منذُ اليومَ
قرّرتُ أن أرُدَّ على الإساءةِ بأسوأِ منها وعلى التحيةِ، من طبعي أردُّ عليها دومًا
بأحسن منها، ومثلما أعامَلُ
سأعامِلُ! طِوالَ حياتي عشتُ في مجتمعي وبين ناسِي كالخروفِ، سبّقتُ الخيرَ في
الجميعِ وخِلتُ الكلَّ خرفانًا مثلي. لَسَعنِي بعضُهم فلقّحني، ومَن فاجأني مرة ولسعني
فتبًّا له وإن كرّرها دون عقابٍ فتبًّا لي وألف تبَّ. واليومَ والحمدُ لله، الذي
لا يُحمَدُ على مكروهٍ سواه، تحوّلتُ إلى ثُعبانْ، واكتشفتُ أن لي سُمًّا، مَخالبَ
وأسنانْ:
-
لو نقلتُ نصًّا أعجبني عن فيلسوفٍ أو عالِمٍ، فلا
تسألوني عن فحوى ما نقلتُ. أخذتُ هذا الموقفَ، ليس من بابِ التكبُّرِ الذي قد
يتبادرُ إلى أذهانِ بعضِ القرّاءِ غيرِ الحصيفينَ، بل هو التواضُعُ العلميُّ
بشحمِه ولحمِه. أشرحُ: أنا مستهلِكٌ مثلكم للمعرفةِ وناقلٌ أمينٌ لها (لا أغفلُ
دومًا عن ذِكرِ المصدر وبالكامل)، أي لستُ أكثرَ منكم علمًا في غير اختصاصي
(Didactique de la biologie en
français)،
فلو غامرتُ وأجبتُكم على تساؤلاتِكم فقد أجرُّكم إلى الخطأِ
دون قصدٍ بل عن جهلٍ. يكونُ إذن من الأفضلِ لي ولكم أن تقرؤوا نفسَ الكتابِ الذي
قرأتُه أنا: تأخذونَ العِلمَ من مصادرِهِ، تدحضونَ الفكرةَ، تُكذّبونَها،
تُشوّهونَها، تنقدوا كاتبَها، تثلبوه، تشتموه، تُشهّروا به، أنتم أحرارٌ، أنا لستُ
وليَّ أمره، لكن على شرط أن تنشروا نُقودَكم على صفحاتِكم لا على صفحتي، أرجوكم
وأتوسّلُ إليكم وإن لَزِمَ الأمرُ أبوسُ نِعالَكم!
-
كل مَن تجرّأ على شخصي في الفيسبوك ولو مرةً واحدةً
بكلمةٍ واحدةٍ، حذفتُه من قائمةِ أصدقائي وأنا وحدي الذي أقيِّمُ الإساءةَ وليس المسيءُ.
-
كل مَن أخطأ في حقي ولم يعتذرْ وبوضوحٍ، قاطعتُه حتى
يعتذرَ.
-
كل مَن قلتُ له صباح الخير من الجيران، سمعني ولم يرُدْ،
فلن يسمعها مني ثانيةً.
-
كل مَن جالسني وبادرني مرّةً بما أكرهُ، أسمعتُه على
الفورِ ما تيسّرَ أو أكثرَ، فكلنا في الأصل أنانيّونَ، والشتمُ جنونٌ من شِيمِ
الجبناءِ، وليس بطولةً، والبادئُ بالعدوانِ أظلَمُ.
-
لو لم يسبقْني ابني دومًا بالتحيةِ، ما سبقتُه وحُبُّه
في قلبي أبكَمُ.
-
غاندِيٌّ مسالِمٌ مع المسالمينً حتى الدماغْ (Centre des actes réfléchis)
ونِيتشَويٌّ مع المناوئينَ حتى النخاعْ
(Centre des actes irréfléchis).
-
بقيَ لي واحدٌ أحدْ، لن أقاطعَه وإلى الأبدْ، لأنه لم
يسيءْ إليّ يومًا وما أساءَ لأحدْ؟
خاتمة: قرارٌ أخذتُه ولا رِجعةَ فيه، ولم أستشرْ فيه أحدًا،
ولم أظلِمْ فيه أحدًا: ما أفعلُه ليس فسادَ أخلاقٍ، بل هو رُخصةٌ من الواحدْ
الأحدْ: "لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ
إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ " (قرآن).
ملاحظةٌ غير وديّةٍ موجهةٌ إلى الجهلةِ المتطفّلينَ على صفحتي: ما أعرضُه أعلاه
ليس وجهةَ نظرٍ مطروحةً للنقاشِ، بل هو مناجاةٌ ذاتيةٌ داخل "أومْفالْتْ"
(Umwelt) مواطن العالَم
اليساري الصّوفي (La spiritualité à l`échelle individuelle).نعم أنا يساريٌّ
صوفِيٌّ، لستُ متديّنًا كالمتدينينَ ولا يساريًّا كاليساريينَ، أحَبَّ مَن أحَبَّ
وكَرِهَ مَن كَرِهَ؟ ولا
يعنيني إن قرأني واحدٌ أو ألف، ولا أطمحُ لإقناعِ أحدٍ أو الفوزِ برضاءِ أحدٍ.
أيها المتطفّلونَ على
صفحتي، يساريونَ وإسلاميونَ، لقد خرجتُ ونهائيًّا من عالَمَيْكِما معًا، فاغرُبوا
عن صفحتي واخرجوا من عالَمي غير مأسوفٍ عليكم، أريدُ أن أتفرّغَ كليًّا للكتابةِ،
أكتبُ لنفسي وعلى صفحتي وما جنيتُ على أحدٍ!
مِحرابي هو مقهى الشيحي في الفجريّاتْ، أسبّحُ كل صباحٍ بالكلماتْ،
وقلمي سيبقى حرًّا بقدرة قادرٍ وإلى المماتْ!
ملاحظةٌ وديّةٌ موجهةٌ إلى أصدقائي الفيسبوكيينَ المحترمينَ، يساريينَ
وإسلاميينَ: أرجوكم، افهموني، أنا حرٌّ، أكتبُ ما أشاءُ، كيفما أشاءُ ومتى أشاءُ،
ولا رقيبَ عليَّ إلا ضميري وبَسْ، فلا تتدخّلوا بيني وبينَه، جزاكم الله خيرًا
والسلام. أنا فرحانٌ بصداقتِكم وفخورٌ بكثرتِكم.
إمضاء مواطن
العالَم
أنا اليومَ لا أرى خلاصًا للبشريةِ في الأنظمةِ القوميةِ
ولا اليساريةِ ولا الليبراليةِ ولا الإسلاميةِ، أراهُ فقط في الاستقامةِ
الأخلاقيةِ على المستوى الفردِيِّ وكُنْ كما شِئتَ (La spiritualité à l`échelle individuelle).
"النقدُ
هدّامٌ أو لا يكونْ" محمد كشكار
"المثقّفُ هو
هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو
"وإذا
كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
لا أقصدُ فرضَ
رأيِي عليكم بالأمثلةِ والبراهينَ بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى، وعلى كل
مقالٍ سيءٍ نردُّ بِمقالٍ جيّدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ.
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الاثنين 4 مارس 2019.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire