يبدو لي أن تعليمنا التونسي
العمومي لا زال يشغل التلميذ في نقل ما يمليه المدرس أو ما يكتبه هذا الأخير على السبورة. مواطن العالَم د. محمد كشكار
في عصر السبورة و اللوحة
الرقميتان التفاعليتان (Tablette
pour chaque élève et tableau interactif dans chaque salle de classe )، لا زال المدرس التونسي - التقليدي رغم
أنفه - يهدر وقت التلميذ و يشغله في عمل
غير ذهني. يتمثل هذا العمل في كتابة سلبية (لا يشارك في إنتاجها) لِما يمليه المدرس
أو نقل ما يكتبه هذا الأخير على السبورة. مع الإشارة أن هذا العمل قد يكون للمدرس
فيه أهداف بيداغوجية وجيهة، لكن هنالك في القسم أهداف أوْلى و أهم مثل القيام
بمشاهدات أو تجارب علمية لا يمكن للتلميذ القيام بها خارج المخبر أو دون مساعدة
مدرسه. أما خلاصة الدرس المسقطة، فالمدرس يستطيع توفيرها للتلميذ مكتوبة في نسخ و
يكفيه عناء نقلها حتى يتفرغ الاثنان لأنشطة ذهنية أجدى.
أنا لا أقصد بنقدي هذا حصص الإنتاج
الكتابي المفيدة جدا و الصعبة جدا و المهملة جدا من قِبل مدرسي اللغات الأجلاء و
لا أقصد أيضا الإنتاج الشفوي، فهذان النشاطان هما من أهم الأنشطة الذهنية
التكوينية لمستقبل أجيالنا القادمة. نردد أحيانا و نتهم المتخرج الجامعي الحالي
بالعجز عن تحرير مطلب شغل أو إنتاج خطاب شفوي متماسك منطقيا و ننسى أن المتهم
الرئيسي هو المدرس أما التلميذ فهو ضحية نظام تعليمي نسبيا متخلف، لم نعلّمه فلم
يتعلم لأن اكتساب المعرفة لا يخرج من التربة كالفِطر و لا ينزل من السماء كالغيث.
التعلم مهنة و جهد مشترك بين المعلّم و المتعلم، العلم ليس موهبة يمنحها القدر لمن
يشاء، العلم بناء ذاتي-اجتماعي طويل مُضني و معقد.
لو وفرت وزارة التربية سبورة
تفاعلية في كل قاعة درس و لوحة تفاعلية لكل تلميذ لَجنّبنا التلميذ عناء النقل من
السبورة لآن كل ما يخطه المدرس على السبورة الرقمية طوال الحصة يُسجّل أوتوماتيكيا
على لوحة التلميذ الرقمية. و هذا ليس بطلب تعجيزي على حكومتنا الموقرة التي لا
تفرّط في امتيازات وزرائها و نوابها في البرلمان و تفرّط بسهولة و ربما بشماتة في
مستقبل أبناء الطبقات الفقيرة و المتوسطة أما أبناء الوزراء و النواب و الأغنياء
فلهم مدارس خاصة تُؤويهم و تحميهم فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون، مدارسهم مجهزة
بأحدث الوسائل التعلمية الرقمية.
إمضاء م. ع. د. م. ك.
لا أقصد فرض رأيي عليكم
بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى،
و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا
أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 22
مارس 2015.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire