lundi 2 novembre 2015

آخر لوم ودي قبل القطيعة التامة والنهائية أوجهه إلى بعض أصدقائي الماركسيين الذين يصرّون على اتهامي باطلا بأنني أنافق الإسلاميين في مقالاتي. مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

آخر لوم ودي قبل القطيعة التامة والنهائية أوجهه إلى بعض أصدقائي الماركسيين الذين يصرّون على اتهامي باطلا بأنني أنافق الإسلاميين في مقالاتي. مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

رسالة علنية مختصرة مفتوحة في أربع نقاط:
1.     أعِزّهم وأحترمهم رغم أنني تخليت إراديا عن الماركسية كإيديولوجيا منقذة وصالحة لكل زمان ومكان وتبنيت سياسيا مكانها نموذج الاشتراكية-الديمقراطية على المنوال الأسكندنافي لأن هذا النموذج يبدو لي أنه هو الأنسب -بعد الأقلمة والتكييف- لمجتمعي التونسي ذو الأغلبية المسلمة. يبدو لي أن بعض أصدقائي الماركسيين لم يغفروا لي هذه الرِّدّة فردوا لي صاع  الحب صاعين من التجاهل والعنف اللفظي (منافق) ولو كان الحكم في أيديهم لَطبقوا عليّ الحد الستاليني تماشيا مع مقولتهم المشهورة "اشتراكي-ديمقراطي=اشتراكي-خائن" (Social-démocrate=Social-Traître).

2.     لستُ نهضاويا ولا شيوعيا ولن أكون وليساريتيوعلمانيتي لن أخون. يساريتي  أساسها العدالة الاجتماعية من أي إيديولوجية أتت  وعَلمانيتي أساسها حرية الضمير والمعتقد، علمانية قريبة من علمانية بريطانيا وبعيدة عن لائكية فرنسا. لقد أنجزتُ  قطيعة إبستمولوجية (معرفية) مع ماضيَّ الماركسي وغيّرتُ نفسي وطوّرت فكري إلى ما يبدو لي أنه هو الأفضل لي ولمجتمعي التونسي ذو الأغلبية المسلمة، كل هذا وقع بعد قراءة معمقة ونقدية للتراث الماركسي والتراث الإسلامي. تماهيا صادقا وتنازلا عن قناعة أقدمهما لأصدقائي وأحبابي وأقاربي ووطني دون انتهازية أو نفاق أو تملق لأي جهة والدليل أنني لم أنكر يوما تأثري السابق والحاضر بالثقافة الماركسية وكنت دوما أصرّ وألحّ على إبراز اختلافي الإيديولوجي عن فكر الحركات الماركسية وفكر الحركات الإسلامية (نشرتُ حوالي 400 مقال نقلا عن مفكرين عرب وعجم ينقدون فيها بكل موضوعية وصرامة الفكر الإسلامي الأرتدوكسي السكولستائي و حوالي 100 مقال نقدا شخصيا للنهضة وللتدين الشائع السائد المعاصر ومثلهم نقدا للفكر الماركسي الأرتدوكسي وللأحزاب التونسية الماركسية الثلاثة، حزب العمال والوطد الموحد والوطد الثوري الماركسي اللينيني) وكنت أيضا وفي كل مقال أنشره (حوالي 1400 مقال بين 2008 و2015) أذكّر قرائي الماركسيين والإسلاميين بأنني عَلماني يساري غير ماركسي اشتراكي-ديمقراطي على المنوال الأسكندنافي.
أما بعض أصدقائي الماركسيين الذي يتهمونني بنفاق الإسلاميين التونسيين بكل صفاقة ووقاحة وعنف لفظي مجاني وقلة لياقة وتربية وأدب،  فأتحداهم أن يصارحوا سياسيا الطبقة العاملة التي يزعمون النضال من أجلها ولم يكلفهم أحدٌ، لا العمال ولا ماركس، يصارحوها بانتمائهم الإيديولوجي ولم أقل انتمائهم العقائدي لأن هذا الأخير مَحمِي في الدستور تحت بند حرية الضمير والمعتقد، يصارحوها بأهدافهم الشيوعية التي يتمنون تحقيقها في تونس. أنا متأكد أنهم لن يفعلوا، إنهم والله دواعش الماركسية، دواعش سلبية تنقصها "جرأة وصدق وشجاعة" الدواعش الإسلامية في الذود والدفاع عن إيديولوجيتها الإسلامية رغم تطرفها وتعصبها ودمويتها واستبداديتها وظلمها وظلاميتها. وهذا التصرف السياسي الجبان وهذه المخاتلة الفكرية وهذه الانتهازية المدنّسَة المستترة وراء ثوب النضالية الطاهر، كلها تعريفات متعددة للنفاق السياسي ولم أقل الشخصي لأنني أنقد السياسة وليس الأشخاص كما يفعلون هُم مَعِي.  أسوق لكم مثالا حيّا على النفاق السياسي أتاه حزب العمال التونسي عندما غيّر اسمه من "حزب العمال الشيوعي التونسي" إلى "حزب العمال التونسي" حاذفا كلمة "شيوعي" تقية ونفاقا ومن حسن تدبيره لم يحذفها من اسم منظمته الشبابية التي تُدعَى حتى اليوم "الشبيبة الشيوعية". فبأي آلاء نفاقكم تحدثونني؟ أنتم كسياسيين وبسلوككم هذا تنافقون شعبا بأكمله أما أنا -وحتى إن عاندتم وكابَرتم واستكبَرتم وتمسكتم باتهامكم لي- ففردٌ  ينافق أفرادًا. شَتَّانَ بين الإثمين لو صحّ الثاني!

3.     بعض أحبابي النهضاويين احترموني ومنحوني منبرا في ملتقياتهم الثقافية بقاعة بلدية حمام الشط ودار الثقافة ابن خلدون والمكتبة الوطنية كما فعلوا مع بعض الوجوه اليسارية من أمثال سليم دولة وعبد العزيز لبيب و د. أم الزين بن شيخة. أتاحوا لي فرصة التعبير عن رأيي في اختصاصي بكل حرية دون وصاية أو شرط أو قيد ولم يسألوني يوما عن صيامي أو صلاتي، يبدو أنهم أصدق منكم إيمانًا بحرية الضمير والمعتقد. فعلوا معي ما لم تفعله الأحزاب الماركسية الثلاثة المذكورة أعلاه، أقصيتموني  وشتمتموني في غيابي ولم تستحوا وكرّرتموها  في حضوري. فماذا تنتظرون مني حيالكم وحيالهم؟ الاحترام عندي وعند بعض أحبابي من النهضاويين لا يجلب إلا الاحترام، رددتُ لهم المعروف معروفين، تقديرٌ وعِلمٌ. أما أنتم فقد احترمتكم وأحببتكم وبجّلتكم ونزّهتكم صادقا عن جرائم لينين وتروتسكي وستالين وماو وبول بوت ولم أحاسبكم فكريا على نواياكم فقابلتموني بالإصرار على الإساءة اللفظية والتجاهل المتعمد ومن كتاباتي (حوالي 3000 صفحة) لم تقرؤوا إلا صفحات ورغم جهلكم لِما أكتب وأنقل وأنشر، أصدرتم حكمكم الجائر وبتصرفكم الأهوج هذا حرمتموني من إمكانية نقدكم الموضوعي، اعلموا أنني غني عنكم لكن أرجوكم لا تعطوني على الحساب قبل أن تقرؤوا الكتاب. رغم صلفكم فإنني لا زلت أقدِّر العِشرة الطويلة بيننا لكن إن تماديتم في غِيِّكم فسأقاطعكم وإلى الأبد دون ندم على الماضي السعيد, الكرامة عندي أغلى من الصداقة.   لكن غضبي الشديد المؤقت من إساءة ولؤم بعض أصدقائي الماركسيين لم ولن ينسيني التبجيل والتكريم ومنبر نادي جدل الذين حُظيتُ بهم طيلة عشرين سنة -قبل وبعد الثورة وقبل وبعد حكم "النهضة"- من قِبل الكُتّاب العامين الماركسيين الأخيرين الثلاثة للاتحاد الجهوي للشغل ببنعروس.

4.     في آخر المطاف ماذا تريدون مني؟ قلتُ لكم 1400 مرة على عدد مقالاتي المنشورة في صفحتي الفيسبوكية: "على كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي"، اكتبوا وانشروا ورُدوا أو ما زلتم تناضلون سريا، سرية عن الشعب. سجنتكم الماركسية عقودا ولم يسجنكم بن علي. حرركم الشعب فلم تتحرروا. اتركوني وشأني يرحم والديكم. ألا تتصورون أنه يوجد في تونس مفكر يساري غير ماركسي حر؟ يكتب ما يمليه عليه ضميره دون ضغط أو طمع أو نفاق. أذكّركم إن نسيتم أو تناسيتم أن عمري 63 سنة ومتقاعد بعد عمل دامَ 38 عام في التعليم الثانوي وحائز على شهادة الدكتورا في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا (Didactique de la Biologie) تحت إشراف جامعة كلود برنار بفرنسا وجامعة تونس. أفيقوا رفاقي، أنتم لستم أوصياء على فكري.

ملاحظة:
 ملاحظة موجهة إلى زميلي وصديقي الماركسي الحميم وجليسي اليومي في مقهى الويفي بحمام الشط الغربية، الأستاذ والكاتب الذي لم يتجرّأ على شخصي يوما طيلة عشرين سنة من الاحترام المتبادل رغم اختلافنا الإيديولوجي والسياسي الواضح: "أعتذر لك أنت فقط عن كل كلمة قد تبدو لك مسيئة لرفاقنا المشتركين".

إمضائي المحيّن:
قال جان بول سارتر: "يجب أن لا نشعر بالخجل عندما نطلب القمر".
قال أنشتاين: "لا تُحَلّ المشاكل باستعمال نفس أنماط التفكير التي أنتجتها".
قال جبران خليل جبران: "وعظتني نفسي فعلمتني أن لا أطرب لمديح ولا أجزع لمذمّة".
قال مواطن العالَم د. محمد كشكار: "يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد"، "لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى"، "على كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي"، "عندما تنقد إيديولوجية في حضور صديقك تُطلعه على جزء من فكرك. فإن كانت غير إيديولوجيته شجعك وشكرك. وإن كانت إيديولوجيته تجاهلك واحتقرك"، "ألا ليتني كنت ذاتا لا تنشر، ولا تكتب، فألَمُ التغريد خارج السرب أمرّ من ألَمِ الصمت"، "نفسي مثقلة بالأحلام فهل بين القُرّاء مَن يشاركني حلما ويخفّف عني حملي؟"، "لا يوجد دينٌ محصَّنٌ من الضلال الفردي ولا دينٌ ينفرد بالتقوى".

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الاثنين 2 نوفمبر 2015.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire