mercredi 6 avril 2022

رأيٌ ضد السائد حول الثورة ؟ ميشيل سارّ

 


-         أول ثورة، الكتابة (ألف عام ق. م.)، منتجاتها: المدينة، القانون، الدولة، الحضارات، الأنبياء، الديانات الكتابية التوحيدية، البيداغوجيا، العلوم المجرّدة، العُملة.

-         ثاني ثورة، الطباعة (1500 بـ. م.)، منتجاتها: التجارة العالمية، البنوك، الصكوك، الرأسمالية، العلوم التجريبية، الديمقراطية، أزمة الدين (البروتستانتية: لا للبابا ولكل إنجيله المطبوع)،.

-         ثالث ثورة، الحاسوب في القرن 20، منتجاتها: فضاء آخر بمعاييرَ جديدةٍ، ثورة المعلومات، تعميم العولمة، العُملة الافتراضية، أزمة عِلم وتعليم ودين.

-         "مَدٌّ ثوريٌّ دون ثورةٍ"، توصيفٌ لِـ"ثورة ماي 68" الفرنسية كتبه ميشيل سارّ، أراهُ ينطبقُ أيضًا على "ثورة 17-14" التونسية: حَدَثٌ استعصَى حتى اليوم على فهمِ المؤرخينَ. حدثٌ انبثق من قلبِ المجتمعِ، انفجرَ فجأةً ودون مقدِّماتٍ منطقيةٍ، لم يسبقه جدلٌ ولم يهيئ له أي نوعٍ من الصراعاتِ الطبقيةِ، لا يحملُ في طياتِه أي رهانٍ انتخابيٍّ، رئاسيٍّ أو برلمانيٍّ،  ولم ينظمه  أي حزبٍ معارضٍ لا بمفرده ولا داخل جبهة: مَدٌّ ثوريٌّ دون ثورةٍ !

المتظاهرون أنفسهم رفعوا شعارات عالية لكنها متعالية على واقعهم اليومي المعيش، شعارات لا تعلنُ انتسابَها صراحة لأي إيديولوجية سياسية أو مرجعية فكرية محددة. متظاهرون يتخيلون أنفسهم في ثورة أكتوبر الروسية ! حدثٌ فاق خيالَ المخرجينَ السنمائيينَ وتحليلَ المحللينَ السياسيينَ وفاجأ أيضًا المنفذينَ أنفسَهم.

وبعد سنواتٍ، بدأ الناسُ يحتقرونَ ويسخرونَ من هذا "اللاحدث" 

(Ce non-événement

الذي يصفه الناس الأقل براءة والأقل سذاجة بالحدث-المشهد (Un spectacle)، (إضافة المؤلف محمد كشكار: بل ذهب بعضهم في تونس إلى أبعد من ذلك ونعتوا "ثورة 17-14" بالمؤامرة الخارجية محبوكة الخيوط). لكن وفي المقابل، هل يحق لنا أن نقلل من أهمية حدثٍ وصل تأثيره وصداه إلى العالم وتداعت له عواصم عديدة وتبنته شعوب متعددة ؟

ماذا يعني إذن مفهوم "اللاحدث" العالمي ؟

دون شك، هو حالةٌ معقدةٌ، عجز كل المحللين عن فك رموزها وشروطها أو قراءة معطياتها ورسائلها أو الاستفادة من مواعظها ودروسها. في الحقيقة هي حالةٌ تتجاوز التاريخ حسب نظرتنا الضيقة والحالية للتاريخ.

إضافة المؤلف محمد كشكار: يقول الفيلسوف الفرنسي المعاصر ميشيل أونفري أن الإنجازَ البارزَ لِـ"ثورة ماي 68" الفرنسية هو إلغاء احترام التسلسل الهرمي في الوظيفة العمومية.

 وأنا أقول عن "ثورة 17-14" التونسية ما قاله أونفري عن "ثورة ماي 68" الفرنسية أو أكثر: لم يعد التلميذُ في بلدي يحترمُ أستاذَه ولا المرؤوسُ رئيسَه ولا الناخبُ ممثلَه.

على خُطَى الفيلسوف ميشيل سارّ، لا أعترف إلا بثلاث ثورات أتت بالخير لكل البشرية: الكتابة  (av. J-C)، الطباعة (XVe) والحاسوب والأنترنات  (XXe).

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire