ما سأحبّره قد يبدو للبعض بِدعةً لكنها بِدعةٌ علميةٌ، وبِدَعُ
العلم تمثل معالِمَ على الطريق، حتى ولو كانت شاذة عن السائد.
المؤلف محمد
كشكار يُنبّه ويقول ويكرّر: متفقدونا البيداغوجيون ينقصهم التكوين في الديداكتيك (هي فلسفة التعليم والتعلّم) وفي علوم
التربية (pédagogie, docimologie, psychologie de l’enfant, TICE, etc).
المؤلف محمد
كشكار يضيف: متفقدونا
البيداغوجيون ينقصهم التعمّق العلمي في اختصاصاتهم، وزادهم العلمي لا يفوق ما يتمتع به جل المدرسين، أغلب
متفقدينا لم يحصلوا على كفاءة "التبريز" في اختصاصاتهم (L’agrégation)، وهي لَعَمْري في التعليم الثانوي أكثر نَفْعًا من
شهادة الدكتورا (في فرنسا كل المتفقدين مبَرَّزين).
المؤلف محمد
كشكار يستنتج: متفقدونا البيداغوجيون يمثلون جزءًا من المشكل وليس جزءًا من الحل ! ومتفقدونا
البيداغوجيون الأجلاء يؤكدون العكس، ويزعمون أنهم الأقدر والأكفأ على إبتكارِ
حلولٍ ملائمةٍ لجل الإشكاليات العامة في
النظام التربوي التونسي !
المؤلف محمد
كشكار يردّ الحجة بحجة أقوى: "
ﻧﺎﺱ ﺑﻜﺮﻱ ﻗﺎﻟﻮ: حصاني يصف السدرة. قالُّو: هاو الحصان
وهاي السدرة".
هيّا تعالوا
نفعل مثلما فعلت دولة الشيلي عندما قرّرت إصلاحَ نظامها
التربوي.
ماذا فعلت دولة الشيلي ؟
أولاً، أذكّر بأنماط التفقد
البيداغوجي في العالم: نموذج التفقد الكلاسيكي، نموذج التفقد المركزي، نموذج المراقبة عن بعد والدعم والعلاج عن قرب، ونموذج التخلّي تمامًا عن التفقد
البيداغوجي.
ثانيًا، أعرّف بالنموذج الذي اعتمدتْه
دولة
الشيلي: نموذج المراقبة عن بعد والدعم والعلاج عن قرب: وزارة التربية الشيلية صنفت
عددًا من مدارسها التي تعاني من صعوبات لوجستية وتعلمية (عُشْرُ العدد الجملي
تقريبًا)، ثم عَيّنت متفقدًا في كل واحدة منها، واشترطت عليه أن لا يغادرها قبل أن
يجد حلولاً لكل مشاكلها بالتعاون مع كامل أسرتها التربوية. تَطلبت المهمة عامًا،
عامين، ثلاثة.. لا يهم.. المهم إنقاذها وإلحاقها بركب المدارس الناجحة.
في تونس، عندنا حوالي 8000
مؤسسة تربوية (مدارس وإعداديات وثانويات) وعندنا حوالي 600 متفقدًا. فلماذا لا
نفعلُ مثلما فعلت دولة الشيلي أي نختارُ منها 600 مؤسسة تربوية أقل حظًّا (عُشْرُ
العدد الجملي تقريبًا التي تعاني من ضعف النتائج في الامتحانات الوطنية أو من
تزايد الانقطاع المبكّر أو من التغيّب المكثف للمدرسين والتلامذة، إلخ.)، ونبعث
لكل واحدة منها متفقدًا يسكن فيها، يتعاون يوميًّا مع إدارتها ومدرّسيها على تذليل
الصعوبات اللوجستية وتجاوز العوائق التعلمية، ولا يغادرها إلا بعد تحسّن نتائجها
حتى ولو تطلب الأمر تمديد إقامته فيها بعامٍ أو عامين.
ملاحظة: سيحتجون عليّ
ويقولون: "لكل متفقد اختصاصه". أجيبُ سادتي الأفاضل: البيداغوجيا هي
معرفة أفقية عامّة وليست خاصة بمادة معيّنة
(الديداكتيك أو إبستمولوجيا التعليم هي وحدها الخاصة والمتعددة: ديداكتيك
البيولوجيا، ديداكتيك الفيزياء، ديداكتيك العربية، إلخ.).
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire