lundi 30 mars 2015

موقف طريف مسانِد للإضراب الإداري الذي نفذه أساتذة الإعدادي و الثانوي. أستاذ ثانوي متقاعد مواطن العالَم د. محمد كشكار

موقف طريف مسانِد للإضراب الإداري الذي نفذه أساتذة الإعدادي و الثانوي. أستاذ ثانوي متقاعد مواطن العالَم د. محمد كشكار

رغم أنني عبّرت عن موقف قد يبدو للكثير متناقضا مقارنة بموقفي النوعي أسفله حول الإضرابات في الوظيفة العمومية و بالمناسبة أذكّر بفحوى موقفي السابق: بعد التقاعد أصبحت أؤمن إيمانا جازما بضرورة تحييد التلميذ في الصراع النقابي الدائر بين المدرّسين التونسيين و وزارة التربية التونسية.

أنا مع الأستاذ ما دام الأستاذ مع التلميذ، يعني ما دام الأستاذ يقوم بواجبه التعليمي و التربوي في القسم و التلميذ يتعلم و يتكون و يستفيد من أقرانه و تجاربه بمساعدة أستاذه. أما التقييم فمسألة أخرى: نحن في تونس ما زلنا متمسكين بالتقييم الكلاسيكي الذي أرفضه و أطالب بتحديثه و تطويره أو إخراجه تماما من المدارس الابتدائية و الإعداديات و الثانويات. يتمثل التقييم الكلاسيكي في إجراء الامتحانات في الأسبوع المغلق في زمن محدد مسبقا. لقد تخلت الأنظمة التربوية الحديثة عن هذه الطريقة الجامدة و توقّت المرونة في امتحان التلاميذ فمثلا في فنلندا لو حضر التلميذ الامتحان و عبّر عن عدم استعداده لإجرائه لأسباب خاصة، يُعيّن له موعد آخر دون لوم أو مساءلة. جل الجامعات المرموقة لا تثق في الباكلوريا التونسية و لا تقبل تسجيل المتحصل عليها إلا بعد إجراء تقييم جديد. جل المشغلين الأجانب و بعض الشركات التونسية الخاصة لا يثقون في الشهائد العلمية التونسية و لا ينتدبون المتخرج التونسي إلا بعد اختباره و تجريبه في العمل. بعض الأنظمة التربوية الرائدة التي أطمح إليها و أحبذها تخلت تماما عن إجراء الامتحانات في المؤسسات التربوية من قِبل الأساتذة في صورتها الكلاسيكية مثل امتحاناتنا في تونس و أوكلت مهمة التقييم إلى مُقيِّمِين مختصين في مؤسسات مختصة في التقييم لأنها تعتبر الأستاذ مكوِّنا و ليس ممتحِنا، حجتها العلمية في ذلك أن المدرّس التقليدي لم يسبق له أن درَس علم التقييم في الجامعة. و الدليل أن مهمة التقييم لا تندرج في كراس شروط انتداب المدرسين في تونس و أن وزارة التربية التونسية تسند منذ سنوات منحة خاصة خارجة عن المرتب لكل مدرس يراقب أو يصلح الامتحانات الوطنية في السيزيام (الامتحان الوطني لتلاميذ السنة السادسة أساسي الفاصل بين مرحلتي التعليم الأساسي الأولى و الثانية، يعني الابتدائي و الإعدادي) و النوفيام (الامتحان الوطني لتلاميذ السنة التاسعة و النهائية أساسي الفاصل بين مرحلتي التعليم الأساسي و الثانوي، يعني الإعدادي و الثانوي) و الباكلوريا (الامتحان الوطني لتلاميذ السنة الرابعة و النهائية ثانوي الفاصل بين مرحلتي التعليم الثانوي و الجامعي، يعني المعهد و الجامعة).

بناءً على ما سبق: أعتبر الأساتذة التونسيين المضربين حاليا عن القيام بمهمة التقييم ليسوا مضربين عن العمل و لا على القيام بواجبهم، فهم يباشرون عملهم الذي انتُدِبوا من أجله و لا لوم عليهم و لا هم يحزنون. لو تشبث الأساتذة بحقهم في مرتب يضمن لهم كرامتهم و تمسكوا بشعار "500 و الرَّخْ لا" لَساندتهم في مطلبهم هذا الذي لا أرى فيه شططا و الدليل أن الحكومة مَنَحت زيادات في المرتب لمن هم أقل منهم علما و شهائد. فلماذا التمييز و المحاباة و الانحياز لشق من موظفي الدولة كالقضاة و الأمنيين و موظفي البنوك على حساب شق آخر من نظرائهم في الشهائد العلمية كالمعلمين و الأساتذة؟ لذلك يبدو لي و ضميري مرتاح أن عدم القيام بمهمة التقييم التي لم يُنتَدَب الأساتذة من أجلها و لن يتقاضوا أجرا في حال عدم إجراء امتحانات  ليسوا مأهلين لإجرائها و إصلاحها و حتى إن كانوا مأهلين لها فلن يستطيعوا أن يعدِلوا بين تلامذتهم المباشرين و يقيّموهم بموضوعية فقد تغلبهم عاطفتهم و يغفروا لهم بعض أخطائهم و هذا تصرّف إنساني و لا جنحة عليهم إن فعلوا ذلك و لذلك تُنظَّم الامتحانات الوطنية التي يُوكَلُ تقييمها تحت أرقام سرية لأساتذة غير الأساتذة المباشرين في نفس المؤسسة التربوية فمثلا باكلوريا بنزرت يصلحها أساتذة صفاقس، و هذا الإضراب الإداري لا يجب أن يُعدَّ في المنطق و القانون إضرابا عن العمل و إنما هي طريقة جديدة ابتكرها الأساتذة للمطالبة بحقوقهم القانونية و الشرعية كما فعل من قبلهم الممرضون عندما اشتغلوا في المستشفيات و المستوصفات دون قبض معاليم التسجيل من المرضى أو كما فعل سُوَّاقُ حافلات باريس عندما عبّروا عن احتجاجهم و غضبهم بطريقة طريفة و ذكية فاشتغلوا و لم يضرِبوا عن العمل و قادوا حافلاتهم و نقلوا الركاب دون قطع التذاكر.

خلاصة القول:
ما دام الأستاذ التونسي الأبِيّ مُضرِب عن إجراء الامتحانات فقط و ليس عن العمل و التدريس و التلميذ يتعلم في القسم بمساعدة أستاذه فلن يتضرر المتعلم علميا في تكوينه. لو أرادت الوزارة أن تُجري امتحانات رغم أنف الأساتذة فعليها إذن أن تنتدب مختصين في التقييم يقومون بإجراء الامتحانات، و لو فعلتها لأراحت الأساتذة من مهمة ليسوا مؤهلين للقيام بها و أطالبها أنا بعد ذلك بدسترة هذا الإجراء الجديد القيّم حتى لا تبقى الوزارة تحت رحمة الأساتذة و كفى المؤمنين من الجهتين شر القتال، لكن هذا لا يمنع الأساتذة من حقهم النقابي في المطالبة بالزيادة المحترمة في المرتب و لا يعفي وزارة التربية من واجبها الذي يتمثل في الاستجابة السريعة لمطالب موظفيها دون لف أو دوران.

إمضاء م. ع. د. م. ك.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الاثنين 30  مارس 2015.


samedi 28 mars 2015

بعض أسباب النقص الفادح في مستوى اللغة العربية الفصحى لدى تلامذتنا التونسيين. مواطن العالَم د. محمد كشكار

بعض أسباب النقص الفادح في مستوى اللغة العربية الفصحى لدى تلامذتنا التونسيين. مواطن العالَم د. محمد كشكار

ملاحظة شخصية موجهة إلى زملائي أساتذة العربية الذين عرفتهم و الذين لم أعرفهم:
أعتذر منكم مسبقا أيها الأعزاء و العزيزات إن بدا في مقالي تهجّم على اللغة العربية فنيتي طيبة و هدفي من وراء النقد التالي و الله نبيلٌ، ربما تغفرون لي هناتي لعدم تخصصي في اللغة الشعرية الجميلة، لغة القرآن و لغتي المفضلة التي أحبها بل أعشقها و أكتب بها إراديا جل مقالاتي الفيسبوكية و أعتز بالانتماء إلى حضارتها القديمة و الحديثة و ثقافتها المتنوعة و المتحررة و تراثها الغني بالكنوز الفقهية و الأدبية و الشعرية.

موضوع المقال:
كاتب المقال المرْجَع المذكور أسفله - الذي اقتبستُ منه بعض الجمل الواردة في مقالي بين ظفرين - تناوَلَ بالتحليل إشكاليات اللغة العربية الفصحى في الجزائر. أما أنا فسأتناول بالنقد مستوى اللغتين الرسميتين الأجنبيتين الاثنتين  المعتمدتين في كل المراحل التعليمية التونسية مع اللغة العربية الفصحى التي أعتبرها للأسف الشديد لغة غريبة في تونس و ربما تكون في وطنها أكثر انبتاتا و غربة من الفرنسية خاصة في أوساط المثقفين. يبدو لي و المختصون في العربية أعلم مني أن الفرنسية هي اللغة الأولى في التعليم العلمي التونسي خاصة في مرحلتيه الأخيرتين الثانوية (كل المواد العلمية تُدرّس بالفرنسية) و الجامعية (كل الشعب العلمية في الجامعة دون استثناء تدرّس بالفرنسية) و هي لغة الأنترنات بعد الأنڤليزية و قبل العربية لدى المُبحِرين افتراضيا و لغة التجارة لدى الحِرفيين و المستهلكين (خاصة لدى تجّار المواد الحديدية و الصحية و قطع الغيار و الأثاث العصري و الآلات الكهرومنزلية و المواد الفلاحية من أسمدة و أدوية و آلات و "ماركات" الأغذية المعلّبة كبسكويت "ڤوشو" و حليب "ديليس" و عصير "تروبيكو" و غيرها من الأسماء الأجنبية الدخيلة التي لا تُحصى و لا تُعد) و لغة البحث العلمي بعد الأنڤليزية و لغة الأدب العالمي و التاريخ العربي الذي أثراه المستشرقون بدراساتهم و بحوثهم القيّمة و لغة الفلسفة الحديثة و لغة المخترعين المبتدئين.

1.     أبدأ بالتذكير بالأوهام الأربعة السائدة لدى العرب حول لغتهم العربية الفصحى:
-         يتمثل الوهم الأول في اعتبار اللغة العربية الفصحى اللغة الأم (Langue maternelle) و الواقع المعيش يرشَح بغير ذلك، فاللغة الأم هي اللغة العربية الدارجة المتداولة باختلاف لهجاتها في الدول العربية الاثنتان و العشرين.
-         يتمثل الوهم الثاني في اعتبار اللغة العربية الفصحى لغة حضارة عالمية، كانت كذلك في القرون الهجرية الثلاثة الأولى (القرن السابع و الثامن و التاسع ميلادي) و بقيت بعض جمرات نارها تنير دربنا حتى القرن السادس هجري (الثاني عشر ميلادي) ثم انطفأت آخرها مع موت ابن رشد سنة 1198 ميلادي.
-         يتمثل الوهم الثالث في اعتبار اللغة العربية الفصحى المعجمية المستعملة اليوم لغة قادرة على تعريب و استيعاب مصطلحات التكنولوجيا. رفض النحويون العرب الأوائل إثراء لغتهم الفتية بتبني مصطلحات الحِرَفِيين الأعاجم (فرس و أتراك و بربر و غيرهم من الدول المفتوحة عنوة بحد السيف) بدعوى المحافظة على شعريتها و صفائها و عذريتها فكيف ستقدر على فعل ذلك  و قد هرمت اليوم و نحن نعرف أن التبني ممنوع قانونيا في سن متقدمة، لكنني في الوقت نفسه - و قد ييدو موقفي هذا للبعض متناقضا - لا أشك  لحظة في مستقبل القدرة الاشتقاقية المحتملة للغة العربية الفصحى في تعريب و استيعاب مصطلحات التكنولوجيا الحالية و القادمة لو توفرت المبادرة الشجاعة لدى اللغويين المختصين العرب لتحديث لغتنا و تحيينها.
-         يتمثل الوهم الرابع في اعتبار اللغة العربية الفصحى لغة حية معاصرة. كيف تكون حية و معاصرة، لغة يحتقرها أصحابها و يتباهون و يتجمّلون بالتكلم بمنافِساتِها الأجنبيات، لغة لا ينتج مستعمليها علما و لا تكنولوجيا و لا فنا راقيا و لا يمثلون وزنا في الاقتصاد العالمي إلا كمصدِّرِين سلبِيّين للنفط الخام. و الله لو لم تكن لغة القرآن و الشِّعْر لَمَاتت و اندثرت و ورثتها و عَوّضتها اللغة الدارجة منذ قرون كما ماتت اللغة اللاتينية و عوضتها تدريجيا اللهجات الدارجة كالفرنسية و الإيطالية في بداية القرن الرابع عشر ميلادي (الانجيل كُتب لأول مرة بالآرامية، لغة المسيح عليه السلام، لغة ماتت منذ زمان و لا يستعملها اليوم إلا بعض الباحثين أو سكان  قرية معلولة بالاضافة إلى قريتين أخريين في سوريا.).  

2.     بعض أسباب تدني مستوى العربية لدى تلامذتنا التونسيين:
-         "عند التحاق الطفل بالمدرسة لأول مرة ينتقل من الوسط الأسري و له من المكتسبات رصيد لغوي لا بأس به من اللغة يستعمله في تواصله اليومي للتعبير عن حاجته و اهتماماته، و هذا يُعد عاملا مساعدا على اكتساب اللغة العربية الفصحى. و رغم ذلك لا يجد سهولة في التحدث أو التحرير."
أنا أقول: ربما بسبب ذلك و ليس رغم ذلك، يعني أن هذا الرصيد اللغوي غير الفصيح و الفقير فقر الدارجة (حسب إحدى المختصات في اللغة: تحوي الفصحى على ستة عشر ألف مفردة أما الدارجة فلا تحتوي إلا على ثلاثة آلاف مفردة فقط) قد يكون عاملا عائقا و ليس عاملا مساعدا كما يرى الكاتب بوطيبة جلول من جامعة بن باديس في مستغانم بالجزائر. يأتي الطفل التونسي إلى المدرسة و هو يتكلم جيدا العربية الدارجة التونسية فيجد نفسه مبتدئا في تعلم الفصحى و يُفاجأ بـ"السردوك" قد أصبح بالفصحى ديكًا و "القطوس" أضحى قطَّا.

-         "تساهل المعلمون أنفسُهم مع اللغة العربية عند مخاطبتهم للمتعلمين أو التواصل معهم أثناء العملية التعلمية باعتبار أن اللغة محاكاة و تقليد الطلاب لأساتذتهم، فما بالك بذلك الطالب الذي يرى أستاذه لا يتحكم في اللغة؟"  
أنا أقول: منذ تعريب تدريس العلوم في التعليم الأساسي (الابتدائي و الإعدادي) أقرّت وزارة التربية التونسية تدريسها بالعربية الفصحى، لكن رغم وضوح التعليمة الوزارية لا يزال بعض معلمينا و بعض أساتذتنا يستعملون الدارجة في القسم بدعوى مساعدة التلميذ على فهم العلوم و كأنّ العلوم لا تحتاج إلى وعاء العربية الفصحى (للأسف الشديد في واقعنا العلمي التونسي، لا يحتاج المختص في العلوم للفصحى و لا للدارجة لأنه ببساطة يدرس كل العلوم بالفرنسية في الثانوي و الجامعة) و المفارقة أن الامتحانات تُكتب بالفصحى و لا تُفسر بالدارجة في أول الامتحان داخليا كان أو وطنيا و هذا التمشي الخاطئ المتّبع من قِبل بعض مدرسينا قد يضرّ بالتلميذ و لا ينفعه البتة. امتد هذا الاستخفاف باللغة الحاوية و الناقلة للعلم إلى الفرنسية التي تُدرّس بها رسميا العلوم في التعليم الثانوي و المتهم الرئيسي هو مدرس العلوم في الثانوي الذي فضّل بعضهم تدريس العلوم بالعربية الدارجة لنفس الأسباب الواهية التي يتحجج بها مدرسو العلوم في التعليم الأساسي. زد على ذلك أن هذا التمشي أضر بتعليم اللغة نفسها أكثر من ضرره بتعلم العلوم لأن تعليم اللغة العربية أو الفرنسية هو مسؤولية يتحملها مدرّس العلوم كما يتحملها مدرّس اللغة.

-         "أسباب من خارج المحيط المدرسي: 1 - الدور السلبي الذي تلعبه الفضائيات العربية الوطنية و الإقليمية حيث أن أغلب البرامج المحببة لدى الأطفال و المسلسلات و الحصص المتنوعة تقدَّم باللهجات أو بالعاميات أو بلغة عربية هابطة، رغم أن هناك قنوات أجنبية بريطانية و روسية و حتى صينية تبث بلغة عربية راقية. 2 - رؤية الشارع العربي إلى كل مَن يتكلم العربية الفصحى في الشارع أو في البيت بنظرة غير لائقة."
أنا أقول: إضافة إلى الأسباب الداخلية مثل السياسة التربوية التونسية الفاشلة منذ ثمانينات القرن الماضي أو التكوين الناقص الممنهج لرجال التعليم و نسائه المتمثل في إلغاء مدارس ترشيح المعلمين و الأساتذة، نجد أيضا أسبابا خارجية عن الوطن نفسه و نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر: اللغات العالمية المنافسة كالفرنسية و الأنڤليزية و ما تحمله وراءها من مصالح استعمارية ثقافية و اقتصادية و اِملاءات البنك العالمي  و الدول المانحة و تأثيراتهم  السلبية المحتملة على المنظومة التربوية التونسية.

-         "اللغة الوطنية و الرسمية و هي من أهم وسائل الارتباط الروحي بين أبناء الوطن و الأمة و المقوّم الأساس للشخصية الجزائرية".
أنا أقول: أتفق مع الكاتب في المضمون لكن أسأله: هل اللغة العربية الفصحى تمثل اللغة الوطنية و الرسمية في البلدان العربية؟ حسب رأيي المتواضع علميا، يبدو لي أن اللغة الوطنية هي العربية الدارجة بلا منازع أما الفصحى فهي لغة رسمية لكنها ليست وطنية لأن الشعب لا يستعملها في حياته اليومية بل يستعمل الفرنسية أكثر منها.

-         "إننا نركّز على تحسين مستوى العربية لأن المسألة تُعد في ضوء التربية الحديثة وسيلة تواصل و تفاهم، لذا يجب على المتعلم أن يعرف بأنه يتعلمها لأنه في حاجة ماسّة إليها في حياته".
أنا أعلّق قائلا: لو كان المواطن العربي الدارس و غير الدارس في حاجة ماسة للعربية الفصحى كما يؤكد الكاتب مجانا لأقبل عليها و تعلمها إن لم يكن من باب الأصالة الإسلامية أو القومية العربية فعلى الأقل يتعلمها و يتقنها من باب المصلحة و المنفعية و البراڤماتية و الأنانية. لكن الواقع المعيش يقول عكس ذلك حتى في الجزائر نفسها أين يُدرّس علم الطب باللغة الفرنسية  فيتيه طالب سنة أولى طب و يشقى في تصفح المراجع الفرنسية بسبب دراسته العلوم باللغة العربية من السنة أولى ابتدائي إلى غاية الباكلوريا على مدى ثلاث عشرة سنة متتالية، يتحصل على الباكلوريا علوم بملاحظة جيد جدا و هو لا يتقن اللغة الفرنسية و لا يمتلك زادا لغويا علميا بالفرنسية، أصبحت اللغة العربية لديه إذن عاملا عائقا و ليس عاملا مساعدا في دراسته الجامعية في اختصاص الطب و قِس على هذا المثال و عمِّمه على كل الاختصاصات العلمية المدرّسة بالعربية في التعليم الجامعي الجزائري و ما أكثرها. أما عن مدرّسي العلوم بالعربية في التعليم الأساسي و الثانوي الجزائريين و المتعاونين الشرقيين المعرّبين، فعن حالهم المعرفي من الأفضل أن لا تَسَلْ، جلهم لا يتقن الفرنسية و لا الأنڤليزية و لا توجد مراجع أو مجلات علمية معتبرة مكتوبة بالعربية و لا يستطيعون الاطلاع على النشريات العلمية الحديثة الصادرة باللغات الأجنبية فتصبح العربية عائقا في طريق تكوينهم الذاتي مما يؤثر سلبا على مِهَنيتهم و يترك نقاط ضعفٍ في تكوين تلامذتهم. يحدث الاستثناء و يتحسن المستوى اللغوي  لأولاد العائلات الغنية الذين يتابعون تعليمهم الأساسي في بعض المؤسسات التربوية الخاصة باهظة الثمن التي تعتمد البرنامج الفرنسي في تدريس اللغة الفرنسية و البرنامج الأنڤليزي في تدريس اللغة الأنڤليزية.
لنأخذ مثلا تونسيا: يبدو لي أن الطبيب التونسي الذي لا يتقن العربية الفصحى تعبيرا و كتابة لم يفقد شيئا يندم أو يتحسر عليه و لن يحس في حياته بأي نقص، يخاطب مرضاه بالدارجة أو بالفرنسية، يكتب وصْفته بالفرنسية فيقرؤها أي صيدلي من بنزرت إلى بنڤردان، يشارك في المؤتمرات و يلقي محاضراته بالفرنسية أو الأنڤليزية، يقرأ و يطّلِع على أحدث المجلات الطبية بالفرنسية، يكتب و ينشر مقالاته باللغات الأجنبية، فبماذا ستساعده الفصحى لو كان يتقنها؟ ربما بالعمل في الخليج أو إلقاء محاضرة في مؤتمر علمي عربي في السعودية أو في اليمن السعيد!
لنأخذ جدلا مثلا آخر دون تعميم غير علمي:  يبدو لي أن المثقف العربي  الذي درَس اختصاصه بالعربية الفصحى و الذي قد يكون لا يحذق لغة أجنبية فلن يجد في متناوله إلا إنتاجا علميا ضحلا - هذا إن وُجِد - فمآله التقوقع داخل تاريخه العرقي و الديني أو استحضار الماضي المجيد للحضارة العربية الإسلامية. وهمٌ قد يمنعه من بناء حاضره و استشراف مستقبله. كسلٌ فكريٌّ قد يُعَدّ من أحد الأسباب التي جعلت العِلم يهجر لغتنا و ديارنا إذْ لم يجد في اللغة العربية وعاءً أو حاملاً فذهب يبحث عن أوعية تحمله في لغات أخرى في بلدنا أو في بلدان أجنبية.

مصدر الاستشهادات الواردة بين ظفرين في المقال: اللغة العربية الفصحى لدى المتمدرسين – تحليل الواقع و اقتراح الحلول/مثال الجزائر، بوطيبة جلول، جامعة بن باديس - مستغانم، كتابات معاصرة، صفحة 119،العدد 88، المجلد 22، ماي-جوان 2013.

إمضاء م. ع. د. م. ك.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.

ملاحظة هامة:
جميع حقوق التأليف و النشر لجميع مقالاتي الألف إنتاجا و ترجمة أصبحت أخيرا و الحمد لله مسجلة و محفوظة لدى "اتحاد المدوّنين" و "شركة ڤوڤل العالمية". (سري للغاية و معترف بشهادتهما لدى المحاكم التونسية و الدولية).

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 28  مارس 2015.



vendredi 27 mars 2015

L`enfant méprise tout ce qui est atteint et aime tout ce qui est à atteindre. Maria Montessori

L`enfant méprise tout ce qui est atteint et aime tout ce qui est à atteindre.  Maria Montessori

Bibliographie : Maria Montessori, Pédagogie scientifique, tome 1 : La maison des enfants, éditions Desclée de Brouwer, 1958, Paris 2010 pour la présente édition, 261 pages (premier ouvrage de la Doctoresse paru en France en 1926).

Biographie : Maria Montessori née en Italie en 1870, décédée en 1952, 1ère femme italienne diplômé docteur en médecine. Elle était également licenciée en biologie et en philosophie. Elle fit des études de psychologie. En 1904, on lui confia une chaire d`anthropologie à l`Université de Rome après la publication de son premier livre L’Anthropologie pédagogique.

Page 241 : « j`observai un jour, dans notre jardin de Pincio, à Rome, un enfant d`environ un an et demi, qui s`amusait à remplir un petit seau avec des cailloux. A côté de lui, une nurse très distinguée, évidemment pleine de bonne volonté, avait pour lui les soins les plus affectueux. C`était l`heure de s`en aller, et elle l`exhortait patiemment à abandonner son travail et remonter dans sa petite voiture. Comme ses exhortations échouaient devant la volonté de l`enfant, la nurse emplit elle-même le seau de cailloux, puis le déposa avec l`enfant dans la petite voiture, convaincue qu`elle l`avait ainsi satisfait. Les hurlements, l`expression de protestation contre la violence et l`injustice que reflétait le petit visage me frappèrent. Quelle accumulation d`offenses emplissait ce cœur ! Le petit ne voulait pas que le seau fût plein de cailloux : il voulait faire l`exercice nécessaire à le remplir ; c`est cela qui répondait à la nécessite de son organisme orgueilleux. C`était sa formation intérieure, qui était son but, et non le fait extérieur d`avoir un seau rempli de cailloux ! L`attachement si vif au monde extérieur était une apparence : le besoin vital, une réalité. En effet, s`il avait rempli le seau, il l`aurait sans doute vidé encore pour le remplir à nouveau jusqu`à satisfaction complète. C`était bien pour cela que je l`avais vu, peu de temps avant, le visage rose, tout souriant : la joie intérieure, l`exercice et le soleil collaboraient tous trois à cette splendide vitalité.

Cet épisode tout simple est un exemple de ce qui arrive à tous les enfants du monde, les mieux aimés. Ils ne sont pas compris parce que l’adulte les juge à sa propre échelle : nous pensons que l’enfant est préoccupé de buts extérieurs, et nous l’aidons amoureusement à les atteindre, alors que son but inconscient et de se développer lui-même. C’est pour cela qu’il méprise tout ce qui est atteint, et qu’il aime tout ce qui à atteindre. Ainsi, il préfère l’action de se voir habiller, fût-ce magnifiquement ; il aime l’action de se laver plus que le bien être de se sentir propre ; il aime se bâtir une maison, plus que de la posséder. Il ne doit pas jouir de la vie, mais se la construire.

Le petit enfant de Pincio en est un symbole : il voulait coordonner ses mouvements ; exercer ses forces musculaires en soulevant des objets ; exercer son œil à l’évaluation des distances ; exercer son intelligence dans le raisonnement relatif à l’action de remplir son seau ; et voilà que celle qui l’aimait, croyant que son but était de posséder des cailloux, le rendait malheureux ! »

Page 243 : « Toujours imbus de ce préjugé que le but à atteindre est extérieur, nous habillons et nous lavons l’enfant, nous lui arrachons des mains les objets qu’il aime tant manier ; nous lui donnons à manger. Et après cela, nous le jugeons incapable. Nous le trouvons en outre impatient, quand c’est nous qui n’avons pas la patience d’attendre que ses gestes obéissent aux lois du temps, différentes des nôtres ; et tyrannique précisément parce que nous employons la tyrannie.

(…) Qu’adviendrait-il de nous, si nous tombions au milieu d’une population de gens très rapides dans leurs mouvements, dans le genre de ceux qui étonnent et font rire, au théâtre, par leurs transformations immédiates ? Continuant à nous mouvoir selon nos habitudes, nous nous verrions assaillis par ces gens qui se mettraient à nous habiller, en nous ballottant, à nous nourrir sans nous donner le temps d’avaler, à nous arracher des mains le travail pour l’accomplir plus vite eux-mêmes, à nous réduire à une inertie indiciblement humiliante. Ne sachant pas nous exprimer, nous nous défendrions à coups de poing et avec de grands cris contre ces forcenés ; eux pleins de volonté, dépités, nous traiteraient de méchants, de rebelles, de bons à rien !
Nous aurions beau dire à ces gens : « Venez dans notre pays ; et voyez une splendide civilisation faite par nous ; voyez nos œuvres » ; ils n’en croiraient pas leurs yeux.
C’est un peu ce qui se passe entre les enfants et nous !

Signature du Citoyen du Monde Dr Mohamed Kochkar, Coordinateur Pédagogique Général de l’École Montessori Internationale Tunisie - H-Lif 
 « Pour l’auteur, il ne s’agit pas de convaincre par des arguments ou des faits, mais, plus modestement, d’inviter à essayer autre chose » Michel Fabre & Christian Orange, 1997
« À un mauvais discours, on répond par un bon discours et non par la violence » Le Monde Diplomatique

Date de la première publication on line : Hammam-Chatt, vendredi 27 mars 2015.





mercredi 25 mars 2015

Les parents croient développer l`imagination de leur enfants en lui racontant des contes de fées ! Maria Montessori

Les parents croient développer l`imagination de leur enfants en lui racontant des contes de fées ! Maria Montessori

Bibliographie : Maria Montessori, l`esprit absorbant de l`enfant, Desclée de Brouwer, 1959 ; 2010 pour la présente édition, 241 pages.

Page 207, Maria Montessori : « L`enfant est communément considéré comme un être réceptif, alors qu`il est un individu actif ; et cela se produit sur tous les terrains ; même le développement de l`imagination s`accomplit sous cet angle. On raconte à l`enfant des comtes de fées, des histoires enchantées de princes et de princesses, et l`on croit ainsi développer son imagination ; mais en écoutant ces histoires, il ne fait que recevoir des impressions ; il ne développe pas du tout ses propres possibilités d`imagination, qui sont pourtant parmi les plus hautes qualités de l`intelligence.

Dans le cas de la volonté, cette erreur est encore plus grave, parce que l`éducation habituelle, non seulement enlève à la volonté l`occasion de se développer, mais elle fait obstacle à son développement et en inhibe directement l`expression. Toute tentative de résistance de la part de l`enfant est réprimée comme une forme de rébellion : on dirait vraiment que l`éducateur fait tout son possible pour détruire la volonté de l`élève. D`autre part, le principe éducatif de l`enseignement par l`exemple incite le maître, en faisant abstraction du monde de la fantaisie, à se présenter comme modèle à ses élèves. Ainsi l`imagination et la volonté restent inertes, et l`activité des enfants est réduite à regarder le maître, soit qu`il raconte des histoires, soit qu`il agisse.
Il nous faut à la fin nous libérer de ces préjugés et affronter courageusement la réalité. »

Signature du Citoyen du Monde Dr Mohamed Kochkar, Coordinateur Général Pédagogique de l’Ecole Montessori Internationale Tunisie - H-Lif : 
Pour le critique, « il ne s’agit pas de convaincre par des arguments ou des faits, mais, plus modestement, d’inviter à essayer autre chose », Michel Fabre & Christian Orange, 1997.
À un mauvais discours, on répond par un bon discours et non par la violence, Le Monde Diplomatique.

Date de la première publication on line : Hammam-Chatt, mardi 26 mars 2015.




اقتراح طريقة جديدة لتدريس القرآن في روضات الأطفال. مواطن العالَم د. محمد كشكار

اقتراح طريقة جديدة لتدريس القرآن في روضات الأطفال. مواطن العالَم د. محمد كشكار

طريقة مستوحاة من بيداغوجيا "مونتيسوري" المنشورة في كتابها التالي:
Bibliographie : Maria Montessori, Pédagogie scientifique, tome 1 : La maison des enfants, éditions Desclée de Brouwer, 1958, Paris 2010 pour la présente édition, 261 pages (premier ouvrage de la Doctoresse paru en France en 1926).

Biographie : Maria Montessori née en Italie en 1870, décédée en 1952, 1ère femme italienne diplômé docteur en médecine. Elle était également licenciée en biologie et en philosophie. Elle fit des études de psychologie. En 1904, on lui confia une chaire d`anthropologie à l`Université de Rome après la publication de son premier livre L’Anthropologie pédagogique.

خيرُ ما أبدأ به قول رسول الله صلى الله عليه و سلم: « إذا حكم الحاكم، فاجتهد وأصاب، فله أجران. وإذا حكم، فاجتهد فأخطأ، فله أجر واحد » . متفق عليه .و أنا مواطن مفكر يساري عَلماني حر (النظام الشيوعي في الاتحاد السفياتي كان نظاما يساريا غير عَلماني لأن الدولة السفياتية كانت تدرِّس الإلحاد في الجامعات و تهدم المساجد و الكنائس و المعابد و تمنع الممارسات الدينية الجماعية العلنية بينما من المفروض لو كانت حقا عَلمانية أن تضمن حرية المعتقد لكل الديانات بما فيها الإلحاد دون أن تفضّل دينا على دين آخر مهما كان عدد معتنقي الأول أو الثاني)  و لست حاكما في أحد لذلك أكتفي بأجر واحد لأن أجر واحد من عند الله عز و جل يساوي مجموع الأجور الممنوحة من قِبل الحكّام أجمعين منذ بُعِثَ الإنسان على الأرض إلى يوم الدين.

يبدو لي و المختصون في تدريس القرآن أعلم أن الفضاء العَلماني التقليدي المستَعمل حاليا في التعليم التونسي ما قبل المدرسي فضاءٌ غير مناسب لتعليم المقدس و لا يتوفر على أقل الشروط المطلوبة في مثل هذه الوضعية التعلمية الخاصة.
للعبرة، أعرض على العموم تجربتي الشخصية و أروي قصتي مع الإيمان المغروس في الصغر و هو فعلا كالنقش على الحجر:
حفظت جزءًا من القرآن الكريم في "خلوة" الجامع الأول شبه المظلمة بموطني جمنة قبل الدخول إلى المدرسة، كنا نتعلم في خشوع النسّاك أمام المؤدّب محمود بن قاسم، الشيخ المستقيم الورع و كنا نتحلق حول الجامع في عيد المولد النبوي ننصت لقصيدة البُردى في مدح الرسول بصوت كبار قريتنا المؤمنين الخاشعين و كنا نقفز فرحا لمجرد حضور صلاة العيد - نشارك في الخشوع دون الركوع - في مُصَلَّى الهواء الطلق بفضاء "القِبلة" (ملعب كرة القدم الأول) تحت إمامة شيخ زاهد نحيف جليل تقي، اسمه الهاشمي بكّار. دخل القرآن قلبي قبل أن يدخل عقلي و عشش فيه و استوطن و لم يبارحه حتى اليوم و لن يبارحه إن شاء الله حتى الموت. تجرّعت عن حب و عشق لقاحا روحيا ناجعا واقيا مفيدا، شرّقت بعده و غرّبت و تتلمذت في العلوم على أيدي أفضل و أروع الأساتذة الأجانب الملحدين العَلمانيين العِلميين الموضوعيين المحايدين دينيا و قرأت مئات الكتب في الإلحاد و الشيوعية و المسيحية و المادية باللغتين الفرنسية و العربية و لم يستقر أي انبتات في قلبي و عقلي و بدني.

أتمنى أن تُخصص قاعة في كل روضة أطفال لتدريس القرآن (حمّام لغوي و روحاني صافٍ، يعلّم النطق السليم و يدرّب على الحفظ و يغْني المفردات العربية الفصيحة و يمرّر آداب الإنصات) و تُؤثث هذه القاعة كما يُؤثث المسجد أو الجامع مثلما تُخصص في المعاهد مخابر لتدريس العلوم التجريبية. تحوي هذه القاعة الخاصة مصاحف صغيرة الحجم جميلة مزركشة بخط فني واضح و سجاد أنيق و منبر على مقاس الأطفال و حنفيات لتعلم الوضوء.

أتمنى أن يُنتدَب لتدريس هذه المادة الأساسية مُدرس تقي وقور معروف باستقامته في المجتمع و سلميته و عدم تطرفه قولا و فعلا  و قبوله بالآخر أخًا له في الإنسانية مهما كانت عقيدة هذا الآخر مسيحية كانت أو يهودية أو بهائية أو بوذية أو إلحادية أو لاأدرية أو غيرها. و لو كنت أنا الذي يختار لَفضلت المُجاز المستقيم الورع التقي حسن ُ القراءة و التجويد على الدكتور الذي يفتقر لبعض هذه الصفات الحميدة لأن القرآن يخاطب القلب قبل العقل و الإيمان شيء رباني و ليس اكتساب عَلماني و لاشترطت عند الانتداب بحثا ميدانيا حول كل مترشح لهذه الخطة العالية (كما نطلب مثله عند تعيين مسؤول إداري عمومي، و هل معلم الدين أقل مسؤولية من مدير معهد أو كلية). نطلب في ملف المترشح شهادة سيرة حسنة ممضاة من أهل موطنه أو حيه على اختلاف مشاربهم، ممضاة من السلفي المسالم و النهضاوي المعتدل و اليساري المعتدل و العَلماني و أهل الكتاب إن ضمتهم نفس المدينة أو نفس الجامعة أو نفس المؤسسة.

في العلم يؤكد علماء التربية أن الطفل ليس صفحة بيضاء يكتب عليها المدرس ما يشاء. يبدو لي أن في الإيمان ليس كذلك فالطفل صفحة بيضاء يملؤها الداعية الجاهل بما يريد من خرافات و تأويلات عرجاء لدين أتى رحمة للعالمين مسلمين و غير مسلمين فيحوّله إلى دين إرهاب و إكراه و قتل و سبي و اغتصاب للمسلمين قبل غير المسلمين. و لا أدلّ على ذلك من أن كل الإرهابيين "المسلمين" كما أسلافهم "الشيوعيين" هم شباب في مقتبل العمر تنقصهم التجربة العقائدية. لذلك يسهل على الدعاة غسل أدمغتهم في ظرف أشهر معدودات و يقنعونهم بتفجير أنفسهم و يرسلونهم إلى الموت و هم أشبه بمتعاطي المخدرات. و هل توجد مخدرات أنجع تأثيرا على الجسم من الهرمونات المخدِّرة للإرادة الفردية التي يفرزها المخ نفسه بعد غسله و شحنه بإيمان متطرف، عَلمانيا كان أو دينيا؟ أما العلم فهو يُكتسب ببطء شديد فلا تستطيع أن تكوّن مهندسا أو محاميا أو طبيبا إلا بعد جهد جهيد و عمر مديد و لن تستطيع إلا بتنوع المدرسين أما الإرهابي فيكفيه معلم متطرف واحد.

و هل رأيت كهلا يعتنق العنف الثوري الشيوعي أو يعتنق السلفية الجهادية؟ لذلك أنا متفائل خيرا بأن موجة السلفيين الجهاديين ستأخذ و قتها و تمر كما مرت و انتهت قبلها موجة أعنف من الثورات الشيوعية المسلحة في أوائل و أواسط القرن العشرين و ستنقرض الدول الإسلامية المساندة و الممولة للإرهاب الإسلاموي مثل السعودية و قطر و تركيا كما انقرضت دول أغنى و أقوى منها، دول عظمى ساندت العنف الثوري المسلح كالاتحاد السفياتي و ألمانيا الشرقية و ألبانيا. آمل أن يكون المستقبل للديمقراطية الاشتراكية على نمط الدول الأسكندنافية إن شاءت الشعوب و طورت معتقداتها.

بعض الأهداف المرجوة من هذه الطريقة الجديدة:
-         إحياء و غرس قيم التسامح و التعايش في سلام و وئام، قيم  سادت في المدينة المنورة في عهد الرسول حيث يتشارك في المواطنة و الحقوق و الواجبات المسلم المهاجر و المسلم الأنصاري و المسيحي و الصابئ، كلهم يسالمون المسالمين و ينعتون المعتدين بالكفّار بسبب عدوانهم لا بسبب  دياناتهم المختلفة. أمّنهم الرسول من خوف و استجاروا به فأجارهم فهل "داعش" اليوم أقوي إيمانا من الرسول؟ تقتل المسيحيين و الأكراد الأزيديين لمجرد عدم إسلامهم. و هل الله أمرنا أن نكرِه الناس بالقوة على اعتناق دين التسامح الذي دستر حرية الضمير و المعتقد قبل أن تُكتب حديثا في دساتير الدول العَلمانية و أحدثها دستور تونس الجديد الذي أسسه إسلاميون و عَلمانيون تحت سلطة إسلامية؟ و هل السلفيون الجهاديون التونسيون اليوم أكثر غيرة من النهضاويين التونسيين على الإسلام؟ يقتلون ضيوفنا الأجانب في متحف باردو و يغدرون بهم و يغتالونهم و هم عزّلا.
-         تلقيح الناشئة ضد أنواع الفكر المتطرف الإقصائي أو ألاستئصالي و الإرهاب المسلح ضد المسلمين و غير المسلمين.
-         الوقاية ضد رفض الآخر مهما كانت عقيدة هذا الآخر ما لم يكن معتديا.
-         الوقاية ضد خلط المقدس بالدنيوي، فالأول شخصي و ذاتي و عمودي بين الخالق و المخلوق، علاقة يضبطها القرآن وحده و لا رقابة أو وصاية لأحد على أحد، أما الثاني فهو اجتماعي و أفقي بين بشر و بشر، علاقة تضبطها القوانين بين الدول و الأفراد و لكل  فرد حرية الضمير و المعتقد و لا سلطة لبشر على بشر و لا فضل لمسلم على غير مسلم إلا بمدى حبه للإنسانية جمعاء دون تمييز ديني أو طبقي أو عرقي أو جنسي.

إمضاء م. ع. د. م. ك.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.

ملاحظة هامة:
جميع حقوق التأليف و النشر لجميع مقالاتي الألف إنتاجا و ترجمة أصبحت أخيرا و الحمد لله مسجلة و محفوظة لدى "اتحاد المدوّنين" و "شركة ڤوڤل العالمية". (سري للغاية و معترف بشهادتهما لدى المحاكم التونسية و الدولية).


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الثلاثاء 24  مارس 2015. 

mardi 24 mars 2015

اقتراح طريقة جديدة لتدريس القرآن في روضات الأطفال. مواطن العالَم د. محمد كشكار

اقتراح طريقة جديدة لتدريس القرآن في روضات الأطفال. مواطن العالَم د. محمد كشكار

طريقة مستوحاة من بيداغوجيا "مونتيسوري" المنشورة في كتابها التالي:
Bibliographie : Maria Montessori, Pédagogie scientifique, tome 1 : La maison des enfants, éditions Desclée de Brouwer, 1958, Paris 2010 pour la présente édition, 261 pages (premier ouvrage de la Doctoresse paru en France en 1926).

Biographie : Maria Montessori née en Italie en 1870, décédée en 1952, 1ère femme italienne diplômé docteur en médecine. Elle était également licenciée en biologie et en philosophie. Elle fit des études de psychologie. En 1904, on lui confia une chaire d`anthropologie à l`Université de Rome après la publication de son premier livre L’Anthropologie pédagogique.

خيرُ ما أبدأ به قول رسول الله صلى الله عليه و سلم: « إذا حكم الحاكم، فاجتهد وأصاب، فله أجران. وإذا حكم، فاجتهد فأخطأ، فله أجر واحد » . متفق عليه .و أنا مواطن مفكر يساري عَلماني حر(النظام الشيوعي في الاتحاد السفياتي كان نظاما يساريا غير عَلماني لأن الدولة السفياتية كانت تدرِّس الإلحاد في الجامعات و تهدم المساجد و الكنائس و المعابد و تمنع الممارسات الدينية الجماعية العلنية بينما من المفروض لو كانت حقا عَلمانية أن تضمن حرية المعتقد لكل الديانات بما فيها الإلحاد دون أن تفضّل دينا على دين آخر مهما كان عدد معتنقي الأول أو الثاني)
و لست حاكما في أحد لذلك أكتفي بأجر واحد لأن أجر واحد من عند الله عز و جل يساوي مجموع الأجور الممنوحة من قِبل الحكّام أجمعين منذ بُعِثَ الإنسان على الأرض إلى يوم الدين.

يبدو لي و المختصون في تدريس القرآن أعلم أن الفضاء العَلماني التقليدي المستَعمل حاليا في التعليم التونسي ما قبل المدرسي فضاءٌ غير مناسب لتعليم المقدس و لا يتوفر على أقل الشروط المطلوبة في مثل هذه الوضعية التعلمية الخاصة.
للعبرة، أعرض على العموم تجربتي الشخصية و أروي قصتي مع الإيمان المغروس في الصغر و هو فعلا كالنقش على الحجر:
حفظت جزءًا من القرآن الكريم في "خلوة" الجامع الأول شبه المظلمة بموطني جمنة قبل الدخول إلى المدرسة، كنا نتعلم في خشوع النسّاك أمام المؤدّب محمود بن قاسم، الشيخ المستقيم الورع و كنا نتحلق حول الجامع في عيد المولد النبوي ننصت لقصيدة البُردى في مدح الرسول بصوت كبار قريتنا المؤمنين الخاشعين و كنا نقفز فرحا لمجرد حضور صلاة العيد - نشارك في الخشوع دون الركوع - في مُصَلَّى الهواء الطلق بفضاء "القِبلة" (ملعب كرة القدم الأول) تحت إمامة شيخ زاهد نحيف جليل تقي، اسمه الهاشمي بكّار. دخل القرآن قلبي قبل أن يدخل عقلي و عشش فيه و استوطن و لم يبارحه حتى اليوم و لن يبارحه إن شاء الله حتى الموت. تجرّعت عن حب و عشق لقاحا روحيا ناجعا واقيا مفيدا، شرّقت بعده و غرّبت و تتلمذت في العلوم على أيدي أفضل و أروع الأساتذة الأجانب الملحدين العَلمانيين العِلميين الموضوعيين المحايدين دينيا و قرأت مئات الكتب في الإلحاد و الشيوعية و المسيحية و المادية باللغتين الفرنسية و العربية و لم يستقر أي انبتات في قلبي و عقلي و بدني.

أتمنى أن تُخصص قاعة في كل روضة أطفال لتدريس القرآن (حمّام لغوي و روحاني صافٍ، يعلّم النطق السليم و يدرّب على الحفظ و يغْني المفردات العربية الفصيحة و يمرّر آداب الإنصات) و تُؤثث هذه القاعة كما يُؤثث المسجد أو الجامع مثلما تُخصص في المعاهد مخابر لتدريس العلوم التجريبية. تحوي هذه القاعة الخاصة مصاحف صغيرة الحجم جميلة مزركشة بخط فني واضح و سجاد أنيق و منبر على مقاس الأطفال و حنفيات لتعلم الوضوء.

أتمنى أن يُنتدَب لتدريس هذه المادة الأساسية مُدرس تقي وقور معروف باستقامته في المجتمع و سلميته و عدم تطرفه قولا و فعلا  و قبوله بالآخر أخًا له في الإنسانية مهما كانت عقيدة هذا الآخر مسيحية كانت أو يهودية أو بهائية أو بوذية أو إلحادية أو لاأدرية أو غيرها. و لو كنت أنا الذي يختار لَفضلت المُجاز المستقيم الورع التقي حسن ُ القراءة و التجويد على الدكتور الذي يفتقر لبعض هذه الصفات الحميدة لأن القرآن يخاطب القلب قبل العقل و الإيمان شيء رباني و ليس اكتساب عَلماني و لاشترطت عند الانتداب بحثا ميدانيا حول كل مترشح لهذه الخطة العالية (كما نطلب مثله عند تعيين مسؤول إداري عمومي، و هل معلم الدين أقل مسؤولية من مدير معهد أو كلية). نطلب في ملف المترشح شهادة سيرة حسنة ممضاة من أهل موطنه أو حيه على اختلاف مشاربهم، ممضاة من السلفي المسالم و النهضاوي و اليساري و العَلماني و أهل الكتاب إن ضمتهم نفس المدينة أو نفس الجامعة أو نفس المؤسسة.

في العلم يؤكد علماء التربية أن الطفل ليس صفحة بيضاء يكتب عليها المدرس ما يشاء. يبدو لي أن في الإيمان ليس كذلك فالطفل صفحة بيضاء يملؤها الداعية الجاهل بما يريد من خرافات و تأويلات عرجاء لدين أتى رحمة للعالمين مسلمين و غير مسلمين فيحوّله إلى دين إرهاب و إكراه و قتل و سبي و اغتصاب للمسلمين قبل غير المسلمين. و لا أدلّ على ذلك من أن كل الإرهابيين "المسلمين" كما أسلافهم "الشيوعيين" هم شباب في مقتبل العمر تنقصهم التجربة العقائدية. لذلك يسهل على الدعاة غسل أدمغتهم في ظرف أشهر معدودات و يقنعونهم بتفجير أنفسهم و يرسلونهم إلى الموت و هم أشبه بمتعاطي المخدرات. و هل توجد مخدرات أنجع تأثيرا على الجسم من الهرمونات المخدِّرة للإرادة الفردية التي يفرزها المخ نفسه بعد غسله و شحنه بإيمان متطرف، عَلمانيا كان أو دينيا؟ أما العلم فهو يُكتسب ببطء شديد فلا تستطيع أن تكوّن مهندسا أو محاميا أو طبيبا إلا بعد جهد جهيد و عمر مديد و لن تستطيع إلا بتنوع المدرسين أما الإرهابي فيكفيه معلم متطرف واحد.

و هل رأيت كهلا يعتنق العنف الثوري الشيوعي أو يعتنق السلفية الجهادية؟ لذلك أنا متفائل خيرا بأن موجة السلفيين الجهاديين ستأخذ و قتها و تمر كما مرت و انتهت قبلها موجة أعنف من الثورات الشيوعية المسلحة في أوائل و أواسط القرن العشرين و ستنقرض الدول الإسلامية المساندة و الممولة للإرهاب الإسلاموي مثل السعودية و قطر و تركيا كما انقرضت دول أغنى و أقوى منها، دول عظمى ساندت العنف الثوري المسلح كالاتحاد السفياتي و ألمانيا الشرقية و ألبانيا. آمل أن يكون المستقبل للديمقراطية الاشتراكية على نمط الدول الأسكندنافية إن شاءت الشعوب و طورت معتقداتها.

بعض الأهداف المرجوة من هذه الطريقة الجديدة:
-         إحياء و غرس قيم التسامح و التعايش في سلام و وئام، قيم  سادت في المدينة المنورة في عهد الرسول حيث يتشارك في المواطنة و الحقوق و الواجبات المسلم المهاجر و المسلم الأنصاري و المسيحي و الصابئ، كلهم يسالمون المسالمين و ينعتون المعتدين بالكفّار بسبب عدوانهم لا بسبب  دياناتهم المختلفة. أمّنهم الرسول من خوف و استجاروا به فأجارهم فهل "داعش" اليوم أقوي إيمانا من الرسول؟ تقتل المسيحيين و الأكراد الأزيديين لمجرد عدم إسلامهم. و هل الله أمرنا أن نكرِه الناس بالقوة على اعتناق دين التسامح الذي دستر حرية الضمير و المعتقد قبل أن تُكتب حديثا في دساتير الدول العَلمانية و أحدثها دستور تونس الجديد الذي أسسه إسلاميون و عَلمانيون تحت سلطة إسلامية؟ و هل السلفيون الجهاديون التونسيون اليوم أكثر غيرة من النهضاويين التونسيين على الإسلام؟ يقتلون ضيوفنا الأجانب في متحف باردو و يغدرون بهم و يغتالونهم و هم عزّلا.
-         تلقيح الناشئة ضد أنواع الفكر المتطرف الإقصائي أو ألاستئصالي و الإرهاب المسلح ضد المسلمين و غير المسلمين.
-         الوقاية ضد رفض الآخر مهما كانت عقيدة هذا الآخر ما لم يكن معتديا.
-         الوقاية ضد خلط المقدس بالدنيوي، فالأول شخصي و ذاتي و عمودي بين الخالق و المخلوق، علاقة يضبطها القرآن وحده و لا رقابة أو وصاية لأحد على أحد، أما الثاني فهو اجتماعي و أفقي بين بشر و بشر، علاقة تضبطها القوانين بين الدول و الأفراد و لكل  فرد حرية الضمير و المعتقد و لا سلطة لبشر على بشر و لا فضل لمسلم على غير مسلم إلا بمدى حبه للإنسانية جمعاء دون تمييز ديني أو طبقي أو عرقي أو جنسي.

إمضاء م. ع. د. م. ك.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.

ملاحظة هامة:
جميع حقوق التأليف و النشر لجميع مقالاتي الألف إنتاجا و ترجمة أصبحت أخيرا و الحمد لله مسجلة و محفوظة لدى "اتحاد المدوّنين" و "شركة ڤوڤل العالمية". (سري للغاية و معترف بشهادتهما لدى المحاكم التونسية و الدولية).


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الثلاثاء 24  مارس 2015.