نحن في مدارسنا نُدرّسُ
التربية المدنية والتربية الإسلامية ساعتين كل أسبوع (معرفة-Connaissance)،
وفي جوامعنا نُدرّسُ التربية القرآنية تلاوةً وخطابًا يوم الجمعة، خطبةٌ نكررها 52
مرة في العام ( وعظ وإرشاد-Morale moralisante ). فهل نحن، العربُ المسلمون، مدنيّون
ومهذّبون في سلوكنا اليومي في الشارع والمقهى والعمل، أم نحن كالحمار يحمل أسفارًا
؟
كيف يعلّمون الأخلاقَ في
التعليم الثانوي في كندا، الدولة العَلمانية متعددة الأعراق والقوميات والأديان ؟
يُطالَبُ التلميذ الكندي
بإنجاز 40 ساعة عمل تطوعي خلال ثلاث سنوات ثانوي، ودون إنجازها لن يحصل على شهادة
الباكلوريا مهما ارتفعَ معدّلُه. أسوقُ لكم مثالاً روته لي ابنتي عبير المقيمةُ
بكندا: يتطوع التلامذة الكنديون (من مختلف الأديان) لخدمة المسلمين الكنديين خلال
عشاءٍ جماعيٍّ ينظمونه احتفالاً بقدومِ العيدِ الصغيرِ أو العيدِ الكبيرِ، فعلٌ
أخلاقيٌّ ناجعٌ (Une action) وليس درسًا نظريًّا عقيمًا (Une connaissance). لو طبّقناها في تونس لَجنينا
طاقةً قادرةً على تَحريكِ الكُثبانِ وزعزعةِ الجبالِ !
"فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ" (قرآن)، والمقصود هنا بالعمل هو فعلُ
الخير (Action morale) وليس الشغل في مهنة (Travail)، ونحن، العربُ المسلمون -والحمد لله الذي
لا يُحمدُ على مكروهٍ سواه- لم نفلِحْ اليوم، لا في العمل من النوع الأول ولا
الثاني. أخلاقُنا في الكتب عاليةٌ جدًّا جدًّا (أمانةٌ، صدقٌ، ضميرٌ مهنيٌّ، تكافلٌ،
تسامحٌ، إلخ)، أما في الواقع فهي هابطةٌ جدًّا جدًّا (خيانةٌ، كذبٌ، تكاسلٌ
مهنيٌّ، أنانيةٌ، تعصّبٌ، إلخ)، والمعارفُ لا تغيِّرُ القِيمَ كما قالت الديداكتيك
اختصاصي (Les connaissances ne changent pas les valeurs,
sujet de ma thèse de
doctorat, UCBLyon1, 2007).
قالها
الفاروق منذ 14 قرنًا ولم نتفكرها: "انصحوا الناس بصمت". قالوا: "كيف
يا عمر ؟". قال: "بأخلاقكم". لو عمِلنا بهذه النصيحة فقط لَقطعنا
نهائيًّا مع وعظِ تُجار الدين السكولاستيكِي وإرشادِهم العقيمِ.
إمضائي:
"المثقفُ
هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
"على كل مقال سيء نرد
بمقال جيد" مواطن العالَم
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأحد 17 ديسمبر 2017.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire