أرجو زميلي المدرّس التونسي أن يستقيل كلِّيا أو جزئيا عن التدريس داخل القسم! مواطن العالَم د. محمد كشكار

أرجو زميلي المدرّس التونسي أن يستقيل كلِّيا أو جزئيا عن التدريس داخل القسم! مواطن العالَم د. محمد كشكار

لم أقل يتغيّب أو يتكاسل أو يتغافل أو يتحايل أو يتخلى عن واجبه في تربية النشء. على العكس أطالبه بأن يعمل أكثر و يجتهد أكثر قبل الدرس دون أن يحرِم التلميذ في القسم من فرصة التعلم البنائي الذاتي.

فَلْيعذِرني زميلي في نقده و النقد هدّام أو لا يكون مع احترام شخص المَنقود، هدمُ نظرية علمية لم تعد صالحة يأتي بعده بناء نظرية علمية جديدة ثم هدم و بناء و هكذا دواليك يتقدم العلم و آخر نظرية بيداغوجية لـ"جيوردان" اسمها هدم/بناء (Construction/Déconstruction). يبدو لي أنه على المدرس التونسي معلِّما كان أو أستاذا أو مربِّيا للصغار في الروضة:

-         عليه أن لا يستعرض عضلاته في القسم لأن التلميذ أوْلَى باستعراض عضلاته العلمية. فالقسم قسمه و ليس ملك المدرس و التلميذ هو محور العملية التربوية و لا محور غيره و ما أوجِدَ المدرس إلا لخدمة التلميذ.

-         على مدرس اللغات أن لا يحتكر الكلمة في القسم، فإذا لم يتكلم التلميذ في القسم و يخطئ فأين سيتعلم البلاغة و النطق السليم في ثلاث لغات أجنبية على بيئته بما فيهم العربية الفصحى.

-         على مدرس العلوم التجريبية أن لا يحتكر استعمال المُعِدّات المخبرية العلمية أثناء حصة الدرس، فإذا لم يستعملها التلميذ في القسم و يخطئ فأين سيتعلم استعمالها و إن تكسرت فقد جُعلت أصلا للاستهلاك. أذكّر أن عُشر ميزانية قصر قرطاج يساوي سبعة مليون دينار أي ثمن عشرة آلاف مجهر عادي (ثمن المجهر الواحد سبع مائة دينار تونسي). "هو إكسِّر و الوزارة تعوِّض" على حد قول الفنانة الخالدة صليحة "هو إبيع وَانَا نِشريه".

على المدرس أن يعلَم أن المُعِدّات المخبرية العلمية لم تُوفّرْ لتسهيل مهمته البيداغوجية بل جُعِلت لتيسير مهمة التعلّم لدى التلميذ و الدليل أنه لو نُقِلت مهمة اكتساب المعرفة من المدرس و أوكِلت إلى التلميذ في علاقة تفاعلية مباشرة بينه و بين وسائل التعلم العلمية لَصَنع هذا الأخير معرفته بنفسه دون مساعدة المدرس المباشرة.

على المدرس التونسي المجدِّد بيداغوجيا أن يكتفي بتحضير الوضعية التعلمية المناسبة و يجلب المعدات و المواد الكيميائية اللازمة و يطرح الإشكالية بصورة واضحة و يستقيل كليا عن التدريس و يتنحى مشكورا جانبا و يتخلى عن اعتبار نفسه خطأ أنه هو محور العملية التربوية و يترك مهمة التعلم الذاتي  البنائي للتلميذ لأن هذا الأخير ليس فرخ طير ينتظر في عشه ما تجلبه له أمه و ليس كائنا فارغا كسولا و إنما المدرس المحدود بيداغوجيا هو مَن علمه الكسل و الاعتماد على الغير.

-         على مدرس الرياضيات أن لا يحتكر حل المسائل في القسم، فإذا لم يتمرّن التلميذ على حل المسائل المعقدة في القسم و يخطئ فأين سيتعلم الذكاء الرياضي يا تُرى.

-         على المدرس عموما أن لا ينهر التلميذ الذي يخطئ في القسم مع الإشارة أن العلماء هم أكبر الخطّائين و الخطأ يُعتبر في علوم التربية مُحرّك القسم، فإذا لم يخطئ التلميذ في القسم فأين سـ"يخطئ و لا يُعاقبَ" يا تُرى.

-         على المدرس عموما أن لا يقتل المبادرة الذاتية الجنينية لدى التلميذ في القسم، فإذا لم يبادر التلميذ في القسم و يخطئ فأين سيتعلم الشجاعة الأدبية و حرية الرأي مع احترام الخصم الفكري لذلك يبدو لي أن جل تلامذتنا المتفوقين هم مقلِّدون فاقدو الشخصية المستقلة المتوازنة و لذلك نلاحظ أيضا أن جل التلامذة المتمردين يُطرَدون من التعليم أو يكملون دراستهم المتعثرة في سن الخامسة و خمسين مثلي.

إمضاء م. ع. د. م. ك.

لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الجمعة 20  مارس 2015.