لماذا لا نقتبس من البلدان الأسكندنافية بعض الشفافية و بعض العدالة الاجتماعية؟ مواطن
العالم د. محمد كشكار
تاريخ أول نشر على النت
حمام الشط في 29 جويلية 2011.
على سبيل الذكر لا الحصر و
عملا بالآية الكريمة "و ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" صدق الله العظيم
و قد تنفع غير المؤمنين أيضا:
نوا هذه الحكومة مع حكوماتنا النفطية
العربية التي تفرّط بأبخس الأثمان لأسيادها الأمريكان في حقنا و حق الأجيال
القادمة و أسوأ مثال يحضرني الآن هو عملية تصدير الغاز الطبيعي من مصر إلى إسرائيل
بريع ثمنه في الأسواق العالمية.
2.
الشفافية
حدث
في السويد على ما أذكر: يدخل الصحفي وزارة التربية دون إذن مسبق و يتجه مباشرة إلى
أرشيف الوزارة يفتش فيه عما يشاء و ينشر منه ما يشاء.
3.
التقشف في مصاريف الدولة من المال
العام
حدث
في السويد على ما أذكر: ليس للوزير سيارة خاصة و عندما يريد زيارة إحدى المؤسسات
التابعة لوزارته يطلب سيارة البلدية.
يدفع
الوزير ثمن كل وجبة يتناولها في الوزارة و لا يتمتع بمسكن وظيفي.
تراجعت
وزيرة عن الترشح لشغل منصب وزير أول بعد ما اكتشف صحافي أنها استعملت بطاقة ائتمان الوزارة
لتسديد فاتورة تاكسي لقضاء حوائجها الخاصة.
تبلغ مساحة وزارة التربية 300 متر مربع و يشتغل فيها موظفان فقط،
الوزير و كاتبته.
تمنح الوزارة هاتفا جوالا للكاتبة تستعمله في المكالمات الرسمية
لكنه لا يستجيب إن أرادت استعماله لأغراض خاصة خارجة عن مجال العمل.
جاءت وزيرة البيئة الفرنسية لزيارة زميلتها السويدية. دخلت و جلست
في قاعة انتظار متواضعة الأثاث. قدِمت امرأة عادية الملبس و قدّمت لها القهوة
فسألتها الوزيرة الفرنسية: حان موعد المقابلة و لم تأت الوزيرة. ردت عليها المرأة
المتقشفة: أهلا و سهلا بك، أنا الوزيرة السويدية.
يُسأل و يُحاسب الوزير إن بذّر المال العام في شراء أثاث فاخر
لمكتبه أو دفع ثمن عشاء فاخر لضيوفه السويديين أو الأجانب، عليه إذن شراء أثاث
متواضع و دفع ثمن عشاء متوسط .
4.
تكافؤ الفرص
حدث
في السويد على ما أذكر: عامل تركي مهاجر مجنّس حديثا أصبح وزيرا للتربية.
5. التضامن
في السراء و الضرّاء بين الدول الأسكندنافية
بعد
المجزرة الأخيرة التي وقعت في النورفاج، وقفت شعوب كل الدول الأسكندنافية في نفس
اللحظة دقيقة صمت تحية لأرواح ضحايا الإرهاب اليميني النورفيجي.
6.
معلومات مفيدة حول النظام التربوي "الفنلندي"
الناجح دون تفقّد بيداغوجي
يُعتبر النظام التربوي الفنلندي أحسن نظام من بين
الأنظمة التربوية التي قيّمها البحث العالمي "بيزا" سنة 2003
PISA
-
نظام تربوي متساو لأبناء المتوسطين و الميسورين على
السواء، تكون فيه الدراسة في المدرسة الأساسية إجبارية من سن 7 إلى 16 سنة.
-
دراسة مجانية مع مجانية الوجبة الغذائية في المدرسة و
مجانية النقل و مجانية كل الأدوات المدرسية.
-
بعد المرحلة الأساسية التي تدوم 9 سنوات، ينقسم
التعليم إلى نوعين من التكوين: تكوين نظري يُقدم في المعاهد الثانوية التي تفضي
إلى الجامعة و تكوين مهني يُقدم في المعاهد المهنية و يفضي إلى الحياة العملية دون
تأهيل إلى للتعليم العالي.
-
ينعدم الرسوب في المدرسة الفنلندية لذلك يتمتع التلامذة
الذين يلاقون صعوبات في التعلّم بالمتابعة و المساندة من قبل أستاذ متخصص في
الميدان. يَحضُر هذا الأستاذ الخبير مع التلميذ في القسم ليرشده و يشدّ أزره و
يرفع معنوياته و يعمل معه خارج القسم.
-
ترتكز نجاعة هذا النظام التربوي على تحميل التلميذ
مسؤوليته منذ الصغر و ترتكز أيضا على غياب التوتّر داخل المدرسة و في المنزل
لانعدام الرسوب و قلة الواجبات المنزلية (يبدو أن مجموع ما يخصّصه التلميذ لإنجاز
واجباته المنزلية لا يفوق 5 ساعات في الأسبوع). يتميز النظام التربوي الفنلندي
بالتكوين الجيد للمدرسين الذين يدرسون سنتين علوم تربية بعد الأستاذية في الاختصاص.
-
عندما يخاطب التلميذ أستاذه، يقول له: أنت
tu
و
ليس أنتم
Vous
و
لعل في هذا السلوك الحضاري حكمة كبيرة تتمثل في عدم تقديس الأستاذ حتى يتمكن
التلميذ من معارضته و نقده - إن لزم الأمر -
بأدب و لياقة ، عند مناقشة العدد المسند إليه مثلا، و لا يسلّم بكل ما
يقوله الأستاذ دون شك و غربلة و مراجعة و يستطيع أن يأخذ من مدرسه موقفا نقديا و
يتدرّب على المعارضة و الجهر بكلمة لا، أول كلمة في التوحيد - لا إله إلا
الله - لو تفكّر المؤمنون و واضعو البرامج التعليمية التونسية و المدرسون المنفذون
للسياسة التربوية.
-
يتوفّر التعليم العالي الفنلندي على نوعين من المؤسسات:
الجامعات التي تُعدّ الطالب للبحث العلمي و تقدّم مزيدا من التعليم النظري، أمّا
المعاهد متعدّدة التقنيات فهي تفضّل التطبيقات العملية. مثلا: يتخرج الطبيب من
الجامعة و يتخرج الممرّض من المعاهد متعدّدة التقنيات.
-
يُعفى الطالب في التعليم من دفع الرسوم الجامعية و يتمتع
بمنحة دراسية، قد يُحرم منها عند الرسوب. قد لا تغطي هذه المنحة مصاريف و احتياجات
الطالب غير التعليمية فيضطر إلى ممارسة مهنة موازية أو يطلب قرضا بواسطة تقديم
شهادة عن الشرف.
-
يُطبق في فنلندا برنامج "الجامعة المفتوحة" -
نفتقده للأسف الشديد في تونس – الذي يسمح لغير الطلبة الكلاسيكيين بمتابعة دروس
الجامعة بصفة فردية. تستقبل هذه الجامعة أشباه الطلبة من كل المستويات و كل
الأعمار دون شروط مسبقة نظير مقابل زهيد لكل وحدة دراسية تُنجَز لا يفوق 60
"أورو
60
euros (l’équivalent de 120 dinars tunisiens)
-
يرافق هذا التفوّق العالمي الذي تنفرد به المدرسة
الفنلندية، غياب التفقد البيداغوجي بصيغته التونسية الحالية في 2011.
خلاصة القول
لو قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأضاف إلى هذا
النظام شيئا و أضاف له هذا النظام أشياء.
التقليد الأعمى و استيراد النماذج شيء لا طائل من
ورائه لكن الاستفادة من التجارب الناجحة لدى الشعوب الأخرى شيء محمود و منشود.
إمضائي
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و
يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما
أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد رغم أن الشكر يفرحني كأي بشر رقيق و حسّاس.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم
بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا
بالعنف اللفظي أو المادي.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire