين، و العالم الحديث يعج بمئات الآلاف من العلماء المسلمين المعاصرين المنتجين للمعرفة و المقيمين في الغرب؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

لماذا يلجأ المسلم المعاصر دوما إلى التباهي بعدد قليل من قدماء العلماء المسلمين، و العالم الحديث يعج بمئات الآلاف من العلماء المسلمين المعاصرين المنتجين للمعرفة و المقيمين  في الغرب؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

لفت انتباهي أخيرا مشهد من مسرحية عرضها تلامذة بمناسبة يوم العلم في قاعة البلدية بحمام الشط تحت إشراف فرع حزب حركة النهضة بمعتمدية حمام الشط حيث حث الأستاذ المخرج تلامذته على الاجتهاد و طلب العلم و سعَى إلى رفْع معنوياتهم مذكِّرا إياهم بأجدادهم العلماء أمثال الخوارزمي و الفارابي و ابن رشد و ابن سينا و غيرهم. وددتُ لو قال لهم ما يلي: "اليوم و في القرن الواحد و العشرين، يوجد مئات الآلاف من العلماء (نعم مئات الآلاف، أظن أنني لست مخطئا و لا مبالغا و أعني بالعالِم، المواطن المشارِك في إنتاج المعرفة العلمية بالقليل أو بالكثير) و المشتغِلين في مجالات البحث العلمي في الدول الغربية المتقدمة و خاصة في أوروبا و أمريكا و كندا، مئات الآلاف من المسلمين من جنسيات مختلفة، فرس و هنود و باكستانيين و عراقيين و مصريين (مثلا: أحمد زويل جائزة نوبل في الكيمياء، فاروق الباز عالِم جيولوجي في وكالة الفضاء الأمريكية النازا) و تونسيين (محمد الأوسط العياري عالِم جيولوجي في وكالة الفضاء الأمريكية النازا ) و جزائريين و مغاربة و أردنيين و غيرهم.

يبدو لي أن المشكل لا يكمن في الدين أو العرق أو الجنسية أو المذهب لأن العلم التجريبي المادي لا دين له (لا يعني أنه لا قيم و لا أخلاق له، العلم ينشر قيما و أخلاقا لا تتناقض في غاياتها الإنسانية السامية مع الأديان و خاصة مع الدين الإسلامي)،  و من يدخل محرابه، أي العلم، عليه أن ينزع جبة التدين و يشمّر عن ساعد الجد و العمل و يستند و يستعين بحجج مادية قابلة للدحض و التفنيد و لن تنفعه في هذا المحراب صلاته أو صيامه و لن يُنجده كتابه المقدس (مع العلم أن القرآن و الحديث يحثان على العلم و المعرفة). يكمن المشكل إذن في المحيط المادي و الثقافي و السياسي المشجع للعلماء، محيط مفقود في جل دولنا الإسلامية، لذلك أرى أن اللوم يرجع على أنظمتنا السياسية أكثر مما يرجع على عرقنا العربي أو ديننا الإسلامي.

خلاصة القول:
العلم و الدين - لكل محرابه - فلا يهدم الواحد منهما محراب الآخر و إذا رُمتَ المقام في محراب أحدهما أو في كليهما فالدين رحب, يسكنه المؤمنون فقط و هم كثر, و العلم أرحب، يدخله المؤمنون و غير المؤمنين و هم أكثر. يبدو لي أنه من الأفضل أن لا نسجن أنفسنا في خانة الخيارات الخاطئة مثل: أنت مؤمن بنظرية التطور لداروين إذن أنت ملحد أو العكس أنت مؤمن  بالله إذا أنت لا تعترف بهذه النظرية. من الممكن أن يكون الإنسان مؤمنا بالله و يعترف بنظرية التطور أو ملحدا و لا يعترف بها. يكوّن التفكير الديني و التفكير العلمي عالَمين مختلفين و منفصلين و مستقلين لا تطابق بينهما و لا تناقض، و المواجهة بينهما معركة خاسرة للاثنين. قد يلتقي الدين و العلم في علم الأخلاق (Éthique).
خاتمة:
يبدو لي أنه من الأفضل لنا أن نتصالح مع الحضارة العلمية الغربية-العالمية دون عقدة النقص أو عقدة التفوق الوهميتين، هذه الحضارة الحديثة ليست حكرا على الغرب و ليست ملكا خاصا له و هي انبثاق من تلاقح و صراع جميع الحضارات الإنسانية دون أفضلية لواحدة على الأخرى إلا بالعمل و الإبداع، فنحن بواسطتها نتواصل و نطبخ و نتدفأ و نضئ و نتنقل و نزرع و نحصد و نصنع و نتداوى و نتعلم، شاركنا نسبيا قديما و حديثا في صنعها و لا خلاص لنا بدونها و إن ناصبناها العداء فعلينا السلام.

تاريخ أول نشر على النات: حمام الشط في 4 جويلية 2012.



vendredi 26 septembre 2014

هل يحتمل كل جزء من وطني العربي التمزيق على اثنين بين والدتين مزيفتين في حرب أهلية عبثية (والدتان مزيفتان إرهابيتان، سلطة عربية عَلمانوية و معارضة عربية إسلاموية مسلحة)؟؟؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

هل يحتمل كل جزء من وطني العربي التمزيق على اثنين بين والدتين مزيفتين في حرب أهلية عبثية (والدتان مزيفتان إرهابيتان، سلطة عربية عَلمانوية و معارضة عربية إسلاموية مسلحة)؟؟؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

هل يحتمل كل جزء من وطني العربي التمزيق على اثنين بين والدتين مزيفتين في حرب أهلية عبثية (والدتان مزيفتان إرهابيتان، سلطة عربية عَلمانوية و معارضة عربية إسلاموية مسلحة)؟؟؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار (مفكر غير ماركسي، اشتراكي ديمقراطي على النمط الإسكندنافي، يساري غير راض عن الجبهة الشعبية فكرا و ممارسة و معارض غير مُعادِ للنهضة و رافض رفضا باتا عودة رموز التجمع).

تابعوا هذه القصة التي ورد ذكرها في نص سفر الملوك الأول من العهد القديم (1مل 3: 16- 27):
حِينَئِذٍ أَتَتِ امْرَأَتَانِ زَانِيَتَانِ إِلَى الْمَلِكِ وَوَقَفَتَا بَيْنَ يَدَيْهِ. 17. فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ: «اسْتَمِعْ يَا سَيِّدِي. إِنِّي أَنَا وَهذِهِ الْمَرْأَةُ سَاكِنَتَانِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ وَلَدْتُ مَعَهَا فِي الْبَيْتِ. 18. وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ بَعْدَ وِلاَدَتِي وَلَدَتْ هذِهِ الْمَرْأَةُ أَيْضًا، وَكُنَّا مَعًا، وَلَمْ يَكُنْ مَعَنَا غَرِيبٌ فِي الْبَيْتِ غَيْرَنَا نَحْنُ كِلْتَيْنَا فِي الْبَيْتِ. 19. فَمَاتَ ابْنُ هذِهِ فِي اللَّيْلِ، لأَنَّهَا اضْطَجَعَتْ عَلَيْهِ. 20. فَقَامَتْ فِي وَسَطِ اللَّيْلِ وَأَخَذَتِ ابْنِي مِنْ جَانِبِي وَأَمَتُكَ نَائِمَةٌ، وَأَضْجَعَتْهُ فِي حِضْنِهَا، وَأَضْجَعَتِ ابْنَهَا الْمَيْتَ فِي حِضْنِي. 21.   فَلَمَّا قُمْتُ صَبَاحًا لأُرَضِّعَ ابْنِي، إِذَا هُوَ مَيْتٌ. وَلَمَّا تَأَمَّلْتُ فِيهِ فِي الصَّبَاحِ، إِذَا هُوَ لَيْسَ ابْنِيَ الَّذِي وَلَدْتُهُ. 22. وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ الأُخْرَى تَقُولُ: «كَلاَّ، بَلِ ابْنِيَ الْحَيُّ وَابْنُكِ الْمَيْتُ». وَهذِهِ تَقُولُ: «لاَ، بَلِ ابْنُكِ الْمَيْتُ وَابْنِيَ الْحَيُّ». وَتَكَلَّمَتَا أَمَامَ الْمَلِكِ. 23.  فَقَالَ الْمَلِكُ: «هذِهِ تَقُولُ: هذَا ابْنِيَ الْحَيُّ وَابْنُكِ الْمَيْتُ، وَتِلْكَ تَقُولُ: لاَ، بَلِ ابْنُكِ الْمَيْتُ وَابْنِيَ الْحَيُّ». 24. فَقَالَ الْمَلِكُ: «اِيتُونِي بِسَيْفٍ». فَأَتَوْا بِسَيْفٍ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ. 25. فَقَالَ الْمَلِكُ: «اشْطُرُوا الْوَلَدَ الْحَيَّ اثْنَيْنِ، وَأَعْطُوا نِصْفًا لِلْوَاحِدَةِ وَنِصْفًا لِلأُخْرَى». 26. فَتَكَلَّمَتِ الْمَرْأَةُ الَّتِي ابْنُهَا الْحَيُّ لِلْمَلِكِ، لأَنَّ أَحْشَاءَهَا اضْطَرَمَتْ عَلَى ابْنِهَا، وَقَالَتِ: «اسْتَمِعْ يَا سَيِّدِي. أَعْطُوهَا الْوَلَدَ الْحَيَّ وَلاَ تُمِيتُوهُ». وَأَمَّا تِلْكَ فَقَالَتْ: «لاَ يَكُونُ لِي وَلاَ لَكِ. اُشْطُرُوهُ». 27. فَأَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ: "أَعْطُوهَا الْوَلَدَ الْحَيَّ وَلاَ تُمِيتُوهُ فَإِنَّهَا أُمُّهُ". (مصدر القصة: أنترنات).

على غرار الأم المزيفة، يوجد الكثير من الوطنيين المزيفين في أغلب بلدان المسلمين، و لم أقل في "دار الإسلام"، لأنه ليس للإسلام دارا مفضلة على دار، و الإسلام عالمي أو لا يكون، و الله لم يحدد لعبادته مكانا. مع العلم أن ما يقارب 40 في المائة من المسلمين يعيشون اليوم في دول علمانية أو ما يُسمى خطأ بـ"دار الكفر"، يمارسون شعائر دينهم بحرية أفضل مما هي متوفرة في "دار الإسلام"، و يشاركون في بناء الحضارة الكونية و صنع العلم الحديث، و يطبقون بالممارسة و ليس بالشعارات مِثلنا قولة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: "انصحوا الناس بصمت". قيل: "كيف يا عمر؟". قال: "بأخلاقكم". و أنا أقول مع حفظ المقامات و احترامها: "انصحوا الناس بعلمكم و عملكم"، مثل ما فعل صاحب جائزة نوبل أحمد زويل  و فاروق الباز و محمد أوسط العياري، و مئات الملايين من العمال و مئات الآلاف من العلماء  المسلمين المقيمين في "دار الكفر"، و ما أطيبها دارا لو كانوا يفقهون.

لكن و للأسف الشديد، يبدو لي أن الخصمين المحلين (الخصمان الإرهابيان، السلطة العربية العَلمانوية و المعارضة العربية الإسلاموية المسلحة) المتصارعين عسكريا في "دار الكفر بالإسلام" (السودان و الصومال و العراق و سوريا و ليبيا) يمثل كل واحد منهما أمًّا مزيفةً لنفس "الابن-الوطن" و يدّعى كل خصم منهما أن الوطن وطنه لوحده دون خصمه الذي هو بالنسب ابن عمه، و في نفس الوقت لم يشفق الاثنان على وطنهما المشترك الممزق إرَبًا إرَبًا  بينهما و بأيديهما تحت أنظار العدو و شماتته و تحقيقا للمآرب الدنيئة لهذا الأخير الحقير.

أنا في النهاية، بصدق أتساءل: هل يوجد في الدنيا عربيٌّ واحدٌ وطنيٌّ غير مزيفِ يرضى بخدش وطنه مجرد خدش لا أن يرضى بتمزيقه و تجزئة المُجَزَّئِ منه؟؟؟


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الاثنين 17 مارس 2014.

jeudi 25 septembre 2014

أخاف ربي مثل ما يخافه جل الإسكندنافيين، و ليس كما يخافه جل المسلمين الذين أعرفهم! مواطن العالَم د. محمد كشكار

أخاف ربي مثل ما يخافه جل الإسكندنافيين، و ليس كما يخافه جل المسلمين الذين أعرفهم! مواطن العالَم د. محمد كشكار

-         أخاف ربي مثل ما يخافه النورفيجون الذين من شدة تقواهم و ورعهم يخصصون عشرة في المائة من ريع البترول الحالي للأجيال القادمة التي لم تولد بعد.

-         لا يخاف ربي المسلمون و غير المسلمين الذين بسبب استهلاكهم الجشع سوف يورّثون أولادهم تلوثا أخلاقيا و جويا و بحريا و أرضيا.

-         أخاف ربي مثل ما يخافه وزراء السويد الذين يحافظون على ثروة البلاد من التبذير، فهم لا يتمتعون بسيارة خاصة و لا سكن خاص و لا خدم و لا حشم.

-         لا يخاف ربي وزراؤنا التونسيون الحاليون، فهم يتمتعون بمرتب خيالي مع سيارة بسائق خصوصي و 1000 لتر بنزين في الشهر و سكن و خدم.

-         أخاف ربي مثل ما يخافه عمال بلدية طوكيو اليابانية الذين يجولون طرقات مدينتهم ليليا بثلاثين سيارة على شكل مخبر مجهزة بجهاز "سكانار" للكشف على الحفر قبل تكونها  فيصلحونها قبل بروزها على السطح. هم يمهدون الطريق لبغلة عمر كي لا تعثر في العراق!

-         لا يخاف ربي عمال و مسؤولي بلدياتنا الذين يتركون الحفر تكبر و تترعرع في طرقاتنا حتي تهلك سياراتنا و ندفع ثمن إصلاح أعطابها مضاعفا من جيوبنا الفالسة أصلا. هم ينصبون الفخاخ لبغلة عمر حتى تعثر في الشام و العراق!

-         أخاف ربي مثل ما يخافه الخبراء الفرنسيون الذين أتوا إلى قريتي و مسقط رأسي جمنة و حفروا قبر عامل سابق في فرنسا، ادعى ولده أنه مات جراء تأثره باستنشاق مواد كيميائية قاتلة أثناء عمله السابق في مصنع كيميائي فرنسي لمدة ثلاثة عقود. بعد الترخيص لهم، أخرجوا الهيكل العظمي من القبر و كشفوا عنه و كتبوا تقريرهم الطبي الموضوعي و قفلوا راجعين إلى بلادهم و بعد أسبوع فقط أرسلوا حوالة بريدية أجر يوم عمل لمن حفر القبر، و أرسلوا ملايين الأورووات كتعويض لورثة الفقيد الذي ثبت طبيا أنه مات متأثرا بغازات المعمل الفرنسي الملوثة.

-         لا يخاف ربي أصحاب شركات فوسفاط قفصة و معامل الكيميائيات في صفاقس و قابس الذين لوثوا الجو و البحر و المائدة المائية و التربة و الأشجار و النباتات و نشروا الأمراض الصدرية و السرطان في أجسام العمال و السكان و لا من مراقب و لا من محاسب قبل و بعد الثورة سوى الوعود الكاذبة و الزائفة.

-         أخاف ربي مثل ما يخافه المسؤولون عن التربية في فنلندا عندما وفروا مجانا لجميع أبنائهم - دون تمييز اجتماعي أو طبقي أو عرقي أو ديني أو لوني - أفضل تعليم عصري عام و فني مع توفير النقل المجاني من البيت إلى المدرسة و من المدرسة إلى البيت، و مكنوهم مجانيا من وجبة صحية ساخنة كل يوم، و متّعوهم مجانا أيضا بكل الأدوات المدرسية مع صرف منحة جامعية لكل طالب فنلندي.

-         لا يخاف ربي المسؤولون عن التربية في تونس الذين أهملوا التعليم الأساسي (الابتدائي سابقا)، لم يعطوا أي مدرسة ميزانية تسيير مثل ما هو معمول به في مدارس الإعدادي و الثانوي و الجامعي و لا يخجلون و يسمونه تعليما أساسيا، عن أي أساس يتكلمون، و بأي نقص يؤسسون و هل على أساس هش يمكن أن يبنون و يعلون أم هم للهرم التعليمي قالبون و بالابتدائي مستخفون و لغربال السيزيام مانعون  و لثقوب غربال الباكلوريا موسعون (أخيرا أعلنوا عن إعادة السيزيام و إلغاء الــ25 في المائة تدريجيا، حدث هذا بعد تاريخ أول نشر المقال) و عن أي أجيال قادمة يتحدثون و هم بعشرات الآلاف كل عام يتخرجون فنيون سامون عاطلون و بعشرات الآلاف ينقطعون عن التعليم كل سنة؟

-         أخاف ربي مثل ما يخافه الأوروبيون الذين هم على الوحدة حارصون و على السلم بينهم محافظون.

-         لا يخاف ربي المسلمون الذين بين بعضهم يقتتلون و خاصة في قتل إخوانهم السوريين العزل يستأسدون و أمام أعدائهم الصهاينة ينبطحون (سلطة و معارضة مسلحة).

-         يقول المسلمون: "النظافة من الإيمان و الوسخ من الشيطان"، و الزبالة في بلادنا في كل الأركان و رموز الدولة طرشان. فبالله عليكم، لو خُيّر الإيمان و الشيطان اليوم أين يسكنان؟ فهل سيختار الإيمان ديار المسلمين من سنّة و شيعة أو سيختار ديار غير المسلمين من غربيين و آسيويين؟

-         أخاف ربي ليس اتقاءً لناره أو طمعا في جنته بل احتراما لذاتي و للذات البشرية عموما التي خلقها فـ"سواها و ألهمها فجورها و تقواها" (أنا لست مختصا في التفسير، لكن قد يكون خوفي خوفا من أشياء أخرى مجردة غير النار المادية، و طمعي في أشياء أخرى مجردة أيضا غير الجنة المادية).

الإمضاء
"لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه" عبد الله العروي.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.
"المثقف لا يجيد فعل شيء على الإطلاق، اللهم، إلا الإنتاج الرمزي، وإنتاج الأفكار و الكلمات. غبر أن هذه الأفكار تحتاج لما يجسدها لكي تصبح موجودة، لكي تصبح قادرة على تغيير الواقع، أي أنها تحتاج لحركات اجتماعية" جان زيغلر.

تاريخ أول نشر على النت: جمام الشط في 16 جويلية 2013.