dimanche 11 août 2019

في يوم العيد، سبحانه كيف أراه وكيف أناجيه؟ مواطن العالَم، يساري غير ماركسي وغاندي الهوى



أراه بعينيّ ودون حجاب لا بعيني إمامٍ أو فقيهٍ، أراه وحدي لا كما يراه الآخرون، وماذا يعنيني رأي الآخرين فيه، أليس ربي لوحدي، أستأثر برحمته، أستظل بظله، أستجير بعظمته. أليس هو رب الناس جميعا، أجير مَن لا أجير له، راحم مَن لا رحيم له، أب مَن لا أب له، ومغيث مَن لا مغيث له. لا تعجبوا إذن من سارقٍ يستنجد ويقول يا ربي، القانون ضده والمجتمع ضده والبوليس يلاحقه. فمن بقي له؟ وجه الخالق الذي خلقه، خالق لا يهمل مخلوقاته حتى وإن صوّر لنا نصف صوابنا عكس ذلك.
هو الأب البشري لا يفرق بين أولاده، لا يهمل أولاده، لا يجازي أولاده حسب أفعالهم، يعطف على جميع أولاده، الفاشل قبل الناجح، العاصي قبل المستقيم، الأعمى قبل المبصر، الضعيف قبل القوي، والقانون يحميه لو تستر على ابن هارب من العدالة. كل هذه الصفات تتوفر في جل الآباء والأمهات. فكيف ستكون رحمة الخالق بمخلوقاته إذن؟ طبعًا أضعاف أضعاف: "يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت إن الكبائر في الغفران كاللمم (صغائر الذنوب)". خطأ الناس، وما أكثر أخطاؤهم، أنهم يقيسون الكبيرة والصغيرة بمقياسهم ولا أحد منهم يعرف مقياس الربوبية، حاشا أن تدركه الأبصار! أنا أحس أنه مقياسه مخالف لمقياسكم، غرباله ليس كغربالكم، عدله أكيد أعدل من عدلكم، رحمته شملت جميع مخلوقاته، شملت النبات والحيوان والحجر فكيف بها لا تشمل البشر، خليفته في الأرض؟

يا دكتور، استغفر الله! كيف تخاطب الله بهذه الحميمية وبهذه المباشرتية وكأنه صديقُك جالسٌ أمامك؟

ومَن أنت يا مخلوق، يا هباءة في مهب الريح؟ مَن أقرب إليّ من حبل الوريد؟ أنتَ أم هو؟ هل أوصاك بهدايتي، أم اختص بها وحده العالي، المتعالي عن عالَمكم وعلمكم ونواميسكم ومنطقكم وأحكامكم وقضائكم ونفوسكم وأحقادكم ومعايير دينكم. مَن أنتم حتى تقفوا بين كشكار ورب كشكار؟ أراه كما أراه ويراني كما يراني، أحبه ويحبني، حبيبان يتناجيان دون حواجز ودون لغة ودون منطق ودون عقل عقال، فمالكم ومالنا أيها المتطفلون، أخاطبه كما أشاء لا كما تشاء كتبكم الصفراء، أكلمه وأشعر أنه يفهمني كما أريد أن يفهمني. أراه غفور رحيم ولا أراه شديد العقاب، أراه فاتحًا أبواب جنته للناس أجمعين مسلمين وغير مسلمين ومغلقًا أبواب ناره في وجه مخلوقاته مؤمنين ومشركين.
ما أجمله، ما أعظمه، ما أطيبه، ما أعذبه، ما أحلاه، ما أرحمه، ما أسمحه، ما أقربه، ما أكرمه، ما أروعه، ما أحنه، ما أعطفه! في المقابل: ما أخيبكم أيها البشر، ما أقسى قلوبكم، ما أقصر نظركم، ما أتفه مشاكلكم، ما أضعف هِممكم،  ما أخبثكم، ما أضيق أفقكم، ما أكبر نفوسكم الأمّارة بالسوء. أوَ تظنون أن مخلوقًا بهذه الصفات جدير بالمحاسبة والعقاب؟ والله أعرفه لو حاسبكم بمقاييسكم لما وجد فيكم واحد جدير بجنته، لكنه ربٌّ رءوفٌ رحيمٌ بعباده أجمعين، فلا تخافوا منه، اقتربوا منه دون واسطة مهما كان نوعها، ادنوا منه بقلوبكم لا بعقولكم، الله لا يخيف فلا تسمعوا مَن يخيفونكم منه، هو يخاف عليكم من أنفسكم، أحبوه، أما حبه هو فمضمون ومتوفر للجميع دون إقصاء. أين سيقصيكم وعفوه شمل السماوات والأرض؟

إمضائي: "وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 11 أوت 2019.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire