نقابي يتغزل عَلَنًا بـنقابية!
مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا
لم أرَها منذ أشهر، توحشتها فعنَّ
لي أن أكتبَ عنها وإليها ما يلي لا أكثر ولا أقل:
أكتب عنها، لا أكتب، أذكر
اسمها، لا أذكر، لم أستشرها قبل أن أكتب هذه الرسالة الصوفية العشق، هل ستغضب مني
لأنني كتبت إليها وعنها دون استشارتها، أنا واثق أنها لن تغضب لأنها تحبني
وتحترمني وأنا أبادلها نفس الشعور أو أكثر، لن أطيل عليكم التشويق، تقرؤون اسمها
في الخاتمة.
كانت أشجع نقابية في بنعروس زمنَ
بن علي. ماذا فعلتْ؟ كانت تطلب الكلمة في عديد الاجتماعات النقابية في دار الاتحاد
الجهوي للشغل ببنعروس، تواجه الحضور والسيجارة لا تفارق أصابعها وتقول ما لم يجرؤ على
قوله "أعتى شنب نقابي"، تقول قولتها ولا تخاف ظلم الظالم، تقول بل
تزمجر:" Ben Ali Assassin, Ben Ali
Dictateur". تقولها وترجع إلى مكانها تترشف قهوتها وتدخّن سيجارتها
وكأنها قالت صباح الخير.
في مرّة من المرّات، قبل
الثورة، كان لنا تجمُّعٌ نقابي أمام المندوبية الجهوية للشباب والرياضة ببنعروس من
أجل المطالبة بتنفيذ اتفاقية الترقيات المهنية
لـزملائنا أساتذة التربية البدنية وهي نفسها أستاذة تربية بدنية. وصلتُ من
الأوائل، وجدتُها قبلِي تتخاصم غاضبة مع حاجز من البوليس بعيدا عن مقر المندوبية.
هاتفتْ المدير الجهوي للرياضة وخاطبته آمِرَةً لا راجيةً: هاتفي سينقطع،
اطلُبني وعلقت. وعلى الفور طلبها فقالت له وهي تصيح: "عندك ربع ساعة باش
اتْنَحِّي الحاجز ولَّ تَعرِفني اشْنَعْمْلْ". رُفِعَ الجدارْ قبل أن تنتهي
مهلة الإنذارْ. بعدها تَوافدَ النقابيون ووجدوا الطريق مفتوحًا وجلهم لا يعرف ما
حدث.
شكوتُ لها مرة صعوبة في
التواصل مع ابني حول دراسته. خطفته مرة أو مرتين في سيارتها من أمام باب منزلنا
ولم ترجعه لنا إلا بعد ساعات وهو مرتاحٌ مبتسمٌ. حفظت سرَّه ولم تقل لي حتى اليوم
ما دار بينهما من حديث.
وقع لها مرّة حادث منزلي،
ذهبتُ لزيارتها فوجدت في دارها قرابة العشرين زائرا وزائرة. مرّت الزيارة نُكتًا وضَحِكًا
وقهقهةً وشايًا وقهوةً ودخّانًا ودخانًا وبَنَانًا. كريمةٌ، أكرَم من حاتم الطائي.
يوم حفل تقاعدي بمعهد برج
السدرية أهدت لي قُبلةً على خدي ومحبسَ نوّارٍ.
فكّرت الإدارة الجهوية
ببنعروس مرّة في تحويلها على مجلس التأديب بالمندوبية. نَظّمنا من أجل عيونِها
اجتماعا نقابيا. تدخلتُ وقلتُ فيها كلامًا كالشِّعْرِ. قامت، احتضنتني وبَكَتْ.
بطلة سيرتي النقابية، عَلَمٌ على رأسه
نارٌ، هي كالملح لا تغيب على وِقفةٍ نضالية سواء في الفضاءات المغلقة أو الشارع أو
المصنع، لا تهاب المسؤولين ولا البوليس، تجدها دائما في أول الصفوف المناضلة في
سنوات الجمر قبل الثورة، هي ليست حبيبتي لوحدي، يشاركني في عشقها الجماهير
النقابية وغير النقابية، مرَحَّبٌ بها في قلوبِ ودِيارِ اليساريين والنهضاويين
والقوميين والمستقلين، لا أجرؤ على تصنيفها فهي عصية عن التصنيف، هي صديقتي وصديقة
العائلة، الرائعة المبتسمة دوما المدعوة نجيبة بختري، عضوة المكتب التنفيذي للاتحاد المحلي للشغل
ببنعروس وعضوة نقابة المتقاعدين.
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأربعاء 18 نوفمبر 2015.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire