فكرة قرأتها في كتاب: ماذا
ننتظر من المشروع الأصولي الإسلامي أو الكمّاشة الخانقة؟ حلقة عدد 5 من سلسلة علي حرب. نقل
دون تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار
تاريخ أول إعادة نشر على مدونتي
و صفحتي الفيسبوكية: حمام
الشط في 8 سبتمبر 2012.
كتاب "ثورات القوة الناعمة
في العالم العربي. من المنظومة إلى الشبكة."، علي حرب، الدار العربية للعلوم
و النشر، الطبعة الثانية 2012، 240 صفحة.
نص علي حرب:
صفحة 210: الإخفاق و الانتهاك:
أصل
إلى بيت القصيد: مشاريع النهوض و الإصلاح و التقدم. هنا أيضا، و خاصة، لا يصلح
شعار الإسلاميين للنظر و العمل، أو للفهم و التدبير. هذا ما تشهد به الوقائع الناطقة
و ما يقوله المنطق الفاضح.
من
جهة الوقائع، من الملاحظ، أنه حيث كان الإسلاميون أو عملوا بكتلهم و جماعاتهم،
بأحزابهم و منظماتهم، بمرشدهم و أمرائهم، إنما استجمعوا مساوئ المشاريع السابقة و
الآفلة، القومية التحررية، أو اليسارية الاشتراكية، المتعلقة بحركات التحرر الوطني
و مذاهب التقدم الاجتماعي.
و
الأمثلة ناطقة و فاضحة، سواء في الجزائر و إيران، أو في الصومال و السودان، أو في
العراق و لبنان. لم ينجحوا في ما يخص مطالب الحرية و العدالة و المساواة، و لا في
مطالب التحديث و النمو و التقدم. بل عادت معهم الأمور إلى الوراء. ففي مجال
الحريات تحول الناس من رعايا إلى عبيد و قطعان بشرية، تمارس طقوس العبادة تجاه
زعمائها و مرشديها و أمرائها، أو تقدس قضاياها لتقع ضحايا لها أو تُرهب الناس بها،
مما جعل الكثيرين من المسلمين المستقلين يترحمون على عهود الاستعمار و المَلَكية.
أما
على صعيد المطالب الاجتماعية، فهم لم ينجحوا في صنع نموذج تنموي، بل أعادوا إنتاج
التخلف و الفقر و الفساد و هدر الثروات. نعم نجح المسلمون في تركيا أو في ماليزيا
في صنع نماذج تنموية، لأنهم لم يعملوا بشعار "الإسلام هو الحل"، و لم
يسعوا إلى أسلمة الحياة. لم يحمّلوا الإسلام ما لا طاقة له على حمله، بل تبنّوا
منطق الدولة الحديثة، و تصرفوا كساسة همّهم تقدم مجتمعاتهم، بالإفادة من التجارب و
النماذج الحديثة.
و
المغزى من الشاهد التركي و الماليزي أن كل مجتمع يخترع معادلته و يصنع نموذجه في
مشاريع النهوض و الإصلاح و التحديث، باستلهام مختلف التجارب و النماذج و التراثات
الحية، للإفادة منها و البناء بها، بما في ذلك بالطبع، التراث الإسلامي. فلا مهرب
من تغيير العقليات و التشريعات، بالتوازي مع تحديث الأدوات و المؤسسات، إذ لا
يستقيم حكم اليوم بأفكار الماضين و أحكامهم و وسائلهم.
و
ما تشهد به الوقائع يؤكده المنطق أيضا، و خاصة، لأن ما يجري على أرض الواقع
الملموس، هو ترجمة لما يدور في الأذهان و العقول. فالشعار الإسلامي لا يؤدي إلى
تحسين الأحوال بل تزداد معه ترديا، و لا يولّد حلولا للمشكلات، بل تزداد معه
تعقيدا و تأزما. ذلك أن الحركات الإسلامية، الأصولية، ليست موجات حضارية، تنويرية،
تحررية، مستقبلية، بل هي حركات سلفية، ارتدادية، أُسست بعقل مغلق يعتقد أصحابه بأن
الماضين هم أعلم و أجدر و أقدر منّا نحن، المحدثين و المعاصرين، على إصلاح أمورنا،
إذ نجد في كتبهم و سيرهم الأجوبة و الحلول لمشكلاتنا و أزماتنا الراهنة.
بل
إن هذه الحركات قد أُطلقت لتكون ردّة فعل على العالم الحديث أو انتقام منه. و ليس
صدفة أن تسمي إحدى الحركات السلفية الأصولية دولتها، في الصومال، باسم
"المحاكم"، لكي تولّد العبث أو الإرهاب و الخراب.
هذه
هي الثمرة السيئة للدعوات السلفية و التيارات الأصولية التي تفاجئ و تصدم،
بانتهاكها و أعمالها البربرية، المسلم العادي الذي لا ينتمي إلى تيار سلفي أو
تنظيم أصولي. بل هي تفاجئ أحيانا بعض العلماء و الدعاة، بقدر ما تشهد على جهلهم
بالأسس التي يبنى عليها المشروع السلفي الذي لا يُطبّق إلا على نحو ما تفعل
الحركات الأصولية، بصورة متحجرة، عدوانية، إرهابية.
و
لا غرابة. فمن المستحيل إدارة بلد بعدة العقيدة الدينية و الشريعة الإسلامية. إذ
لكل زمن مشكلاته و أزماته التي تحتاج إلى ابتكار المقاربات و المعالجات، لتجديد
المفاهيم و القواعد و الأساليب... من غير ذلك نحسب المشكلة حلا. و بالعكس، بل نحوّل
علاقتنا بالدين إلى مشكلة لأهله و للناس جميع، تعصبا و تطرّفا و إرهابا.
بهذا
المعنى فالمشروع الأصولي الإسلامي، هو الوجه الآخر للنظام الديكتاتوري القومي.
كلاهما يريد من الناس أن يكونوا عبيدا لا أحرارا. هذا شأن الطاغية الذي ينسب إليه بلده و يتعامل معه بوصفه ملكه الذي يتصرف فيه كما يشاء.
و هذا شأن الناطقين باسم الواحد الأحد من الدعاة الذين يريدون من الناس أن يكونوا
أدوات تصدع لأوامرهم و تنفّذ فتاواهم من غير جدال أو نقاش. و لذا، كلا المشروعين
مآلهما الإخفاق: الأول (المشروع الأصولي الإسلامي) لا يصلح للإقامة في هذا العالم،
و الثاني (النظام الديكتاتوري القومي) غير قابل للإصلاح.
صفحة 27
يُضاف
إلى ذلك أن صعود الأصوليات الدينية، التي استفادت من إخفاق المشروع القومي و
البرنامج الاشتراكي، أدى إلى مزيد من التردّي و التراجع. و لا غرابة. لأن
الأصوليات هي موجات ارتدادية تحكمها الذاكرة الموتورة و العقائد الاصطفائية التي
يفكر أصحابها بعقلية الثأر و الانتقام مما هو حديث و وافد، و لذا، فما بوسعها أن
تفعله هو تقويض نظام أو تخريب عمران. و لكنها لا تقدر على الإصلاح أو تحسين
البناء، بقدر ما تعتبر أن المستقبل هو وراءنا لدى الماضين، لا ما نقدر على إنجازه
لكي نضيف على ما حققه المحدثون، و لأن أصحابها يفكرون بمنطق الإقصاء و الاستئصال
للمختلف و الآخر، فإنها تشتغل بنصب المتاريس و خلق الأعداء، و لا تولّد إلا الحروب
الأهلية التي تفتك بغير مجتمع عربي.
الكمّاشة الخانقة
و الأصوليات هي كالديكتاتوريات تأخذ من الغرب التقنيات و
التجهيزات و الأسلحة التي تستثمرها في حروبها، كما تفيد من انتفاخ الأسواق غير
المحدود لجمع الثروات الطائلة غير المشروعة، فيما هي ترفض القيم و المفاهيم و
النظم التي يمكن استثمارها في أعمال التحديث و الإنماء، أو تجسيدها في احترام
الحقوق و إطلاق حريات التفكير و التعبير و التنظيم.
بذلك جمعت الأصوليات مساوئ المشاريع السابقة، القومية و
اليسارية، فأضافت الإرهاب و الفتن المذهبية إلى الفقر و التخلف و الاستبداد. ممّا
وضع المجتمعات العربية بين فكّي الكمّاشة الخانقة: استبداد مضاعَف و فساد منظّم،
ثراء فاحش و فقر مدقع، جزر أمنية و مافيات مالية، جحيم المخابرات و جهنم الإرهاب.
هذا الإخفاق المتواصل، تجربة بعد تجربة، و مرحلة بعد أخرى، قد
وجد ترجمته في ما وصلت إليه الأوضاع العربية من انسداد الأفق و استهلاك الأفكار و
استنفاذ الوسائل و فشل البرامج و سقوط الدعوات، سواء على جبهة الديكتاتوريات أو
على جبهة الأصوليات، حيث المعسكران المتناحران متواطئان على ما يشهده العالم
العربي من العجز و التخلف و التقهقر و سوء السمعة في الخارج. يستوي في ذلك
ديناصورات التراث و عجزة الحداثة. و كما أن الأُوَل يتخيلون مستقبل العرب كماضيهم
في صدر الإسلام، فإن الآخرين يتخيلون مستقبل العرب كماضي أوروبا منذ ثلاثة قرون.
كلا الفريقين لا يحسن الانخراط في المناقشات العالمية من أجل تطوير المفاهيم و
تجديد العناوين، في عالم يتغير بأدواته و مفاهيمه و قيمه و قواه... و مآل ذلك، الهُزال
الوجودي و القُصور العقلي و المأزق الحضاري.
البصمة الفكرية الكشكارية
بكل شفافية،
أعتبر نفسي ذاتا حرّة مستقلّة مفكرة و
بالأساس مُنتقِدة، أمارس قناعاتي الفكرية بصورة مركبة، مرنة، منفتحة، متسامحة،
عابرة لحواجز الحضارات و الدين و العرق و الجنس و الجنسية و الوطنية و القومية
و الحدود الجغرافية أو الأحزاب و
الأيديولوجيات.
على كل مقال سيء، نرد بمقال
جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.
Mes
deux principales devises dans la vie, du moins pour le moment :
-
Mohamed Kochkar : faire avec les conceptions non scientifiques (ou
représentations) pour aller contre ces mêmes conceptions et en même temps
auto-socio-construire à leurs places des conceptions scientifiques
-
J. P. Sartre : Les idéologies sont liberté quand
elles se font, oppression quand elles sont faites
إمضاء جديد و محيّن للـ د.
محمد كشكار
مواطن العالَم (أعتذر لكل
المواطنين في العالَم غير الغربي على فعله و يفعله بهم حتى الآن، إخوانهم في
الإنسانية، المواطنون في العالَم الغربي)، مسلم (أعتذر لكل المواطنين غير المسلمين
على ما فعله بهم أجدادي المسلمون)، عربي (أعتذر لكل المواطنين غير العرب على ما
فعله بهم أجدادي العرب) تونسي (أعتذر لكل المواطنين التونسيين على ما فعله بهم
نظام بورقيبة و نظام بن علي طيلة سنوات الجمر الخمسة و خمسين)، "أبيض-
أسود" البشرة (أعتذر لكل المواطنين السود في
العالَم علىِ ما فعله بهم أجدادي
البيض)، يساري غير ماركسي (أعتذر لكل المواطنين غير اليساريين و لليساريين غير
الماركسيين في العالَم علىِ ما فعله بهم رفاقهم الماركسيون اللينينيون
الستالينيون الماويون)، و غير منتم لأي حزب أو أي أيديولوجيا ( أعتذر
لكل المواطنين غير المنتمين حزبيا أو أيديولوجيا في العالَم عن كل خطأ ارتكبته في حقهم
الحكومة و المعارضة و المتعاطفين معهما.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire