dimanche 31 mars 2019

هل فقد المثقفون العرب مصداقيتهم فيما يدّعون من مواقف ؟ نقل وتعليق مواطن العالَم



كتاب "ثورات القوة الناعمة في العالم العربي. من المنظومة إلى الشبكة."، علي حرب، الدار العربية للعلوم و النشر، الطبعة الثانية 2012، 240 صفحة (استعرته من منتدى مقابسات للفكر والتواصل).

نص علي حرب:
صفحة 48: و لكن الكثيرين من المثقفين لا مصداقية لهم في ما يدعون أو يعلنون من المواقف. فهم ضد الاستبداد في مكان، ولكنهم يقفون معه أو يسكتون عليه في مكان آخر. فهم ضد المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزّة، ولكنهم يصفقون للمجازر التي ترتكبها "القاعدة" في العراق بحق عراقيين. وهم مع الحرية والديمقراطية في تونس والقاهرة، ولكنهم ضدها في لبنان، إذ هم مع محاولة تعريبه وأسلمته، على الطريقة التي تؤدي إلى فقدان ميزته، كبلد شكّل وما يزال يشكّل منبرا لحرية الكلمة ومساحة لممارسة الحريات الديمقراطية التي استفاد منها كل الهاربين من جور حكوماتهم أو من فقر بلدانهم.

إضافة مواطن العالَم:
في حرب الخليج الأولى والثانية، وقف العديد من المثقفين اليساريين التونسيين مع نظام صدام العراقي الاستبدادي بدعوى الوقوف ضد أمريكا ووقفوا قبله مع الاحتلال السوري للبنان بدعوى معاداة إسرائيل ومجدوا ولا زالوا يمجدون نظام ستالين الديكتاتوري بدعوى مناهضة الإمبريالية. أنا، كتونسي يساري غير ماركسي، أقف وبحزم سلمي فكري ضد الأنظمة الديكتاتورية الثلاثة، صدام والأسد وستالين، وفي الوقت نفسه أقف ضد أمريكا وإسرائيل والإمبريالية ولا أرى نفسي متناقضا، بل على العكس أرى نفسي أكثر منهم انسجاما وتطابقا مع مبدأ مناهضة الاستعمار والديكتاتورية أيّا كان مأتاهما، عربيا كان أو غربيا، فنتيجتهما الكارثية واحدة على الشعوب العربية.

نص علي حرب:
         وهُمُ إلى ذلك قد فقدوا المصداقية والمشروعية والفاعلية منذ زمن طويل، سواء من حيث نماذجهم في فهم العالم أو من حيث برامجهم لتغيير الواقع. فالعالم، تغير ويتغير، بعكس تصوراتهم وخططهم. والأهم أنه يتغير على يد قوى جديدة، كانت مستبعدة أو مهمشة، وربما محتقرة، من جانب المثقفين الذين يدعون احتكار الوعي والعلم والمعرفة بأحوال العالم، فإذا بهذه القوى تبدو حية، ناشطة، فعالة أكثر مما يحسب دعاة التقدم والتغيير.

تعليق مواطن العالَم:
         أخص بالنقد هنا، رفاقي اليساريين الماركسيين التونسيين: ماركس قال أن فلاسفة عصره غرقوا في فهم العالم لكنهم لم يحاولوا تغييره والمطلوب فهمه وتغييره في آن. أما رفاقي المعاصرون فلم يقتدوا بمعلمهم وحاولوا تغيير الواقع التونسي دون فهمه فلذلك لم يحالفهم الحظ، لا في الفهم ولا في التغيير. للأمانة، حاولوا فهم الواقع التونسي لكن باستعمال آليات قديمة متكلسة وبتوظيف مبادئ ماركسية عامة منقرضة أو في طريق الانقراض مثل: الحتمية المادية والحتمية التاريخية وصراع الطبقات وديكتاتورية البروليتاريا واللينينية والستالينية والماوية وكذبة الاشتراكية "العلمية". يبدو لي أنهم لم يحسوا بتغيّر العالم من حولهم، فصراع الطبقات لم يعد المحرك الأساسي للتاريخ، والعلم أصبح يؤمن بالتفاعل والانبثاق غير المعروف مسبقا، مما يقودنا بالضرورة لللاحتمية المادية واللاحتمية التاريخية، والبروليتاريا لم تعد طبقة تحتكر الفقر ولم تعد طبقة متجانسة والفقراء أصبحوا طبقات جديدة متعددة متنوعة متكونة من العمال بالساعد أو بالفكر ومن المهمشين والمعطلين عن العمل والفقراء المثقفين والمدونين والفيسبوكيين وأصحاب الشهائد العليا العاطلين عن العمل. لم تعد طبقة البروليتاريا ولم تَكُ يوما طبقة ثورية، فالحزب الشيوعي الطلائعي هو الوحيد الذي  اعترف انتهازيًّا بثوريتها وهو أوّل مَن سلبها حقها في التعبير واستعار اسمها ليتحكم في مصيرها بعنوان ديكتاتورية البروليتاريا والبروليتاريا كانت أوّل ضحاياه في الدول الشيوعية السابقة مثل الاتحاد السوفياتي ودول أوروبا الشرقية وألبانيا وكمبوديا وكوريا الشمالية والصين الماوية. لقد أثبتت الطبقات الجديدة غير البروليتارية ثوريتها عن جدارة في الربيع العربي وغابت الطبقة البروليتارية حسب التعريف الماركسي وغاب ممثلوها كأحزاب طلائعية عن شوارع وساحات الربيع العربي ولم نر من طلائعيتهم إلا ركوبهم على الثورة بعد بروزها مثلهم مثل الأحزاب الإسلامية.

نص علي حرب:
         هذه هي حال العاطلين عن العمل الذين كانوا يفعلون بصورة سلبية أو عقيمة، فإذا بهم يسهمون الآن في تفجير الانتفاضة في غير مكان من العالم العربي. وهذه هي خاصة حال الأجيال الجديدة من الشباب والمدونين والعاملين على الشبكات. ومن المفارقات أن فلاسفة العرب ومفكريهم ما زالوا يثيرون أسئلة النهضة ومشكلات الحداثة، فيما الفاعلون العرب الجدد قد تجاوزوا الحداثة إلى ما بعدها، بانخراطهم في الحداثة الفائقة والسيّالة للعصر الرقمي والواقع الافتراضي. وها هم يتصدرون الواجهة ويصنعون الحدث الذي سارع المثقفون إلى تلقفه والتعيش عليه، لأن مجتمع المثقفين ليس ملكوتا للفضيلة ولا هو مملكة للحرية والعدالة، بل هو الأسوأ داخل المجتمع الكبير، كما تشهد علاقات المثقفين بعضهم ببعض. وذلك يعني أن المثقفين لم يعودوا عقول المجتمعات النيّرة. ولم يكونوا أصلا ضمائرها الحية.
لنعترف بفشلنا وإفلاسنا، وبأن جيلنا قد أورث الأجيال الجديدة كل هذا التردي والتراجع. ومؤدى الاعتراف أننا الوجه الآخر للأنظمة التي ندينها وننتشي لانهيارها، بنخبويتنا وتهويماتنا النرجسية. فالحاكم والمثقف متألّه وعاشق لذاته، نابذ لغيره. الأول ينفرد بالسلطة ويستبد بها بقدر ما يظلم من اختاروه لرعاية مصالحهم. والثاني يحتكر الحقيقة ويعتقد بأنه فريد عصره ومجاله، بقدر ما يحتقر من يدّعي أنه يدافع عن حقوقهم.

تعليق مواطن العالَم:
         أحمد الله أنني لم أجد نفسي في تعريف علي حرب للمثقف العربي الكلاسيكي ولم أكُ  يوما وجها لنظام بورقيبة  أو نظام بن علي ولم أنتمِ إلى أي حزب ولم تصادر تفكيري أي إيديولوجيا بل على العكس أجد نفسي بكل تواضع من ضمن الفاعلين التونسيين الجدد لأنني انخرطت منذ 2008 في العصر الفيسبوكي والواقع الافتراضي بنشر مقالات نقدية حول التعليم والوضع الاجتماعي بصفة عامة وشاركت على قدر العمر المتقدم والصحة الضعيفة في مظاهرات ثورة 14 جانفي 2011 قبل وبعد هروب بن علي.

البصمة الفكرية الكشكارية
بكل شفافية، أعتبر نفسي ذاتا حرة مستقلّة مفكرة  وبالأساس ناقِدة، أمارس قناعاتي الفكرية بصورة مركبة، مرنة، منفتحة، متسامحة، عابرة لحواجز الحضارات والدين والعرق والجنس والجنسية والوطنية والقومية و الحدود الجغرافية والأحزاب والأيديولوجيات. وعلى كل مقال سيء، نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.

Mes deux principales devises dans la vie, du moins pour le moment
-         Mohamed Kochkar : faire avec les conceptions non scientifiques (ou représentations) pour aller contre ces mêmes conceptions et en même temps auto-socio-construire à leurs places des conceptions scientifiques
-         J. P. Sartre : Les idéologies sont liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites

إمضاء جديد، مواطن العالَم
مواطن العالَم (أعتذر لكل المواطنين في العالَم غير الغربي على ما فعله و يفعله بهم حتى الآن، إخوانهم في الإنسانية، المواطنون في العالَم الغربي)، مسلم (أعتذر لكل المواطنين غير المسلمين على ما فعله بهم أجدادي المسلمون)، عربي (أعتذر لكل المواطنين غير العرب على ما فعله بهم أجدادي العرب) تونسي (أعتذر لكل المواطنين التونسيين على ما فعله بهم نظام بورقيبة ونظام بن علِي طيلة سنوات الجمر الخمسة وخمسين)، "أبيض- أسود" البشرة (أعتذر لكل المواطنين السود في  العالَم  علىِ ما فعله بهم أجدادي البيض)، يساري غير ماركسي (أعتذر لكل المواطنين غير اليساريين واليساريين غير الماركسيين في  العالَم  علىِ ما فعله بهم رفاقهم الماركسيون اللينينيون الستالينيون الماويون)، غير منتمٍ لأي حزب أو أي أيديولوجيا ( أعتذر لكل المواطنين غير المنتمين حزبيا أو أيديولوجيا في العالَم عن كل خطأ ارتكبته في حقهم الحكومة والمعارضة والمتعاطفين معهما).

تاريخ أول إعادة نشر على النت: حمام الشط في 12 سبتمبر 2012.



Haut du formulaire

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire